القطريون يصوتون في أول انتخابات تشريعية ونسبة الإقبال 44 بالمئة.. ورئيس الوزراء يعتبره إنجازا تاريخيا
أدلى الناخبون في قطر بأصواتهم اليوم السبت في أول انتخابات تشريعية لاختيار ثلثي أعضاء مجلس الشورى في انتخابات أثارت جدلا داخليا حول المشاركة في الانتخابات والمواطنة.
وقالت لجنة الإشراف على الانتخابات إن نسبة الإقبال على التصويت لانتخاب 30 من أعضاء المجلس المؤلف من 45 مقعدا بلغت 44 بالمئة. وسيواصل أمير البلاد تعيين الأعضاء الخمسة عشر المتبقين في المجلس.
وستكون للمجلس سلطة تشريعية وسيصادق على السياسات العامة للدولة والميزانية، لكنه لا يملك سيطرة على الهيئات التنفيذية التي تضع السياسة الدفاعية والأمنية والاقتصادية والاستثمارية في هذه الدولة التي تحظر الأحزاب السياسية.
وقالت منيرة، وهي مؤلفة كتب أطفال اكتفت بذكر اسمها الأول، لرويترز “مع امتلاك فرصة التصويت، أشعر أن هذا فصل جديد”.
وأضافت “أنا سعيدة حقا بعدد النساء المرشحات في الانتخابات”.
وتظهر النتائج الأولية أن الناخبين لم يختاروا أيا من المرشحات وعددهن 26 خضن الانتخابات ضمن 233 مرشحا في 30 منطقة في قطر التي تجري انتخابات بلدية منذ عدة سنوات.
وأدلى الرجال والنساء بأصواتهم في أقسام منفصلة. وقبل إغلاق صناديق الاقتراع أدلى حشد كبير بصوته في سرادق على مشارف العاصمة الدوحة، وكان من بينه أفراد ينتمون إلى قبيلة رئيسية نظم بعض أبنائها احتجاجات على تحجيم عدد المؤهلين للتصويت.
وقال سبعان الجاسم (65 عاما) وهو مرشح في حي المرخية “في نهاية المطاف، الشعب القطري سيكون جزءا من صناعة القرار”.
وقال ألين فرومهيرز مدير مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة ولاية جورجيا إن الانتخابات تشير إلى أن عائلة آل ثاني الحاكمة في قطر “لا تأخذ فحسب على محمل الجد فكرة المشاركة الرمزية للسلطة لكنها تتقاسم أيضا بشكل فعلي السلطة مؤسسيا مع الجماعات القبلية القطرية الأخرى”.
وتمت الموافقة على هذه الانتخابات في استفتاء على الدستور عام 2003 وتأتي قبل استضافة قطر لبطولة كأس العالم لكرة القدم العام المقبل.
* “تجربة” تصويت
وصف نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الانتخابات الشهر الماضي بأنها “تجربة” جديدة وقال إنه لا يمكن توقع أن يكون للمجلس منذ العام الأول “الدور الكامل لأي برلمان”.
والكويت هي الدولة الخليجية الوحيدة حاليا التي تمنح سلطات كبيرة لبرلمان منتخب رغم أن صنع القرار يكون بيد الحاكم كما هو الحال في الدول المجاورة.
ومع وجود عدد كبير من العمال الأجانب في قطر، أكبر منتج للغاز الطبيعي المسال في العالم، يشكل المواطنون عشرة بالمئة فحسب من السكان البالغ عددهم 2.8 مليون نسمة، ومع ذلك فإن حق التصويت ليس مكفولا لكل المواطنين على إطلاقهم.
وأثارت الانتخابات حساسيات قبلية بعد أن وجد بعض أبناء قبيلة رئيسية أنفسهم غير مؤهلين للتصويت بموجب قانون يقصر التصويت على القطريين الذين كانت عائلاتهم موجودة في البلاد قبل عام 1930.
وقال ضافي المري (30 عاما) وهو من قبيلة آل مرة التي قاد بعض أبنائها مظاهرات صغيرة في أغسطس آب احتجاجا على هذا القانون إن المجلس الجديد يمكن أن يعالج تلك القضية.
وأضاف “سيكون لدينا مرشح جيد لحلها وللحديث عن هذا القانون أو أي قضية أخرى في المستقبل”.
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش إنه تم استبعاد آلاف القطريين. وذكرت أن قطر اعتقلت نحو 15 متظاهرا ومنتقدا للقانون الانتخابي خلال الاحتجاجات. وقال مصدر قطري مطلع إن اثنين ما زالا محتجزين “للتحريض على العنف وخطاب الكراهية”.
وقال وزير الخارجية القطري إن هناك “عملية واضحة” لمراجعة قانون الانتخابات من قِبل مجلس الشورى المقبل.
وقالت كريستين سميث ديوان من معهد دول الخليج العربية بواشنطن “سارت القيادة القطرية بحذر وقيدت المشاركة بأساليب واضحة وأبقت قيودا مهمة على النقاش السياسي والنتائج”.
لكنها قالت إن السياسة لا يمكن التنبؤ بها.
وأضافت “بمرور الوقت قد يبدأ القطريون النظر لدورهم وحقوقهم بشكل مختلف مع نمو هذا المنتدى العام”.
“توصيل صوتنا” –
يقول محللون إن الانتخابات، وهي بادرة غير معمّمة في منطقة الخليج، لن تكون نقطة تحوّل في قطر التي تُسلَّط عليها الأضواء بشكل متزايد لاستضافتها بطولة كأس العالم لكرة القدم العام 2022.
وأكد الأستاذ المساعد في سياسة الخليج في جامعة قطر لوسيانو زاكارا أن “إجراء (الانتخابات) قبل كأس العالم سيجذب انتباها ايجابيا كطريقة لإظهار أنهم يتخذون خطوات ايجابية”.
وأضاف زاكارا أن الانتخابات هذه “طريقة لإظهار أنهم يسيرون في الاتجاه الصحيح وأنهم يرغبون بتحقيق مزيد من المشاركة السياسية”.
وقالت السفيرة الأميركية السابقة لدى قطر سوزان زيادة إن الإمارة “تتطلع لتعزيز مكانتها على الساحة العالمية” لذلك نظمت الاقتراع قبل عام 2022.
وأضافت “لديهم كأس العالم، وسيبرزهم ذلك على الساحة الدولية مرة أخرى”.
يبدو أن التغيير الديموقراطي الذي ستحدثه الانتخابات سيكون محدودًا جدًا في الدولة الخليجية حيث لن تتغيّر الحكومة بعد الانتخابات ولا توجد أحزاب سياسية.
ومن اختصاصات مجلس الشورى اقتراح القوانين وإقرار الموازنة وسحب الثقة من وزراء، لكن كل قراراته يمكن نقضها بمرسوم أميري.
وتجنّب جميع المترشحين نقاش سياسة قطر الخارجية، وركزوا على القضايا الاجتماعية.
وقال الناخب سلطان عبد الله الكواري “في بداية اليوم سمعت الكثير من الناس يقولون إنهم لن يصوتوا لأنه لن يحدث تغيير، لكننا رأينا الكثير من الناس”. وأضاف “هذا فأل حسن أنه سيكون هناك تغيير”.
وأكدت سبيكة يوسف التي جاءت للإدلاء بصوتها أن الأمر لا يتعلق فقط بالمرأة موضحة “نشجع الجميع على المشاركة والتصويت لأهمية هذه الانتخابات ان يكون للجميع صوت كعائلة واحدة وليس المرأة فقط لأن المرأة في قطر تتمتع بحقوقها وأكثر في التعليم والعمل وغيره”.
وأضافت الموظفة القطرية أن “الأهم بالنسبة لي في هذه العملية هو اختيار مرشح قادر على توصيل صوتنا ويكون حلقة وصل بيننا وبين الحكومة”.
– استبعاد وجدل –
وصادقت وزارة الداخلية على جميع المرشحين، استنادا إلى مجموعة من المعايير من بينها العمر والسجل الجنائي.
وتعين على المرشحين خوض الانتخابات في الدوائر الانتخابية المرتبطة بمكان إقامة عائلاتهم أو قبيلتهم في الثلاثينات، باستخدام بيانات جمعتها السلطات التي كانت تخضع للنفوذ البريطاني آنذاك.
ويحق فقط لأحفاد القطريين الذين كانوا مواطنين العام 1930 التصويت والترشح، ما يعني استبعاد بعض أفراد العائلات المجنسة منذ ذلك العام.
ومن بين الذين استُبعدوا من العملية الانتخابية بعض أفراد قبيلة آل مرّة، الأمر الذي أثار جدلا على وسائل التواصل الاجتماعي.
واقترح مراقبون أن يكون ممثلو المجموعات المستبعدة من بين الأعضاء الخمسة عشر الذين يعيّنهم الأمير بشكل مباشر.
تحظر قواعد الانتخابات على المرشحين تلقي الدعم المالي من الخارج وكذلك “إثارة النعرات القبلية أو الطائفية بين المواطنين بأي شكل”.
وسيحتاج مجلس الشورى الجديد المنتخب إلى توافق غالبية كبيرة جدا من الأعضاء لتعديل قانون الأهلية للترشح ليشمل العائلات القطرية المجنسة.
كذلك، تسبّب قانون الانتخابات بانتشار سلسلة من الأخبار الكاذبة على وسائل التواصل الاجتماعي، وخصوصا على “تويتر”، جرى تداولها تحت أوسمة مختلفة بينها
#الشعب_يقاطع_انتخابات_الشورى.
كانت الانتخابات البلدية عام 1999 أول اقتراع تنظمه قطر.
ويشكل الأجانب 90 بالمئة من سكان قطر البالغ عددهم 2,75 مليون نسمة، ولا يحق لهم التصويت والترشح.
نتائج أولية: فشل ذريع للمرشحات بأول انتخابات تشريعية في قطر
أعلنت وسائل إعلام قطرية، مساء السبت، عن نتائج أولية لأول انتخابات تشريعية تشهدها البلاد.
وبحسب النتائج غير الرسمية، فإن جميع المرشحات الـ28 فشلن في حصد أي مقعد في المجلس.
وفاز 30 مرشحا موزعون على 30 دائرة انتخابية في قطر، على أن يعين أمير البلاد تميم بن حمد 15 عضوا بينهم نساء، ليصبح إجمالي أعضاء مجلس الشورى 45.
وبحسب النتائج الأولية فإن نسب المشاركة في الدوائر الثلاثين تراوحت بين 45 إلى 73 بالمئة.
فيما لم تشهد الدائرة الخامسة إقبالا على الإطلاق نظرا لفوز مرشح سلفا بالتزكية بعد توافق عليه من قبل كافة المرشحين.
وغرّد رئيس الوزراء القطري، وزير الداخلية خالد بن خليفة آل ثاني: “بإرادة نافذة من سمو الأمير، صوت الشعب القطري اليوم لاختيار أعضاء أول مجلس شورى منتخب في اقتراع عام وسرّي، مسطرين إنجازا تاريخيا جديدا يضاف إلى رصيد بلدنا في توسيع المشاركة الشعبية في صناعة القرار. أبارك للشعب هذا النجاح وأشكر كل من شارك في هذا الحدث الوطني مرشحين وناخبين ومنظمين”.