منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 الاقتصاد الفلسطيني .. الواقع والآفاق

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69755
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

الاقتصاد الفلسطيني .. الواقع والآفاق  Empty
مُساهمةموضوع: الاقتصاد الفلسطيني .. الواقع والآفاق    الاقتصاد الفلسطيني .. الواقع والآفاق  Emptyالأربعاء 21 يوليو 2021 - 6:56

الاقتصاد الفلسطيني .. الواقع والآفاق 


https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=62140
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69755
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

الاقتصاد الفلسطيني .. الواقع والآفاق  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاقتصاد الفلسطيني .. الواقع والآفاق    الاقتصاد الفلسطيني .. الواقع والآفاق  Emptyالأربعاء 21 يوليو 2021 - 6:57

التداعيات الاجتماعية والاقتصادية الراهنة في المجتمع الفلسطيني

بالرغم من كل الممارسات العدوانية الإسرائيلية الهادفة إلى تمزيق وتجزئة الوحدة الجغرافية للأراضي الفلسطينية من ناحية والوحدة المجتمعية والسياسية الفلسطينية من ناحية ثانية، وبالرغم من دور العوامل الداخلية التي أسهمت في تردي وهبوط الأوضاع السياسية الاقتصادية الاجتماعية الفلسطينية في كل من الضفة والقطاع، إلا أننا نؤكد على استمرار ثبات عناصر ومكونات الهوية الوطنية ببعديها السياسي والاجتماعي كسمة أساسية لشعبنا الفلسطيني عموماً وفي الضفة والقطاع خصوصاً، رغم العديد من العوامل والمستجدات الطارئة التي تهدد جدياً عناصر ومكونات تلك الهوية في هذه المرحلة المملوءة بالتعقيدات والمخاطر.
وفي تناولنا للتداعيات الاجتماعية الاقتصادية على الشارع الفلسطيني، أعتقد أنه من المفيد _لغايات التحليل_ رؤية التباينات التي ميزت -وما زالت- تطور "مجتمع" الضفة عن "مجتمع" القطاع بسبب ظروف وعوامل خارجية وداخلية متعددة، آخذين بعين الاعتبار أن مجتمعنا الفلسطيني عموماً، يندرج في إطار التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية الطرفية شبه الرأسمالية، وهي تشكيلة لا تزال مشتملة على علاقات إنتاج اجتماعية ما قبل رأسمالية حرص الاحتلال على استمرار بقاءها ، بحيث يوصف مجتمعنا اليوم ، بأنه مجتمع شبه تقليدي، ارتباطاً باستمرار بقاء الدور المهيمن للعائلة/الحمولة على اقتصاده في الصناعة والتجارة والزراعة، كما في معظم العلاقات الاجتماعية السائدة في المدن والقرى والمخيمات، وهي علاقات تعرضت لكثير من عوامل التشوه والتراجع بسبب أداء بعض مؤسسات وأجهزة السلطة الفلسطينية من ناحية وبسبب تداخل الأنماط الاجتماعية القديمة وتجاورها أو تحالفها مع الفئات المتنفذة من التحالف البيروقراطي الكومبرادوري المهيمن من ناحية ثانية، وهي أسباب لم يكن ممكناً بروز تأثيرها بهذا الشكل الضار لولا تضخم مظاهر الخلل والفساد وتراكم الثروات غير المشروعة التي شكلت وعاءً رئيسياً وواسعاً لمعظم التداعيات السلبية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في مجتمعنا طوال الأحد عشر عاماً الماضية عموماً، وفي خلال سنوات الانتفاضة 2000-2005 خصوصاً، حيث استمر التكوين الاجتماعي/الطبقي الهش في بلادنا محكوماً حتى اللحظة بأصوله الرئيسة –القديمة المتجددة- المتمثلة في ملكية الأرض والعقارات والتجارة ورأس المال والمنصب الحكومي ، دون أن نلغي الدور الرئيسي للعدو الصهيوني في تعطيل بلورة التشكيل أو الكيان السياسي الفلسطيني الموحد والمستقل، وآثار غياب هذا التبلور على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في الضفة والقطاع، إلى جانب ما تحاول أن تفرضه علينا شروط ومتطلبات وتطبيقات كل من "خارطة الطريق" و "خطة شارون" الهادفة إلى خلق واقع طارئ ومستحدث يسهم في تفعيل الدور السياسي/الاقتصادي/الاجتماعي للمجموعات والشرائح ، البيروقراطية الكومبرادورية المتنفذه ، ومنحها المزيد من القوة السياسية/الاقتصادية تكريساً لمصالحها، وبما سيدفع إلى تفاقم الأزمات الاجتماعية/الاقتصادية التي يعيشها مجتمعنا الفلسطيني– خاصة في السنوات الخمس الأخيرة 2000-2005- وأبرزها غياب الشعور بالذنب عند هدر المال العام, والاتكالية واللامبالاة والرشوة, وانتشار الميل إلى الإحباط أو الاستسلام, والنفاق بكل بصوره الاجتماعية والسياسية, والخضوع, ومظاهر البذخ, وسيادة منطق وقوة العشيرة أو الحمولة على منطق النظام العام والقانون, وتراكم الخوف في صدور الناس, لدرجة أن الكثيرين في مجتمعنا أصبح همهم الانخراط في الحياة الاجتماعية لتأمين مصالحهم الخاصة والحفاظ على سلامتهم, والنتيجة الحتمية لهذا المسار الاجتماعي الشاذ تقضي بأن تحل روح الخضوع محل روح الاقتحام والكرامة, وروح المكر محل روح الشجاعة, وروح التراجع محل روح المبادرة, ورح الاستسلام محل روح المقاومة, ورح الفوضى والانفلات محل روح النظام والقانون, وكل هذه المظاهر لم يكن ممكناً انتشارها بدون هذا التوسع المذهل في فساد السلطة, الذي لم يعد هامشياً أو استثنائياً, ولم يعد مجرد مسألة انحطاط قيمي وأخلاقي فحسب, بل تعبيراً عن درجة عالية ومقلقة من انفصام السلطة عن الشعب, نتيجة انعدام الدور القوي للسلطة المركزية المعبرة عن إرادة جميع الأفراد و التي تتيح التعبير المتساوي لجميع الإرادات داخل المجتمع .

وفي هذا السياق نشير إلى أن منطق الاستبداد والهيمنة في ظل النظام الأبوي, الفردي شبه المطلق في السطلة الفلسطينية منذ قيامها, أدى بدوره إلى تشجيع بروز أشكال مماثلة من التفرد والهيمنة لدى العديد من المسئولين في مؤسسات وأجهزة السلطة, وذلك بالاستناد إلى مجموعات الولاء الشخصي أو الاستزلام التي تضخمت وتعددت واستطاعت أن تفرض وجودها بمسميات مختلفة في ظروف الانتفاضة وتحت مظلتها دون أي اعتبار للقواعد والآليات التنظيمية أو الالتزام الحزبي, ودون أي التزام حقيقي للنظام أو القانون من ناحية, علاوة على خروج معظمها عن الأعراف والتقاليد المجتمعية من ناحية ثانية, وفي مثل هذه الأوضاع, كان طبيعياً إزاحة الولاء التنظيمي, لحساب الولاء الشخصي, بهذه الدرجة أو تلك, وفق حجم التراكم في المصالح الشخصية, ومؤثراتها أو دوافعها الداخلية والخارجية, الأمر الذي مهد لإثارة المزيد من الأزمات الداخلية, وبدرجات متفاوتة, في هذا الحزب أو الفصيل أو ذاك, وهي أزمات قد لا تتوقف عند الصراعات الداخلية لهذه الأحزاب أو الفصائل, بل تنذر بالانتقال من الحيز التنظيمي الضيق إلى الحيز الاجتماعي والسياسي العام, وما يمكن أن ينتج عن ذلك من تداعيات خطيرة على مجمل نسيج الحركة الوطنية, ومجمل الوحدة الوطنية والأمن الاجتماعي, خاصة إذا لم تتدارك جميع القوى للإسهام بدورها في إطفاء الصراع الداخلي ووقف أسباب الأزمة على قاعدة وضوح الرؤية والاستراتيجية الوطنية أو العقد الاجتماعي الناظم للجميع.

إن استعراضنا لهذه المظاهر والتداعيات الاجتماعية يظهر مجموعة من الحقائق و المفاهيم و المؤشرات الدالة على الظروف والعوامل الموضوعية والذاتية ( الداخلية والخارجية) التي أدت إلى انتشار هذه المظاهر, وأبرزها طبيعة الخارطة أو التركيبة الطبقية الفلسطينية ، التي لم تتبلور بصورة نهائية بعد ، بسبب استمرار هذا التداخل و التقاطع للأشكال الحديثة للتقسيم الاجتماعي للعمل ، ونقصد بذلك البيروقراطية الحاكمة في اجهزة السلطة المختلفة، مع الأشكال القديمة المتوارثة – التي أشرنا إليها - ، و التي ما زالت تملك دوراً و تأثيراً ملموسا في عملية توزيع الدخل و الثروة و السلطة ، و لنا في تجربة الأحد عشر عاماً الماضية أن نستنبط العديد من الأمثلة على هذه العلاقة التي ينجم عنها ما نسميه بإعادة إنتاج العلاقات المتخلفة بما فيها ظاهرة الولاء الشخصي والاستزلام, خصوصاً في أوساط الجماهير الفقيرة, حيث يتم استغلال هذه العلاقة عبر أشكال الدعم الانتخابي في الظروف الراهنة, علاوة على الأشكال والعلاقات الأخرى بحيث يمكن توصيف علاقات " الاستزلام " السائدة عندنا اليوم على أنها تأكيد لمجتمع ما قبل الحداثة أو الرأسمالية ، حيث تمتزج و تنصهر فيها علاقات الإنتاج الاقتصادية من ناحية و علاقات التبعية و الولاءات ذات الطابع الفردي أو الجهوي من ناحية أخرى ، و كما هي الحال عندنا في الضفة و القطاع فإن هذه العلاقات الاستزلامية تأخذ شكل العلاقات الشخصية القائمة على المصالح الاقتصادية الآنية والمباشرة، عبر النخب السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي أفرزها الوضع الراهن خلال مرحلة ما بعد أوسلو، والذين تتجلى قوتهم الأساسية في الجهاز البيروقراطي المدني والعسكري والأمني من ناحية أخرى.

وفي هذا الجانب, نشير إلى أن تشخيص جوانب الأوضاع والمتغيرات في سياق التطور الاجتماعي ، اظهر مجموعة من الحقائق والمؤشرات :
أ-تطورت العلاقات الاجتماعية في اتجاه تبلور مجتمع طبقي مشوه ، وتابع ، في سياق نسيج اجتماعي مفكك ومتنوع في سماته الطبقية بين القديم والحديث والمعاصر .
ب- تميز هذا التطور في شكله وجوهره ، بطابع تراكمي كمي مشوه ، بحيث لم يستطع أن يفرز بوضوح ملموس أية أطر برجوازية تنويرية أو ليبرالية ، فكرية ، أو ثقافية معاصرة ، وبقيت القيم والأفكار القديمة والتقليدية الموروثة سائدة في أوساط الوعي الاعتيادي (العفوي) للجماهير الشعبية بالرغم من بعض أوجه الحداثة الشكلية المستوردة التي اسهمت في تعميق حالة التبعية والتخلف الاجتماعي الى جانب الهبوط السياسي .
ج- إلا أن الانقسام الاجتماعي الداخلي ، في جوهره وحقيقته الموضوعية يعبر عن نفسه في صفوف أبناء شعبنا ، في الضفة والقطاع ، على قاعدة توزع السكان في السُلَّم الطبقي أو الاجتماعي ، بين القلة من الأغنياء ، والأغلبية الساحقة من الفقراء في المدن والقرى والمخيمات.
د- تعاظم دور الكمبرادور ، والشرائح الرأسمالية الطفيلية بالتحالف مع بيروقراطية السلطة (المدنية والعسكرية) والرأسمالية التقليدية القديمة ، في الصناعة والزراعة والخدمات وغيرها من القطاعات، بحيث أن رموز هذا التحالف يشكلون اليوم القاعدة الأساسية –المادية والاجتماعية - للسلطة السياسية، ما يفسر النزوع صوب الهبوط السياسي والتعاطي مع اطره وأدواته الخارجية والداخلية.
هـ- تزايد انتشار الفقر الذي لم يتوقف عند الفقر المادي أو الفقر في الدخل بل تخطى هذه الحدود إلى الفقر في القانون والنظام والقيم ، وتزايد التفاوت اتساعا بين مستويات المعيشة ، في معظم مناطق الضفة وقطاع غزة ، علاوة على مخيمات اللاجئين إلى جانب ذلك نلاحظ استمرار التفاوت الاجتماعي –في سياق التخلف التاريخي- بين الجنسين الناجم عن تكريس الهيمنة الذكورية والمجتمع الابوي بصورة صارخة .
و- ونتيجة تراكمات الخمس سنوات الماضية 2000-2005 ودون القفز عن الحالة الثورية والتضحيات النضالية التي قدمها ابناء شعبنا في انتفاضته المجيدة ، الا اننا لا نستطيع اغفال العديد من المظاهر التي تسود مجتمعنا اليوم عبر سلوكيات أنانية تتسم بالراهنية والتركيز على حل قضايا الأجل القصير دون أن تعطي الاهتمام المطلوب لقضايا المستقبل ، ويمكن الاستدلال على ذلك من خلال تفاقم مظاهر التخلف الاجتماعي ، وتراجع العلاقات القائمة على أساس المشروع الوطني والعمل الحزبي المنظم – وتراجع دور الأحزاب الوطنية عموما واليسارية خصوصا– لحساب العشيرة والعائلة ، وقيم النفاق والإحباط وقوة التخلف الظالمة بدلا من قيم التكافل والتضامن والمقاومة . ترافق إلى جانب ذلك ، غياب المجتمع السياسي الفلسطيني ليحل محله – في الفترة الأخيرة قبل واثناء انتفاضة أيلول 2000 – مجتمع اقرب إلى الفوضى والانفلاش، محكوما بالمصالح والثروات الشخصية، على قاعدة أن السلطة مصدر للثروة وليست مصدرا للنظام والقانون والعدالة – إلى جانب الجرائم والانحرافات بكل أنواعها الأخلاقية والمجتمعية التي لم يعرفها مجتمعنا من قبل .
ز-تدني حجم ونسبة الخدمات المقدمة للمناطق الفقيرة في الضفة والقطاع.
ح- منذ قيام السلطة عموما، وفي السنوات الخمس الاخيرة خصوصا ، برز دور السلطة الفلسطينية في تشغيل ما يزيد عن (140) ألف موظف مدني وعسكري، بنسبة تصل إلى 17% من اجمالي القوى العاملة الفلسطينية و هي نسبة بالغة الارتفاع بالنظر إلى عدم قدرة الاقتصاد الفلسطيني المحلي على تمويل عمالة حكومية مرتفعة، خصوصاً و أن الرواتب تستحوذ على أكثر من 60 % من مخصصات الإنفاق الجاري من جهة ، إلى جانب أن معظم التعيينات و الوظائف لا يحكمها قانون يقوم على أساس تكافؤ الفرص بل هي مخصصة أساسا وبالدرجة الرئيسية لحزب السلطة بمعناه الواسع الذي يضم حركة فتح و مجموعات متنوعة من المحاسيب و أبناء و أقارب كبار المسؤولين ممن يعيشون أوضاعاً مريحة في حين يحرم من هذه الوظائف مستحقيها من الفقراء الذين لا واسطة أو محسوبية لديهم رغم كفاءتهم و شهاداتهم العليا أو خبراتهم.
ي- و في ما يتعلق بمؤشرات الجريمة ، التي لم تتراجع أو تقل نسبتها ، في رأينا ، بسبب تزايد سطوة المتنفذين من رموز الاستزلام في أوساط بعض الاجهزة الامنية الى جانب بعض العشائر و الحمائل و العائلات – على مستوى الضفة و القطاع في الأوساط الشعبية الفقيرة المستضعفة بصورة خاصة – و انتشار ظاهرة السلاح في المجتمع الفلسطيني إلى جانب عمليات التهريب غير المشروعة بكل أنواعها ، و صمت الأجهزة الأمنية – بل و تواطئها أحيانا-، كل ذلك أدى إلى تزايد نسبة الجريمة و انتشار الزعران " و القبضايات " ذات الطابع العشائري و السلطوي معاً في إطار واحد.

كل ما تقدم ، و غيره الكثير من تفاصيل الحياة المجتمعية والمعيشية، يؤكد على ثقل العبء الذي يجب أن تتحمله القوى السياسية الفلسطينية بمختلف تلاوينها من أجل تثبيت وبلورة النظام الديمقراطي البرلماني في بلادنا ، حيث أن دور هذه القوى في الجانب الاجتماعي لا يقل أهمية و خطورة عن دوره في جانب التحرر الوطني وحق العودة والتمسك بـ م.ت.ف ككيان سياسي ووطن معنوي لابناء شعبنا في الشتات ، و هو أيضاً يعزز رؤيتها لطبيعة هذه المرحلة، كمرحلة تحرر وطني و ديمقراطي ، عبر العلاقة الجدلية بين التحرر الوطني و البناء المجتمعي القائم على الديمقراطية و العدالة و سيادة القانون و النظام العام و تكافؤ الفرص, خاصة وأن الوضع الفلسطيني اليوم, يبدو في مأزق عميق نتيجة الاختلال الشامل لميزان القوى، حيث يتبين بوضوح، بعد قيام العدو الإسرائيلي بإخلاء قطاع غزة، أن هذا الإخلاء في جوهره، هو تجسيد لمخططات الدولة الصهيونية الهادفة الى فرض " خريطة التوسع الإسرائيلي " مدعومة بقوة الدولة الأمريكية التي باتت تعمل على تحقيق السيطرة على العالم، وأولاً على الوطن العربي كله.
إن هذا المشهد الفلسطيني المأزوم الذي يعيشه شعبنا الفلسطيني اليوم، ارتبط ومازال بعجز كل أطراف الحركة الوطنية والإسلامية عن التوصل الى الاستراتيجية أو الرؤية المشتركة للمهام التحررية الوطنية والمهام الديمقراطية والمطلبية الداخلية من جهة، بمثل ما ارتبط- وبصورة أساسية- بأداء السلطة وممارستها التي أسست وراكمت للعديد من مظاهر التراجع والخلل والفساد والفوضى على الصعيد الداخلي، في موازاة هبوطها السياسي وتقديمها لأقصى التنازلات من أوسلو الى واي بلانتيشن الى خارطة الطريق وصولاً الى " خطة شارون " دون أي خطوة إيجابية ملموسة أو تنازل صغير من العدو الإسرائيلي، الأمر الذي يدل على حقيقة ساطعة، تنجلي في أن التفاوض وتقديم التنازلات لا يتعلق بما يسمى بالمرونة أو الواقعية السياسية، بل إن المسألة تتعلق بميزان القوى أولاً، والتمسك بثوابتنا الوطنية ثانياً، حيث لا مفاوضات ولا تسويات ممكنة ( ولا نقول عادلة ) في ظل ميزان قوى مختل مهما كان مستوى التعاطف الدولي معنا.
وها نحن اليوم، وبعد مرور اثنا عشر عاماً على أوسلو، بالرغم من كل ما عقدته السلطة الفلسطينية من اتفاقات، لم يلتزم العدو الإسرائيلي بأي من نصوصهاـ فإن مشروع دولتنا الوطنية الفلسطينية يتعرض للمزيد من التفكك والتراجع بحيث باتت " الدولة " الفلسطينية في اللحظة الراهنة هي دولة " السلطة " لا تملك أياً من المقومات الأساسية للسيادة، ولا يمكن أن تصبح دولة في ظل اشتراطات خطة شارون والدعم الأمريكي اللامحدود حتى لو اعترفت بها الولايات المتحدة وإسرائيل كدولة قابلة للحياة كما يزعمون، وهم يدركون أنهم يدفنون حلمنا الفلسطيني في دولتنا على كل أرضنا المحتلة. ذلك أن قيام دولة فلسطينية حقيقية، يتطلب تحقيق متطلبات السيادة الفلسطينية الكاملة على ارضنا المحتلة 1967.
لكن هذا الهدف لم يعد قابلاً للتحقق برؤى أو ببرنامج وأدوات فلسطينية معزولة عن محيطنا العربي، فالدولة الفلسطينية- كما القضية نفسها- ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمحيطها على قاعدة أن الصراع هو صراع عربي- صهيوني في شكله وجوهره, لذلك وفي ظل استمرار غياب هذه القاعدة, سنظل نشهد تحقق الحل الصهيوني الذي تفرضه الدبابات الصهيونية على أشلاء الجماهير الفلسطينية معمداً بالدم، الأمر الذي يفرض البدء بإعادة التأسيس لتغيير ميزان القوى، كما يفرض إعادة بناء الرؤية المتعلقة بالمسألة الفلسطينية ارتباطاً بمبدأ وقواعد الصراع العربي الصهيوني، دون أن يعني ذلك تأجيلاً أو تراجعاً عن ضرورة استمرار حركة التحرر الوطني الديمقراطي في فلسطين- بكل فصائلها وأحزابها- عن ممارسة دورها النضالي الطليعي في كل الظروف، انطلاقاً من أن ظروفنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية المعقدة التي نعيشها اليوم تحدد لنا وتعرفنا على المشكلة المباشرة أو العقبة المباشرة، إنها المشكلة والحل في آن واحد- وهي تتمثل في تغيير هذا النظام السياسي الذي نعيشه عندنا بصورة ديمقراطية ضاغطة، لأن "الحرية والتطور والتقدم السياسي تحتاج الى وسط لكي تنمو في إطاره" ...، ولن يتهيأ هذا الوسط إلا عبر نظام سياسي ديمقراطي يعبر عن مصالح الأغلبية الساحقة "من خلال مؤسسات تتيح للحرية وللعقل أن يفعلا فعلهما"... هذا النظام الوطني الديمقراطي يجب أن يصبح الهدف الاستراتيجي الأساسي والفكرة المركزية التوحيدية لجماهيرنا وقواها السياسية في بلادنا، وذلك بالارتكاز الى العناصر الأساسية التالية :
- الثوابت الوطنية الفلسطينية في تقرير المصير وحق العودة والحرية والاستقلال وإقامة دولتنا المستقلة كاملة السيادة على أرضنا المحتلة في حزيران 1967 وعاصمتها القدس.
- تعزيز خيار مقاومة الاحتلال عموماً، وفي الضفة الفلسطينية خصوصاً.
- إقامة المؤسسة الديمقراطية تطبيقا لمبدأ سيادة القانون العادل .
- تحقيق وتعزيز الوحدة السياسية العامة في صفوف الشعب في إطار التعددية والديمقراطية لجميع القوى والفصائل والأحزاب الفلسطينية .
- الانتخابات الديمقراطية وفق مبدأ التمثيل النسبي ، وبصورة دورية ، بما يحقق مبدأ المشاركة الشعبية بصورة واسعة .
إنّ مخاطر الظرف الراهن وتعقيداته ، تفرض على كل من قيادة م.ت.ف وقيادة السلطة وكافة القوى الوطنية والإسلامية المعارضة أن تتداعى في مجابهة " خطة شارون " لصياغة الرؤية والاستراتيجية السياسية والمجتمعية الفلسطينية التي تتضمن أولا:ً رفض الاعتراف المحتمل المتبادل بين " دولة غزة " ودولة العدو الإسرائيلي، وثانياً: الربط المتزامن والمتداخل لكل قضايانا الوطنية المرتبطة بانسحاب العدو الإسرائيلي وإزالة مستوطناته وجداره الفاصل من كل أرضنا الفلسطينية المحتلة عام 1967 من ناحية ولكل قضايانا الديمقراطية المطلبية الداخلية ، بدءا من تطبيق الانتخابات للمجلس الوطني ، والتشريعي ، والهيئات المحلية وغير ذلك من المؤسسات بصورة دورية ، وتطبيق عملية التغيير الداخلي ومأسسة كافة الوزارات والهيئات والمنظمات الحكومية وغير الحكومية في القطاعين العام والخاص وفق قواعد الإدارة الحديثة ، وبالالتزام الكامل بتطبيق سيادة القانون العادل على قاعدة الفصل بين السلطات وتطبيق مبدأ تكافؤ الفرص وفق مبدأ الكفاءة والخبرة على الجميع بديلا لمبدأ أهل الثقة والمحاسيب الذي استندت اليه السلطة في معظم ممارساتها طوال الأحد عشر عاماً الماضية .
ثانياً: التحديات الاقتصادية:
منذ بداية العام الثاني على قيام السلطة، اصطدمت آمال وتطلعات شعبنا ، بممارسات سياسية واقتصادية واجتماعية داخلية ، شكلت نقيضا لكل ما توقعته أو عولت عليه جماهيرنا .
وارتباطاً بهذا الواقع ، تشكلت بيئة مواتيه لتوليد ، مظاهر الفوضى والاحتكار وتراكم الثروات الخاصة والطارئة بصورة غير مشروعة ، وتراجع النمو الاقتصادي المرتبط بالبعد التنموي المجتمعي ، وعدم توظيف أو استغلال الإمكانات والتوجهات ذات البعد الإيجابي للقطاعين العام والخاص لرأس المال الفلسطيني في الداخل والشتات ، وتقديم الاعتبار الفئوي السياسي فيما يتعلق بالجوانب الاقتصادية – الاجتماعية، واستمرار التفرد المطلق في القيادة على صعيد السياسة والاقتصاد والإدارة ، كل هذه العوامل وما أنتجته من آثار سلبية ، علاوة على استمرار العدوان والحصار الإسرائيلي ، دفعت إلى تعزيز المسار الهابط في الأوضاع الاقتصادية والمجتمعية خلال الأحد عشر عاماً العجاف الماضية .
وفي هذا المناخ اعلنت "إسرائيل" "خطة شارون" أو الانسحاب الأحادي من قطاع غزة للخروج بما يضمن استمرار تفاقم المزيد من الأزمات السياسية والاقتصادية الفلسطينية ، والتي شهدنا ومازلنا نشهد تداعياتها على الشارع الفلسطيني عبر العديد من المؤشرات :
1- تسارع عملية الاستقطاب الطبقي الفلسطيني واتساع الفجوة الطبقية في المجتمع الفلسطيني ليس عبر اتساع وتزايد نسبة الفقراء والفقر المدقع فحسب، بل باتجاه تزايد انحسار الطبقة الوسطى أو البرجوازية الصغيرة التي يتزايد انضمام غالبية أفرادها إلى طبقة الفقراء.
2- انخفاض الدخل الحقيقي للفرد إلى أكثر من 50% عما كان عليه عام 1999 ، إذ أنه بلغ في ذلك العام حوالي 1750 دولار للفرد في السنة، هبط إلى حوالي 850 دولار فقط عام 2004 حسب تقرير البنك الدولي الصادر في حزيران 2004 الذي اشار إلى أن حجم الناتج المحلي الفلسطيني وصل إلى (3141) مليون دولار وهذا يعني انخفاض في الناتج المحلي بما يزيد عن 40% قياسا بعام 1999 ، مع العلم بان السوق الفلسطيني يسوده نفس مستوى الاسعار السائدة في السوق الاسرائيلي، الذي يبلغ متوسط نصيب الفرد فيه من الناتج القومي الاجمالي 18000 دولار، أي اكثر بـ 21 ضعفاً من الناتج الفردي للضفة والقطاع . بل انه حتى عند مقارنة القوة الشرائية لتلك المبالغ مع الاردن وسوريا ومصر، فان القيمة الحقيقية لمتوسط نصيب الفرد الفلسطيني من الدخل القومي الاجمالي وفقا لدراسات مقارنة جرت في مطلع التسعينات تصل الى نحو 72% من متوسط نصيب الفرد في مصر و45% في سوريا و49.6% في الاردن .
3- ارتفاع نسبة الفقراء إلى إجمالي السكان من 20.1% عام 97 إلى أكثر من 60% عام 2002 في الأراضي الفلسطينية، وقد اظهر مؤشر الفقر النسبي ان 67.6% من الأسر قد عانت من الفقر عام 2003 ، كما اظهر مسح نتائج الإجراءات الإسرائيلية على الأوضاع الاقتصادية للأسر الفلسطينية في أيلول 2004 ان 63.8% من الأسر الفلسطينية تقع تحت خط الفقر بواقع 53.5% في الضفة الغربية و82.7% في قطاع غزة والأكثر أهمية في هذا الخصوص ، هو أن أسرتين من ثلاثة اسر فقيرة في قطاع غزة تعاني من حالة الفقر المدقع ، أي أنها غير قادرة على توفير المتطلبات الدنيا من الطعام والملبس والمسكن ، مقارنة مع أسرة واحدة في الضفة من كل أسرتين فقيرتين تعيش حالة من الفقر المدقع ، ما يعني تزايد نسبة الفقر بحيث وصلت في ظروف الانتفاضة خلال الفترة (2000 – 2005) –وبسبب البطالة- إلى 60% من مجموع الطبقة العاملة في السوق المحلي الفلسطيني، ولا نعتقد أن هذه النسبة ستتراجع بصورة ملموسة في ظل ما يسمى بالانسحاب الإسرائيلي والوعود والأوهام التي ارتبطت بذلك طالما بقيت اوضاع ومؤسسات السلطة الفلسطينية دون تغيير ديمقراطي يفسح المجال للمشاركة الديمقراطية لجميع القوى السياسية الفلسطينية .
وفيما يتعلق باستفحال ظاهرة الفقر والفقر المدقع وانتشارها بصورة لم يسبق لها مثيل من قبل، فإننا، لا بد من أن نؤكد على أن انتشار هذه الظاهرة، واستفحالها في ظروف الانتفاضة في مجتمعنا، لم تكن بسبب السياسات العدوانية الإسرائيلية –التي نقر بها سببا أساسيا- فحسب، ولكنها أيضا نتيجة للتراكمات السلبية للسياسات الداخلية طوال الأحد عشر عاما الماضية، وتعمق الخلل والانحطاط والفساد والتلوث الإداري والمالي، بحيث باتت ظاهرة الفقر والفقر المدقع لا تقتصر على المعيشة فقط، بل تتخطاها إلى الفقر في النظام وسيادة القانون العادل، وفقرا في القيم والعلاقات الاجتماعية والمشاركة، يتبدى ذلك مع استشراء مظاهر البذخ والإنفاق الجاري الذي يصل إلى 60 ألف دولار يوميا تصرف على المهمات والسفر للخارج والمباني الحكومية المستأجرة والتليفونات المحمولة والسيارات الفارهة، يترافق كل ذلك مع الاستيراد المفتوح بلا قيود أو ضوابط من السوق الإسرائيلي الذي زاد عن 2.2 مليار دولار عام 2003 أكثر من نصفه كماليات لا معنى لها سوى أنها تنسجم مع تراكم الثروات الطفيلية لدى العديد من رموز السلطة، بمثل ما تعبر عن هذه الفجوة التي تتسع باستمرار بين توزيع الدخل والثروات.
وفي هذا السياق، فإننا نؤكد أن تزايد نمو الفئات والشرائح الفقيرة في مجتمعنا –وهي الأغلبية الساحقة- لا يتحقق كنتيجة لأسباب خارجية (إسرائيل وغيرها) فحسب، ولكن كنتيجة لسياسات السلطة على الصعيد الداخلي وأفعالها الاقتصادية الأنانية الضارة ، مما يؤدي موضوعيا إلى زيادة مساحة ونوعية وحجم التدهور الاقتصادي والاجتماعي ، وما يعنيه ذلك من استمرار التراكم الصاعد للعاطلين عن العمل وحجم الفقر بكل أشكاله ودرجاته .
4- التناقص المضطرد في قدرة الاقتصاد المحلي الفلسطيني على خلق فرص عمل جديدة وتراجع قدرته على التشغيل واستيعاب العمالة الفلسطينية في ظل تنامي ظاهرة البطالة بشكليها السافر والمقنع التي تصل إلى حوالي 30% من القوى العاملة في العام 2005 ، حيث لم يستطع سوق العمل الفلسطيني أن يوفر جزءا كبيرا من فرص العمل الجديدة خلال الاعوام 2003/2004/2005، فيما انخفضت الأهمية النسبية للعمالة الفلسطينية في سوق العمل الإسرائيلي من 22.9% في نهاية عام 1999 إلى 9.7% في 2003 " . علاوة على اتساع الفجوة بين نمو القوى العاملة والقدرة على التشغيل ، واستمرار تراجع مستوى المعيشة ، ما يؤكد على استمرار معاناة اقتصادنا الفلسطيني وبقاءه ضمن حالة الانكشاف والضعف والهشاشة .
5- تواصل الهجمات التدميرية للعدو الإسرائيلي على مقدرات شعبنا عموما ، وفي القطاعات الانتاجية خصوصا في الصناعة والزراعة والسياحة إلى جانب استمرار الحصار والاغلاق داخل المدن والقرى الفلسطينية ، وفصل الضفة عن القطاع ، وما نتج عن هذه الاجراءات العدوانية من تخريب للمنشآت الزراعية والصناعية واضعاف حركة التجارة والصادرات الفلسطينية ، حيث تقدر الخسائر المباشرة خلال السنوات الخمس الماضية ما يقارب من خمسة عشر مليار دولار بمعدل 255 مليون دولار شهريا .
6- بالنسبة لتطورات التجارة الخارجية الفلسطينية، فما زالت إسرائيل تهيمن على هذه التجارة حيث أن نسبة وارداتنا منها تصل إلى 73% مقابل 2% فقط من الدول العربية، و 25% من باقي بلدان العالم، ولا يختلف الأمر بالنسبة للصادرات التي تصل حصة إسرائيل فيها أكثر من 92% ، هذه الأرقام تجعل الاهتمام بتطوير العلاقة التجارية مع البلدان العربية باتجاه توسيع قاعدة المصالح المشتركة وتعزيز فرص نمو هذا التعاون مع الأولويات الضرورية في هذا الجانب .
7- تزايد الاتجاه نحو إحلال القروض محل المنح في تمويل الاستثمار العام حيث تدل معطيات تقرير معهد ماس المشار إليه ، على ارتفاع حجم الدين العام الخارجي الفلسطيني ليتجاوز 990 مليون دولار عام 2003 ،ارتفع إلى 1239مليون دولار في تشرين اول 2004 ، بما يعني استمرار ارتهان الإنفاق الحكومي التطوري لما يتوفر من عون دولي ، سواء كمنح أو قروض .
8- استمرار محدودية حجم الائتمان المصرفي حيث لم تزد نسبة القروض للودائع عن 40% –كما صرح محافظ سلطة النقد الفلسطينية د. جورج العبد في مايو 2005- وبالطبع فإنها تتراجع وتنخفض بدرجات عالية في ظروف الانتفاضة الراهنة، رغم أن السياق الطبيعي أو المنطقي في العلاقة في ظروفنا الراهنة يتطلب تزايد الدور الوطني للبنوك المحلية في دعم قطاعي الصناعة والزراعة والمشاريع الصغيرة، إلا أن استمرار الهبوط العام وغياب النظام وتفاقم مظاهر الخلل والفساد وعم الاستقرار، ساهم كل ذلك في تغييب الدور الواجب أن تقوم به البنوك في هذا الظرف.
9- انخفاض حجم الاستثمار الكلي من 2162.4 مليون دولار عام 1999 الى 727.2 مليون دولار عام 2002 ( ). اضافة لتراجع مضطرد في معدلات نمو الاستثمار الخاص، سواء بالنسبة لإنشاء المشاريع الجديدة، أو بالنسبة للقيام بالتوسعات في المشاريع القائمة، بل أن هناك عديد من المشروعات القائمة بدأت تغلق أبوابها، ولا نعتقد بتحولات نوعية في المشاريع الاستثمارية بعد إخلاء الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة، حيث ان رموز التحالف الكومبراودري والبيروقراطي ستسخر مساحة كبيرة من الاستثمارات الممكنة في قطاع غزة لحساب مصالحها الشخصية أولا وبالارتباط بالخطة الأمريكية الإسرائيلية الهادفة لعزل الاقتصاد في قطاع غزة عن امتداده في الضفة الفلسطينية ضمن المشهد الغزاوي. وذلك كله يعود إلى عزوف القطاع الخاص الداخلي عن المشاركة الفعالة في القطاعات الانتاجية بسبب العوامل التي أشرنا إليها، والى ضعف مشاركة رأس المال الفلسطيني المغترب وإحجامه عن الاستثمار ليس بسبب العوامل السلبية الداخلية المشار إليها فحسب، بل أيضا –وبصورة رئيسية- لأن رأس مال الشتات هو جزء من رأس المال المالي المعولم أكثر منه رأس مال ذو هوية وطنية أو قومية، فالمعروف عن رأس مال الشتات أنه رأس مال مالي يتركز في مجال الخدمات والتجارة العامة وليس رأس مالا إنتاجيا في الصناعة أو الزراعة، وهو مرتبط قبل كل شئ بالمسار السياسي لرأس المال المالي المعولم .
10- بطء النمو في العلاقات الاقتصادية الفلسطينية- العربية، لكنه أيضا يتخذ طابعاً مشوهاً حيث يتسارع نمو الواردات بمعدلات تفوق كثيراً معدلات نمو الصادرات الفلسطينية إلى تلك الأسواق. الأمر الذي يلقي بظلال الشك على إمكانية نمو وتطور هذه العلاقات بشكل صحي وبما يعزز الترابط والتكامل ويؤسس لإرساء علاقات قادرة على النمو على أساس تبادل المنافع وتكافؤها، خاصة في ظل قابلية الدول العربية للتطبيع مع إسرائيل والتوافق مع سياساتها، وأن المؤشر الإيجابي لنمو علاقات اقتصادية فلسطينية مباشرة مع العالم الخارجي، رغم أهميته في كسر احتكار إسرائيل للسوق الفلسطيني إلا إنه يتخذ طابعاً تجارياً بحتاً، ويحول السوق الفلسطيني الى سوق استهلاكي/ لوكالات وعقود التوزيع/ ويؤثر سلباً على القدرة التنافسية للصناعات الوطنية الفتية في الأسواق المحلية ويهدد وجودها. وهناك العديد من الأمثلة على ذلك مثل صناعة الأحذية والجلود- الملابس-الأدوية...... الخ.

إنّ هذه الصورة القاتمة للأوضاع الاقتصادية الفلسطينية بكل مكوناتها وأنشطتها وقطاعاتها الإنتاجية وغير الإنتاجية ، تتطلب تداعي واستنهاض كافة الفعاليات والقوى السياسية والكفاءات الاقتصادية في القطاعين العام والخاص لصياغة خطط الطوارئ والسياسات والآليات المطلوبه للخروج من هذه الأزمة المستحكمة عبر رؤية اقتصادية تنموية وطنية فلسطينية ارتباطاً بالمحيط العربي من حولها، تستهدف إلغاء التبعية للاقتصاد الإسرائيلي، في موازاة التخطيط الشامل للتحولات الاقتصادية الفلسطينية عموما ولقطاعي الصناعة والزراعة خصوصا ، في إطار التحولات التطويرية الشاملة لتحديث مجتمعنا الفلسطيني في الضفة والقطاع كوحدة سياسية مجتمعية اقتصادية واحدة ، لكن هذا الهدف الوطني الذي تتطلع اليه جماهيرنا، سيصطدم في الظروف الراهنة باستمرار المواقف العدوانية السياسية والإجرائية التي كرست المعاناة والحصار والإغلاقات لمعابرنا وحدودنا والسيطرة على أرضنا وسماؤنا وبحرنا نقيضاً لكل أوهام وديماغوجية بعض أطراف السلطة والقوى السياسية التي روجت لهذا الإخلاء، وها هي اليوم تعيش حالة من الإرباك بعد أن فقدت مصداقيتها في ضوء فشلها المريع لتطبيق " خططها التنظيمية والتنموية " في الأراضي المخلاة التي باتت مرفقاً للفوضى والتلوث البيئي والمصالح الأنانية .
إن هذه المرحلة الحرجة ، تحمل في طياتها جملة من المخاطر الجدية غير المسبوقة على قضيتنا الوطنية وثوابتنا في حق العودة والاستقلال والدولة ، إلى جانب مخاطرها التدميرية على اقتصادنا الفلسطيني باستمرار إلحاقه وتبعيته للاقتصاد الاسرائيلي ، علاوة على تفكيكه وتقسيمه إلى اقتصادين منفصلين في الضفة والقطاع ، يملي علينا مزيدا من الصعوبات والتحديات الاقتصادية –علاوة على التحديات السياسية التي أشرنا إليها- وأهمها ، تحدي التنمية الوطنية الشاملة لكل من الضفة والقطاع كوحدة سياسية اقتصادية واحدة عبر تطبيق استراتيجية وطنية تنموية فلسطينية، وهو شعار أو مطلب شعبي فلسطيني أصبح أقرب الى الابتدال والسخرية نتيجة عجز الحركة السياسية الفلسطينية عن بلورته أو تطبيقه ولو في الحدود الدنيا، بحيث بات تناول موضوع الاستراتيجية التنموية في أرضنا الفلسطينية المحتلة لا تعترضه ضبابية المستقبل وتعقيدات الحاضر ، ليس بالنسبة للاقتصاد فحسب ، بل تعترضه أيضا إشكالية عدم اليقين بالنسبة للمستقبل السياسي أيضا ارتباطا بالموقف العدواني الإسرائيلي المسنود بدعم أمريكي صريح ومباشر، ذلك انه في حال تكريس العدو لعملية الفصل الاقتصادي بين الضفة والقطاع، وما سينتج عن ذلك من متغيرات وتراكمات سلبيه في العلاقات الاجتماعية والسياسية التي قد تصيب مجتمعنا الفلسطيني كانعكاسات للواقع السياسي الاقتصادي الجغرافي والاجتماعي " الجديد "، وهو أمر قابل للتحقق، في ظل التفكك المجتمعي والاقتصادي الراهن بين الضفة والقطاع، وغياب وحدة العلاقات الاجتماعية ووحدة السوق الفلسطيني بينهما بسبب الإجراءات العدوانية الإسرائيلية الى جانب تعقيدات وقيود بروتوكول باريس الاقتصادي من ناحية وتراخي السلطة الفلسطينية في تطبيق عملية توحيد القوانين عموماً والقوانين الاقتصادية ( الشركات وغيرها ) خصوصاً من ناحية ثانية، الأمر الذي أصبح معه الاقتصاد الفلسطيني قابلاً للتراجع والانقسام الى اقتصاد مشوه في الضفة، وآخر أكثر تشوهاً وضعفاً وهشاشة في قطاع غزة ، ومخاطر هذا الانقسام او التشتت الذي سيؤدي –اذا ما قدر له الاستمرار- إلى انقسام المجتمع الفلسطيني إلى "مجتمع" في الضفة وآخر في قطاع غزة .
- لذلك فإننا لا نبالغ في القول إن اقتصادنا الفلسطيني – خاصة في ظروف الحصار والتدمير الإسرائيلي طوال الخمس سنوات الماضية – بات أكثر ضعفا وانكماشا مما كان عليه من قبل ، الأمر الذي أدى إلى تغييب الوضوح أو التأكيد بالنسبة للمستقبل على الصعيد الاقتصادي والسياسي معا ، نتيجة للدور الإسرائيلي – الأمريكي على وجه التحديد من ناحية ونتيجة لعجز وتراخي أطراف الحركة السياسية، في اطار المعارضة الديمقراطية واليسارية خصوصاً ، عن ممارسة الضغط الجماهيري الديمقراطي لتطبيق برامجها وشعاراتها من ناحية ثانية.
- ولكننا على ثقة من أن إعادة بناء العلاقات الداخلية الفلسطينية ، وفق ثوابتنا الوطنية والمجتمعية ، وبإرادة وطنية تقوم على المشاركة والتعددية أمر ممكن قابل للتحقق من خلال اجراء عملية الانتخابات الديمقراطية الفلسطينية في مواعيدها المحددة والتزام الجميع بتوفير البيئة الايجابية المناسبة لهذه العملية وحماية واحترام نتائجها على اساس امتثال الجميع لقواعد واسس مبدأ تداول السلطة في إطار الديمقراطية والمشاركة ... حينئذ نكون قد امتلكنا فعلا ، المدخل القادر على تجسيد الوحدة الوطنية الداخلية بما يمكننا من امتلاك القدرة على تحديد معالم مستقبلنا السياسي/الاجتماعي/الاقتصادي والتنموي بوضوح ، على قاعدة التمسك بثوابتنا واهدافنا الوطنية والديمقراطية من اجل التحرر والعودة والاستقلال والعدالة الاجتماعية وسيادة القانون
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69755
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

الاقتصاد الفلسطيني .. الواقع والآفاق  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاقتصاد الفلسطيني .. الواقع والآفاق    الاقتصاد الفلسطيني .. الواقع والآفاق  Emptyالأربعاء 21 يوليو 2021 - 6:58

حالة الاقتصاد الفلسطيني في قطاع غزة وإمكانية التنمية وخلق فرص عمل في ظل الحصار


- نشهد في هذه اللحظة المهينة من تاريخنا ، تراجعاً حاداً للأفكار الوطنية والديمقراطية التوحيدية ، وهو مشهد زاخر بمظاهر القلق والإحباط واليأس بسبب حالة التفكك والانفصال بين الأهداف الوطنية التي ناضل من أجلها فقراء شعبنا الفلسطيني، وبين الصراع والاقتتال على السلطة لحساب البرامج والأهداف والمصالح الخاصة لطرفي الصراع فتح وحماس ، وصولاً إلى المأزق شبه المسدود عبر مجموعة من العوامل أو الإشكاليات بدءاً من استفراد العدو الإسرائيلي بشكل ومضمون الحل المرحلي وفق رؤيته السياسية والأمنية منذ ما قبل أوسلو وبعده وصولا إلى "أنابوليس" مؤخراً ، إلى جانب تآكل النظام السياسي الفلسطيني في السلطة والمنظمة معاً وما يجري من تكريس انفصال قطاع غزة عن الضفة الفلسطينية ما يعني تدميراً للمشروع الوطني التحرري الفلسطيني برمته .
- وفى هذا السياق ، فان ما يعرض علينا اليوم من حلول تخديرية وفق منطق إرادة العدو الأمريكي الإسرائيلي تحت مسميات متنوعة من "أوسلو" إلى "أنا بوليس" التي ترفض مبدأ الحديث عن الدولة الفلسطينية المستقلة على كامل الأراضي المحتلة 67 ، كما ترفض الحديث عن حق العودة وإزالة المستوطنات والانسحاب الكامل ،لا تسعى إلا إلى تكريس الموقف الأمريكي الإسرائيلي .. أو شرعية المحتل وشروطه المذلة ، وبالتالي فإن الحد الأدنى المطلوب الذي يمكن أن يقبله شعبنا كنهاية أخيرة لسقف التنازلات يتلخص فيما ورد في وثيقة الوفاق الوطني ، التي يتوجب التمسك بنصوصها والتمترس حول بنودها وأسسها بحيث تكون مخرجاً أو محدداً مرحلياً لعملية التحرر الوطني والديمقراطي والتنموي التي يتطلع إليها شعبنا.
- وبالتالي فإن الحديث عن التنمية وخلق فرص عمل في ظروفنا الراهنة –وفق عنوان الندوة المقترح من المعهد- يبدو نوعاً من السخرية والوهم أو حديثاً حالماً أو مثالياً أو هروباً من هذا الواقع المحكوم بقانون المحتل الغاصب وممارسته العنصرية النازية، والمحكوم أيضاً في اللحظة الراهنة بالفصل أو الانقسام بين الضفة والقطاع وما نتج عنه من مظاهر ومؤشرات التمزق السياسي والاقتصادي والاجتماعي والانحطاط والتراجع واليأس لأسباب ذاتية فلسطينية في معظمها رغم الخلل الكبير في ميزان القوى المختل بصورة غير مسبوقه بيننا وبين العدو الإسرائيلي .
- ففي هذا المناخ ، يأتي الحديث عن مظاهر تراجع الاقتصاد الفلسطيني، وتزايد نسب البطالة والفقر في مجتمعنا، كضرورة لا تتوقف عند الجانب الاقتصادي، بل تتخطاه نحو البعد السياسي في صيغة موحدة لا انفصام بينهما، بحيث يفرض هذا المدخل، زيادة وتفعيل عملية الضغط الجماهيري والسياسي على طرفي الصراع حماس وفتح التي تستهدف وقف ومواجهة كل مظاهر الانقسام والعودة إلى تكريس وحدة النظام السياسي الديمقراطي التعددي الفلسطيني ، بمثل ما تستهدف مراكمة مقومات البديل اليساري الديمقراطي المطلوب، وهي عملية باتت أكثر من ملحة لانتشال مجتمعنا من هذا المأزق الخطير الذي يهدد وجودنا وأرضنا وقضيتنا.
- من هنا فإن استمرار حديثنا عن التنمية في ظل الاحتلال و اتفاقاته وحصاره وممارساته العنصرية النازية من جهة و استفحال مظاهر الانقسام السياسي والاقتصادي الداخلي من جهة ثانية ، سيجعل من مفهوم التنمية كائناً غريباً مشوهاً للشخصية الوطنية ، قد يؤدي – في ظل استمرار المظاهر والصراعات الداخلية و تراكمها – إلى حالة من اليأس تنذر بفقدان شعبنا لمقومات وعيه ومشروعه الوطني وهويته مقدمة لفقدان وعيه وانتمائه القومي.
لذلك فإن الحديث عن التنمية وخلق فرص عمل في هذه المرحلة ، يصدمنا بثنائية متناقضة ، الوجه الأول لهذه الثنائية تتفاعل في إطاره ثلاثة معوقات تعرقل كل منها نمو الفرص الاحتمالية المتاحة لعملية التنمية المنشودة ، وهي :
1- الاحتلال وعدوانه الهمجي شبه اليومي، وحصاره واغلاقاته التي تحول دون امتلاك مجتمعنا للقدرة على اتخاذ القرارات الاقتصادية و السياسية.
2- المعوقات الذاتية الفلسطينية الداخلية في اطار الصراع على السلطة وصلاحياتها بين فتح وحماس التي تكرس الانقسام السياسي والمجتمعي والجغرافي.
3- المعوقات العربية والدولية: و هي تنحصر في تراجع الدعم العربي الرسمي عموماً عن تأييده الواضح والصريح لقضايانا العادلة والمشروعة في مواجهة المحتل الإسرائيلي من جهة وغياب الدعم الاقتصادي من جهة ثانية، ويرجع ذلك إلى تعمق تبعية النظام العربي واحتواءه في إطار السياسة الأمريكية، بحيث بات يرى في القضية الفلسطينية عبئاً ثقيلاً عليه يسعى إلى الخلاص منها بأي ثمن ، وهو تحليل ينطبق على مجمل العلاقات الدولية التي باتت محكومه أو متوافقة مع نظام العولمة الأمريكي .
- أما الوجه الثاني لهذه الثنائية المتناقضة الذي يمكن أن يمتلك القدرة على مواجهة هذه المعوقات، فهو : البديل الوطني الشعبي الديمقراطي في إطار الرؤية القومية العربية الوحدوية (وهو البديل الغائب أو الضعيف غير المؤثر حتى اللحظة) باعتباره الخيار الوحيد الممكن الذي يمهد الطريق نحو الخطوة الأولى الضرورية لإنجاح عملية التنمية المنشودة لفلسطين بكل أبعادها التحررية الوطنية والقومية، ذلك أن أي حديث عن التنمية في فلسطين – في الحاضر و المستقبل – في ضوء المتغيرات العالمية و الإقليمية و المحلية ، لا بد و أن يتوصل استنتاجاً ، إلى أن آفاق تطور هذه التنمية ستظل مغلقة بدون الالتزام المطلق بمنطلقات وآليات النضال التحرري الوطني الديمقراطي في اطار الحركة القومية الديمقراطية الشعبية من ناحية وعلى قاعدة التمسك بمفهوم وتطبيقات الوحدة الوطنية والتعددية الديمقراطية الفلسطينية كطريق مستقبلي وحيد يمكننا من إزالة الاحتلال والمستوطنات عن أرضنا المحتلة عام 67 وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة المستقلة كاملة السيادة كحل مرحلي ، رغم إدراكنا ووعينا لصعوبة أو استحالة هذا الحل في ظل ميزان القوى المختل بيننا وبين العدو راهناً.
- وفي كل الأحوال فإننا نفترض أن هذا الفهم للتنمية يجب أن يشكل أحد المحاور الرئيسية لنشاط و برامج الحركة الوطنية الفلسطينية لأنه المحور المكمل عبر علاقة جدلية و متصلة لعملية التحرر الوطني و الاستقلال والدولة ، فالانهيار الاقتصادي–الاجتماعي الناتج عن استمرار فصل الضفة عن القطاع ، وتفكك النظام السياسي الديمقراطي الفلسطيني ، وانهيار التجربة الديمقراطية ، واستفحال مظاهر الهبوط السياسي والفقر والبطالة والقلق واليأس، يدفع أو يراكم بالضرورة نحــو خلــق مقومــات الانهيـار السياسـي والاجتماعي بما يجعل من الفوضى والعشوائية والفلتان الأمني والاقتصادي من ناحية وتزايد تحكم القوى الخارجية (الأمريكية الإسرائيلية) في مستقبلنا من ناحية ثانية، عاملاً مقرراً في أوضاعنا السياسية الاقتصادية المجتمعية، وفي كلا الحالتين يصبح مستقبل شعبنا معلقاً بعوامل لا دخل لإرادة جماهيرنا في تشكيلها أو التأثير فيها، وهذا بالقطع وضع يائس، ما أتعس الأمة التي تجد نفسها فيه .
- أما بالنسبة للحصار المفروض على شعبنا في قطاع غزة الذي تحول إلى سجن كبير لكل سكانه ، فإننا نشير بوضوح إلى الدور الرئيسي للولايات المتحدة ، المقرر والحليف الاستراتيجي للعدو الإسرائيلي ، فيما وصلت إليه الأوضاع الفلسطينية والعربية من تبعية وتخلف وخضوع .
- وفي هذا الجانب أشير إلى الدعم المالي الموعود والمشروط في الضفة من الولايات المتحدة و أوروبا وإسرائيل ، الهادف إلى إخضاع مشروعنا الوطني والقومي لمقتضيات التوسع الامبريالي الصهيوني ، بمثل ما يهدف إلى توسيع الهوة بين القلة من أصحاب المصالح و بين الأغلبية الساحقة من أبناء شعبنا ، فهو دعم يهدف إلى المزيد من تغييب مبادئ العدالة الاجتماعية و المساواة ، ما يعني اتساع إطار الفساد وآلياته وأدواته ، إنه الدعم الذي يحول المعادلة من حرب ضد الفقر و البطالة إلى حرب ضد الفقراء أنفسهم كما يمارسونها اليوم في قطاع غزة ، سفينة نوح الفلسطينية و الحاضنة للهوية الوطنية، مستهدفين تركيع القطاع و إذلاله و استسلامه للمخطط الامبريالي الصهيوني لكي يتحول أبناء شعبنا في الوطن و الشتات إلى مجرد كائنات اقتصادية تستسلم للقمة العيش و ضروراتها تمهيدا للنكبة الاجتماعية و الثقافية تضاف إلى النكبة السياسية أو التكيف الذي ترفضه جماهير شعبنا من الفقراء و الكادحين مثلما ترفض و تلفظ أدواته في هذه اللحظة السوداء المؤقتة .

- على أي حال أود أن أؤكد –بداية- على عدد من الحقائق المرتبطة بموضوع ندوتنا اليوم :
- الحصار ليس جديدا ، فهو سمة من سمات العدو الإسرائيلي وجزء حيوي من سياساته ضدنا منذ أوسلو وصولاً إلى "أنا بوليس" .
- اعتماد الاقتصاد الفلسطيني –بدرجة عالية- على الدول المانحة مع إدراكنا أن القسم الأكبر من هذه الدول منحاز لسياسات العدو الإسرائيلي.
- التراجع الحاد في الدور العربي الرسمي الداعم للأهداف الوطنية الفلسطينية وللاقتصاد الفلسطيني.
- الحصار والعدوان الصهيوني/الأمريكي الحالي، يتخذ أبعاداً سياسية واجتماعية ترتبط بمستقبل النظام السياسي أو المشروع الوطني الفلسطيني المهدد بالتفكك والانقسام السياسي والقانوني، علاوة على البعد الاقتصادي الذي يمثل مصدر المعاناة والألم المباشر لشعبنا .

- أما بالنسبة للمأزق الاقتصادي الذي يتعرض له قطاع غزة اليوم فهو يتمثل في مجموعة من المؤشرات نذكر منها :
1. انخفاض الدخل القومي وانخفاض المدخرات وتراجع نصيب الفرد من الناتج المحلي بصورة ملحوظة بسبب استمرار سياسة الحصار الاقتصادي المشدد ، مما يعني أن هناك تراجعا حادا في مختلف المؤشرات الاقتصادية الكلية نتيجة للحصار بسبب فقدان الدخل وانخفاض الإنفاق الأسري ارتباطا بالتراجع الحاد في القوة الشرائية الناجم عن الغلاء الفاحش في الأسعار ، مما أدي إلي تغيير الأنماط الاستهلاكية الذي تزامن مع التراجع في الدخل وانتشار ظاهرتي البطالة والفقر في الأراضي الفلسطينية.
2. الانهيار المتواصل في البنية الاقتصادية لقطاع غزة ، سواء بالنسبة للموارد المادية الضعيفة تاريخيا ، أو بالنسبة للمنشات الصناعية التي توقف أكثر من 90% منها عن العمل ، وكذلك الأمر بالنسبة لقطاع الزراعة الذي توقف عن التصدير بصورة شبه كلية ، إلى جانب التدهور المريع في قطاع الإنشاءات و التجارة والخدمات في سياق التراجع الحاد للواردات والصادرات بصورة غير مسبوقه .
3. الارتفاع المتوالي للأسعار ( أدى إلى تغير إكراهي مرير ومذل في أنماط الاستهلاك لدى الأسر الفلسطينية من أصحاب الدخل المحدود ) و في هذا السياق فلا السلطة في رام الله و لا حركة حماس في غزة عملتا على تثبيت أسعار السلع الأساسية أو تنفيذ أية برامج داعمة لقطاع الصناعة أو الزراعة أو الإنشاءات أو للفقراء بصورة ملموسة ومتصلة .
4. اتساع حجم البطالة و الفقر، و ارتفاع نسبة الإعالة 1-6 تقريباً (البطالة في قطاع غزة اليوم تصل إلى 33% ما يعادل 99 ألف عاطل ، من مجموع القوى العاملة البالغة حوالي 300 ألف منهم (81040) في القطاع العام و(103833) في القطاع الخاص و(16127) عامل في الاونروا والمؤسسات غير الحكومية و(99000) عاطل عن العمل ، وهؤلاء المتعطلين يعيلون ما يقرب من 594 ألف نسمة (ما يعادل 39.6% من مجموع سكان القطاع البالغ 1.5 مليون نسمة) يعيشون تحت مستوى خط الفقر أو في حالة من الفقر المدقع في ظروف لا يعرفها إلا من يكتوي بنارها .
5. ثبات الأجور وعدم دفعها بصورة دورية ، وحرمان البعض منها ، آخذين بعين الاعتبار الفرق في متوسط الأجر اليومي في القطاعين العام والخاص حسب بيانات مسح القوى العاملة في الربع الثالث من العام 2007 ، فقد بلغ متوسط الأجر اليومي في القطاع الخاص نحو (40) شيكل ، أما في القطاع الحكومي فقد بلغ (78) شيكل ، بينما بلغ هذا المتوسط نحو (89) شيكل في الاونروا والمنظمات غير الحكومية ، وفي هذا الجانب فإن الدخل الأكثر انخفاضا نجده في قطاع الزراعة الذي لا يتجاوز فيه متوسط الأجر اليومي للعامل (29) شيكل فقط ، وفي هذا السياق فإن أعلى معدلات الفقر في القطاع تنتشر في مخيماته أولا وفي شرق وشمال محافظة غزة ومدينتي رفح وخان يونس .
6. قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي باتخاذ جملة من الإجراءات ضد سكان قطاع غزة في أعقاب الحسم العسكري في منتصف حزيران الماضي ، تمثلت بفرض حصار اقتصادي مشدد تمثل بإغلاق المعابر والمنافذ، وإلغاء الكود الجمركي الخاص بقطاع غزة ومنع رجال الأعمال الفلسطينيين من الخروج للعالم الخارجي ومنع دخول المواد الخام اللازمة للصناعة ، والتقيد للبنوك في استجلاب الشيكل وفرض ضغوطات على البنوك في قطاع غزة ، وأغلقت المعابر التجارية في وجه الاستيراد والتصدير، مما أدى إلى تدهور الوضع الاقتصادي وما رافقه من تزايد نسب البطالة والفقر وكل مظاهر المعاناة والحرمان التي تنتج بدورها مزيداً من مظاهر القلق والإحباط واليأس وغياب الآفاق السياسية .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69755
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

الاقتصاد الفلسطيني .. الواقع والآفاق  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاقتصاد الفلسطيني .. الواقع والآفاق    الاقتصاد الفلسطيني .. الواقع والآفاق  Emptyالأربعاء 21 يوليو 2021 - 6:59

حالة الاقتصاد الفلسطيني في قطاع غزة وإمكانية التنمية وخلق فرص عمل في ظل الحصار




إن حديثي عن هذه المؤشرات لا يلغي وجود أنماط استهلاكية في قطاع غزة وصلت حد الترف المفجع لدى بعض الشرائح الاجتماعية البورجوازية العليا عموماً والتجارية الكومبرادورية خصوصاً عبر التحكم في الأسعار واحتكار السلع والتهريب وغير ذلك من الممارسات التي ساهمت في تزايد الارتفاع في الأسعار بصورة غير مسبوقة .


- على أي حال في ظروفنا الفلسطينية الراهنة ، فإن الفقر لا يتوقف عند نقص الدخل أو البطالة و انخفاض مستوى المعيشة ، بل يشمل أيضا غياب الإمكانية لدى الفقراء و أسرهم من الوصول إلى الحد الأدنى من فرص العلاج و تأمين الاحتياجات الضرورية .
- والأخطر أن هذه الظاهرة من استفحال الفقر و البطالة قد ساهمت في توليد المزيد من الإفقار في القيم مما سهل و يسهل استغلال البعض من الفقراء و المحتاجين في العديد من الانحرافات الأمنية و الاجتماعية بحيث لم تعد ظاهرة الفقر مقتصرة على الاحتياجات المباشرة بل أصبح مجتمعنا الفلسطيني عموماً يعيش فقراً في القيم و فقراً في النظام و في القانون و العدالة الاجتماعية و السبب الرئيسي في ذلك هو الحصار الأمريكي الإسرائيلي بالطبع.


* آثار الحصار والإغلاق على الأنشطة الاقتصادية :
1. أثر الإغلاق على التجارة :
- استمرار عمليات إغلاق المعابر والتحكم بحركة الصادرات والواردات أدي إلى تراجع في الحركة اليومية للشاحنات التجارية الأمر الذي اثر بشكل سلبي على قدرات القطاعات الاقتصادية المحلية من ناحية وإحجام المستثمرين عن تنفيذ العديد من المشاريع الاقتصادية داخل قطاع غزة.
- أما من حيث التأثير المباشر فقد أدت هذه الإجراءات إلى انعدام التصدير وتراجع حجم واردات قطاع غزة بشكل حاد ، فقد بلغ مجموع الواردات هذا العام حتى نهاية سبتمبر 2007 ، (300) مليون دولار فقط ، تتوزع كما يلي : من الضفة بمعدل 15% ومن إسرائيل 70% ومن الخارج 15% (خاصة مصر وعبر عمليات التهريب) علما بأن واردات قطاع غزة طوال الأعوام الماضية كانت بمعدل 650-700 مليون دولار سنوياً .
- واجه قطاع الإنشاءات على وجه التحديد انخفاضا وتدهورا حادا ومتواصلا منذ منتصف 2007 ، وما تبقى منه مهدد بالتوقف الكلي مع بداية العام 2008 .
- تراجع عام في تسجيل الشركات (حوالي 70%) وتشير البيانات بعدم تسجيل أية شركة أجنبية منذ الربع الثاني من العام 2006.




2. أثر الإغلاق على القطاع الصناعي في قطاع غزة :
- المنشات العاملة في القطاع الصناعي تراجعت من حوالي 4000 مصنع خلال شهر يونيو 2005 إلى 780 مصنع خلال الأسبوع الأول من شهر يوليو 2007 هبطت إلى 400 مصنع فقط في نهاية نوفمبر 2007 ، وقد أدى ذلك إلى انخفاض أعداد العاملين في القطاع الصناعي في قطاع غزة من 35.000 عامل إلى نحو 4.200 عامل .
- أكثر القطاعات الصناعية تضررا هي قطاع صناعة الأثاث والملابس والنسيج والصناعات الغذائية، إذ انخفضت عدد المنشات العاملة في قطاع صناعة الأثاث في قطاع غزة من 600 مصنع خلال العام 2005 إلى نحو120 مصنع في يوليو2007 ثم تراجعت إلي 50 مصنع في سبتمبر 2007 وانخفض عدد العاملين في صناعة الأثاث من 5,500 عامل إلى نحو 550 عامل في يوليو 2007 ثم تراجع إلي 220 عامل في سبتمبر2007 ، هذا وتقدر الخسائر الإجمالية المتراكمة لقطاع الصناعة بمبلغ نصف مليون دولار يوميا منذ فرض الحصار حتى أول ديسمبر الحالي (ما يعادل 75 مليون دولار) الأمر الذي يؤشر إلى تزايد الخسائر المباشرة نتيجة استمرار الحصار ، مما يدفع إلى تآكل رأس المال الصناعي وهروبه إلى الخارج ، والحد من قدرة القطاع الصناعي في المستقبل .


3. أثر الإغلاق على القطاع الزراعي في قطاع غزة :
- نشاط القطاع الزراعي من الأنشطة الهامة التي يعتمد عليها سكان قطاع غزة إذ تساهم هذه الأنشطة بنسبة كبيرة في الاقتصاد المحلي من حيث القيمة المضافة والتشغيل.
- اغلاقات المعابر التي تحد من حركة استيراد المستلزمات الإنتاجية مثل الأدوية الزراعية والأسمدة والحبوب والنايلون المستخدم في الدفيئات الزراعية ، وإعاقة تصدير المنتجات الزراعية .
- كانت محاصيل الجوافة والبطاطس والفراولة والزهور من أكثر المحاصيل عرضة للخسارة في الربعين الثالث والرابع من هذا العام 2007 .
- استمرار إغلاق المعابر والمنافذ الحدودية يهدد موسم الزراعات التصديرية ، فعلى سبيل المثال لا الحصر يتوقع أن تصل خسائر مزارعي التوت الأرضي حوالي 10 مليون دولار ، وخسائر مزارعي الزهور حوالي 4 مليون دولار ، إلى جانب خسائر المنتجات الزراعية الأخرى ، الخضار والحمضيات ..الخ .




4. أثر الحصار على إمدادات الوقود والطاقة الكهربائية :
- التهديدات الإسرائيلية المتواصلة بقطع إمدادات الطاقة والكهرباء عن قطاع غزة له تأثير سلبي على كافة الأنشطة الاقتصادية والصحية والاجتماعية.
- وقد قامت شركة ألون دور الإسرائيلية بوقف إمداداتها من الوقود إلى أسواق القطاع، وذلك فور إغلاق المعابر منذ منتصف حزيران الماضي ، ولمدة 24 ساعة وعادت واستأنفت تموين القطاع بكميات محدودة من احتياجاته الأساسية، تكفيه يوما بيوم، دون القدرة على تخزين كميات احتياطيـة .
- وبناءً على تقرير جمعية أصحاب محطات الوقود في قطاع غزة فإن الاحتياجات اليومية للقطاع من المحروقات هي : (350) ألف لتر من السولار ، (120) ألف لتر بنزين ، (350) طن غاز بالإضافة إلى (350) ألف لتر يوميا من السولار الصناعي لتشغيل محطة الكهرباء ، إلا انه في ضوء القرار الإسرائيلي في نهاية نوفمبر 2007 بخصوص تخفيض كميات المحروقات ، فقد انخفضت كميات السولار اليومية إلى (90) ألف لتر فقط بنسبة انخفاض 74% ، وانخفض البنزين إلى (25) ألف لتر فقط بنسبة انخفاض 79% ، وانخفض الغاز إلى (100) طن بنسبة انخفاض 71% .


5. أثر الإغلاق على حركة الأفراد والبضائع :
- أغلقت إسرائيل المعابر المؤدية إلى قطاع غزة، ومنعت دخول أكثر من 80% من السلع والبضائع والمواد الخام باستثناء بعض السلع الأساسية من الأغذية والأدوية وتوقفت مؤخرا عن توريد احتياجات القطاع الكاملة من الوقود حيث تسمح اليوم بتوريد ثلث الاحتياجات فقط .
- منع الطلاب والمرضى والتجار من السفر إلى الخارج، مما أدى إلى حرمان هذه الفئات من التعليم والعمل والعلاج في الخارج (بلغ عدد الوفيات من المرضى بسبب الحصار 15 حالة وفاة حتى نهاية نوفمبر 2007) .


6. توقف المشاريع الإنشائية والعمرانية :
- توقف معظم المشاريع الإنشائية والعمرانية والتطويرية الخاصة والعامة، نتيجة إغلاق المعابر ومنع دخول مواد البناء إلى الأسواق الفلسطينية في قطاع غزة ، ومن أهم هذه المشاريع التي أوقفت مشروع تطوير شارع صلاح الدين الواصل شمال القطاع بجنوبه بتكلفة إجمالية تقدر بحوالي 18 مليون دولار ، وكذلك شارع النصر والعديد من المشاريع الأخرى .
- كما توقفت مشاريع البناء والتطوير التي تنفذها الأونروا والتي تقدر بحوالي 93 مليون دولار وتشكل مصدر دخل لما يزيد عن 120 ألف شخص ، وفي هذا السياق نشير إلى توقف المشاريع المتعلقة بالمرحلة الأولى لميناء غزة بكلفة (69) مليون دولار ومشروع المطار بكلفة (87) مليون دولار ومشروع الطريق الساحلي بكلفة (179) مليون دولار ومشروع تطوير ميناء الصيادين بحوالي (10) مليون دولار .
- ويبلغ مجموع المشاريع في قطاع البناء التي تم إيقافها وتعطلها بنحو 160 مليون دولار بما فيها مشاريع وكالة الغوث الأونروا وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومشاريع أخرى .


* الخسائر اليومية بسبب الحصار على قطاع غزة :
o الخسائر الإجمالية المباشرة : تقدر بحوالي 48 مليون دولار شهرياً (منذ منتصف حزيران 2007) و تتوزع على قطاع الصناعة بمعدل 16 مليون دولار شهرياً بنسبة 33% وعلى قطاع الزراعة بمعدل 12 مليون دولار شهرياً بنسبة 25 % وعلى القطاعات الأخرى، التجارة والإنشاءات والخدمات والصيد بمعدل 20 مليون دولار شهرياً بنسبة 42% .
o الخسائر اليومية غير المباشرة : وهي في تقديري تزيد عن خمسة ملايين دولار يوميا ، لكن ذلك التقدير يحتاج إلى دراسة عاجلة من المتخصصين المشهود لهم بالمصداقية الوطنية و في هذا الجانب يمكننا الإشارة إلى عدد من الجوانب الرئيسة المولدة لهذه الخسائر غير المباشرة وهي :
 النتائج الكارثية على العاملين في القطاعات الاقتصادية عموماً و قطاعي الصناعة و الزراعة خصوصاً و آثار الحصار على إغلاق 89% من مجموع المنشآت الصناعية من حيث الخسائر الناجمة عن عدم توفر المواد الخام و توقف فرص المبيعات و التصدير .
 الارتفاع المذهل في أسعار العديد من السلع و المواد الغذائية و الضرورية ارتباطاً بتحديد العرض من جهة و بالسوق السوداء أو الاحتكار من بعض تجار القطاع الخاص الذين لا همّ لهم سوى الربح من جهة ثانية .
 التراجع التدريجي في الإنتاج الحيواني و البيض و الألبان بسبب ضعف توريد الأعلاف ما قد يؤدي إلى انهيار الثروة الحيوانية و خاصة الدواجن اللاحمة و البياضة و التي تزيد قيمتها عن 50 مليون دولار.
 الخسارة غير المباشرة الناجمة عن غياب فرص توليد الدخل مما سيراكم في حرمان اقتصادنا في القطاع من النمو الطبيعي و عزله عن اقتصاده في الضفة وعلاقاته مع الأسواق العربية والأجنبية .


- لم تقتصر السياسة الإسرائيلية المتمثلة بالحصار والإغلاق المشدد على الآثار الاقتصادية بل أدت إلى آثار اجتماعية وظواهر خطيرة كارتفاع معدلات البطالة وازدياد نسبة الفقر التي ارتفعت معدلاتها :
- وصول معدلات البطالة إلى حوالي 33% من مجموع القوى العاملة في قطاع غزة ، سترتفع لتصل نسبة البطالة إلى حوالي 50% بسبب تعرض قطاع الخدمات لعوامل الانهيار مع استمرار الحصار وعزل القطاع عن العالم الخارجي ، وما سينجم عن ذلك من وقف حوالي 50 ألف عامل في قطاع الخدمات عن العمل خلال الشهرين القادمين ، مما سيفاقم مشكلة البطالة واتساعها ، وفي هذا الجانب نشير إلى ان 52% من فئة الشباب (20-24 سنة) عاطلين عن العمل .
- ازدياد نسب الفقر المدقع إلى حوالي 37% من مجموع السكان ونسب خط الفقر إلى أكثر من 70% ، وقد تركزت أعلى معدلات للفقر في محافظات شمال غزة وخان يونس بنسبة 73% و 75% على التوالي .
- إن الحديث عن استفحال مظاهر الفقر والبطالة وكل أشكال المعاناة والحرمان التي يعاني منها أبناء شعبنا عموما وفي قطاع غزة خصوصا حيث ينتشر الفقر بصورة غير مسبوقة في صفوف الأغلبية الساحقة من أبناءه ، وذلك ضمن خطين او قسمين : قسم يستطيع أن يلبي احتياجاته الأساسية والكمالية (الأقلية) و قسم آخر (الأغلبية) لا يستطيع أن يلبي احتياجاته الأساسية ضمن الحد الأدنى 2000 شيكل (450 دولار) شهرياً للعائلة بسبب الغلاء الفاحش. وهذه المجموعة تمثل حوالي 70% من مجموع السكان ، كما أنها تضم شريحة واسعة من الفقراء الذين يندرجون تحت خط الفقر أو فقر المجاعة أو الفقر المدقع ممن يقل دخلهم عن 300 دولار شهرياً للأسرة وهي تشكل اليوم حوالي 39.6% من سكان القطاع بسبب تضخم حجم البطالة و الغلاء وارتفاع الأسعار والحرمان و المعاناة بعد أن بات حوالي 45% من الأسر الواقعة تحت خط الفقر عاجزة عن تأمين احتياجاتها الأساسية ضمن الحد الأدنى في ظروف الحصار الراهنة التي يمارسها العدو الإسرائيلي بموافقة أمريكية أوروبية وبصمت عربي مريب ، بالرغم من إدراك أنظمة النفط العربي للازمة الخانقة الناجمة عن استفحال مظاهر الفقر والبطالة في بلادنا ، لذلك فإن أي مواجهة لمشكلة البطالة لا بد لها من دور عربي لفك الحصار و فتح سوق العمالة العربي لعمالنا العاطلين عن العمل، وفي هذا السياق، فإنه لكي يصل مستوى البطالة في قطاع غزة كما هو عليه في الضفة الفلسطينية (حوالي 19%) ينبغي توفير (42) ألف فرصة عمل في قطاع غزة .
- لذلك لابد من العودة الفورية للحوار الوطني الشامل تمهيدا لإقامة حكومة الوحدة الوطنية –على أساس وثيقتي القاهرة والوفاق الوطني- التي يمكن عبرها العمل على تأمين الاستثمارات بدل (المعونات الاغاثية وأهدافها المشبوهة) التي يتوجب أن لا تقل عن 1.6 مليار دولار (أقل من 0.2% من الناتج العربي) للعاطلين عن العمل في القطاعات الإنتاجية الذين يبلغ عددهم –في الضفة والقطاع- حوالي (120) ألف عامل على اعتبار أن متوسط تكلفة خلق فرصة عمل واحدة في القطاعات الإنتاجية و الصناعية خصوصاً تقدر بمبلغ (13) ألف دولار بما يتيح و يوفر لقطاعي الصناعة والزراعة خصوصاً القدرة على الاستمرار في العجلة الإنتاجية في الضفة و القطاع بدلاً من هجرة رأس المال إلى الخارج .
- بالطبع ، هناك آثار متوسطة المدى على الاقتصاد الفلسطيني في قطاع غزة تتحدد في إسهام الحصار الحالي في عرقلة أو وقف مقومات و عناصر النمو الاقتصادي ووقف إمكانيات مجابهة الفقر و البطالة و كذلك وقف و تعطيل أية برامج وطنية لإعادة تأهيل و توسيع البنية التحتية و مشاريع بناء المؤسسات العامة و من ثم تكريس العوامل التي تعزز انفصام القطاع عن امتداده الاجتماعي و الاقتصادي و السياسي في الضفة نحو مستقبل غامض و معقد ضمن موازين القوى المختلة الراهنة .
- وفي ضوء ما تقدم فإن المطلوب من كافة القوى السياسية والفعاليات الوطنية والاقتصادية الدعوة إلى مجابهة و فك الحصار عربياً و فلسطينياً و دولياً لتوفير الفرصة أمام الاقتصاد الفلسطيني وفك الحصار عن قطاع غزة ، و إلغاء اعتبار السوق الفلسطيني كمحمية إسرائيلية تصديراً أو استيراداً ، كذلك إلغاء هذه القيود و الاتفاقات بما يمكننا من الوصول إلى علاقات اقتصادية خارجية حرّة ومتنوعة مع الدول العربية و الصديقة تمهيداً للانفكاك من هذه التبعية الاقتصادية المذلة للاقتصاد الإسرائيلي ، والبدء بإيجاد السبل التي تضمن ارتباط اقتصادنا و دمجه بالاقتصاد العربي كرهان رئيسي من رهاناتنا الوطنية و القومية ... ولن تتحقق بعض أو كل هذه الأهداف بدون العودة السريعة إلى الحوار الوطني الشامل والمبادرة إلى تشكيل حكومة وطنية مؤقتة باتفاق كافة الأطراف على برنامجها وآليات عملها، خاصة بعد أن بات واضحاً لجميع أبناء شعبنا حجم التقاطع الواسع في البرنامج السياسي لكل من طرفي الصراع فتح وحماس، ما يؤكد على رفض كافة الذرائع أو الشروط المطلقة أو التعجيزية التي يطرحها هذا الفريق أو ذاك دون أي مبرر منطقي أو موضوعي سوى كيفية اقتسام الكعكة أو المصالح التي لن تؤدي – في حال استمرار هذا التناقض بينهما- إلا لمزيد من تكريس الانقسام بين الضفة والقطاع دونما أي أفاق لمشروعنا الوطني في الحرية والاستقلال وحق العودة والدولة، علاوة على المزيد من المعاناة والحرمان والفقر للأغلبية الساحقة من أبناء شعبنا الذين لن يصبروا طويلا على مثل هذه الأوضاع ، خاصة ونحن نعيش علي أبواب مأزق آخر أو كارثة جديدة في ضوء نتائج "أنابوليس" إن لم يتدارك الجميع من القوى والفعاليات الوطنية والإسلامية تحمل مسئولياتهم وممارسة دورهم الوطني في استعادة روح البرنامج الوطني الديمقراطي المقاوم وروح الوحدة الوطنية وروح الشرعية الديمقراطية وسيادة القانون ووحدة المجتمع بجناحيه في الضفة وغزة وتوحدهما السياسي مع الأهل في الشتات ، لأن البديل سيتجلى في مزيد من تراكم عوامل التبعية والضعف والتفكك الذي سيفضي لامحاله إلى مزيد من الهبوط والتنازلات التى سيدفع فقراء شعبنا وأجيالهم القادمة ثمنا باهظا على الصعيدين الوطني والديمقراطي إذا ما استمر صمت أو تقاعس القوى السياسية عموما ، واليسارية خصوصا –رغم تراجعها الشديد الناجم عن هشاشة دورها وتفاقم أزماتها- الأمر الذي يفرض على كافة القوى السياسية والفعاليات الاجتماعية والاقتصادية والوطنية الأخرى ، سرعة المبادرة المنظمة الجادة بالاستناد إلى القطاعات الشعبية والوطنية المتضررة ، للبدء بتشكيل الإطار السياسي الجماهيري الضاغط على طرفي الصراع –فتح وحماس- ليتحملا مسئولياتهما الوطنية بإعادة اللحمة بين جناحي الوطن قطاع غزة و الضفة الغربية كمهمة مركزية ، أولية ومباشرة في هذه المرحلة ، تدفع صوب البدء الفوري بالحوار وصولا إلى تشكيل حكومة وطنية مؤقتة تمهد وتوفر الحد الأدنى من المقومات المطلوبة لاستعادة وحدة مكونات النظام السياسي الديمقراطي الفلسطيني وفق وثيقتي القاهرة والوفاق الوطني بما يضمن :
- الاتفاق على أسس وبرامج الرؤية الإستراتيجية الفلسطينية المطلوبة لتحقيق أهداف النضال الوطني والديمقراطي التعددي في هذه المرحلة بكل أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وبما يؤدي إلى موقف دولي وعربي لوقف الحصار والإغلاق .
- البدء بالخطوات العملية الممكنة لبناء "اقتصاد الصمود" وتشجيع الاعتماد على الذات المرتبط تكاملياً مع الاقتصاد العربي ، وإنشاء المشاريع المنتجة بمساهمة البنوك والقطاع الخاص ، في الوطن والشتات تعزيزا ً لعوامل الصمود من أجل التحرر والديمقراطية والتنمية .
- إن دعوتي لكم لممارسة الضغط السياسي الجماهيري المنظم والفعال والمتصل، تنطلق من حرصنا جميعاً الخروج من هذا المأزق شبه المسدود الذي يتعرض له شعبنا وقضيتنا، عبر تحقيق وحدة الصف الفلسطيني وتعدديته السياسية على قاعدة الحد الأدنى المشترك من البرنامج التحرري الديمقراطي من ناحية، وإعادة الحوار والتوافق بين فتح وحماس ارتباطاً بالاتفاقات المعقودة بينهما – وآخرها بيان مكة – الذي أؤكد على رفضي لكل منطلقات ومحددات ذلك البيان، لكن اللحظة الراهنة لها ضروراتها للخلاص من هذا الانقسام السياسي والوطني والقانوني، بما يمكن من العودة إلى الديمقراطية التي نأمل أن تظل مهداً لعملية التحرر الوطني والديمقراطي وليست لحداً لها
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69755
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

الاقتصاد الفلسطيني .. الواقع والآفاق  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاقتصاد الفلسطيني .. الواقع والآفاق    الاقتصاد الفلسطيني .. الواقع والآفاق  Emptyالأربعاء 21 يوليو 2021 - 7:00

أثر الحصار والإغلاق على الحالة الاقتصادية في قطاع غزة


-   نشهد في هذه اللحظة المهينة من تاريخنا، تراجعاًً حاداً للأفكار الوطنية التوحيدية لحساب الأفكار السوداء التي تروج لعوامل القلق والإحباط واليأس في هذه المرحلة التي يتبدى فيها نوعاً من التطابق في النتائج السياسية الكارثية، بين مسار الحركة الوطنية قبل عام 48، ومسار ما بعد أوسلو وصولاً إلى المشهد السياسي الراهن والصراع على المصالح والصلاحيات والمحاصصة بين طرفي الصراع .
-   وهو مشهد زاخر بعوامل التفكك والانفصال بين الأهداف الوطنية التي ناضل من أجلها فقراء شعبنا الفلسطيني، وبين الأهداف والمصالح الخاصة للقيادة الفلسطينية المتنفذة، وصولاً إلى المأزق شبه المسدود عبر مجموعة من العوامل أو الإشكاليات بدءاً من استفراد العدو الإسرائيلي بشكل ومضمون الحل المرحلي وفق رؤيته السياسية والأمنية، وتآكل النظام السياسي الفلسطيني في السلطة والمنظمة معاً وما يجري من تكريس انفصال قطاع غزة عن الضفة الفلسطينية .
-    وفى هذا السياق ، فان ما يعرض علينا اليوم من حلول تخديرية وفق منطق ارادة العدو الامريكي الاسرائيلي تحت مسميات متنوعة من رؤية بوش إلى رؤية اولمرت التي ترفض مبدا الحديث عن حق العودة وازالة المستوطنات والانسحاب الكامل ،لا تسعى الا إلى تكريس الموقف الأمريكي الإسرائيلي .. أو شرعية المحتل وشروطه المذلة ، وبالتالي فإن الحد الأدنى المطلوب الذي يمكن ان يقبله شعبنا كنهاية اخيرة لسقف التنازلات يتلخص فيما ورد في وثيقة الوفاق الوطني ، التي يتوجب التمسك بنصوصها والتمترس حول بنودها وأسسها بحيث تكون المحدد الرئيس لأية وثيقة تفاوضية للحل المرحلي .
-   وهذا يعني صراحة رفض الرؤية الأمريكية الإسرائيلية رغم إدراكنا لموازين القوى المختلة مع العدو ، لكننا لن نقبل شروطهم أو وثائقهم الاستسلامية ، لان قبولنا هو الخسارة الكبرى أو مؤشر الضعف والاستسلام ، ورفضنا هو مؤشر القوة والصمود في وجه هذا العدو الأمريكي الإسرائيلي المتغطرس الذي يريد ان يفرض على شعبنا إرادة القوة الغاشمة أو شرعية المحتل الغاصب .. التي سيرفضها شعبنا وفاءً منه لرسالة شهدائه وجرحاه وأسراه ، والتزاماً بتواصل مسيرة النضال من أجل دولة وطنية ديمقراطية مستقلة كاملة السيادة على كل جزء من ارضنا وسماءنا ومياهنا .. هذا هو الحد الادنى المطلوب في هذه المرحلة .
-   أما بالنسبة للحصار المفروض على شعبنا ، فإننا نشير بوضوح إلى الدور الرئيسي للولايات المتحدة ، المقرر والحليف الاستراتيجي للعدو الاسرائيلي، بحيث يصبح العنوان ، الحصار الامبريالي الأمريكي/الاسرائيلي المفروض على الشعب الفلسطيني عموما و على شعبنا في قطاع غزة خصوصاً علاوة على دورهما المركزي في قيادة عملية تصفية قضية اللاجئين و إخضاع مشروعنا الوطني لمقتضيات التوسع الامبريالي الصهيوني .
-   ان الشروط الأمريكية الإسرائيلية المطروحه لا تقدم لشعبنا سوى مزيد من الاوهام والاكاذيب وهي تستهدف تدمير الآمال والاهداف الوطنية التي ناضل من اجلها فقراء شعبنا وكادحيه طوال اكثر من سبعين عاما لمصلحة فئة أو شريحة طبقية مستفيدة .. وهي شروط لن يقبل بها شعبنا بل سيتصدى لكل من يقبل بها من اجل وقف ومجابهة كل مظاهر التردي والمعاناة والاحباط على الصعيدين السياسي والحياتي معا، اذ لم تعد اوضاع شعبنا الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة خافية على احد من المؤسسات الدولية والاقليمية والعربية ، فالآثار التدميرية للحصار و انعكاساته الخطيرة على معظم الشرائح الاجتماعية وعلى الاقتصاد الفلسطيني و خصوصاً مجالات الإنتاج الصناعي و الزراعي و الاستثمار و التجارة الداخلية و الخارجية و العمل و تزايد البطالة و الفقر بكل أنواعه و التسبب بخسائر في الاقتصاد الفلسطيني تفوق مجمل المساعدات الدولية التي تلقاها شعبنا، (حيث وصلت الأغلبية الساحقة من أبناء شعبنا في قطاع غزة إلى ظروف وأوضاع معيشية فرضت حالة غير مسبوقة من الحرمان بكل مستوياته في الغذاء والعلاج والملبس والتعليم والمسكن).
-   وفي هذا الجانب أشير إلى الدعم المالي الموعود والمشروط في الضفة من الولايات المتحدة و أوروبا و إسرائيل الهادف إلى توسيع الهوة بين القلة من أصحاب المصالح و بين الأغلبية الساحقة من أبناء شعبنا ، فهو دعم يهدف إلى المزيد من تغييب مبادئ العدالة الاجتماعية و المساواة ، ما يعني اتساع إطار الفساد وآلياته وأدواته ، إنه الدعم الذي يحول المعادلة من حرب ضد الفقر و البطالة إلى حرب ضد الفقراء أنفسهم كما يمارسونها اليوم في قطاع غزة ، سفينة نوح الفلسطينية و الحاضنة للهوية الوطنية، مستهدفين تركيع القطاع و إذلاله و استسلامه للمخطط الامبريالي الصهيوني لكي يتحول أبناء شعبنا في الوطن و الشتات إلى مجرد كائنات اقتصادية تستسلم للقمة العيش و ضروراتها تمهيدا للنكبة الاجتماعية و الثقافية تضاف إلى النكبة السياسية أو التكيف الذي ترفضه جماهير شعبنا من الفقراء و الكادحين مثلما ترفض و تلفظ أدواته في هذه اللحظة السوداء المؤقتة .
-   كما أشير إلى القرار الإسرائيلي باعتبار قطاع غزة كيان معادي ، وهو قرار يثير السخرية ، فالضفة الفلسطينية وكل الأرض العربية كيان معاد، ورغم ذلك نقول ان هذا القرار يمكن ان يوفر فرصة لتكريس المقاطعة مع السوق الإسرائيلي والعمل في نفس الوقت على فتح معبر رفح وتشغيله  بقرار فلسطيني مصري بدعم الجامعة العربية ارتباطا بقرار الاسرائليين اعتبار قطاع غزة كياناً معادياً .
-       على أي حال أود أن أؤكد –بداية- على عدد من الحقائق المرتبطة بموضوع ندوتنا اليوم :
-   الحصار ليس جديدا ، فهو سمة من سمات العدو الإسرائيلي وجزء حيوي من سياساته ضدنا منذ أوسلو وصولاً الى ما يسمى اللقاء الدولي في نوفمبر.
-   اعتماد الاقتصاد الفلسطيني –بدرجة عالية- على الدول المانحة مع إدراكنا أن القسم الأكبر من هذه الدول منحاز لسياسات العدو الإسرائيلي.
-   التراجع الحاد في الدور العربي الرسمي الداعم للأهداف الوطنية الفلسطينية وللاقتصاد الفلسطيني، حيث نلمس تجاهل النظام العربي لنداء الشعب الفلسطيني لمساعدته في مجابهة العدوان والحصار من ناحية وتقديم الدعم المالي من ناحية ثانية.
-   الحصار والعدوان الصهيوني/الأمريكي الحالي، يتخذ أبعاداً سياسية واجتماعية ترتبط بمستقبل النظام السياسي أو المشروع الوطني الفلسطيني المهدد بالتفكك والانقسام السياسي والقانوني، علاوة على البعد الاقتصادي الذي يمثل مصدر المعاناة والألم المباشر لشعبنا .
 
-       المأزق الاقتصادي  الذي يواجه المواطن الفلسطيني يتمثل في أربع أبعاد :
1.  الانهيار المتواصل في البنيه الاقتصادية لقطاع غزة ، سواء بالنسبة للموارد المادية الضعيفه ، او بالنسبة للمنشات الصناعية التي توقف اكثر من 85% منها عن العمل ، وكذلك الأمر بالنسبة لقطاع الزراعة الذي توقف عن التصدير بصورة شبه كلية ، الى جانب التدهور المريع في قطاع الانشاءات و التجارة والخدمات في سياق التراجع الحاد للواردات والصادرات بصورة غير مسبوقه .
2.  الارتفاع المتوالي للأسعار ( أدى إلى تغيراكراهي مرير ومذل في  أنماط الاستهلاك لدى الأسر الفلسطينية من أصحاب الدخل المحدود ) و في هذا السياق فلا السلطة و لا حركة حماس عملتا على تثبيت أسعار السلع الأساسية أو تنفيذ أية برامج داعمة للفقراء .
3.  اتساع حجم البطالة و الفقر، و ارتفاع نسبة الإعالة 1-6 تقريباً (البطالة في قطاع غزة تصل إلى 30% من مجموع القوى العاملة البالغة 292 ألف منهم (77500) في القطاع العام و(126900) في القطاع الخاص والوكالة والمؤسسات غير الحكومية و(87600) عاطل عن العمل ، وهؤلاء المتعطلين يعيلون ما يقرب من 550 ألف نسمة (ما يعادل 36.6% من مجموع سكان القطاع البالغ 1.5 مليون نسمة) يعيشون تحت مستوى خط الفقر أو في حالة من الفقر المدقع في ظروف لا يعرفها إلا من يكتوي بنارها.
4.   ثبات الأجور وعدم دفعها بصورة دورية ، وحرمان البعض منها ، آخذين بعين الاعتبار الفرق في متوسط الأجر اليومي في القطاعين العام والخاص حسب بيانات مسح القوى العاملة في الربع الثاني من العام 2007 ، فقد بلغ متوسط الأجر اليومي في القطاع الخاص نحو (37.6) شيكل ، أما في القطاع الحكومي فقد بلغ (75.5) شيكل ، وفي هذا الجانب فإن الدخل الأكثر انخفاضا نجده في قطاع الزراعة الذي لا يتجاوز فيه متوسط الأجر اليومي للعامل (28) شيكل فقط ، وفي هذا السياق فإن أعلى معدلات الفقر في القطاع تنتشر في مخيماته أولا وفي شرق وشمال محافظة غزة ومدينتي رفح وخان يونس .
           إن حديثي عن هذه الأبعاد الأربعة لا يلغي وجود أنماط استهلاكية في قطاع غزة وصلت حد الترف المفجع لدى بعض الشرائح الاجتماعية البورجوازية العليا التجارية الكومبرادورية والعقارية/ والزراعية والخدماتية من جهة و لدى الشرائح البيروقراطية الطفيلية الفاسدة التي تراكمت و تمأسست في السلطة منذ نشأتها إلى يومنا هذا ، بحيث يمكن وصف المشهد العام –في بلادنا كما في معظم البلدان العربية- وكأنه عصر من الفساد ، الذي انتقل من سفح الهرم حيث الرشاوي الصغيرة إلى فساد في القمة التي تختلط فيها الاقتصاد بالسياسة و ما ينتج عن ذلك من تزايد مظاهر الفقر و المعاناة التي تنتج بدورها مزيداً من مظاهر القلق و الإحباط و اليأس و غياب الآفاق السياسية .
 
-   على أي حال في ظروفنا الفلسطينية الراهنة ، فإن الفقر لا يتوقف عند نقص الدخل أو البطالة و انخفاض مستوى المعيشة ، بل يشمل أيضا غياب الإمكانية لدى الفقراء و أسرهم من الوصول إلى الحد الأدنى من فرص العلاج و تأمين الاحتياجات الضرورية.
-   والأخطر أن هذه الظاهرة من استفحال الفقر و البطالة قد ساهمت في توليد المزيد من الإفقار في القيم مما سهل و يسهل استغلال البعض من الفقراء و المحتاجين في العديد من الانحرافات الأمنية و الاجتماعية بحيث لم تعد ظاهرة الفقر مقتصرة على الاحتياجات المباشرة بل أصبح مجتمعنا الفلسطيني عموماً و في قطاع غزة بالذات يعيش فقراً في القيم و فقراً في النظام و في القانون و العدالة الاجتماعية و السبب الرئيسي في ذلك هو الحصار الأمريكي الإسرائيلي بالطبع .
-   لكن علينا أن لا نغفل السياسات الداخلية التي تراكمت خلال السنوات الماضية من جهة و نتائج الصدام الدموي و الحسم المسلح الذي كرس -بسبب إصرار الفريقين- هذه الحالة من الانقسام و التشرذم و ضبابية المستقبل التي لا يمكن إزالتها بدون العودة إلى الحوار الفلسطيني المسئول على أساس وثيقة الوفاق الوطني بعيدا عن ما يسمى ب " بيان مكة " وغيره من البيانات او المبادرات السابقة او اللاحقة.
 
-   إن الحديث عن استفحال مظاهر الفقر والبطالة وكل أشكال المعاناة والحرمان التي يعاني منها ابناء شعبنا عموما وفي قطاع غزة خصوصا حيث ينتشر الفقر بصورة غير مسبوقة في صفوف الاغلبية الساحقه من أبناءه ، وذلك ضمن خطين او قسمين : قسم يستطيع أن يلبي احتياجاته الأساسية والكمالية (الأقلية) و قسم آخر (الأغلبية) لا يستطيع أن يلبي احتياجاته الأساسية ضمن الحد الأدنى 2000 شيكل (450 دولار) شهرياً للعائلة بسبب الغلاء الفاحش. وهذه المجموعة تمثل حوالي 75 % من مجموع السكان، كما أنها تضم شريحة واسعة من الفقراء الذين يندرجون تحت خط الفقر أو فقر المجاعة أو الفقر المدقع ممن يقل دخلهم عن 300 دولار شهرياً للأسرة وهي تشكل اليوم حوالي 36% من سكان القطاع بسبب تضخم حجم البطالة و الغلاء وارتفاع الأسعار والحرمان و المعاناة في ظروف الحصار الراهنة التي يمارسها العدو الإسرائيلي بموافقة أمريكية أوروبية وبصمت عربي مريب ، بالرغم من إدراك أنظمة النفط العربي للازمة الخانقة الناجمة عن استفحال مظاهر الفقر والبطالة في بلادنا ، لذلك فإن أي مواجهة لمشكلة البطالة لا بد لها من دور عربي لفك الحصار و فتح سوق العمالة  العربي لعمالنا العاطلين عن العمل .
-   أما على الصعيد المحلي ( في الضفة وغزة ) فلا بد من العودة الفورية للحوار الوطني الشامل تمهيدا لاقامة حكومة الوحدة الوطنية التي يمكن عبرها العمل على تأمين الاستثمارات  بدل (المعونات الاغاثية  و أهدافها المشبوهة ) التي يتوجب أن لا تقل عن 1.6 مليار دولار  (أقل من 0.2% من الناتج العربي) للعاطلين عن العمل في القطاعات الإنتاجية الذين يبلغ عددهم حوالي (120) ألف عامل على اعتبار أن متوسط تكلفة خلق فرصة عمل واحدة في القطاعات الإنتاجية و الصناعية خصوصاً تقدر بمبلغ (13) ألف دولار بما يتيح و يوفر لقطاعي الصناعة والزراعة خصوصاً القدرة على الاستمرار في العجلة الإنتاجية في الضفة و القطاع بدلاً من هجرة رأس المال إلى الخارج (توقف حوالي 4 آلاف منشأة صناعية في قطاع غزة عن العمل من أصل 4500 فيه)** .
 
-       الخسائر اليومية بسبب الحصار على قطاع غزة :
-   الخسائر المباشرة تقدر بحوالي 48 مليون دولار شهرياً (منذ منتصف حزيران 2007) و تتوزع على قطاع الصناعة بمعدل 16 مليون دولار بنسبة 33% و على قطاع الزراعة بمعدل 12 مليون دولار بنسبة 25 % وعلى القطاعات الأخرى، التجارة والإنشاءات والخدمات والصيد بمعدل 20 مليون دولار بنسبة 42% .
-   الخسائر اليومية غير المباشرة : تحتاج إلى دراسة عاجلة من المتخصصين المشهود لهم بالمصداقية الوطنية و في هذا الجانب يمكننا الإشارة إلى عدد من الجوانب الرئيسة المولدة لهذه الخسائر غير المباشرة و هي :
1.  النتائج الكارثية على العاملين في القطاعات الاقتصادية عموماً و قطاعي الصناعة و الزراعة خصوصاً و آثار الحصار على إغلاق 89% من مجموع المنشآت الصناعية من حيث الخسائر الناجمة عن عدم توفر المواد الخام و توقف فرص المبيعات و التصدير .
2.  الارتفاع المذهل في أسعار العديد من السلع و المواد الغذائية و الضرورية ارتباطاً بتحديد العرض من جهة و بالسوق السوداء أو الاحتكار من بعض تجار القطاع الخاص الذين لا همّ لهم سوى الربح من جهة ثانية .
3.  التراجع التدريجي في الإنتاج الحيواني و البيض و الألبان بسبب ضعف توريد الأعلاف ما قد يؤدي إلى انهيار الثروة الحيوانيه و خاصة الدواجن اللاحمة و البياضة و التي تزيد قيمتها عن 50 مليون دولار.
4.  الخسارة غير المباشرة الناجمة عن غياب فرص توليد الدخل مما سيراكم في حرمان اقتصادنا في القطاع من النمو الطبيعي و عزله عن اقتصاده في الضفة وعلاقاتة مع الاسواق العربية والاجنبية .
 
-   بالطبع ، هناك آثار متوسطة المدى على الاقتصاد الفلسطيني في قطاع غزة تتحدد في إسهام الحصار الحالي في عرقلة أو وقف مقومات و عناصر النمو الاقتصادي ووقف إمكانيات مجابهة الفقر و البطالة و كذلك وقف و تعطيل أية برامج وطنية لإعادة تأهيل و توسيع البنية التحتية و مشاريع بناء المؤسسات العامة و من ثم تكريس العوامل التي تعزز انفصام القطاع عن امتداده الاجتماعي و الاقتصادي و السياسي في الضفة نحو مستقبل غامض و معقد ضمن موازين القوى المختلة الراهنة .
-   وفي ضوء ما تقدم فإن المطلوب من كافة القوى السياسية والفعاليات الوطنية والاقتصادية الدعوة إلى مجابهة و فك الحصار عربياً و فلسطينياً و دولياً لتوفير الفرصة أمام الاقتصاد الفلسطيني للخلاص من قيود الاقتصاد الإسرائيلي ، و إلغاء اعتبار السوق الفلسطيني كمحمية إسرائيلية تصديراً أو استيراداً، كذلك إلغاء هذه القيود و الاتفاقات بما يمكننا من الوصول إلى علاقات اقتصادية خارجية حرّة  ومتنوعة مع الدول العربية و الصديقة تمهيداً للانفكاك من هذه التبعية الاقتصادية المذلة للاقتصاد الإسرائيلي و البدء بإيجاد السبل التي تضمن ارتباط اقتصادنا و دمجه بالاقتصاد العربي كرهان رئيسي من رهاناتنا الوطنية و القومية ...  ولن تتحقق بعض او كل هذه الاهداف بدون العودة السريعة الى الحوار الوطني الشامل والمبادرة الى تشكيل حكومة وطنية مؤقتة باتفاق كافة الأطراف على برنامجها وآليات عملها، خاصة بعد أن بات واضحاً لجميع أبناء شعبنا حجم التقاطع الواسع في البرنامج السياسي لكل من طرفي الصراع فتح وحماس، ما يؤكد على رفض كافة الذرائع او الشروط المطلقة او التعجيزية التي يطرحها هذا الفريق او ذاك دون أي مبرر منطقي أو موضوعي سوى كيفية اقتسام الكعكة أو المصالح التي لن تؤدي – في حال استمرار هذا التناقض بينهما- الا لمزيد من تكريس الانقسام بين الضفة والقطاع دونما أي أفاق لمشروعنا الوطني في الحرية والاستقلال وحق العودة والدولة، علاوة على المزيد من المعاناة والحرمان والفقر للأغلبية الساحقة من أبناء شعبنا الذين لن يصبروا طويلا على مثل هذه الأوضاع ، خاصة ونحن نعيش علي ابواب مأزق اخر او كارثه جديدة ، ان لم يتدارك الجميع من القوى والفغاليات الوطنية والاسلامية تحمل مسئولياتهم وممارسة دورهم الوطني في استعادة روح البرنامج الوطني الديمقراطي المقاوم وروح الوحدة الوطنية وروح الشرعية الديمقراطية وسيادة القانون ووحدة المجتمع بجناحيه في الضفة وغزة وتوحدهما السياسي مع الأهل في الشتات ، لان البديل سيتجلى في مزيد من الضعف والتفكك الذي سيفضي لامحاله الى مزيد من الهبوط والتنازلات التى سيدفع فقراء شعبنا واجيالهم القادمه ثمنا باهظا على الصعيدين الوطني والديمقراطي اذا ما استمر صمت أو تقاعس القوى السياسية عموما ، واليسارية خصوصا على هذه الكوارث المتلاحقـة .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69755
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

الاقتصاد الفلسطيني .. الواقع والآفاق  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاقتصاد الفلسطيني .. الواقع والآفاق    الاقتصاد الفلسطيني .. الواقع والآفاق  Emptyالأربعاء 21 يوليو 2021 - 7:01

** الصناعات الاكثر تضررا في قطاع غزة هي صناعة الاثاث التي انخفضت منشآتها من 600 منشأة عام 2006 إلى نحو 120 منشأة في بداية النصف الثاني للعام 2007 ، وانخفض عدد العاملين في صناعة الاثاث من 5500 إلى نحو 550 عامل فقط وكذلك الامر في قطاع الصناعات الغذائية الذي انخفضت منشآته من 80 منشأة إلى نحو 28 منشأة ، وانخفض عدد العاملين فيه من 2500 عامل إلى نحو 300 عامل فقط ، في حين انخفضت اعداد المنشآت العاملة في قطاع صناعة الملابس والنسيج من 960 منشأة إلى نحو 48 منشأة فقط ، وانخفض عدد العاملين فيها من (16) ألف عامل إلى نحو 800 عامل في يوليو 2007 ، وكما هو معروف فقد انعدمت عمليات التصدير الخاصة بهذه الصناعات منذ تموز 2007 إلى اليوم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69755
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

الاقتصاد الفلسطيني .. الواقع والآفاق  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاقتصاد الفلسطيني .. الواقع والآفاق    الاقتصاد الفلسطيني .. الواقع والآفاق  Emptyالسبت 4 ديسمبر 2021 - 19:01

الاستعمار الإسرائيلي وأزمة الاقتصاد

كل اشكال الاستعمار بمختلف مسمياتها وعناوينها القديمة والجديدة كانت وبالا على اقتصادات الدول التي استعمرتها، او استحوذت على اقتصادها في اطار تبعية النظام السياسي. وبالاساس تمظهر الاستعمار الرأسمالي لتحقيق اكثر من هدف، منها: أولا نهب ثروات خيرات الشعوب؛ ثانيا تحويل أسواق الدول الخاضعة للاستعمار لسوق تابع لها، وتحويل الدول والشعوب لدول استهلاكية عبر تصريف البضائع والسلع المنتجة في دول المركز؛ ثالثا حرمان الدول والشعوب من التطور والتنمية المستدامة؛ رابعا في الحالة الفلسطينية الإسرائيلية تم الغاء وشطب وتصفية السوق الفلسطيني كليا، واخضاعه بالكامل لتبعية شبه مطلقة، ونهب الثروات والكفاءات والطاقات الإنتاجية بما في ذلك اليد العاملة، والحؤول دون أي تطور للاقتصاد الوطني.

ومازال الاستعمار الإسرائيلي يواصل ذات النهج والسياسة الاستغلالية لحرمان الشعب الفلسطيني من ابسط حقوقه السياسية والاقتصادية والثقافية، رغم توقيع اتفاقيات أوسلو في العام 1993، وبرتوكول باريس الاقتصادي 1994، وهذا ما أكده التقرير الذي اعده مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "اونكتاد" سابقا، وكشف عنه يوم الأربعاء الموافق 24 نوفمبر الماضي (2021) في مؤتمر صحفي عقده في جنيف كل من محمود الخفيف ورامي العزة، الذي قدر خسائر الاقتصاد الفلسطيني بحوالي 58 مليار دولار أميركي نتاج الاغلاقات الإسرائيلية في الفترة من 2000 إلى 2019.

وكانت تقارير سابقة لل"اونكتاد" قدرت خسائر الاقتصاد الفلسطيني من عدم استغلال المنطقة المصنفة (C) بما يقارب 3,8 مليار دولار سنويا. وهذه الخسائر لا تشمل جرائم الحرب الأخرى من حروب واجتياحات وتدمير وقتل ونهب ومصادرة للأراضي والعقارات والسياحة، فضلا عن استنزاف طاقة اليد العاملة في سوقها، في الوقت الذي تحرم فيه السوق الفلسطينية من ابسط الحقوق الاقتصادية وفق المعايير العالمية، من حرية الاستيراد والتصدير، وحرية الاستغلال للثروات الطبيعية الفلسطينية، وحرية المعابر والتنقل، ومنعه من إقامة موانئه البحرية والجوية.. الخ .

وهذه الانتهاكات والجرائم لا تتوقف تداعياتها عند حدود الخسائر المالية فقط، انما هناك اثارا ونتائج اجتماعية وسيكولوجية واقتصادية وثقافية، فضلا عن البعد الأساس لنضال وكفاح الشعب العربي الفلسطيني التحرري، وحرمانه من الاستقلال السياسي الناجز. لانه من خلال الخنق شبه الكامل للاقتصاد الفلسطيني يحول دون بلوغه الهدف انف الذكر.

ونتاج سياسة الاغلاق المستمرة بمتوالية هندسية انخفض معدل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي حسب التقرير بنسبة 44%. اضف الى ان الاقتصاد الفلسطيني وفقا لقياس النمو قبل العام 2000 وما بعد 2006 بنسبة 7%، فانه كان يفترض ان يتطور بنحو 35%. لكن الاغلاقات والانتهاكات والعقوبات الجماعية، حالت دون ذلك. كما تعاظم الحد الأدنى لتجاوز الفقر في الضفة الفلسطينية ستة اضعاف بين عامي 1998 و2007؛ وتضخم من 73 مليون دولار (بالأسعار الثابتة لعام 2015) في عام 1998 إلى 428 مليون دولار عام 2007. وقد ارتفعت معدلات نسبة الفقر وعدم المساواة بشكل حاد في أعوام انتفاضة الأقصى 2000/2005. واحتاجت للعودة لنفس المعدل لعقدين من الزمن، ولكن في شروط اقتصادية اكثر بؤسا وتعقيدا، وانخفاض كبير في مستوى المعيشة.

ورغم هذه الحقائق الدامغة والعميقة الدلالة يتحدثون عن الحل الاقتصادي للمسألة الفلسطينية، وكأنها البوابة السحرية لقضية العصر، التي مضى عليها 74 عاما خلت من نكبة الشعب العربي الفلسطيني. والاسئلة التي تطرح نفسها، إذا ما تساوقنا مع الحل الاقتصادي، هل الدولة الاستعمارية الإسرائيلية، التي تدمر الاقتصاد الفلسطيني بشكل منهجي مستعدة أولا ان تحرر الاقتصاد الفلسطيني من تبعيتها وغلافها الجمركي؟ هل جاهزة إسرائيل المارقة لان تمنح فروع الاقتصاد الفلسطيني حرية الاستيراد والتصدير، وتعيد النظر ببرتوكول باريس؟ وهل لديها الاستعداد لان تفتح للمستثمرين الفلسطينيين الأبواب للاستثمار في المنطقة المصنفة C ؟ وهل تقبل إسرائيل على تحرير الاقتصاد الفلسطيني من التبعية لاقتصادها وسوقها؟ وهل لديها الاستعداد للكف عن سياسة التهويد والمصادرة للأراضي والعقارات الفلسطينية؟ وهل لديها الجاهزية لان تمنح حرية السياحة في أراضي دولة فلسطين بما في ذلك القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية؟ وهل تقبل فتح المعابر والحدود والطريق الآمن بين جناحي الوطن الفلسطيني الضفة والقطاع؟

من المؤكد لن تسمح بشيء، وبالتالي النتيجة المنطقية والعلمية القابلة للترجمة على الأرض، هي التسوية السياسية وتطبيق قرارات الشرعية الدولية ومنها القرار الدولي 2334 الصادر عن مجلس الامن في 23 ديسمبر 2016، وانسحاب اسرائي الكامل من اراضي الدولة الفلسطينية المحتلة في الخامس من حزيران عام 1967، وضمان عودة اللاجئين الفلسطينيين لديارهم وفقا للقرار الدولي 194، والمساواة الكاملة لابناء الشعب في مناطق ال48. غير ذلك لا افق لحل آخر.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
الاقتصاد الفلسطيني .. الواقع والآفاق
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الاقتصاد الفلسطيني آخر المستفيدين من مشروع "بوابة الأردن"
» الاقتصاد الفلسطيني
» الاقتصاد الفلسطيني
» الاقتصاد الفلسطيني
» الاقتصاد الفلسطيني والصعود نحو الأسفل

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث اقتصادية-
انتقل الى: