منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

  الدين والسياسة في الصين الشعبية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70586
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 الدين والسياسة في الصين الشعبية Empty
مُساهمةموضوع: الدين والسياسة في الصين الشعبية    الدين والسياسة في الصين الشعبية Emptyالأحد 26 ديسمبر 2021, 4:26 pm

الدين والسياسة في الصين الشعبية


تابعت تعليقات و نقاش القراء  الكرام على خلفية مقال” لماذا أرى أن قرار السلطات المغربية تسليم الناشط الإيغوري ” إدريس حسن” للصين فيه مجانبة للصواب؟”، و أجد نفسي ملزما بإتمام المقال و شرح الوضع الثقافي في الصين بشكل عام ووضع المسلمين بشكل خاص، و أرى أن محاولة  مقارنة الصين ببلد أخر  أسلوب و منهج مجانب للصواب، فالصين لها خصوصيتها الثقافية و الدينية و القومية و السياسية ، و لعل خطاب الرئيس الصيني قبل نحو أسبوع في مؤتمر الأديان الصينية المنعقد في بكين، و الذي أشار فيه إلى أن الأديان ينبغي أن تلتزم بالمبادئ الاشتراكية جعلني اهتم بشرح قضايا الثقافة و الأديان في هذا البلد الذي سيكون له تأثير مباشر على مستقبلنا و مستقبل أبنائنا…
فالصين تتميز عن سائر بلاد الدنيا قاطبة بتجانسها البشري الواضح، رغم كثرة عدد سكانها، ووجود 56 قومية بها، والفضل في ذلك يعود إلى قومية ” هان” الكبيرة، التي لعبت دورا أساسيا في تشكل القومية الصينية.. و بحسب الإحصاءات الرسمية تمثل قومية “هان ” ما يزيد عن 90 % من إجمالي السكان، أي أن هناك نحو مليار و مائة مليون نسمة من عرق واحد، وهذا يعني تجانسا بين 20 % من سكان الكوكب. وهذا التجانس لا يقتصر على العرق فحسب، بل يتعداه إلى التجانس في اللغة والتاريخ والثقافة وأسلوب التفكير، لكن ذلك  لم يحل دون احتفاظ  باقي القوميات بخصائصها الثقافية والنفسية الخاصة بها ..
فالصينيون مثل كل الشعوب الأخرى هم نتاج عمليات امتزاج حدثت على امتداد زمن طويل في الماضي، ولعل أهم نقطة في هذا الموضوع هي الحقيقة التي تقرر أن الشعب الصيني، أيا كانت أصوله في الماضي فانه يمثل اكبر مجموعة بشرية في العالم اجمع، يتسم بالوحدة والتجانس الثقافي[1].  رغم بعض الفروق بين ثقافة المناطق والتي تظهر في الحياة الاجتماعية الحديثة، وهذا طبيعي في ظل بلد تتعايش فيه 56 قومية انصهرت فيما بينها على مدى تاريخ الصين لتعطي هذا المزيج الذي يصطلح عليه “بالقومية الصينية”[2].
 والجدير بالذكر، أن اغلب الأقليات القومية الصغيرة تتركز في مقاطعات أطراف الصين وتخومها بالقرب من الحدود مع البلدان المجاورة. وقد عانت هذه الأقليات عبر حقب تاريخية من “سياسات شوفينية” من قبل الغالبية “الهانية” حتى وصل بعضهم للانقراض. غير أن هذه السياسات قد تغيرت بعد 1980، حيت عملت الدولة على تشجيع  النمو السكاني لهذه الأقليات ومنحهم حرية أكبر للعيش في مناطق تركزهم، فسمح لهم بإنجاب ثلاثة أطفال بدلا من طفل واحد، كما كان محددا سابقا وفقا لتحديد النسل الذي يسري على كل القوميات[3] .
أولا- مفهوم القومية الصينية :
 إن مفهوم القومية الصينية والصينيون بشكل أدق لا يشمل فقط الصينيون بالبر الصيني، بل يمتد إلى هونغ، مكاو، وتايوان، كما أنه يمتد إلى صيني ما وراء البحار، والى المناطق المجاورة [4].لكن ما هو الأساس المشترك والسمات المميزة لما يسمى بالقومية الصينية أو الوطنية الصينية؟
بالقياس إلى علم أطوار النمو، فإن الثقافة هي من صنع الإنسان، وهي نتاج لعملية التفاعل المتبادل بين الإنسان والبيئة الطبيعية، ويتولد عن مجموع الأنشطة الإبداعية للإنسان عالم الثقافة. ولذلك فالثقافة تحمل آثار للأنشطة، وهي المظهر الخارجي لقوة جوهر الإنسان[5].
وعلى هذا النحو فالثقافة تشكل عالم “ذا مغزى” ونظاما مستقلا، وتمنح للناس نظاما للقيم والمعايير وشبكة المعاني، كما تمنح لأنشطة الأفراد الحياتية التصميم الفكري، ويتعلم الإنسان المذاق الفكري من الثقافة[6].
وعليه، يمكن تعريف القومية أو الوطنية الصينية، بأنها “الخصائص والسمات النفسية الخاصة المشتركة التي يتكرر ظهورها داخل القومية، والسواد الأعظم من الشعب الصيني”. كما أنها الخصائص الشاملة للشخصية والاتجاه السيكولوجي المستقر نسبيا، ومعيار السلوك.
وبذلك يمكن القول،  أن الثقافة التقليدية والثقافة الحديثة طبيعتهما مختلفة، لكن لايعني ذلك أن تأسيس نظام تحديث الثقافة أدى إلى القضاء الكامل والإبادة الشاملة للنظام الثقافي القديم. لهذا فعلى الرغم من التناقض والتصادم الظاهرين بين نمطين ثقافيين متباينين في الصين، إلا أن بينهما روابط داخلية متصلة، وتظهر هذه الروابط في جملة خصائص مشتركة توجد في التكوين الأصلي للثقافة وتشكل الصورة البدائية لحياة الناس، وتحدد لهم الفكر الثقافي الرئيسي[7]. ومع تطور التاريخ قد يحدث تغيير في نفس الثقافة، ويثري مضمونها تدريجيا، لكن الخصائص والسمات الخاصة والصور البدائية، تترسخ في أعماق الهيكل النفسي  للأمة من خلال عملية التوارث بين الأجيال. ويتجسد الفكر الصيني في بعض العوامل الثقافية الخاصة التي لازالت تشكل الهيكل القومي للثقافة الصينية[8]. ونذكر منها:
الصين وتاريخ الأمة الصينية
الإبداعات المادية والفكرية
المزاج الاجتماعي والعادات والتقاليد
اللغة القومية
البيئة الطبيعية
ومن بين هذه العوامل المختلفة تحتل اللغة الصينية المكتوبة، مكانة مرموقة في البنيان الثقافي الصيني، فمنذ القدم إلى الوقت الحاضر، تمثل اللغة الصينية أهم وسيلة للتفاهم المتداول بين الصينيين، وعلامة أساسية للسيكولوجية الثقافية الصينية.
 ومن الناحية الزمنية، ربطت اللغة الصينية بين الصينيين القدامى والصينيين المعاصرين، وبالقياس إلى الزمن المشترك ربطت لغة الرموز الصينية بين الصينيين بالبر الصيني ومئات الملايين من الصينيين بخارج البر الرئيسي الصيني، ووثقت الأواصر الفكرية والثقافية بالوطن الأم[9].
ثانيا- الصين عالم روحاني..اكثر تعقيدا
الصين دولة علمانية  تعترف بحرية الاعتقاد الديني لكل مواطني جمهورية الصين،و لا يجوز لأي جهاز من أجهزة الدولة، أوتنظيم عام، أو فرد، إجبار المواطنين على الإيمان أو عدم الإيمان بأي دين. كما لا يجوز التمييز ضد المواطنين بسبب معتقداتهم الدينية[10] .
و نتيجة لذلك، فالصين دولة متعددة الأديان، و من الأديان الرئيسية في الصين نذكر الديانات غير السماوية  كالكنفوشيوسية، و البوذية والطاوية- تجاوزا سميتها بالأديان لأنه في الصين يتم وصفها بذلك، لكن البعض ينفي عليها هذه الصفة – ،  والديانات السماوية كالإسلام  والمسيحية وغيرها.
غير أن التوجه الصيني إزاء الحياة، تشكل نتيجة للمزج بين ثلاث فلسفات أساسية: وهي الكونفوشية والطاوية، ثم البوذية. وأكدت هذه الفلسفات على عقيدة التناغم الاجتماعي الذي يمثل جوهر التقاليد الصينية، كما عملت هذه الفلسفات الثلاث  على رسم ملامح العالم الصيني[11]. و دراسة هذه الأفكار يساعد على فهم الخصوصية الثقافية للصين، وفك الشفرة الثقافية التي تشكل حاجزا أمام كل أجنبي تطأ قدماه أرض الصين..
فالحضارة الصينية تنظر إلى الكون باعتباره عالما عضويا فيه قوتان أساسيتان (هما اليانغ والين) وخمس صور هي (المعدن، الخشب، الماء النار والتراب)، تتحول باستمرار من دورات متكررة أو  ما يعرف ب “هسنغ” أي المراحل الخمس. وليس في هذا العالم معترك الوجود أو رب علوي، أو منزلة للقانون. لكن هناك افتراض بأن (التاو) تسير وفقها الأشياء كلها، لكن تفسير أنماط الوجود لايكون في مجموعة من القوانين أو العمليات الميكانيكية، بل في بنية الوحدة العضوية للكيان الكلي[12].
وقد فسر المفكرون الصينيون ما يحدث من خلل في النظام الاجتماعي في تغيير الأنماط السائدة في العالم السماوي، وكان الوازع هو الحرص على جعل النظام الاجتماعي يتواءم مع النظام الطبيعي، فإن تحقق ذلك، صلح المجتمع وعاد تفويض الحاكم القادم من السماء، ومكنه من تحقيق أهدافه السياسية والاجتماعية[13]. وتنهار الوحدة العضوية بين العالم الطبيعي والعالم الاجتماعي إذا ما أساء الإمبراطور التصرف، فمختلف الكوارث الطبيعية سببها سوء تصرف الإمبراطور. ومن تمت فمن واجبه أن يعدل سلوكه ليعود التفويض السماوي له وينعم الشعب والبلاد بالأمن والهدوء والاستقرار.
و من المهم التأكيد على أن التحولات التي شهدتها الصين بعد 1978، لم تكن وليدة –فحسب- لسياسة الإصلاح والانفتاح التي تم تبنيها في الدورة الثالثة الموسعة للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني[14]. بل إنها نتاج لتراكم تاريخي بدأ: أولا، بإدراك الأمة الصينية لحقيقة تخلفها وتأخرها عن روح العصر[15]. وثانيا، بالانتقال إلى تشخيص مكامن الضعف والوهن التي استوطنت جسم الأمة وجعلته ملاذا لهيمنة المحتل الأجنبي. فتم الاتفاق بين جميع الأطراف على حقيقة ضعف ووهن الأمة الصينية، لكن تم الاختلاف والتناحر حول منهجية العلاج[16].
والجدير بالذكر، أن الصين منذ أن أطلقت حرية العبادة سنة 1980، بعدما كان النظام الماوي قد عمل على قمع وكبت هذه الحريات، بدأت الممارسة الدينية تنتشر أكثر في صفوف المواطنين الصينيين باختلاف انتماءاتهم الدينية. كما أن السلطات الصينية أدركت بعد 1980 أهمية التعامل مع الدين والذي ظل لوقت طويل ورقة مهملة في السياسة الخارجية للصين..
 فالصين اليوم تحاول أن تجعل من الأقليات الإسلامية، جسرا لتقارب مع جمهوريات آسيا الوسطى الإسلامية، وباقي البلدان الإسلامية بما في ذلك العالم العربي. كما أن الصين تحاول توظيف الأقلية المسيحية لتقوية روابطها بالفاتيكان، بعد أن كانت هذه العلاقات قد قطعت سنة 1957. هذا إلى جانب توظيفها للديانات الصينية لتقوية روابطها الثقافية والسياسية بالبلدان المنتمية لفلك العالم الصيني، كما أن الصينيون أدركوا- منذ زمن طويل- أهمية الديانات الصينية في ترسيخ وحدة البلاد، فهم  ينظرون إلى حضارتهم بوصفها حضارة تقوم في جوهرها على أساس الوحدة السياسية،  لذلك سنحاول في القادم من الأيام ان شاء الله تعالى، إعطاء لمحة تاريخية عن نشوء الصين الإمبراطورية، و عن الأديان وتطورها، على إعتبار أن صين اليوم هي نتاج لتفاعل الحاضر الماضي ، و على سبيل المثال  التنظيم والتقسيم  الإداري الذي تم وضعه في العهد الإمبراطوري، شكل أرضية التقسيم الإداري الذي طوره النظام الشيوعي بعد 1949و استمر إلى حدود اليوم…. والله غالب على أمره و لكن أكثر الناس لا يعلمون…
 إعلامي وأكاديمي متخصص في الاقتصاد الصيني والشرق آسيوي، أستاذ العلوم السياسية والسياسات العامة..
[1] – Jacques Gernet, ” A History of Chinese  Civillization”, Cambridge , Cambridge University Press, second edition 1996. 6-27.
[2] – Zhixiong, Wang « Chine, la démocratie ou le chaos ? », Editions Bleu de Chine. Paris. 1997.pp.94-95.
[3] -“Population And Family Planning Law of the People’s Republic of China”, China Population Publishing House Order of the President of the People’s – Republic of China, No.63, September 1, 2002.
[4] -John King Fairbank, ”The Chiense World Order. Tradition al China’s Foreign Relation”, Cambridge, Havard University Press,1968, pp. 2-etc.
[5] -UNESCO, ”Changement et Continuité, Principes et Instruments pour l’approche Culturelle du Développement “,  Culturelle et Développement, Edition UNESCO, 1999.pp.31-33.
[6] – ووبن، “الصينيون المعاصرون، التقدم نحو المستقبل انطلاقا من الماضي”، ترجمة عبد العزيز حمدي، سلسلة عالم المعرفة، عدد 210 يونيو 1996 ، الجزء الأول. ص. 57-58.
[7] – Mary Doglas, ” Implicit Meanings. Essays in Anthropology”, London, Routledge and Kegan Paul, 1975, pp.XI-XII.
[8] – ووبن، “الصينيون المعاصرون، التقدم نحو المستقبل انطلاقا من الماضي”،ج.1 ، م.س. ص.59-60.
[9] – نفس المصدر.ص.64.
[10]– Constitution of the People’s Republic of China Adopted at the Fifth Session of the Fifth National People’s Congress and promulgated for implementation by the Announcement of the National People’s Congress on December 4, 1982.(Art 36).
[11] -See: For example: Lai, Karyn «Learning from Chinese philosophies : ethics of interdependent and contextualised self », Aldershot : Ashgate, cop. 2006, Gernet, Jacques «Les aspects économiques du bouddhisme dans la société chinoise du Ve au Xe siècle », Paris : Ecole française d’Extrême-Orient, 1956 .
[12] – Stéphane Balame. ” La Chine”, Le cavalier Bleu Editions, 2éme éditions, Paris. 2008. pp.65-72.
[13] -Ibid. pp.21-24.
[14] – هذه الجلسة سجلت انتصارا جارفا لتيار الإصلاح والانفتاح وانكسارا فادحا للجناح المحافظ بقيادة “عصابة الأربعSì rén bāng”. و عصابة الأربعة” “Gang of Four هو اسم أطلق على مجموعة سياسية يسارية مؤلفة من أربعة مسؤولين في الحزب الشيوعي الصيني. برزوا إلى الأضواء أثناء الثورة الثقافية (1966 – 1967) واتهموا بارتكاب سلسلة من جرائم الخيانة. والأعضاء الأربعة هم “Jiang Qing “وهي زوجة “ماو تسي تونغ” الأخيرة وكانت عضوا قياديا في الحزب، والمقربين لها هم :” Zhang Chunqiao ” عضو اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب الشيوعي ، و ” Yao Wenyuan ” عضو اللجنة المركزية للحزب  إضافة إلى “Wang Hongwen” نائب رئيس الحزب. وسيطرت عصابة الأربعة بشكل فعال على أجهزة السلطة في الحزب الشيوعي الصيني خلال المراحل الأخيرة من الثورة الثقافية. وقد تم فصل الأربعة نهائيا من الحزب سنة 1977، وتحويلهم للمحاكمة سنة 1980.
[15] – Ph.A.Kuhin. “Ideas behind china’s Modern State”, Harvard Journal of Asiatic Studiers,Vol 55-2,1995. pp. 294-296
[16] – R. Keith Schoppa, The Columbia Guide to Modern Chinese History, New York, Columbia University Press,2000,pp.81-87.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70586
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 الدين والسياسة في الصين الشعبية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الدين والسياسة في الصين الشعبية    الدين والسياسة في الصين الشعبية Emptyالأحد 26 ديسمبر 2021, 4:26 pm

لماذا أرى أن قرار السلطات المغربية تسليم الناشط الإيغوري “إدريس حسن” للصين فيه مجانبة للصواب؟

د. طارق ليساوي
أشرت في مقال “القضية العرقية والتطور التنموي في ماليزيا..” إلى أن قضية التعددية العرقية في ماليزيا  اتسمت بمنحنيات تاريخية، ولعبت دورا بالغ الأهمية في رسم السياسات العمومية، فقد شهدت البلاد أحداث عنف عرقي في 1969، أسفرت حينها عن مصرع نحو مئتي شخص، وعام 2008 كان شاهداً على توتر جديد، حين خرجت الأقلية الهندية محتجة في شوارع كوالالمبور، منددة بتهميشها وتقييد حقوقها. فقد أدركت الحكومة الماليزية خطورة هكذا أحداث على المستقبل الأمني لماليزيا، وضرورة التفكير الجاد في ايجاد حلول منطقية ودائمة.. فالاختلاف في الديانة، اللغة والثقافة عقد المسار التنموي في ماليزيا، واستدعى مجهودات كبيرة وشاقة، وتضحيات من أطراف عديدة، ما أدى بها إلى أن تكون نموذجا تنمويًا ناجحًا، و نموذج و اقعي وعملي للتعايش و القبول بالإختلاف، و هذا المنحى ليس بغريب عن من يؤمنون حقا برسالة الإسلام و هدي محمد عليه الصلاة و السلام بعيدا عن التشدد و الزيغ و الانحراف عن وسطية و اعتدال المنهج الإسلامي..
و حتى ندرك خصوصية  و فرادة التجربة الماليزية، سوف أنقل القارئ الكريم إلى نموذج أخر مغاير و أعني الصين، و منهجية تعاملها مع الأقليات التي لا تنتمي للقومية الهانية، و سوف نعتمد مسلمي الإيغور كنموذج  للدراسة..و إختيار هذا الموضوع له صلة بمستجدات قضية المعارض و الناشط الإيغوري ” إدريس حسن ” أو” يديريسي إيشان” ، و الذي كان يقيم  في تركيا لكنه قرر الهجرة إلى أوروبا، وحجز تذكرة سفر إلى المغرب، ومن ثم فرنسا، لكنه أوقف في 19 يوليو الماضي، في مطار الدار البيضاء، من قبل أفراد من المكتب الوطني لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، الذين أبلغوه أنه مطلوب من قبل السلطات الصينية في قضية إرهاب وبإشارة من الإنتربول، وفقا لتقرير سابق لمنظمة “منّا” لحقوق الإنسان…
فقد وافقت محكمة النقض المغربية يوم الأربعاء 15 ديسمبر 2021، على تسليم “حسن”  للسلطات الصينية ، بتهمة الانتماء إلى “جماعة إرهابية”  بحسب ما أفاد محاميه يوم الخميس الماضي  لوكالة فرانس برس… و قد وكشفت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا في أكتوبر الماضي، أن “منظمة الإنتربول وافقت على إصدار إشارة حمراء بناء على طلب السلطات الصينية، ومن ثم استدركت ذلك، وأضافت: “السلطات المغربية لم تقتنع بتراجع الإنتربول وراسلت السلطات الصينية لتستفسر فيما إذا لا زال إيشان موضوع ملاحقة، فردت الصين بالإيجاب مصرة على تسلمه”..
وتعتبر منظمة العفو الدولية أن “يديريسي إيشان” يواجه خطرا جسيما بالتعرض للاعتقال التعسفي والتعذيب إذا نقل قسرا إلى الصين” ، وكتبت منظمة  العفو في بيان بعد اعتقاله الصيف الماضي أنه “وفقا لمبدأ عدم الإعادة القسرية، لا ينبغي إعادة أي شخص إلى بلد قد يتعرض فيه لخطر حقيقي بالتعرض للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة أو لانتهاكات جسيمة أخرى لحقوق الإنسان”. وقالت المنظمة المدافعة عن حقوق الإنسان إن الدافع وراء طلب التسليم هو “العمل الذي قام به في الماضي لصالح منظمات للإيغور” …
و بدوري أدين قرار التسليم و أعتبره مخالفة صريحة للمواثيق و الأعراف الدولية ، و القيم الإسلامية و الأخلاقية ، فلا ينبغي إعادة أي شخص إلى بلد قد يتعرض فيه لخطر حقيقي بالتعرض للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة أو لانتهاكات جسيمة أخرى لحقوق الإنسان، فالرجل جاء للمغرب على اعتبار أنه بلد إسلامي سيضمن له الحماية من منطلق الأخوة في الإسلامية ، خاصة و أن الصين متهمة ب “اضطهاد”  مسلمي الإيغور فقد أظهرت وثائق تم تداولها خلال الشهور الماضية، تفاصيل عن الممارسات الصينية بحق مسلمي “الإيغور”، داخل معسكرات الاعتقال بإقليم “شينغيانع” (أي الحدود الجديدة)..وتتضمن الوثائق التي نشرها الائتلاف الدولي للصحفيين الاستقصائيين، معلومات عن ظروف احتجاز أكثر من مليون مسلم “إيغوري” ، و أبرز ما ورد في  هذه الوثائق :
استخدام الصين نظام صارم للمراقبة، في مراكز الاحتجاز، التي تؤوي أكثر من مليون شخص من “الإيغور” وغيرهم من أبناء الأقليات المسلمة.
تهدف بيكين من هذه المعسكرات، استيعاب الأقلية المسلمة وتغيير فكرها، خلاف لما تدعي الصين “توفير التدريب المهني للمحتجزين”.
ضمت وثائق مسربة رسالة من 9 صفحات، أرسلها نائب الأمين العام للحزب الشيوعي “زهو هيلون” إلى مسؤولي المعسكرات، وجاء في الرسالة: “لا تسمحوا لأحد بالهرب، وضاعفوا العقوبات والانضباط لمن يتصرف بشكل خاطئ، وشجعوا على الندم والاعتراف….”
لكن المسؤولين الصينيين يؤكدون أن ما يسمونه ب”مراكز التدريب المهني” و “إعادة التثقيف” لا تنتهك حقوق الإنسان في الإقليم، وتم رفض تبادل المعلومات حول مراكز الاحتجاز، ومنع الصحافيين والمحققين الأجانب من الدخول أو الاقتراب أو التصوير…
و بشكل عام، فإن مسلموا الصين تنطبق عليهم مقولة الأمير “شكيب أرسلان” : “مسلمو الصين ليسوا في هذه الدنيا” و قد قالها قبل نحو 80 سنة هذه عبارة ، بعد أن سعى جاهدا لتقصي أحوال مسلمي الصين و التعريف بهم، و هذه العبارة لازالت  أفضل تعبير و توصيف لواقع مسلمي الصين، وذلك راجع إلى طبيعة الصين و خصوصيته الثقافية والتاريخية و السياسية، فالصين ليس بالبلد العادي الذي يمكن سبر أغواره في سنة أو سنتين، بل هو ذاك المجهول الذي كلما اكتشفت بعضه تبين  لك أن ما تجهله أكثر مما تعرفه..و موقفي هذا نابع من تجربة شخصية، فقد أنفقت وقتا طويلا في اكتشاف هذا البلد،و تخصصت في اقتصاده خاصة الحقبة التي أعقبت سياسة الاصلاح و الانفتاح بعد 1978، لكني لازلت عاجزا على  فهم هذا البلد و استيعاب توجهاته، و تطلعاته تجاه مواطنيه و تجاه باقي شعوب الأرض، بل أعتقد أن الوصف الوارد بالقران الكريم عن “يأجوج و مأجوج” ينطبق على الصين و خروجهم للعالم و الله أعلم..
 خاصة في ظل نظام سياسي شديد الرقابة و تقييد الحريات الفردية والجماعية، و هوية سياسية و أيديولوجية و ثقافية هجينة، ففي الصين كل شيء مختلف ف”الاشتراكية بخصائص صينية”، و “الرأسمالية بخصائص صينية” ، و”القمع أيضا بخصائص صينية”،  بل حتى الدين و التدين خاضع لنفس القاعدة فالدولة تشجع الإلحاد و لا تدين منذ نجاح الحزب الشيوعي في السيطرة على البلاد و قيام جمهورية الصين الشعبة في عام 1949، لكن مع ذلك فإن الصين ترفع لواء الدفاع عن الثقافة الكونفوشية خاصة بعد القضاء على “عصابة الأربع و تبني البلاد لسياسات الانفتاح ..
أولا- الأقليات في الصين
 فالصينيون يمثلون خمس إجمالي سكان العالم، ويشتركون في مساحات شاسعة، وبحكم أسباب تاريخية وأحوال البيئة الطبيعية، توجد بين السكان الذين يقطنون المناطق الجغرافية المتباينة اختلافات في أسلوب الحياة، والعادات والتقاليد، والميول النفسية. لذلك، ففي الصين هناك قول سائد “ثقافة المناطق الخمس الكبرى”، وذلك يحيل بشكل أساسي إلى تكوين الثقافة التقليدية الصينية، الذي يعد جزءا من البيئة الحضارية للحضارة الصينية.
 والصينيون مثل كل الشعوب الأخرى هم نتاج عمليات امتزاج حدثت على امتداد زمن طويل في الماضي، ولعل أهم نقطة في هذا الموضوع هي الحقيقة التي تقرر أن الشعب الصيني، أيا كانت أصوله في الماضي فانه يمثل اكبر مجموعة بشرية في العالم اجمع، يتسم بالوحدة والتجانس الثقافي [i].  رغم بعض الفروق بين ثقافة المناطق والتي تظهر في الحياة الاجتماعية الحديثة، وهذا طبيعي في ظل بلد تتعايش فيه 56 قومية انصهرت فيما بينها على مدى تاريخ الصين لتعطي هذا المزيج الذي يصطلح عليه “بالقومية الصينية”[ii].
 والجدير بالذكر، أن اغلب هذه الأقليات القومية الصغيرة تتركز في مقاطعات أطراف الصين وتخومها بالقرب من الحدود مع البلدان المجاورة. وقد عانت هذه الأقليات عبر حقب تاريخية من “سياسات شوفينية” من قبل الغالبية “الهانية” حتى وصل بعضهم للانقراض. غير أن هذه السياسات قد تغيرت بعد 1980، حيت عملت الدولة على تشجيع  النمو السكاني لهذه الأقليات ومنحهم حرية أكبر للعيش في مناطق تركزهم، فسمح لهم بإنجاب ثلاثة أطفال بدلا من طفل واحد، كما كان محددا سابقا وفقا لتحديد النسل الذي يسري على كل القوميات[iii] .
 لكن بالمقابل مازالت السياسات الخاصة بتشجيع “الهانيين” على الانتقال إلى مناطق تركز هذه القوميات خصوصا في الغرب، بهدف ضمان سيطرة بكين على هذه المناطق ، وهو ما أثار حفيظة العديد من الأقليات العرقية. وما حصل من أحداث عنف في مطلع 2010 بمقاطعة “زانجيانغ” ذات الأغلبية المسلمة دليل على ذلك. فكل أقلية قومية تحاول الاحتفاظ ببعض الخصائص الثقافية التقليدية والنفسية الخاصة بها ، بل إن فهم خصوصية الأمة الصينية والأواصر القوية التي تربط بين أفراد هذه الجماعة لن تستقيم من دون معرفة القدر الضروري من خبراتهم الماضية ، خاصة وأن الشعب الصيني يختلف كثيرا عن باقي الشعوب الأخرى، فهو شعب شديد الاهتمام بالماضي، وهم ينظرون لأنفسهم من منظور تاريخي فإذا ما أرادوا تحليل سماتهم المعاصرة، فسوف يبحرون في ماضيهم السحيق. لذلك، فان فهم عملية التحديث وما يحدث في صين اليوم، لن يستقيم من دون  الإبحار في ماضي المعتقدات والممارسات الدينية للأمة الصينية. على اعتبار أن هذا المنحى سيمكننا من فهم حاضرها، وتحديد ملامح مستقبلها.  فهذه المعتقدات والممارسات جميعها تمكن الجماعة “الصينية” “من أن تجدد دوريا المشاعر الخاصة بها وبوحدتها”[iv]..
ثانيا- نبذة عن إقليم “شينجيانغ” ؟
منطقة شينجيانغ ذاتية الحكم لقومية “الإيغور”، هي المقاطعة الشمالية الغربية التي تطالب بها الصين منذ تولي الحزب الشيوعي الصيني السلطة عام 1949، ويشير مسلمي “الإيغور” الذين يعيشون هناك إلى المنطقة باسم “تركستان الشرقية” وينبغي بنظرهم  أن تكون مستقلة عن الصين، و تستحوذ “شينجيانغ” على سدس مساحة اليابسة في الصين، وتحدها ثمانية بلدان من بينها “باكستان” و”كازاخستان” و”قيرغيزستان”..و تعد “شينجيانغ” حلقة وصل مهمة في مبادرة الحزام والطريق الصينية، وهي خطة تنمية ضخمة تمتد عبر آسيا وأوروبا، وتأمل بكين في القضاء على أي احتمال للنشاط الانفصالي لمواصلة تطويرها في “شينجيانغ” ، التي تضم أكبر احتياطيات من  الفحم والغاز الطبيعي في الصين.
ثالثا- علاقة الصين بمسلمي الإيغور
عبر التاريخ تميزت العلاقة بين مسلمي “الإيغور” و”الصينيين” بنوع من الاضطراب و حالة من المد والجزر، فقد تمكن “الإيغور” منذ وصول الاسلام الى حدود الصين في عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، من إقامة دولة “تركستان الشرقية” التي ظلت صامدة على مدى نحو عشرة قرون قبل أن تنهار أمام الغزو الصيني عام 1759 ثم عام 1876..
وفي عام 1950 ضمت الصين الشيوعية الاقليم بالقوة، ودفعت إليه بعرق “الهان” الذي أوشك أن يصبح أغلبية على حساب “الإيغور” السكان الأصليين. وقد عانى المسلمون في “شنغيانغ” منذ ذلك التاريخ من التضييق عليهم في العبادة ومنعهم من الحجة و القيام بالشعائر الدينية، وحرمانهم من الوظائف الحكومية وتفضيل الصينيين من عرق “الهان” عليهم، فأصبح المواطنين من قومية “الهان” يتحكمون في كل شيء في الإقليم ، بالرغم من تمتع الاقليم بحكم ذاتي، و قد عملت الحكومة الصينية على التلاعب بالتركيبة السكانية للاقليم عبر استقدام أعدادا كبيرة من الهان من أنحاء الصين، وتهجير “الإيغور” من مقاطعتهم إلى المدن الصينية الأخرى.
غير أن درجة تضييق الحكومة على مسلمي الاقليم لم تكن بنفس الدرجة طيلة هذه الفترة، فقد عانى الاقليم كما عانت باقي أقاليم الصين من ممارسات النظام الشيوعي و خاصة ابان فترة الثورة الثقافية، لكن مع انطلاق سياسة الانفتاح و الاصلاح، استفادت ساكنة الاقليم بما فيهم المسلمين من بعض المزايا كإقامة الشعائر الدينية و تبناء و ترميم المساجد، و الجدير بالذكر أن تعامل الصين مع أقليات مسلمة أخرى ناطقة بالصينية من غير أقلية “الإيغور” يشوبه قدر كبير من التسامح نظرا لغياب التطلعات الانفصالية لهذه الاقليات و منها مسلمين “الهوي”..
لكن بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 كثف النظام الصيني من حملة مطاردته للاستقلاليين “الإيغور” و تمكن من جلب بعض الناشطين “الإيغور” خصوصاً من “باكستان” و “كازاخستان” و “قيرغيزستان” في إطار ما يسمى “الحملة الدولية لمكافحة الإرهاب”… ورغم المطاردة الصينية ظلت بعض التنظيمات السرية تنشط داخل البلاد منها بالخصوص الحركة الإسلامية تركستان الشرقية التي تتهمها بكين بتنفيذ سلسلة انفجارات في إقليم “شنجيانغ” وشباب تركستان الشرقية. وفي 19 سبتمبر/أيلول 2004 قام “الإيغور” بتأسيس حكومة في المنفى لتركستان الشرقية يرأسها أنور يوسف كما تمت صياغة دستور…وسنحاول في مقال موالي إن شاء الله تعالى التفصيل في هذا الأمر تفاديا للإطالة… والله غالب على أمره و لكن أكثر الناس لا يعلمون…
 إعلامي وأكاديمي متخصص في الاقتصاد الصيني والشرق آسيوي، أستاذ العلوم السياسية والسياسات العامة..
[i] – Jacques Gernet, ” A History of Chinese  Civillization”, Cambridge , Cambridge University Press, second edition 1996. 6-27.
[ii]  – Zhixiong, Wang « Chine, la démocratie ou le chaos ? », Editions Bleu de Chine. Paris. 1997.pp.94-95.
[iii] -“Population And Family Planning Law of the People’s Republic of China”, China Population Publishing House Order of the President of the People’s – Republic of China, No.63, September 1, 2002.
[iv] -Emile Durkheim,” The Elementary froms of the Religious Life; study in Religious Sociology”. Trans, Joseph ward.Swain. New York, Free Press.1965.pp.21-32.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
الدين والسياسة في الصين الشعبية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» (سورية جدل الدين والسياسة)
» لعبة الدين والسياسة- |الناس على دين ملوكهم
» المقاومة الشعبية في القدس: الهبّات والحِرَاكات وولادة الحالة الشعبية
» الأردن متناقضات الحكم والسياسة
» التاريخ والسياسة: قصة كيسنجر و"الماسادا"

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث دينيه-
انتقل الى: