منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 مجازر 08 ايار 1945 بعيون كاتب ياسين

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70063
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

مجازر 08 ايار 1945 بعيون كاتب ياسين Empty
مُساهمةموضوع: مجازر 08 ايار 1945 بعيون كاتب ياسين   مجازر 08 ايار 1945 بعيون كاتب ياسين Emptyالسبت 08 مايو 2021, 4:31 pm

مجازر 08 ايار 1945 بعيون كاتب ياسين

د. أحسن ثليلاني
تعد مجازر 08 ماي 1945 التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي في حق الشعب الجزائري الأعزل و التي خلفت أكثر من خمسة و أربعين ألف 45000 شهيد خاصة في مدن سطيف و خراطة و قالمة من أكبر المذابح البشرية في العالم ، لقد صادف ذلك اليوم المشؤوم كما يسميه ( البشير الإبراهيمي) يوم الثلاثاء ، و هو موعد السوق الأسبوعي بمدينة سطيف، حيث جاء الناس و الفلاحون إلى المدينة من كل حدب و صوب ليحتفلوا بانتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، فرفعوا في مسيرتهم العارمة شعارات منادية بالحرية التي وعدتهم بها فرنسا في حالة انتصارها على ألمانيا، لتفاجئهم دوائر الاحتلال برد فعل عنيف حيث أطلقت الرصاص و النيران عليهم من كل مكان، بل استعملت الطائرات في قصف القرى و المداشر، فقتلت الآلاف دون رحمة و لا شفقة، فتحول ذلك اليوم الاحتفالي إلى (يوم المذبحة و المجزرة و المحرقة) و(يوم شؤم الجزائر) و(يوم الدماء و الدموع) و(يوم الفاجعات و الأحزان) و(المأساة الخرساء).
إن مجازر 08 ماي 1945 و إن كانت قضية وطنية جزائرية، فإنها أيضا قضية قومية عربية، و قضية إنسانية تهم الإنسان حيثما كان و أينما وجد في سعيه الحثيث نحو الحرية و العدالة.
و المعروف أنه من شدة عنف تلك المجازر و قسوتها، فإن جميع الأدباء و الكتاب قد صمتوا حيالها، لذلك يسميها كاتب ياسين  06 )أوت 1929 – 28 أكتوبر 1989(المأساة الخرساء ، حيث يعد هذا الأديب أقوى قلم تأثر بتلك المجازر حتى أننا نجدها حاضرة في أغلب كتاباته الروائية مثل ( نجمة ) أو المسرحية مثل ( الجثة المطوقة ) و ( الأجداد يزدادون ضراوة ) وحتى في قصائده ودواوينه الشعرية ، ففي تعابيره يصدح صوت المآسي الخرساء ليصور في جمال إبداعي ساحر آلام الجزائر وهي تعاني القتل و الاجتثاث والاستئصال والتشويه والمسخ والاستلاب .
لقد عاين كاتب ياسين هذه الجراح منذ طفولته إذ اكتوى بعذاب الاستعمار وذاق مرارة السجن والتعذيب وعمره لم يتجاوز السادسة عشر ربيعا . حيث شارك في مظاهرات 08 ماي 1945 بسطيف ، فاعتقل وعذب وعندما أطلق سراحه بعد أشهر ، وجد المأساة في انتظاره بداية من أمه التي جنت لأنه قيل لها بأن فلذة كبدها ( ياسين ) قد قتل في المظاهرات ، و والده الذي طرد من العمل بسبب انتماء ابنه ( ياسين ) للمتمردين ، هذا بالإضافة إلى أن إدارة المدرسة التي يتتلمذ فيها ( كاتب ياسين ) قد قررت شطبه من قائمة المتمدرسين بسبب مشاركته في المظاهرات .
كل هذه التجارب المرة وضعت ( كاتب ياسين ) وجها لوجه أمام ( نجمة ) هذا الحب الكبير الذي أزهر في أعماقه وهو داخل زنزانة السجن ، إنها الجزائر في مرآة القلب ونجوى الفؤاد ، فمن خلال رمزية الحبيبة ( نجمة ) عبر الكاتب عن آلام الجزائر وآلامها.
كاتب ياسين استعمل اللغة الفرنسية و كان يسميها(غنيمة حرب) بل كان يقول(أنا استعمل الفرنسية لأقول لفرنسا إنني لست فرنسيا) ، إنه بالفعل أقوى أديب فضح الاستعمار في رمزية شفافة ، فهو مثل ذلك المحارب الأسطوري الذي يسلب سلاح عدوه ليحاربه به قبل أن يقضي عليه ، ففي حربه ضد الاستعمار الفرنسي ، جعل من اللغة الفرنسية غنيمة حرب يقارع بها هذه الأمومة الفرنسية الرعناء.
تعد مسرحية (الجثة المطوقة) من أهم مسريحات كاتب ياسين التي استحضرت مجازر 08 ماي 1945، فقد ولدت هذه المسرحية في كنف الأحداث التي عاشها الكاتب و اكتوى بنارها، بل إنها ولدت بين جدران الزنزانة التي حبس فيها عقب تلك المجازر، و قد اختمرت هذه المسرحية في قريحة الكاتب حتى نشرها في شهر ديسمبر 1954 و جانفي 1955 في مجلة Esprit الفرنسية ،  و تم عرضها بمسرح موليير في بروكسل  يومي 25 و 26 ديسمبر 1958 ثم بباريس في أفريل 1959 من قبل فرقة ( جان ماري سيرو) الذي أدى فيها دور لخضر. و هي بالتالي تعد أول مسرحية ثورية التحمت مباشرة مع اندلاع الثورة التحريرية منذ أول نوفمبر 1954.
و يرى النقاد أن هذه المسرحية تراهن على شكل تجريبي في فضاء الكتابة المسرحية ، وعلى طغيان الرمزية في عرض الشخصية داخل الموقف الذي تواجهه ، ولذلك فإن عرض هذه المسرحية وتحليلها يفرض على الباحث العودة إلى عوالم الإبداع وهواجسه عنـد كاتب ياسين ليستكنه رمزية الشخصيات وما توحي به من مدلـولات ، فالشخصيات المفتاحية في هذه المسرحيـة مثل (نجمة) و( الأخضر) و(مارغريت) و( طاهر) نجـدها – أيضا– بذات الأبعاد والمحمولات في رواية ( نجمة ). فالهاجس المركزي عند كاتب ياسين واحد هو صراع الجزائر ضد الاستعمار . فكانت الجثة المطوقة تمجيدا ملحميا رامزا للثورة ، وإيحاء قويا على مقاومة الاستعمار من خلال بنائها الرامز للثورة ، لأن الثورة هي الحل الجذري والحقيقي لكل أشكال الظلم والقهر الاستعمـاري، فالمسرحية تستحضر مجازر 08 ماي 1945 التي عاشها كاتب ياسين و شارك في مظاهراتها بسطيف ، بل و سجن و عذب خلالها و هو لم يزل بعد طفلا.
تنطلق مسرحية (الجثة المطوقة ) بمشهد ظهور كومة من جثث الشهداء تغطي واجهة الجدار ، ويصل بعض الجرحى ليموتوا في الشارع أمام أعين الباعة، ومن بين الجثث يصدر أنين خافت لا يلبث أن يصبح صوتا متميزا هو صـوت (الأخضر ) الشاب الجريح فيروي المجزرة في مونولوج مطول بأسلوب شعري يوحي ويلمح ويرمز :
(الأخضر :هنا شارع الوندال شارع الأشباح ، شارع المجاهدين .. لم أعد جسما ، إني الآن شارع .. إن مدفعا سيكون ضروريا لهم بعد اليوم إذا أرادوا قتلي . وإذا ما قتلني المدفع ، فسأبقى أيضا هنا .. كشعاع كوكب يمجد الخرائب ، ولـن تستطيع أية قذيفة أن تصيب مأواي بعد الآن … هنا زقاق نجمة .. نجمتي .. إنها الشريان الوحيد الذي أريد أن ألفظ روحي فيه … هنا في الظل، تتمدد الجثث التي لا يريد رجال الشرطة رؤيتها … إني أهتف باسمهم جميعا … إني لأقول : نحن ، وأغوص في أعماق الأرض ، لأبعث الحياة في الجسد الذي يخصني ، وسيكون لي إلى الأبد .. لقد أبادونا دون أن تشعر المدينة بنا … لقد ارتكبت مذبحة بشعة .. وقبع الأهالي سجناء دورهم طوال الليل .. لم ترقد لهم عين حتى انبلاج الصباح .. الصباح الذي يوقظني الآن . كأنما كانوا يتوقعون أن يذبحوهم أيضا .. لذلك راحوا يتهيؤون للمذبحة منطوين على أنفسهم ، في عزلة خانقة .. أما المارة الذين أصبح مرورهم نادرا فقد كانوا يضطربون من حشرجاتنا ، ويتوقفون لحظة عند ساحة الاشتباك ، ولم تمر دورية واحدة لتعكر تأملات المارة الخاطفة … في هذا الشارع حيث انبثق فجأة مجد المذبحة الرهيبة ، يفتح الزقاق المسدود على جولات قادمة)
فالمسرحية في افتتاحيتها تصدم المتلقي بلحظة المذبحة الرهيبة التي اقترفها جنود الاحتلال ، فتعرض لحالة من حالات وجود ( الأخضر ) انطلاقا من كونه صوت الشهداء في هذا المدى المفتوح على القتل والدماء بشارع الوندال ، فالمشهد يوحي بجرائم الاستعمار خلال مجازر 08 ماي 1945 ، ويدل على توحد الأخضر بالأرض توحدا كليا ، فعندما يموت الشهيد يزداد حياة ويولد من جديد ، إنه في هذا الموقف يمثل التضحيات التي بذلت ، وصوت الدماء التي سالت ، والأفكار التحررية التي افتدى الشهداء أرواحهم بها على مذبح الحرية، فصوت الأخضر في دلالاته هو صوت الثورة .
ثم يخصص الكاتب لوحة تعبيرية لفجيعة رفاق (الأخضر ) وخاصة حبيبته (نجمة) حيث تظهر ممزقة الثياب يلفها حزن شديد على فراق (الأخضر ) فتبكي وتولول باحثة عنه بين الجثث في صورة تخلد ألم المرأة على افتقاد الأحبة .
)نجمة : الأخضر يرقد هناك ..
مع آخرين سواي ..
لقد حدرتموني ..
كنت قد حلمت بأزيز الرصاص
هكذا هجرني الأخضر ..
ذلك النملة الذكر ..
لقد مر بشذى فراشي المتكبر
ليسقط في هذه الكومة من الجثث المجهولة(
وفي مشهد آخر يشخص الكاتب سعي ( نجمة ) في البحث عن حبيبها (الأخضر) بين جثث الشهداء فتراه ينهض بصعوبة ملطخا بالدماء يترنح في الشارع كالمشدوه ، فتتسمر صامتة وهي ترنو إليه ، تسمع كلماته تحت وقع طلقات نارية يرددها الصدى ، ومما قاله (الأخضر ) في ذلك المونولوج المطول مستعيدا تاريخه وأحزانه ، باحثا عن وعيه بذاته ، حيث ينهض من رحم المذبحة التي جرح فيها أكثر عزما وتصميما على الثورة وعلى تحرير الشعب من الاستعمار :
(الأخضر: على شجرة مزعزعة ، تناضل أسرتي في سبيل البقاء ، أسرتي الغنية بالدم وبالجذور ، قبيلتي ذات المزار المهجور الذي عاش قبلي في عبق البن المحمص .. البن الذي لم يسبق لجيراننا أن أعطوا شيئا منه لزهرة .. زهرة أمي الحاضنة الرؤوم التي لا أجرؤ على رؤيتها من جديد قبل تحريرها من رقبة ذلك الرجل ذي السحنة الباهتة الذي تزوجها في غيبة أبي الحقيقي ، أبي الذي قضى في سيارة مع إحدى البغايا .. هذا الأب الذي كانت ميتته الشنيعة إحدى اللجج التي ابتلعت بقايا القبيلة . إنه الميت الذي لا يثير في أي شيء .. إنه لا يذكرني إلا بقسوة القدر … هكذا فإن موتي يجتاز موت أبي السابق لأوانه ولم يبق لي إلا ذلك الرجل الذي تبناني ، لكي يحول أمي زهرة عن قبري المقبل لم يبق لي إلا الأصدقاء الذين تعود إليهم نجمة الحبيبة المنفية ، وها أنذا أصرع مرتين ، ولكنني أنهض من جديد .. وحدي .. لم أنف حتى الآن من الحياة كل ما هنالك أننا غلبنا فقط في أرض المعركة حيث أزحف وحدي على ذقون القتلة ، وأنا ما بين الحياة والموت . (ثم ينتصب بملء قامته .. عائدا إلى وعيه) .
إني لأسمع هدير الدم يبشر بالحياة أسمع من جديد صرخات أمي وهي تعاني آلام المخاض العظيم ، أحس مضارب قبيلتي تعيش تحت لفحات السموم التي تتغلغل في عروقي، ثم أرتفع في عتمة الغسق نحو الأجداد .. أجدادي الذين تهتز قاماتهم كأشجار الحور تحركت أوراقها ورقة ورقة، وانتفضت إذ تدفق فيها نسغ الحياة الذي لا يقهر ويتابع الليل خطاه .. وتمر أمام عيني مواكب فرسان النوميديين يملؤون الفضاء ، ويجددون عزمهم للمعركة الفاصلة ، حين تدق ساعة المغرب مؤذنة بالخلاص … وأخيرا .. أراني أمر على ركام الزمن حاملا قلبي المحطم الذي يجمع شتات العصور بين جنبيه ، وأعود – لا تمثيلا هازلا ، بل تصميما وإرادة واعية – أعود الرجل المقاتل العنيف الذي مازال يدوس الأشباح .كنوزي كلها بأثقالها قد أصبحت في قبضة الأيدي المتكالبة التي تشدني إلى المقبرة ، ومدينتنا المنهارة ليس فيها إلا الفرح بالحياة مع الجدران الصم . (الأخضر يترنح على حافة الجنون ، في ضحكة عصبية .. )
نجمة (تصرخ وهي تعدو نحوه) : أخضر ! …)
لقد تحدث ( الأخضر) عن مأساته بعد مقتل أبيه مع بغي فرنسية في حادث سيارة ، ثم زواج أمه (زهرة ) من عميل الاستعمار (طاهر ) وتحدث عن رفاقه في الكفاح وعن شغفه العظيم بحبيبته ( نجمة ) فاستعاد تاريخه ، قبل أن يستعيذ تاريخ قبيلته مفتخرا بأجداده النوميديين شاعرا بواجبه في النضال والثورة على المحتلين ، فزادته المجزرة التي أصيب فيها قوة وحماسا . ما جعل ( نجمة ) تعدو نحوه وتمسك به وتساعده على الاستناد إلى عربة البائع والذي كان يغط في نوم عميق ، وفي حضور (نجمة ) تعمقت المشاعر الوطنية والتحريرية في لواعج الأخضر فكشف عن مأساة الوطن تحت نير الاستعمار المتاعقب ، إنه يستحضر وجود المحتلين واغتصابهم لأرض الجزائر وشعبها فيحيلنا إلى الفينيقيين والرومان والوندال والبيزنطيين والأتراك وأخيرا الفرنسيين :
(الأخضر: نحن في هذه المدينة التي لا يطيقها الغرباء لا نطرد أحدا . لقد آوينا الجميع .. ولكن كل غاز من الغزاة ، كائنا من كان ، يستطيع أن يطعننا بخنجره مرة أخرى ، وأن يخصب بدوره قبورنا بفرضه لغته الغريبة على أيتامنا وهو يقيم بهدوء بين أهله .. كل ذلك ، دون أن يحسب أي حساب لاحتجاجاتنا المتصاعدة من وراء القبور . لا يستطيع أحد أن يسمعنا لا لأننا لا نصيح ، إننا لم ننقطع عن إعلان غضبتها . لم ننقطع عن النداء ، نداء أرضنا السليبة التي اغتصبوها، وجعلوا منها مقبرة ومنفى دائما لنا .. أليس من نهاية لهذه الخدعة؟..)
إن (الأخضر ) يحمل كل صفات البطل الشعبي فهو يمتلك وعيه بذاته وبالعالم المحيط به ، وهو يختزن صوت الأجداد ومآسيهم ونضالاتهم . وهو المعبر عن ماضي الأمة وحاضرها ، وعليه تقع مسؤولية تغيير هذا الحاضر لخلق مستقبل أفضل في كنف الحرية ، إنه يعي أن كل ذلك لن يتأتى إلا بوسيلة الثورة .إن الأخضر كما يقول الناقد المصري (غالي شكري) في كتابه (أدب المقاومة) ص 279 : (ليس شخصية مفردة يحركها في الحياة سلوكها الذاتي وحده، وهو أيضا ليس رمزا تجريديا يشف عن فكرة من الأفكار ولا علاقة له بالحياة النابضة باللحم والدم . إن الأخضر على وجه اليقين حالة إنسانية من حالات الوجود الجزائري أي أنها من أحد الوجوه تجمع بين الخاص والعام في شخصية الفرد والوطن . وهي على وجه آخر حالة زمنية تجمع أشتاتا من الماضي والحاضر والمستقبل بحيث تخرج بعض ملامحها عن حدود الزمان لذلك يتوحد الكائن البشري : الأخضر في الحيز المكاني : شارع الوندال )
إننا نرى ( الأخضر ) جريحا يتمتم بكلماته الثورية في حضرة حبيبته ( نجمة ) فيتعاتبان عتابا رقيقا يؤكد رابطة الحب التي تجمعهما من موقعه رجلا يحمل الثورة ومن موقعها امرأة بحجم الوطن .
(نجمة : إنك لم تشأ أن تسيطر علي ، أن تغزوني غزوا كاملا في يوم من الأيام . أتذكر ذلك الصباح الذي تركتني فيه ؟ لقد ودعتني بالتهكمات والسخرية
الأخضر : كان الجنود مستنفرين في ثكناتهم ذلك الصباح على أتم استعداد للتدخل عند أول إشارة. وكان قادة حركتنا يجهلون ذلك … كنت في انتظار رجالنا المكلفين بتأمين النظام حتى رأيت طلائعنا تطوق ، إن الشعب يجيء دائما إلى شارع الوندال … كنا جميعا منهوكي القوى وانهمر وابل من الرصاص الطائش من إحدى الشرفات ، وتدافع الجمهور وازدحم على بعضه ، كان كل شيء تصل إليه أيدينا يصلح للقذف ولكننا كنا من دون أية حماية. وأخيرا وصل الجنود ، وانهمرت نيرانهم علينا ووجدت نفسي ملقى على الأرض ، وفي فمي مذاق قديم … كان يبدو لي بكل بساطة أن الشعب كله بدأ يرقص ).
إن هذا الوصف الذي قدمه » الأخضر « لحبيبته » نجمة « يستحضر صورة امظاهرات 08 ماي 1945 و المجازر الجماعية والمذابح الرهيبة التي اقترفها جنود الاحتلال في حق الشعب الجزائري . لقد بذل » الأخضر « كل طاقته بإخلاص في تلك المواجهة ، حتى سقط جريحا وسط الشهداء مضرجا بالدماء .
لقد راهنت مسرحية(الجثة المطوقة) منذ بدايتها على علاقة الحب بين ( الأخضر ) رمز الثورة و ( نجمة ) رمز الوطن في إدارة الصراع ضد المستعمر ، ولكن في ختام مشاهدها تراهن على الوجود الحي للطفل ( علي ) الذي من صلب والديه يمثل وطنا في حالة ثورة مستمرة . إنه يعتلي الشجرة ويرفض النزول منها متشبثا بمقلاعه ومدية والده .
(نجمة : أنزل من هنا ! ألا تريد النزول ؟ هيا انزل .. واعطني هذه المدية !
علي : إنها مدية والدي .. إنها مديتي ..
نجمة : لماذا حشوت جيوبك بالنارنج ؟ ألق به إلى الأرض ‍‍! ألم أقل لك مائة مرة أن هذا البرتقال مسموم ؟ هيا .. إنزل ..
(يبقى علي فوق الشجرة ، يغرف برتقالات من جيوبه ، ويضعها في مقلاعه ، ويصوب باتجاه الجمهور . مطر من البرتقال في الصالة .. ينزل الستار الذي تنهال عليه ضربات المقلاع .. بينما يسمع صوت الجوقة يدمدم من بعيد
الجوقة : يا مجاهدي الجزائر
لا تغادروا معاقلكم (
إنها الصيحة والنداء الذي يختم به الكاتب مسرحيته مؤكدا على أن سبيل الخلاص من الاستعمار إنما يكمن في الثورة ، فمضمون المسرحية كما تقول سعاد محمد خضر في كتابها الأدب الجزائري المعاصر ص 193 . يلخص مأساة الجزائر بجميع أبعادها هكذا : كفاح وذود عن حياض الوطن وكرامته – تشرد ونفي واستشهاد ومقاومة ضارية عنيدة تواصل بها الجزائر كفاحها ضد المستعمر المستغل.
أستاذ جامعي و كاتب من الجزائر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
مجازر 08 ايار 1945 بعيون كاتب ياسين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مذبحة دير ياسين التي ارتكبتها العصابات الصهيونية في قرية دير ياسين عام 1948
» رؤساء وزراء بريطانيا منذ عام 1945
» قرارات جامعة الدول العربية من 1945 الى 1965
» الانتخابات الإسرائيلية بعيون فلسطينية:
» مجازر بالجملة .. جرائم الصهيونية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: التاريخ :: عبر التاريخ :: خط الزمن-
انتقل الى: