منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 أين شخصيتنا الوطنية؟

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

أين شخصيتنا الوطنية؟ Empty
مُساهمةموضوع: أين شخصيتنا الوطنية؟   أين شخصيتنا الوطنية؟ Emptyالأربعاء 11 سبتمبر 2013, 9:08 am




أين شخصيتنا الوطنية؟  (في الزواج وتقاليده)   


بقلم :   


بلال حسن التل
يكثر الأردنيون من الحديث عن شخصيتهم الوطنية، وضرورة المحافظة عليها وإبرازها. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: كم من الأردنيين سأل نفسه عن دوره في الحفاظ على شخصيته الوطنية، والى أي حد تسهم تصرفاته الشخصية في إبرازها أو تذويبها؟. ذلك ان بناء الشخصية الوطنية، والحفاظ عليها ليست مسؤولية فرد بعينه؛ أو شريحة محددة. ولكنها مسؤولية جماعية، يشارك فيها كل الأفراد، وكل الشرائح، وكل مكونات الوطن، وأولها الأسرة الأردنية. فإلى أي حد تساهم الأسرة الأردنية في بناء الشخصية الوطنية الأردنية، وهل تراعي الأسرة الأردنية عند تأسيسها مكونات الوطنية الأردنية؟ بمعنى هل يراعي الشريكان الشاب والفتاة، عند إقدامهما على اختيار شريكهما مدى توفر مقومات الشخصية الوطنية في الشريك الآخر من خلال تقيده والتزامه بالتقاليد والأصول والأعراف الأردنية، وإيمانه بالأردن كوطن؟ والجواب ببساطة: ان جُلنا ان لم يكن كلنا لا يفعل ذلك.
والسؤال الثاني: كم منا يراعي الأصول والتقاليد الأردنية في مراسم زواجه، وهي من أهم مكونات الشخصية الوطنية؟.
 هل ما زالت «الجاهة» تقوم بدورها الأصلي في الخطوبة وشروطها بين أهل العريس والعروس، أم أنها تحولت إلى مجرد طقس خالٍ من المضمون، اللهم إلا مضمون النفاق الاجتماعي المبالغ فيه، الذي صار طابعاً لجاهاتنا هذه الأيام للأسف الشديد؟.
غير الجاهة وتفريغها من مضمونها، ودورها الحقيقي، هل تتم مراسم الزفاف وفق العادات الأردنية الموروثة التي كانت تحمل في طياتها معنى التعاون والتراحم، وتسهم طقوسها في تمتين علائق المحبة والألفة بين الناس، ابتداء من سهرات الزفاف التي تسبق ليلة العرس، وهي السهرات التي كانت تشرك الجميع بالفرح، وتمتن بينهم علاقات المحبة والألفة، وتزيل ما قد يكون قد وقع بين بعضهم من خلافات وشحناء. مروراً بوليمة «القِرَى»، التي كانت تجسد روح التعاون والمشاركة وروح الجماعة. وانتهاء بليلة الزفاف، التي كانت تبرز فيها معاني الرجولة والحمية. بالإضافة إلى تشابك الناس وتلاحمهم بالمحبة، باعتبار ان «النسب نشب».
 هل بقى من ذلك كله شيء؟. ما هي نسبة الأفراح في بلدنا التي تقيم ليالي السامر والدبكة التي تجمع الناس على البهجة والسرور؟ وكم هي نسبة مشاركة الناس للعريس في مصاريف عرسه، كما كان يفعل آباؤنا وأجدادنا في ليالي السامر ووليمة «القِرَى»؟ ألم يتلاشَ ذلك كله، لتتحول أعراسنا إلى مجرد طقوس بلا روح. عندما صار الناس يتقاطرون إلى صالات مغلقة، يجلسون فيها حول الموائد يتفرج بعضهم على بعضهم الآخر دون إحساس بالمشاركة والفرح، وقد خصص جناح من الصالة لأهل العريس، وآخر لأهل العروس. فلم يعد «النسب نشباً» ولم يعد الزواج وسيلة لتلاحم الناس. فبالكاد تتعرف الأسرة الصغيرة للعريس، على الأسرة الصغيرة للعروس أيضا. بعد أن كان الزواج قناة لتلاحم عشائر وقرى بل ودول في كثير من الأحيان.
ألم تحل الموسيقى الصاخبة تنبعث من أجهزة التسجيل، محل «الهجيني» و»الجوفية» و»الترويدة» وغيرها من أغاني ودبكات الفلوكلور الأردني، التي كانت تعطي للعرس روحه الجماعية، وتنشر عبق الفرح على الجميع؟ لقد اختفى ذلك كله، أو يكاد، وباختفائه يختفي مكون من مكونات الشخصية الوطنية الأردنية، وتقوم أسرنا على غير أساس هذه الشخصية، ومن ثم تفقد دورها في الحفاظ عليها.
لذلك فالدعوة موجهة للجميع أفراداً وجماعات ان نسعى لاستعادة هذا المكوّن من مكونات شخصيتنا الوطنية. خاصة وانها تدخل على قلوبنا الفرح، وتنمي في نفوسنا روح الجماعة، وتوفر الكثير من المال الذي صار إنفاقه على أعراسنا بعيداً عن تقاليدنا، يرهق جيوب شبابنا ويهدد مستقبلهم.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

أين شخصيتنا الوطنية؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: أين شخصيتنا الوطنية؟   أين شخصيتنا الوطنية؟ Emptyالأربعاء 11 سبتمبر 2013, 9:11 am




أين شخصيتنا الوطنية ؟ في الذوق العام 
  
  
تقودنا بداية شهر رمضان المبارك إلى الحديث عن واحدة من أهم مكونات وتجليّات الشخصية الوطنية، وهي الذوق العام، الذي كان رمضان يمثل واحدة من أنصع تجلياته، عندما كان الناس جميعهم على اختلاف أديانهم ومذاهبهم، ومدارسهم الفكرية، يحرصون على احترام شعائر رمضان وممارساته، فلا يقدم واحد منهم على تناول الطعام والشراب في الشارع، أو حتى في بيته أمام غيره من الصائمين، ولم يكن أحد يقبل على نفسه التدخين في الأماكن العامة أو الخاصة أثناء ساعات الصوم، ولم يكن أحد يجرؤ على فتح مطعم أثناء ساعات الصوم ليس خوفاً من القانون فحسب، ولكن احترامًا لمشاعر الناس وعقائدهم وعباداتهم، وكان هذا جزءًا من الذوق العام الذي يعبر عن الشخصية الوطنية التي تحترم مشاعر الآخرين قبل عقائدهم. فمثلما أن ذوق الشخص هو أحد أهم مظاهر شخصيته وتجلياتها، فإن الذوق العام هو أحد أهم مظاهر الشخصية الوطنية وتجلياتها؛ وهو في الوقت نفسه أحد أهم مكونات هذه الشخصية. فهل يعبر الذوق العام في بلدنا عن شخصيتنا الوطنية؟. 
للإجابة على هذا السؤال، لا بد من نظرة متأملة في السلوك، الذي نلمسه في حياتنا العامة. وأول ذلك: إلى أي حد نراعي مشاعر الآخرين وأفكارهم ومعتقداتهم، وقد صرنا نسمع بل ونقرأ تسفيه بعضنا لبعضنا الآخر بدلاً من ان نحاوره؟. 
إلى أي حد نراعي الجوار، ونساعد جيراننا سواء في مساكننا أو في أماكن عملنا؟ بل كم هي نسبة الجيران الذين يعرفون بعضهم، سواء على صعيد البناية الواحدة، أو الشارع الواحد، أو الحارة الواحدة؟ وقد صرنا نسمع قصصاً كثيرة عن سرقات تتم أمام عيون سكان البناية الواحدة، تحت ظن أن سكان الشقة التي تُسرق يرحلون من البناية، في زمن أصبح فيه الجار لا يعرف جاره. بعد أن كان الجيران أهلاً وأخوة، لا يكادون يفترقون، بل يكادون أن يأكلوا من صحن واحد؛ وكل هذا يعني غياب خُلق التواصل والتراحم والتعاون الذي كان يتصف به مجتمعنا كمكوّن رئيس لذوقنا العام، وبالتالي لشخصيتنا الوطنية.
وفي إطار الحديث عن التواصل والتراحم نتساءل: من هم الذين يراعون مشاعر جيرانهم عندما يسرفون في الطعام والشراب وكل ألوان البذخ، بينما جيرانهم قد لا يجدون قوت يومهم؟ وقد كان أهلنا يحرصون ان لا تنبعث روائح طعامهم فتؤذي جاراً؛ بل كم هم الذين يراعون أنَّ في منزل جيرانهم مريضًا يئن، أو طالبًا يريد التركيز في دراسته استعداداً لامتحانه في اليوم التالي، بينما صخب الجيران يمنع الطالب من التركيز، ويحرم المريض من الراحة، ألا يتناقض ذلك مع ما كان يتمتع به أسلافنا من ذوق يتجسد حرصاً على راحة جيرانهم ومراعاة لمشاعرهم في الأفراح والأتراح؟.
وفي إطار الحديث عن الصخب، نسأل أيضاً: أين هو الذوق في هذه الأصوات المزعجة التي تصدر عن «تخميس» السيارات الذي يقوم به شبابنا؟ وأين هو الذوق في هدير الموسيقى المزعج، ينبعث من السيارات وغير السيارات من قاعات أفراح ومقاهٍ وخلافه، ليفرض على الآخرين ما يتنافر مع أذواقهم ومع سعيهم للراحة، وربما مع مشاعرهم؟. 
وعند المشاعر نقف، لنسأل عن غياب الذوق، حتى عن الكثير من مآتمنا، حيث لا يتردد بعض زوار هذه المآتم عن القهقهة بعد تبادل النكات، وعن الحديث بصوت عالٍ بأمور دنياهم دون احترام حرمة الموت، ومصاب أهل الميت ومشاعرهم. 
كثيرة هي الشواهد الدالة على غياب الذوق، عند كثيرين منّا، والذين يدمرون بقلة ذوقهم الشخصي منظومة الذوق العام في بلدنا، فهل من الذوق الخروج إلى الشارع العام بملابس النوم؟ هذا إذا تغاضينا عن قلة الذوق في الكثير من ملابس بعضنا، وعدم ملاءمتها للمناسبات التي يرتدونها بها، ولا تنسجم مع العُرف العام للمجتمع؟.
أيضاً، هل من الذوق الحديث في الأماكن العامة بصوت مرتفع يؤذي الآخرين؟ والأكثر من ذلك هذه القهقهة المؤذية في تلك الأماكن؛
 وهل من الذوق الأكل في الطرق، ثم رمي الفضلات على قارعة الطريق؟ أليس كلاهما: الأكل في الطريق، ورمي فضلاته من قلة الذوق، التي لم يكن يمارسها أبناؤنا لفترة قريبة؟.
كثيرة هي المؤشرات التي تدل على تشوه الذوق العام في بلدنا، ومن ثم انسحاب أثر هذا التشوه على شخصيتنا الوطنية، مما أشرنا إلى بعضه عند حديثنا عن غياب الشخصية الوطنية عن أفراحنا، وعن أغانينا، وعن ملابسنا، وعن شوارعنا. فهل نتدارك ما تبقى لنا من مكونات الذوق العام لنعيد بناء شخصيتنا الوطنية؟.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

أين شخصيتنا الوطنية؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: أين شخصيتنا الوطنية؟   أين شخصيتنا الوطنية؟ Emptyالأربعاء 11 سبتمبر 2013, 9:12 am




أين شخصيتنا الوطنية؟  (في المباني وأثاثها)
  
  
تحدثنا في المقال السابق عن الذوق العام ودوره في إظهار الشخصية الوطنية، وهذا يقودنا إلى الحديث عن مظهر آخر من مظاهر الشخصية الوطنية، وهو مظهر يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالذوق العام، بل لعله من أهم مكونات هذا الذوق وتجلياته في نفس الوقت أعني بذلك العمارة. فالعمارة من أهم مكونات الشخصية الوطنية لأي شعب من الشعوب. بل إن العمارة من العلامات المميزة للمدن والأوطان والحضارات. فللرومان عمارتهم، ولليونان إبداعاتهم المعمارية، وللمسلمين ذوقهم ونمطهم المعماري، وهكذا فقد تميزت كل حضارة بعمارتها.
وكما تميزت الحضارات بعمارتها فقد حملت العمارة الخصائص النفيسة والثقافية للأمم والشعوب. فكم منا لا يحس بالراحة في دمشق وأحيائها التاريخية؟ وكم منا لا يذكر أحياء القاهرة القديمة، ولا يفتن بجمال تونس وأحيائها البيضاء في جدرانها، الزرقاء في أبوابها ونوافذها. وكثيرة هي المدن التي تمتاز بفنها المعماري الذي ساهم في التأسيس للشخصية الوطنية لأبنائها. فأين نحن من ذلك كله؟.
ما الذي يجري لبيوت عمان القديمة؟.
وأين ذهبت بيوت وأحياء إربد القديمة؟.
 وماذا تفعل هذه الغابات الحجرية والاسمنتية، التي تحاصر السلط والكرك وغيرها من سائر مدننا الحبيبة؟.
 وأي شخصية وطنية تعطى لبلدنا وناسه هذه الأبراج الزجاجية التي تدق في جسد عمان، فتفقده حيويته وسكينته، بعد ان أفقدته تناسقه؟ ثم أي شخصية ترسم هذه المباني التي تقام في مدننا، التي يأخذ كل منها شكلاً وطرازاً لا يربطه بجاره قاسمٌ مشتركٌ ينسحب ذلك على مباني السكن والمباني التجارية؟ ولا نريد ان نتحدث عن تداخلهما بحيث لم يعد بإمكانِ المرء منا التمييز بين المنطقة الصناعية والتجارية والصناعية، بعد ان اختلط الحابل بالنابل في أحياء مدننا. 
وإذا كان المظهر الخارجي لمبانينا لا يجسد شخصيتنا الوطنية، ولا يعبر عنها ان لم يكن العكس هو الصحيح. فهل يدل داخلها على غير ذلك؟ من يستطيع الحكم على أي مكتب من مكاتبنا، الرسمية منها أو الأهلية، من خلال أثاثه، على انه مكتب في الأردن، أو ان شيئاً فيه صناعة أردنية، أو ان اللوحات التي تزين جدرانه تعبر عن الأردن تاريخه، أو حضارته أو طبيعته أو إنسانه ألا من رحم ربي؟.
وبيوتنا هذه، التي فقدت طابعها الخارجي، فصارت خليطاً، لا يعبر عن شيء، إلا عن حالة الضياع الحضاري، الذي نعيشه، خاصة في بعده الثقافي، وعلى الأخص في ذائقته الفنية. هل يدل شيء من أثاثها ومقتنياتها، وقبل ذلك من تقسيماتها الداخلية على شخصيتنا الوطنية؟ ونحن نسمع ونرى، ان هذه السيدة تريد بيتها وفق «الستايل» الأمريكي. وتلك تريده وفق «الإنجليزي». وثالثه مغرمه بالفرنسي. بل لقد وصل الأمر إلى النماذج الإفريقية في تقسيمات بيوتنا التي غاب عن جلّها الذوق العربي في التقسيم الداخلي للبيوت. ومثله غاب الذوق الوطني عن أثاث بيوتنا، فهذه القطعة من إسبانيا، وتلك من سويسرا، وثالثة من الدنمارك ..الخ.
والسؤال: هل يخدم هذا التشتت وهذه الشرذمة في طراز البناء والأثاث الذي نعيش فيهما بناء شخصيتنا الوطنية. وتعزيزها؟!.. ألا ترون أننا جميعاً نسهم في تذويب شخصيتنا من خلال لهاثنا خلف تقليد الآخرين في مبانٍ لا تناسب متطلباتنا ولا مناخنا ولا موروثنا؟ فأين مهندسو وشركات البناء في بلدنا من شخصيتنا الوطنية ودورهم في الحفاظ عليها؟. وهل نسمع بانتفاضة بين المهندسين والمعماريين الأردنيين تدافع عن شخصيتنا الوطنية في مبانينا فهم المؤتمنون على هذا الجانب من شخصية الوطن؟.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

أين شخصيتنا الوطنية؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: أين شخصيتنا الوطنية؟   أين شخصيتنا الوطنية؟ Emptyالأربعاء 11 سبتمبر 2013, 9:12 am




أين شخصيتنا الوطنية؟ (في شوارعنا وأسواقنا) 
  
  
تحدثنا في المقال السابق عن المباني وأثاثها وعلاقتها بالذوق العام ومن ثم بالشخصية الوطنية، وهذا يقودنا إلى الحديث عن مكوّن آخر، ومظهر مهم من مظاهر الشخصية الوطنية وهو مظهر يرتبط ارتباطا وثيقاً بالذوق العام، أعني به الشوارع والأسواق، التي طالما عبرت عن الذوق العام لمجتمعها وعن الشخصية الوطنية للشعب والأمة وتميزهما؛ مثل سوق الحميدية في دمشق، والسوق المسقوف في اسطنبول، وأسواق الأزهر والحسين في القاهرة، فأين أسواقنا القديمة؟ 
وماذا حل بها؟ وقبل ذلك هل تؤشر شوارعنا إلى شخصية وطنية محددة؟ ومن يستطيع الجزم بأن السائر في شارع الشهيد وصفي التل، أو شوارع الرابية، أو شوارع عبدون والصويفية، يشعر بأنه يسير في شارع أردني يعبر عن شخصيتنا الوطنية، خاصة بعد ان صارت أسماء جل المتاجر والمقاهي والمطاعم تحمل أسماء غير عربية؛ وتكتب بحروف غير عربية فهل هذا الوضع يسهم في بناء وإبراز شخصية وطنية؟ فما بالك في بنائها؟ وما بالك أيضاً وأن بعض شوارعنا تحمل أسماء غير عربية، وغير ذات بال أو دلالات حضارية؟.
هل يستطيع أحد، ان يدلني على سوق أو أكثر، له دور اقتصادي ويشهد زخماً في مدننا له طابع معماري مميز، يدل على شخصيتنا الوطنية، وانتمائنا الحضاري كعرب ومسلمين، باستثناء بقايا بعض أسواق وسط عمان التي هي الأخرى في طريقها إلى الزوال. مذكرين بأن الأسواق من العلامات المميزة للشعوب والمدن وشخصياتها وانتمائها الحضاري؟.
غير مظهر شوارعنا وأسواقنا، الذي لا يدل على شخصية وطنية محددة. هل تدل محتويات هذه الشوارع والأسواق على شخصية وطنية محددة، أولاً من حيث منشأ بضائع هذه الأسواق؟ وكم هي نسبة الصناعة الأردنية فيها بما في ذلك المأكولات؟.
وعلى ذكر المأكولات فلنتذكر جميعاً كيف سطت إسرائيل، على مأكولات أهلنا في فلسطين، وادعت انها أكلات يهودية تقدمها للعالم للتدلل على عراقة اليهود.
فدهاقنة الصهاينة يعلمون أن المأكولات من منتجات حضارة الشعوب ومميزاتها، لذلك عُرف للصين مطبخها، ولإيطاليا مطبخها، وللشام مطبخها، ولتركيا مطبخها وهي مطابخ تعبر عن الذوق الحضاري لشعوبها.
ومن هنا لنا أن نسأل: ما هي نسبة المطاعم التي تقدم الطعام الأردني في بلدنا بعد أن تكاثرت مطاعم المأكولات العراقية والخليجية واليمنية، عدا عن تلك التي تفاخر بأنها تقدم الأطعمة الفرنسية، والمكسيكية، وسائر أطعمة الشعوب إلا أطعمة الشعب الأردني؟ حتى يكاد السائح الزائر للأردن يشعر بأنه لا يجد جديداً مختلفا عما يجده في بلده، مما يفقده الكثير من لذة السفر، التي تعني التعرف على الجديد. فماذا نقدم له نحن من بلدنا ليكون جديداً عليه؟
علماً بأن بعضنا يلمس حجم السرور الذي يدخل على السائح عندما يقدم له الطعام الأردني في بعض ليالي وأسمار وادي رم. وكم يرتاح عندما يرتاد بعض المطاعم، ذات الطابع الأردني، خاصة تلك التي تعتمد بيوت الشعر طرازاً لها. فلماذا لا نكثر من المطاعم التي تحمل طابعنا، والأطعمة التي تعبر عنا، ومثلها المشروبات في مقاهينا؟ كما يفعل إخوتنا في سوريا عندما يقدمون لزوارهم «المتة» وكما يفعل إخواننا المصريون «بالكركديه»، وكما يفعل أهلنا في شمال إفريقيا، وهم يقدمون «الشاي الأخضر بالصنوبر» أو «بالرغوة». لماذا لا تقدم مقاهينا على كثرتها شيئاً يعبر عن شخصية بلدنا وأهله ليحس الزائر بأنه يكتشف شيئاً جديداً ويتعرف على نكهة مختلفة للحياة؟.
ثم أين هي الأسواق والمتاجر، التي تتخصص في عرض المشغولات الأردنية سواء كانت أزياء شعبية أم مقتنيات زينة وأدوات تراث شعبي كسائر الشعوب؟. 
خلاصة القول: إن كل شيء يحضر في أسواقنا إلا ذواتنا، وما يعبر عن هذه الذوات. فكيف ستسهم شوارعنا وأسواقنا في إبراز شخصيتنا الوطنية. في ظل هذا الواقع الذي نسهم فيه جميعاً أفراداً وجماعات؟. وهل نراجع تصرفاتنا، وأسماء محلاتنا ومطاعمنا ومقاهينا، فالحفاظ على شخصيتنا الوطنية مسؤولية كل فرد منا؟. هل يتصدى بعض نشطاء المجتمع المدني في بلدنا لتنظيم حملة تعيد إلى شوارعنا وأسواقنا هويتها وشخصيتها الوطنية؟.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

أين شخصيتنا الوطنية؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: أين شخصيتنا الوطنية؟   أين شخصيتنا الوطنية؟ Emptyالأربعاء 11 سبتمبر 2013, 9:13 am




أين شخصيتنا الوطنية؟ (في الأزيـاء) 
  
  
تحدثنا في المقال السابق عن الشوارع والأسواق ودورها في التعبير عن الشخصية الوطنية، ونحب في هذا المقال أن نتحدث عن موضوع آخر له علاقة بالتعبير عن هذه الشخصية.. ويرتبط بالشوارع والأسواق، أعنى به «الزي». فلكل شعب من الشعوب زِيه الذي يميزه عمّا عداه. ولذلك يحرص أبناء الشعوب على التمسك بزيهم الوطني، خاصة في المناسبات والأعياد الوطنية منها والدينية، وكذلك في المناسبات الاجتماعية. فأين نحن من زِينا الوطني الأردني؟ وقبل ذلك، هل تعكس الأزياء التي نرتديها في حياتنا اليومية، سواء في مكاتبنا، أو أسواقنا، أو شوارعنا، شخصية وطنية محددة؟ والجواب بالتأكيد هو: النفي القاطع. بل أكثر من ذلك. فإن ما نشاهده في حياتنا اليوم من أزياء وملابس، لا يعبر عن أية شخصية وطنية ولا غير وطنية. بل لعل الأزياء التي نرتديها مثل العمارات التي نسكنها، ومثل الشوارع التي نمشي فيها، كلها تعبر عن حالة الضياع الحضاري الذي نعيشه، والتشرذم الثقافي الذي يسود حياتنا، ويشرذم معه سلوكياتنا.
ان ما نشهده في مكاتبنا وشوارعنا لا يضيع شخصيتنا الوطنية فقط عبر التفريط بواحدة من أهم أدوات التعبير عنها، وهي الزي الوطني، ولكنه يضيع حتى الطبيعة الأصلية للأزياء التي نستوردها، وقبل ذلك يضيع اللباس الشرعي الذي يأمرنا ديننا به. فهل هذا الذي ترتديه نسبة كبيرة من بناتنا ونسائنا، هو اللباس الشرعي الذي يعبر عن شخصية المرأة المسلمة؟ والجواب: لا كبيرة. بل إن ما ترتديه بعضهن تحت مسمى اللباس الشرعي، يسيء إساءة بالغة لمفهوم اللباس الشرعي. فاللباس الشرعي لا يعني غطاء الرأس فحسب، خاصة بهذه الطريقة التي تعتمدها بعضهن، ثم تكون سائر ملابسهن فاضحة. إما لشدة ضيقها، وإما لشدة البهرجة فيها. مما يدخلها في باب الملابس المحرمة ـ كما أفتى بذلك الفقهاء ـ بعد ان أطلقت بعض النساء على ملابسهن مسمى «الحجاب العصري». الذي مسخ مفهوم اللباس الشرعي.
غير اللباس الشرعي وتزوير نسبة عالية من نسائنا له، هناك أيضاً تزوير فاضح لأزيائنا الوطنية؛ فتحت مسمى التطوير والتحديث بحجة الدمج بين الأصالة والمعاصرة، تم مسخ الكثير من أزيائنا الشعبية، خاصة الأثواب النسائية، سواء عبر حجم المزركشات الخرزية التي أدخلت عليه، أو عبر حجم وطول الفتحات التي أدخلت على جوانبه، مما يتناقض تماماً مع الشكل الأساسي للزي الوطني الأردني.
وعلى ذكر الأصالة والمعاصرة نحب أن نقول: إن نسبة عالية منا، زوَّرت أيضاً شخصية الأزياء الحديثة التي استوردناها، فصار بعضنا يلبس ملابس السهرة كما صممت في بلادها أثناء العمل في مكاتبنا، وعلى العكس من ذلك صار البعض منا يذهب إلى عمله بملابس فترات الراحة، بحجة الإلتزام بالبساطة، والبعد عن «عقدة الأردنيين» بزعمهم. هذا غير كرنفال الألوان وتنافرها في ملابس الكثيرين منا، وكل هذا يصب في غياب الذوق، ولا يدل على تطوّر حضاري سليم وناضج. ذلك أن لباس شرائح واسعة من الناس في بلدنا يدل على ضياع وغياب للذوق، وغياب للحس الجمالي وهذا كله يساهم في تشويه شخصيتنا الوطنية. وفي ظل ذلك كله تغيب ملابسنا الوطنية، ويغيب معها مكون هام من مكوناتنا الوطنية، حيث نشارك جميعاً أفراداً وجماعاتٍ في هذا التغييب. 
فهل ينتبه الواحد منا إلى ما يلبس، فيراعي فيه الذوق العام أولاً، ويراعي ان ينسجم ما يلبسه مع الشخصية الوطنية، وليعلم كل واحد منا انه جزء من مجتمع يجب أن يراعي ذوقه العام، وقبل ذلك شخصيته الوطنية التي يعتبر الحفاظ عليها مسؤولية شخصية في كل تصرف من تصرفاتنا بما في ذلك ما نلبسه.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

أين شخصيتنا الوطنية؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: أين شخصيتنا الوطنية؟   أين شخصيتنا الوطنية؟ Emptyالأربعاء 11 سبتمبر 2013, 9:14 am




أين شخصيتنا الوطنية؟ (في منظومة القيم) 
  
  
يفرض علينا رمضان الحديث حول مكون رئيس من مكونات شخصيتنا الوطنية، يتمثل في منظومة القيم التي تحكم المجتمع، وقد كانت منظومة القيم التي تسهم في بناء شخصيتنا الوطنية وتنعكس سلوكاً في حياتنا اليومية إلى عهد قريب مستمدة في غالبيتها من الإسلام بصفائه، يوم كان التدين سلوكاً طبيعياً لدى عامة الناس، قبل ان يُدخلهم هذا التوالد السرطاني للمدارس الفكرية التي تنتحل صفة الإسلام، في متاهات أبعدت الكثيرين منهم عن جوهر التدين، وأصابت منظومة القيم المستندة إليها بتشوهات كبرى؛ من ذلك على سبيل المثال مفهوما الستر والعفة. ففي صلب عبادات المسلم أن لا تعلم يسراه بما تنفق يمناه. ومن ثم ان لا يُتبع الصدقة بالمنّ فيفسدها؛ وهو ما أشار إليه القرآن بقوله تعالى:«قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى»(البقرة:263). 
هذا بالنسبة للقادر على الإنفاق؛ أما الطرف الثاني - أعني المحتاج للمساعدة - فقد كان يتصف بالعفة، فلا يسأل الناس حاجته، وهؤلاء الذين وصفهم القرآن بأن الناس يحسبونهم أغنياء من التعفف، خاصة وأنهم يعيشون في مجتمع كان من صلب قيمة أن «اليد العليا خير من اليد السفلى». لأنه مجتمع يقدس العمل والإنتاج، ولأن رسوله كان يقول عن اليد الخشنة من العمل أنها يد يحبها الله ورسوله، فأين صار ذلك كله في حياتنا هذه الأيام؟.
لعل سلوكنا في رمضان، يقدم انصع جواب على هذا السؤال، ذلك ان الصدقة في بلادنا صارت وسيلة للتفاخر، وإيذاء لمشاعر المحتاجين الذين صار التصوير بأنواعه المختلفة شرطاً من شروط وصول الصدقة والمساعدة إليهم. فالهدف عند جهات كثيرة من الذين يقدمون المساعدات ليس سد رمق الفقير ومساعدته وحفظ كرامته، بل تلميع صورة هذا أو ذاك، بل أكثر من ذلك، فقد صارت الصدقات «حملات إعلانية» للشركات، ووسيلة من وسائل التهرب الضريبي، وفي هذا سرقة للمال العام، الذي فيه حق للسائل والمحروم. وأكثر من ذلك فقد صارت طرود الخير وسيلة للتخلص من البضاعة الفاسدة والمنتهية الصلاحية. وفي هذا غش؛ ومن «غشنا فليس منا»، وفي هذا وذاك هدر كرامة الفقير والمسكين، وبمثل هذا السلوك فقدت الصدقة واحدة من أهم صفاتها كعبادة بين العبد وربه. مثلما فضحت ستر المحتاجين. وأكثر من ذلك حرمت العفيف من الناس من ان يصل إلى حقه وهو محفوظ الكرامة، بسبب بروز فئة لا تبالي شيئاً أمام الحصول على ما تهبه لهم الجهات المتبرعة، والتي يأخذ تبرعها شكل الإعلان والرياء الاجتماعي، وهكذا تشوه مفهوم الستر والعفة في منظومة قيمنا التي تستند إليها شخصيتنا الوطنية.
ولم يتوقف التشوه الذي أصاب منظومة القيم في مجتمعنا عند حدود الستر والعفة.. بل امتد إلى ما هو أبعد من ذلك وأخطر، أعني الأمانة. فمثلما صار شهر رمضان موسماً للإعلان والرياء الاجتماعي عبر الصدقات، فقد ثارت الكثير من الشبهات حول الكثير من الجهات التي تتصدى لجمع الصدقات في رمضان أو تعمل بها، ولعل في سلوك وزير الأوقاف عندما أقدم على كشف ما يجري من تلاعب في الوجبات المخصصة لإفطار الصائمين في مسجد الملك عبد الله، ما يشجع جهات كثيرة على كشف المزيد من قضايا التلاعب في ظل هذا الإنفلات الذي يشهده شهر رمضان من منظمي حملات جمع المساعدات تحت مسميات مختلفة، كطرود الخير، أو موائد الرحمن وغيرها من صور المساعدة. الأمر الذي يقضي بضرورة تدخل الجهات الرسمية لضبط وتنظيم هذه العملية، وإيجاد صيغة رقابية مناسبة تضمن إعادة الأمور إلى نصابها؛ فإذا كانت السرقة تتم حتى في المسجد، فما الذي يجري خارج المساجد في ظل هذه الفوضى التي تنتشر برمضان، وتنتهك ستر المحتاجين وعفتهم، بل وتتاجر بآلامهم في كثير من الأحيان؟.
غير التشوه الذي لحق بقيم الستر والعفة والأمانة التي كانت من صفات شخصيتنا الوطنية، فإن التشوه الأكبر هو ذلك الذي لحق بغايات مساعدة المحتاج. فالأصل هو السعي لإخراجه من خانة الحاجة، وتحويله إلى منتج، والأحاديث والوقائع النبوية الدالة على ذلك كثيرة؛ لكننا في سياسة الإعالة وأسلوب الصدقات الذي نمارسه لا نفعل ذلك، بدليل أنه رغم كل ما ينفق سنوياً على طرود الخير وموائد الرحمن و...و...فإن جيوب الفقر لا تتقلص، بل تزداد مساحة وعدداً. لأننا في تعاملنا مع حالة الفقر إنما نُوجِدُ في كثير من الأحيان طبقة من الخاملين العاطلين عن العمل، المعتمدين على التسول الذي صار له في بلدنا فنون. مما يفرض علينا ان نبحث عن وسيلة جديدة ومصارف أكثر فائدة للصدقات، كأن نقيم بها مشاريع إنتاجية يعمل بها القادرون على العمل من أفراد الأسرة الفقيرة، وكل قادر على العمل، فلا يظل عالة على غيره، فنعيد لمفهوم «اليد العليا خير من اليد السفلى» ألقه، ومعه نعيد الألق للكثير من القيم التي كانت تشكل مكوناً من مكونات شخصيتنا الوطنية. وهذه مسؤولية كل واحد منا أن يعرف كيف يوجه صدقته، وأن يحرص على أن يحقق فيها عناصر الستر والعفة والأمانة والإنتاج.. فهل نحن فاعلون؟.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

أين شخصيتنا الوطنية؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: أين شخصيتنا الوطنية؟   أين شخصيتنا الوطنية؟ Emptyالأربعاء 11 سبتمبر 2013, 9:14 am






أين شخصيتنا الوطنية؟ (في منظومة القيم أيضاً) 
  
  
أشرنا في المقال السابق، إلى الرياء الذي صاحب بعض الأنشطة الرمضانية، مثل موائد الرحمن وطرود الخير. غير ان الرياء لا يتوقف عند هذه الحدود. ذلك أنه استشرى في حياتنا الخاصة والعامة. حتى أصاب كل شيء، ابتداء من علاقاتنا الاجتماعية، ووصولاً إلى حياتنا السياسية. 
والأدلة على ذلك كثيرة نلمسها في حياتنا اليومية، من ذلك: إننا نقول في السر غير ما نقوله في العلن. سواء كان ذلك على صعيد رأينا بالأشخاص الذين نكيل لهم المديح في حضورهم، حتى إذا ما غابوا سلقناهم بألسنة حداد. ومن ذلك ما يكتبه بعضنا دفاعاً عن هذا الموقف السياسي أو ذاك، أو عن هذه الإجراءات أو تلك، حتى إذا ما تحدثنا في مجالسنا الخاصة كان سيل اتهاماتنا للموقف السياسي أو الإجراء الذي دافعنا عنه لا يتوقف.
ومن أمثلة الرياء التي نعيشها كل يوم، ما نشهده من ولائم ننفق عليها آلاف الدنانير، لنحظى بدعوة هذا المتنفذ أو ذاك، حتى إذا دعي الواحد منا للمساهمة في مساعدة فقير أو مسكين، أو المساهمة في دعم مشروع خيري، أوجد عشرات الأعذار ليتهرب، وليبين قلة ذات اليد. فولائمنا صارت للتظاهر، ولم تعد ليكون بين الناس «خبز وملح»، بكل ما كانت تعنيه عبارة «خبز وملح» عندنا من قيم الوفاء والتواصل والاجتماع على الخير.
ومثل ولائمنا وما أصاب مفهومها من تشوه، كذلك صار حال جاهاتنا. فقد كانت الجاهات في خوالي أيامنا محدودة العدد، تضم خيرة الناس، ولكنها كانت فاعلة ومؤثرة وضامنة لما يتفق عليه من تسعى الجاهة بينهما بالخير سواء للمصاهرة أو المصالحة. 
لكن جاهاتنا اليوم صارت حشودًا فيها الغث والسمين، وان كان غثها أكثر من سمينها. وصار جلّ من فيها ان لم يكن كلهم لا يعلمون شيئاً عن مضمون الاتفاق بين من تسعى الجاهة بينهما. بل لعل كثيراً من جاهات أعراسنا صارت مجرد ديكور لا يقدم ولا يؤخر. فقبل الجاهة يكون قد عقد القِران، وقبل الجاهة تكون الدية قد قُبضت.
وإذا كنا نتحدث عن الولائم والجاهات، كمظهر من مظاهر الرياء، الذي يفتك بحياتنا الاجتماعية، فإن ذلك لا ينسينا الحديث عن امتداد الرياء إلى حرمة الموت، وهو الرياء الذي تظهر أبشع صوره في إعلانات الوفاة. 
فما أن يموت صاحب جاه أو مال أو قريب منه، حتى تمتلئ الصحف بعشرات صفحات النعي التي تكيل له المديح وتعدد مآثره التي لم يكن يلمسها الناس. وفي هذا الرياء هدر لآلاف الدنانير، التي لو أنفقت على صدقة جارية لكانت أنفع للميت والحي. في حين يموت الفقير أو الصالح من الناس فلا يكاد يذكر.
لا يتوقف الرياء عند إعلانات النعي، بل تمتد لتشمل الكثير من المناسبات الاجتماعية ابتداءً من طوابير المهنئين عند تشكيل كل حكومة وصولاً إلى أتفه المناسبات. حتى صرنا نقرأ إعلانات تهنئة بعودة طالب من مدينة أردنية إلى مدينة أردنية أخرى. 
هذا عدا التهاني بالتوجيهي، وبالترفيع الوظيفي، الذي كان يمر علينا كحدث عادي لا يحتاج إلى كل هذا الضجيج، الذي صرنا نمارسه لأتفه الأسباب، وكأننا نهرب من فراغنا الروحي، أو اننا نعتذر عن تقصيرنا في التواصل الاجتماعي الحقيقي، الذي صرنا نستبدله بإعلان أو برسالة هاتفية ثم نتساءل عن هذا البرود العاطفي الذي أصاب حياتنا الاجتماعية.
كثيرة هي مظاهر الرياء الاجتماعي الذي أصابنا، غير أن من أخطرها ما أصاب مفهوم «الزعامة والوجاهة الاجتماعية» فقد كانت للزعامة والوجاهة الاجتماعية في بلدنا مواصفات منها: حسن الخُلق الذي يبنى الذكر الحسن، ومنها الكرم الحقيقي الذي لا مصلحة فيه، ومنها الشجاعة بالحق والانحياز له، ولو كان هذا الحق إلى جانب الضعيف والفقير، في مواجهة القوي والغني، أو إلى جانب الغريب في مواجهة القريب. 
لم يكن الزعماء يستمدون زعامتهم من وظائف زائلة كبرت أو صغرت، لكنها كانت صناعة البيئة الاجتماعية، والقدرات الفردية التي يستطيع صاحبها ان ينال من خلالها حب الناس وثقتهم، ومن ثم القبول به شيخاً أو زعيماً، وكانت قوته تُستمد منهم ومن مدى التفافهم حوله، ولم يكن الشيخ أو الزعيم هو الأكثر مالاً، ولكنه الأشد كرماً والأطيب أخلاقاً، والأكثر تواضعاً، كان ذلك قبل ان يستشري الرياء في مجتمعنا لتسير شرائح واسعة منه في ركاب من يدفع أكثر حتى ولو كان بعد ذلك عُتلا زنيما. فالمهم ان يدفع في زمن صار فيه المال مجهول المصدر في الكثير من الأحيان طريق البعض للبروز في محيطهم، بفعل الرياء الذي يلعب دوراً كبيراً في تشويه شخصيتنا الوطنية، التي فقدت الكثير من أخلاقياتها حيث استبدلنا الذي هو أدنى بالذي هو خير.
فصار الرياء ممارسة مقبولة عند شرائح واسعة منا؛ فهل ينتبه كل منا إلى هذا الخلل فيصلحه في ذاته لنصلح منظومة قيمنا؟ فالوطن هو أنت وأنا هو.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

أين شخصيتنا الوطنية؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: أين شخصيتنا الوطنية؟   أين شخصيتنا الوطنية؟ Emptyالأربعاء 11 سبتمبر 2013, 9:15 am






أين شخصيتنا الوطنية؟ (في عباداتنا)
  
  
يفرض علينا اقتراب نهاية رمضان الوقوف عند جوانب هامة من جوانب شخصيتنا الوطنية، لها علاقة وطيدة بمنظومة القيم، بل لعلها في القمة منها، وهي تلك المتعلقة بمفهومنا للعبادة. لنقول أولاً: إن مفهوم العبادة في الإسلام، أوسع بكثير من مفهوم شعائر الصلاة والصيام والحج. بل لعل هذه الشعائر هي مظهر العبودية لله والإعلان عنها. لكن جوهر العبادة في الإسلام يتمثل بعد التوحيد بالله أولاً «القيام بشرط الخلافة». ثانياً «من خلال إعمار الأرض» بكل ما تعنيه كلمة الإعمار من مفاهيم ودلالات ومظاهر، لعل أهمها: البحث العلمي في أسرار الكواكب والنجوم والبحار وسُنن الحياة، لتسخيرها لإعمار الأرض تعبداً لله.
وبين شعائر العبادات، التي لا تشغل من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، إلا نسبة لا تتجاوز الاثنين بالمائة، والآيات والأحاديث التي تدعو إلى التفكير في خلق السموات والأرض وهي أكثر من الآيات والأحاديث التي تتحدث عن شعائر العبادة. بين هذه وتلك تحتل الآيات والأحاديث النبوية الداعية إلى حسن المعاملة الحيّز الأكبر من التوجيهات القرآنية والشروح النبوية، ولعل في الحديث النبوي «الدين المعاملة» وفي الوصف القرآني لرسول الله:»وإنك لعلى خلق عظيم» ما يلخص جوهر العبادة بعد التوحيد لله والتسليم بقضائه، ومن ثم السعي لإعمار الأرض بالعمل. فأين نحن من المفهوم الحقيقي للعبادة؟.
إن المتأمل في سلوكنا خلال شهر رمضان، يكتشف كم نحن بعيدين في غالبيتنا عن جوهر العبادة. فجلّ الذين يمتنعون عن الطعام والشراب، لا يمسكون ألسنتهم عن أكل لحم الميتة من خلال الغيبة والنميمة. بل أكثر من ذلك، فإن جلّنا لا يمتنع عن أذى الناس بعصبيته بدعوى أنه صائم، وكأن الصيام يعني التوتر والعصبية وليس الهدوء والسكينة والبر بالناس. وليس الكسل كما يفعل بعض الناس، فقد كان رمضان شهر الانتصارات والمعارك والفتوح الكبرى. 
حتى مفهوم الامتناع عن الطعام والشراب في رمضان أضعنا الهدف منه، عندما حولنا رمضان إلى شهر نمارس فيه شراهة في الأكل، والموائد العامرة، فصار رمضان وكأنما هو شهر الملذات من الطعام والشراب، تتبارى وسائل الإعلام في تعليم الناس فنوناً له. فأين الإحساس بالفقير والمساكين؟ وأين مفهوم «صوموا تصحوا» وقد صارت التخمة من علامات رمضان عند الكثيرين منا.
أما موائد رمضان فقد فقدت معنى المودة وصلة الرحم، وصارت في غالبيتها وسائل دعاية وإعلان، وحوافز تشجيعية لموظفي الشركات والبنوك، ومثل موائد رمضان كذلك لياليه. فبدلاً من ان تكون ليالي قيام وتهجد وقراءة وتدبر، صارت ليالي سهر يصل في كثير من الأحيان إلى حد الصخب الذي يضيّع المفهوم الحقيقي لعبادة رمضان.
ومثل الصيام كذلك الصلاة، فالأصل في الصلاة أنها تنهى عن الفحشاء والمنكر. فأين نحن من هذا المفهوم؟ وقد تحول الكثير من المنابر إلى منابر للشتم واللعن، والبذيء من القول. بل أكثر من ذلك أعني الدعوة للفتنة التي يمارسها بعض من يعلو منبر رسول الله، ثم أليس أذى للناس هذا التخطي لرقاب المصلين، وقد أُمرنا ان نجلس حيث ينتهي بنا المجلس؟ أليس أذى للناس هذا الإغلاق بالسيارات للطرق أمام المساجد، فأين نحن من مفهوم من لم تنهاه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له؟. أليس أذى الناس إغلاق الطرق عليهم بسيارات المصلين؟.
كثيرة هي ممارساتنا التي تفرغ عبادتنا من مضامينها الحقيقية، كتحويل الصدقة إلى وسيلة من وسائل الإعلان والرياء الاجتماعي. ولا نريد الإطالة، ولكننا نريد ان ننبه إلى حجم ابتعادنا عن المفهوم الحقيقي لعباداتنا، لنسأل من أين أتى كل هذا البُعد والإنحراف عن جوهر العبادة، -وقد كان وطننا يخلو إلى سنوات قليلة من الكثير من مظاهر أذى الآخرين بل على العكس كان التراحم والتعاون على مبدأ «العونة» هو السائد في مجتمعنا- وكانت القناعة والبر عنوان هذا الوطن، وكانت «السكبة» التي كان الجيران يتبادلون بها صحون الطعام فيما بينهم، عنوان التواصل وترسيخ مفهوم رابطة «الخبز والملح» بين الناس بكل ما تعنيه هذه الرابطة من تعاون على البر. وكانت السكينة والهدوء والبساطة عنوان حياتنا، وكأن هدوء ليالي رمضان عنوان للهدوء النفسي الذي كنا نعيشه قبل أن يصير الصخب عنوان حياتنا. ودليل توترنا وقلقنا. كان ذلك كله قبل ان تعمل مخالب التشويه في جسد شخصيتنا الوطنية عبر إعلام منحرف، وعبر سيادة مفهوم جني المال بكل السُبل، حتى لو كان السبيل يعتدي على قيم الدين، وقبل ذلك كله عبر التفريط بقيمنا الذي قادنا إلى التفريط بالكثير من حقوقنا الوطنية، ومن ثم بشخصيتنا الوطنية؟.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

أين شخصيتنا الوطنية؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: أين شخصيتنا الوطنية؟   أين شخصيتنا الوطنية؟ Emptyالأربعاء 11 سبتمبر 2013, 9:16 am




أين شخصيتنا الوطنية؟ (في أفراحنا وأعيادنا) 
  
  
ونحن على أبواب عيد الفطر السعيد، لا بد من أن نتحدث عن عنصر رئيس من عناصر التعبير عن الشخصية الوطنية - أعني به الفرح -. ولعل ما يزيد من أهمية الحديث عن هذا الموضوع، أننا ما زلنا بين يدي مناسبة إعلان نتائج التوجيهي، في تلك الليلة التي انفلت فيها الجنون من عقاله، عندما تم التعبير عن الفرح بأقسى مظاهر العنف والخشونة؛ ذلك أن الرصاص يرتبط بالدم والموت والدمار والثأر. فلماذا صار الرصاص يرتبط عندنا بمناسبات الفرح التي صرنا نحولها بجنوننا إلى مآتم وأتراح؟.
ما جرى ليلة الجمعة الماضية، يشكل إنذاراً حقيقياً عن حجم التحول السلبي الخطير في بناء شخصيتنا الوطنية. فممارسات الفرح تعبر عن ثقافة المجتمع وقناعاته، فالفرح هو عنوان المجتمع الحيوي المتوازن المستقر؛ لذلك كان رسول الله صل الله عليه وسلم وهو يبني المجتمع الجديد يولي هذا الجانب من حياة الناس اهتمامًا كبيرًا. فقد استبدل عليه السلام أعيادًا بأعياد. واستبدل مظاهر فرح بأخرى. فالإسلام دين حياة، ودين فرح وسرور؛ بل ان جائزة المؤمن في الدار الآخرة حياة ملؤها الفرح والسرور، وهذا لا يعني حرمان المؤمن من فرح الدنيا. لكنه الفرح الذي يدل على المجتمع الهادئ المنضبط في سلوكه. المعبر عن النفسية الراضية المرضية. فتبسم الإنسان في وجه أخيه الإنسان عبادة يؤجر عليها لقوله عليه السلام:»تبسمك في وجه أخيك صدقة». فأين هذه الوجوه العابسة المنتشرة في مجتمعنا ظناً من أصحابها ان في ذلك تقوى ومهابة من سلوك رسول الله وقد كان عليه السلام وهو عنوان التقوى والمهابة بساماً ضحوكا؟.
ومن مظاهر الفرح الغناء للترويح عن النفس والتعبير عن الفرح والسرور ما لم يكن فاحشاً وبذيئاً، لهذا كان رسول الله يعلم النساء كيف يتصرفن في الأعراس؛ وبماذا ينشدن لإدخال البهجة إلى النفوس. بل ويتغزلْنَ؛ فقد ورد عن رسول الله صل الله عليه وسلم قوله عليه السلام:»إن الأنصار قوم فيهم غزل، ألا قلتم يا عائشة أتيناكم فحيانا وحياكم» وكثيرة هي ممارسات رسول الله التي تؤكد على أهمية إدخال الفرح والسرور إلى النفوس، ليظل المجتمع مطمئناً، من ذلك أنه عليه السلام كان يسابق عائشة فيسبقها تارة وتسبقه تارة أخرى، ليعلّم الناس كيف يدخلون البهجة على قلوب أسرهم، ومن ثم مجتمعهم. وكان عليه السلام يحضر وبرفقته زوجته ألعاب الأحابيش الاستعراضية.. وهو القائل عليه السلام:»روحوا عن هذه القلوب ساعة بعد ساعة». ومن ذلك قوله عليه السلام لزوجته العائدة تواً من حفل زفاف:»يا عائشة ما كان معكم لهو، فإن الأنصار يعجبهم اللهو».
وللفرح في المجتمع، رسائل بناء حضاري لا بد من أن نستوعبها؛ خاصة ونحن على عتبة عيد الفطر، الذي هو فرحة الصائم. فالعيد كان عندنا مناسبة «للمة» العائلة والأقرباء. وهو مناسبة للتزاور بين الجيران والأصدقاء والمعارف، مما كان يقوي روابط التعارف والتعاون والتكافل بين مكونات المجتمع؛ كان ذلك قبل أن يصير الهروب من «عجقة» العيد إلى خارج مدننا وأوطاننا ممارسة شرائح متزايدة منا. فأي تغير أصاب بناءنا القيمي والاجتماعي، ومن ثم شخصيتنا الوطنية لتصبح معه «لمة» المحبة «عجقة» لا بد من الهروب منها، لنهرّب من خلال هذا الهروب ملايين الدنانير إلى خارج الوطن، الذي هو أحوج ما يكون حاجة إليها؟.
ترى لماذا صرنا نفضل في أعيادنا غرف الفنادق على «لمة» الأهل؟ ولماذا أوصلنا مجتمعنا إلى هذه الدرجة من تفتيت الروابط الاجتماعية؟ ولماذا نصر على تفريغ أيام فرحنا حتى من مضامينها الدينية والتعبدية؟ فصار العيد فرصة للهروب من الأهل والأحبة، وصرنا نستبدل الأضحية في عيدنا الأكبر بمبلغ ندفعه لهذه الجمعية أو تلك، لنتخلص من «أرف» دم الأضحية. وكأن المقصود بالأضحية هو مجرد دفع ثمنها. فأين تربية أفراد الأسرة على معنى التضحية والفداء؟ وأين مفهوم الأنصبة الشرعية للأضحية؟ ولماذا فرطنا بذلك كله مثلما فرطنا بدفء «اللمة» وفرحتها وبألفة الجماعة؟. ومن شوه أفراحنا، بل وحولها إلى مناسبات للموت؟ فكم من قتيل وجريح سقط برصاص أعراسنا، وسائر أفراحنا؟. ومن فرغ أفراحنا من مضامينها ليصبح التعبير عن فرحنا أحد أهم إنذارات الخطر الذي يهدد مجتمعنا؟. وما ليلة إعلان نتائج التوجيهي عنا ببعيدة. وما نحن ببعيدين عن عيد الفطر، وكل عام وأنتم بخير وتسعون إلى استعادة مفهوم الفرح وأيام «اللمة».

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

أين شخصيتنا الوطنية؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: أين شخصيتنا الوطنية؟   أين شخصيتنا الوطنية؟ Emptyالأربعاء 11 سبتمبر 2013, 9:16 am




أين شخصيتنا الوطنية؟   
  
(في أخلاقنا وسلوكنا)
يقودنا الحديث عن ممارساتنا في الأعياد والأفراح إلى حديث عن مكون رئيس من مكونات الشخصية الوطنية، هو المنظومة الأخلاقية التي تتجسد سلوكاً؛ فكيف هي منظومتنا الأخلاقية؟ وكيف تنعكس على شخصيتنا الوطنية؟.
الجواب على السؤال أعلاه، يأتيك من هذا الجنون الذي صرنا نمارسه في أفراحنا، والذي يعبر عن حجم العنف الذي صار مخزوناً في دواخلنا. والذي نلمسه في سلوكنا آناء الليل وأطراف النهار وما بينهما. فَمَنْ منّا لا يشعر بالتوتر والقلق والخوف، أثناء قيادته لسيارته أو جلوسه فيها مع آخرين، عندما ينتابه الإحساس أنه في معركة يحيط به الخطر، في كل لحظة قد تداهمه فيها سيارة أخرى. أو يُلقي فيها عابر سبيل نفسه أمام سيارة ليتقاضى من سائقها بعض المال، فقد صار بيننا من يتكسب بالعنف ويتاجر بالألم. أوليس فينا من يبيع دمه أمام المستشفيات من الصغار الذين ما زالوا في أول سلم التجارة بالألم؟ فغيرهم صار يتاجر بالأعضاء البشرية، بل إن هناك من صار يتاجر بالبشر أنفسهم، بعد أن ترك التجارة بقوتهم وقوت عيالهم لغيره في مجتمعنا.
كثيرة هي مظاهر التوتر التي نلمسها أثناء مراقبة سيول السيارات في مدننا، والتي تحمل كل شرائحنا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ابتداء من أصوات «الزوامير» التي لا تؤثر شيئاً في حركة السير، لكنها تزيد من توتر السائقين ومرافقيهم، والذي قد ينقلب في أي لحظة إلى وصلة شتائم، أو شجار بالعصي وغير العصي. فمن أين جاء كل هذا العنف إلى سلوكنا، وكيف صارت الخشونة صفة بارزة فينا، وقد كنا إلى سنين خلت مجتمعاً يتصف بالهدوء والسكينة وحسن المعشر؟ ولماذا لحق كل هذا التشوه بمنظومتنا الأخلاقية فانعكس انحرافاً في سلوكنا؛ نعبر عنه عنفاً في طرقنا وجامعاتنا، ومؤسساتنا مما ينذر بخطر كبير أن لم يتداركه العقلاء منا؟.
إن هذا العنف الذي صار سمة من سمات مجتمعنا، يؤشر إلى خلل آخر أصاب منظومتنا الأخلاقية، ومن ثم سلوكنا. فبالإضافة إلى فقداننا سِمَةَ السكينة والطيبة، التي كانت تسم سلوكنا وعلاقاتنا ببعضنا، يوم كان فنجان القهوة، أو لقاء العيون كفيلاً بإنهاء أعقد المشاكل، فقد فقدنا معها أيضاً صفة التسامح، التي كانت عنوانًا لشخصيتنا الوطنية، وهو التسامح الذي مكننا ان نحيك نسيجاً اجتماعياً ولا أروع؛ يقوم على التعددية في إطار الوطن الواحد. فكان المسيحي منا يصوم رمضان مع أخيه المسلم، وكان المسلم إذا سافر يوصي جاره المسيحي بماله وعياله. ولم يكن مستغرباً ان ينجح يعقوب زيادين الكركي بمقعد القدس النيابي، ولم يكن يدخل في حساباتنا تقسيم الوطن، إلى أجناس وأعراق وملل ونحل. فقد كنا جميعًا أبناء وطن واحد، نفخر بأننا أبناء الأسرة الأردنية الواحدة، قبل ان يظلنا زمان حل فيه الإقصاء محل الانسجام. وصرنا نتعامل مع بعضنا على أساس الجهة والملة والعرق. فلماذا تشرذمت الأسرة الأردنية الواحدة؟ هل هو التعليم وتباين مستوياته ومناهجه؟ أم هي الثقافة التي فقدت هويتها؟ أم هو قانون الصوت الواحد الذي حول الوطن إلى حارات؟ أم هي البلديات التي قسمت الوطن إلى أحياء؟ أم ذلك كله هو الذي شرذمنا، وزرع فينا الرغبة في الإقصاء، محل مفهوم الأسرة الواحدة؟ أسئلة تحتاج هي الأخرى إلى وقفة من بقية العقلاء فينا لنستعيد واحدة من اهم مكونات ومزايا شخصيتنا الوطنية.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

أين شخصيتنا الوطنية؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: أين شخصيتنا الوطنية؟   أين شخصيتنا الوطنية؟ Emptyالأربعاء 11 سبتمبر 2013, 9:17 am




أين شخصيتنا الوطنية؟ (في قيمة الاحترام) 
  
  
استعرضنا في المقال السابق بعض ملامح التغيير التي طرأت على أخلاقنا، وانعكست على سلوكنا، وكيف فقدنا مفهوم الأسرة الأردنية الواحدة، غير اننا لم نفقد مفهوم الأسرة الأردنية الواحدة الكبيرة فقط، بل لقد فقدنا الكثير من سمات الأسرة الأردنية الصغيرة التي هي نواة المجتمع، ولعل فقدان الأسرة الأردنية الكثير من صفاتها وأدوارها، خاصة على صعيد التربية، هو سبب الكثير من الاختلالات التي أصابت منظومتنا الأخلاقية وسلوكنا على صعيد المجتمع. فقد غاب عن الكثير من أسرنا دفء العائلة وترابطها وحميميتها، ومع هذا الغياب للدفء العائلي غابت عن علاقاتنا قيمة كبرى هي قيمة الاحترام. فقد غاب عنا احترام الصغير للكبير، بحجة التربية الحديثة، التي تسمح للابن ان يلعب الورق، ويدخن أمام أبويه بل ومعهما. ومن لا يحترم أبويه بالضرورة لن يحترم غيرهما. وقد ترافق غياب احترام الصغير للكبير مع غياب رحمة الكبير للصغير، ابتداء من ترك الصغار للخادمات يتدبرن شؤونهم في واحدة من أقسى الممارسات، وهل أقسى من ترك الأم لطفلها، وصولاً إلى ترك الصغير يعود إلى البيت في ساعات متأخرة من الليل، دون سؤاله عما تعرض له ومع من أمضى يومه، وكيف وبماذا؟ وصولاً إلى الترف الزائد عبر تعويده على الكماليات ابتداء من الهاتف النقال، وصولاً إلى السيارة الفارهة لنربيه على الترف، وعلى التواكل، في مجتمع لا ينتج ولا يضمن مستقبل اقتصاده. فكيف سيعيش هؤلاء الصغار ونحن لا نربيهم على تحمل الصعاب والاعتماد على النفس والقدرة على الإنتاج؟.
ومثل عدم احترام الأبوين، غاب احترام الطلاب لمعلميهم، وكثيرة هي القصص والوقائع التي ضرب فيها الطالب معلمه وأهانه. وبالمقابل كثيرة هي الحالات التي يتعامل فيها المعلم مع تلاميذه، على انهم مجرد باب رزق. فعندما يغيب الاحترام والرحمة يصبح كل شيء ممكنًا. 
ومع غياب احترام الصغير للكبير، فقد مجتمعنا الكثير من مكونات سلوكه الحميد؛ فلم نعد نحترم أوقات ومشاعر بعضنا البعض. من ذلك على سبيل المثال: مواكب الأعراس والتخرج من الجامعات وما يرافقها من إطلاق عيارات نارية وإغلاق طرق. ألا تدل هذه كلها على فقدان الذوق وعدم احترام أوقات الناس، وارتباطاتهم ومواعيدهم، عندما نعيق حركتهم بمواكب الأعراس والتخرج. ألا تؤذي هذه المواكب مشاعر من فقد عزيزًا، أو تقلق راحة مريض بأصوات الرصاص و»زوامير» سيارات الأفراح والتخرج؟. ألا يدل هذا كله على عدم احترامنا لبعض؟ ليس فقط على الصعيد الجماعي، بل على الصعيد الفردي. فلم نعد نحترم السيدة في الحافلة حتى لو كانت طاعنة في السن. ولم نعد نحترم حرمات الجار وعِرْضه، وقد كانت في ماضي أيامنا من محارمنا وأعراضنا. ولم نعد نحترم غيبة القريب والصديق، فصار غيابه فرصة لغيبته. فقد صارت النميمة صفة ذميمة منتشرة في بلدنا. وهذه كلها ممارسات تدل على عدم احترام شرائح متزايدة منا لقيمنا وتقاليدنا الاجتماعية بكل ما يمثله ذلك من اهتزاز لترابط المجتمع.
ومع غياب الاحترام في العلاقات الفردية غاب الاحترام للمؤسسات والرموز التي تمثل هذه المؤسسات، ولم يعد غريباً في ظل غياب الاحترام هذا الضياع لهيبة الدولة التي بفقدانها نفقد هيبتنا وأمننا واستقرارنا؛ لذلك فإنه مفزعٌ هذا السيل من الشتائم والتطاول على مؤسسات الدولة وعلى رموزها. والذي يرافقه غياب لاحترام تاريخنا الوطني والقومي، وهو غياب مبني على الجهل بهذا التاريخ. 
ومع غياب احترامنا للحرمات والقيم والتقاليد المترافقة مع انتشار الفقر، وضياع هيبة الدولة واحترامها، لم يعد غريباً ان تنتشر في مجتمعنا جرائم السرقة والاغتصاب والقتل والرشوة، فتشوه منظومة الأخلاق ينتج عنه تشوه في السلوك السياسي والإداري والاقتصادي والاجتماعي. فالأخلاق كلٌّ لا يتجزأ، وعلينا ان نعترف ان منظومة الأخلاق في مجتمعنا اهتزت اهتزازات عنيفة، نتج عنها تشوهات كبرى في شخصيتنا الوطنية، فصار الحقد والضغينة جزءًا من تركيبتنا، ومن لا يصدق فليقرأ تعليقات الأردنيين على المواقع الإلكترونية، وصفحات التواصل الاجتماعي، ليعرف في أي مجتمع كراهية نعيش، بعد ان كنا نتفيأ ظلال السكينة والمحبة، وقبول الآخر والقناعة والرضى في ظل تكافؤ الفرص، وعلينا ان نعترف بأن ذلك كله ذهب أو في طريقه للذهاب، وعلينا ان نستعيده لنستعيد معه مكونًا رئيسًا من مكونات شخصيتنا الوطنية.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

أين شخصيتنا الوطنية؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: أين شخصيتنا الوطنية؟   أين شخصيتنا الوطنية؟ Emptyالأربعاء 11 سبتمبر 2013, 9:17 am




أين شخصيتنا الوطنية؟ (في قيمة الوفاء) 
  
  
تحدثنا في المقال السابق عن فقدان مجتمعنا قيمة الاحترام، سواء على مستوى الأسرة الصغيرة أو على مستوى المدرسة، وكذلك على مستوى المجتمع وبناء الدولة ومؤسساتها ككل. وقد تلازم هذا الغياب لقيمة الاحترام مع غياب قيمة أخرى من القيم النبيلة، كانت من مكونات شخصيتنا الوطنية، أعني بها قيمة الوفاء، التي صارت مظاهر غيابها عن مجتمعنا كثيرة، ابتداء من غياب وفائنا لأسرنا الصغيرة، ومن ثم عشائرنا، مروراً بعدم وفائنا لأصدقائنا. فكم منا أولئك الذين كان الأصدقاء يحيطون بهم أيام اليسر والبحبوحة، حتى إذا ما ضاقت عليهم الدنيا ضاقت من حولهم حلقة الأصدقاء والمحبين. وكم منا فرح باتصال من صديق بعد طول غياب ليكتشف بعد ثوانٍ أن هذا الاتصال ليس من باب الوفاء، بل لمصلحة ذكَّرت صديقه به. فمع غياب قيمة الوفاء عن مجتمعنا غابت عنه الكثير من العلاقات النبيلة، لعل أبرزها: الصداقة المنزهة عن المصلحة والمنفعة المادية، فالمجتمع الذي يفقد قيمة الوفاء يفقد معها جزءًا كبيرًا من إنسانيته...
كثيرة هي مظاهر غياب الوفاء عن مجتمعنا ليس أهمها شكوى أولئك الذين كانوا يتولون المسؤولية في بلدنا، حتى إذا ما تركوا مناصبهم النفضَّ من حولهم المحبون، أو الذين كانوا يتظاهرون لهم بالحب أثناء توليهم لمناصبهم، وكذلك انفضاض الأصدقاء والمعارف من حولهم، فغابت الحرارة عن هواتفهم، ومثلها غاب الزوار عن منازلهم، خاصة في المناسبات الاجتماعية، فصارت صالوناتهم خاوية، بعد ان كانت تعج بالزوار الذين كانوا يكيلون لهم المديح، حتى إذا ما غادروا مناصبهم انقلب المديح ذمًا، وهذه صفة المجتمع المنافق التي صارت صفة من صفات مجتمعنا، نسمع عنها كل يوم عشرات القصص والحكايات. فكم من وزير سابق أو أمينٍ عامٍ أو مديرٍ عامٍ سابقين يتجرع كل منهم يوميًا كؤوس المرارة من تنكر الناس لهم، وانفضاضهم من حولهم في واحدة من أكثر صور فقدان الوفاء تكراراً في مجتمعنا.
ومثل تنكر الناس لمن يترك منصبه، كذلك تنكر من يصل إلى الموقع العام من خلال الناس، وبالذات في المواقع التي تحتاج إلى أصوات الناخبين، كالبرلمان والبلديات والنقابات. فكم من نائب تنكر للوعود التي قطعها للناخبين، وكذلك حال رؤساء وأعضاء المجالس البلدية والنقابية؛ وكثيرة هي الحكايات عن تغيير أرقام الهواتف، بل أحياناً عناوين السكن بعد ظهور نتائج الانتخابات في واحدة من أبرز صور انعدام الوفاء بين الناس في مجتمعنا.
يقودنا الحديث عن تنكر الناس لمن يفقد منصبه، إلى صورة أبشع من صور انعدام الوفاء، هي صورة التنكر للبناة الأوائل للدولة ومؤسساتها، وإنكار جهودهم وأدوارهم وعطاءاتهم، خاصة بعد ان شاع في مجتمعنا مصطلح الحرس القديم، وهو المصطلح الذي ارتبط في كثير من الأحيان «بالغمز واللمز». وأصحاب هذا المصطلح ينسون أو يتناسون أن هؤلاء الرجال هم جزء من تاريخنا الوطني، وصناعٌ لهذا الجزء من تاريخنا. ولذلك فقد ارتبط فقداننا قيمةَ الوفاء نحو رجال الوطن مع فقداننا قيمة الوفاء لمجمل تاريخنا الوطني. وفي هذه يشترك الناس والدولة، فقد صار تنكر الدولة لرجالاتها، وعدم وفائها لهم والذي يأخذ أشكالاً مختلفة من المسلّمات في حياتنا. 
كثيرة هي مظاهر غياب قيمة الوفاء في مجتمعنا، وكثيرة هي مضارها، لعل أبسطها أننا ونحن ننكر دور رجالاتنا، ونتنكر لمن يتركون مناصبهم نتنكر أيضاً لإنجازاتهم، ولما بدأوه من عمل، ولعل هذا ما يفسر لنا لماذا تبدأ كل حكومة من حكوماتنا من جديد، ولماذا يبدأ كل وزير العمل وكأنه أول من يتولى موقعه، وكذلك الحال مع الأمناء والمديرين العامين، بكل ما تسببه هذه الممارسة من ضياع للجهد والوقت والمال، وبقاء الوطن في حلقة مفرغة يدور حول نفسه، تتكاثر فيه الأزمات وتتعمق. لأن غياب قيمة الوفاء والتنكر لمن سبقنا تحرم وطننا من قيمة البناء على ما سبق، ومن قيمة الإنجاز وشرعيته؛ لذلك كَثُرَ حديثنا عن الترهل الإداري وكثر حديثنا عن الهدر وضياع الفرص، وكل هذا من نتاج فقداننا قيمةَ الوفاء والاعتراف بفضل من سبقونا من البناة الذين كانوا يتنافسون في البناء، ويعترفون بالفضل لأهله حتى ولو كان خصماً سياسياً لهم، فهل نعيد حساباتنا مع ذواتنا، ونُعيد تربية أنفسنا على معاني الوفاء؟ فغياب هذه القيمة عن مجتمعنا من أهم أسباب تمزق مجتمعنا وتشرذمه، كما أن هذا الغياب يفتح باب الخيانة على مصراعيه ويفتح باب الفتنة على كل الاحتمالات؟!.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

أين شخصيتنا الوطنية؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: أين شخصيتنا الوطنية؟   أين شخصيتنا الوطنية؟ Emptyالأربعاء 11 سبتمبر 2013, 9:18 am




أين شخصيتنا الوطنية؟ (في صفاتنا العامة)
  
  
لا تنعكس الأخلاق سلوكًا فقط. فهي أصلاً صفة.. وفي المقالات السابقة تحدثنا عن بعض أخلاقياتنا التي تحولت إلى سلوك نعيشه في البيت والشارع. وهو سلوك صار يرتبط بالكثير من الصفات التي بدأت تبرز في مجتمعنا. وتصبغ شخصيتنا الوطنية. 
ولعل من أبرز الصفات السلبية التي بدأنا نلمسها في حياتنا هي صفة الأنانية؛ التي صار لها تعبيرات كثيرة في مجتمعنا؛ والتي يؤدي بعضها إلى الهلاك. فالأنانية التي تدفع سائق السيارة لكي يتجاوز سيارة أخرى، تجاوزاً خاطئاً ليوفر على نفسه كما يظن بضع ثوانٍ، قد يقوده خطأه هذا إلى كارثة مرورية تودي بأرواح، وتسبب مآسي للآخرين.. هذا غير الأضرار المادية. ثم من قال له ان وقته أثمن وأغلى من أوقات الآخرين الذين يتجاوزهم؟.
كثيرة هي النتائج السلبية لبروز الأنانية في مجتمعنا، ومحاولة الواحد منا اختصار الحياة في ذاته، وعدم رؤيته للآخرين، من ذلك على سبيل المثال هذه الشكاوى التي نسمعها كلما زار مسؤول كبير مدينة أو لواء أو محافظة من محافظات الوطن، وخلاصتها انه لا أحد من أبناء تلك المدينة أو اللواء أو المحافظة، يشغل منصباً متقدماً في الدولة. وقد تكررت هذه الشكوى تقريباً في كل مدن وأولوية ومحافظات المملكة، حتى أصبح من حقنا ان نسأل عن جنسية هؤلاء الوزراء والأمناء والمديرين العامين والسفراء والمحافظين في بلدنا؛ أليسوا أبناء مدن وألوية ومحافظات المملكة؟ أم هي أنانية المتحدث الذي يختزل المدينة أو اللواء أو المحافظة في ذاته؟ فإن لم يكن هو في الموقع، فإن ذلك يعني ان المنطقة التي ينتمي إليها محرومة، حتى ولو كان أقرب الناس إليه يحتل موقعاً متقدماً في الدولة.
هذا يقودنا إلى صفة أخرى صارت تبرز في مجتمعنا، أعني بها النرجسية والإعجاب بالذات، التي أصيبت بها نسبة عالية منا، والتي حلت محل صفة التواضع، التي كانت من صفات شخصيتنا الوطنية. وهذه النرجسية التي أبتلينا بها سببت لنا الكثير من الويلات لعل من أبرزها هذا التزاحم على المناصب العليا في القطاعين العام والخاص، فقد صار كل واحد منا يعتقد انه قادر على إدارة الدولة، وانه جدير بلقب دولة أو معالي.. دون ان ينظر الواحد منا إلى مؤهلاته والى تجربته في العمل العام، ولعل هذا ما يفسر لنا هذا التزاحم الشديد على الترشح في كل انتخابات نيابية، أو بلدية أو نقابية، فقد استهنا بكل المواقع فسامها كل مفلس، فكان هذا الحصاد المُر تراجعاً في إدارة المؤسسات، وغيابًا لهيبة الدولة ومؤسساتها، فالرجال هم الذين يعطون للمواقع قيمتها وأهميتها، وعندما يصبح المنصب هو الذي يرفع صاحبه، فإن المعادلة تكون قد قُلبت، ويصبح الموقع القيادي مجرد وظيفة عامة يشغلها كل عابر سبيل، وتكون النتيجة حالة من حالات التسيب وصورة من صور الترهل والتطاول. وقد عايشنا نماذج لهذا كله في بلدنا وما زلنا. 
ومن غريب أمرنا ان هذه النرجسية والإعجاب، بالذات يبرزان في وقت نشهد فيه تراجعًا في كل مناحي حياتنا، وإنجازاتنا العلمية والإدارية والاجتماعية. مما ينفي كل أسباب الإعجاب بالذات الذي نمارسه أمام هذا التقهقر الذي نعيشه؟.
غير اختزال الوطن في «الأنا» الضيقة للأفراد، فإن الأنانية تنمي في صاحبها صفة ذميمة أخرى هي الجشع، الذي يدفع من يتصف به إلى محاولة الاستحواذ على كل شيء، وبكل الأساليب والوسائل، بما في ذلك الأساليب القذرة والمحرمة. فالجشع الذي لا يرى إلا نفسه، ولا يفكر إلا بها، وغالباً ما يتصف بالاحتكار. وهما صفتان صارتا بارزتَيْن في مجتمعنا، وممارسات أبناء هذا المجتمع. ابتداء من الصعود المتوالي للأسعار بما في ذلك أسعار الغذاء والدواء، مروراً بالسكن، وانتهاءً بأبسط الاحتياجات الإنسانية ذلك انه ليست سياسة الحكومة وحدها المسؤولة عن ارتفاع الأسعار وما يسببه ذلك من معاناة للناس؛ لكن الجشع والاحتكار يلعبان دوراً كبيراً في تكريس هذه المعاناة. فقد صار مجتمعنا مجتمعاً مادياً تتقهقهر فيه الروابط الاجتماعية وروح الجماعة ذات البُعد الإنساني، بعد ان صارت جلّ علاقاتنا ذات طابع مصلحي، وهذا خلل كبير أصاب بناء شخصيتنا الوطنية فصار من الضروري معالجته لنُعيد لشخصيتنا الوطنية توازنها وتواضعها.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

أين شخصيتنا الوطنية؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: أين شخصيتنا الوطنية؟   أين شخصيتنا الوطنية؟ Emptyالأربعاء 11 سبتمبر 2013, 9:18 am






أين شخصيتنا الوطنية؟  (في صفاتنا العامة )
  
  
تحدثنا في المقال السابق عن الأنانية التي برزت كصفة سلبية تشوه شخصيتنا الوطنية فكثيرة هي مضار الأنانية التي صارت سمة عامة لكل الأطر في بلدنا؛ لعل أبرزها الشرذمة التي صارت صفة من صفات مجتمعنا. فالحزب الواحد يصير أحزاباً، لأن نتائج الصندوق لم ترضِ صاحب هذه «الأنا». أو لأن صاحب تلك «الأنا» يريد ان يحتكر الموقع الأول في الحزب بماله ونفوذه. رغم انه يكثر من الحديث عن تداول السلطة. وكثيرة هي الجمعيات الخيرية والتعاونية التي انشطرت انشطارًا نووياً، لأن أحدهم يريد بأنانيته ان يستحوذ على كل شيء، ولأن الآخر يصبو إلى الظهور، رغم ان أول شرط من شروط العمل التطوعي والتعاوني، هو إنكار الذات والذوبان في الجماعة، غير انها الأنانية التي جعلت الجمعية الواحدة في بلدنا جمعيات صار عددها يصل إلى الآلاف، جلّها شبه مشلولة عاجزة. والسؤال أنه لو اجتمعت طاقات وإمكانيات كل مجموعة من الجمعيات المتشابهة في الأهداف والغايات في جمعية واحدة، أفلا يساعد ذلك على توحيد الجهود والإمكانيات مما يعني قوة للعمل والخيري والتطوعي في بلدنا.
ومثل الأحزاب والجمعيات، كذلك الحال في وسائل الإعلام، وهذا التوالد السرطاني لها في بلدنا. كما كان سيكون تأثيرها كبيراً لو أن كل مجموعة منها التقت في موقع إلكتروني أو منبر إعلامي واحد، يجمع كوكبة من المهارات الإعلامية والمصادر الإخبارية. ألا يعطي ذلك قوة لهذه الوسائل، ويجعل تأثير الإعلام أكبر. أم انها الأنانية التي تدفع كل واحد منا ليصبح رئيساً للتحرير؟ لقد فات البعض انه من الأفضل له ان يكون جندياً في جيش منتصر. على ان يكون ضابطاً في جيش مهزوم.
لقد أدت الشرذمة التي عصفت بنا بعد ان استحكمت بنا الأنانية إلى تفتيت قوانا وتشتيت جهودنا. فكان هذا الحصاد من الضعف والخور والفشل والتناحر والبغضاء التي هي سبب بعض مظاهر العنف المجتمعي الذي يعصف بنا.
نتيجة أخرى من نتائج الأنانية صار يعاني منها مجتمعنا، هي أننا جميعاً نطالب بحقوقنا، لكننا ننسى واجباتنا ناسين أو متناسين أن حياة المجتمع تقوم على طرفي المعادلة. فيجب ان تؤدي واجباتك لتنال حقوقك. فالحق والواجب وجهان لعملة واحدة.. ولا يستقيم أمر أحدهما دون الآخر. فَلِكَيْ تأخذ يجب أن تعطي. لكن التربية الخاطئة في مجتمعنا سواء في الأسرة أو من خلال وسائل الإعلام وسائر وسائل التأثير الآخر، ضخمت فينا المطالبة بالحقوق فساهمت بتغذية «الأنا» والجشع فينا. ومن ثم ساهمت في تشويه شخصيتنا الوطنية التي كانت قائمة على روح الجماعة والفريق، وعلى أداء الواجبات للمطالبة بالحقوق.
غير الأنانية هناك صفة أخرى بدأت تبرز في مجتمعنا وتسم شخصيتنا الوطنية؛ هي السلبية، وعدم الاكتراث بالقضايا الكبرى التي تعصف بنا، والتي تهدد كياننا والانشغال عنها بالقضايا الصغرى كالترقية الوظيفية، أو الحصول على صفقة تجارية، أو حتى اللهاث وراء لقمة العيش عند صغار الكسبة. وقد نسينا جميعاً انه ما لم نحل قضايانا الكبرى فلن نكون قادرين على تأمين متطلباتنا الصغرى، ومن ثم تغيير واقعنا الحقيقي. عندما نخرج من سلبيتنا فلا نكتفي بنقد الواقع ولعنه، بل نعمل على تغييره من خلال جماعات الضغط المدني وغير ذلك من وسائل التغيير المدنية، لأن وقوفنا عند نقد الواقع وشتم الحكومات لن يغير من واقعنا شيئاً. فالتغيير يبدأ بنفوسنا، ومن ذواتنا ثم يمتد إلى مجتمعنا، وهذا يحتاج إلى عمل جماعي، كما انه يتناقض مع الأنانية التي صارت تفتك بنا وصار خلاصنا منها ضرورة ملحة.
والسلبية التي صارت سمة من سماتنا ترتبط هي الأخرى بصفة أخرى صارت من صفاتنا، هي صفة التواكل؛ فكل واحد منا ينتظر من غيره أن ينجز العمل وأن يتقن العمل. وكل واحد منا يكتفي بلعن واقعنا وسوء أحوالنا، ويطالب الآخرين بتغيير هذا الواقع. بينما هو لا يفعل شيئاً إلا هذا النقد، الذي غالباً ما يكون مبنيًا على الإشاعات، وهذا الشتم الذي ان استمر فسيصدق علينا القول المأثور «أشبعتهم شتمًا وأودوا بالإبل».
كثيرة هي الصفات التي تغيرت في شخصيتنا الوطنية فحلت الأنانية محل روح الجماعة والفريق، التي كانت صفة من صفات مجتمعنا، ابتداء من مبدأ «العونة» إلى وجبات الطعام الجماعية والمنسف أوضح تعبيراتها. إلى الأسرة الممتدة إلى العشيرة التي يجمعها روح الحب والتعاون، وحل العنف والبغض محل المحبة والتسامح، وحل التواكل محل العمل والإنتاج والإيجابية، وقد ساهمنا جميعاً وما زلنا في هذا التشويه لشخصيتنا الوطنية، وصار الواجب يقتضي منا ان نصحح مسارنا، وليبدأ كل منا بنفسه فهل نفعلها؟.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

أين شخصيتنا الوطنية؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: أين شخصيتنا الوطنية؟   أين شخصيتنا الوطنية؟ Emptyالأربعاء 11 سبتمبر 2013, 9:19 am




أين شخصيتنا الوطنية (في تحمل المسؤولية)؟ 
  
  
أشرنا في المقال السابق إلى السلبية كواحدة من الصفات التي صارت تتسم بها شخصيتنا الوطنية. وهذه تقودنا للحديث عن مكون رئيس آخر من مكونات الشخصية الوطنية كانت صفة بارزة من صفات شخصيتنا الوطنية في العقود الأولى من عمر الدولة الأردنية. أعني بها صفة تحمل المسؤولية. فكل من قرأ أدبيات تلك العقود من تاريخ الدولة الأردنية الحديثة، يلمس الإحساس العالي بالمسؤولية لدى الجميع. وهذا الإحساس الذي انعكس مشاركة حقيقية في بناء الدولة والمجتمع. فلم يكن الأردنيون على-سبيل المثال-ينتظرون منح الدولة لتعليم أبنائهم، بل لقد تحملوا هم مسؤولية كلفة النسبة الكبرى من هذا التعليم، فأوفدوا أبناءَهم إلى دمشق، وبيروت، والقاهرة، وبغداد، والى ما هو أبعد من ذلك، وتحملوا نفقات ذلك كله من جيوبهم الخاصة، وكان الواحد منهم يحرم نفسه من متع كثيرة ليوفر نفقة تعليم أولاده. قبل أن يأتي علينا زمن صار فيه كل حي من أحياء مدننا يطالب بجامعة خوفاً على أبنائه من الغربة والتعب!. وقبل أن نصطفَّ طوابير طلباً للمنح والمكرمات التي كانت نتيجتها هذا الخراب للتعليم في بلدنا، وحصول من لا يستحق على حق من يستحق في المنح، ليتولد إحساس بغيض بالحقد والغبن عند شرائح واسعة من مكونات المجتمع الأردني.
لم يتوقف إحساس الأردنيين بالمسؤولية عند إحساسهم بها نحو أبنائهم، بل امتد ليشمل بناء المجتمع ككل، فأقاموا المؤسسات الكبرى في مختلف المجالات؛ وكانت هناك شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص على أرض الواقع دون الغرق بالتنظير، وبدون وصفات البنك والصندوق الدوليين. فقد كان الجميع يسعى إلى بناء الوطن، وتغيير واقع حاله من خلال المشاركة الحقيقية بالعمل العام وبعملية التغيير، ولم يكن الأردنيون في تلك العقود يكتفون بالكلام وبنقد الواقع، بل كانوا يعملون على تغييره. وكانوا في سبيل ذلك يضحون بالكثير، فقد كان جزء كبير من وقتهم يسخّر للمشاركة في العمل العام الجاد والمنتج، وكانوا يضحون بالمال على قلته لنصرة قضاياهم الوطنية والقومية؛ بل وأكثر من ذلك؛ كانوا على استعداد لدفع تكاليف التغيير سجناً ونفيًا. ومن يقرأ صفحات تاريخ الأردنيين في بداية الدولة الأردنية الحديثة، يجد أن زعماءَهم كانوا ينتقلون بين كرسي المسؤولية وقضبان السجن أو النفي، في سبيل مواقفهم الرامية إلى تغيير واقعهم نحو الأفضل، فقد كان الناس في غالبيتهم يشعرون بمسؤوليتهم الفردية نحو مجتمعهم. فالمسؤولية هي أولاً إحساس داخلي، وتكليف فردي حتى في الإسلام، فإن التكليف والحساب يقعان على الفرد، ولذلك يبعث الناس فرادى، ولذلك أيضاً كان سيد الشهداء حمزة، ورجل قاوم الظلم لأنه أحس بمسؤوليته نحو مجتمعه.
لقد أدرك البناة من الأردنيين الأوائل أن بناء الوطن وتغيير واقع المجتمع، لا يتم بلعن الواقع والاكتفاء بانتقاده كما نفعل نحن الآن. خاصة إذا كان هذا الانتقاد واللعن غير مبني على معلومة، ولم يكن في إطار جهد جماعي للحفاظ على الوطن الذي لا يجوز ان نشوهه بالشائعات.
لقد آمن الآباء الأردنيون بالعمل الإيجابي، لذلك كان الأردن خلية نشاط. وكان الأردنيون يمارسون عملياً مقولة « أن تضيء شمعة خيراً من ان تلعن الظلام». وآمنوا بالأخذ بالأسباب ثم التوكل. ولم يتواكلوا لأنهم يعلمون أنه مثلما أن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة، فإن تغيير واقع المجتمع هو مسؤولية أبنائه، من خلال العمل الايجابي، وليس من خلال البكاء على هذا الواقع. فأين نحن الآن من هذا، ولماذا نكتفي بتوصيف الواقع وبشتمه؟ ولماذا لا يسأل كل واحد منا نفسه عن دوره في تكريس سلبيات هذا الواقع؟ وما هو دوره في تغيير هذا الواقع؟ ولماذا لا نستوعب قوله تعالى:»إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم»؟. ولماذا لا يبدأ كل واحد منا بتغيير نفسه وأداء واجبه نحو مجتمعه، وتغيير واقعه؟ لماذا لا نعمل على تشكيل جماعات ضغط مدني لمقاومة سلبيات هذا الواقع والسلوكيات الخاطئة لأفراده؟. ولنتذكر جميعاً أن التغيير والإصلاح الحقيقي لا تصنعه الحكومات، بل تصنعه قوى المجتمع الحية، فتسير الحكومات في ركابه، وكثيرة هي المجالات التي يمكننا تغييرها كأفراد وكقوى مجتمع مدني دون الحاجة للحكومات إنْ نحن تحملنا مسؤوليتنا تجاهها. وكثيرة هي السلبيات التي يمكننا وقفها إن نحن تكتلنا لمواجهتها. خاصة وأن الكثير من سلبيات واقعنا لها علاقة بالأخلاق الفردية، مثل آداب الطريق. ومثل العادات الاجتماعية. ومثل التشكيك بكل شيء، ومثل هدم الثقة ببعضنا البعض، ومثل...، ومثل....
إن كل ما نحتاجه لمقاومة هذه المظاهر السلبية هو أن نعترف أولاً أننا جميعاً شركاء في صناعة هذا الواقع بدرجات متفاوتة من خلال سلبيتنا، ومن خلال عدم تحملنا مسؤولية التغيير وضريبته. لذلك لا بد من أن نتخلص من سلبيتنا، وأن نتحمل مسؤوليتنا الأخلاقية تجاه مجتمعنا. وان نتكتل بعمل جماعي لتغيير واقعنا. عندها، سنكتشف أن الأمر أسهل مما نظن. وان إضاءة شمعة واحدة كفيلة بإنارة الطريق، لأن الشموع ستتكاثر؛ فكل الأعمال العظيمة بدأت صغيرة، لكن كانت وراءَها نفوس عظيمة كتلك التي بنت الدولة الأردنية في عشرينات القرن الماضي، يوم كان تحمل المسؤولية والعمل الإيجابي صفة ثابتة من صفات شخصيتنا الوطنية؛ فهل نستعيدها؟ وهل ننتقل من لعن الظلام إلى إضاءة الشموع؟!.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

أين شخصيتنا الوطنية؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: أين شخصيتنا الوطنية؟   أين شخصيتنا الوطنية؟ Emptyالأربعاء 11 سبتمبر 2013, 9:19 am




أين شخصيتنا الوطنية؟.. (في العمل الخيري) 
  
  
أشرنا في المقال السابق إلى غياب مستوى تحمل المسؤولية في مجتمعنا، وهذا يقودنا للحديث عن قطاع هام كان يمثل صورة مشرقة من صور تحمل المسؤولية نحو المجتمع، أعني به العمل الاجتماعي الذي كان يسمى في وطننا بالعمل الخيري، تجسيداً لحالة التدين الفطري التي كان يعيشها هذا الوطن، وتتسم بها شخصيتنا الوطنية. ففي ديننا «ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير»، و»الدال على الخير كفاعله». وكثيرة هي التوجيهات القرآنية والنبوية، التي تحث على عمل الخير، والتي كان يسترشد بها العاملون في الحقل الخيري في وطننا قبل ان يشيع مصطلح العمل الاجتماعي، ويحل محل مصطلح العمل الخيري، وقد ترافق هذا التغيير في شيوع المصطلح مع تغيير في مفاهيم وأخلاقيات العمل في هذا الحقل، من ذلك على سبيل المثال، أن رواد العمل الخيري في بلدنا كانوا يتصفون بالتجرد وإنكار الذات، والابتعاد عن الأضواء، والعمل بصمت. في حين صار جل العاملين في العمل الاجتماعي في هذه الأيام، يسعون إلى الأضواء والشهرة. وصار هذا العمل طريقاً للوصول إلى البرلمان، أو البلديات عبر المتاجرة بآلام الفقراء، وتخريب ضمائرهم عبر شراء أصواتهم الانتخابية، وفي أقل الأحوال ضرراً صار العمل الاجتماعي أو التطوعي - أسمه ما شئت- طريقاً للوصول إلى الفنادق الفخمة التي تقام بها الحفلات المخملية لجمع المساعدات للفقراء، فصار يذهب جلّ ما يجمع ثمناً لموائد المدعوين. ولا يظل للفقراء إلا النزر اليسير. وهنا برز أيضاً عنصر الرياء والنفاق الاجتماعي في العمل الاجتماعي، والذي تحدثنا عنه في مقال سابق مطولاً.
غير التجرّد وإنكار الذات، والعمل بصمت وبعيداً عن الأضواء، وهي الصفات التي أخذت بالتلاشي من العمل الاجتماعي، فقد كان العمل الخيري في بلدنا يتسم بروح الجماعة، لأن النية كانت خالصة لله، ولم يكن العاملون في هذا الحقل يسعون لا للأضواء ولا لقبة البرلمان ولا للمجلس البلدي، ولا إلى تحقيق مكاسب لتنظيم سياسي؛ وهذه صفة بدأت هي الأخرى بالتراجع لحساب «الأنا». فعندما يصبح الهدف هو الظهور وتلميع الصورة، لا يعود للتجرّد ولروح الجماعة وجود، ولذلك نجد هذه الانشقاقات في الجمعيات الخيرية، والذي نَجَمَ عنه توالد سرطاني سَبَّبَ زحامًا بينها، وتوزيعًا للإمكانيات عليها فَشُلَّ أكثُرها وتلاشى أو كاد.
كثيرة هي التشوهات التي أصابت العمل الاجتماعي في بلدنا غير أن من أهمها أن الرواد الأوائل للعمل الخيري في بلدنا، كانوا يشعرون بمسؤوليتهم نحو مجتمعهم، فكانوا يسعون إلى بناء وطن لإقالة عثرات أبنائه؛ لذلك لم تكن همتهم تقف عند «طرود الخير» أو «موائد الرحمن» وكفى الله المؤمنين القتال. لكنها كانت أعلى من ذلك بكثير، لذلك كان إنجازهم أعظم وأكثر خلودًا. خاصة ذلك الجزء المتعلق منه ببناء الإنسان وبناء وعيه، حيث انصرفت همة أولئك الرجال إلى بناء معاقل للتعليم، لعل من أبرزها الكلية العلمية الإسلامية التي أنشأتها «جمعية الثقافة الإسلامية»، وعلى نهجها سار العديد من جمعيات أهل الخير في وطننا، التي أقامت مدارس ومعاهد ربَّت أجيالاً يشار لدورها في بناء الوطن بالبنان. قبل ان يصير التعليم في بلدنا تجارة امتدت إلى بعض جوانب العمل الاجتماعي.
لم تتوقف همة رواد العمل الخيري في بلدنا عند بناء المدارس والمعاهد، بل امتدت لتشمل المرافق الصحية العملاقة، وهنا يبرز «مركز الأمل لمعالجة السرطان»، و»المستشفى الإسلامي»، كنموذجين من نماذج عطاء العمل الخيري في بلدنا يوم كان يعبر عن شخصيتنا الوطنية النقية قبل ان يلحقها ما لحقها من تشوهات في مختلف مجالات تكوينها.
غير المدارس والمعاهد والمرافق الصحية، فقد نشط العمل الخيري في بلدنا أيام نقائه في مجالات الوعي المختلفة، فأقام الجمعيات الثقافية والعلمية، وأصدر المجلات الجادة، وأقام الفرق الكشفية، ومراكز التقوية، وكلها أنشطة تركز على بناء وعي الإنسان، قبل ان يتحول العمل الاجتماعي أو جلّه من منطقة الوعي إلى منطقة «المعدة» كما نرى في أيامنا هذه وهو خلل خطير لا بد من التصدي له، لأنه ينمي صفة التواكل والبطالة ومفهوم اليد السفلى ويرسخ الجهل وثقافة التفاهة.
كثيرة هي المجالات التي انسحب منها العمل الخيري في بلدنا، أو حافظ على وجود رمزي فيها. فلم نعد نسمع عن إقامة مدارس لها رسالة تربوية حضارية. ولم نعد نسمع عن إقامة دور رعاية للأيتام أو المسنين، ولم نعد نسمع عن تأسيس فرق كشفية، مميزة تقوم على القيم والمُثل مثل»كشافة الرسول الأعظم» التي أسسها المرحوم تيسير ظبيان، صاحب مجلة الشريعة التي لعبت دوراً مميزاً في بناء وعي طلاب زمان، يوم كان العمل الخيري عبادة لله لا وسيلة للظهور. وهذا خلل كبير أثر على مجمل بناء شخصيتنا الوطنية، التي كان التجرّد وإنكار الذات والعمل الجماعي والخيري من أبرز صفاته، والسعي لبناء وطن أهم أهدافه. فهل ندرك ما تبقى من العمل الاجتماعي في بلدنا فنعيده إلى مفهوم «الخيرية»، وبذلك ننقذ مكونًا هامًا من مكونات شخصيتنا الوطنية؟.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

أين شخصيتنا الوطنية؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: أين شخصيتنا الوطنية؟   أين شخصيتنا الوطنية؟ Emptyالأربعاء 11 سبتمبر 2013, 9:20 am






أين شخصيتنا الوطنية؟ (في الأداء الاقتصادي) 
  
  
تحدثنا في المقال السابق عن العمل الخيري كمكون من مكونات الشخصية الوطنية وحجم التشوه الذي أصابه؛ وهو موضوع يقودنا إلى الحديث عن مكون آخر من مكونات الشخصية الوطنية، هو البناء الاقتصادي؛ ذلك أن بين العمل الاقتصادي والعمل الخيري علاقة وطيدة. فلا يقوم الثاني ان لم يقم به الأول. وفي تاريخنا آلاف الأمثلة على المستشفيات والمدارس، والجامعات، والطرق، وآبار جمع المياه، والتكايا، وتدريس الطلبة التي كان يقيمها التجار ويديمونها، خاصة عبر الوقفيات، التي تشكل صفحة مشرقة في تاريخنا الحضاري؛ بل أكثر من ذلك.
فقد كان الانتشار الأكبر للإسلام بواسطة التجار، وحسن أخلاقهم، وبتجسيدهم للإسلام في سلوكهم ومعاملاتهم وهذا هو جوهر الإسلام. بل لعل الحقيقة الكبرى التي يحاول البعض إخفاءَها، هي أن التجار لعبوا دوراً أعظم بكثير من دور المجاهدين بالسيف في نشر الإسلام. وقد لازم هذا الدور العمل الاقتصادي للمسلمين في كل المراحل التي فهم فيها المسلمون إسلامهم بشكل صحيح. فكان المال بالنسبة لهم وسيلة لخدمة مجتمعهم وتنميته لا لكنزه، وحرمان المجتمع من حقه به.
بهذا الفهم لدور المال والاقتصاد كان البناة الأوائل لاقتصاد الدولة الأردنية الحديثة يتحركون. فقد كان هدفهم بناء وطن وتنمية مجتمع لا مجرد تكديس الأموال. وبهذا الفهم أقاموا مؤسسات تعليمية كبيرة بمقاييس زمنهم، مثل «الكلية العلمية الإسلامية» وأقاموا شركات لعبت دوراً مركزياً في تنمية وتطوير المجتمع الأردني. مثل شركة الكهرباء الأردنية، وشركة كهرباء إربد، ومصفاة البترول..الخ.
كثيرةٌ هي المشاريع الكبرى التي أقامها القطاع الخاص الأردني، بهدوء وصمت دون افتعال ولا ضجيج. وبدون حاجة لوصفات البنك والصندوق الدوليين، ولا تنظير شباب «الديجيتل» الذين لم يستوعبوا التجربة الأردنية، ولم يفهموا الاحتياجات الحقيقية للمجتمع، فقفزوا إلى المجهول وجرونا إلى ما نحن فيه من أزمات اقتصادية، بسبب عدم قدرتهم على ترتيب أولويات المجتمع الأردني، وقبل ذلك بفعل تخبط سياساتهم الاقتصادية التي فرضوها علينا، فزرعوا أرضنا بغابات الاسمنت، بدلاً من العمل على بناء أمننا الغذائي، ووجهونا إلى اقتصاد الخدمات، فتكاثرت في بلدنا المقاهي والمطاعم وكل مظاهر الاستهلاك، بدلاً من ان نتحول إلى الاقتصاد المنتج. كل ذلك بفعل سيطرة مفهوم الربح السريع للمال على جلّ العاملين في المجالات الاقتصادية المختلفة.
ومع سيطرة مفهوم الربح السريع على أهل المال في بلدنا غابت المسؤولية الاجتماعية لديهم، ولدى الشركات والمؤسسات التي يمتلكونها أو يديرونها، وإلا فأين هي مساهمة رأس المال في التنمية الثقافية في بلدنا؟ وأين هي مساهمة رأس المال برعاية الإبداع الفني الأردني بكل أشكاله؟ وأين مساهمة رأس المال برعاية الإنتاج العلمي لشباب بلدنا؟ وأين مساهمة أصحاب المال في بلدنا في خلق توازن اجتماعي حقيقي في بلدنا، للحفاظ على الأمن الاجتماعي، الذي هو الضمان الحقيقي لاستمرار مؤسساتهم واستثماراتهم وحمايتها. لقد غاب ذلك كله في السنوات الأخيرة عن جدول اهتمام أهل المال في بلدنا، الذين لم يعد لهم هَمٌّ إلا تكديس المال وتعظيم الربح الفردي، عكس ما كان يفعل آباؤهم.
فالقارئ المتمعن بالتجربة الاقتصادية الأردنية في السنوات الأولى للدولة الأردنية الحديثة سيكتشف أن توجهات الاقتصاد والاقتصاديين كانت سليمة، وكان رجال المال والأعمال الأردنيون يعون معنى المسؤولية الاجتماعية لرأس المال الوطني فكان أهل الاقتصاد سنداً قوياً للدولة، طالما سبقوها في إقامة المشاريع الإستراتيجية، في نفس الوقت الذي كانوا فيه يعملون على إثراء العمل الخيري، وتقويته انطلاقا من فهمهم لدينهم، الذي يرفض كنز المال، ويرفض الربح بلا جهد، ويرفض الجشع والاحتكار ومن فهمهم أيضاً أن الأمن الاجتماعي شرط أساس للأمن الشامل وللتنمية الاقتصادية أيضاً. فعندما يغيب الأمن الاجتماعي تحل محله الضغينة والبغضاء والحسد وروح التخريب.
ما نريد قوله: إن الاقتصاد الأردني قام في الأساس على مشاركة طبيعية وتلقائية بين القطاعين العام والخاص؛ وكان القطاع الخاص شريكاً استراتيجياً في تنمية مجتمعه. انطلاقاً من قناعاته الوطنية والدينية. ولم نَحْتَجْ في كل المشاريع الإستراتيجية الكبرى التي قامت في بلدنا في مرحلة التأسيس وما تلاها وما زلنا نتغنى بها، رغم أننا نهشمها الآن، بفعل تخبطنا بين الوصفات الاقتصادية المستوردة؛ أقول: إننا لم نَحْتَجْ إلى شريك استراتيجي أجنبي، ولم نَحْتَجْ إلى بيع مؤسساتنا الكبرى بأثمان بخسة، لنحول جهد آبائنا وعرقهم وأحلامهم إلى الغرباء.
كثيرة هي الاختلالات التي أصابت بناءَنا الاقتصادي، غير أن أهمها أننا لم نراعِ التجربة الوطنية وتطورها الطبيعي، فحاولنا القفز في الهواء-مع ترافق ذلك بفساد الذمة- والسعي للربح السريع، الذي يحققه بعض الأفراد، ولو كان على حساب الوطن، عملنا جميعاً على تشويه شخصيته وكسر ظهره، ووقف نموه وسرقة أحلام مؤسسية، ومنع أبنائه من مجرد الحلم بِغَدٍ آمن. لأن قيم الصدق والأمانة والشرف وأعذار المعسر، استبدلت عند صائدي المال بالجشع والاحتكار والغش. وهي صفات كانت غريبة على بناة اقتصادنا الوطني. فهل يستعيد اقتصادنا ورجالاته ذاته وقيمه الأصيلة، ويعود هدفه تنمية الاقتصاد لا كنز الأموال؟.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

أين شخصيتنا الوطنية؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: أين شخصيتنا الوطنية؟   أين شخصيتنا الوطنية؟ Emptyالإثنين 23 سبتمبر 2013, 6:42 am

أين شخصيتنا الوطنية؟ (في الزواج وتقاليده) 


بقلم : 


بلال حسن التل
يكثر الأردنيون من الحديث عن شخصيتهم الوطنية، وضرورة المحافظة عليها وإبرازها. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: كم من الأردنيين سأل نفسه عن دوره في الحفاظ على شخصيته الوطنية، والى أي حد تسهم تصرفاته الشخصية في إبرازها أو تذويبها؟. ذلك ان بناء الشخصية الوطنية، والحفاظ عليها ليست مسؤولية فرد بعينه؛ أو شريحة محددة. ولكنها مسؤولية جماعية، يشارك فيها كل الأفراد، وكل الشرائح، وكل مكونات الوطن، وأولها الأسرة الأردنية. فإلى أي حد تساهم الأسرة الأردنية في بناء الشخصية الوطنية الأردنية، وهل تراعي الأسرة الأردنية عند تأسيسها مكونات الوطنية الأردنية؟ بمعنى هل يراعي الشريكان الشاب والفتاة، عند إقدامهما على اختيار شريكهما مدى توفر مقومات الشخصية الوطنية في الشريك الآخر من خلال تقيده والتزامه بالتقاليد والأصول والأعراف الأردنية، وإيمانه بالأردن كوطن؟ والجواب ببساطة: ان جُلنا ان لم يكن كلنا لا يفعل ذلك.
والسؤال الثاني: كم منا يراعي الأصول والتقاليد الأردنية في مراسم زواجه، وهي من أهم مكونات الشخصية الوطنية؟.
هل ما زالت «الجاهة» تقوم بدورها الأصلي في الخطوبة وشروطها بين أهل العريس والعروس، أم أنها تحولت إلى مجرد طقس خالٍ من المضمون، اللهم إلا مضمون النفاق الاجتماعي المبالغ فيه، الذي صار طابعاً لجاهاتنا هذه الأيام للأسف الشديد؟.
غير الجاهة وتفريغها من مضمونها، ودورها الحقيقي، هل تتم مراسم الزفاف وفق العادات الأردنية الموروثة التي كانت تحمل في طياتها معنى التعاون والتراحم، وتسهم طقوسها في تمتين علائق المحبة والألفة بين الناس، ابتداء من سهرات الزفاف التي تسبق ليلة العرس، وهي السهرات التي كانت تشرك الجميع بالفرح، وتمتن بينهم علاقات المحبة والألفة، وتزيل ما قد يكون قد وقع بين بعضهم من خلافات وشحناء. مروراً بوليمة «القِرَى»، التي كانت تجسد روح التعاون والمشاركة وروح الجماعة. وانتهاء بليلة الزفاف، التي كانت تبرز فيها معاني الرجولة والحمية. بالإضافة إلى تشابك الناس وتلاحمهم بالمحبة، باعتبار ان «النسب نشب».
هل بقى من ذلك كله شيء؟. ما هي نسبة الأفراح في بلدنا التي تقيم ليالي السامر والدبكة التي تجمع الناس على البهجة والسرور؟ وكم هي نسبة مشاركة الناس للعريس في مصاريف عرسه، كما كان يفعل آباؤنا وأجدادنا في ليالي السامر ووليمة «القِرَى»؟ ألم يتلاشَ ذلك كله، لتتحول أعراسنا إلى مجرد طقوس بلا روح. عندما صار الناس يتقاطرون إلى صالات مغلقة، يجلسون فيها حول الموائد يتفرج بعضهم على بعضهم الآخر دون إحساس بالمشاركة والفرح، وقد خصص جناح من الصالة لأهل العريس، وآخر لأهل العروس. فلم يعد «النسب نشباً» ولم يعد الزواج وسيلة لتلاحم الناس. فبالكاد تتعرف الأسرة الصغيرة للعريس، على الأسرة الصغيرة للعروس أيضا. بعد أن كان الزواج قناة لتلاحم عشائر وقرى بل ودول في كثير من الأحيان.
ألم تحل الموسيقى الصاخبة تنبعث من أجهزة التسجيل، محل «الهجيني» و»الجوفية» و»الترويدة» وغيرها من أغاني ودبكات الفلوكلور الأردني، التي كانت تعطي للعرس روحه الجماعية، وتنشر عبق الفرح على الجميع؟ لقد اختفى ذلك كله، أو يكاد، وباختفائه يختفي مكون من مكونات الشخصية الوطنية الأردنية، وتقوم أسرنا على غير أساس هذه الشخصية، ومن ثم تفقد دورها في الحفاظ عليها.
لذلك فالدعوة موجهة للجميع أفراداً وجماعات ان نسعى لاستعادة هذا المكوّن من مكونات شخصيتنا الوطنية. خاصة وانها تدخل على قلوبنا الفرح، وتنمي في نفوسنا روح الجماعة، وتوفر الكثير من المال الذي صار إنفاقه على أعراسنا بعيداً عن تقاليدنا، يرهق جيوب شبابنا ويهدد مستقبلهم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

أين شخصيتنا الوطنية؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: أين شخصيتنا الوطنية؟   أين شخصيتنا الوطنية؟ Emptyالإثنين 23 سبتمبر 2013, 6:42 am

أين شخصيتنا الوطنية؟ في التشريع 




نصل في حديثنا عن مكونات شخصيتنا الوطنية إلى التشريع باعتباره من أهم وسائل بناء الشخصية الوطنية، بكل مكوناتها المادية والمعنوية، والحفاظ عليها والدفاع عنها. فإلى أي حد تفعل ذلك التشريعات التي تصدر في بلدنا؟ والى أي حد تنسجم مع شخصيتنا الوطنية؟ وهل تحافظ عليها وتحمي مكوناتها؟.
إن نظرة متأنية على مجمل التشريعات، التي صدرت في بلدنا، خلال السنوات القليلة الماضية، تقودنا إلى إجابات سلبية على جلّ الأسئلة التي طرحناها؛ من ذلك على سبيل المثال: أن نسبة كبيرة من هذه التشريعات ثبت أنها مترجمة ترجمة حرفية عن قوانين وتشريعات سارية في مجتمعات أخرى، بل أكثر من ذلك. فقد ثبتت أيضاً رداءة الترجمة في أحيان كثيرة.
وهذا يعني في كل الأحوال، أن هذه التشريعات المترجمة، ليست تعبيراً عن تطور طبيعي لمجتمعنا ولشخصيتنا الوطنية، ولكنها محاولة لفرض نظم ومفاهيم جديدة عليه، من شأنها تذويب وتشويه تطوره الطبيعي، وبنية شخصيته الوطنية. مما يعني ان المجتمع سيرفض هذه التشريعات، أو انه سيتم التراجع عنها، وقد جرت الحالتان في بلدنا، فكثيرة هي مظاهر الاحتجاج والرفض بأشكالهما المختلفة التي تمت للعديد من القوانين التي أقحمت على منظومتنا التشريعية.
مثلما هي كثيرة التشريعات التي تم التراجع عنها، سواء من خلال كم التعديلات التي أدخلت عليها، أو من خلال استبدالها كاملة، وبعد فترة قصيرة من صدورها.
وهي حقيقة ما كان لها أنْ تغيب عن عقل المشرّع الأردني. مما يقودنا إلى سؤال عن العقلية والفلسفة التشريعية، التي تحكم تشريعاتنا، وما هي الأهداف التي تسعى إليها؟ والى أي حد ينسجم ذلك مع بناء الشخصية الوطنية والتشريع من أهم أدوات هذا البناء؟، مما يستدعي من الدولة بكل مكوناتها، أنْ تراعي ذلك عند سَنّ التشريعات لتعمل هذه التشريعات على بناء وعي المواطن، الذي يجب أنْ ينعكس سلوكاً إيجابياً، خاصة عند خياراته الانتخابية في زمن صارت فيه صناديق الاقتراع وسيلة لتحقيق مزيد من وحدة الأوطان وتلاحمها، لا كما يجري في بلدنا بفعل تشريعات تذويب الشخصية الوطنية، لحساب الشخصيات الفرعية الصغيرة.
وهو عوار، لا بد ان تتخلص منه تشريعاتنا الوطنية، في إطار عملية متكاملة لبناء الوعي على شخصيتنا الوطنية، وسُبل استعادتها والمحافظة عليها، من خلال فلسفة تشريعية معبرة عنها لا مفروضة عليها، والبرلمان هو واحد من أهم التعبيرات عن الشخصية الوطنية، وهو الأمين على فلسفة التشريع، مما يفرض علينا بالضرورة إعادة النظر في آليات تكوينه وشروطها، حتى يصل إلى قبته من يجسّد شخصيتنا الوطنية ويمثلها تمثيلاً صحيحًا، وينتج لها تشريعات سليمة بنت بيئتنا الوطنية لا تشريعات مترجمة، 
ولا نريد أن نقول «بنت حرام».
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

أين شخصيتنا الوطنية؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: أين شخصيتنا الوطنية؟   أين شخصيتنا الوطنية؟ Emptyالإثنين 23 سبتمبر 2013, 6:43 am

أين شخصيتنا الوطنية؟ (في احترام القانون) 
بلال حسن التل


تحدثنا في المقال السابق عن التشريع كوسيلة من وسائل بناء الشخصية الوطنية والحفاظ عليها. وهذا يقودنا إلى الحديث عن مدى التزامنا بالقوانين باعتبارها من أهم أدوات التعبير عن الشخصية الوطنية والحفاظ على الوطن والمواطن، وتنظيم العلاقة بينهما أولاً، وبين المواطنين بعضهم ببعض، فالقانون هو حالة من حالات التوافق التي يتم الوصول إليها لتنظيم علاقة المواطنين في مجال معين من مجالات حياتهم وعلاقاتهم ببعضهم وبالوطن في ذلك المجال. وهذا يعني ضرورة احترامهم وتقيدهم بذلك القانون، خاصة وأن احترام القوانين يعكس إلى حد كبير مدى تطور الدولة، وحجم حالة التراضي والتوافق بين مواطنيها؛ فإلى أي حد نحترم قوانيننا ونتقيد بها؟ ومن ثم إلى أي حد تعبر عنا القوانين النافذة في بلدنا؟.
لا يحتاج المرء إلى تأمل طويل، حتى يكتشف حجم تفلتنا من القوانين، وعدم التقيد بها ما استطعنا إلى ذلك سبيلا حتى صار ذلك جزءًا من ثقافتنا الشعبية؛ كقولنا «القانون مثل البالون انفخه ينتفخ» وغير ذلك من الأقوال التي تدل على التفلت من القانون وهذا يعكس إحساسنا بأن هذه القوانين لا توصلنا إلى حقوقنا، لذلك فإن أول ما يفكر به الواحد منا عندما يريد إنهاء معاملة، أو الحصول على حق من حقوقه، هو تأمين الواسطة القادرة على إنهاء معاملته أو إيصاله إلى حقه لدى الجهة المختصة. فقد صارت الواسطة شرطًا للحصول على الحقوق أو للاعتداء عليها، علمًا بأن تفشي الواسطة هو العدو الرئيس لدولة القانون التي نُكثر من الحديث عنها ونحلم بالوصول إليها.
إننا نكاد نكون البلد الوحيد الذي نقرأ فيه تصريحات للمسؤولين عن نيتهم بتفعيل هذا القانون أو ذاك، مع أن الأصل أن القانون «آمر» لا يجوز ان يخضع لرغبة ومزاج المسؤول، بل العكس هو الصحيح، فعلى الجميع أن يخضع للقانون. وهو الأمر الذي لا يحدث في بلدنا في ظل تفشي الواسطة والمحسوبية وغياب المحاسبة.
ليست الواسطة والمحسوبية ومزاجية المسؤول هي الاعتداء الوحيد على القانون في مجتمعنا. فهناك ما هو أكثر وأخطر من ذلك؛ حيث إننا نكاد نكون البلد الوحيد الذي يتم فيه الاعتداء على القانون على رؤوس الأشهاد جهارًا نهارا، والأدلة والبراهين على ذلك كثيرة، منها على سبيل المثال لا الحصر: إن قانون الأسماء التجارية يمنع الأسماء غير العربية، ومع ذلك فإن السائر في شوارعنا لا تخطئ عينه الأسماء غير العربية، وبالحروف غير الحرف العربي لشركاتنا ومعارضنا وفنادقنا ومقاهينا، حتى أصبح الاسم والحرف العربي هما الاستثناء؛ كذلك فإن قانون التربية والتعليم يمنع التعليم بغير اللغة العربية إلا في مدارس الجاليات الأجنبية، ومع ذلك فإن عدد المدارس التي تعلم بغير العربية بل والتي يمنع بعضها التعليم باللغة العربية يزداد يوماً بعد يوم، ولا أحد يحرك ساكناً احتراماً للقانون، ومثل المدارس كذلك الحال في الجامعات، فإذا كان أبناؤنا ينشأون في ظل مؤسسات تخالف القوانين فكيف ستكون علاقتهم بالقانون مستقبلاً؟.
كثيرة هي اعتداءاتنا الصارخة والمعلنة على القانون؛ ولهذه الاعتداءات أسباب كثيرة، أهمها:عدم قناعة المواطن بالقانون، لأنه لا يعبر عن مصالحه المشروعة، ولأن كثيرًا من القوانين ليست بنت بيئته، ومن ثم فإن من الطبيعي ان يتهرب المواطن من تطبيقها.
ومثل عدم قناعة المواطن بالقانون فهناك أيضاً وقبل ذلك عدم قناعة المواطن بالهيئة التشريعية التي تصدر هذه القوانين وعدم ثقته بها. فكيف إذن سيثق بما ينتج عنها، خاصة وأن ممارساتها عززت لدى المواطن هذا الإحساس بعدم الثقة، من خلال ما يلمسه من تخبط في التشريع، ودوران في الحلقة المفرغة في الكثير من حالات سن القوانين، مثل قانون المالكين والمستأجرين، وقانون الضريبة، والكثير من القوانين الأخرى، وزاد الطين بلّةً إحساس المواطن بأن بعض القوانين تم إصدارها لخدمة شخص معين، أو لتحقيق هدف ضيق، مما زاد من مبرراته لمخالفة القوانين. هذا بالإضافة إلى كثرة القوانين المؤقتة التي زعزعت ثقة المواطن بالعملية التشريعية ومخرجاتها.
سبب آخر رئيس لمخالفة القانون في مجتمعنا يتمثل في غياب المسألة ومعاقبة مخالف القانون، خاصة في السنوات الأخيرة التي كثر فيها الحديث عن غياب هيبة الدولة، مما شجع الكثيرين على التطاول على القانون ومخالفته، وهذا خطر حقيقي يهددنا، ذلك أن غياب القانون يعني غياب العدل وغياب الأمن والطمأنينة، مما يهز منظومة الانتماء للوطن؛ ذلك ان القانون من أهم أدوات بناء مفهوم الوطن والمواطنة في ظل الإحساس بالأمن والعدل والمساواة، وهي مفاهيم أساسية لبناء شخصية وطنية سوية ومتوازنة ومنتمية. نظن أننا نفتقدها، فهل نعي خطورة ذلك من خلال وعينا لخطورة غياب دولة القانون عبر غياب احترامنا له وسعينا للتهرب منه واللجوء إلى الواسطة بدلاً من القانون؟!.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

أين شخصيتنا الوطنية؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: أين شخصيتنا الوطنية؟   أين شخصيتنا الوطنية؟ Emptyالإثنين 23 سبتمبر 2013, 6:43 am

أين شخصيتنا الوطنية؟ (في الإدارة العامة) 
بلال حسن التل

الإدارة العامة هي إحدى أهم تجليّات الشخصية الوطنية؛ لأنها تجسد قيم المجتمع وفلسفته التي تسعى الإدارة إلى تحقيقها في كل جوانب حياة الناس السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية..الخ، وحمايتها في الوقت نفسه. فأين الإدارة العامة الأردنية من ذلك كله؟.
للإجابة على هذا السؤال، لا بد من الرجوع إلى أمرين هما: أدبيات ووثائق الإدارة الأردنية، وشهادة من عايشوا هذه الإدارة، وما زال بعضهم أحياء بين ظهرانينا، يبكون على ما وصل إليه حال الإدارة العامة في بلدنا بعد أن كانت من أهم مفاخرنا. ومن بعد أن كانت ترفد الكثير من دول المنطقة بالخبرات المتميزة. يومها كان مفهوم الوظيفة هو مفهوم الخدمة؛ وكان الموظف العمومي هو خادم الشعب، وكانت الوظيفة في الدولة الأردنية تكليفًا لا تشريفاً، وكانت غُرماً لا غُنما، فلم تكن الدولة تصرف سيارات حتى لوزرائها، فما بالك بالهواتف والحوافز وغير ذلك من صور الهدر المقنَّع التي ابتليت بها الإدارة الأردنية في مراحلها الأخيرة.
يومها كان الكثيرون من المسؤولين الأردنيين، يدفعون من جيوبهم لقضاء حاجات الناس، التي لا تستطيع الموازنة العامة أو صلاحياتهم في الصرف تسمح بتلبيتها. وفي ذاكرة الناس الكثير من الوقائع على هذه الممارسة من رجال الإدارة الذين كانوا يؤمنون بأنهم خدم شعبهم. فكانت المناصب تكبر بهم قبل ان تظلنا أيام، صار فيها المسؤول ينعزل في برج عاجي تحجبه عن الناس حواجز وحواجز. وصارت السكرتيرات يقطعن بالكثير من الأمور التي تسبب غضب الناس وتشعرهم بالعزلة عن إدارتهم العامة. كل ذلك بفعل الحداثة والتحديث التي جلبها لنا عصر الدجيتل، الذي صار الموظف العام فيه يكبر بالمنصب بدلاً من ان يكبر به المنصب ويتكبر على الشعب بدلاً من أن يخدمه.
وإذا كان مفهوم الوظيفة العامة في الإدارة الأردنية هو مفهوم التكليف لا مفهوم التشريف، فقد ارتبط هذا المفهوم بمفهوم آخر لا يقل أهمية عنه، هو مفهوم النزاهة؛ الذي كان يدفع المسؤول في الإدارة الأردنية ليبحث عن الأكفأ والأقدر، فيضعه في المكان الأنسب. بصرف النظر عن انتمائه الحزبي أو المناطقي، وبهذا المفهوم صارت الإدارة الأردنية غنية بالكفاءات التي كانت تصل إلى مواقعها على قاعدة تكافؤ الفرص، قبل أن يظلنا زمن صارت الواسطة والمحسوبية هي الطريق لتفريغ الإدارة من الكفاءات، فارتفعت الشكوى منها، وكثُر الحديث عن ترهلها.
ومثل ارتباط مفهوم التكليف بمفهوم النزاهة، فقد ارتبطت النزاهة بنظافة اليد والحرص على المال العام. وكثيرة هي الوثائق الأردنية التي تحفظ لنا مراسلات بين الوزير والمدير، حول إتلاف كأس شاي في منشأة عامة، وضرورة ان يتم ذلك وفق القواعد المرعية، تماماً مثلما تحفظ لنا هذه الوثائق مراسلات بين رئاسة الوزراء ورئاسة الديوان الملكي حول دينار ونصف، ثمن وجبة غداء لم يصرفها رئيس الديوان، فصار عليه ان يعيدها إلى الخزينة العامة، وقد تبدو الأرقام والوقائع صغيرة، لكن دلالاتها كبيرة. أولها هذا الحرص الفائق على المال العام. وثانيها المتابعة والمحاسبة على كل فلس من هذا المال. وبمثل هذا الحرص وبمثل هذه المحاسبة استطاعت الإدارة الأردنية وبرغم قلة إمكانياتها أن تبنى دولة عصرية تتمتع ببنية تحتية، قل نظيرها في المنطقة، وما زلنا نفتخر بإنجازاتها التي صرنا نضيعها عبر استهتارنا بالمال العام، وعبر تراخي يد المتابعة والمحاسبة عن الفساد والفاسدين، فتعاظمت الشكوى المرة منهما، وزاد الحنين إلى الزمن الجميل، الذي كانت الدولة الأردنية فيه تعُج برجال من أمثال محمد عودة القرعان وعطا الله المجالي، وموسى الساكت، وعلي مسمار.
لقد كان الإنجاز رغم قلة ذات اليد أهم مواصفات الإدارة الأردنية قبل ان يظلها زمان صارت فيه مترعة بالحشود البشرية المعطلة للإنجاز بفعل الروتين الذي صار يحكمها، وبفعل البطالة المقنعة الجالسة خلف مكاتبها تبحث عن سُبل تعطيل الإنجاز بفنون الروتين المقيت.
كثيرة هي الصفات التي كانت تتصف بها الإدارة الأردنية، لكن ما هو أهم من هذه الصفات، هو إيمان العاملين في الإدارة. بهذا الوطن وبرسالته، ورغبتهم ليس في بنائه فحسب، بل بتحقيق تفوقه وتميزه. لذلك كانوا يعطونه أكثر مما يأخذون منه، مسجلين بذلك أهم صفات شخصيتنا الوطنية التي نأمل ان نستعيدها قبل فوات الأوان. فهل تشهد الإدارة الأردنية حركة تصحيحية تعيدها إلى أحضان صفاتها، وما قامت عليه من أسس، وتعيد إلى أحضانها رجالاً يؤمنون بهذا الوطن، ويسعون إلى بنائه، ومن ثم بناء شخصيتنا الوطنية؟.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
أين شخصيتنا الوطنية؟
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» غزة والحركة الوطنية الفلسطينية
» السلطة الوطنية الفلسطينية:
» من مقتنيات دائرة المكتبة الوطنية
» القضية الوطنية في زمن الإضطراب الإقليمي
» كيف نشأت الحركة الوطنية الفلسطينية؟

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: اردننا الغالي-
انتقل الى: