منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

  التطبيع الإماراتي مع إسرائيل بين العقلانية و التطبيل الجنوني بإسم القضية الفلسطينية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70063
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 التطبيع الإماراتي مع إسرائيل بين العقلانية و التطبيل الجنوني بإسم القضية الفلسطينية Empty
مُساهمةموضوع: التطبيع الإماراتي مع إسرائيل بين العقلانية و التطبيل الجنوني بإسم القضية الفلسطينية    التطبيع الإماراتي مع إسرائيل بين العقلانية و التطبيل الجنوني بإسم القضية الفلسطينية Emptyالأحد 02 يناير 2022, 9:38 am

التطبيع الإماراتي مع إسرائيل بين العقلانية و التطبيل الجنوني بإسم القضية الفلسطينية

علي سيريني

منذ أيام، هناك تطبيل جنوني مستمر، ضد الصلح الإماراتي البحريني مع إسرائيل والذي يسمى بالتطبيع. في الواقع قد يكون هذا الصلح من أهم وأعقل العمليات السياسية العربية، بعد كامب ديفيد، منذ قيام دولة إسرائيل في عام 1948. وعلى خلاف ما يروجه البعض، أن هذا التطبيع هو ضد القضية الفلسطينية، أو أنه يضعف الفلسطينيين و نضالهم من أجل حقوقهم، فإنه في الواقع يساهم بشكل كبير في دعم الفلسطينيين و مسيرتهم نحو حياة كريمة و آمنة، بعيدا عن تجاذبات السمسرة و الإرتزاق السياسيَين اللذَين تغذيهما دول عدة، لها أجندات سياسية، لا ترى من الفلسطينين إلا أرقاما مكدسة و من القضية الفلسطينية إلا آداة تخدم رفع غلتها السياسية و التجارية لا أكثر.
مرَدَت منطقتنا منذ عقود على تحويل الناس إلى رحى تدور حول المسرحيات، كقطب وحيد، لرسم الحياة والتفكير نحو الذات و الآخر و العالم. هذه المسرحيات نسجت من الأوهام التي رمت في أتونها شعوب الشرق، وهي في دورانها في فلك هذه المسرحيات اكتسبت عادة التماهي في هذه الأوهام، حتى أصبحت تؤمن فعلا أن هذه الأوهام هي واقع حقيقي. مع أن كوراث كبرى حلت بمنطقتنا، كانت كافية لإيقاظ الناس من الغفلة، لكنها ظلت تكرر نفسها في حال شلل جماعي شبه كامل. والغريب، أن هذا الشلل مازال مستمرا لدى فئات معينة. تقف اليوم أنظمة معينة و أحزاب و قنوات إعلامية، في إصطفاف سوقي، تبيع تلك المسرحيات/الأوهام للناس كحقائق، و تحاول أن تقنعهم، أن شللهم الجماعي ما هو إلا الوجود الصحيح، وما دونه فشل و إنكسار و خيبة!
إسرائيل هي دولة معترف بها من قبل دول العالم أجمع (ومنها طبعا تركيا والسلطة الفلسطينية). هذه الدولة أقامها اليهود، وهم اليوم، من أقوى الجماعات في العالم على صعيد الإقتصاد و التجارة و المال و السلاح و الإعلام. هذه حقيقة بدهية يعرفها أبسط الناس، أو على الأقل، هذا ما يروجه بكثرة المعادون للسلام مع إسرائيل. ومن وراء هؤلاء اليهود، تقف الدول الغربية و على رأسها أمريكا، داعمة لإسرائيل بكامل قوتها و إمكاناتها. ومنذ
عام 1948، حدثت عدة حروب بين إسرائيل و العرب، استنفد العرب فيها كامل قوتهم وأقصى إمكاناتهم، بينما لم تستعمل إسرائيل إلى اليوم أقصى قوتها لدحر جيوش العرب، وما زالت في حوزتها ثلاثمائة صاروخ نووي.
تقول العرب أن اليهود يديرون الدولة الأمريكية. بتعبير آخر، يعتقدون أن نفوذ اليهود هو المهيمن على الإدارة الأمريكية. أثبتت الوقائع أن الإدارات الأمريكية حتى الآن حرصت على الحفاظ على مصالح إسرائيل و إتخاذ كل السبل لإنتصارها، بمساندة واضحة من دول الغرب (بل وحتى روسيا والصين!). أما العرب و دولهم، فليسوا سوى زبائن مستهلكين للبضائع الغربية، وعلى رأس هذه البضائع الأسلحة البالية التي تزيد في أوهام العرب وظنونهم أنهم يملكون القوة، وقد أسرع هذا في دفعهم إلى المزيد من الأوهام، والدخول في مغامرات غير محسوبة العواقب.
وبخصوص قضية فلسطين، لم يحصد العرب من الدول الغربية سوى المرارة و الفشل و الخيبة، علما أنها هي مصدر تزويد العرب بالأسلحة و التكنلوجيا و الصناعات الإستهلاكية. ولكن بعيدا عن الإستغراق في الحديث عن التفاوت الكبير بين العرب مجتمعين و إسرائيل التي تقف خلفها دول العالم، ما عدا بعض الدول التي من الممكن تسميتها بدول لا حول و لا قوة إلا بالله، كلما نظرنا إلى أحوالها المهلهلة؛ لنسأل أنفسنا عن أولئك العرب أو تلك الجهات التي تطبل ضد هذا التطبيع، لماذا تثير كل هذه الضجة المسرحية؟
في الواقع من الممكن إحتزال كل هذه الجهات بقناة إخبارية خليجية تبث في دولة خليجية صغيرة. هذه القناة أمست بمثابة ناطق رسمي لسياسات معينة، تشترك فيها دول معينة مع أحزاب ومنظمات معينة أيضا. هذه الدولة الخليجية الصغيرة، تسهر وبقلق كبير، في كنف الحامية الأمريكية التي تسحب منها المليارات من الدولارات. فحاكم هذه الدولة قدم لأمريكا قبل حوالي عام 193 مليار دولار، ثمن الحماية المذكورة (ثمانية مليارات للحامية الأمريكية على أراضيها و 185 مليار دولار لدعم الإقتصاد الأمريكي!). ولكن السؤال العجيب هو ممن تحمي أمريكا هذه الدولة؟ قد يقال أن الدول الخليجية الأخرى تهددها، وتشكل خطرا عليها بعد الحصار الذي فرضته عليها. ولكن هل حلت القوات الأمريكية في أراضي هذه الدولة منذ تهديد الدول الخليجية الأخرى لها، أم أن هذه القوات موجودة هناك منذ عقود؟ وهل كان العراق يشكل أي تهديد لهذه الدولة الخليجية، حين أستخدمت من قبل أمريكا، كقاعدة لإنطلاق الغارات على العراق والتي دمرته عن بكرة أبيه! وهل كانت ليبيا تشكل أي خطر على هذه الدولة الخليجية الصغيرة حتى تحولت إلى خزان مال و قناتها الفضائية إلى بوق وطبل للحملة البريطانية الفرنسية على ليبيا في عام 2011، والتي تحولت بسبب ذلك إلى دولة يعمها الخراب و الفشل والحرب منذ حوالي عقد من الزمن!
وإذا كانت أمريكا هي راعية إسرائيل، أو هي ربيبة إسرائيل بحسب رأي المعادين لعملية السلام، فلماذا يدفع حاكم هذه الدولة الصغيرة هذه الكمية الكبيرة من المال لأمريكا، ولا يستثمر هذه الأموال في مقاومة إسرائيل؟ إذا لم يكن بمقدوره فعل هذا، أو أنه ليس أهلا لذلك، فلماذا يقوم بإطلاق هذه الحملة الشعواء على عملية السلام عبر قناته الإخبارية التي تقدم نفسها على أنها تقف في صف الشعوب العربية، ضد الإستبداد وضد القوى الخارجية مثل أمريكا والغرب!
إن من تنطق بلسانهم هذه القناة فضلا عن هذه الدولة الخليجية الصغيرة، هم النظام الإيراني، والإخوان المسلمون، وحركة حماس وبعض من يلف لفهم، بالإضافة إلى أقليات دينية، لها ولاء ديني لبعض الدول الأوروبية، ولها منافع في إستمرار صراع العرب و المسلمين مع إسرائيل. وحين تسأل الإخوان وحماس ومحور إيران هل الوقوف ضد السلام مع إسرائيل هو من منطلق ديني ضد اليهود، يجيبونك فورا: لا. إسرائيل تحتل فلسطين، يضيفون، لذلك لا يجوز التطبيع معها. إذن هناك بعد شرعي إسلامي وآخر سياسي و إنساني في الموضوع. ما يخص البعد الشرعي، فإن مهمة تحرير الأرض المحتلة تقع على عاتق الخليفة و الدولة الإسلامية. ومعلوم أننا اليوم نعيش وليس هناك من خليفة أو دولة إسلامية. بل حتى مع وجودهما، فإن الفقه الإسلامي لا يسمح بالدخول في حرب أو مغامرة (حتى لو كان ذلك في سبيل تحرير أرض محتلة)، إذا كانت الخسائر أكبر من المنافع. سياسيا، تعيش الدول العربية أضعف حالاتها، ناهيك عن مقدرتها على خوض مغامرات التحرير البهلوانية.
لنأتي إلى البعد السياسي والإنساني. يتشتدق هؤلاء المعادون للسلام مع إسرائيل، أن هذه الأخيرة تظلم الفلسطينيين سياسيا، و تهضم حقوقهم كبشر. لو نظرنا ببساطة إلى واقع هؤلاء، لقال أي منصف في نفسه، إن إسرائيل تحتاج إلى عدة سنوات طويلة، لتبلغ صف هؤلاء في ما يخص الظلم وهضم حقوق الناس. فما فعلته تركيا بالأكراد، في خلال قرن، قد يندر له مثيل في العالم المعاصر، حيث تم سحق شعب بالكامل مع نهب لأرضه وخيراته وتراثه وهويته، ومازال الواقع الكُردي كما هو، رغم تغير طفيف، في السنوات الأخيرة، لكنه لم يقدر من إخماد تلك الحرائق الهائلة التي تحرق كُردستان وشعبه لعقود طويلة. وقل الأمر نفسه عن إيران و الشعوب التي تعيش فيها. ومع أن تركيا تتمتع بعلاقات حقيقية وعلنية مع إسرائيل، لكن تلك القناة الخليجية تتغاضى عن ذلك، بل تتماهى مع سياسة تركيا العنصرية بحق الشعب الكُردي وتنفخ الأكاذيب المفضوحة حول مزاعم الدعم الإسرائيلي للكُرد، لتخلق جوا إسلاميا وعربيا عاما مضادا للشعب الكُردي المظلوم! ومن هنا، ندرك حجم النفاق لدى هذه القناة وأصحابها الذين يتسترون برداء الإسلام، والتطبيل لفلسطين، و مكياج التظاهر بدعم قضايا حقوق الإنسان في العالم العربي.
اللافت في السلام مع إسرائيل، أن الشعبان الإماراتي و البحريني يقفان مع دولتيهما في هذه العملية. وهذا إن دل على شئ، فيدل على الوعي العام المسؤول تجاه وجودهم ومصالحهم ومصيرهم. ومتى ما تخلخلت هذه العلاقة، لا سامح الله، فإن مصير البلدين لن يكون بأفضل من مصير العراق و ليبيا اللذين تم تدميرهما من قبل الغرب، وبمشاركة تلك الدولة الخليجية الصغيرة وقناتها الإخبارية التي كانت تحرض الشعب الليبي ضد الراحل العقيد معمر القذافي، بينما كانت طائرات الناتو ترمي القنابل من السماء فوق ليبيا، لتدمرها شر تدمير.
أما للذين يعادون السلام مع إسرائيل، فمن الممكن توجيه سؤال بسيط إليهم: إن الميدان مفتوح، وعندكم المليارات من الدولارات، ومئات الألوف من المقاتلين، وصواريخ وطائرات ودبابات وأسلحة كثيرة. لِمَ لا تتفضلوا وترموا ببعض الألعاب النارية تجاه إسرائيل، وترموها في قاع البحر. وإن لم تكونوا تفعلون ذلك، ومعظمكم يتواصل خلف الستار مع إسرائيل أو الدول الداعمة لها (لا سيما أمريكا)، فلتكفوا عن خداع الناس وتضليلهم، بل واصمتوا خيرٌ لكم ولغيركم! وحري بالشعب العربي أن لا ينخدع بأكاذيب تلك القناة الإخبارية التي يديرها خليط له أجنداته ومصالحه، وآخر همهم هو مصلحة الشعب الفلسطيني المنكوب! *

* يستطيع القارئ العودة إلى عدة مقالات كتبتها في شأن هذه القناة الفضائية والقضايا التي تعلكها! في الروابط التالية:
1- https://kitabat.com/2020/02/08/%d9%84%d9%85%d8%a7%d8%b0%d8%a7-%d9%81%d9%84%d8%b3%d8%b7%d9%8a%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%84%d9%83%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%81%d8%b6%d9%84%d8%a9-%d9%84%d9%82%d9%86%d8%a7%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ac/
2-
https://kitabat.com/2020/01/29/%d8%b9%d9%82%d8%af%d8%a9-%d9%86%d9%82%d8%b5-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d8%a8-%d9%88%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d9%84%d9%85%d9%8a%d9%86-%d9%85%d8%b1%d9%81%d8%b1%d9%81%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d9%82%d9%86%d8%a7/
3-
ثلاث حلقات بعنوان: "سيكولوجية النخبة الفلسطينية و أسطورة فلسطين القضية الأولى للمسلمين والعرب" 

https://shanti.jordanforum.net/t24543-topic#66344


عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الأحد 02 يناير 2022, 10:02 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70063
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 التطبيع الإماراتي مع إسرائيل بين العقلانية و التطبيل الجنوني بإسم القضية الفلسطينية Empty
مُساهمةموضوع: رد: التطبيع الإماراتي مع إسرائيل بين العقلانية و التطبيل الجنوني بإسم القضية الفلسطينية    التطبيع الإماراتي مع إسرائيل بين العقلانية و التطبيل الجنوني بإسم القضية الفلسطينية Emptyالأحد 02 يناير 2022, 9:46 am

لماذا فلسطين العلكة المفضلة لقناة الجزيرة و النخبة الفلسطينية

في المقالات السابقة، تحدثت عن الجوانب السيكولوجية للنخبة الفلسطينية وكذلك لقناة الجزيرة التي تستحق منا وقفة تأمل، و دراسة ومعاينة هادئة، لأن الواقع الذي أفرزته الدواخل النفسية لكلتيهما هو واقع مريض و مؤلم، بكل ما فيه من معانات و هزائم و خداع و نفاق. من المفيد أن نتحدث عن تكوين قناة الجزيرة قليلا، قبل الحديث عن فلسطين التي تتعمد هذه القناة و النخبة الفلسطينية و أوساط أخرى إبقائها، العلكة المفضلة، وسط الفشل و الإنهيار و اليأس القنوط. تأسست قناة الجزيرة، وهي مؤسسة قطرية تابعة للدولة، في عام 1996 من قبل الدولة القطرية و الإخوان المسلمين وفلسطينيين (منهم من هو من الإخوان)، و كوادر أخرى موزعة بين بعثيين عراقيين، و شيعة وأقليات دينية أخرى.
قطر دولة صغيرة على مساحة حوالي 11 ألف كيلومتر مربع دون عمق إستراتيجي. وتتشكل قطر من حوالي 300 ألف مواطن قطري من الذين يملكون حق المواطنة و الجنسية. وما تبقى ليس سوى عمالة وافدة، أو زائرون بقصد العمل أو “السياحة”. أي أن ثلاثة ملاعب كرة قدم مثل ملعب كامب نو في برشلونة، تتسع للشعب القطري بأكمله. المواطنون القطرييون في عمومهم ليسوا أهل العمل والحرب و المشقة. فهم أناس وقعوا على المال دون تعب. النصيب الأكبر من عائدات قطر (المسموحة لقطر!) هو للعائلة الحاكمة، و هناك مبالغ تعطى للقطرين بما يكفي لتأمين رفاهيتهم التي لا تشكل رقما كبيرا في ميزانية قطر. لقطر خصومات و حساسيات مع السعودية و الإمارات و البحرين. ولأن قطر، دولة صغيرة مع عدد سكان قليل جدا، على مساحة أرض صغيرة ولكن بمال كثير، فإن التنافس و الخصومة بينها و بين من تخاصمهم غير متكافئان. لذلك لجأت قطر إلى عدة طرق للتمتع بالقوة و تأمين ردع من تهابهم، ولإيجاد قوى بديلة (بشرية و عسكرية) لتعويض نفسها من النقص، بل وللإمتداد خارج أرض قطر بفضل المال. نستطيع تلخيص هذه الطرق كالآتي:
أولا: إقامة تحالفات مع بعض دول المنطقة بناء على الخصومات و النزاعات المتقاطعة. فبنت قطر علاقات قوية مع النظام السوري ضد السعودية إلى عام 2011، حين انطلق الربيع العربي واختلطت العلاقات و الموازين. حينئذ غيرت قطر سلك علاقتها، فوجدت من الثورة السورية أرضية لإيجاد نفوذ و قوة لنفسها. فتحالفت مع تركيا ضد قوى إقليمية، و لردع قوى أخرى. وأقامت علاقات جيدة مع إيران و قوى شيعية في العراق على نفس الأساس.
ثانيا: إيجاد نفوذ لها في الدول العربية، كمحاولة من أجل إقامة بدائل محتملة لبعض الأنظمة، و لخلق الضغط على أنظمة أخرى، لتعيد حساباتها في العلاقة مع قطر و مع خصومها، وكذلك لإيجاد أذرع بشرية و عسكرية في المنطقة موالية لها. وكان الإخوان المسلمون في مصر و الدول العربية، القوة الحزبية التي لعبت بها قطر لعبتها السياسية في المنطقة، كما أراد الإخوان استخدام قطر لسياساتهم و أجنداتهم.
ثالثا: دفع الجزية إلى أمريكا و بريطانيا (معظم ميزانية قطر)، من أجل تأمين حمايتها عبر قاعدة العُديد الأمريكية، نظرا لكون قطر لا تملك القوة البشرية و العسكرية التي تقدر على حماية الدولة. ولاحقا أضيفت تركيا إلى المعادلة، فأصبحت القوة العسكرية التركية موجودة على أرض قطر، من أجل حمايتها، منذ حصارها من قبل دول الخليج.
رابعا: قناة الجزيرة كوسيلة إعلامية مثيرة تبت في القضايا الحيوية و الحساسة في العالم العربي، و كان لها الدور الريادي في تحريك العالم العربي، بل والتمهيد لتسونامي سياسي ضرب المنطقة منذ عام 2011.
خامسا: اللعب على وتر القضية الفلسطينية و تحويلها إلى علكة إستهلاكية مفضلة، من أجل الظهور بمظهر الوطني المناضل من أجل هذه القضية، ضد المحور الذي يتفاوض مع إسرائيل برعاية أمريكا (المحور الذي يبدو مؤيدا من قبل السعودية و الإمارات ومصر)، وللتغطية على ما قامت وتقوم به قطر في المنطقة.
في ما يخص النخبة الفلسطينية، فقد تحدثت عن دوافعها لتطبيلها الصاخب و المستمر للقضية الفلسطينية، على حساب القضايا الخطيرة و المهمة للعرب و المسلمين، و للقارئ العودة إلى المقال وهو من ثلاث حلقات بعنوان (سيكولوجية النخبة الفلسطينية)، ولكن بإختصار، فإن هذه النخبة تجد في قضية فلسطين ميدانا للإرتزاق المستمر. أما دوافع الجزيرة، فإنها تستدعي تحليلا موضوعيا و دقيقا، و هذا ما سيقدمه هذا المقال. إن دوافع قناة الجزيرة تتكون من تشكيلتها التي ذكرناها آنفا، وهي التشكيلة التي تكونت منها الجزيرة وهي التي تدير هذه القناة، في شبكة علاقات متداخلة ليس من الصعب فك رموزها. بالنسبة للبعثيين، فمعلوم أنهم مع الفوضى و الثورة الشاملة في المنطقة. منذ سقوط نظامهم في عام 2003، تعمل أجنحة حزب البعث على صب الزيت على جميع النيران بهدف تخريب أي محاولة للإستقرار، ولتبييض صفحاتهم الماضية. و بما أن تأريخ البعث في العراق هو تأريخ دموي، منذ عام 1968، خصوصا بين بعضهم البعض في تصفيات معروفة (أشهرها حادثة قاعة الخلد عام 1979)، وكذلك بسبب الكوارث و الويلات التي جلبها البعثييون على المنطقة؛ فإن فلسطين تشكل الرداء الذي يتستر به البعثييون للتخفيف من ثقل و حدّة الإنتقادات و اللوم الموجه إليهم. وكأن فلسطين تعويذة، تقيهم من سيئاتهم التي اكتسبوها و جرائمهم التي ارتكبوها. أما الشيعة (التابعون لولاية الفقيه بقيادة إيران)، فإن استراتيجيتهم هي أيضا الفوضى و إسقاط الأنظمة القائمة، لصالح دولة شيعية قوية تقودها إيران. وهذا المحور وجد من قضية فلسطين مطية ملائمة لأجنداتها، مع العلم، لا تشكل فلسطين أي شئ يُذكر في أدبيات الشيعة قبل عام 1979، أي تأريخ مجئ خميني للسلطة في إيران، وهي مسألة مستحدثة في أدبيات الشيعة المعاصرين، وهي نتاج رؤى وأجندات سياسية نابعة من استراتيجيات مذهبية سلطوية. أما الإخوان المسلمون، كحركة سياسية فاشلة، فشلت في الإستحواذ على السلطة منذ تأسيسها عام 1928، فهم على علاقة استراتيجية وقوية مع الشيعة بقيادة إيران، ويشتركون معهم ومع البعثيين في توظيف فلسطين لصالح أجنداتهم. ويتضمن خطاب الإخوان الدائم الإشارة إلى فلسطين، كمسألة أساسية، لعدم وصولهم إلى السلطة و “معاداة العالم لهم” بسببها حسب إدعائهم. وحاول الإخوان أثناء تسنّم الرئيس الراحل محمد مرسي رئاسة مصر أن يبدوا وكأنهم حماة فلسطين، وأنهم سيحررونها قريبا. وحتى بعد الإنقلاب على مرسي، ظل الإخوان يتمسكون بشعارات فلسطين وهم في السجون (مثلا محمد بديع في إحدى جلسات محاكمته توجه إلى القاضي بالقول “أطلقوا سراحنا وسنذهب لنحرر فلسطين” مع أن هذا التصريح يفتقد إلى أدنى درجات الواقعية).
الجهة الأخيرة والرئيسية في قناة الجزيرة هي دولة قطر، صاحبة القناة وراعيتها.
أشرنا إلى قطر و وضعها السياسي و الجغرافي بإيجاز. في الواقع، قطر عبارة عن حقل غازي أو آبار الطاقة، وحولها مجموعة سكانية صغيرة مع عائلة الأمير. أنظار دول العالم و أطماعها، لاسيما أمريكا وبريطانيا، مصوبة نحو هذا الحقل أو هذه الآبار. إن العداوة الموجودة بين العائلة الحاكمة في قطر، و العوائل الحاكمة في الإمارات و السعودية، هيئت أرضية غنية وسهلة لتدخل القوى العظمى والإقليمية الطامعة في ثروات قطر، والتحكم بها وأخذ خيراتها، وابتزاز حكامها والسيطرة عليهم. في هذا الواقع، و في ظل المنافسة و العداوة بين دول الخليج، اتجهت قطر إلى إيجاد أذرع لها في الدول العربية ودعم الفصائل و القوى، بأمل وصولها إلى سدة الحكم أو لعب دور قوي في هذه الدول، لإيجاد إمكانية تحويلها إلى ورقة قوة وذراع استراتيجي لقطر. وبلغت محاولات قطر ذروتها في خضم الربيع العربي. وبما أن الإخوان كانوا يتمتعون برعاية قطر، ولهم دور رئيسي في قناة الجزيرة، فإن قطر دعمت الإخوان في مصر وفي دول أخرى. في سوريا، دعمت قطر جبهة النصرة، و في ليبيا، دعمت فصائل مسلحة انضوت في حكومة الوفاق الوطني المدعومة من قبل تركيا أيضا. إن دور قطر في المنطقة، هو دور خطير و مأساوي جدا. فمن أجل أن تجد قطر لنفسها مواطئ قدم و أذرع قوة في المنطقة، ومن أجل الخروج من عنق الزجاجة الجغرافية والسياسية الضيقة التي هي فيها، بسبب صغر المساحة و قلّة السكان والقوة، فإن قوة قطر هي المال الذي تحصل عليه من حقول الغاز. فحاولت أن تستثمر هذا المال للدفاع عن نفسها، بل وأبعد من ذلك، هرعت نحو الحصول على القوة خارج أرضها. فهي تورطت في ثورة ليبيا، وقامت بتوفير التغطية على العدوان الغربي على ليبيا، ودعمت ثوارا أسقطوا نظاما عربيا بطريقة بعيدة عن الأعراف والتقاليد العربية والإسلامية، بل وأهانوا رأس النظام أمام الكاميرات، بوضع العصا في مكان في جسده، في عملية مشينة غير لائقة. كما أن أرض قطر أتخذت من قبل أمريكا وحلفائها لتدمير العراق وحرقه.
في ظل هكذا واقع متشابك و معقد ومؤلم، وفي غياب أي قوة حقيقية لقطر غير آبار الغاز و قناة الجزيرة، فإن قطر كانت وستظل مرغمة على أن تفتح فوهات الغاز والدولارات التي تدرها هذه الحقول نحو بنوك وجيوب أمريكا و بريطانيا، وبمقدار أقل نحو تركيا وربما إيران أيضا. أكد هذا أمير قطر تميم بن حمد، أثناء زيارته لترامب في العام الماضي، حيث دفع له 193 مليار دولار (منها ثمانية مليارات دولار للقاعدة العسكرية الأمريكية بقطر). وهذا بحد ذاته يشكل هروبا سريعا لقطر نحو الأمام، تاركة ورائها نتائج كارثية صنعتها أو ساهمت في صناعتها في أكثر من دولة عربية. وحين يكون وضع دولة صغيرة وضعيفة على هذا النحو، فإن خير وسيلة، للتغطية على هذه الكوارث المأساوية التي ورطت نفسها فيها، هي إختلاق صخب إعلامي كثير لتمويه الرأي العام العربي والإسلامي. وهذا التمويه يأتي من قبل قناة الجزيرة، وتطبيلها المستمر للقضية الفلسطينية و القدس الشريف. فالتركيز المستمر على قضية فلسطين (أصبحت بمثابة ورقة الجوكر يستعملها الكل)، يغطي على السياسات الفاشلة والكارثية لدولة قطر وحلفائها في قناة الجزيرة: البعثيين، الإخوان، الشيعة الخ. ما يربط هؤلاء جميعا مسألتان رئيسيتان: الأولى المشاركة القوية لتدمير المنطقة و شعوبها ومقدراتها، بالتعاون مع هذه القوة الخارجية أو تلك. والثانية هي إمتطاء فلسطين التي تُتخذ كشارة للأبهة والنقاوة والتطهر، للمزايدة على الآخرين وابتزازهم من جهة، و للتغطية على كوارثهم و فشلهم على الساحة العربية والإسلامية من جهة أخرى. مع أنه في واقع الحال، فإن هذا الصخب الكثير والتطبيل الكبير لفلسطين و القدس لا يخدمهما، ولا يقدم شيئا للشعب الفلسطيني المسكين، بل يطيل آلامهم ومعاناتهم، ويديم بازار الإرتزاق والتمويه، كلٌ حسب حاجته. قطر و قوى أخرى مثل إيران تموه وتلعب بقضية فلسطين، مع أنه في الواقع ليست فلسطين هي مربط الفرس. أما النخبة الفلسطينية و الجماعات الإسلامية، فهي تسترزق من هذه القضية على الصعيدين المادي والمعنوي (آخر صرعات الإرتزاق هو إفتخار حركة حماس بإطلاق صواريخها العنترية على إسرائيل، برعاية إيران، التي تذبح مع نظامها العميل في سوريا ومع الروس، الشعب السوري منذ عام 2011). لهذه الأسباب ستبقى فلسطين علكة شهية في فم الجزيرة و الأجنحة المختلفة التي تدير هذه القناة.
والأمر في جلّه لا علاقة له بالدفاع عن العرب و المسلمين، أو إنجاز شئ للفلسطينيين. ولو كان هذا هو الدافع، لكان الأحرى استثمار الأموال الهائلة في بناء وإقامة برامج ومشاريع تنموية ونهضوية ترتقي بالعرب والمسلمين، وهذا ما لم نجده حتى الآن، رغم أن كثيرين (ومنهم كاتب هذا المقال) قدموا مقترحات مشاريع مهمة إلى قطر وغيرها من دول المنطقة لكن دون جدوى. بل وجدنا مشاركة هذه الفئات والجهات في تدمير المنطقة مع القوى الخارجية المعادية، بينما أموالهم وخيراتهم تذهب إلى أحفاد الروم وحلفائهم. المشروع الوحيد الذي تسوّقه قطر و قناة الجزيرة، هو استضافة كأس العالم لكرة القدم. لعل اللعب بالكرة يخفف اللعب بالعرب والمسلمين. ولكن إلى ذلك ستظل قضية فلسطين علكة مرغوبة ومطلوبة، على غرار القاط اليمني!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70063
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 التطبيع الإماراتي مع إسرائيل بين العقلانية و التطبيل الجنوني بإسم القضية الفلسطينية Empty
مُساهمةموضوع: رد: التطبيع الإماراتي مع إسرائيل بين العقلانية و التطبيل الجنوني بإسم القضية الفلسطينية    التطبيع الإماراتي مع إسرائيل بين العقلانية و التطبيل الجنوني بإسم القضية الفلسطينية Emptyالأحد 02 يناير 2022, 9:49 am

عقدة نقص العرب والمسلمين مرفرفة في قناة الجزيرة
لدى أكثرية العرب و المسلمين عقدة نقص حادة أمام الغرب و الغربيين. بل، هناك تنافس محموم بين أبناء العرب و المسلمين لتقليد الغرب في طرائق حياتهم. لكن هناك مصدات نفسية كثيرة، تشوش بدرجات متفاوتة هذا التنافس الذي يرمي جوهريا إلى التحول غرباً. يأتي في مقدمة هذه المصدات الدين و التراث و العادات الخ. لكن يبقى الدين المصد الأقوى. إلّا أن الإلتفاف على الدين ليس صعبا، لإماطة الأذى عن طريق التغريب، وبالتالي المضي قدما نحو الذوبان في الغرب و حضارته. كل ما هو ضروري هو الإستمرار في محاولة التغريب على المستوى الفردي و الجماعي، و لكن بإضفاء شرعية دينية و لباس ديني. مثلا تجد أحدهم و هو يقوم و يقعد وفق هوى غربي في حياته، لكنك تجده محافظا على بعض المظاهر التي توحي أنه مازال متمسكا بدينه كاللحية و البنطلون القصير، و الحجاب الضيق المودرن للمرأة، وهكذا قس أمثلة أخرى. هذا يدل على أن تأثير الغرب في نفوس العرب هو تأثير عميق و كبير. وهذا التأثير غائر في العمق، على مستوى العقيدة ثم على مستوى النظام السياسي و القانوني، كأبرز سمتين من سمات أي مجتمع بشري. هذا التأثير وجد أدواته الفاعلة في الحملة الإعلامية الكبيرة التي تُشن ضد الإسلام و العرب، إلى حد تحولهما إلى منبوذَين عالميَّين. وفي هكذا حال، فإن الإنسلاخ من هذا المنبوذ يصبح همّاً وسلوكا يوميا، يمارسه الأفراد إلى أن يتحول إلى روتين طبيعي، لا يشعر معه حامله المقهور بأي حرج نفسي في ممارسة آداء مهامه اليومية المتغربة والمغتربة في آن، في الإنسلاخ المذكور الذي يتحول إلى سلوك لاوعي قائم. هذا الإنسلاخ إذاً مُرفقٌ بالموقف المُـتـشَـكَّـل من المنبوذ العالمي (أي الإسلام) الذي بسببه تجد عموم العرب و المسلمين وقد تحولوا إلى محللين، يبررون كل جزئية إسلامية تم لوي عنقها، أو رسمها بصورةٍ تناسب الغرب و توافق أهوائه. أو بطريقة أخرى، ينبذون ما لا يتوافق مع أهواء الغرب، عبر ختمه بالتقرير النهائي، أنه أمرٌ يخص الماضي الغابر ولم يعد نافذاً اليوم. هذا ما يؤكده مفتي حداثوي، أختير قبل أكثر من عام رئيساً لمشيخة إسلامية، قائلا في مقابلة مع قناة الجزيرة أن فقه الأولين ما عاد صالحا اليوم للمسلمين، وعليه فإن فقه الواقع، يجب أن يُستنبط في ضوء العلوم التجريبية الغربية مثل علم النفس و الإجتماع!
في هذه الحال المضطربة و القلقة، يمسي التمسك بالإسلام حملا ثقيلا لا يُطاق، في وقت يعمُّ جهلٌ مطبق المسلمين عموما و العرب خصوصا في مجال معرفة دينهم و تراثهم. من هنا تنشأ حالٌ لا تتوقف من الإستمرار في البحث عن سيد غربي مشهور أو سيدة غربية مشهورة من البيض الشقر، علّ أحدهما يتحول إلى مسلم، فينتشر الفرح بين المسلمين و يتخلصوا من الإحراج و الثقل الذي يؤذي نفوسهم كونهم متمسكين بالمنبوذ العالمي! إنها عملية إندفاع نفسية مؤلمة، أن تبحث عن القدوة الغربية في حياتك، ليتبع دينك، ومنه قدوة دينية لك، ليريحك من الثقال، و يساهم في خلق الإنسجام بين دينك المنبوذ عالميا، و قيم وأنماط الغرب التي يتنافس عليها الخلائق اليوم، لتجسيدها في حياتهم. وخلاصة القول، فإن العربي يتوسل الخلاص من الحمل النفسي الثقيل، وكأنه يقول للعالم أنظروا إلى هذا الغربي فقد تحول إلى مسلم، إذاً فإن الإسلام لا بأس به. تحوّل الإنسان الغربي إلى الإسلام، يزوّد الإنسان العربي المهزوز بدرجة معينة من الأمن و الطمئنينة والتخلص من الحرج. لأن كُنه العقل الباطن العربي يقول: لو كان الإسلام سيئاً، لما اعتنقه الغربييون أو مشاهير الغرب. لذلك، يحتفلون بالغربي الذي يعتنق الإسلام أيما إحتفال. أما بالنسبة للعربي، فإن اعتناق الإسلام من قبل الملايين من الفقراء السود أو الآسيويين فلا يشكل أي ميزة أو فرق، بل لا يستحق الإهتمام. إهتمام العربي مصبوب عند قدمي الغربي الأشقر، يحدق فيه كعبدٍ آبق، علّه يخطو خطوة نحو الإسلام أو ثقافة العرب، لينفجر العربي صخبا وإحتفالا بالقدوم المبارك. وهذا هو سبب الحرب الكلامية في مواقع التواصل التي اندلعت قبل فترة بين مجموعات عربية، على جنسية “التبولة و الفلافل” بعد رواجهما لدى السيد الغربي! فكل مجموعة من بلاد العرب، كانت تنسب جنسية التبولة والفلافل إليها تأريخيا وإبداعياً.
هذه الثقافة المهزوزة، مُجسَّدة تمام التجسيد في قنوات ومؤسسات العرب، و على الأخص قناة الجزيرة القطرية، مع فارق أن في الجزيرة من هو إعلامي على قدر كبير من الوعي و المسؤولية ويحظى بإحترام واسع. قبل فترة قصيرة، احتفلت قناة الجزيرة بـ”إسلام” مغنية أمريكية مغمورة و غير معروفة في أمريكا. يبدو أن هذه المغنية (جنيفر غراوت) من هواة الموسيقى الشرقية، و من هذا الباب عرجت على أصوات و ألحان، منها تلك المتعلقة بقراءة القرآن الكريم. يبدو أن دخولها في الإسلام يندرج ضمن نزهة هواية. لكن هواية هذه المرأة استهوت قناة الجزيرة التي فجرت إعجابها المدوي، الذي أمسى الخبر الذي ينتشر في العرب، انتشار النار في الهشيم. قبل أربعة أعوام كتبت عن هذا الوباء مقالا بعنوان ‘ظاهرة الإحتفال بإسلام الغربيين الشقر‘ و أمطُّ فيه اللثام عن الوجه الحقيقي لدوافع هذا الإحتفال. الغريب، أن شدة إحتفال العرب بهؤلاء الغربيين، سرعان ما تُحَوِّل الغربيين الجدد في الإسلام إلى نجوم و واعظين و أساتذة للفنون الإسلامية، بمجرد دخولهم الإسلام. مع العلم أن الأفارقة و الآسيوييون الفقراء الذين يدخلون الإسلام لا يثيرون في العرب شهوة التبريك والإحتفال، لأنهم يفتقدون إلى الجمال الذي يثير شهوة الجنس و الإغراء والإعجاب. ولو لاحظنا بدقة تمايل مذيع القناة و تصدحه بـ “الله الله” لصوت غراوت الباهت، لعلمنا أن مصدر الإعجاب هو للجمال و المقام (مقامها الأمريكي: هوية السيد) وليس للصوت. وهذا ما دفع الجزيرة و مذيعة لها أن تطلق على صوتها المتواضع بـ “الصوت الملائكي”. مع العلم، لو صدر هذا الصوت من أحد هؤلاء الفقراء الذين يفتقدون إلى الجمال الظاهر، لوضعت هذه القناة و عمّالها أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم!
هذا الوباء له تأثيرات أخرى أكثر خطورة في حياة العرب، لا سيما النساء. فحين تجد المرأة العربية أن للجمال هذا السحر و هذا التأثير، فجلّ إهتمامها ينصب نحو الإهتمام بمظهرها و بدنها ولكن لتبدو بصورة تشبه المرأة الغربية. لذلك، فإن الرواج الأكبر في بلاد العرب والشرقيين هو لبازار المكياج و أدوات التجميل والتشبه بمشاهير الغرب. وهذا إنعكاس لعقدة النقص الحادة والمزمنة بين العرب (وطبعا الإيرانيين و المكونات الشرقية الأخرى أيضا)، وهي العقدة التي تكرّسها قنوات الإعلام العربية وعلى الأخص قناة الجزيرة. وهذه العقدة عويصة و متداخلة. فمن جهة يقتصر تعويض المصاب بالوباء على التشبّه المظهري بالغربي. ومن جهة ثانية، فإن ما يربط المصاب بأصله وذاته يختلف عما يملكه الغربي، أي أن الإنسان العربي يعي أن الفواصل بينه و بين الإنسان الغربي كبيرة و شاسعة، لذلك يهيم على وجهه ليجرّ معشوقه الغربي إلى نفسه وثقافته ليسمو به. فإذن محاولة رفع الصحن الذهبي أمام الغربي، لوضع قلادة الهوية الدينية للعربي حول رقبته، تأتي لتبديد ما يثير القلق الذي يبرز الفواصل والشروخ بين السيد الغربي و العبد الشرقي. والعبد الشرقي يقوم بهذا التعبد في طقوس الإعجاب و الإنبهار بسيده، ويتباهى برفع الصحن الذهبي أمامه، والأمثلة كثيرة، واحدٌ منها هو ما بدا في إبراز المغنية الأمريكية و غنائها العربي و إسلامها وما إلى ذلك. وغير هذا المشهد المخجل، على درب اللحاق بالغرب، ليس هناك مشروع قائم أو خطة لخلق ميدان حيوي للعرب، من أجل الدخول في حلبة المنافسة العالمية.، كأن يقوم العربي بإتخاذ التدابير و الخطط التي توصله مصاف الغربيين، على مستويات أخرى، غير مستوى الجمال الأنثوي، الآخذ بذكور الشرق و إناثه. فنساء الشرق، ومنهم نساء قناة الجزيرة، يتعبّدن للغربيات بتنحيف أردافهن وخصورهن وإبراز صدورهن و لواحق أخرى، في تحويل أطراف من البدن إلى ما يشبه الغربي، أو تحقيقا لمقاس الغربي و وصفه للجمال. أما هامات أحلام الذكور الشرقيين، فتنجرّ فوق الأرض وِجداً، وهم يتلمظون ليل نهار مفاتن الغربيات أو مقلِداتهنّ من الشرقيات. ولولا ذلك، لكان لزاما إتخاذ طرق أخرى غير هذا، للتنافس مع الغربي، بل والتفوق عليه، بدل اختزال هذه الرحلة الطويلة و المتعبة في استنساخ المظهر و التشبه الصوري به. والجميع يعلم أن للعرب أموالا كثيرة وهم أغنى من جميع أمم الأرض من حيث الواردات و الأموال وما إلى ذلك. ولكن الطرق والتدابير الأخرى نحو الإرتقاء و السيادة، تستدعي عقلا كبيرا و إمكانيات علمية عميقة و واسعة، وهو ما تفتقد إليه المؤسسات و الشبكات و القنوات العربية. التطبيع الإماراتي مع إسرائيل بين العقلانية و التطبيل الجنوني بإسم القضية الفلسطينية %D9%82%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D9%87-300x280
الإعجاب بالغرب و تقليده عند العرب لا يتجاوز المستوى الظاهري لكينونة الذوات و الأشياء. منذ عامين، طرحت على هذه القنوات إجراء مقابلات علمية مع مجموعة علماء غربيين، طُردوا من الجامعات و المؤسسات العلمية و الأكاديمية بسبب آرائهم المخالفة للتيار السائد في الغرب. وبدأتُ أول ما بدأت بإقتراح عالم ألماني مرموق، طُرد من عمله و أجبر على ترك الجامعة، فقط لأنه وقف ضد الداروينية الحديثة، التي هي رافد من الروافد الفكرية التي تزود النظام العالمي الجائر بالرؤى والنظريات التي يعاني عقابيلها شعوب العالم، ومنها الشعب العربي. لكن لم تستجب قناة واحدة من هذه القنوات لهذا الطرح الذي يفيد الإنسان العربي، أكثر من تضييع الوقت أمام مغنية أمريكية مغمورة، تريد أن تجد ضالتها الفنية بين العرب. والأكثر من هذا، قمت من جانبي بتسجيل لقاء علمي مع هذا العالم الألماني لمدة ساعة، وقام مفكر و أكاديمي عربي في بريطانيا مشكوراً بعرضه على قناة إعلامية خليجية، لعرضه على المشاهدين، لكنه بدا يائسا بعد عدة أشهر من المحاولة واختصرها بالقول “الوصول إلى مركز القرار في هذه القناة بات أمراً صعبا جدا”! لكن وصول المتسكع الغربي إلى أعلى سدة في هذه المؤسسات العربية، هو أسهل من شربة ماء، بل القنوات العربية تركض ورائه. على أن هذا المفكر و الأكاديمي كان قد طرح مشروعا مهما، قدمه إلى دولة خليجية، لكنه لم يتلق أي جواب منها. والغريب، أن الغربي الذي لا يقدم شيئا لهذه الدول العربية غير تحليبها و نهبها، وليس لديه أي إخلاص نحوها، يتصرف داخل شعوب الخليج وبين حكامه كسيدٍ ذو أبهة وسلطان وآمر ذو إباء و عنفوان. وهذا ما أدى إلى أن تكون ثقافة هذا السيد الأجنبي أكثر بروزا و مكانة داخل الدول العربية، و على الخصوص دول الخليج. في العام الماضي مررت بدولة خليجية، و استوقفتني عبارة تنبيه للركاب على الباصات في المطار. هذه العبارة مكتوبة بخط كبير و واضح باللغة الإنجليزية، وتحتها باللغة العربية. أخذت صورة بالكاميرا و هي مرفقة مع هذا المقال. والغريب، أن قناة فضائية تطبل كثيرا لقضايا العرب، لم تلتفت إلى هذه الجزئية البسيطة (وضع لغة الأجنبي السيد فوق لغة البلد) التي تختزل في ثناياها سقوطا جماعيا في مهاوي عقدة النقص أمام السيد الأجنبي (يُرجى ملاحظة الصورة المرفقة بالمقال). هذا السياق المخجل أجبر المبدعة الراحلة زها حديد أن تصرح أن مشاريعها لقيت الفشل عند العرب لأنها ليست أجنبية، و العرب يحترمون الأجانب (الرجاء مشاهدة الفيديو في أسفل هذا المقال).
قبل أعوام كانت ممثلة أمريكية (ليندسي لوهان) تعاني الإفلاس و مشكلات تتعلق بالمخدرات و الغرامات القانونية و الأزمات المالية، فتظاهرت أنها تهتم بقراءة القرآن. و تم استقبالها من قبل الرئيس التركي أردوغان و من قبل أمراء وحكام خليجيين. نبّهتُ في حينها في عدة مواقع، أن هذه المرأة لم تدخل الإسلام وهي تعاني أزمات ومشاكل قانونية ومالية، ولكن دون جدوى. لم تمض برهة من الوقت حتى أصبحت نجمة القنوات العربية، ومنها الجزيرة، التي قامت تنشر حتى برقية تهنئتها بمناسبة شهر رمضان. وبفضل نجوميتها بين العرب، تخلصت لوهان من مشاكلها المالية، وباتت تتحدث عن تصميم وشراء جزيرة في الخليج.
إن هذه العقلية الإحتفالية و الميّالة إلى الصخب والإثارة في هذه المؤسسات الإعلامية، مثلا الجزيرة، فضلا عن كونها تساهم في رسم سياسات خاطئة في الدول التي تعمل فيها، فإنها تعوض عقدة النقص الملازمة لها على مستوى الهوية و الثقافة بإبراز قضايا معينة (مثلا القضية الفلسطينية) بصخب شديد على طريقة الأفلام الهندية، مع العلم أن الأمة العربية مجتمعة لو قامت قيامة رجل واحد لما استطاعت أن تغير شنب القضية الفلسطينية، مع أن قيامتهم كرجل واحد مازال بعيدا بالقياس إلى عودة المسيح إلى الأرض. هذه العقلية ساهمت في تدمير المنطقة بشكل كبير، ورأينا حجم الدمار في ليبيا حيث تحول الثوار (وأكثرهم كانوا من الإسلاميين) إلى مطايا و مرتزقة لقوات التحالف الغربية التي دمّرت ليبيا، وأهانت زعيمها بشكل مهين ومخجل للعرب والمسلمين، في سابقة غير معهودة. كما أن البث الإعلامي تجاه الدول الخليجية، منذ حصار قطر، يعكس مستوى ضحلاً لا ينتج إلا أزمة جديدة للخروج من القديمة، وطرح المزيد من التفاقم كحل أمثل للهروب نحو الأمام. وهذا الواقع النفسي الهابط يفسر لنا، لماذا لا يحظى مقترح مشروع مفكر و أكاديمي عربي مرموق يقيم في بريطانيا بأي إهتمام عند هذه القناة و الدولة التي تبث منها، علما أنه سلّم المقترح بنفسه إلى سكرتير أمير البلاد. لكن المتسكعين و المتسكعات في الغرب، كلما خبا نجمهم و سقطوا في مهاوي الإفلاس والفشل، فمقعد سيادتهم محجوز و متوفر في أي وقت، في دول النفط و القنوات الفضائية ذات المؤثر الصوتي الكبير والصخب الإعلامي المثير الذي يعكس عقدة نقصها المزمنة والمخجلة.
إستياء المبدعة الراحلة زها حديد من العرب:



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
التطبيع الإماراتي مع إسرائيل بين العقلانية و التطبيل الجنوني بإسم القضية الفلسطينية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» التطبيع الإماراتي مع النظام السوري: خلفياته وأهدافه
» هدف سعودي من التطبيع مع إسرائيل
» الكنائس الخمسينية بأفريقيا.. نافذة التطبيع السياسي والديني مع إسرائيل
» القضية الفلسطينية
» القضية الفلسطينية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث متنوعه-
انتقل الى: