منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

  كيف تصنع مبدعا في بيتك! الرحلة السرية لصعود المبتكر الصغير!

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70244
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

  كيف تصنع  مبدعا في بيتك! الرحلة السرية لصعود المبتكر الصغير!  Empty
مُساهمةموضوع: كيف تصنع مبدعا في بيتك! الرحلة السرية لصعود المبتكر الصغير!      كيف تصنع  مبدعا في بيتك! الرحلة السرية لصعود المبتكر الصغير!  Emptyالأحد 19 ديسمبر 2021 - 8:32

كيف تصنع  مبدعا في بيتك! الرحلة السرية لصعود المبتكر الصغير! هل تمكنت مدارسنا وجامعاتنا من صناعة المخترع والعالم والباحث والأديب والفنان؟

المهندس خالد شحام
في كثير من الأحيان كنت أرغب في كتابة سلسلة مقالات تلخص الخبرة الذاتية في مجال التدريب والتعليم وصناعة العقل البشري المؤهل ليكون نواة تغيير و وسيطا لقفزات علمية – اجتماعية مؤثرة ، ولكن كلما حاولت ذلك لم أجــد إلا الشعور بالخذلان مما أرى وأسمع وأعاين حول قضايا التعليم والتأهيل والتدريب في المنطقة العربية بالمجمل  ، الحافز الوحيد المرحلي الذي شجعني وسوف يشجعني لكتابة ونقل وجهات نظري وقناعاتي في هذا الميدان هو صحيفة رأي اليوم التي أوجه شكري عبرها لأستاذنا العظيم عبد الباري عطوان الذي منح هذه الفسحات إمكانية للتنفس لعل فيها شيء من أمل او رمق من حياة يترك أثرا هنا او هنالك مهما كان صغيرا أو متواضعا .
 بداية الكلام  تبدأ من الشعور بوجود فشل هائل في كامل المنظومة التعليمية العربية وعجزها المتواصل عن توليد العلماء والمكتشفين والمبدعين والمجددين  ، لست بحاجة لأرقام ولا إحصائيات لأظهر لكم معنى هذه الكلمات لأنكم تدركون وتشاهدون بأنفسكم ما نحن فيه ، ويبدو أيضا أن لا أحد يلتفت لإنشاء او صناعة الإنسان العربي العلمي المبتكر والمخترع والعالم لأننا نخوض معارك سياسية لا متناهية في المنطقة اكتسحت أولويات صناع القرار .
بداية الكلام أيضا تبدأ من تعليقي على كثير من المقالات والدراسات والندوات واللجان الكرتونية فاقدة الصلاحيات التي تصاغ في أرجاء الوطن العربي تحت قناع اسمه ( تحسين – تطوير – نهوض – تحديث – مواكبة – المجالس العليا – اللجان التطويرية  لتعليم العلوم والمواد التقنية ………) هنالك كم هائل من الكتابات والمقالات والخطابات التي وجهت لصالح الحكومات العربية لمحاولة تعبئة الفجوة الهائلة في الحقل التعليمي العلمي تحديدا  والتربوي عموما ولكن مع تراكم خبرتنا في هذه المجال واعتيادنا على الصدمات الناجمة عن التلفيق والضحك على الذات وجدنا أن كل المخرجات لهذه الدراسات واللجان والندوات والمؤتمرات إنما كانت مجرد خداع ومرواغة للشعوب والطبقة الأكاديمية والتعليمية وسرقة للوقت والجهد وإنفاق للميزانيات  بلا طائل ، بمعنى أن كل ما يقال هو محض احتيال زمني  ورقي وديباجات عظيمة أكبر تأثيراتها هو احتفال هزلي وطبل وزمر بتخريج المزيد من الفاشلين  ، لا توجد أية نوايا لتطوير التعليم ولا الارتقاء بالأجيال ، ما يحدث هو لعبة كسب وقت وكسب نقاط ومواقف لكن لا شيء يحدث على أرض الواقع ولا شيء يتغير بل على العكس  تزداد الأحوال التعليمية  انحطاطا وسقوطا نحو قاع البئر ونخسر كل سنة قسما آخر من إنسانية الإنسان العربي   ! لماذا ؟  لأن السبب وبكل بساطة ودون تعقيدات يتمثل في طبيعة النوايا السياسية في المنطقة العربية والتي فرضت عليها أجندات التفريغ التعليمي والعلمي وتحويل مراكز ومؤسسات  وجامعات العلم إلى بقالات تعليمية وصورية تبيع الشهادات .
في مرات كثيرة حين أقرأ مقالة أو نشرة أوتوصيات لجنة ما حول مقترحات  لتحسين التعليم العلمي  او صناعة جيل متميز من الطلبة ،  أضحك بيني وبين نفسي بمرارة لأن الأمر تحول إلى سخرية وضحك على الذات لا نهاية لها  ! هل ما زال من أحد يكتب توصيات وتوجيهات للحكومات للنهوض ؟ ……..  لا أحد يسمع ولا احد يريد أن يسمع ، بل على العكس السوق المطلوب والذي يشتغل جيدا في المرحلة الحالية هو سوق دراسات وتوصيات التخريب والتجهيل  والتحطيم العلمي الممنهج ! السوق الجيد والذي يبيع ويثرى بشكل عال هو سوق انصاف العقول وأشباه الفهم وأرباع المخلصين والمتخصصين في فقه التزييف ومنهجة التزوير التاريخي وفقا لأحدث منهجية علمية …………وبمأ ان كل عمليات التطوير والتحديث العربية تحولت إلى حقل خصب للأكاذيب والتزييف والضحك على عقول الأجيال فلذلك أرجو أن يفهم أن  أي شيء من نصائحي وارشاداتي في هذا المقال أو غيره إنما هو  للقراء كأفراد أو تجمعات أو أصحاب نفوذ تربوي تعليمي محدود في تجمعات تعليمية اما غير ذلك فلا يرتجى منه فائدة ولا امل !
الشيء المهم جدا والذي يجب ذكره هو أن عملية التعليم ومع دخول الألفية الثانية وعلى مستوى العالم بدأت تتحول إلى منحى مغاير تماما لتتناسب مع العالم الرقمي الذي كان يتشكل بحيث تفككت عرى الاشتباك مع العالم القديم الذي كانت فيه هاتين الكلمتين من المسلمات التقليدية ( التربية والتعليم )  وبدء عالم جديد يتبلور لا تهمه تربية ولا تعليم وإنما تحوير جديد باطني اسمه  ( برمجة عقول ) بالحرف الواحد وهذا ما يسود الان في مطلق العالم  ، هذا العالم الجديد ومع كل اغراءاته وحسناته ومفرزاته التي تبدو ايجابية في ظاهرها وإنسانية وراقية في مخرجاتها  إلآ أن التعليم  فيه راح يثني رقبته وفقا للإيديولوجيا الرأسمالية مهما بدا من غير ذلك ، لقد تغلغل الفكر الغربي العلماني الجاف من أية قيم  وبسط هيمنته على المشهد بأكمله وقرر أن التعليم العالمي يجب أن يخضع للرؤية الرأسمالية ويتكيف مع تطلعاتها وغاياتها البعيدة ولهذا السبب هبت رياح  تغييرات عميقة سوف آتي على شرحها وتفسيرها في مقالة مستقلة لأن الأمر متشابك ومتعدد الفروع ولكنه بالغ الأهمية في حيز الوعي  ، والهجمة على التعليم في الداخل العربي هي جزء لا يتجزأ من الهجمة على التعليم العالمي ولكن في الداخل العربي تم الاشتغال للتخريب الأقصى  .
في تقديري ورأيي الخاص أن أي عامل مقتدر ومتمكن  في ثلاثية  التدريب العلمي – التقني – التربوي  يمكنه بعد فترة طويلة من الاعتراك في هذه الميادين  – خاصة إذا كان يمتلك العقل والرؤية والبصيرة الثاقبة  – أن تتشكل لديه النظرية التربوية الصغيرة الخاصة به  والتي من خلالها يمكنه تأطير ونمذجة الأساليب التعليمية  والاستراتيجيات التربوية بخطوطها العريضة لتكون في فئة الأكثر كفاءة وفاعلية  ضمن إطار من أسس المنهجية العلمية  للفحص والتدقيق  ، هذه ( النظرية ) إذا جاز التعبير تتأتى من جملة ملاحظات متضافرة مجربة ومختبرة ،  من خلال نفس خبرتي أستطيع القول بأن قطاع التربية والتعليم العربي بمجمله معلق روحا وهوى بالنماذج التربوية والنظريات التعليمية الأمريكية والغربية أو مستنسخاتها  المعدلة  على أيدي جهابذة التربية العرب  و الذين لم يتمكنوا  خلال كل هذه السنوات الطويلة من خلق الموديل التعليمي الخاص بالشخصية العربية الآسلامية وتحريرها من القالب الخاضع للنظريات الغربية أو الإنطلاق بها فوق التاريخ  ، كل ما يجري على الساحة التربوية التعليمية هو محاكاة فاشلة  وتقليد مباشر أو غير مباشر لتلك النماذج والدراسات الأجنبية بروحها وعقليتها ورؤيتها  ( طبعا لا يمكن الإنكار أن فيها شيء كثير من الفائدة والمساحة المشتركة مع المنطقة العربية )  ولكن يمكنني القول أن فساد الأنظمة السياسية العربية انعكس فورا في مرآة التربية والتعليم وبذلك  فميدان التربية والتعليم ينطوي على شيء مشترك مع ميدان السياسة  حيث يجتمع الإثنان في كثير من الهراء والتنظير والكلام الهوائي الذي لم ينجح في إخراج او إنتاج مبدعين ومفكرين ومنتجين في المجالات العلمية والأدبية والإنسانية والدينية طيلة كل هذه الفترة  ، لم تنجح عقود من النظريات التعليمية العربية في تخريج أعداد من المفكرين والكتاب والرسامين والعلماء وبراءات الاختراع والمنافسة على مستوى العالم لا كما ولا نوعا بالضبط كما فشلت السياسة العربية في الانتصار لقضايا وهموم المواطنين العرب  ، كل دكاترة الجامعات والطبقة الأكاديمية الرفيعة المنتجة من هذا المعمل الحالي تحصنت حول ذاتها وقدست شهاداتها ومراكزها وتخلت عن الاستثمار الحقيقي في طلبة الجامعات لذلك فالمنتوج التاريخي هو صفر !
السؤال الأساسي الذي يحضر هنا والأسئلة كثيرة وغزيرة : ما الذي نريده ؟ ما هي مواصفات هذا الإنسان الذي نحن بصدد تربيته وإنشائه وصناعته فكريا وسلوكيا ليعمل في العلم وحقوله  ؟ لماذا فشلت الأنظمة التعليمية الحالية والسابقة ، لماذا نعجز عن إنتاج مبتكرين ومخترعين وبذور علماء في جامعاتنا ؟  كل سؤال من هذه الأسئلة يتطلب مقالات مستقلة لمحاولة الإجابة عنها .
كل ما نريده باختصار هو إنسان يشتغل في العلم والمعرفة ليستخرج منها ما يفيد أمته فكريا واقتصاديا ويساهم في تقديم يد العون لشعبه وامته بالشكل الأخلاقي المتفق مع نهج هذه الأمــة ،  العلم الذي أهمله قادة العرب المعاصرون واستبدلوه  بعلوم  الشعوذة والدجل بالصباغ الديني وترويج المتعة والنعم الزائفة ومسخوا قيمة العلوم في المدارس والمناهج الجامعات هو الوسيلة والجسر المتين لقوة الأمة ، نحن نريد الاستثمار في العلم ليس لأنه رفاه أو تسلية او فائض عن الحاجة ، العلم اليوم هو وسيلة الدفاع  الأولى عن وجوديةالأمة وهو وسيلة الضمان للإنتقال إلى المستقبل ، هو الذي يمنح الأمة كفايتها ويمكنها من تحقيق حلم  ( كل مما تزرع والبس مما تنسج واضرب بما تصنع وعش سعيدا بما تبتكر )، إنه جسر النجاة الأساسي بلا منازع  ودرع الأمة الواقي والناقل لها عبر المستقبل .
مصيبتنا في النماذج التعليمية القائمة  يطول شرحها  ولكنها نماذج مشغول عليها ومفرغة من نقاط قوتها وملعوب في أهلية كوادرها لأنهم يعلمون تماما خطورة جودة التعليم ، إنها نماذج  غير مانحة بل سلبية جدا  ومشوهة جدا حيال القدرات العقلية والطاقة الوجدانية الايجابية نحو روح العلم وميوله ، تعليمنا الراهن حول تدريس العلوم هو تعليم لا يتعدى في أحسن حالاته وتجلياته  تعليم تسلية لزيادة جرعة المرح والعبث لدى هذه الأجيال ،  بينما ما نريده هو متعلم قادر على استخدام طاقات عقله وجسده وتسخيرها لتكون ادوات بحث وانتاج علمي معرفي وتحقيق مكتسبات عالمية تصب أولا وأخيرا في مصلحة الأمة  ثم ليكون هذا العلم طريقا ايمانيا يرسخ الايمان بالله ، التعليم الذي نعاينه في أوساطنا العربية المدرسية والجامعية  هو تعليم تلقيني فاتر الحماسة بارد الروح هدفه استعراض كم كبير من صفحات المناهج دون ان يهتم أو يفكر بالأبعاد والاثار التي يجب أن تتولد عن هذه المعرفة أو ما يعرف بهالة المعرفة وهذه السنوات من الدراسة ، التعليم الذي نريده هو تعليم يستثمر في العقل والوجدان ويؤثر في السلوك فعلا وقولا ونراه رأي العين ، فإن أفلحت في ذلك فقد مارست تعليما سليما فاعلا ذا أثر حميد وسوف ترى نتائجه عاجلا أو آجلا !
على كل إذا كان أحدكم معنيا بعمل محاولة إنقاذية جادة لصغاره في البيت ويحاول إلحاقهم بالركب العلمي فقد يستفيد مما سوف أطرحه من أفكارمبسطة  ، إليكم أعزائي بعض الملاحظات المنسوجة معا و المجربة والناجمة عن الخبرة والنموذج الشخصي في التدريب والتأهيل والتي يمكن أن تكون محاور قابلة  للتطوير والخضوع لدراسات أعمق ،  ، هذه الملاحظات إن طبقت بالشكل والقدر السليم فالناتج سوف يكون باعثا على الأمل والسرور في النفس  ، أذكركم بأن القوة الناجمة عن هذه الملاحظات إنما تأتي من تكاملها وتآزرها معا ، إنها استراتيجية عامة  ومن يختبرها سيجد بنفسه نتائج مذهلة تتجمع قطرة قطرة  بعد مضي الشهور والسنوات من هذا النهج ، تجنبت الإغراق في التفاصيل وإسناد كل نقطة لمرجعية سيكولوجية -تعليمية لأجعل الكلام بأبسط بما يمكن بعيدا عن القوالب التفصيلية للمنهجية العلمية .
إن سر التعليم الابداعي الأساسي والأولي يكمن في عبارة مهمة جدا تمثل القاعدة المطلقة لكل ما يمكن تصوره ، و كل شيء سوف يتفرع منها   ، هذه العبارة تقول بان التعليم الإبداعي هو :  خلق إهتمام وجداني أولا وأخيرا  في نفس المتعلم !
 إن تطبيق هذه العبارة يعني بكل اختصار تجنيد كل قدرات وملكات الصبي الصغير لتكون مسخرة لهذا التوجه …………إذا استطعت ان تصنع بيئة  ذهنية  معززة ومرغبة في التخصص الذي تنوي أن ينطلق منه المتعلم فعليك أن تبني اهتمامه بهذا التخصص منذ مرحلة الصغر وكلما زاد العمر زادت الصعوبة  ، كلمة الإهتمام هنا تعني أشياء كثيرة منها : بناء رابطة عاطفية ووجدانية مع هذا العلم – التركيز على الجماليات الانتاجية والانسانية لهذا العلم – الربط المباشر بين وقائع الحياة ومشاكلها وقدرة  العلم على حلها او معالجتها وإظهار دوره ووجوده فيها – الربط بين القيمة الوطنية العليا والعلم – أي شيء يبنى على زيف ووهم وترويج فاتر ليس بأصلي ستكون نتائجه هزيلة وفاترة .
إن الهام الاهتمام ومحبة العلم يشابه أبا أو اما او مربيا مولع بالشعر وينقل عدواه هذه إلى كل من هم حوله !
ذات مرة حين كان الأب يتجول ليلا قرب شاطىء البحر بصحبة الصغير كانت كلمات الأب وشغفه  وهو يتامل في السماء المظلمة ويدقق في النجوم اللامعة بمثابة رسائل صغيرة تغمس في روح الصغير : ليتني يا ولدي أتمكن من رؤية هذه النجوم أو اقترب منها ، كم اعشق هذه السماء وما فيها من أشياء مذهلة ! دعني أعرفك ببعض الأسرار حولها ! …. ومرة تلو مرة كانت هنالك روح جديدة تتخلق في صدر الصبي ، تاليا بعدما جرى الزمان كان الصغير من أبرز علماء الفلك الذين خرجتهم مدرسة الشغف ووصف كل مجهوده بأنه وفاءا لمحبة أبيه لهذه السماء والنجوم التي تزينها !
ذات مرة حين كان أحد الآباء يصنع لطفله لعبة من بقايا الأخشاب والأسلاك وبعض الأقراص ويظهر له الدقة والتأني والاستمتاع بذلك تحول هذا إلى حب دفين في قلب ذلك الطفل  وهو يرى يدي والده يتفنن في تركيب وتجميع الأجزاء بمتعة وصبر وحماسة  مرة تلو المرة …….ترجمت الحياة ذلك الحب بأن أخرجت جيمس واط مخترع الآلة البخارية !
إن من أهم العوامل التي تخلق الإنسان المبدع والمؤهل لرحلة الابتكار والابداع هو ذلك القدر الصغير من المعطيات المخططة والمبرمجة التي يجب أن تزرع في وعي وعقل الصغير بأنه سيكون إنسانا عظيما وإنسانا ذا شأن ومخلصا ومساهما في عظمة امته وتقديم حلول ودور في معالجة قضاياها أو المساهمة في ذلك ، إذا لم تزرع مثل هذه البذرة فإن النتائج ستكون عقيمة وعديمة الطعم وهزيلة النتاج  لأن الدوافع أهم من الوسائل مهما كانت هذه كبيرة ، والدوافع العظيمة تولد نتائج عظيمة ، وفي هذه النقطة بالتحديد يغفل الكثير من المربين والتربويين عن دور الدافع الجذري ويتم التعامل مع المعرفة والعلم والدراسة والتخصص على أنه مجرد دروة من دورات الحياة هدفها العمل – الزواج – الأسرة – السيارة – الأطفال – المال  وهذه النظرة القصيرة هي جزء لا يتجزأ من فشل كامل المنظومة التعليمية في المدرسة والجامعة لأن السياسة العربية دجنت الغايات العظمى للتعليم  وسخرتها لتصب ذلك في منزلة التقديس والطاعة العمياء .
إن فكرة التكامل العلمي وتحقيق تماس مع كافة تخصصات الحقول العلمية يوفر ويعزز النظرة الجمالية والايمانية بقيمة وجمال وجاذبية العلم في روح الطفل والمتعلم ولأي تخصص كان ،  وهذه النقطة جدا مهمة في المراحل الأولى من تشكيل وعي الصغير  ، من خلال ملاحظاتي وخبرتي الميدانية أن الطلبة الذين يتلقون التعليم المتخصص والذين كانوا يشاركون في الورشات التدريبية والعملية المتعلقة بحقول الفيزياء والكيمياء والجيولوجيا والكهرباء والميكانيك والرحلات الميدانية والتي ليست من تخصصهم  تتولد لديهم صور وبنى داخلية فكرية وتصورية أكثر متانة وتحفيزا في اختيار التخصصات والابداع فيها ، وكل حقل علمي إنما يعزز  الآخر بشكل أو بآخر ولذلك ليس من الصواب التركيز على حقل واحد منفصل من التخصص العلمي لدى أي متعلم بل يجب أن يشعر بمدى تكامل العلوم ومتانة العلاقة بينها وطبيعة الجمال والسحر النسيجي القائم بين هذه الحقول ، في الوقت الذي كنت أدرب فيه الطلاب على الهندسة الإلكترونية كان هنالك تواصل تام وحاضر مع الكيمياء والفيزياء والجيولوجيا لأنها محاور مطلقة المساحات وذات أثر نفسي كبير في تحقيق فكرة القوة العلمية ومتانة العلاقة الوجدانية معها ، ترجمة هذا الكلام ذات صلة مباشرة بمنحى STEM   الذي وضع أسسه الأمريكان  في مطلع الألفية الثانية في تعليم وتعلم العلوم والرياضيات والهندسة والتقنية  ولكن بالشكل والخطة السليمة  ضمن مقاساتنا التي تضعها هويتنا ورسالتنا ، احرصوا على دمج وإشراك صغاركم في الأنشطة العلمية الملونة من كل حقول التخصص حتى يجد نفسه ذات يوم في أحدها معززا بغيرها .
هنالك نقطة سرية وغير منتبه إليها وتعتبر مشتركة في معظم الحالات الإبداعية والتي تتمثل في وجود ( المختبر الخاص ) للصغير ، كلمة المختبر الخاص هذه يمكن ان تترجم بأسماء مختلفة كلها تحمل نفس المعنى : الخزانة الخاصة – غرفة خلفية – الساحة الخلفية من البيت – حيز مخصص فوق سطح المنزل – حجرة تخزين – زاوية في كراج البيت  ….. ، إن هذه المساحة الخاصة للصغير التي تمنح له ليمارس فيها عملية التجميع والتصنيف والتركيب والاختبار للممارسات العلمية تعتبر سرا من أسرار صناعة المبدع ، دور هذه المساحة الخاصة واضح ولا يحتاج شرحا حيث أنها تمنح الطفل أو الصغير الفسحة المكانية والنفسية وتتحول إلى مملكته  وأهم ما فيها أنها تتحول إلى خاصية ملىء الوقت الخاص به بعيدا عن الملوثات الفكرية والمشتتات الكارثية التي تحتل حياة أطفال اليوم ، هذه المساحة الخاصة بالصغير يجب أن تشهد تطورا مع الزمن من حيث المحتوى والعدد والتجهيزات واداوت القياس والمفكات والبراغي والأسلاك والزراديات وغيرها ، ستشمل أيضا الأجهزة والتركيبات التي يحب الصغير أن يطلع عليها ويمارس فيها هوايته في الاطلاع والاستكشاف ، تذكروا أن ساحة خلفية مكنت اعظم مهندسي الطيران من تصنيع أقوى المحركات النفاثة  عبر التاريخ ، والمشهور بيل جيتس تمكن من إطلاق صناعاته الحاسوبية من كراج خلف منزله ، كثير من الاختراعات والابتكارات وضعت خطوطها الأولى في مخزن أو كراج أو ساحة خلف المنزل او حجرة صغيرة فوق السطح .
تطوير أربع مهارات أساسية قاعدية هي :   التساؤل -الاندهاش – التدقيق في التفاصيل – التأني   ! ………..التساؤل والاستفسار ومنح البيئة المساعدة على إثارة الأسئلة ذات المعنى هو جزء رئيسي من تقوية آلية عمل دماغ الصغيروفتح آفاق مستقبيلة لمهارات التصميم وحل المشكلات  ، الإندهاش هو خاصية هرمونية -عقلية تمنح السعادة جراء الاكتشاف العلمي  ، إن العلم بأكمله تولد من روح واحدة اسمها روح الاندهاش والشعور بالذهول من الاكتشافات ، لو توقفت خاصية الاندهاش في البشر لتوقف العلم عن التولد ، إنه شيء يفوق أي متعة ينالها عقل البشر ومن يتقصاه سوف يستمر حتى يتولد نوع من الادمان في تقصي هذا الاندهاش والسعي وراء المزيد من البحوث والاكتشافات لتلقي الجرعة الادمانية من الاندهاش ، خاصية التأني التي قضت عليها التقنيات التفاعلية الجديدة من أهم الخصائص التي تسمح للصغير بتعلم التفاصيل وتعميق فهمها ودورها ومنحه الوقت الكافي للفهم والاستيعاب بتوافق مع خصائصه النمائية الطبيعية .
تعزيز الثقافة الجمالية وتطوير الحس الجمالي لدى الصغير ، مثل هذا الأمر يعتبره البعض ثانويا أو يأتي مع الوقت في مراحل النمو الأبعد ولكن ينسى الآباء والأمهات والمربون بأن مثل هذه القيم تتعزز في المراحل الأولى وتحتل حيزها الوجودي في نفس الطفل منذ نعومة أظافره ، يكفي ان تكون في أي مكان مع صغيرك لكي تلفت انتباهه لعناصر الجمال في الشجر والنبات المحيط من حوله ، يكفي أن تظهر اندهاشك كل مرة من تجمع العناصر الجمالية في أي مشهد او مكون تتعثر به بحضور هذا الصغير ، الحديث عن الخطوط – الألوان – التناسق – راحة النفس مع النظر – تراكب العناصر مع بعضها – إظهار العيوب في بعض التصاميم – التركيز على التفاصيل ، تعليم الصغير الرسم بالقلم والفرشاة لاحقا هو جزء متمم لهذه النقطة وحيوي جدا في صقل وتجسيد قدراته الجمالية…………كل هذه المدخلات هدفها بناء قاعدة نفسية خفية ومرجعية تتشكل في أعماق وعي الصغير حتى تصبح لديه مسطرة القياس الجمالي الخاصة به والذي سيمنحه مستقبلا مرجعية هامة في التصميم والحكم على الشكل والتناسق ، إن قيمة الجمال هي قيمة التقدير وهي أيضا قيمة هندسية حيث ان الشكل والوظيفة يجتمعان معا في قالب واحد هو  الهندسة .
مقابل هذه الإرشادات هنالك جملة بالمقابل من المحظورات التي لا يمكن غض النظر عنها وإلا تسببت في تخريب وهدم كل ما يمكن بناؤه في النقاط السابقة ، إن العدو الأول لبناء عقل المبدع هو ما يعرف بالمشتتات وخاصة المشتتات التي تتمتع بعناصر ومقومات الجاذبية والإغراء السطحي والتي في باطنها الرحمة والمتعة والتسلية والضحك ولكن في باطنها التفريغ ومسح الذاكرة وزرع مبطلات الإبداع والابتكار ومنح الدماغ الإدمان المعادي لكل النهج لأن خصائص الدماغ العجيبة تتكيف بطريقة لا يمكن تصورها .
تشبه عملية البناء الإبداعي وضع حجر فوق آخر لإنجاز شكل ما  وبالكاد تتماسك وتثبت هذه الحجارة لأنها مفككة وغير ثابتة ، تكفي نسمة من ريح حتى تسقط هذه الحجارة أو يختل اتزانها ، إن المشتتات هي الريح التي تفسد كل نهج البناء السابق ، من اخطر أشكال المشتتات المعاصرة تلك السموم التي يتعرض لها الصغير ويكاد يكون من شبه المستحيل النفاذ منها ، إنها الوسائط المرئية والمسموعة ، التلفاز- الفضائيات – السمارت فون – الانترنت – مواقع البهدلة الاجتماعية ، إن الخطورة القصوى هي تلك التي يتزعمها الهاتف الخلوي ( الذكي ) الذي يوضع بين يدي الصغير لكي يفسد أولا حب الاستطلاع وشغف الاستكشاف ويفسد ثانيا دوافعه الذاتية للبحث والسعي وراء العلم ويتحول إلى عالمه الخاص القاتل ، لأن الجرعات المركزة التي يتلقاها الصغير من أفيون الذهول في هذا الجهاز لن يعوضها أو يكافئها شيء فيما بعد لا علم ولا قراءة ولا تجارب ولا أي شيء  ما دام كل العالم بين يديه ! ، الإفساد التخريبي الثاني في الثقل هو الرسوم المتحركة وما يسمى برامج الأطفال التي أصبحت في عصرنا الحالي تمثل الترجمة المباشرة للعالم الجديد الخفي الذي يراد بناؤه برمزيات وشيفرات لا ينتبه لها أحد ضمن النهج التشويهي لكل القيم والأديان والفطرة السليمة ، الإفساد التخريبي الثالث هو الألعاب المحوسبة Play station
في هذه النقطة يجب على الوالدين عزل الصغير بأفضل ما يمكن عن أجهزة الخلوي والعابها قدر المستطاع لأن حجم تخريبها الذهني مرتفع جدا ، واستبدال ذلك بالالعاب والأنشطة اليدوية النفسية مثل الرسم والقراءة والتركيب والفك والدمى الميكانيكية والكهربائية والدمى بحد ذاتها  وحسن اختيارها يمثل مدرسة تعليمية  ، اتركه يكتشف عالما حقيقيا واقعيا بعيدا  عن زرع الوهم والخيال الضار في أرجاء عقله وروحه.
كبديل للبرامج التلفازية والمواقع الفضائية وصفحات الانترنت الضالة والمضلة هنالك فئة معينة من البرامج تحظى بتأثير علمي – سيكولوجي هائل في بناء شخصية وتفكير الطفل الذي يتحضر ليكون مبدعا ويجب أن يكون لها نصيب مما يشاهده ، هذه النوعيات من البرامج ضاعت في زحام البرامج التافهة التي تعرضها فضائيات التضليل هذه الأيام ، هذه البرامج هي تلك التي تعرض الآتي بالتحديد كأمثلة ومن نفس الروح:  كيف تصنع الأشياء – قصة عالم – كيف تعمل الأجهزة والالات – الحياة السرية للالات – كيف تم اكتشاف ؟- جولة في مصنع – زيارة لورشة انتاجية – ماذا يوجد في هذا المصنع ؟ – ماذا بداخل هذه الآلة ؟ – … القوة الكامنة في هذه البرامج هي إظهار قوة ومهارة اليد والعقل البشري وتظهر خاصية النجاح المؤكد والحصول على نتائج واضحة و المرتبطة بالجهد  التوافقي اليدوي – العقلي وتمنح إيحاءا بعنصر التخطيط والتنظيم للعمل والبناء   والتي تنتقل لدماغ المشاهد كعدوى حميدة.
هذه النوعية من البرامج تتميز بحجم داخلي وفكري وتربوي أكبر بكثير مما يبدو عليها للوهلة الأولى  ومن المؤكد وحسب ملاحظاتي التدريبية أنها تركت أثرا نافعا على محاور لا يتسع المجال لذكرها ، في بعض الأحيان من الجميل أن يشاهد الطفل كيف أن والده أو والدته أو اسرته تجلس معه لتشاهد شيئا كهذا ويتم طرح بعض الأسئلة حول المحتوى .
المحظور الثاني الذي يتوجب الانتباه إليه هو إبعاد الروح العدائية التي يمكن أن تحيط المبدع أو المبتكر ، الروح العدائية تعني أي نوع من السلوك أو الكلام أو التعليمات أو السخرية التي تقلل أو تعادي أية أفعال منتمية لكل ما ذكرناه ، تعاملت في السابق مع حالات يكون فيها الشاب أو الفتى مستعدا للإقلاع في رحلة الابتكار والابداع لكن قد يصدف وجود أم في البيت تضع كل أشكال العراقيل والعقوبات والتوبيخ والزجر حيال الصبي او الشاب لأنها لا ترغب في أن يلوث أرضية الغرفة أو الطاولة أو يكسر لها شيئا من تحف المنزل ، ممنوع عليه الرسم حتى لا يلوث ملابسه ، ممنوع أن يجرب حتى لا نخسر القطعة ، أب لا يرضى أن يصرف الصغير وقته في أشياء ( لا تفع لها وكلام فاضي ) أخ كبير يسخر هذا الصغير ليشاهد ألعابه وأدائه على الحاسوب وهو يمارس ( البطولة ) في الآلعاب ، معلم جاهل وقصير النظر يسخر من محاولات الصغير في تركيب فكرة أو تجميع جهاز أو تجربة  ، كل هذه الفيروسات هي التي تشكل البيئة المدمرة لأية بادرات إبداعية تحاول شق طريقها في روح الصغير .
النقطة الأخيرة التي سأختم بها كلماتي وأعلم أنني بالغت في الإطالة عليكم تتمثل في الانتباه لأهمية الكتابة واللغة وتعليم الطفل القدرة على تخطيط يومه ونفسه وكل متعلقاته بالتدريج ، إن فقدان اللغة يعني فقدان القدرة على التعبير وتوضيح الأفكار ونقلها وتمنعه من التوثيق ، والقدرة على التوثيق ورصد الملاحظات وأية أفكار تخطر في باله مستقبلا بعد الاعتراك مع النشاطات العلمية سوف تكون جزءا حيويا في رصيد تطوره ونجاحه المستقبلي ، اتركوا عادة حميدة عند الصغار بوجود دفتر صغير لأية ملاحظات  لأن هذا الدفتر الصغير صنع علماء عظاما عبر كل العصور ! هذا الدفتر الصغير يتضمن أهمية اللغة – التوثيق – التخطيط .
هذه الملاحظات أحبائي ليست نهجا نظاميا أو رسميا ، إنها مجرد ملاحظات ذات شأن كبير في بسط الأرضية الخصبة لتنشئة المبدع وزرع روح العلم فيه ، فيما بعد تتأتى الأطر النظامية التي يمكن من خلالها تهذيب وترقية كل تلك العوامل لتصبح شجرة خضراء قابلة للنمو بسرعة .
الفارق بين التعليم أو التدريب أو التأهيل التقليدي والإبداعي لا يكاد يكون كبيرا أو هائلا ، إنها جملة من الفوارق الصغيرة في سلوكنا نحن الكبار حيال تعاملنا مع الصغار وطريقة برمجتنا لما يتعرضون له عرضا أو قصدا لأن ذلك يحدث كل الفرق بين الصغير الذي يذهب إلى المدرسة ثم الجامعة ثم يتخرج وهو بنفس القالب المحاصر والمفرغ من القوة الفكرية والابداعية وبين ذلك الذي يصعد سلم القوة الابداعية درجة درجة ونحن نأخذ بيده  ليتحول إلى قنبلة بشرية علمية  ،  سأحاول جهدي لوضع الكثير من الأفكار حول التربية الابداعية والابتكارية ومفهومها وخططها من خبرتي الخاصة بعيدا عن لغة الإنشاء التربوي عديمة النفع وذلك  في مقالات قادمة إن شاء الله في محاولة لإعادة توليد وصناعة المهندس العربي والمبتكر العربي .
هذه الأجيال الصغيرة هي أمانة كبرى لا تقدر بثمن ولا قيمة وما تتعرض له في سياق التعليم التقليدي الذي نراه وما يفعلونه به إنما هو جريمة أخلاقية خسائرها ستظهر في نتائج حياتنا وقضايانا وما يجري لنا الان وغدا  ، هؤلاء الصغار هم  رصيدنا المستقبلي للدفاع عن هوية الأمة وقضاياها والتعويض لما فاتنا وما هزمنا فيه ، والعلم هو الجسر الذي لا يمكن بدونه العبور فوق الهزائم والماضي نحو المستقبل والنصر ، إنه سبيلنا للقيام والصعود من الرماد …….  وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
كيف تصنع مبدعا في بيتك! الرحلة السرية لصعود المبتكر الصغير!
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الرحلة 905
» الفيلم العراقي «الرحلة»…
» أهمية وجبة الفطور للطفل الصغير
» في بيتك جوهرة
» كوني أنيقة في بيتك ...

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: الحياة الاسريه والامومة والطفولة :: تربية الابناء-
انتقل الى: