منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 منهج الاصلاح في الأمة.....مقاربات بين رؤيتي الخميني وسيد قطب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70264
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

منهج الاصلاح في الأمة.....مقاربات بين رؤيتي الخميني وسيد قطب Empty
مُساهمةموضوع: منهج الاصلاح في الأمة.....مقاربات بين رؤيتي الخميني وسيد قطب   منهج الاصلاح في الأمة.....مقاربات بين رؤيتي الخميني وسيد قطب Emptyالثلاثاء 12 نوفمبر 2019, 6:12 pm

منهج الاصلاح في الأمة
د. بدر الدين شيخ رشيد


مقاربات بين رؤيتي الخميني وسيد قطب (1)

جدليّة الأولويّة بالبدء في اصلاح الأمة: يتقاطع منهج اصلاح الأمة عند كل من الإمام الخميني وسيد قطب من نقطة البدء، ويلاحظ هذا التقاطع من خلال أدبيات كل منهما، حيث أن الخميني ركّز على وجود الحكومة رغم أنه لم  يهمل دور التربية وبناء العقيدة في المجتمع، فيما نلاحظ من سيد قطب أنه فضّل التربية وبناء العقيدة عن الحكومة، ولعل الفرق بينهما من حيث الأولوية في البدء، لا التغاضي عن أهمية الجانب الآخر للتكامل بينهما، فوجود الحكومة لايستغني عن التربية، كما أن إيجاد التربية لا يستغي عن الحكومة.

ورؤية سيد قطب في منهج اصلاح المجتمع مرّت باجتهادات مختلفة، فالرأي المتقدم، يعتبر اجتهادا جديدا، حرره في  كتاباته الأخيرة، مثل: «الظلال»، و«معالم في الطريق»، وهناك رأي آخر يبدو أنه كتبه في أوائل فكره قبل أن يتبنى الأيدلوجية الأصوليّة، يوافق فيه رأي الإمام الخميني في أهمية الحكومة في إصلاح المجتمع، فقد نقل عنه الإمام الخامئنى مرشد الثورة الإسلامية حاليا. يقول سيد قطب:« كان من الأفضل والأجدر للمسلمين، بدلاً من أن يكتبوا كل هذه الكتب، وبدلاً من أن يبثوا كل هذه الخطابات الإعلامية، وبدلاً من أن يعملوا على إدارة كل هذه المساجد، كان من الأفضل لهم بدلاً من ذلك كله، لو أنهم كانوا قد فعلوا ما من شأنه أن يساهم في نشر الإسلام وفي تعميم الثقافة الإسلامية، فلو أنهم كانوا قد عملوا في هذا الإتجاه لكان هذا خيراً لهم من كل ما يفعلونه»[1].

ويعلق الإمام علي الخامنئي على كلام سيد قطب، فيقول:«لقد اختبرنا نحن هذه الحقيقة وجربناها وعاينا آثارها عن كَثَبَ، فإنه حينما تأسس النظام الإسلامي، وحينما سمعنا هتافات الإسلام تصدر من حنجرة ذلك الرجل العظيم، أعني به: إمامنا الجليل روح الله الموسوي الخميني، شاهدنا إقبالاً عجيباً وتوجهاً باهراً لقلوب كل المسلمين في هذا العالم نحو الإسلام»[2].

ولعل الاختلاف في بنية المجتمع الشيعي عن السني من جهة التكوين السياسي منذ وفاة الرسول صلى الله عليه، هو الذي أدى إلى اختلاف نقطة البدء في تغيير المجتمع عند كل من  الخميني وسيد قطب، فمنهج الشيعة متأصّل على ضرورة وجود الحكومة، وهذه الضرورة تستلزم تشكيل الحكومة بيد الرسول صلى الله عليه وسلم، عكس رؤية أهل السنة القائمة على وجود الحكومة بعد النبي صل الله عليه وسلم، بيد الأمة.

إن تركيز سيد قطب على الأمة ناتج عن الفصام المبكر بين العلم والسياسة في صدر الإسلام، إضافة إلى ضباب دور علماء السنة في السياسة، عكس علماء الشيعة الذين كانوا دائما في معترك الحراك السياسي مع الحكام الجائرين تأسّيا بثورة الإمام الحسين ضد حكم يزيد بن معاوية.

كما ينبغي أن نشير إلى أن الأولوية بين الأمة والحكومة عند كل من الخميني وسيد قطب، هي أولويّة مكانة، كما أنها أولويّة زمان ومراحل، فمكانة الأمة مقدمة عن مكانة الحكومة؛ لأن الأخيرة ما هي إلا إفراز طبيعي من الأمة، وبالتالي فمنظومة الشيعة بدأت أهمية الأمة ودورها منذ أن تغير الحكم إلى حكم وراثي استبدادي، ولهذا تجد أن أئمة الشيعة ركزوا جهودهم على تفعيل التربية وبناء العقيدة في المجتمع  الشيعي، وذلك بعد فشل ثورة الحسين بن علي رضي الله عنه، فيما نجد  من جهة علماء السنة  أن بعضهم اقتصر جهده ودوره على نصيحة الحاكم الجائر، ومنهم من ابتعد عنهم حفاظا على دينه وعقيدته.

ولعل هذا ما نلاحظه  عند الشيعة بدءا من الإمام الرابع علي بن الحسين( زين العابدين)، إلى آخرهم المهدي، إذا استثنينا الإمام الثامن الذي رُشِّحَ إلى وليّ العهد لخليفة المأمون، إلا أنه  توفي في أثناء حياة المأمون.

وعلى هذا الأساس، فكل أئمة الشيعة بعد ثورة الحسين بن علي بذلوا الجهد لإصلاح الأمة وتربيتها وبناء العقيدة، ويتجلى هذا الأمر جليّا في عهد الإمام السادس جعفر الصادق، عند ما عرض أبو مسلم الخراساني  عليه الدولة ، وذلك بعد سقوط الدولة الأموية إلا أنه رفض وقال: ليس الزمان زماني ولا أنت من رجالي[3]،  وهذه تدل على تفضيل أئمة الشيعة بناء الأمة عن الحكومة؛ لأنه لو كانت الحكومة المحور الأساسي لتغيير المجتمع، لقبل الإمام جعفر الصادق هذا العرض من مسلم الخراساني.

إن رؤية سيد قطب الأنظمة التي كانت في عصره انعكاس بموقف الإمام جعفر الصادق في عصره، حيث اعتبر الحكم الأمويّ حكما طاغوتا، وأفتى للشيعة عدم التحاكم إليهم، وهذا ما نجده  فعلا، يتجسد في أفكار سيد قطب نحو الأنظمة السياسية في عصره وخاصة في ثورة 23 يوليو، حيث اعتبرها حكما طاغوتا مثل موقف جعفر الصادق من الحكم الأموي[4].

وهكذا، ركّز سيد قطب على إعداد الطليعة المؤمنة، أعني، جيلا قرآنيا يستقي تربيته من القرآن الكريم، فهذه الطليعة تدعو إلى جيل  قرآني فريد يمارس القرآن وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهديه العملي وسيرته الكريمة كمنهج وطريق إلى دعوة الله؛ لأن القرآن هو الأصل الذي تربى عليه جيل محمد صلى لله عليه وسلم، وهو الذي سيكفل استمرار الدعوة في الأجيال اللاحقة بعده إلى يوم الدين بغض النظر عن وجود شخصيته صلى الله عليه وسلم؛لأنه« لوكان وجود شخص رسول الله صل الله عليه وسلم حتميّا لقيام هذه الدعوة، وإيتائها ثمارها ما جعلها الله دعوته للناس كافة، وما جعلها آخر رسالة وما وكل إليها أمر الناس في هذه الأرض إلى آخر الزمان»[5].

هذا، وأشار سيد قطب إلى أهمية القرآن لكونه المنبع الصافي الذي استقى منه الرعيل الأول الذي صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، حيث فسّر أن سر ظاهرة استمرارية هذا الدين وهذه الدعوة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم هو استقاء هذا الجيل من هذا المنبع الصافي، حيث لم يكن مربوطا بوجود شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم، فهناك عنصران مهمّان لنشأة الجيل القرآني الفريد في عصر النبي صل الله عليه وسلم، عند سيد قطب:

الأول: اكتفاء الجيل الأول بهدي القرآن وحده حيث اعتبروه منهجا وسلوكا.

الثاني: كون الرسول صل الله عليه وسلم، مصدر التلقي في بيان هدي القرآن.

فسيد قطب ذكر أنه لم يعد يخرج مثل طراز جيل النبي صل الله عليه وسلم، نعم، يرى أنه وُجِدَ أفراد من ذلك الطراز في التاريخ الإسلامي لكنه لم يحدث أن تجمع مثل ذلك العدد الضخم في مكان واحد كما وقع في الفترة الأولى من حياة هذه الدعوة[6]،  فهو يرجع إلى  عدم تكرار مثل الرعيل الأول إلى ثلاثة عوامل:

الأول- اختلاط النبع الذي استقت منه الأجيال التالية بفلسفة الإغريق ومنطقهم وأساطير الفرس وتصوراتهم وإسرائيليات اليهود، ولاهوت النصارى، وغير ذلك من رواسب الحضارات والثقافات، حيث اختلط هذا كله بتفسير القرآن الكريم، وعلم الكلام،كما اختلط بالفقه والأصول وتخرج على ذلك النبع المشوب سائر الأجيال بعد ذلك الجيل.

الثاني: تغير منهج التلقي الذي كان عليه في ذلك الجيل الفريد، فهم لم يكونوا يقرءون القرآن بقصد الثقافة والاطلاع ولا بقصد التذوق والمتعة، بل كان قصدهم العمل فيما تلقوا فيه من أوامر.

الثالث: الجيل الأول كان الرجل منهم عند ما يدخل في الإسلام يخلع جميع الرواسب الجاهلية وكان يبدأ عهدا جديدا منفصلا عن حياته التي عاشها في الجاهلية[7].

فالظاهر أن العامل الرئيسي هو عدم وجود مرجعية دينية تقوم مقام النبي صلى الله عليه وسلم بعده، وهذه العوامل التي ذكرها سيد قطب كلها منبثقة من هذا العامل الرئيسي، فمثلا، اختلاط المنبع الصافي بفلسفات الأمم الأخرى كان سببا لغياب تلك المرجعية، والتي لها المقدرة على الفهم والاستنباط من القرآن، وتمييز غيرها من المذاهب المنحرفة، فبعد اتساع رقعة الإسلام ودخول الأمم الأخرى كالروم، والفرس، واليهود، في الإسلام، بدأ هذا الاختلاط، وخاصة في عهد عمر وعثمان رضي الله عنهما، فهناك ستة عوامل رئيسية أدت إلى ظهور الفرق بعد موت الرسول صل الله عليه وسلم.

غير أننا نكتفي بإيراد العامل الرابع لما له من علاقة  تخص بحثنا هذا من حيث اختلاط النبع الصافي بفلسفات الأمم الأخرى، وهذا العامل هو إفساح المجال للأحبار والرهبان للتحدّث في عهد عمر وعثمان رضي الله عنهما.

وكان هذا التحدث من الأحبار والرهبان نتيجة لمنْعِ تدوين السنة في عهد مبكر، وقد فسح هذا التحدث عن التوراة والإنجيل انتشار الفوضى في العقائد، والأعمال، والأخلاق، والآداب، وصميم الدين ، ولباب الأُصول؛ لأنّ الفراغ الذي خلفه منْعُ تدوين الحديث أوجد أرضية مناسبة لظهور بدع يهودية، وسخافات مسيحية، وأساطير مجوسية، خاصة من ناحية كهنة اليهود، ورهبان النصارى، الذين افتعلوا أحاديث كثيرة ونسبوها إلى الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام، كما افتعلوا على لسان النبي صل الله عليه وآله وسلَّم الأساطير[8].

ومن هنا أشار ابن خلدون إلى سبب هذا الاختلاط، وهو أنّ العرب لم يكونوا أهل كتاب ولا علم، وإنّما غلبت عليهم البداوة والأُمّية، وإذا تشوقوا إلى معرفة شيء ممّا تتشوّق إليه النفوس البشرية في أسباب المكونات وبدء الخليقة، وأسرار الوجود، فإنّما يسألون عنه أهل الكتاب قبلهم، ويستفيدون منهم، وهم أهل التوراة من اليهود ومن تبع دينهم من النصارى، مثل كعب الأحبار، ووهب بن منبه، وعبد اللّه بن سلام وأمثالهم، فامتلأت التفاسير من المنقولات عندهم وتساهل المفسرون في مثل ذلك[9].

نقد الذات وكشف مكر الأعداء:

انتقد كل من الإمام الخميني وسيد قطب  أوضاع العالم الإسلامي، ويتركز نقد الخميني على رجال الدين أو ما يعرف برجال الحوزة، كما انتقد أيضا دور الاستعمار، بينما تركّز نقد سيد قطب على المجتمع ككل، فيما يطلق عليه بالجاهليّة، بالإضافة إلى نقده لدور الاستعمار في تخلف العالم الإسلاميّ.

فالخميني اعتبر رجال الدين في الحوزات العلميّة عاملا أساسيا ساهم في تخلف العالم الإسلامي، وذلك يتنافى  مع ما عرف من الإسلام أنه«دين المجاهدين الساعين للحق والعدالة، دين أولئك الذين ينشدون الحرية والاستقلال، إنه عقيدة المناضلين والمعادين للاستعمار»[10].

كما أن عملاء الأجانب، أخذوا يبثون أن الإسلام ليس فيه شيء، وأنه مجموعة من أحكام الحيض والنفاس وأن على رجال الدين الاقتصار على تدريس الحيض والنفاس، فأثرت تلك الدعاية  على الطبقة المثقفة، سواء من الجامعيين أو الكثير من رجال الدين الذين لم يفهموا الإسلام جيدا، فأصبح الإسلام يعيش بين شعوب الدنيا بغربة، حتى وصل الأمر إلى أنه «لو أراد الإنسان أن يعرض الإسلام كما هو، فلن يصدقه الناس بسرعة، بل تواجهه أصوات الاستعمار في الحوزات بالضجيج والغوغاء»[11].

فالإمام الخميني يشرح الأسباب التاريخية التي ساعدت على تدهور العالم الإسلامي عموما، والحوزات العلمية خصوصا، حتى وصل الأمر إلى ما هي عليه من الأوضاع الراهنة، ومن أهم تلك الأسباب دسائس اليهود التي مارسوها ضد النهضة الإسلامية منذ بدايتها، ثم ما تلى ذلك من طوائف أخرى أخذت باسم الحروب الصليبية منذ ثلاثة قرون، ولم يكن هدفهم أساسا، إبعاد الناس عن الإسلام لتقوية النصرانية، بل كان تمهيدا لمطامعهم الاستعمارية، وعلى هذا الأساس، فعند ما شعروا طوال فترة الحروب الصليبية أن الذي يقف أمام مصالهم المادية، هو الإسلام وأحكامه وإيمان الناس به، قاموا بالدعاية ضد الإسلام بمختلف الوسائل، وقد تعاونوا في ذلك مع رجال الدين الذين أوجدوهم في الحوزات العلمية، بالإضافة إلى العملاء الذين يعملون في الجامعات والمؤسسات الإعلامية الحكومية، والمستشرقين[12].

بالإضافة إلى ذلك، يشيد الخميني بمقاومة الاستعمار والأنظمة الفاسدة المتعاونة معهم من خلال فضح خططهم ومؤآمراتهم ومقاطعتهم الاقتصادية، وبالتالي القيام بالثورة ضد حكّام  الجور[13].

أما نقد سيد قطب، فيتركز على الجاهلية، وهي حاكمية البشر للبشر وهي شذوذ عن الوجود الكوني وتتصادم مع الجانب الفطري، وهي ليست نظرية مجردة، بل إنما تتمثل دائما في تجمع حركي، متمثلة في مجتمع خاضع لقيادة هذا المجتمع [14].

فالمجتمعات عند سيد قطب هي: إما مجتمعات إسلامية أو جاهلية. فالمجتمعات الإسلامية  هي التي يطبق فيها الإسلام: عقيدة، وعبادة، وشريعة ونظاما وخلقا وسلوكا، أما المجتمعات الجاهلية فهي التي لا يطبق فيها الإسلام ولا تحكم عقيدته وتصوراته، وقيمه وموازينه، ونظامه وشرائعه وخلقه وسلوكه[15].

وتدخل المجتمعات الجاهلية عند سيد قطب في كل من المجتمعات الشيوعية، واليهودية والنصرانية، والمجتمعات المسلمة، ويعلل سيد قطب كون المجتمعات المسلمة تدخل ضمن إطار المجتمعات الجاهلية؛ لكونها لا تدين  بالعبودية لله وحده في نظام حياتها، فهي وإن لم تعتقد بألوهية أحد إلا الله، لكنها تعطي أخص خصائص الألوهية لغير الله فتدين بحاكمية غير الله، وبناء على هذا، فهي تتلقى من هذه الحاكميّة نظامها، وشرائعها، وقيمها، وموازينها وعاداتها وتقاليدها وكل مقومات حياتها[16].

هذا، وأكد  سيد قطب- كالخميني- أن أعداء هذا الدين وأعداء الجماعة المسلمة من اليهود والنصارى والوثنيين على مدار التاريخ،  قد ناصبوا الإسلام العداء وحاربوه حربا لا هوادة فيها، منذ أن اصطدم الإسلام بالدولة الرومانية على عهد أبى بكر وعمر رضي الله عنهما، حتى كانت الحروب الصليبية، ثم كانت المسألة الشرقية التي تكتلت فيها الدول الصليبية في أرجاء الأرض للإجهاز على الخلافة،  وبالتالي كان الاستعمار الذي يخفي الصليبية بين أضلاعه،  قد بدت في فلتات لسانه، إلى أن أصبح التبشير الذي مهد للاستعمار وسانده، ولاتزال حملاته المشبوهة، والتي يشترك فيها اليهود والنصارى والكفار والوثنيون، على كل طلائع البعث الإسلامي في أي مكان في الأرض، [17].

من جهة أخرى، انتقد الخميني وسيد قطب الحكم الوراثي الذي ابتدعه معاوية بن أبي سفيان في الإسلام، حيث اعتبر الخميني أنه ليس من نمط الحكم في الإسلام؛ لأنه أبطل في صدر الإسلام، وذلك ضمن الرسائل التي بعثها الرسول صل الله عليه وسلم، إلى كل من إيران، وبلاد الروم الشرقية، ومصر، واليمن، والتي دعا إليها كلا:من إمبراطور الروم الشرقية هراكليوس، وملك إيران خسرو الثاني، التخلي عن نمط الحكومة الملكية، كما استشهده أيضا بثورة سيد الشهداء الحسين بن علي ضد يزيد بن معاوية  على نفي الحكم الوراثي  وأنه ليس من الإسلام[18].

وهكذا، اعتبر سيد قطب أن الحكم الوراثي ليس من النظام الإسلاميّ، بل هو من وحي الجاهلية الذي أطفأ إشراقه الروح الإسلامية، فهو من النظام الوراثي الذي ابتدع في الإسلام[19].

ومن هنا، أكد سيد قطب مبدأ الاختيار، حتى وإن أختير المفضول، فهو يقرر انطلاقا من مبدأ الاختيار، تقديم عثمان بن عفان، على علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، رغم أنه يرى أن عليا قد غُبِنَ في تقديم عثمان عليه، يقول سيد قطب:«وقد يكون علي قد غبن في تأخيره وخاصة بعد عمر، ولكن هذا التأخير كان له فضله في التقرير العملي لنظرية الإسلام في الحكم، حتى لا تقوم عليها شبهة من حق الوراثة، الذي هو أبعد شيء عن روح الإسلام ومبائه»[20].

 

د. بدر الدين شيخ رشيد  إبراهيم

........................

[1] - علي محسن، مفهوم الحكومة الدينية في رأي الإمام الخميني، ( تاريخ النشر، 15-2-2001م)، أنظر الرابط:

http://www.islamtimes.org/vdcawonm.49ny61kzk4.txt

[2] - المصدر السابق، أنظر الرابط:

http://www.islamtimes.org/vdcawonm.49ny61kzk4.txt

[3] - محمد بن عبد الكريم الشهرستاني،  الملل  والنحل، تحقيق، محمد سيد كيلاني، دار المعرفة، بيروت، لبنان، ط1404، ج1/ص149.

[4] - أبو الصلاح الحلبي، الكافي للحلبي، تحقيق، رضا أستادي، مكتبة الإمام أمير المؤمين علي بن أبي طالب، أصفهان، إيران،(بدون تاريخ النشر)، ص424.

[5] - سيد قطب، معالم في الطريق، دار الشروق، القاهرة ، مصر، ط1/1981م، ص15.

[6] - المصدر السابق،ص14.

[7] - المصدر السابق، ص17-20.

[8] - جعفر  السبحاني،  بحوث في الملل والنحل، مؤسسة النشر الإسلامي، قم،  إيران، ، ط4/1417ھ، ج1/ص78.

[9] - عبد الرحمن بن محمد ابن خلدون،  المقدمة، دار احياء التراث العربي بيروت، لبنان،  ط3/1993م، ص252

[10] - آية الله الخميني، الحكومة الإسلامية، (PDF)،  )بدون تاريخ  الطبع والناشر)،ص2.

[11] - المصدر السابق، ص3-4.

[12] - المصدر السابق،ص1-2.

[13] - توفيق محمد الشاوي،  فقه الحكومة بين السنة والشيعة،  بمراجعة أ. محمود نفسي حمدي، منشورات العصر الحديث، كوبون هيك، ديناميك، ط1/ 1995م، ص137-143.

[14] - سيد قطب، معالم في الطريق، دار الشروق، القاهرة، مصر، ط1/1881م،ص54.

[15] - المصدر السابق،ص116.

[16] - المصدر السابق،ص98-101.

[17] - سيد قطب، في ظلال القرآن، دار الشروق، القاهرة، مصر،  ط2/1997م،  ج2/ص292.

[18] - آية الله الخميني، الحكومة الإسلامية،(PDF) ) بدون تاريخ  الطبع والناشر)، ص5-6.

[19] - سيد قطب، العدالة الإجتماعية في الإسلام، دار الشروق، القاهرة، مصر، ط13/1993م، ص154-155.

[20] - المصدر السابق،ص154.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70264
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

منهج الاصلاح في الأمة.....مقاربات بين رؤيتي الخميني وسيد قطب Empty
مُساهمةموضوع: رد: منهج الاصلاح في الأمة.....مقاربات بين رؤيتي الخميني وسيد قطب   منهج الاصلاح في الأمة.....مقاربات بين رؤيتي الخميني وسيد قطب Emptyالثلاثاء 12 نوفمبر 2019, 6:13 pm

درو الإمامة في اصلاح الأمة
د. بدر الدين شيخ رشيد


مقاربات بين رؤيتي الخميني وسيد قطب (2)

وظّف كل من الخميني وسيد قطب مفهوم الإمامة كوسيلة لتغيير المجتمع، وذلك باعتبارها النموذج الأمثل الذي تحقق من ناحية السياسة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم، فالخميني اعتبر الإيمان بالولاية، جزءا من مشروع اصلاح الأمة من خلال وجود حكومة إسلامية تنفذ الأحكام، هذا، كما يرى أن قيام الحكومة لا يمكن إلا الاعتقاد بولاية عليّ أى تعيين النبي صلى الله عليه وسلم عليا لأجل الحكومة[1]، بينما سيد قطب- انطلاقا من رؤية أهل السنة في الخلافة- نفى أن يكون الرسول صل الله عليه وسلم، قد عيّن أحدا بعده، ومفاده نفي الدولة الدينية، غير أنه تبنى مفهوم الحاكمية، الذي هو من مصاديق الخلافة من حيث السلطة، باعتبارها النموذج الأمثل الذي تحقق في الأرض على مر التاريخ الإسلامي.

فالولاية عند الخميني هي وحدة متماسكة، تنطلق من مبدأ ولاية الله، وتأخذ ثلاثة مستويات:ولاية الرسول صلى اله عليه سلم، وولاية الائمة المعصومين عند الشيعة، وولاية الفقهاء. فولاية الأئمة عنده، فرع عن ولاية الرسول صل الله عليه وسلم، بينما ولاية الفقهاء فرع عن ولاية الائمة، وعلى هذا، فالولاية لها مقامان: مقام تكويني معنوي، ومقام اعتباري حكومي، والجانب الأخير يتعلق بوظيفة الحكومة؛ لأنه لولا الحكومة لتعطلت الأحكام، وعلى هذا، فمن الضروري الاعتقاد بولاية عليّ لأجل إقامة الحكومة الإسلامية، وذلك لاستلزام تنفيذ الأحكام على تأسيس الحكومة، كما تتطلب تبيان حقيقة الأحكام الإسلامية[2].

استلزام تنفيذ الأحكام بتأسيس الحكومة عند الخميني:

الإمام الخميني يرى أن وجود القوانين المدونة وحدها لا تكفي لإصلاح المجتمع، فلابد من سلطة تنفذ الأحكام[3]، بينما سيد قطب يرى أن المجتمع الإسلامي، يعيش في جاهلية مثل الجاهلية الأولى في عصر الرسول صل الله عليه وسلم أو أشد، ولهذا، لا ينبغي الاشتغال بالتشريع قبل إيجاد مجتمع «مسلم ناشئ من الدينونة لله وحده ، مصمم على تنفيذ شريعته وحدها، ثم بعد ذلك-لا قبله- ينشأ فقه إسلامي مفصل»[4]، ذلك؛ لأن الفقه الإسلامي، حسب رؤية سيد قطب هو وليد الحركة الإسلامية، فهي التي تنشىء المجتمع الذي يقرر أن تكون الدينونة فيه لله وحده، ومن ثم ينشئ الفقه الإسلامي ويتحقق نموه من خلال حركته الواقعية لمواجهة حاجات الحياة الإسلامية[5]، ولهذا، يرى سيد قطب أنه«لم يكن قط فقه مستنبط من الأوراق الباردة ، بعيداً عن حرارة الحياة الواقعة»[6].

لكن، قد يخضع الاختلاف بينهما، كما سبق أن أشرنا، بسبب اختلاف تركيب المجتمع السني والشيعي من حيث الفكر السياسيّ؛ لأن رؤية الخميني في السلطة التي تنفذ الأحكام واضحة عنده، وهي سلطة الفقيه، بخلاف رؤية سيد قطب، فالسلطة التي تنفذ الأحكام تنبثق من الأمة، إلا أنها غرقى في الجاهليّة[7]، ومن ثم، تحتاج إلى جهود مضنية في بناء الأمة الإسلامية، مرة أخرى بعد ما خرب الاستعمار عامرها وجفف غامرها[8].

هذا، ويستدل الإمام الخميني بطريقة الرسول صل الله عليه وسلم وسنته على لزوم تشكيل الحكومة، من جانبين:

الأول: أنه صل الله عليه وسلم قام بتشكيل حكومة، وقام بتطبيق القوانين وتثبيت أنظمة الإسلام، وإدارة المجتمع فأرسل الولاة إلى رؤساء القبائل، والملوك، وعقد المعاهدات والاتفاقات، وقاد الحروب، والتاريخ يشهد على ذلك.

الثاني: أنه صلى الله عليه وسلم عيّن حاكما بعده، فهذا يعنى لزوم استمرار الحكومة بعد النبي صل الله عليه وسلم[9].

حقيقة الأحكام الإسلامية:

قلنا في الفقرة السابقة، أن سيد قطب، لم ير ضرورة طلب الحكومة،  ولا تقنين القوانين قبل قيام المجتمع المسلم، وهو ينطلق من أن المجتمع الإسلامي اليوم يعيش في جاهلية، وعلى هذا، فتطبيق الأحكام قبل بناء المجتمع، توقع في فراغ؛لأن«الفقه الإسلامي وليد الحركة الإسلامية...فقد وجد الدين أولاً، ثم وجد الفقه،  وليس العكس هو الصحيح»[10]، بينما تجد فكرة الخميني على العكس من ذلك، حيث يرى أن تنفيد الأحكام من خلال الحكومة «يبني نظاما اجتماعيا شاملا، ويوفر هذا النظام الحقوق لكل ما يحتاجه البشر» [11].

وأهم تلك الأحكام التي هي ركائز قوام المجتمع الإسلامي عند الإمام الخميني ثلاثة، وهي: الأحكام المالية، أحكام الدفاع الوطني، أحكام الحقوق الجزائية.

أولا: الأحكام المالية:

استدل الإمام الخميني على قيام الحكومة على أحكام المال في الإسلام، وذلك؛ لأن الضرائب الخمس التي فرضها الإسلام تدل على لزوم تشكيل الحكومة، وتأمين المصارف الضرورية لدولة كبيرة، وليس لمجرد سد رمق الفقراء من السادة الهاشميين، وغيرهم، والخمس معمول به في الفقه الإمامي الشيعي، ويتناول الزراعة والتجارة والمصادر المخزونة في جوف الأرض أو الموجودة فوقها[12]، إضافة إلى ذلك، ذكر الإمام الخميني مواردا أخرى مثل: الجزية والخراج،  وهكذا، يتكون رصيد ضخم مالي، يمثل الزكاة، والصدقات، والتبرعات، والخمس، والجزية، والخراج[13].

أما سيد قطب، فتناول سياسة المال في الإسلام في كتابه:«العدالة الإجتماعية»، وأطال النفس فيها من جانب الملكية الفردية، وما يتعلق بالمجتمع، كالزكاة، والحقوق المتعلقة بالمال غير الزكاة المفروضة، فهو شرح الزكاة كقاعدة للتكافل الاجتماعي، الذي لا يحتاج إلى ضمانات النظام الربوي في أي جانب من جوانب الحياة، فذكر أن الزكاة حق مفروض تحصله الدولة المسلمة لتكفل كل من تقصر به وسائله الخاصة من الجماعة المسلمة[14].

وهناك مصادر أخرى غير الزكاة عند سيد قطب تخضع لمبدأ: المصالح المرسلة، ومبدأ سد الذرائع« عند تطبيقها في محيط أو سع يمنحان للإمام الذي ينفذ شريعة الله سلطة واسعة لتدارك كل المضار الاجتماعية بما في ذلك التوظيف في الأموال، رعاية للمصالح العام للأمة وتحقيق العدالة الاجتماعية»[15].

وليس الإشكال عند الخميني وسيد قطب في المال العام من جهة المصدر والمصرف، فهذا، من وظيفة الفقه، لكن الإشكال، كيفية توظيف المال العام الذي هو حق للمجتمع في الوقت الراهن، وفعلا، كلاهما قرّر أن المال العام هو من وظيفة الدولة، لكن الدولة غير موجودة حاليا، وهذا قدر يتفقّ عليه كلاهما فيه، إلا أن الإشكال من جهة الإمام الخميني يرتبط بين المال والحكومة «فإن الأحكام المالية للإسلام تدل على لزوم تشكيل الحكومة، ولايمكن تطبيقها إلا عن طريق إقامة النظام الإسلامي»[16].

لكن سيد قطب من جانبه، رسم سياسة المال من جهة التشريع والتوجيه، كمفهوم نظريّ فقط، فأشار إلى أن التشريع هدفه تكوين مجتمع صالح للرقي والنماء، حيث جعل الإسلام حق المال الزكاة، وهو قدر معلوم، كما جعل للإمام الحق في أن يأخذ بعد الزكاة ما يمنع به الضرر، وهو حق كحق الزكاة عند الحاجة إليه، موكول إلى مصلحة الأمة وعدالة الإمام، وقواعد النظام الإسلامي، أما من جهة التوجيه، فقد حبب إلى الناس أن ينسلخوا من كل مالهم وينفقوه كله في سبيل الله[17].

ثانيا: أحكام الدفاع الوطني:

الدفاع عن أراضي المسلمين هو مطلب إسلامي واجب، وله أحكام مقررة في في الفقه، فالإمام الخميني يرى أن الأحكام التي تتعلق بحفظ نظام الإسلام والدفاع عن جميع أراضي الأمة الإسلامية واستقلالها تدل على لزوم تشكيل الحكومة[18]، فالخميني وسيد قطب كلاهما يشتركان من حيث الرؤية على أن ما قام في العالم الإسلامي من أنظمة لا تمثل وجه الحقيقة للإسلام، فالخميني يلقي القصور على حكام المسلمين من حيث الإهمال وعدم الاستعداد وحشد ما أمكن من القوى المسلحة بشكل عام [19]،  وبالتالي عدم الاستفادة من نداء الله سبحانه وتعالى في قوله:﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ﴾[20].

كذلك، شيّد سيد قطب أحكام الدفاع، لكن بصورة أوسع من رؤية الخميني، حيث تتجاوز حدود الدفاع عن الوطن، بل هي دفاع عن حرية الدعوة وإبلاغها لكل زاوية في الأرض بلا عقبة، وتأمين الفرد في كل زاوية من زوايا الأرض الذي يريد أن يختار الإسلام عقيدة، وسيادة لنظام فاضل وقانون فاضل، يأمن الناس كلهم في ظله، وبالتالي، فمن اختار عقيدته ومن لم يخترها سواء[21].

ثالثا: أحكام الحقوق الجنائية:

الأحكام الجنائية أحكام تتعلق بالدولة، وهي قدر متفق عليه بين الخميني وسيد قطب، غير أن الفرق بينهما هو تقييم حالة المجتمع الراهن وإجراء الحقوق الجنائية، فالخميني يرى ضرورة وجود سلطة الحكومة لاجراء أحكام الجنايات[22]، أما سيد قطب فالمسألة تختلف عن منظور الخميني، فهو يركز على اعداد المجتمع قبل كل شىء يقول: «إن الجهد الأصيل، والتضحيات النبيلة يجب أن تتجه أولاً إلى إقامة المجتمع الخير، وهو الذي يقوم على منهج الله قبل أن ينصرف الجهد والبذل والتضحية إلى إصلاحات جزئية، شخصية وفردية، عن طريق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»[23].

[1] - آية الله الخميني، الحكومة الإسلامية، (PDF) ،  )بدون تاريخ الطبع والناشر)، ص13.

[2] - المصدر السابق، ص13.

[3] - المصدر السابق، ص17.

[4] - سيد قطب، في ظلال القرآن، دار الشروق، القاهرة، مصر، ط2/1997م،  ج4/ص110.

[5] - المصدر السابق، ج4/ص318.

[6] - المصدر السابق، ج4/ص109.

[7] - المصدر السابق، ج3/ص189.

[8] - محمد الغزالي، كفاح دين ، دار النهضة،  القاهرة،  مصر، ط1/(بدون تاريخ الطبع)، ص119.

[9] - آية الله الخميني ، الحكومة الإسلامية، (PDF) ،  )بدون تاريخ الطبع والناشر)، ص16-17.

[10] - سيد قطب، في ظلال القرآن، دار الشروق، القاهرة، مصر، ط2/1997م،  ج4/ص109.

[11] - آية الله الخميني ، الحكومة الإسلامية، (PDF) ،  )بدون تاريخ الطبع والناشر)، ص20.

[12] - المصدر السابق، ص21.

[13] - المصدر السابق، ص22.

[14] - سيد قطب، العدالة الإجتماعية في الإسلام، دار الشروق ، القاهرة ، مصر، ط13/1993م، ص117-118.

[15] - المصدر السابق، 123.

[16] - آية الله الخميني، الحكومة الإسلامية(PDF)) بدون تاريخ الطبع والناشر)، ص23

[17] - سيد قطب، العدالة الإجتماعية في الإسلام، دار الشروق، القاهرة، مصر، ط13/1993م، ص87.

[18] - آية الله الخميني الحكومة الإسلامية، (PDF)) بدون تاريخ الطبع والناشر)، ص23

[19] - المصدر السابق، ص23.

[20] - سورة الأنفال، آية:60.

[21] - سيد قطب، في ظلال القرآن، دار الشروق القاهرة، مصر، ط2/1997م،  ج2/ص734.

[22] - آية الله الخميني ، الحكومة الإسلامية، (PDF) ، )بدون تاريخ الطبع والناشر)، ص24.

[23] - سيد قطب، في ظلال القرآن، دار الشروق، القاهرة، مصر، ط2/1997م، ج2/ص949
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70264
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

منهج الاصلاح في الأمة.....مقاربات بين رؤيتي الخميني وسيد قطب Empty
مُساهمةموضوع: رد: منهج الاصلاح في الأمة.....مقاربات بين رؤيتي الخميني وسيد قطب   منهج الاصلاح في الأمة.....مقاربات بين رؤيتي الخميني وسيد قطب Emptyالثلاثاء 12 نوفمبر 2019, 6:14 pm

دور الاستعمار في إجهاض المشروع الإسلامي
د. بدر الدين شيخ رشيد

مقاربات بين رؤيتي الخميني وسيد قطب (3)

القوانين الوضعيّة وأضرارها في المجتمع الإسلامي: كان بث القوانين الوضعية في ربوع الإسلام جانبا من مؤامرات الاستعمار، ولهذا، قرر الخميني وسيد قطب الكشف عن الدور السلبي للقوانين الوضعية في المجتمع الإسلامي، وهو أمر لعبه الاستعمار من أجل إجهاض المشروع النهضوي في العالم الإسلاميّ، فكَشْفُ دور الاستعمار في إجهاض المشروع الإسلامي كان من ضمن مساعي الخميني وسيد قطب في تغيير المجتمع الإسلامي.

 فبين الإمام الخميني دسائس الاستعمار وعملاءه ضد قوانين الإسلام، بأنه ناقص وأن قوانينه في القضاء وتطبيق العدالة، ليس كما يجب، وفي أعقاب تلك الدعاية يقوم عملاء الاستعمار بالتلاعب بدستور المشروط، وقد تم هذا التلاعب عند ما أرادوا تدوين الدستور في أوائل الثورة المشروطة (1906م)، بحيث استأجروا مجموعة حقوقية بلجيكية من سفارة بلجيكيا، وقد قام عدة أشخاص بكتابة الدستور من تلك المجموعة، ثم حاولوا ترميم نقائصها بالاستعانة بمجموعات حقوقية أخرى من فرنسا وإنجلترا، وبالتالي ضموا إليه بعض الأحكام الإسلامية لكى يخدعوا الشعب[1].

كما بيّن الإمام الخميني الأضرار الناتجة عن القوانين الوضعية على المجتمع الإسلامي، فذكر أن بعض أهل الخبرة والاطلاع في مجال القضاء يتذمرون على المحاكم وطريقة عملها، فمثلا، لو ابتلي شخص بمحكمة إيران الحالية فيجب عليه أن يشقي طيلة العمر لإثبات دعواه، وعلى هذا، فالقوانين الحالية للمحاكم لا نتيجة فيها للأمة سوى التعب والتأخر عن العمل، وأمر المعيشة وسوء الاستغلال غير المشروع لها، فقليل من الناس يصلون إلى حقوقهم الثابتة.

 هذا، وقد ذكر الإمام الخميني المفارقات بين الأحكام الجزائية في الإسلام وبين الأحكام الوضعية في بعض العقوبات، فذكر مثلا، عقوبة مهربي الهيروئين، حيث يقتل الشخص لأجل عشر غرامات من الهيروين، لكن في المقابل إذا ضرب شارب الخمر ثمانين جلدة فهذا أمر فيه خشونة، أما لو أعدم شخص لأجل عشر غرامات من الهيروين فلا خشونة، مع أن الكثير من المفاسد التي تنتشر في المجتمع هي ناتجة من شرب الخمر[2].

ويؤكد رؤية الخميني، أن منظمة العفو الدولي-كما ذكر الشيخ محمد الغزالي- تبرر القوانين الوضعية في أغلب البلاد العربية، حيث تظهر الرأفة بالقتلة بالقصاص العدل، فكانت العاقبة أن اتسعت دائرة الإجرام ولم تجف الأرض من الدماء المسفوكة طلبا للثأر، أو إشاعة للجريمة، فحصدت الأمة المر من تطبيق القوانين الوضعية[3].

التقدم المادي للمستعمرين وتأثيره على المجتمع الإسلامي:

  ذكر الإمام الخميني أن بعض أفراد الجتمع الإسلامي انهزموا أمام التقدم المادي للمستعمرين، فظن أن الطريق للتقدم الصناعي هو التخلي عن عقائدهم وقوانينهم، فذكر مثلا، أنه عند ما وصل أولئك المستعمرون إلى القمر، ظن هولاء أنه يجب التخلي عن قوانينهم، فيتساءل الإمام الخميني:ما العلاقة بين الذهاب إلى القمر والقوانين الإسلامية؟

 فيؤكد الإمام الخميني أن بلدانا تمتلك قوانين وأنظمة اجتماعية مضادة للإسلام، تمكنت من العمل مع بعضها في مجال التقدم الصناعي والعملي وتسخير الفضاء، فرغم تقدمهم، فهم سيظلون عاجزين عن تحقيق الفضائل الأخلاقية والرقي النفسي؛ إذ أن حل مشاكلهم الاجتماعية يحتاج إلى حلول عقائدية وأخلاقية؛ لأن تحصيل القوة المادية والسيطرة على الطبيعة، كل ذلك لا يؤمِّنُ الحل، فالمسلمون هم الذين يملكون العقيدة والأخلاق، بناء على هذا، لا ينبغي نحن كمسلمين أن نتخلى عن ديننا وقوانينا ذات الصلة بحياة البشر والتي هي أساس إصلاح البشر في الدنيا والآخرة بمجرد تقدم الغرب[4].

  بالإضافة إلى ذلك، ذكر الخميني، أن من ضمن دعايات الغرب أن الإسلام ليس له رؤية في الحكومة ولا يمتلك نظام حكم، وعلى فرض وجود أحكام فيه، فليس لديه سلطة تنفيذية، وهذا الكلام، مفاده أن الإسلام هو مشروع فحسب[5].

ومن جانبه، أكد سيد قطب تأثير المادة على المجتمع الإسلامي كإهدار كل حريات الإنسان وقيمه الروحية وحُرُماته ومقوماته في سبيل توفير الإنتاج المادي وتكثيره، كما تهدر كل القيم الأدبية في سبيل، الاهتمام المجرد بالإنتاج والسلع ومطالب البطون كالحيوان[6].

 كذلك، يرى سيد قطب أن الذين يركّزون على القيم المادية وعلى الإنتاج المادي، ويغفلون تلك القيمة الكبرى الأساسية هم أعداء البشرية الذين لا يريدون لها أن ترتفع على مستوى الحيوان وعلى مطالب الحيوان[7]، وهذه حقيقة يقررها الأستاذ محمد قطب، وهي أن التقدم المادي الغربي والحضاري في العلم وفي التكنولوجيا، كان له أثره في الهزيمة النفسية التي أصابت المسلمين، وأن إدراك المسلمين للفارق الهائل بينهم وبين أعدائهم في الأسباب المادية، لم تكن لتحدث هذا التحول الهائل الذي حدث في حياة المسلمين، لولا الخواء الروحي والعقدي الذي كان في حياتهم[8].

وبالتقدم المادي وتأثيره على المجتمع الإسلام، نتج عنه الغزو الفكري والثقافي للحضارة الغربية، مما دفع كثيرا من الأمة الإسلامية إلى تقليد الغرب في المظاهر الزائفة والسلبية لهذه الحضارة، حيث ظنوا، أن طريق التطور والاجتهاد، يكمن فى تقليد الغرب، يقول مالك بن نبي رحمه الله:«حينما استيقظت الشعوب العربية الإسلامية على خطر الاستعمار، فقد كانت يقظتنا الفجائية دافعاً من دوافع الحياة، وفى الوقت نفسه دافعاً من دوافع الخطأ، فكان مثلنا كنائم استيقظ فجأة فوجد النار فى غرفته، ودون أى تفكير ألقى بنفسه من نافذة الغرفة التى هى فى الدور الرابع أو الخامس لينجو من النار، فنحن قد ألقينا بأنفسنا من حيث لا نريد فى هوة التقليد حتى ننجو من الاستعمار، أننا لم نفكر فى الخلاص تفكيراً معقداً، وإنما دفعتنا دوافع لا شعورية لتقليد حضارة الاستعمار حتى نعصم أنفسنا منه»[9].

 إن تقليد الغرب اندفع في العالم الإسلامي إلى الخلق الماجنة بدل الخلق الجادة، ولما سرت فى البلاد جراثيم الفسق لم تجد مناعة تكسر ضراوتها، فكان هذا الفساد العريض[10]، فأثر هذا التقليد سلبا في تفكك عرى الأسرة المسلمة في معظم بلاد المسلمين نتيجة للسقوط في حمأة التقليد للغرب والانسياق الأعمى وراء كل نحلة ترد منه[11]. 

ضرورة الوحدة في العالم الإسلاميّ:

 إن وجود الحكومة الإسلامية ضرورة عند الخميني لأجل وحدة العالم الإسلامي، وذلك للتخلص من تقسيم الاستعمار الغرب للوطن الإسلامي، وفصل الأمة بعضها عن بعض وجعلها شعوبا متفرقة. هذا، ولأجل تقسيم الدولة العثمانية الكبرى، اتحدت روسيا وإنجلترا والنمسا وسائر الدول الاستعمارية، ودخلوا معها في حروب، ومن ثم إحتلت كل دولة منهم قسما من مناطقها، ولا سبيل لتحقيق الوحدة الإسلامية، واخراج المستعمرين من الوطن الإسلاميّ سوى تأسيس دولة، وهذا يتم بعد إسقاط الحكومات الظالمة والعميلة، وإقامة الحكومة الإسلامية بدلها، لأجل حفظ نظام وحدة المسلمين[12].

من جانبه، ركز سيد قطب على وحدة الأمة عن طريق بناء العقيدة، حيث يرى أن السمة في الوحدة هي الوحدة الشعورية الإيجابية الفعالة، أعني، الوحدة التي تجمع في نفوسهم بين الإيمان بالغيب، والقيام بالفرائض، والإيمان بالرسل كافة، واليقين بعد ذلك بالآخرة، وبها يتم منهج حياتهم، حياة متكاملة، تجمع بين الشعور والسلوك، بين العقيدة والعمل، بين الإيمان القلبي والإحسان العملي والنظام، وبذلك تتوحد الشخصية الإنسانية، بكل نشاطها واتجاهاتها؛ وبذلك يستحق المؤمن هذا العطاء كله[13].

 يلاحظ الفرق بين الخميني وسيد قطب من جهة وحدة الأمة، أن الخميني يركز على الجانب السياسي، بينما سيد قطب يركز على الجانب العقديّ، وهو أمر أساسيّ يختلفان فيه من جهة اصلاح المجتمع.

ويبدو أن سيد قطب تأثر من هذه الناحية بمنهج السلف، فهم الذين يركزون على تقديم التربية وتصحيح العقائد قبل الانخراط في سلك السياسة في تغيير المجتمع، حيث يؤكد من ناحية منهج الحركة على ضرورة شرح حقيقة العقيدة قبل النظام و تطبيق الشريعة، ومن التكوين الفردي قبل التنظيم الجماعي، ومن عدم محاولة فرض النظام الإسلامي عن طريق احداث انقلاب من القمة، وبالذات عدم إضاعة الجهد بالتدخل في الأحداث السياسية المحلية الجارية[14].

مسار الجهاد في اصلاح الأمة عند كل من الخميني وسيد قطب:

رغم أن مفهوم الجهاد عند الخميني وسيد قطب يختلف من حيث الطلب أو الدفاع، إلا أنهما اعتبرا الجهاد جزءا من مضمار الاصلاح لإعادة المجتمع الإسلاميّ إلى هيكله الصحيح، فالجهاد عند الخميني تبعا لاجتهاد الإماميّة يقتصر على الدفاع في عصر الغيبة، وذلك لما يشترط في الجهاد الطلبيّ إلى وجود الإمام المعصوم.

 أما الجهاد عند سيد قطب فهو طلبيّ هجوميّ، وليس دفاعيا، فهو مسلط على الجبابرة والطواغيت التي تحول الدعوة عن الناس، ولا يتعدى على الأبرياء، كما لا يجبر غير المسلمين اعتناق الإسلام، ويدل على ذلك، أنه يفرق بين الدين والعقيدة، حيث يرى أن الدين أشمل من مدلول العقيدة، فالدين عنده هو المنهج والنظام الذي يحكم الحياة، وهو وإن كان يستعمل في الإسلام معنى العقيدة إلا أنه أشمل منه، وبناء على هذا، يمكن أن تعيش جماعات متنوعة تحت منهج الدين الذي يقوم على أساس العبودية لله وحده «ولو لم يعتنق بعض هذه الجماعات عقيدة الإسلام»[15].

فالجهاد عند سيد قطب، يأخذ المسار والمنهج الذي سلكه في صدر الإسلام، من حيث التدرج في الدعوة في جميع أحكامها المرحلية، وبالتالي الهجرة من دار الجاهلية، إلى دار الإسلام، حتى تنتهي إلى إقامة دار إسلام وهجرة، ثم تمتد ظلال الإسلام مرة أخرى، فعندئذ تنقطع الهجرة ويكون جهاد وعمل، كما حدث في الجولة الأولى[16].

لكن الجهاد عند الخميني يأخذ شكل المقاومة ضد الاحتلال، وذلك لما قلنا: إن الجهاد عنده مبني على الجهاد الدفاعي فقط، أما اصلاح الأنظمة الفاسدة في العالم الإسلامي، فالخميني يرى أن اصلاحها يتم من خلال الثورة السلميّة، لا المقاومة المسلحة، فالمقاومة السلمية عند الخميني تأخذ اعتبارات متعددة.

اعتبارات المقاومة عند الخميني:

الأول: بناء الوعي الفكريّ في المجتمع:

يرى الإمام الخميني أن أول نضال لإقامة الحكومة الإسلامية هو العمل الدعائي، ويقصد بها توعية المجتمع، وهذا الأمر يأخذ مسارا تدريجيا إلى أن يصير المجتمع قوة نافذة يستطيع اسقاط الحكومة، وقد استدل الخميني بدور الشعب الإيراني في القضاء على حكومة محمد علي ميراز وإقامة الحكومة المشروطة، وذلك بعد توعية الشعب وإفهامه للمتسلطين حتى تشمل جميع طبقات المجتمع ويتحول الشعب إلى قوة يقظة وفاعلة، تحقق النتيجة المطلوبة[17].

الثاني: نشر تعاليم الإسلام الصحيحة:

ركز الخميني على نشر العقائد والأحكام والأنظمة الإسلامية وتعاليمها للناس من أجل تهيئة الأرضية لتطبيق الأحكام، وذلك لصدّ سعي المستعمرين والحكام الظلمة واليهود والنصارى والماديين، عن تحريف حقائق الإسلام وإضلال المسلمين[18].

وتأتي أهمية نشر تعاليم الإسلام عند الخميني، في حين ما تصرف اليهود في القرآن، وأحدثوا بعض التغييرات في نسخ القرآن التي طبعوها في الأراضي المحتلة، كما أن عددا من المستشرقين نشطون لتحريف حقائق الإسلام وقلبها، بالإضافة إلى سعيهم الحثيث في بث دعاياتهم السيئة ضد شباب المسلمين، حيث لا يقومون بتنصيرهم فحسب، بل يفسدونهم كى يصبحوا بلا دين[19].

وعلى هذا الأساس، يلحّ الخميني على ضرورة إزالة الإبهام الملصقة بالإسلام والمرتكزة في أذهان المثقفين نتيجة دعايات السوء، ويجب أن يبين الناس الرؤية الإسلامية للكون وأنظمته الاجتماعية والحكومة الإسلامية، لكى يعرفوا ماهية الإسلام وقوانينه، وهذا الدور الإصلاحي مكلف بالحوزات العلمية في قم ومشهد وغيرها.

الثالث: اسقاط الحكومات بالثورة عند الخميني:

جعل الإمام الخميني ثورة الشهيد الحسين بن علي رضي الله عنه، نبراسا وشعارا لإسقاط الحكومات الجائرة، فقد وظّف شعار:«كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء »؛ لأن إحياءها من خلال إقامة الاجتماعات ومجالس العزاء والوعظ وطرح مسألة الحكومة وتركيزها في أذهان الشعب يوجد تيارا يدعو إلى الحكومة الإسلامية، هذا، ويرى الخميني أن سبب إسقاط الحكومات الجائرة هو كون الاستعمار فرض على المسلمين أنظمة اقتصادية قسمت الشعب إلى قسمين: ظالم، ومظلوم، فصار مئات الملايين من المسلمين الجياع والمحرومين، بينما عدد قليل من الأثرياء المترفين الفاسدين أصبحوا أصحاب تأثير سياسيّ[20]، وعلى هذا الأساس، فإن وظيفة علماء الإسلام وجميع المسلمين أن ينهو عن هذا الوضع الظالم، وأن يسقطوا بهذا السبيل الحكومات الظالمة ويقيموا الحكومة الإسلامية[21]. 

رؤية سيد قطب في المقاومة:

 كذلك، قرر سيد قطب في أحكام آية الحرابة، في قوله تعالى:﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ﴾[22]، أن الخارجين على الحكام الجائرين، الذين لا يستمدون سلطانهم من شريعة الله، ولا يقومون على تنفيذ هذه الشريعة، لا تنطبق عليهم عقوبة الحرابة؛ لأنهم لا يحاربون الله ورسوله، بل يحاربون سلطة خارجة على الله ورسوله[23].

وقد تكون نظرة سيد قطب في مسألة الحرابة مسألة جزئية لعلها نتجت عن الاضطهاد الذي مورس على الإخوان من قبل رجال الثورة وخاصة في أيام جمال عبد الناصر، ويدل على كون مسألة الحرابة مسألة جزئية وليست قاعدة كلية عند سيد قطب، ما يروى عنه أنهم قرروا الدفاع عن أنفسهم بسبب الاعتداء عليهم، حيث جعل سيد قطب ضمن منهجه التربوي المكون من ست نقاط بندا خصصه لخطة :رد الاعتداء على الحركة، يقول فيه:«في الوقت ذاته تجب حماية الحركة الإسلامية وهي سائرة في خطواتها السابقة، بحيث إذا اعتدي عليها وعلى أفرادها ترد الاعتداء»[24].

وهناك مبررات ذكرها سيد قطب في رد الاعتداء عن خطوات الدعوة، رغم خطورة تك المبررات، هذا، ونشير إلى أصل نظرية رد العدوان عند الإخوان المسلمين، والمبررات التي أعتمدها سيد قطب، والرد عليها: 

الأولى: أصل نظرية رد العدوان عند الإخوان المسلمين:

كان أصل نظرية رد العدوان عند الإخوان المسلمين، يرجع إلى ما يعرف عندهم"بالتنظيم الخاص"التابع للجماعة، أو المعروف"بالجهاز السري"عند دوائر السلطة المصرية، وقد أسس حسن البنا عام 1940م، وكان جناحا عسكريا للحركة وسبب تأسيسه، كما قال المرشد السابق محمد مهدي عاكف، هو لأجل «القيام بمهمات خاصة والتدريب على العمليات العسكرية ضد العدو الخارجي ومحو الأمية العسكرية للشعب المصري في ذلك الوقت»[25]، أو كما قال محمود عبد الحليم، عضو الهيئة التأسيسية لجماعة الإخوان المسلمين: «محاربة المحتل الإنجليزي داخل القطر المصري والتصدي للمخطط الصهيوني اليهودي لاحتلال فلسطين»[26].

 الثانية: مبررات سيد قطب لحق المقاومة:

وتستند مبرراته على:

كونه حقا قرره الله للمسلمين ﴿ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾[27].

الاعتداء الغاشم الذي أوقعته الحكومة على الإخوان المسلمين في سنة(1954م)، وفي سنة (1957م)، بالاعتقال والتعذيب وإهدار كل كرامة آدمية أثناء التعذيب، ثم بالقتل وتخريب البيوت وتشريد الأطفال والنساء.

ترك التفكير في الاعتداء السابق من الحكومة على الإخوان وترك أخذ الثأر فيه وإنما التخطيط لرد الإعتداء الذي سيقع.

ردّ الإعتداء تماما وهو من توجيهات وتعليمات الإسلام الأخلاقية؛ لأن الإسلام ذاته لا يبيح لمسلم أن يعذب أحدا ولا أن يهدر كرامته الآدمية، ولا أن يترك أطفاله ونساءه بالجوع.

الالتزام بالوسائل التي يبيحها الإسلام عند اعتداء المعتدين، وهي قتال المعتدين فقط وقتلهم.

الهدف من إباحة رد الاعتداء يبدو في جانبين:

حتى لا يصبح الاعتداء على الحركة الإسلامية وأهلها سهلا يزاوله المعتدون في كل وقت.

محاولة إنقاذ وإفلات أكبر عدد مكن من الشباب المسلم النظيف[28].

الثالث: الرد على بند ردّ العدوان:

ولا شك أن هذا البند كان خطأ في إضافته إلى منهج الحركة في التربية، وهو ما سبّب تفاقم الأمر بين الإخوان وبين رجال الثورة، مما أدى إلى اعتداء أكبر وأخطر قاد إلى مذبحة مدمرة وقعت عام: (1965م و 1966م)، حيث استغلت الحكومة اعتمادا على هذا المبدأ بالتنظيم والتفكير في كيفية تطبيقه لتبطش بالتنظيم بطشة رهيبة، لا تعرف لها مثيل في التاريخ البشريّ[29].

 وعلى هذا الأساس، يعتبر إقرار مبدأ رد الاعتداء خطأ في منهج التربية عند سيد قطب، طالما أنه، لا يريد تغيير نظام الحكم من الأعلى بالقوة– أي بالانقلاب- كما ذكر الدكتور صالح عبد الفتاح الخالدي[30].
 

[1] - آية الله الخميني، الحكومة الإسلامية، (PDF)،) بدون تاريخ الطبع والناشر)، ص5.

[2] - المصدر السابق، ص78.

[3] - محمد الغزالي، الحق المر، ط/ 1996م، (بدون الناشر)، ص52-69.

[4] - آية الله الخميني، الحكومة الإسلامية، (PDF)،) بدون تاريخ الطبع والناشر)، ص12.

[5] - المصدر السابق، ص12.

[6] - سيد قطب، في ظلال القرآن، دار الشروق، القاهرة، مصر، ط9/ 1980م، ج1/ص61.

[7] - المصدر السابق، ج4/ص164.

[8] - محمد قطب، هلمّ نخرج من ظلمات التيه، دار الشروق، القاهرة، مصر، ط3/ 1996م، ص22

[9] - مالك ابن نبي، تأملات، دار الفكر المعاصر، بيروت، لبنان، ط/2002م، ص 213.

[10] - محمد الغزالي، من معالم الحق في كفاحنا الإسلامي الحديث، دار النهضة، القاهرة، مصر ط1/(بدون تاريخ الطبع)، ص126.

[11]- عبد الله بن حمد الشبانة، المسلمون وظاهرة الهزيمة النفسية، ص 163، 164 نقلا عن: فستقم كما أمرت، للشيخ عبد العزيز بن ناصر الجليل، ص322، (بدون تاريخ الطبع والناشر). 

[12] - آية الله الخميني، الحكومة الإسلامية، ((PDF، (بدون تاريخ الطبع والناشر)، ص26.

[13] - سيد قطب، في ظلال القرآن، دار الشروق، القاهرة، مصر، ط2/1997م، ج1/ص104.

[14] - سيد قطب، لما ذا أعدموني، (PDF)، تقديم، هشام، محمد علي حافظ، (بدون تاريخ الطبع والناشر)، ص38.

[15] - المصدر السابق، ص71-72.

[16] - سيد قطب، في ظلال القرآن، دار الشروق، القاهرة مصر، ط2/1997م، ج3/ص453.

[17] - آية الله الخميني، الحكومة الإسلامية، (PDF)، (بدون تاريخ الطبع والناشر)، ص102-103.

[18] - المصدر السابق، ص103-104.

[19] - المصدر السابق، ص103-104.

[20] - المصدر السابق، ص27.

[21] - المصدر السابق، ص27.

[22] - سورة المائدة آية:33.

[23] - سيد قطب، في ظلال القرآن، دار الشروق، القاهرة، مصر، ط2/1997م، ج2/ص879

 [24] - سيد قطب، لما ذا أعدموني، (PDF)، تقديم، هشام، محمد علي حافظ، (بدون تاريخ الطبع والناشر)، ص27.

[25] - محمد مهدي عاكف، النظام الخاص بجماعة الإخوان المسلمين، (تاريخ النشر، 13-9-2013م)، أنظر الرابط:

 http://ar.wikipedia.org/wiki

[26] - محمود عبد الحليم، الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ، نقلا عن ويكيبيديا، الموسوعة الحرة، (تاريخ النشر، 13-9-2013م)، أنظر الرابط:

http://ar.wikipedia.org/wiki

[27] - سورة البقرة، آية :194.

[28] - سيد قطب، لما ذا أعدموني، (PDF)، تقديم، هشام، محمد علي حافظ، (بدون تاريخ الطبع والناشر)، ص33-34.

[29] - د. صلاح عبد الفتاح الخالدي، سيد قطب من الميلاد إلى الاستشهاد، دار القلم، دمشق، سوريا، ط2/ص1994م، ص 399.

[30] - المصدر السابق، ص397.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
منهج الاصلاح في الأمة.....مقاربات بين رؤيتي الخميني وسيد قطب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تعرف على الشيعه كتاب الامام الخميني تحرير الوسيله
» الاصلاح السیاسي في العالم العربي
» أحلام السيطرة الإيرانية من الشاه إلى الخميني
»  الفهم الصحيح للمنهج السلفى فهو منهج الإسلام
» مفهوم الاصلاح فى الفكر السياسى والاجتماعى الاسلامى

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث دينيه-
انتقل الى: