منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 كيف أثارت إسرائيل النعرات الطائفية في الوطن العربي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70076
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

كيف أثارت إسرائيل النعرات الطائفية في الوطن العربي  Empty
مُساهمةموضوع: كيف أثارت إسرائيل النعرات الطائفية في الوطن العربي    كيف أثارت إسرائيل النعرات الطائفية في الوطن العربي  Emptyالثلاثاء 12 نوفمبر 2019 - 18:10

كيف أثارت إسرائيل النعرات الطائفية في الوطن العربي (1)
د. محمود محمد علي
محمود محمد عليحين غزت الولايات المتحدة العراق، وأطاحت بنظام صدام حسين في 20 مارس 2003 في عملية أطلقت عليها "تحرير العراق" Iraqi Freedom، لم يكن الهدف من ذلك، الإطاحة بنظام استبدادي، واستخلافه بنظام ديمقراطي، بقدر ما هو يهدف إلى هدم وإنهاء كيان الوطن العربي ؛ حيث كان الهدف الأساسي الذي وضعته الولايات المتحدة في استراتيجيتها في المنطقة، والذي كانت قد خططت له وأعدته منذ سنة 1970،هو " إعادة هيكلة دول المنطقة العربية، إلى كيانات صغيرة هزيلة متناثرة القوي، أكثر مما هي عليه الآن قائمة على أسس طائفية، وعرقية، ومذهبية، ودينية، وعنصرية، وعشائرية، وبذلك تكون قد حققت الفائقية للعدو الصهيوني في المنطقة، وإزالة كل تهديد ضده، وفي الوقت نفسه تأمين سيطرتها على هذه الكيانات الهزيلة بسهولة، واستنزاف واستثمار ثرواتها، وتسخير قدراتها الاقتصادية والنفطية، والعراق طبعاً كان من الدول العربية المهددة لهذا المخطط الخطير، فكان ولا بد من إضعافه مع السنين، وبالتالي القضاء على قدراته، وقوته، وإزاحة النظام الحاكم فيه" .

ولقد تلقف الصهاينة هذا المخطط والذي يتركز علي التقليل من أهمية الحضارة العربية، ومن دور العرب في التأريخ القريب والبعيد؛ حيث  أضافوا إسهامات أخري تشوه الشخصية العربية، والتاريخ العربي عندما زعموا أن السبب في أصل تجزئة العرب ليس من خلال تدخل الغرب للوقوف ضد كل محاولة وحدوية بالسلم وبالقوة لحماية الكيانات، لكن السبب وفقاً لما يدعون يندرج في طبيعة وتكوين الفرد العربي فهو صاحب فردية جامحة، لا يدين بالولاء لغير أسرته وطائفته، يقول الصهيوني "روفائيل باتاي" Rafael Batay : " إن الأمة العربية منذ أن خلقها الله مقسومة إلي يمنيين وقيسيين، وكل منهما مجزء إلي قبائل، وبطون، وأفخاذ، وعشائر" ويضيف (باتاي) إن السبب برأيه " في التناحر العربي بنظرة مفطورة علي الخصام والعدوان، فهو يكره أخاه، ويعتدي علي أبناء عمه، ويسلب جيرانه، وأن الله خلق العربي كارها للغرب". .

ويؤكد الكاتب الصهيوني "جرفاسي" Grévasse موقف الصهيونية من الوحدة العربية عبر الكشف عن موقفها من القومية العربية إذ يقول " القومية العربية بتمسكها بالوحدة العربية هي العقبة الرئيسية أمام السلام بين الدول العربية وإسرائيل .وإن الوحدة العربية لا تجد لها سندا في التاريخ العربي وأنها كانت الاستثناء لا القاعدة وما من شئ قسم الوطن العربي، مثل الإصرار علي توحيده".

وإزاء  ذلك أدركت الصهيونية بأن الاستقلال السياسي والاقتصادي للدول العربية يمثل خطورة في طريق الوحدة العربية، لذلك قامت الصهيونية و(إسرائيل) بالوقوف ضد حركة الاستقلال العربية، مما حدا بأحد السياسيين الصهاينة للتعبير بشكل صريح عن دور إسرائيل في تعزيز فكرة التجزئة في الوطن العربي، وفي ذلك يقول :" في الواقع إن إسرائيل هي التي تحمي وجود الأردن، وتدافع عنه ضد أخواتها العربيات، والأردن ما هي إلا دولة حاجز تحمي المملكة العربية السعودية، وإمارات الخليج من الغزو السوري- السوفيتي من الشمال والغرب، لأنه بعد الأردن يأتي دور السعودية وإن وجود وأمن دولة الحاجز العربية هذه مضمون لإسرائيل  .

ويؤكد الكاتب الصهيوني "شموئيل يعري" Shamuil Yaari الطرح السابق مؤشرا أهمية الدول الموالية لها للتصدي لحركة التحرر العربية وضرورة إسناد هذه الدول للإبقاء علي التجزئة في الوطن العربي، وفي ذلك يقول " إن إسرائيل ساهمت في إقامة استقرار في المنطقة التى تعتبر الدول الرجعية دعامتها، وترسيخ النفوذ الأمريكي، وطرد النفوذ السوفيتي، لقد خرج العرب رابحاً في عام 1967 لأن إسرائيل حطمت الحربة الناصرية.

ومن الملفت للنظر بالرغم من قدم أطروحات اليهود والصهاينة لتفتيت وتقويض الشعوب، والحكومات الواقفة ضدها التى خلقت بذلك إطاراً نظرياً وفكرياً لإسرائيل في تفتيت الدول العربية، إلا أن التنظيرات، والسياسات الغربية التجزيئية كانت تمثل عوناً وإرثاً لا يستهان به لدعم استراتيجية (إسرائيل) لتفتيت الوطن العربي لتوافق الطرفين في ضرورة إضعاف وإنهاك العرب من الداخل .

ولعل أبرز ما يميز تلك الاستراتيجية، طبيعتها المتواصلة غير المنقطعة، بالرغم من الظروف الاستثنائية ومن ضمنها وقوع الحروب مع العرب، وتأكيدا لصحة ما ورد ذكره يمكن الاستشهاد بأبرز الخطوط الرئيسية للسياسة الإسرائيلية عقب حرب 1973 والتي كانت ذات مضمون تفتيتي في كيانات هشة متجزئة، ثانياً تطويق المجتمع العربي، ثالثاً عزله عن محيطه الجغرافي، ورابعاً التحكم في هذا المجتمع بإرادة وهيمنة إسرائيلية .

إن إحدى النتائج التي يمكن استنتاجها بعد ذلك أن الصهيونية ومن ثم إسرائيل استحضرت الجذور الدينية والتاريخية، لتزاوجها مع توجهاتها التفتيتيه في الوقت الحاضر، حيث نتج تواصل في المنهج التفتيتي بين إرثهم الديني والتأريخي للتفتيت وتوجهاتهم التفتيتية في الوقت الحاضر .

والسؤال الآن ما الآداة التي استخدمتها إسرائيل في اللجوء إلي فكرة تفتيت دول الوطن العربي؟

كانت الآداة هي استراتيجية " إثارة الخلافات والنعرات الطائفية "؛ وإذا بحثنا عن الخلفية التاريخية في ذلك نجد أنه في أكتوبر سنة 1998 أصدر الكونجرس الأمريكي "قانون الحريات الدينية في العالم"، وهو القانون الذي مهد له، وسعي إلي إصداره أركان الأصولية الصهيونية – في الولايات المتحدة .وبهذا القانون – الذي صدر في المرحلة التي أطلقت أمريكا عليه "مرحلة العولمة" و" النظام العالمي الجديد"، والتي أعقبت سقوط الثنائية القطبية في النظام الدولي، وبسقوط وإنهيار المعسكر الشيوعي أواخر سنة 1990- وسعت أمريكا في هذه المرحلة إلي الانفراد بالنظام العالمي، وتهميش الشرعية الدولية وقواعد القانون الدولي.. معتبرة ذلك "نهاية التاريخ".. بهذا القانون –قانون الحريات الدينية في العالم – أعطت أمريكا نفسها حق مراقبة الحريات الدينية في العالم، وإصدار الأحكام الأمريكية علي الدول والأمم والحضارات.. بل وتوقيع العقوبات!.. أي حق اغتصاب الشرعية الدولية، وسلطان الأمم المتحدة، والمجلس الأممي لحقوق الإنسان.. وإحلال هذا القانون الأمريكي – الذي سنه الكونجرس الأمريكي- محل القانون الدولي .. وجعل الحكومة الأمريكية " الشرطي الدولي".. وجعل الكونجرس الأمريكي " المشرع للعالم " وليس للوطن الأمريكي فقط، كما هو حال كل برلمانات الدنيا!.. ومنذ ذلك التاريخ، دأبت الحكومة الأمريكية – بواسطة وزارة خارجيتها – علي إصدار التقارير السنوية ونصف السنوية حول الحريات الدينية في العالم، بناء علي المعلومات التي تجمعها السفارات الأمريكية .. والمنظمات الأمريكية .. ومنظمات المجتمع المدني التي تمولها أمريكا وبعض سفارات الدول الغربية .. والعملاء المتعاونون مع أمريكا .

إن هذا الاعتراف الأمريكي إنما يقوم شاهداً علي ممارسة أمريكا سياسة تفكيك النسيج الوطني والاجتماعي والثقافي والحضاري للوطن العربي، وذلك تحقيقا للهدف الأمريكي المعلن : " الفوضي الخلاقة" الرامية إلي تحويل المجتمعات العربية إلي طوائف، ليسهل اختراقه، ولتضعف مقاومته ومناعته.. ولتصبح الطائفية ثغرات تمكن النفوذ الخارجي من تفجير ألغامها – كما صنع الغزو الأمريكي بالعراق.

إنهم يريدون بهذا الاختراق لأمننا الاجتماعي، والتفكيك لنسيجنا الوطني حرمان الأمة من صلابة العمود الفقري العربي، الذي مثل- تاريخياً – مؤهلات الانتصار علي الصليبيين والتتار والغزوة الاستعمارية الغربية الحديثة، والذي يمثل الضمانة لقيادة الأمة في نهضتها الحضارية المنشودة .. فتفكيك المجتمع العربي هو الهدف الذي تسعي إليه الولايات المتحدة وإسرائيل، فقد سبق لبرنارد لويس أن أعلن عن " ضرورة العمل علي تحويل المجتمعات العربية والإسلامية إلي " فسيفساء ورقية.. ومجتمعات موزاييك ".. ليتحقق الأمن والتفوق لإسرائيل علي جميع هذه المجتمعات " .

ولما كانت المنطقة العربية تتعرض لأعنف مرحلة من مراحل إعادة ترسيم المنطقة وتقسيمها أو بمعنى أدق "تفتيتها"، وفقاً للمخطط الذي وضعه برنارد لويس وبتكليف من الإدارة الأمريكية عام 1980، لتحويل المنطقة العربية إلى دويلات صغيرة يسهل السيطرة عليها، وضمان عدم تصديرها للموجات الإرهابية للغرب، وفق هذه الرؤية. ولما كان هدف الولايات المتحدة الأساسي من مشروع التقسيم والتفتيت هو استعمال شتي الطرق والوسائل لمنع قيام الوحدة العربية وإضعاف الأمة العربية، فالولايات المتحدة ومعها إسرائيل قد حاولت بشتي الطرق تضخيم مشكلة الأقليات الدينية والعرقية الموجودة في الوطن العربي واستغلالها في وجه المشروع الوحدوي العربي، عن طريق الأقليات في الأقطار العربية، وحضها علي التمرد والانفصال عن الأقطار العربية، تنفيذاً لتفتيت وتجزئة الوطن العربي. ومن وجهة النظر الأمريكية – الإسرائيلية، فإن العالم العربي تتنازعه الانقسامات الطائفية والعرقية والأثنية، ومن السهل اختراقه وإضعافه من خلال التآمر مع تلك الأقليات وتشجيعها علي التمرد وإقامة دويلات منفصلة عن الوطن العربي، لأن انتشار الدويلات التي تحكمها أقليات دينية وإثنية هي الوسيلة الرئيسية لإضعاف الوطن العربي .

ومن نافلة القول في البداية، تعريف الأقليات بأنها " جماعة من الأفراد يتميزون عن بقية أفراد المجتمع عرقياً أو دينياً أو لغويا"، كما عرفها البعض بأنها "مجموعة بشرية تختلف عن الأغلبية في واحد أو أكثر من المتغيرات التالية: الدين أو اللغة أو الثقافة أو السلالة" . وتعرف الأقلية من الناحية السياسية بأنها " جماعة تشترك في واحد أو أكثر من المقومات الثقافية أو الطبيعية أو عدد من المصالح التي تكرسها تنظيمات وأنماط خاصة للتفاعل وينشأ لدي أفرادها وعي بتميزهم في مواجهة الآخرين، نتيجة التمييز السياسي والاجتماعي والاقتصادي ضدهم، مما يؤكد تضامنهم ودعمهم"، وتعرف الأقليات في الموسوعة الأمريكية بأنهم " جماعة لها وضع اجتماعي داخل المجتمع أقل من وضع الجماعات المسيطرة في نفس المجتمع وتمتلك قدراً أقل من النفوذ والقوة وتمارس عدداً أقل من الحقوق مقارنة بالجماعة المسيطرة في المجتمع، وغالباً ما يحرم أفراد الأقليات من  الاستمتاع الكافي بحقوق مواطني الدرجة الأولي" .

ولا تكاد تخلو دولة من دول العالم أجمع من أن يكون شعبها مكوناً من أقليات عرقية أو طوائف دينية وأديان مختلفة أصولها وثقافتها، فالأقليات تمثل ظاهرة يشترك أفرادها في واحدة أو أكثر من مقومات اللغة أو العرق أو الدين أو الطائفة، وقد يشتركون في هذه العوامل كافة .والأقلية نتاج عمليتين: الأولي استقطاب كل من يشترك معها في تلك المقومات، والثانية استبعاد كل من يختلف معها فيها، كما أن تعدد الهويات : العربية والإسلامية والقطرية ودون القطرية، أثرت في تنازع الولاءات في الدول العربية وفي انتماءاتها . وتوزعت تلك الأقليات علي الأقليات اللغوية غير العربية، كالأكراد، والأرمن، والسريان، والآشوريين، والتركمان، والبربر، والنوبيين، وأقليات دينية غير إسلامية، كالكاثوليك، والأرثوذكس، والبروتستانت، والأقباط، واليهود. ويشكل العرب غالبية السكان في الوطن العربي، وتبلغ نسبتهم   88 %  من السكان. وأما البقية فإنهم من غير العرب علي الرغم من كونهم يتكلمون العربية كالبربر في المغرب العربي الذي يبلغ عددهم حوالي 5.5 % من مجمل السكان في الوطن العربي، و2.4 % من القبائل الزنجية في جنوب السودان، و2 % من الأكراد، و1 %  من اليهود، والبقية موزعة علي أقليات صغيرة من النوبيين، والإيرانيين، والتركمان، والشركس، والسريان. و91 % من سكان الوطن العربي من المسلمين ( منهم 84 % منهم من السنة)، 5 % من مجمل السكان العرب من المسيحيين، و2 % من الديانات القبلية الزنجية في جنوب السودان و1.9 % من اليهود .

وهنا أرادت الولايات المتحدة التسلل إلي تلك الأقليات، واستغلالها في مواجهة الدول العربية مدعية حق تلك الأقليات في تقرير مصيرها والانفصال عن الهوية والثقافة العربية، وإعادة تشكيل هويتها الخاصة انتصاراً للمنطق الصهيوني القائل بالتمايز التاريخي بين شعوب المنطقة .

ولهذا نجد الولايات المتحدة ومعها إسرائيل تسعي إلي إثارة الخلافات بين السنة والشيعة والأكراد في العراق، وبين السنة والعلويين في سوريا، والموارنة، والدروز، والسنة، والشيعة في لبنان، وبين الفلسطينيين والأردنيين في الأردن، والسنة والشيعة في المنطقة الشرقية الغنية بالنفط في السعودية، والمسلمين والأقباط في مصر، والشمال المسلم والجنوب المسيحي والوثني في السودان، والعرب والبربر في الجزائر والمغرب .

وبما أن توحيد العرب هو النقيض لما تحاول الولايات المتحدة تحقيقه، فإنها تسعي دائما إلي إفشاله من خلال دعمها ومساندتها للأقليات في الوطن العربي لمنعها من الاندماج في المجتمعات العربية - الإسلامية. ولهذا فإن تفتيت الوطن العربي ومحو فكرة القومية العربية، والأمة العربية الواحدة، وضرب النظام العربي، هي من الأولويات الثابتة لدي الولايات المتحدة .

ولهذا فإن الولايات المتحدة تعتمد في استراتيجيتها علي إضعاف الدول العربية من خلال الوسائل التالية :

1- تفتيت الدول العربية من خلال إثارة النعرات الطائفية وتغذيتها داخل كل دولة عربية بما يحقق الأمن القومي لإسرائيل.

2- العمل علي توسيع الخلافات بين الأقطار العربية لكي تبدد قوتها العسكرية في الصراعات الإقليمية التي تسهم هي في خلقها ودعمها.

3- العمل علي منع قيام وحدة بين الأقطار العربية، والسعي إلي تمزيق المنطقة وتجزئتها بتحويلها إلي كيانات ضعيفة متقاتلة.

4- إنشاء حركات مؤيدة لـ"إسرائيل" تهدف إلي تفتيت الروابط الاجتماعية والقومية في المجتمعات العربية وخلق صراعات دينية بين المسلمين وبقية الطوائف من أجل تفتيت الشعب الواحد وتقسيمه.

5- تمزيق الدول العربية إلي مناطق مستقلة تسيطر عليها الطوائف المختلفة.

6- بما أن القومية العربية هي العدو الرئيسي لـ "إسرائيل"، فإن تجزئة وتقسيم وتدمير الأقطار العربية هو واجب وهدف إسرائيل الأول .

7- علي إسرائيل أن تقيم علاقات جيدة مع الأقليات الدينية (المسيحيين) والعرقية (الأكراد) والاثنية (البربر)، وتحريضها علي العمل معها ضد العرب تصل إلي حد الانفصال وتشكيل كيانات منفصلة .

8- من أجل القضاء علي التفوق السكاني العربي والقوة العربية، لا بد من تفتيت الأقطار العربية لإضعافها وإبقائها عاجزة عن مقاومة الوجود الإسرائيلي .

9- التركيز الإسرائيلي علي أن منطقة الشرق الأوسط لا تضم شعباً واحداً، بل عدة شعوب مختلفة، والتأكيد علي هوية الشرق أوسطية بديلاً للهوية العربية لشعوب الشرق الأوسط...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70076
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

كيف أثارت إسرائيل النعرات الطائفية في الوطن العربي  Empty
مُساهمةموضوع: رد: كيف أثارت إسرائيل النعرات الطائفية في الوطن العربي    كيف أثارت إسرائيل النعرات الطائفية في الوطن العربي  Emptyالثلاثاء 12 نوفمبر 2019 - 18:10

كيف أثارت إسرائيل النعرات الطائفية في الوطن العربي (2)
د. محمود محمد علي
محمود محمد علينعود ونكمل حديثنا عن الكيفية التي جعلت إسرائيل تثير النعرات الطائفية في الوطن العربي  وفي هذا يمكن القول : لقد ركزت الولايات المتحدة في تعاملها مع الأقليات، علي أن الوطن العربي ليس كما يؤكد العرب دائما أنه يشكل وحدة ثقافية وحضارية واحدة، بل هو خليط متنوع من الثقافات والتعدد اللغوي والديني والإثني. وقد اعتادت الولايات المتحدة ومعها إسرائيل تصوير المنطقة علي أنها فسيفساء تضم بين ظهرانيها شبكة معقدة من أشكال التعدد اللغوي والديني والقومي ما بين عرب، وفرس، وأتراك، وأرمن، وإسرائيليين، وأكراد، وبهائيين، ودروز، ويهود، وبروتستانت، وكاثوليك، وعلويين، وصابئة، وشيعة، وسنة، وموارنة، وشركس، وتركمان، وآشوريين، وأنه لا يوجد ما يجمعها، لأن التاريخ الحقيقي هو تاريخ كل أقلية علي حدة .والغاية من ذلك تحقيق هدفين أساسيين هما: رفض مفهوم القومية العربية والدعوة إلي الوحدة العربية .

هذا المرتكز الأخير الخاص بالأقليات يعتبر من الأهمية بمكان في فهم واستيعاب الاستراتيجية "الأمريكية - الإسرائيلية" إزاء المنطقة العربية والتي من خلالها، يتم تشجيع وحث الأقليات في المنطقة على التعبير عن ذاتها، إلى درجة الحصول على حق تقرير المصير والاستقلال عن الدولة الأم، أياً كانت طبيعة هذه الأقليات من حيث الحجم والنوعية، ولا شك في أن مثل هذا المنطق كان هدفه الأساس تأكيد - أو السعي لتأكيد - حقيقة أن المنطقة العربية ليست كما يؤكد العرب دوماً أنها تشكل وحدة ثقافية وحضارية واحدة، وإنما هي خليط متنوع من الثقافات، والتعدد اللغوي، والديني، والاثني. وقد اعتادت "إسرائيل" تصوير المنطقة على أنها فسيفساء تضم بين ظهرانيها شبكة معقدة من أشكال التعدد اللغوي والديني والقومي ما بين عرب، وفرس، وأتراك، وأرمن، وإسرائيليين، وأكراد، وبهائيين، ودروز، ويهود، وبروتستانت، وكاثوليك، وعلويين، وصابئة، وشيعة، وسنة، وموارنة، وشركس، وتركمان، وآشوريين.. الخ .

انطلقت الولايات المتحدة ومعها "إسرائيل" في ذلك من الإلحاح على أن المنطقة، ما هي إلا مجموعة أقليات، وأنه لا يوجد تاريخ موحد يجمعها، ومن ثم يصبح التاريخ الحقيقي هو تاريخ كل أقلية على حدة. والغاية من ذلك تحقيق هدفين أساسيين هما: رفض مفهوم القومية العربية، والدعوة إلى الوحدة العربية، فتبعاً للتصور "الإسرائيلي" تصبح القومية العربية فكرة يحيطها الغموض إن لم تكن غير ذات موضوع على الإطلاق .

والسؤال الآن : ما الاستراتيجية التي لجأت إليها الولايات المتحدة في تعاملها مع الأقليات؟

استعارت الولايات المتحدة من الإسرائيليين في مخطط تقسيم المنطقة العربية استراتيجية "شد أطراف الأقليات" Tightening the Minority Parties من خلال إثارة الخلافات والنعرات الطائفية وإشعال الحروب بين مكونات الدول العربية، وتمويل تلك الحروب ومساندة الأطراف المختلفة لضمان استحالة العيش في سلام، وبالتالي اللجوء إلى التقسيم الجغرافي، ومن ثم التقسيم السياسي. ولأنه من المعروف أن أضعف أجزاء الجسم هي الأطراف، فإن مخطط تفتيت المنطقة العربية يقوم على استهداف أطراف الوطن العربي، خاصة بما تمتلكه من تنوع قومي وديني ومذهبي، ومن ثم محاصرة القلب" مصر والمملكة العربية السعودية"، بالنزاعات والانقسامات، حتى يسهل التعامل معهم في مرحلة لاحقة، وقد كان تنفيذ هذا المخطط بالسودان تجربة عملية على ذلك، وثبت نجاحه بتقسيم السودان إلى دولتين".

لقد ركزت الاستراتيجية الإسرائيلية في تعاملها مع الأقليات علي تبني سياسة "شد الأطراف ثم بترها" علي حد تعبير بعض الباحثين الإسرائيليين ؛ بمعني "مد الجسور مع الأقليات وجذبها خارج النطاق الوطني، ثم تشجيعها علي الانفصال ( وهذا هو المقصود بالبتر)، لإضعاف العالم العربي وتفتيته ، وتهديد مصالحة في الوقت ذاته، وفي إطار تلك الاستراتيجية قامت عناصر من الموساد بفتح خطوط اتصال مع تلك الأقليات" ؛ وذلك عبر استراتيجية طويلة المدى تقوم على “شد الأطراف”، ثم تتطور لاحقاً إلى “شد الأطراف ثم البتر”، تعبث أطراف دولية عدة بمستقبل منطقة الشرق الأوسط لإعادة ترسيم حدوده من جديد، وتفتيت الدول ذات الثقل السياسي والموقع الاستراتيجي، بل وتجزئة المجزَّأ منها؛ " لتصبح المنطقة عبارة عن مجموعة من “الكانتونات” الصغيرة التي يسهل اقتيادها والسيطرة على مقدراتها.. ويتخذ دعاة التفتيت من ورقة “الأقليات” على اختلاف أوجهها مطيَّة للوصول إلى مآربهم المشبوهة، تحت زعم صون الحقوق وإرجاعها إلى أصحابها القدامى بعد أن انتزعها منهم الاستعمار في القرن العشرين، وكذلك حقوق الإنسان ومقاومة الاضطهاد الديني والعرقي، وهي مزاعم براقة ينخدع بها الكثيرون ممن تبهرهم أضواء الثورات والتغيير والحراك الاجتماعي الذي يجتاح المنطقة منذ قرابة الأعوام الثلاث ولا تزال في “مرحلة الفوران”، ولم يتكشف حتى الآن ماذا يختبئ في باطنها! ".

ومن خلال نظرية شد الأطراف عملت إسرائيل علي توثيق علاقات التعاون والتحالف مع أهم الدول المحيطة بالعالم العربي، تطبيقاً لسياسة "شد الأطراف"، التي استهدفت إقامة ما عرف بـ " تحالف المحيط أو عقيدة المحيط " ( وهي استراتيجية سياسة خارجية دعت إسرائيل إلى تطوير تحالفات استراتيجية وثيقة مع الدول الإسلامية غير العربية في الشرق الأوسط للتصدي للدول العربية الموحدة تجاه معارضة وجود إسرائيل)؛ والدول التي توجهت إليها الأنظار: هي تركيا أولاً، وإيران ثانياً، وإثيوبيا ثالثاً. وهو ما اعتبر البعض" الركن الركين في جدار السياسة الخارجية الإسرائيلية"؛ ففي منتصف الخمسينات (في العشرين) نجحت الجهود "الإسرائيلية" في إقامة علاقات خاصة مع تركيا في مختلف المجالات. بعد ذلك مباشرة بدأ التحرك صوب إيران، الذي أداره فريق من الخبراء "الإسرائيليين"، الذين كان بعضهم من أصول إيرانية. ولاستكمال بناء صرح "حلف الجوار" للاستعانة به للضغط على العرب وتهديد أمنهم، جرت اتصالات نشطة مع إثيوبيا، علنية وسرية، لكي تكتمل زوايا المثلث عند مركزه الجنوبي من الوطن العربي، بعدما اكتمل من ناحيتيه الشرقية والشمالية .

وقد تناول الكاتب "ممدوح طه"، في مقال له بعنوان "من فلسطين إلى العراق.. المؤامرة مستمرة"، في صحيفة البيان الإماراتية، الاستراتيجية الصهيونية التي اعتمدت نظرية "شد الأطراف"، التي صاغها "بن جوريون" Ben-Gurion مع اغتصاب فلسطين، لحصار الوطن العربي بـ"حلف المحيط" الإقليمي كتركيا وإيران وإثيوبيا، قد تحولت الآن بعد التنفيذ إلى عملية "قضم الأطراف" الاستراتيجية التي تضم مكامن الثروة العربية.. وفصلها عن الوطن الأم بادعاءات طائفية أو عرقية أو مذهبية، وتحويلها لمنصات معادية حليفة للدولة الصهيونية، كما جرى بانفصال جنوب السودان، ويجري بخطط انفصال تركستان العراق! مثلما يبدو بنفس الوضوح، أن الاستراتيجية الاستعمارية القديمة للسيطرة على الشرق العربي الإسلامي، بنظرية "الغزو العسكري" من الخارج.

قد أعادت إنتاج نفسها باستراتيجية أمريكية جديدة، هي نظرية "الغزو الفتنوي" من الداخل بوساطة أدواتها الإرهابية، والسياسية، والدعائية، وتلعب إسرائيل فيها دور "العصا الغليظة" ضد الأهداف التحررية الوطنية والقومية العربية، كالاستقلال الوطني، والتنمية الاقتصادية، والعدالة الاجتماعية، والوحدة العربية. وبينما المخاطر الخارجية بأدواتها الداخلية تحيط بالعرب والمسلمين الآن من كل جانب، وأبرزها العدوان الصهيوني الإجرامي على الشعب الفلسطيني في غزة، والاشتعال والانقسام المستعر في العراق، استفادة بالصراع المسلح لتفكيك سوريا، والفوضى المسلحة لتفتيت ليبيا، وانشغال مصر بمواجهة المؤامرة الإرهابية، والحرب المسلحة في اليمن .

فليس هناك هدف لأعداء الأمة أغلى مما هو قائم الآن في أوطان العرب والمسلمين المحيطة بفلسطين، من انقسامات وصراعات بين الأشقاء، ومواجهات مسلحة بين الميليشيات والجيوش، انشغالاً عن فلسطين والقدس ومواجهة الأعداء، فتلك أهدافهم وخططهم، من تفتيت الصومال إلى صوملة السودان، ومن لبننة العراق إلى عرقنة سوريا! .

وثمة تطور مهم في استراتيجية التفكيك والتفتيت طرأ في الفكر اليهودي ، يتمثل في أن "نظرية شد الأطراف لم تعد تستهدف فحسب استنزاف الطاقات العربية وتشتيتها، بحيث تستهلك تلك الطاقات بعيداً عن ساحة المواجهة مع إسرائيل، وإنما تجاوزت المسألة هذه الحدود إلي ما هو أبعد وأخطر، بحيث تطورت فكرة شد الأطراف إلي "بتر" تلك الأطراف، بمعني سلخ الأطراف غير العربية وفصلها عن الجسد العربي، من خلال التحالف مع دول الجوار ".

وقد أكد هذا المعني الباحث "زئيف شيف" Ze'ev Schiff الذي ذكر أن استراتيجية شد الأطراف التى تم تبنيها في أواخر الخمسينات قد جري تجاوزها، بحيث أصبح المرفوع الآن هو شعار البتر وليس الشد، وبمقتضي ذلك فإن الدعم الموجه إلي الجماعات العرقية أو الطائفية تحول، بحيث لم يعد يستهدف إضعاف الموقف العربي في مواجهة إسرائيل، وإنما أصبح الخطاب الإسرائيلي يولي أهمية خاصة لعملية " البتر" لتلبية طموحات الجماعات العرقية والدينية في الانفصال ، وتشكيل الكيانات المستقلة عن الدول العربية .

لتحقيق الخطوات الأخيرة المتمثلة في ما بعد شد الأطراف، وهي بتر هذه الأطراف، أرسل عدد كبير من شباب جنوب السودان للالتحاق بدورات عسكرية وأمنية مكثفة، واستطاعت الأخيرة تدريب حوالي 30 ألف متمرد في الحدود الأوغندية، وفي شهر مارس عام 1994 أقامت إسرائيل جسراً جوياً إلي مناطق المتمردين ، كما أوفدت الخبراء العسكريين لتدريب المتردين ، وتُوج هذا التعاون بين الجانبين بإعلان اليهودي الجنوبي "يفيد بسيوني" David Bassiouni ترشيح نفسه لرئاسة حكومة الجنوب وكان ذلك عام 2001 وكان من ثمار هذا التعاون أن أعلن متحف الهولوكست أو المحرقة اليهودية في مدينة نيويورك تضامنه مع المسيحيين الجنوبيين، حيث قال الناطق باسم المتحف ما يلي:" إنهم يتعرضون للإبادة الجماعية والتطهير العرقي" .

وكان "أريل شارون" Ariel Sharonقد وضع استراتيجية لتفتيت الوطن العربي، قبل قيامه باحتلال لبنان سنة 1982، وقال في مقابلة مع جريدة معاريف Maarih الإسرائيلية إن الظروف "مواتية لتحقيق مشروع تفتيت الدول العربية وبسط الهيمنة الإسرائيلية علي المنطقة ، وتحدث "عن الصراع المحتمل حدوثه بين الشيعة والسنة والأكراد داخل العراق، وبين السنة والعلويين في سوريا، وبين الطوائف المتناحرة في لبنان، وبين الفلسطينيين والبدو في الأردن، والسنة والشيعة في المنطقة الشرقية في السعودية، والمسلمين والأقباط في مصر، وبين الشمال المسلم والجنوب المسيحي - الوثني في السودان، وبين العرب والبربر في المغرب العربي الكبير" .

وجدد شارون بعد تسلمه وزارة الدفاع الإسرائيلية سنة 1981، الحديث عن الحلم الصهيوني بإنشاء دويلات تحكمها أقليات دينية" هذه الهيمنة العبرانية تستعيد لنفسها الحلم القديم بإلغاء هيمنة المسلمين السنة علي مجمل الشرق الأوسط عبر ايجاد دويلات مستقلة تحكمها أقليات دينية أو علي الأقل تشجيع طموحات هذه الأقليات .لذا يجب مساعدة مسيحيي لبنان، والدروز، والشيعة الذين يتواجدون في مناطق أكثر قرباً من الحدود الإسرائيلية .

وأكد هذا المعني، الباحث العسكري الإسرائيلي زئيف شيف، إذ قال إن استراتيجية شد الأطراف التي تم تبنيها في أواخر الخمسينات جري تجاوزها، بحيث أصبح المرفوع الآن هو شعار البتر وليس الشد، وبمقتضي ذلك فإن الدعم الموجه إلي الأقليات تطور، ولم يعد يستهدف إضعاف الموقف العربي في مواجهة إسرائيل فقط، وإنما أصبح يولي أهمية خاصة لعملية " البتر" لتلبية طموحات الجماعات العرقية والدينية في الانفصال ، وتشكيل الكيانات المستقلة عن الدول العربية .

علاوة علي أن نظرية شد الأطراف لم تعد تستهدف فحسب استنزاف الطاقات العربية وتشتيتها، بحيث تستهلك تلك الطاقات بعيداً عن ساحة المواجهة مع "إسرائيل". وإنما تجاوزت المسألة هذه الحدود إلى ما هو أبعد وأخطر، بحيث تطورت فكرة شد الأطراف إلى "بتر" تلك الأطراف؛ بمعنى سلخ الأطراف غير العربية وفصلها عن الجسد العربي، من خلال التحالف مع دول الجوار .

ونظرية «شد الأطراف» كانت جزءاً من استراتيجية وضعها "زئيف جابوتنسكى" Zeev Jabotinsky، وهو من المؤسسين لنظرية العبري القائم على "بلقنة المنطقة" و"شد الأطراف"، وبلقنة المنطقة تقوم على أساس تقسيم المنطقة على أسس عرقية وطائفية من كرد وعرب ودروز في دول ضعيفة مقسمة طائفية، وليس لديها الثقل الحضاري الذي تستطيع القيام به، على أساس أن إسرائيل تكون في قلب هذه المنطقة وتكون هي القوة العظمى المسيطرة في المنطقة، وتدور في فلكها قوى تابعة؛ أي بمثابة أقمار تابعة لها، أما شد الأطراف فهو افتعال حروب ومعارك في أطراف الوطن العربي بين القوى العربية وقوى غير عربية متواجدة حول العالم العربي لتشد هذه الدول العربية إلى معارك مع دول أخرى غير عربية على حساب إتعاب القلب، ومن هنا جاءت حرب السنوات الثماني بين العراق وإيران، والأزمة التي حدثت بين سورية وتركيا وحرب جنوب السودان ..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70076
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

كيف أثارت إسرائيل النعرات الطائفية في الوطن العربي  Empty
مُساهمةموضوع: رد: كيف أثارت إسرائيل النعرات الطائفية في الوطن العربي    كيف أثارت إسرائيل النعرات الطائفية في الوطن العربي  Emptyالثلاثاء 12 نوفمبر 2019 - 18:11

كيف أثارت إسرائيل النعرات الطائفية في الوطن العربي (3)
د. محمود محمد علي

نعود وننهي حديثنا في هذ المقال عن الكيفية التي جعلت إسرائيل تثير النعرات الطائفية في الوطن العربي من خلال استغلال الأقليات الدينية، وفي هذا يمكن القول : وترتكز نظرية شد الأطراف على عدة عناصر ذات أبعاد عرقية، كما ذكر " موشى فرجي " Mousi Faraji في كتابه "إسرائيل وحركة تحرير جنوب السودان نقطة البداية ومرحلة الانطلاق " الصادر عن "مركز ديان لأبحاث الشرق الأوسط وإفريقيا"، التابع لجامعة تل أبيب .

أهمية الكتاب تكمن في أمرين، أولهما أنه يشرح بالتفصيل الدور الكبير الذي قامت به المخابرات "الإسرائيلية" في مساندة حركة تحرير الجنوب، سواء على صعيد الإمداد بالسلاح والخبراء والمال، أو على صعيد حشد التأييد الدبلوماسي والسياسي لمصلحتها. الأمر الثاني الذي لا يقل أهمية أو خطورة أنه يشرح على وجه الخصوص بالتفصيل أيضاً استراتيجية "إسرائيل" لإضعاف العالم العربي بوجه عام، وإضعاف مصر على وجه الخصوص. وكيف أن تلك الجهود الحثيثة استمرت حتى بعد توقيع مصر اتفاقية السلام مع "إسرائيل" في عام 1979م .

أفاض المؤلف في شرح نظرية "شد الأطراف" التي هي محور الكتاب وموضوعه الأساس. فذكر أنها ترتكز على عدة عناصر ذات أبعاد عرقية وعسكرية وسياسية، وعرض لكل واحد من تلك العناصر على النحو التالي:

من الزاوية العرقية كانت الفكرة بمثابة دعوة لخلق تجمع اثني يضم دولاً وجماعات غير عربية في إطار من العمل والتعاون لمواجهة المد القومي العربي، باعتبار أن ذلك المد يهدد تلك الدول والجماعات. وقد ركز الخطاب "الإسرائيلي" في هذا الصدد على أن خطر ذلك التهديد يجب أن يدفع تلك الأطراف إلى الاحتشاد في خندق واحد. وهذه الرسالة نقلها بصراحة ووضوح "بن جوريون " إلى كل من "عدنان مندريس" Adnan Menderes رئيس وزراء تركيا في أواخر الخمسينات، وشاه إيران والامبراطور هيلاسلاسي. وهذا هو المعنى الذي عبر عنه "مائير عميت" Meir Amit رئيس الموساد حين ألقى في عام 59 محاضرة على دفعة جديدة من عناصر الموساد قال فيها: إن التهديد بالخطر العربي الذي جسدته حركة المد القومي، كان لا بد أن ينجح في إثارة النوازع النفسية لدى الجماعات غير العربية داخل الدول العربية، وخاصة في العراق وسوريا ولبنان والسودان.. كما إن الوجود الاثني المتمثل في شعوب مثل الشعب "الإسرائيلي" والتركي والإيراني والإثيوبي، الذي يتناقض مع العنصر العربي المهيمن على المنطقة، شكل أساساً لقيام علاقة تحالفية بين "إسرائيل" والدول التي تمثل تلك الشعوب.

استخدمت "إسرائيل" سلاح التخويف من هيمنة العرب المعززين بالقوة النفطية، لكي تحث الدول والجماعات غير العربية إلى الاحتشاد والتحالف لدرء ذلك "الخطر". وقد عبرت عن ذلك جولدا مائير وزيرة الخارجية في مؤتمر لحزب العمال عام 1960، حين قالت: لقد نجحنا في إقناع الدول المحيطة بالدول العربية لإقامة "حلف الدائرة"، ليشكل سوراً من حول تلك الدول، يدرأ الخطر ويقي هذه الدول ويصونها من حركة القومية العربية .

فكرة التخويف من الخطر العربي استثمرت عسكرياً إلى أبعد مدى. فقد ركزت "إسرائيل" على أنه لا سبيل إلى صد ذلك الخطر إلا بإقامة تعاون عسكري وثيق بين "إسرائيل" وبين دول الجوار، وجندت لتلك المهمة أبرز الشخصيات العسكرية والسياسية. في هذا السياق عقد أول لقاء بين رئيس الموساد "رؤوفين شيلواه" Reuven Shiloah وبين وفد عسكري تركي في روسيا عام 1957، وتتابعت تلك اللقاءات في إيطاليا ودول أخرى. وكان التعاون العسكري والأمني لصد خطر المد العربي، هو الموضوع الرئيسي لكل تلك الاجتماعات. وما حدث مع تركيا تكرر مع إيران وإثيوبيا، حيث ركز بن جوريون في خطابه الموجه إلى تلك الدول على أن العرب يزعمون أن الشرق الأوسط هو شرق عربي، ومن الضروري أن تشكل الدول الأخرى غير العربية في المنطقة كتلة واحدة، لدحض تلك المقولة، وللدفاع عن وجودها واستقلاله .

هذا الجهد "الإسرائيلي" أثمر تعاوناً أمنياً وثيقاً مع الدول الثلاث (تركيا، إيران، إثيوبيا). وأدى إلى تنظيم لقاءات سرية عدة بين رؤساء الأركان في الدول الأربع، عقدت في كل من أنقرة وطهران عام 1958، وفي سياق ذلك التعاون أرسلت "إسرائيل" أكثر من عشرة آلاف خبير عسكري وأمني إلى تركيا وإيران وإثيوبيا. وتطور هذا الرقم في السنوات اللاحقة، حتى وصل عدد الخبراء العسكريين "الإسرائيليين" في إيران وحدها عامي 77 و 78 إلى أكثر من 20 ألف شخص. كما زودت "إسرائيل" كلاً من تركيا وإيران بأسلحة من صنعها، مثل صواريخ بر - بر (جبريال) ومدافع هاون وأجهزة رادار وبنادق ورشاشات من نوع عوزي.

إزاء النجاح الذي حققته "إسرائيل" على ذلك الصعيد، فإنها أصبحت مطمئنة إلى أن تلك الدول أصبحت تمثل قوى احتياطية لها في مواجهة العرب، وإن اختلف الموقف بالنسبة لإيران بعد قيام الثورة الإسلامية في عام 1979 .

في ذات الوقت اعتمدت "إسرائيل" الرؤية الاستراتيجية الشاملة لنظرية شد الأطراف على ضرورة خلق اصطفاف سياسي متجانس ومترابط ومتحالف مع الغرب. وحرصت "إسرائيل" على أن تقدم نفسها بحسبانها دولة تمثل امتداداً للغرب وعمقاً استراتيجياً له. واعتبرت ذلك يشكل قاسماً مشتركاً لها مع تركيا، كما تعاملت مع إيران وإثيوبيا على أنهما دولتان تدينان بالولاء للغرب. وفي سعيها لإبراز عوامل التشابه أو التطابق بينها وبين دول الجوار، فإن "إسرائيل" أرادت أن تكسر جدار العزلة السياسية التي فرضت من حولها، لأن تعاملها مع دول الجوار غير العربية من شأنه أن يوفر لها إمكانية التحرك إقليميا ودولياً باعتبارها دولة معادية في المنطقة. وفي هذه النقطة نبه المؤلف إلى أن تحقيق "إسرائيل" غاياتها السياسية في استراتيجية شد الأطراف لم يكن يتأتى لولا مساعدة القوى الغربية التي وجدت أن مصالحها تتوافق مع إقامة هذه الشبكة من التحالفات. ولذلك فإن جميع اتفاقات التعاون في مختلف المجالات بين "إسرائيل" والدول الثلاث لقيت دعماً غير محدود من جانب الولايات المتحدة وبريطانيا بوجه أخص .

خلاصة القول إن نظرية شد الأطراف وجذبها ثم بترها التي استخدمتها الولايات المتحدة ومعها إسرائيل نجحت في مهمتها ؛ حيث وجدنا الولايات المتحدة الأمريكية في عهد أوباما تستخدم موضـوع الأقليات الدينية في المنطقة العربية كوسيلة للوصول إلى أهداف استراتيجية، فالأهمية التي يحتلهـا الدين في حياة المجتمعات في العالم عموماً، وفي المجتمعات العربية خصوصاً، دفعت الولايات المتحدة الامريكية إلى استخدام هذا الجانب المهم في التلاعب بالمجتمعات العربية، للوصول إلـى النسيج الاجتماعي العربي في أدق مفاصل الحياة العربية.

ويعد الدين دافعاً مهـماً لتنظـيم الحياة الاجتماعية في ممارسـة الطقوس الدينيـة، ويذهب إلى أبعد من ذلك، حيث ينظم السلوك اليومي والحياة الاجتماعية، لذا فإنه يمكن تصنيف الإنسان على أساس دينه، وخصوصاً بعد تعدد الطوائف الدينية إلى أكثر من طائفـة داخل الدين الواحد، وبذلك يمكن تصنيف المجتمعات على أساس ديني طائفي ليسهل التعامل معها كوحدات مجتمعية ضعيفة .

إن عدم التجانس بين المجتمعات الاثنية بسبب اختلاف المستوى الفكـري والعقائدي، أدى إلى ازدياد الأقليات الدينية، والمذهبية، والطائفية في داخل الدين الواحد. فعلى سبيل المثال لا الحصر، أصبح الدين الاسلامي نتيجة الاختلاف الفقهي ينقسم إلى عدة طوائف ومذاهب، وكذلك الحال ينطبق على الدين المسيحي .

ويعد لويس التاسع ملك فرنسا وقائد الحرب الصليبية على بلاد العرب، الـذي انهزم في معركته مـع مسلمي مصر 1249-1250،هو أقدم من وصى لضرب المسلمين في نص وصيته التالية "إذا أردتم أن تهزموا المسلمين فلا تقـاتلوهم بالسلاح وحده، فقد هزمتم أمامهم في معركة السلاح، ولكن حاربوهم في عقيدتهم فهي مكمن القوة فيهم" .

فظهرت الحرب على المسلمين عن طريق ضربهم في عقيدتهم وشريعتهم الإسـلامية، وذلـك بإشاعة الصراعات الطائفية والمذهبية، لإضعافهم مـن جهة، وإثارة الحروب الأهلية من جهة أخرى. وبعد صعود اليمـين المسيحي المتطرف في انتخابات عام 2000 فـي الولايات المتحدة من جهة، وتفجيرات 11 سبتمبر 2001 الأمريكية، والتي نتج عنها فوز بوش الابن (المتطرف دينياً) التي نتج عنهـا إعلان الحرب على الإرهاب المتمثل بالعرب والمسلمين من جهة أخرى، فقد استغلت الولايات المتحدة الأمريكية وضع المنطقة العربية الذي يتنوع بالأقليات الدينية، والتي تعاني بعضها من الاضطهاد، لذلك سعت الإدارة الأمريكية في عهد باراك أوباما إلى تفتيت المجتمع العربي عن طريـق استغلال هـذه الاقليات للتدخل في شؤون المنطقة. ومع اختلاف من نادى في كيفية استيعاب الأقليات الدينية، إلا أنهم اتفقوا في استثمار هذه الأقليات لزعزعة استقرار المجتمعات العربية، حاملين بمعيتهم، المنظرين الأمريكيين، شعارات كالديمقراطية، وحقوق الإنسان، والحرية، واحترام الأديان، والتي تعتبرها الولايات المتحدة الأمريكية إحدى مهامهـا الأكثر إنسانية.

ومن أهم الذين اهتموا ونادوا لاستغلال الأقليات الدينية في المنطقة العربية، عن طريق تفتيتها للسيطرة على تلك المجتمعات:

1- زبجنيو برجنسكي :

قــدم برجنسكي عـدداً من الأفكـار من خلال مؤلفاتـه، التي نادت بتقسيم الـدول العربيـة والسـيطرة عليهم مـن دون الحاجـة إلى اسـتخدام قوات عسكرية، فقد نظم "برجنسـكي" خطـطاً استراتيجية ترمي إلى تفتيت الدول العربية من داخل بنائهـا الاجتماعي، وفي مقدمـة الوسائل التي نادى لها هي دعم كل الأقليـات الدينية، والمذاهب، والطوائف داخـل المنطقـة على غـرار مـا قام بـه سابقاً، خـلال الحـرب الباردة، بتنظيم ما يسمى (بالجهـاديين)، والتي نتج عنها تنظـيم طالبـان، فـي أفغانستان لمحاربة السوفييت، لخدمة المصالح الأمريكية. كما ذكر برجنسكي بخصوص وحـدة مصر وسـوريا أمراً مستحيلاً، لكون مصر ذات أصول وأعراق غيـر عربية، بينما سوريا ذات أصول عربية، لذلك أمر وحدتهما غير ممكن. وبالتالي يمكن أن تكون هنـاك دويلات على أساس الـدين أو العـرق لتتكون دويلات صـغيرة لا يمكنها مواجهة المخاطر لوحـدها مما سيؤول الأمر إلي تكـوين اتحاد كونفدرالي مـع انضمام إسرائيل لهذا الاتحاد، لا بل وقيادة هذا الاتحاد، الأمر الذي يسهل تفوق الهيمنة الأمريكية عليه.

إذ قدم برجنسكي خلال منصبه كمستشار للأمن القـومي فـي عهد الـرئيس "جيمي كارتر"، وما بعد منصبه، عدة مشاريع ونظريات لخرق الصف العربي من خلال التركيز على الأقليات الدينيـة والعرقية، وعلى سبيل المثال، عندما حث على اسـتخدام استراتيجية "الطرق على الجدران من الأسفل" من خلال " قوس الأزمات" The Arc of Crises لينتج عنها تجزئـة المجزء، فضلا ً عـن كتابه "رقعة الشطرنج الكبرى"، الذي وضح فيـه كيفيـة تقسيم وتجزئة الدول العربية على أساس ديني وطائفي ومذهبي وعرقي.

اعتمد برجنسكي في هذه الأفكار ببعض الشواهد، منها شواهد سياسية، التي من جملتها الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990)، وما نتج عنها من صراع على أساس ديني، والتي خلفت أحزاباً ذات صفة انعزالية تدعو إلى إقامة كانتونات مستقلة لتمتلك قدراً من الحرية في علاقاته.

ومنها شواهد ديموغرافية، والتي تمثلت بوجود جسم غريب داخل الجسم العربي وهي العمالـة الوافدة، حيث مثلت تلك العمالة أقلية قابلـة للزيادة، وخاصة في بلدان الخليج العربي، والتي تمثل أدوات ضغط على البلدان العربية في الحفاظ على حقوقها وتشريع قوانين تحفظ وجودها على الأرض العربية. والأخرى هي شواهد الثورة العلمية في مجال الاتصالات، فعلى الرغم من أن هذه النظرية صيغت في نهاية السبعينات، ولكن كانت هناك بوادر تطور علمي في مجال الاتصالات وهو ما سيؤدي بدوره إلى تواصل الأقليات الدينية وانغلاقها على نفسها لتحمي ذاتها وكيانهـا من أفكار الأقليات الاخرى.

2- برنارد لويس:

تعـد أفكار لويس هي استكمال لاستراتيجيات نظريـة (قـوس الازمـات لبرجنسـكي)، والتـي يدعو فيها إلى تجزئة الدول العربية لما تحويه من أقليات دينية وعرقية. وجـاءت بنـود هـذه الأفكـار على ثلاث نقاط:

الاولي: هي استغلال الأقليات الدينية، والقومية، والمذهبية فـي منطقـة قـوس الأزمات، والتي تمتد مـن الجناح الجنوبي للاتحاد السوفيتي سابقاً مروراً بإيران، وتركيـا، والعـراق، ودول شـبه الجزيرة العربية، حتى الشمال الإفريقي، ومن هذه الأقليات هي (الأقباط فـي مصر، الطوائـف الدينية في السودان، الأكراد، والدروز، والبلوش، والموارنة، والأذرين، والعلويين في سوريا) وغيرها من الأقليات، التي ستؤدي الى خلق فوضى وعدم استقرار ومن ثم تجزئة الدول العربية .

الثانية: استغلال مسألة الحدود التي رسمها الاستعمار البريطاني والفرنسـي للـدول العربيـة، التـي لـم تضـع بعـين الاعتبـار أهمية لوضع القوميات أو المـذاهب الدينيـة، ممـا يثيـر الجـدل حـول ضرورة إعادة رسم حدود الدول، لإعطاء حق للأقليات العرقية، والاثنية، والدينية في إنشاء دول خاصة بهم .

الثالـثة: الاعتمـاد علـى الكـره الـذي يوجـد بـين أغلـب الأقليـات مـع الدولـة المتواجـدين فيهـا، والعمـل على تشجيع عصيان قوانين الحكومة والتمرد على نظامها لتفتيت هذه الدولة، لذلك يمكـن للولايـات المتحدة الأمريكية الوقوف مع هذه الاقليات لاستغلالها في تحقيق أهدافها، وبذلك يرى لويس ضرورة اعتماد رؤية برجنسكي في اتخاذ هذه المنطقة كمنطقة نفوذ مهمة، عن طريق تفتيت بعض مراكز القوة فيها.

من كل ما سبق يمكن إجمال الأهداف الأمريكية-الصهيونية تجاه الوطن العربي بما يأتي :

1- تجزئة الوطن العربي من جديد وتفتيت كياناته السياسية. والغاية من هذا تقليص دور الدول العربية المحورية، مثل مصر، والعراق، وسورية، وذلك كي لا تؤدي هذه الدول دور القيادة لحركة القومية العربية وحركات التحرر الوطني والمقاومة. وإن هذا التقسيم الجديد المقترح، إنما يهدف إلى تشتيت العناصر الأساسية المكونة للقومية العربية، ومن ثَم إلى صعوبة تحقيق أي هدف عربي وحدوي ولو بأدنى درجاته، وهي حالة التضامن العربي، وبهذه اللعبة تتهدم أعمدة النظام العربي السياسية والاقتصادية والأمنية.

2-يحاول هذا المشروع تحويل "إسرائيل" إلى قطب إقليمي رئيس في المنطقة، وذلك عن طريق كسر طوق المقاطعة العربية لإسرائيل اقتصادياً وسياسياً وثقافياً، وبذلك تغدو "إسرائيل"-وبدعم من الولايات المتحدة- دولة لها مكوناتها الإقليمية المحورية في المنطقة، نظراً إلى ما تملكه من قوة عسكرية، وقوة مالية وتجارية وقوة تقنية، فضلاً عن أذرعها الأخطبوطية المتصلة بصنَّاع القرار كلّهم في العالم، مستفيدة من الدعم الممكن كلّه.

3- إن الخطر الأكبر من هذا المشروع هو محاولته إلغاء الثقافة العربية، والثقافة الإسلامية وإلغاء العادات والتقاليد والسلوكيات الناتجة عنها كلّها، بغية خلق جيل جديد لديه هوية جديدة مخالفة لهويته الأصلية. وهنا تسقط منه روح الالتزام الوطني والقومي. ويتحقق الهدف من المشروع وهو تحطيم سلطة الدولة، وسلطة المؤسسات وسلطة العقل، والثقافة والإنتاج والإبداع. وهنا مكمن الخطورة، أي حين يتحول المجتمع عن رابطة العقد الاجتماعي وعن تراثه وتاريخه وهويته.

4- يضع المشروع الصهيو-أمريكي العرب أمام خيارات صعبة ومحددة، فهم إما أن يدخلوا في هذا المشروع وبغض النظر عن حقوقهم وأراضيهم وثرواتهم، أو أن الخيار الآخر هو الحرب الوقائية الاستباقية، والعراق وأفغانستان أكبر دليل على ذلك.

5- إضعاف الدولة القومية بشكلها الحالي، وهو ما يسهل عملية الاختراق للدول التي ترفض التدخلات الخارجية في شؤونها، أو التي ترفض التغيير على الطريقة الأمريكية.

6- ضمان عدم التحام الأقليات والطوائف والأعراق، وضمان عدم ذوبانها أو على الأقل انسجامها مع الأغلبية في أي بلد من بلدان الشرق الأوسط في إطار جامع على الشكل الذي كانت فيه منذ قرون، لضمان أنها ستكون بحاجة إلى مساعدة خارجية، ومن ثَم ستكون الولايات المتحدة جاهزة للتدخل في أي مكان تراه مناسباً في أي بلد من هذه البلدان إذا رأت ذلك لمصلحتها، وبحجة الحماية.

7- إن الهدف من ورقة الأقليات هو تسويغ وجود "إسرائيل"، وتوسيع رقعة النزاعات الإقليمية الداخلية العرقية والقومية، لإشغال العالم العربي والإسلامي وشعوب هذه الدول بالمشكلات الداخلية المستجدة لديها، والمخاطر التي تتهدد بلدانها المعرضة للتفتيت والتقسيم، بمعنى تقسيم المقسم أصلاً وتجزئة المجزأ.

8- إفساح المجال أمام "إسرائيل" للدخول والتغلغل في هذه الدول عبر الأقليات، سواء القومية أم الطائفية أم العرقية، ولنا في أكراد العراق مثال على ذلك.

يمكن أن نلحظ أن هذه الأهداف تصب في مصلحة الدول الاستعمارية الغربية والأمريكية والصهيونية العالمية أولاً وآخراً، بعكس ما تروج له تلك الدول، بأنها تريد نشر الديمقراطية والحريات بين شعوب المنطقة، وتخليصها من الديكتاتوريات والظلم والعنف، ومن ثَم بناء دول حضارية وديمقراطية ومدنية. ما نراه هو خراب دول المنطقة ودمارها وتفتيتها وتقسيمها بما يخدم تلك الأهداف الصهيو- أمريكية والغربية الإمبريالية.

د. محمود محمد علي
رئيس قسم الفلسفة وعضو مركز دراسات المستقبل – جامعة أسيوط
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
كيف أثارت إسرائيل النعرات الطائفية في الوطن العربي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  دور إسرائيل في تفتيت الوطن العربي
» العولمة وانعكاساتها على الوطن العربي
» الأحزاب العسكرية في الوطن العربي
» الأحزاب العسكرية في الوطن العربي
» الاقاليم المحتلة..من الوطن العربي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: فلسطين الحبيبة :: إسرائيل جذور التسمية وخديعة المؤرخون الجدد-
انتقل الى: