منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

  دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض Empty
مُساهمةموضوع: دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض    دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض Emptyالجمعة 4 مارس 2022 - 21:54

 دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض 72b2ac1a-4ce7-461c-bbcc-be08ae289717



دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض        

مع نهاية صيف عام 1980، قرر الرئيس العراقي الجديد أن يفجر أولى مفاجآته في وجه العالم بعد أن قام بمهاجمة إيران. بالنسبة إلى الرياض، التي كان دوي الحرب يتردد في أجوائها، عنى ذلك أن عليها استشراف مستقبلها عبر استطلاع ما يمكن أن يدور في خلد "صدام حسين"، والطريقة الوحيدة لذلك هي الحصول على نظام "أواكس" الجديد للمراقبة والإنذار، الذي طورته الولايات المتحدة وقتها. 
 
اكتسب هذا النظام الأسطوري سمعته من وجود صحن راصد ضخم يُحمل فوق طائرة من طراز بوينغ 707، وبإمكانه تحديد موقع 240 طائرة معادية في نفس اللحظة، ومن ثم توجيه المقاتلات الجوية لاعتراضها، بما يمنح مستخدمه أفضلية 20 دقيقة كاملة على العدو، وهو فارق زمني حاسم إلى أقصى درجة في المعارك الجوية. بعد بضعة أشهر من مغامرة صدام، وتحديدًا في (يونيو/حزيران) 1981، كانت الطائرات الإسرائيلية تعبر مئات الأميال مستفيدة من النظام ذاته لتدمير المفاعل النووي العراقي قرب بغداد، ضمن إطار ما عرف باسم العملية أوبرا. وقد زاد ذلك من إصرار السعوديين للحصول على أواكس، ولكن بقيت هناك عقبة رئيسية أمام الرياض، ألا وهي اعتراض إسرائيل نفسها.
 
كانت إسرائيل ترى أن طائرات التجسس الأميركية المتطورة من شأنها أن تمنح عدوًا محتملًا أفضلية خطيرة(1). لذا فإن اللوبي الصهيوني الأكثر نفوذًا في كابيتول هيل قرر أن يُسخر كل إمكاناته من أجل معارضة الصفقة، بيد أن شابًا سعوديًا كان قد دلف إلى واشنطن للتو قبل ثلاث سنوات، ولم يكن يحمل بعد أي منصب رسمي، كان له رأي آخر. فعلى صغر سنه الملحوظ، كان الشاب بندر بن سلطان يعرف جيدًا كيف تدار الأمور في واشنطن، لذا فإنه لم يكن لديه أي مشكلة في قبول إرسال 10 ملايين دولار لحساب في بنك ولاية لويزيانا مقابل الحصول على صوت راسل بي لونغ، عضو مجلس الشيوخ عن الولاية. لم يتطلب الأمر أكثر من اتصال هاتفي لتحويل المبلغ من نيويورك حيث بنك تشايس مانهاتن الذي يرأسه ديفيد روكفلر، الرجل الذي اعتاد على خدمة عملائه الأثرياء عبر شراء أصوات أعضاء مجلس الشيوخ، ولكن وعود روكفلر للسعوديين بدا أنها ستذهب أدرج الرياح بفعل الضغط الإسرائيلي
 
كانت تحركات الشاب بندر سريعة وحاسمة. وبفضل علاقته مع ولي العهد السعودي آنذاك الأمير فهد بن عبد العزيز، قام بندر مباشرة بتحريك مبلغ 200 مليون دولار من تشايس مانهاتن إلى منافسه الأميركي الأكبر جي بي مورغان، تحرك كان كفيلًا أن يتلقى بندر بن سلطان اتصالًا صبيحة اليوم التالي يخبره أن ديفيد روكفلر شخصيًا ينتظره في بهو الفندق، بعد عدد من كبير من الاتصالات المباشرة من روكفلر نفسه، والتي قرر الأمير السعودي ببساطة أن يتجاهلها.
 
ولفهم ما الذي يعنيه تحرك ديفيد روكفلر بهذه السرعة المذعورة، ربما ينبغي علينا أن نشير إلى اعتياد الأميركيين التندر بالقول إن رئيس الولايات المتحدة هو ثاني أهم المناصب أهمية في البلاد بعد روكفلر، الذي وقف وقتها محاولًا استرضاء أمير سعودي في الثلاثينيات من عمره، مؤكدًا له أنه سوف يبقى في واشنطن حتى يجمع له الأصوات التي يحتاجها. وكان روكفلر قادرًا على فعلها كما يعلم الجميع، وفي غضون ثلاثة أيام فقط كان روكفلر قد نجح في تأمين الأصوات اللازمة لتمرير الصفقة السعودية وصوتين إضافيين. وباتصال آخر من بندر بن سلطان، كانت الأموال السعودية تستقر من جديد في قلب مانهاتن.
 
 دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض 9e697e45-b0f0-4e0e-9cc2-05b51f0b3383 الأمير بندر بن سلطان سفير المملكة لدى الولايات المتحدة منذ 1983 حتى عام 2005
 
يحب بندر بن سلطان، أو "بندر بوش" كما أطلق عليه الأميركيون فيما بعد إشارة إلى علاقته القوية مع عائلة بوش، تشبيه العلاقات السعودية الأميركية بـ "الزواج الكاثوليكي"، في إشارة إلى استقرارها وأبديتها، مستحضرًا في ذهنه أحداث أكثر من عقدين، لعب فيهما دور المهندس لتحالف تاريخي يعرفه الجميع اليوم بالزواج، وهو زواج مريب لم يكن عبد العزيز بن سعود يتخيل في أبعد أحلامه أنه سوف ينشأ يومًا، بمباركته شخصيًا، بين بلاده "المؤمنة" التي صنعها على نصل السيف، وبين "الكافرين الأجانب" كما كانوا يطلقون عليهم في شبه الجزيرة، والذين ساعدوه في إخماد التمرد ضد دولته السعودية الوليدة. كان ابن سعود يظن أنه سيكون قادرًا على وضع حد لتلك الفوضى بمجرد أن يستتب الأمر له، لكنه وجد نفسه مضطرًا مجددًا إلى دعوة حلفائه "الكافرين" إلى بلاده الناشئة التي كانت تتلمس خطواتها للتو في جزيرة العرب مطلع الثلاثينيات.
 
الصفقة الكبرى
لو كان الأمر بيده، لم يكن ابن سعود ليسمح "للكافرين الأجانب" بالاستكشاف والبحث في أراضيه، وهو الذي لم يشعر بأي رضا تجاه شيوخ الخليج من حوله، والذين قاموا ببيع ثرواتهم المعدنية إلى هؤلاء الأجانب بأبخس الأثمان. ولكن عبد العزيز بن سعود يشعر اليوم مجددًا بالحاجة الماسة إلى المال، فالكساد العالمي الثلاثيني أدى إلى انخفاض عدد الحجاج إلى أقل من الخمس تقريبًا، ففي مقابل 100 ألف حاج وصلوا إلى المملكة عام 1931، انخفض العدد إلى 20 ألف حاج(2) في عام 1934، ولم يعد ابن سعود قادرًا على إرضاء شيوخ القبائل كما كانت عادته، لدرجة أنه اضطر إلى قصر زيارتهم على أوقات العيدين فقط، كما أنه اكتشف للتو أنه لم يكن قادرًا أيضًا على دفع التزامات موظفي دولته الوليدة، مع تراكم لحصيلة ديون زادت على 300 ألف جنيه إسترليني تكبد معظمها في كبح تمرد الإخوان.
 
ومع تراكم هذه الضغوط، وجد عبد العزيز بن سعود نفسه في ربيع عام 1933 مضطرًا للترحيب بممثلي شركة ساندارد أويل أوف كاليفورنيا النفطية، المعروفة اختصارًا بـ "سوكال"، في جدة من أجل مفاوضات استمرت أسبوعًا، وافق ابن سعود في نهايتها على منح الشركة الأميركية امتياز التنقيب على حساب شركة "نفط العراق" المملوكة لبريطانيا، بعد أن وافقت هي بالمقابل على منحه 35 ألفًا من الجنيهات الإنجليزية الذهبية، تم شحنها في خزانة خشبية إلى جدة، حيث وضعت في مكان آمن تحت فراش وزير المالية عبد الله السليمان.
 
كان ابن سعود "المتدين" مضطرًا إلى إقناع نفسه أن الأميركيين يمثلون الوجه الطيب للغرب، وأنهم كانوا في كل الأحوال يسعون فقط خلف المال والتجارة، على العكس من البريطانيين الذين كان ابن سعود يظن أن محركهم الرئيسي هو الاستعمار، وأنهم متى جاءوا إلى بلاده فسوف يتحكمون في حكومته كما أسر آنذاك إلى مترجمه الشخصي محمد المانع(3)، الذي يذكر تلك السعادة التي عمت البلاط الملكي بعد أن فازت الشركة الأميركية بحقوق التنقيب، على حساب الشركات البريطانية. وعلى الرغم من تلك السعادة، فقد كان على الجميع أن ينتظروا ثلاث سنوات عصيبة قبل أن تظهر أي إشارة على أن الاستثمار الذي وضعته "سوكال" سوف يحقق أي ربح في المستقبل.
 
بدأت أعمال الحفر في الدمام فعليًا عام 1935، ولكن إمكانية إنتاج النفط بكميات تجارية لم تصبح مؤكدة قبل عام 1938، وكان قيام الحرب العالمية الثانية بعد عدة سنوات إيذانًا بدخول العالم عصر النفط. ومع مطلع العام 1945، بدا من الواضح أن ألمانيا قد خسرت الحرب، وأن الولايات المتحدة هي القوة الوحيدة التي خرجت منها رابحة ومتعطشة لخطط تعزيز نفوذها في العالم الجديد. في ذلك التوقيت، كان إنتاج النفط السعودي قد ارتفع إلى 21.3 مليون برميل سنويًا مقارنة بـ 500 ألف برميل فقط عام 1938، ما لفت انتباه الرئيس الأميركي فرانكلين ديلانو روزفلت الذي كان قد قرر أن تحل دولته محل بريطانيا بشكل كامل في الشرق الأوسط، بما يعني أن ابن سعود على موعد مع لقاء سيرسم مستقبل بلاده لعقود قادمة.
 
 دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض Ab7cc42a-b82a-4661-aeb6-6c95cff28d29الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت مع الملك عبد العزيز بن سعود، على متن السفينة البحرية الأميركية البحرية في 14 فبراير 1945 (مواقع التواصل)
 
لم يكن ابن سعود قد غادر الجزيرة العربية في أي وقت حتى ذلك التوقيت. وللمفارقة فإن رحلته الأولى ستكون على متن شيء لم يعرفه ابن سعود في أحلامه: يو إس أي ميرفي، إحدى المدمرات البحرية وقتها المملوكة لأصدقائه الأميركيين من "الكفار الطيبين"، والتي حملته من جدة إلى البحيرات المرة في مصر ليصعد على متن مدمرة أكبر تدعى يو إس إس كوينسي حيث سيلتقي الرئيس الأميركي. كان لقاء روزفلت وابن سعود إيذانًا بانتقال العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة من حقبة التجارة إلى مرحلة السياسة، وهو اللقاء الذي يعتبره الكثيرون بداية للعقد السياسي التاريخي بين الأميركيين والسعوديين، والذي تمنح بموجبه السعودية النفط إلى الأميركيين في الوقت الذي يلتزم فيه الأميركيون تجاه أمن وبقاء حلفائهم السعوديين. بيد أن أصدقاء ابن سعود الطيبين لم يكونوا على ذلك القدر من الطيبة التي اعتقدها، أو ربما كان عليه أن يصدق رجال الدين السعوديين الذين أخبروه وقتها أن ملة الكفر واحدة على أي حال. فوجئ ابن سعود أن روزفلت يطلب منه مساعدته في إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، وأصبح واضحًا دون لبس بالنسبة لحاكم الجزيرة أن الأميركيين كانوا يوافقون على المشروع البريطاني بتوطين اليهود في فلسطين، ولم يكن بمقدور ابن سعود، الذي وقف حينها راعيًا لأكثر بقاع المسلمين قدسية، تقبل هذا الأمر بحال، ولم يعد بإمكانه أيضًا التراجع عن علاقته مع أصدقائه الكفار، لذا فقد اتفق الطرفان على تجاوز الأمر، مع وعد شفهي من روزفلت أنه لن يقوم بمناصرة اليهود على حساب العرب.
 
بيد أن القدر لم يمهل السعوديين الوقت لاختبار نوايا روزفلت، فمات بعد شهرين ليحل محله هاري ترومان، الذي لم يكن يحمل أي التزام تجاه وعود سلفه، وقام على الفور بدعم قيام "دولة إسرائيل" في الأمم المتحدة عام 1948. ومرة أخرى لم يكن لدى ابن سعود أي خيار سوي التجاهل، حتى عندما حثه زعماء عرب آخرين مثل الرئيس السوري على سحب امتيازات التنقيب عن النفط مع شركة أرامكو لأن ترومان اعترف بإسرائيل(4)، رفض الملك حينها محتجًا أنه يتحمل مسؤولية بلد شاسع لا يملك بنية تحتية ولا خدمات عامة ولا طرق يسلكها الناس، وأن النفط هو السبيل الوحيد الذي يملكه للتطوير، لذا فإنه بحاجة اليوم إلى الأميركيين.
 
بحلول ذلك التوقيت، كانت الولايات المتحدة تمتلك بالفعل قنصلية وقاعدة جوية في الظهران، مثلتا أساسًا لعلاقات تامة كما كان روزفلت وابن سعود يخططان، ولم يكن بالإمكان التراجع عن تلك العلاقة بحال، حتى حينما وضع نيكسون ثقل واشنطن كاملًا خلف إسرائيل في حرب عام 1973، كان الملك السعودي آنذاك فيصل بحاجة إلى اتخاذ موقف لإثبات "رعايته للعالم الإسلامي" عبر قطع النفط عن الأميركيين، وهو إجراء تسبب في شل الحياة كاملة في الولايات المتحدة، إلا أنه على الجانب الآخر، في ذات الوقت الذي كان فيصل يتفاوض فيه مع وزير الخارجية الأميركي هنري كسينجر بشأن النفط والحرب، كانت البعثات الأميركية تواصل مهام تدريب الجيش السعودي والحرس الوطني، وكانت أموال النفط السعودي تواصل التدفق بغزارة على نوادي السفاري لضمان رعاية المصالح الأميركية في أفريقيا وأميركا الجنوبية.
 
أرامكو
"بدأت العلاقات السعودية الأميركية بين ملك يفكر كشركة نفط وبين شركة نفط تفكر كملك"
(ريتشارد سانغر، مؤلف كتاب "تخوم عربية")
 
تبدأ حركة التاريخ في مدن الملح مع قدوم الأميركيين إلى موران وواحتها وادي العيون، حيث يقوم مستكشفو النفط بتدمير الواحة الخصبة وإجبار الأهالي على ترك منازلهم، وبناء نمط اجتماعي جديد يحكمه منطق السادة والعبيد لعمال النفط، كما صورها عبد الرحمن منيف في الجزء الأول من خماسيته الروائية المحظورة، التي تحمل عنوان "مدن الملح".
 
 دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض Ab6abd56-32ef-4981-af19-8b095e6790d1 في عام 1946 كانت الدوريات النفطية الأميركية تتحدث لأول مرة عن أرض تدعى السعودية العربية، حيث تم تثبيت جزء من الدولة الأميركية على بعد آلاف الأميال بين الصخور والرمال في قلب صحاري العرب  (أرامكو)
 
تصعب تحديد الخطوط الفاصلة بين الحقيقة والخيال في مدن منيع الملحية، ففيما يبدو لنا تتجاوز الفروق بين موران والظهران ذلك النغم الموسيقي الذي يجمع اسميهما، فلا تشبه حياة المقيمين في مجمع أرامكو في الظهران على الساحل الشرقي للمملكة العربية السعودية اليوم حياة سائر المواطنين السعوديين، فبخلاف أشجار النخيل والمروج الخضراء التي يتم استيرادها من الغرب منذ الأربعينات، يشيع نمط مختلف تمامًا، حيث تستطيع المرأة داخل المجمع قيادة السيارة بل والدراجة أيضًا بحرية تامة(5)، وهو الأمر المُحرم بالكلية خارج المجمع في أي بقعة سعودية، وتجد المطاعم المختلطة والمحلات التجارية المفتوحة على مدار الساعة دون أن تغلق وقت الصلاة، في حين تكتب اللافتات الإرشادية باللغتين العربية والإنجليزية معًا.
 
لم يولد هذا "الغيتو النفطي" المتحرر في قلب المملكة المحافظة من فراغ. فمنذ اللحظة الأولى لظهورها، لم تكن أرامكو شركة الزيت العربية الأميركية التي تأسست مطلع الثلاثينيات بشراكة بين السعوديين وسوكال(6) -قبل أن تنضم إلى الشراكة ثلاث شركات نفطية أميركية أخرى هي تكساكو وإكسون وموبيل- تحت اسم كاسوك الذي تغير لاحقًا إلى أرامكو، بالنسبة إلى الأميركيين مجرد شركة نفط عادية بقدر ما كانت علامة خاصة على التواجد الأميركي الجديد والدائم في جزيرة العرب. منحت اتفاقية عام 1933 أرامكو حق امتياز لمدة 60 عامًا للتنقيب وإدارة وتسويق النفط والغاز الطبيعي والمعادن على مساحة 360 ألف ميل مربع(7)، أي نصف مساحة المملكة تقريبًا، وهي مساحة تضم كامل النصف الشرقي من البلاد والربع الخالي، قبل أن يتم تمديد فترة الامتياز في اتفاقية مكملة عام 1939 لمدّة غير محددة، ووسّعت لتشمل كامل الأراضي السعودية باستثناء الحجاز، في مقابل حصول السعودية على نسبة سنوية من الأرباح بدأت بـ 15% لتصل تدريجيًا إلى 50% في بداية السبعينات.
 
منذ سنواتها الأولى، كانت أرامكو حريصة على كتابة نسختها الخاصة من التاريخ. في عام 1946، كانت الدوريات النفطية الأميركية تتحدث لأول مرة عن أرض تدعى السعودية العربية، حيث تم تثبيت جزء من الدولة الأميركية على بعد آلاف الأميال بين الصخور والرمال في قلب صحاري العرب(Cool. وفي عام 1947، وبينما كان الملك عبد العزيز بن سعود يقوم بزيارته الثانية إلى المستعمرة الأميركية التي أسستها شركات النفط في بلاده في الظهران، مستقلًا طائرة خاصة أهداها له الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت في زيارة كوينسي الشهيرة، كان ولي عهده وابنه سعود يترجل من قطار محطة بنسلفانيا على بعد 6 آلاف ميل من الظهران، حيث كانت أرامكو قد تكفلت بزيارة ولي العهد الأولى إلى الولايات المتحدة، بما في ذلك مأدبة غداء ضخمة لـ75 شخصًا في فندق وولدورف أستوريا، تم تخليدها بقائمة طعام مكونة من عشرين صفحة ذات غلاف مصنوع من جلد عجل أبيض، منقوش عليه بالعربية والإنجليزية "أول ظهور للسعودية على مسرح العالم الغربي".
 
خلال الزيارة كان سعود مضطرًا لمشاهدة فيلم وثائقي كان يعرض للأميركيين تزامنًا معها، يصور الخلاص الذي يقدمه الأميركيون للعرب المتخلفين والمهمشين على بعد آلاف الأميال في الجزيرة. ورغم أن سعود لم يكن سعيدًا بذلك الفيلم الذي يصور الأميركيين كرسل الخلاص إلى بلاده، إلا أن ولي العهد السعودي ورث على ما يبدو عن والده صنعة تجاهل ما لا يعجبه، واكتفى الأميركيون من جانبهم بوقف عرض الفيلم أثناء زيارة ولي العهد منعًا لإثارته. إلا أن ذلك لم يؤثر بحال على تدفق "الكفار" على بلاده، ففي مطلع الخمسينيات كان عدد العاملين في أرامكو يتخطى 20 ألفًا من بينهم 4000 أميركي، إضافة إلى 13 ألف سعودي، وثلاثة آلاف من العرب والأفارقة.
  

 
ولكن في الوقت الذي كانت أرامكو تقدم فيه كأرض الأحلام الجديدة للأميركيين في جزيرة العرب، كان الوضع ملتبسًا بشدة بالنسبة إلى السعوديين الذين تحولت أرامكو لعراب دولتهم الجديدة. فرغم استحداث ابن سعود لبعض الوزارات في دولته، كانت أرامكو فعليًا هي التي تقوم بكل شيء، بداية من تشييد البنية التحتية للبلاد لتيسير استخراج وتصدير النفط، وصولًا إلى إنشاء الموانئ والمطارات والمدارس والمستشفيات والسكك الحديدية وغيرها من المشاريع الشعبية التي تم إنشاؤها لزيادة شعبية "العائلة المالكة"، وتثبيت دعائم حكمها، وترسيخ التحالف النفطي الذي قامت عليه البلاد منذ مطلع الثلاثينيات.
 
طوال تلك الفترة وحتى مطلع الخمسينيات تقريبًا، لم يكن هناك أي احتكاك يذكر بين الموظفين السعوديين في الشركة وبين مدراءها الأميركيين وعائلاتهم، الذين كانوا منعزلين داخل ما يعرف بـ "الكامب الأميركي" في الظهران الذي تم تشييده خصيصًا لإقامتهم، وهو نظام فصل اجتماعي عرقي محاط بأسلاك شائكة، يعيش وراءها العمال السعوديون والعرب في ظروف متدنية داخل ما صار يعرف باسم "الكامب السعودي"، نظام أطلق عليه روبرت فيتاليس اسم "غيتو الحي الأميركي"، كما ورد في كتابه الشهير "صناعة الأساطير على تخوم النفط السعودي".
 
خلف أسلاك "الكامب الأميركي" ولدت صناعة النفط نوعًا من المعارضة السياسية لم يعرفه السعوديون من قبل في تاريخهم القصير(9). نوع من الوعي تولد عبر مزيج من التفاوت الاجتماعي ومن الاختلاط بين السعوديين وإخوانهم من العرب من فلسطين وسوريا ومصر ولبنان وغيرها، في فترة تاريخية حساسة تزامنت مع الاجتياح اليهودي لفلسطين. فبدأت إضرابات بسيطة متتالية أواخر الأربعينيات، ثم اشتدت في الخمسينيات مطالبة بتحسين ظروف العمل وزيادة الأجور والمساواة مع الأجانب، مع استجابة هزيلة من قبل إدارة الشركة التي غالبًا ما كانت تحظى بدعم كامل من العائلة السعودية المالكة. لم تكن أرامكو إذن فقط مسؤولة عن ظهور الجيل الجديد من التكنوقراط المتغربين وأبناء المحظيين من السعوديين، الذين سُمح لهم بترقي درجات في سلم الأحلام قبل تأميم الشركة منتصف السبعينيات، ولكنها كانت قبل ذلك مسؤولة عن ظهور جيل سابق من القادة العماليين والمعارضين السياسيين والمنشقين والمنفيين وحتى الأدباء المعارضين، الذين ظل تأثيرهم في مجتمع قبلي في المقام الأول محصورًا حول أسلاك "الكامب الأميركي" حتى منتصف السبعينيات، حين قرر السعوديون شراء حصص الشركاء الأميركيين في أرامكو متأثرين بأجواء الحرب العربية الإسرائيلية، وبموجة التأميم الوطني التي اجتاحت الشرق الأوسط، بما يعني أنه أصبح على السعوديين والأميركيين أن يبحثوا معًا من جديد عن صيغة جديدة لإعادة تعريف علاقة زواجهم الخاصة.


عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الجمعة 4 مارس 2022 - 22:18 عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض Empty
مُساهمةموضوع: رد: دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض    دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض Emptyالجمعة 4 مارس 2022 - 21:58

البترودولار
كان ضوء الفجر قد شق السماء الملبدة بالغيوم في (يوليو/تموز) عام 1974، عندما صعد وليام سايمون وزير الخزانة الأميركي المعين حديثًا، ونائبه غيري بارسكي، على متن الرحلة المنطلقة من قاعدة أندروز الجوية. لم تكن الأمور تسير على نحو جيد في واشنطن آنذاك، حيث تضاعفت أسعار النفط أربع مرات خالقة تضخمًا غير مسبوق في الولايات المتحدة، بعد الحظر الذي فرضته دول أوبك العربية ردًا على المساعدات العسكرية الأميركية للإسرائيليين خلال حرب (أكتوبر/تشرين الأول) 1973.
 
على المستوى الرسمي، لم تكن رحلة سايمون سوى إحدى الجولات المكوكية للدبلوماسية الاقتصادية في أوروبا والشرق الأوسط. ولكن مهمته الحقيقية، التي كانت معروفة فقط للدائرة المقربة من الرئيس ريتشارد نيكسون، كانت التوقف بضعة أيام في مدينة جدة الساحلية في السعودية، والهدف كان بوضوح تحييد النفط الخام كسلاح اقتصادي، وإقناع السعوديين بقبول صفقة تاريخية جديدة مع واشنطن.
 
 دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض 4e339a9c-e2c8-455d-a2e5-dbb2a6033247الملك فيصل مع الرئيس الأميركي نيكسون عام 1971 (مواقع التواصل)
 
وفقًا لـبلومبيرغ، لم يكن الفشل يومها يعني مجرد تهديد السلامة المالية للولايات المتحدة فحسب(10)، ولكنه كان يعني أيضًا المزيد من النفوذ السوفيتي في العالم العربي. وقد كان سايمون بحكم وظيفته يعي أكثر من أي شخص آخر ما يعنيه اتساع الدَين الحكومي الأميركي، وكيف يمكن أن يبيع خطة نيسكون الجديدة للسعودية، الخطة التي تنص على أن الولايات المتحدة المكان الأفضل لاستثمار عائدات السعودية النفطية المتنامية من البترودولارات، موظفًا ذعر فيصل من السوفييت وحلفائهم القوميين بالقدر الذي يستلزمه تأمين موافقته على الصفقة الجديدة. وكان الإطار الأساسي بسيطًا بشكل لافت للنظر، وشديد الشبه للغاية بصفقة كوينسي التاريخية: سوف تقوم الولايات المتحدة بشراء النفط من السعوديين وتلبية الاحتياجات العسكرية للمملكة، وفي المقابل فإن السعوديين سوف يستثمرون ثروات البترودولار مرة أخرى في سندات الخزانة الأميركية من أجل تمويل الإنفاق الأميركي.
 
استغرق الأمر شهورًا من المفاوضات من أجل الاتفاق حول التفاصيل، وأعقدها إصرار الملك فيصل على أن تكون قيمة مشتريات السعودية من سندات الخزانة الأميركية سرية تمامًا، حيث كان الملك السعودي متخوفًا من تصور أن أموال النفط السعودي يمكن أن تتحول بشكل مباشر أو غير مباشر إلى مساعدات أميركية إلى إسرائيل مما يتسبب في إحراج المملكة. وقد حل مسؤولو وزارة الخزانة هذه المعضلة للسعوديين، ونجحوا في إخفاء أي وجود للمملكة العربية السعودية في سوق السندات الحكومية الأميركية. وبحلول عام 1977، كانت السعودية قد اشترت نحو 20% من جميع سندات الخزانة الأميركية المباعة للأجانب.
 
بخلاف مخاوف فيصل حول السرية، لم يكن الأمر مدعاة للكثير من القلق بالنسبة لأي من الطرفين؛ فمنذ اللحظة الأولى كان إنفاق الكثير من المال جزءًا ضمنيًا من العلاقات الأميركية السعودية: الولايات المتحدة توفر الأمن وفي المقابل يشتري السعوديون الأسلحة الأميركية، وخدمات البناء، وأنظمة الاتصالات، وكل شيء من الشركات الأميركية التي يشرف عليها في النهاية مسؤولون أميركيون سابقون، أو مقربون من دوائر صناعة القرار في واشنطن. كان الأمر أشبه بعملية "إعادة تدوير" مثالية للغاية تراكمت على مدار عقود، وتسببت في زيادة التجارة الثنائية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة من 56.2 مليون دولار في عام 1950 إلى 19.3 مليار دولار في عام 2000، وصولًا إلى 38 مليار دولار(11) في عام 2016.
 
"
ضمنت الديون السيادية للسعودية لدى الحكومة الأميركية، والتي قدرتها مجلة ذي أتلانتيك بقرابة تريليون دولار، عام 2004 عمل علاقة الزواج بشكل جيد بمعزل عن التدخل الأميركي المعتاد في الشؤون الداخلية للدول، وأعطتها درجة ملحوظة من النفوذ في واشنطن
"
لنأخذ مثالًا بمجموعة كارلايل، وهي شركة استثمارية خاصة، تأسست في عام 1987، وقامت منذ تأسيسها بإجراء أعمال مربحة للغاية مع المملكة العربية السعودية لا تزال مستمرة إلى الآن(12). في الفترة من 1993 إلى 2002 كان رئيس كارلايل هو فرانك كارلوتشي، مستشار الأمن القومي لـرونالد ريغان، ثم وزير الدفاع في إدارته، بينما كان كبير مستشاري المجموعة هو جيمس بيكر، الذي شغل منصب وزير الخارجية تحت إدارة جورج بوش الأب. ومن بين الأشخاص الآخرين الذين علقوا معاطفهم في كارلايل حتى وقت قريب يبرز اسم آرثر ليفيت، رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات في إدارة بيل كلينتون، وجون ميجور، رئيس الوزراء السابق لبريطانيا العظمى والرئيس السابق لـ فرع كارلايل في أوروبا، وغيرهم من كبار المسؤولين الأميركيين والغربيين الذين عملوا كواجهات لشركات اقتصادية مارست أنشطة كبيرة الحجم مع المملكة العربية السعودية.
 
هناك أيضًا شركة هاليبرتون التي كانت خاضعة لإدارة ديك تشيني(13)، وزير دفاع جورج دبليو بوش ثم نائب الرئيس في ولايته الثانية. واستفادت هاليبرتون بشكل متكرر هي الأخرى من المال السعودي، ففي أواخر عام 2001 وقعت هاليبرتون عقدًا بقيمة 140 مليون دولار لتطوير حقل نفط سعودي جديد. ولسنوات عديدة أيضًا عملت كوندوليزا رايس، مستشارة جورج دبليو بوش لشؤون الأمن القومي، في مجلس إدارة شركة شيفرون، التي اندمجت في عام 2001 مع شركة تكساكو، وتشاركت شيفرون تكساكو مع أرامكو السعودية في العديد من المشاريع للتنقيب عن النفط في آسيا.
 
ومن شيفرون إلى أميرادا هيس، حيث عمل نيكولاس برادي، وزير الخزانة في عهد بوش الأب، ومساعده إديث هوليداي في مجلس إدارتها، حيث تعاونا مع السعوديين لأجل استكشاف النفط في أذربيجان، وسرعان ما انضمت شركة فرونتيرا ريسورسز ومقرها هيوستن إلى عملية أذربيجان في العام نفسه. وضم مجلس المستشارين في فرونتيرا آنذاك كلًا من عضو مجلس الشيوخ السابق في تكساس، ووزير الخزانة السابق، ومرشح منصب نائب الرئيس عن الحزب الديمقراطي لعام 1988 لويد بنتسن؛ إضافة إلى جون ديوتش، نائب وزير الدفاع الأميركي الأسبق والمدير السابق لوكالة المخابرات المركزية.
 
ضمنت الديون السيادية للسعودية لدى الحكومة الأميركية، والتي قدرتها مجلة ذي أتلانتيك بقرابة تريليون دولار، عام 2004 عمل علاقة الزواج بشكل جيد بمعزل عن التدخل الأميركي المعتاد في الشؤون الداخلية للدول، وأعطتها درجة ملحوظة من النفوذ في واشنطن. ولكن العلاقات لم تكن لتسير بهذا القدر من السلاسة دون شخص لديه ما يكفي من المهارة لضمان اتصال مريح بين الطرفين، ومع دخول الصفقة الأميركية السعودية حيز التنفيذ الفعلي مع مطلع الثمانينيات، لم يكن ذلك الشخص سوى الأمير الذي سطع نجمه مؤخرًا بندر بن سلطان.
 
لا يتمتع بندر بن سلطان بنسب رفيع في العائلة المالكة السعودية، فرغم أن والده هو سلطان بن عبد العزيز وزير الدفاع وولي العهد السعودي الراحل، إلا أنه أمه هي خيزران، الجارية اليمنية للأمير سلطان. ربما تكون الرغبة في إثبات الذات إذن هي التي دفعت بندر أن يختار صناعة تاريخه الخاص كطيار مقاتل، بعد أن تخرج في الكلية الجوية الملكية في بريطانيا، قبل أن ينتقل إلى الولايات المتحدة كمستشار لولي العهد فهد بن عبد العزيز، ويثبت جدارة سريعة في صفقة الأواكس. وفي عام 1983 عين الملك فهد بندر بن سلطان سفيرًا رسميًا للبلاد في واشنطن، وقد بدأ نشاطه بدعم الحزب الديموقراطي المسيحي في إيطاليا عام 1985 بمبلغ 10 ملايين دولار لمنع الشيوعيّين من الوصول إلى السلطة، استجابة لطلب وليام كيسي مدير وكالة الاستخبارات المركزية. وفي وقت لاحق، وتحديدًا في (يونيو/حزيران) من عام 1984، دفع بندر 30 مليون دولار من العائلة المالكة للكولونيل أوليفر نورث لشراء أسلحة لتمويل عصابات الكونترا في نيكاراغوا، في مواجهة الحكومة الشيوعية بعد أن أوقف الكونغرس الدعم عن العملية.
 
 دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض 94c0defa-43b1-428b-9a95-a7fed637a8b2الأمير بندر بن سلطان والرئيس الأميركي وقتها جورش بوش (رويترز)
 
بيد أن مساعدات بندر بن سلطان والعائلة المالكة بلغت أوجها مع صعود إدارة الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش(14)، الذي اعتاد استضافة صديقه السعودي في منزله بشكل متكرر، إلى درجة تسميته في الأوساط السياسية الأميركية باسم "بندر بوش"، وفي المقابل اعتاد بندر دعوة بوش لممارسة هواية قنص الطيور حول قصره الخاص في فيرجينيا، كما ساهم أيضًا بمبلغ مليون دولار في إنشاء مكتبة بوش الرئاسية في محطة كوليدج بولاية تكساس. وبفضل العلاقة القوية بين بندر وجورج دبليو بوش، ومن خلفها شبكات البترودولار الضخمة والمتشابكة، تجاهل بوش توجيه أي اتهامات إلى السعودية بشأن أحداث 11 (سبتمبر/أيلول) 2001، رغم أن معظم الخاطفين كانوا من السعوديين، بل إن بوش قام باطلاع بندر على تفاصيل حيوية بشأن خطة الحرب ضد صدام حسين، حتى قبل أن يعلم بها وزير الخارجية الأميركي كولين باول نفسه، وفي المقابل فإنه حصل على وعد من بندر أن الحكومة السعودية سوف تقوم بزيادة إنتاج النفط لخفض أسعار الوقود، لمساعدة بوش على الفوز بولاية ثانية، وفق ما أورده صحفي التحقيقات الشهير بوب وودوارد في كتابه حول الحرب العراق المعنون باسم "خطة الهجوم"(15). ورغم ذلك، فإن الحرب العراقية، ومن قبلها أحداث سبتمبر، مثلتا نقطتين فارقتين في العلاقات بين الزوجين، وبخاصة أن من يدير الأمور في الرياض وقتها هو الأمير عبد الله الذي لا يبدو أنه يحمل رؤية موافقة تمامًا لتلك التي يتبناها "بندر بوش".
 
"الحرب على الإرهاب"
لم يتوقع أحد أن يسير اللقاء بينهما يومها على نحو جيد، خاصة أنه جاء بعد أشهر قليلة من أحداث 11 سبتمبر. في الصيف السابق وقبل أسابيع من الأحداث التي ضربت الولايات المتحدة، كان ولي العهد السعودي الأمير عبد الله بن عبد العزيز يتجنب لقاء بوش بسبب موقفه الداعم لأرييل شارون إبان الانتفاضة الفلسطينية الثانية، حيث اتهم عبد الله بوش بالتواطؤ في جرائم حرب على الأراضي الفلسطينية، ولكن أحداث (سبتمبر/أيلول) قلبت الطاولة فوق رؤوس الجميع، ودفعت عبد الله إلى القبول أخيرًا بالسفر للقاء الرئيس الأميركي.
 
خرج اللقاء الذي جرى في مزرعة بوش في كراوفورد بتكساس حميميًا على غير المتوقع، وكانت تلك هي المرة الوحيدة التي يرتدي فيها بوش زيًا رسميًا ورابطة عنق في مزرعته. وبعد الحديث انسحب بوش وعبد الله بصحبة مترجميهما للتحدث لأربع ساعات كاملة، أصر خلالها عبد الله أن يشاهد بوش تقاريرًا أعدها مساعدو الأول حول ما يحدث في فلسطين. كان ولي العهد السعودي قد تعرض لهجوم واسع لقبوله بزيارة الولايات المتحدة في هذه الأوقات العصيبة، ما اضطر إعلامه لحشد جهود كبيرة للدفاع عنه، إلى درجة أن متحدثه الرسمي قال إن عبد الله ملأ طائرته البوينغ ببضعة آلاف من النسخ المترجمة للقرآن الكريم لتوزيعها على الأميركيين لتعليمهم الإسلام. ورغم أن عبد الله طرح على بوش مبادرة كاملة تعترف بموجبها جميع الدول العربية بإسرائيل، في مقابل انسحاب الأخيرة إلى حدود عام 1967، إلا أن بوش لم يكن يخطط لمنح عبد الله أي تنازلات حقيقية، ما تسبب في إغضاب ولي العهد السعودي الذي هدد بالرحيل. في نهاية المطاف كان بوش يقف بصحبة وزير خارجيته كولين باول ووزير دفاعه دونالد رامسفيلد في 24 (يوليو/تموز) التالي في حديقة البيت الأبيض ليعلن رؤيته للقضية الفلسطينية "دولتان تعيشان جنبًا إلى جنب بسلم وأمان".
 
ورغم حرص بوش على أن يفرغ رؤيته تلك من أي مضمون حقيقي، من خلال رفض الاعتراف بياسر عرفات، وإرسال تطمينات أخرى إلى الإسرائيليين بشأن تصريحاته، ظل عبد الله يفخر أنه نجح لأول مرة في انتزاع وعد المبادرة من الأميركيين. إلا أن الأمور كانت تخبئ له في جعبتها الكثير من المفاجآت، فمع حلول تلك اللحظات الحاسمة كانت خطة دونالد رامسفيلد المرعبة التي عرضها على البيت الأبيض قبل عدة أشهر قد دخلت فعليًا طور التنفيذ، وكانت الخطة ببساطة كما عبر عنها وزير الدفاع هي "شرق أوسط جديد بدون صدام حسين".
 
 دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض E0ab0afa-524c-4b98-a632-3822acb6eedb الأمير عبدالله بن عبدالعزيز -وقتها- أثناء زيارته الرئيس الأميركي بوش في 2002 (رويترز)
 
من وجهة نظر رامسفيلد، كانت الولايات المتحدة بحاجة إلى توجيه انتقامها بعد أحداث 11 (سبتمبر/أيلول) إلى شخصية عربية شريرة. وكان صدام خيارًا مثاليًا، وجاءت الرتوش التكميلية حول تلفيق علاقته بالإرهاب وأسلحة الدمار الشامل تالية لذلك. بالنسبة إلى ولي العهد السعودي، كانت محاولة الأميركيين إثبات وجود تحالف بين صدام حسين العلماني وتنظيم القاعدة السلفي مضحكة للغاية، بيد أن الأميركيين كانوا يعتقدون أن السعودية لا تمانع الحرب بسبب تأييد بندر بن سلطان الضمني لها. كان بندر يعتقد أن الأميركيين سوف يذهبون للحرب في كل حال، وهو يعتقد يقينًا أن جميع القادة العرب -بمن فيهم أمراء الرياض- كانوا يرغبون في الإطاحة بصدام حسين وحتى وإن أخفوا ذلك. وجاء الموقف السعودي في نهاية المطاف متناقضًا للغاية، ففي حين عارض عبد الله الحرب في الجامعة العربية بوصفها احتلالًا غير مشروع، فإنه سمح لقوات الولايات المتحدة باستخدام قاعدة الخرج طوال مدة الحرب، على أن تجمع أغراضها وتغادر في وقت لاحق. كان ولي العهد السعودي قد وصل إلى قناعة أن على بلاده أن تنأى بنفسها عن مغامرات بوش العسكرية غير مأمونة العواقب، حيث أثبت الأميركيون أنهم بارعون في إثارة الفوضى، ولكنهم غالبًا ما يكونون أقل براعة في التعامل معها لاحقًا.
 
وعلى الرغم من الحفاظ على علاقات جيدة نسبية مع نظام بوش، لم تكن تطورات الأمور في واشنطن تسير في صالح السعوديين بشكل عام. مع انتصاف عام 2002، كان مجلس سياسات الدفاع الذي يرأسه المحارب البارد الشهير ريتشارد بيرل، يناقش تقريرًا قدمه المحلل الفرنسي في مؤسسة راند لورند مورييك يقول إن المملكة العربية السعودية هي "جزء من مشكلة الإرهاب الدولي وليست جزءً من الحل". وجاء في التقرير أن السعودية "تنشط على كل مستوى من سلسلة الإرهاب، من المخططين إلى الممولين، ومن الكادر إلى الجندي". كان هذا التقرير هو أول اتهام يتم تداوله في الأروقة الرسمية في واشنطن حول علاقة الرياض بالإرهاب، ورغم أن كولن بأول سارع إلى الاتصال بوزير الخارجية السعودي سعود الفيصل ليؤكد له أن التقرير لا يعكس الموقف الرسمي للإدارة الأميركية، ورغم قيام "بوش" بتأكيد الرسالة لـبندر بن سلطان خلال دعوته إلى مزرعة العائلة في كراوفورد بولاية تكساس، فإن هذه التضمينات كانت أضعف بكثير من التحولات التي كانت تدور على الأرض.
 
على بعد بضعة أميال فقط من قصر بندر المطل على نهر بوتوماك بولاية فيرجينيا، قام وكلاء وزارة الخزانة بمهاجمة أربع جمعيات خيرية مقرها المملكة العربية السعودية: مؤسسة سار، وصندوق الصفا الائتماني، والمعهد الدولي للفكر الإسلامي، ومنظمة الإغاثة الإسلامية الدولية، كما تمت مداهمة المقر الرئيسي لرابطة العالم الإسلامي، وهي مؤسسة جامعة تمولها الحكومة السعودية. وادعى ماثيو ليفيت وهو زميل بارز في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أمام الكونغرس أن طارق حمدي -موظف في المعهد- قدم لأسامة بن لادن بطاريات لهاتفه الفضائي. قبل ذلك بعدة أشهر كانت قوات الناتو تقتحم مكاتب المفوضية العليا السعودية للمساعدة في البوسنة والتي أسسها الأمير سلمان وقتها -الملك الحالي- حيث اكتشفت من بين أمور أخرى وجود صور للسفارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا قبل وبعد تفجيرهما. أما بالنسبة لـبندر بن سلطان نفسه فربما كانت أصعب مهام حياته في واشنطن اضطراره لتبرير كيفية وصول مبلغ 130 ألف دولار من التبرعات الخيرية لزوجته الأميرة هيفاء الفيصل إلى جيوب اثنين من الخاطفين في أحداث 11 سبتمبر.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض Empty
مُساهمةموضوع: رد: دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض    دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض Emptyالجمعة 4 مارس 2022 - 21:59

إرهاصات النهاية
على عكس تقديرات بندر وتمامًا كما كان يتوقع عبد الله، تسببت حرب العراق وتداعياتها في أضرار دائمة للتحالف التاريخي بين السعودية وأميركا، وهي أضرار لم تفلح الفاعليات البروتوكولية مثل وقوف ولي العهد عبد الله في فندق ريتز بصحبة حفيد الرئيس روزفلت، ممثلًا دور والده في نموذج محاكاة لاجتماع كوينسي نظمته جمعية الصداقة السعودية الأميركية في ذكرى مرور 60 عامًا على الاجتماع في عام 2005. لم تكن البروتوكولات الاحتفالية لتجبر شقوقًا صنعتها الصراعات الفعلية على الأرض. بعد ذلك بثلاثة أعوام كان عبد الله -الملك آنذاك- يحضر احتفالًا آخرًا بمناسبة مرور 75 عامًا على توقيع أول اتفاق نفطي بين السعودية والولايات المتحدة، وللمفارقة فإن هذا الاحتفال جاء متزامنًا مع احتفال آخر بمناسبة مرور 60 عامًا على تأسيس دولة إسرائيل. وفي إشارة لا تخلو من دلالة بسط عبد الله يديه أمام بوش وكأنه يزن كفتين: ستين في مقابل خمسة وسبعين. ولم ينتظر عبد الله جوابًا لأنه كان في قرارة نفسه على الأقل يعرف الجواب الأميركي بوضوح.
 
بعد ذلك بعدة أشهر تلقى عبد الله اتصاله الأول من الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما يدعوه إلى حوار الأديان في مدريد متمنيًا له التوفيق، ورد عبد الله بالموافقة "إن شاء الله" وهو ما قابله أوباما بتكرار الكلمة الإسلامية نفسها. ابتسم حينها عبد الله لمرافقيه ثم قال مازحًا "سوف نجعل منه مسلمًا حقيقيًا في القريب العاجل"(16). كانت الرياض هي محطة أوباما الأولى خلال زيارته إلى الشرق الأوسط في عام 2009، ورغم أن الاجتماع مع الملك عبد الله لم يكن ثريًا، إلا أن أوباما وعده بمعالجة القضية الفلسطينية. لكن عبد الله اعتقد فيما بعد أن أوباما خضع لـبنيامين نتنياهو، لذا فإنه أصيب بخيبة الأمل السعودية المعتادة من جديد.
 
 دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض Ae88dbb0-a6cf-47ee-80dd-05c34612718aالرئيس الأميركي أوباما يستلم هدية من الملك عبد الله عقب زيارته للسعودية في 2009 (رويترز)
 
لم تكن تلك آخر إحباطات عبد الله من أوباما، فقد جاء الربيع العربي ليجعل الأمور أكثر سوءً(17). كان عبد الله يرغب في أن يقدم أوباما كامل الدعم إلى حسني مبارك حليفه القديم في مصر، حيث رأت السعودية الديمقراطية في مصر السنية خيارًا أكثر سوءً من تسليم العراق إلى الشيعة. إذ كانت هناك نماذج أخرى سوف تنشأ قياسًا على الديمقراطية المصرية فلماذا لا تكون في المملكة العربية السعودية كذلك؟ كان ذلك يمثل تحديًا وجوديًا لملوك الخليج.
 
كان التهديد القادم من قبل البحرين على الجانب الآخر من جسر الملك فهد أكثر قربًا. صعود حكومة شيعية هناك يعني أن المنطقة الشرقية الثرية في السعودية سوف تصبح على المحك. أعلن أوباما تعاطفه مع الإصلاح في البحرين، ولم يكن أمام عبد الله أي خيارات سوى التدخل لقمع الانتفاضة بنفسه تحت مظلة قوات درع الجزيرة. وسرعان ما أصبحت نوايا أوباما أكثر وضوحًا حين بدأ في التفاوض للوصول إلى اتفاق مع إيران، كان ذلك يعني أن واشنطن تتنصل من تعهداتها التاريخية تجاه أمن المملكة.
 
"
كان الفيصل يلمح إلى أن السعودية لا ترغب في فض علاقاتها مع الولايات المتحدة في أعقاب حرب العراق، ولكنها فقط راغبة في البحث عن شركاء جدد. ولكن بلاده لا تزال تثبت يومًا بعد يوم أن مغامراتها خارج إطار الزواج الأميركي لا تلبث أن تنتهي قبل أن تبدأ، لتعود لاهثة إلى أحضان واشنطن من جديد
"
يساند أوباما اليوم إذن متظاهر الخبز والعيش الذين أيد أسلافه قمعهم في أرامكو يومًا ما، وتثبت واشنطن لعبد الله في كل لحظة أنها تصر على نسيان تاريخها، فها هم الأميركيون يتنصلون من وعودهم معهم تمامًا كما فعلوا مع والده وأخوته، بوش مثل نيسكون ووزفلت مثل أوباما، وكان ذلك يعني أن عليه الاعتماد على نفسه. أنفق العاهل السعودي 120 مليار دولار على الدعم والنفقات الاجتماعية من أجل تثبيت دعائم حكمه في الداخل، وعشرات المليارات الأخرى سعيًا لتثبيت أنظمة حليفة في مصر وسوريا. ورغم كل ذلك فإن عبد الله كان يوصف بأنه حذر يميل إلى تجنب المخاطرة، أما سلفه سلمان ونجله القادم معه فيبدوان أكثر جرأة وعدوانية. بمجرد صعوده إلى السلطة ذهب سلمان ونجله إلى الحرب في اليمن، وقام ببناء تحالف واسع يضم 34 دولة في مواجهة إيران، وقام بتكثيف المساعدات إلى حكومة القاهرة التي دعمها أكثر من سلفه عبد الله.
 
على الجانب الآخر، لم يكن أوباما يرى السعوديين أكثر من "راكبين بالمجان" يعتمدون على الولايات المتحدة لأجل أمنهم(18)، رغم أنه باعهم أسلحة أكثر مما فعل أي رئيس أميركي آخر. ولكن أسلحة أوباما جاءت بلا أي ضمانات، ومصحوبة بانتقادات علنية غير مسبوقة، لذا فإنها لم تفلح بأي شكل في تخفيف الرعب الذي يكتنف الرياض. وصار الحديث عن نهاية الزواج الكاثوليكي أمرًا مألوفًا في العاصمتين مع قرب رحيل أوباما وانتعاش صناعة النفط الأميركية وتهاوي حصيلة البترودولار السعودية، بما يعني أن واشنطن لم تعد محتاجة إلى الرياض. سيرحل أوباما ولكن البدائل ليست أفضل بحال: إما هيلاري كلينتون التي تمثل امتدادًا طبيعيًا لأوباما، وإما دونالد ترمب الذي لا يرى السعودية أكثر من "بقرة حلوب" ينبغي أن تدفع مقابل كل شيء.
 
وصل ترمب إلى البيت البيض على خلاف توقعات الأغلب، ومع وصوله فقد أثبت للجميع أن العدوانية السعودية في اليمن وغيرها كانت دليلًا على الضعف أكثر منها معبرًا عن الحسم والقوة. اختارت الرياض أفقر دولة عربية لتستعرض فيها نتائج عقود من المشتريات العسكرية ولتمزقها بمساعدة الإمارات تمامًا، وفشلت في تحقيق نتائج تذكر على كل حال. وإذا كان القادم الجديد إلى البيت الأبيض يحب المال فلنمنحه المال إذن وبوتيرة غير مسبوقة: مئات المليارات من الدولارات من العقود المفتوحة للتسليح والاستثمار دون أي مقابل غير الرضا والاستثمار الخطابي في معاداة إيران. مليارات مثلت تجديدًا ضمنيًا لصفقة البترودولار التاريخية، ولكن بشروط ترمبية جديدة تضع جميع الالتزامات على طرف واحد فقط.
 
تتدفق الأموال السعودية إلى الجيوب الأميركية بوتيرة أكبر من أي وقت مضى(19): 50 مليار دولار من الاتفاقات لأرامكو مع الشركات الأميركية، كدفعة أولى من اتفاقات يبلغ مجموعها أكثر من 200 مليار دولار، و15 مليار دولار من العقود مع جنرال إلكتريك، وميزانية مفتوحة لمشروع للبتروكيماويات مع إكسون موبيل في ولاية تكساس، ووحدة أعمال جديدة لعملاق الأسلحة رايثون، ومشروع لتجميع طائرات بلاك هوك في السعودية لصالح لوكهيد، و7 مليارات لشركة الحفارات روان من أجل أعمال الحفر البحرية، و9 مليارات مع نابورس، ومليارين مع وذيرفورد، وعشرات المليارات من الاستثمارات في البنية التحتية لأصدقاء ترمب، ومائة مليون لإرضاء إيفانكا نفسها، كل ذلك في وقت توقفت فيه ثروات البترودولار عن التدفق وبدأت المملكة تحرق مخزوناتها النقدية بوتيرة غير مسبوقة.
 
لم يكن الراحل سعود الفيصل محقًا إذن حين عارض ابن عمه بندر بن سلطان في وصفه للعلاقات السعودية الأميركية بالزواج الكاثوليكي. في تصريحه لديفيد أوتاوي من صحيفة واشنطن بوست، أعطى الفيصل توصيفه الخاص للعلاقة أنها أشبه "بالزواج الإسلامي" حيث يسمح للمسلم بالزواج من أكثر من واحدة(20). كان الفيصل يلمح إلى أن السعودية لا ترغب في فض علاقاتها مع الولايات المتحدة في أعقاب حرب العراق، ولكنها فقط راغبة في البحث عن شركاء جدد. ولكن بلاده لا تزال تثبت يومًا بعد يوم أن مغامراتها خارج إطار الزواج الأميركي لا تلبث أن تنتهي قبل أن تبدأ، لتعود لاهثة إلى أحضان واشنطن من جديد. هو زواج كاثوليكي إذن كما وصفه بندر، لكنه كذلك بالنسبة إلى طرف واحد لا يزال يدافع هواجسه حول المصير الذي ينتظره في اللحظة التي تنتهي فيها هذه العلاقة، التي يعلم الجميع أن ما بقي من عمرها لا يساوي أكثر من حجم الوقت الذي ستبقى المليارات السعودية فيه قادرة على التدفق إلى واشنطن، وهو وقت لم يعد طويلًا في كل الأحوال، لأن الحقيقة التي يغفلها التشبيه غالبًا أن الموت يبقى قادرًا على وضع حد لأي علاقة، بما في ذلك الزواج الكاثوليكي نفسه، حقيقة لا مجازًا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض Empty
مُساهمةموضوع: رد: دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض    دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض Emptyالجمعة 4 مارس 2022 - 22:20

 دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض Webp.net-compress-image_23


عبد الرحمن منيف  خماسيته الروائية  "مدن الملح  -  التيه

لمحة عن الكتاب
رواية مدن الملح الجزء الأول التيه pdf تأليف عبد الرحمن منيف .. سلسلة روايات الهلال مدن الملح هي رواية عربية للروائي السعودي عبد الرحمن المنيف ، تعد واحدة من أشهر الروايات العربية وتتألف هذه الرواية من 5 أجزاء، لذا تُعد خماسية. التيه يتناول الجزء الأول بوادر ظهور النفط في الجزيرة العربية من خلال سكانها وتظهر شخصية متعب الهذال الرافضة كتعبير عن الموقف العفوي لأصحاب الأرض مما اجبر السلطة أن تستعمل العنف. يصف هذا الجزء بالتفصيل بناء المدن الجديدة (حران كانت النموذج) والتغيرات القاسية والعاصفة على المستوى المكاني وخاصة الإنساني.


تحميل الكتاب

https://www.dopdfwn.com/cacnretra/scgdfnya/Booksstream.com_k3mbooksft82.pdf
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض Empty
مُساهمةموضوع: رد: دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض    دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض Emptyالجمعة 4 مارس 2022 - 22:22

 دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض Webp.net-compress-image%20%281%29_20



تحميل رواية مدن الملح الأخدود PDF

رواية مدن الملح الأخدود pdf الجزء الثاني تأليف عبد الرحمن منيف .. الصراع الذي بدأت بوادره في ”التيه” يتصاعد ويتسع في الأخدود، بعد أن تم تشييد مدن الحديد والاسمنت، و بعد أن أخذت السلطة تعتمد على القوة والقمع من أجل الإخضاع ثم الترويض.
وفي عالم التجاذب والاستقطاب، ولأن الناس غيبوا, تصبح الحكومات امتداداً لإرادة الأجنبي ورغباته، وتصبح الثروة وسيلة للضعف لا للقوة، من خلال الأنفاق والتبديد على المظاهر والاستهلاك، لا من أجل الاستقلال والإعداد للمستقبل، وهكذا يزداد الشرخ، ويتسع الأخدود، ويصبح المستقبل رهاناً على المجهول

https://www.dopdfwn.com/cacnretra/scgdfnya/Booksstream.com_k3mbooksft8ft.pdf
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض Empty
مُساهمةموضوع: رد: دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض    دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض Emptyالجمعة 4 مارس 2022 - 22:23

 دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض Img?id=45854

تحميل كتاب : مدن الملح (المنبت)


مدن الملح " هي رواية عربية للروائي السعودي عبد الرحمن المنيف، تُعد واحدة من أشهر الروايات العربية وتتألف هذه الرواية من 5 أجزاء، لذا تُعد خماسية؛ فالرواية تتكلم وتثصور الحياة مع بداية اكتشاف النفط والتحولات المُتسارعة التي حلت بمُدن وقرى الجزيرة العربية بسبب أكتشاف النفط. وهذه الخُماسية مُكونة من: (التيه): فيتناول الجزء الأول بوادر ظهور النفط في الجزيرة العربية من خلال سُكانها وتظهر شخصية متعب الهذال الرافضة كتعبير عن الموقف العفوي لأصحاب الأرض مما اجبر السلطة أن تستعمل العنف، فيصف هذا الجزء بالتفصيل بناء المُدن الجديدة (فـ حران كانت النموذج) والتغيرات القاسية والعاصفة على المستوى المكاني وخاصة الإنساني. (الأخدود): في الجزء الثاني ينتقل منيف إلى تصوير أهل السُلطة والسياسة في الصحراء التي تتحول إلى حقل بترولي، نقطة البداية كانت انتقال الحكم من السلطان خربيط إلى ابنه خزعل الذي يمنح كُل التسهيلات إلى الأمريكان لتحقيق مخططاتهم، فالشخصية الرئيسية في هذا الجزء هو مستشار السلطان الجديد صبحي المحملجي الملقب بالحكيم وهو من أصل لبناني جاء إلى حران أولًا كطبيب ثم ينتقل إلى العاصمة موران بحس مغامر ليرتقي إلى أكبر المناصب ويبسط نفوذه، و في هذا الجزء تزداد وتيرة التحولات حدة وسرعة بحيث لا يستطيع أحد أن يتنبأ بما ستؤول اليه الأمور، و ينتهي هذا الجزء في لحظة انقلاب فنر على أخيه حين كان خارج موران. (تقاسيم الليل والنهار): يعود الجزء الثالث إلى جذور العائلة الحاكمة إلى سنوات التصارع القبائلي التي تُتوج خربيط كأهم حاكم في المنطقة في اللحظة التي يقتحم فيها الغرب الصحراء فيجد في تحالفه مع خربيط وسيلة لأمتلاك الثروة التي كان يبحث عنها ويستغل السلطان ذلك الظرف للهيمنة على كل ما يمكن أن تطاله يده ويعود هذا الجزء إلى نشأة كل من خزعل وفنر. (المنبت): الجزء الرابع من خماسية مدن الملح حمل عنوان "المُنْبَت" و فيه يستعرض عبدالرحمن منيف حال السلطان المخلوع "خزعل" بعد أن أطاح به أخوه الأمير "فنر" خلال زيارة إلى ألمانيا، هذا الإنقلاب الذي شارك فيه رجال زرعهم مستشار السلطان المخلوع "الحكيم صبحي المحملجي" أثر على العلاقات الودية بين خزعل و الحكيم التي توجت بزفاف السلطان من أبنة الحكيم الوحيدة. (بادية الظلمات): بعد أن يستقر الأمر بلا مُنازع لفنر يعود منيف لرصد حالة الناس في ظل هذه المتغيرات حيث لا تبقى العادات هي نفسها ولا حتى الأمكنة ويتغير حتى شكل الإنتماء والهوية، ففي هذا الجزء الأخير يصبح إسم الأرض بالدولة الهديبية ويصبح فنر شخصية أسطورية لكنه ينتهي بالإغتيال من خاصته.
تحميل وقراءة أونلاين كتاب مدن الملح (المنبت) pdf ، تصنيف الكتاب أدب عربي والمؤلف عبد الرحمن منيف، تحميل برابط مباشر وقراءة مدن الملح (المنبت) أونلاين، تحميل مدن الملح (المنبت) pdf بروابط مباشرة مجانا، كتاب مدن الملح (المنبت) مصور للكبار والصغار للموبايل أندرويد وأيفون، تحميل كتاب مدن الملح (المنبت) pdf للتابلت والكمبيوتر وللكندل تحميل مجاني، وتقييم ومراجعة على كتاب مدن الملح (المنبت) فى مكتبة مقهى الكتب.

https://www.dopdfwn.com/cacnretra/scgdfnya/Es01253.pdf
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض Empty
مُساهمةموضوع: رد: دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض    دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض Emptyالجمعة 4 مارس 2022 - 22:27

 دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض Webp.net-compress-image%20%283%29_0



تحميل كتاب الأشجار واغتيال مرزوق PDF

كتاب الأشجار واغتيال مرزوق pdf بقلم عبد الرحمن منيف .. لقد جاع منصور وتغرّب وتعب، وهو الآن يركض وراء لقمة الخبز. نعم وراء لقمة الخبر التي تحوّلت إلى شيء يشبه السراب، أما الذين توهم أنه علق مشانقهم فما زالوا في أماكنهم، يتطلعون إلى القمر وهم يتمطون بكسل، يداعبون شعور النساء وعيونهم نصف مغمضة وقد امتلأوا خدراً من النعومة والويسكي! وفي النهار تفتح لهؤلاء أبواب السيارات، ويدققون الأرصدة مثل المرابين ليتأكدوا أن كل شيء يسير كما ينبغي!


https://www.kotobati.com/book/download/4aeb9eec-ff5f-44e2-8215-511df1f64a95


او


file:///C:/Users/ibrahem/Downloads/%D9%85%D9%83%D8%AA%D8%A8%
D8%A9%20%D9%83%D8%AA%D9%88%D8%A8%D8%A7%D8%AA%D9%8A%20-%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B4%D8%AC%D8%A7%D8%B1%
20%D9%88%D8%A7%D8%BA%D8%AA%D9%8A%D8%A7%D9%
84%20%D9%85%D8%B1%D8%B2%D9%88%D9%82.pdf
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض Empty
مُساهمةموضوع: رد: دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض    دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض Emptyالجمعة 4 مارس 2022 - 22:28

 دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض Webp.net-compress-image%20%287%29



تحميل كتاب القراءة والنسيان PDF

كتاب القراءة والنسيان PDF بقلم عبد الرحمن منيف .. هذا الكتاب .... ليس سيرة ذاتية أبداً.بل تفاصيل صغيرة، من لقاءات متنوعة ومتعددة،مجرد مقدمة وحوارات مع الراحل منيف. ورغبة في تجميع الجزء المتناثر من علاقة كان أساسها الأدب.وتحية صغيرة لكاتب عرف منذ "الأشجار واعتيال مرزوق" كيف يؤرقنا، إذ وجد الفرصة دائما لجعلنا نعيد التساؤل حول مصيرنا الراهن.
عديدة هي الأسئلةالتي طرحها علينا، وعديدة هي الأجوبة التي فاتتنا ولم نعرف كيف نلتقطها.
هذا الكتاب هو إذا تحية صغيرة،في ذكرى رحيله العاشرة، حتى وإن مر عليها سنة أخرى، وسنوات أكبر وأكثر لاحقا. يكفي أن نتذكر منيف بأن نعود لنقرأه ولنكتشف كم هي عديدة الأسئلة التي طرحها واقترحها والتي لم ننتبه لها.

https://www.kotobati.com/book/download/a236d08d-2054-4b16-bb95-0e0a2bf06dcf

او

file:///C:/Users/ibrahem/Downloads/%D9%85%D9%83%D8%AA%D8%A8%D8
%A9%20%D9%83%D8%AA%D9%88%D8%A8%D8%A7%D8%AA%D9%8A%20-%20%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%A1%D8%
A9%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D9%86.pdf
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض Empty
مُساهمةموضوع: رد: دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض    دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض Emptyالجمعة 4 مارس 2022 - 22:29

 دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض Webp.net-compress-image%20%2818%29


تحميل كتاب في أدب الصداقة PDF

كتاب في أدب الصداقة PDF بقلم عبد الرحمن منيف .. لم تكتب هذه الرسائل بقصد النشر أصلاً، كما هو حال بعض المراسلات الأدبية الشهيرة عندنا، تقرر نشرها بعد وفاة عبد الرحمن بمبادرة مشكورة من سعاد قوادري منيف ومروان، ولا شك عندي بأن عبد الرحمن كان سيوافق لو سئل، فهذه المراسلات قصة صداقة، صداقة سابقة على بدء التراسل. إلى الصداقة،
تشكل هذه الرسائل شهادات نادرة عن عملية الإنتاج الأدبي والفني والعلاقة بينهما، يصمت الصديقان وتنقطع المراسلة بينما لأشهر إبان غزو الاميركي للعراق، يكسر عبد الرحمن الصمت شارحاً السبب: الحزن والإحباط، يعتصم عبد الرحمن بالحكمة الشعبية "إذا ما خربتْ ما بتعمر"، ويستقوي مروان بقول سعد الله ونوس "لقد حكم علينا بالأمل".
مشهد ختامي: مروان في مرسه الجديد ينتظر النور تنقشع عنه غيوم ألمانيا العنيدة: "المهم هو النور" يقول... ربيع 2011.. جاءنا النور...
نفّذ محمد بو عزيزي وصية ناظم حكمت: "إن لم أحترق أنا/ وإن لم تحترق أنت/ وإن لم نحترق جميعاً، كيف للظلمات أن تصير ضياء؟"...
رؤيا: ختم عبد الرحمن كتابه عن الباهي محمد مستشهداً بهذا النص الرؤيوي لصديقه، صديقنا المشترك: "يأتي الطوفان فيصير كل شيء ممكناً وتحذف كلمة مستحيل من القاموس، نوحٌ جديد يطيح الإتكالية البليدة السائدة، رجل وإمرأة تحدوهما الرغبة بالحب والإنجاب والعمل. يعمّران الدنيا الجديدة حسب ذوقهما ويملآن الأرض عدلاً بعد أن ملأها الناس جوراً... أين أنت أيها الطوفان العظيم"


https://www.kotobati.com/book/download/bba99074-5924-4238-9be9-4fefee1b753e

او

file:///C:/Users/ibrahem/Downloads/%D9%85%D9%83%D8%AA%D8%A8
%D8%A9%20%D9%83%D8%AA%D9%88%D8%A8%D8%A7%D8%AA%D9%8A%20-%20%D9%81%D9%8A%20%D8%A3%D8%AF%D8%A8%20%D8%A
7%D9%84%D8%B5%D8%AF%D8%A7%D9%82%D8%A9.pdf
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض Empty
مُساهمةموضوع: رد: دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض    دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض Emptyالجمعة 4 مارس 2022 - 22:34

مدن الملح.. الرواية الملحمية للبادية العربية!

عبد الرحمن منيف هو من الأدباء العرب الكبار الذين غُمِطوا في حقهم ولم ينالوا ما يستحقون من تقدير وتكريم، رغم الانتشار المعقول لأعماله وذيوع صيته في الأوساط الثقافية العربية. ولو لم يكتب منيف غير رائعته الملحمية "مدن الملح"، لكان بالطبع مستحقًّا لأن يصنَّف في عداد كبار أدباء العرب والعالم في كل العصور. 

ما يجعل رواية "مدن الملح" عملًا أدبيًا ذا قيمة عالية ونتاجًا إبداعيًا فذًّا ليس فقط حجمها الضخم البالغ خمسة أجزاء، كل جزء في مجلد مستقل (التيه، الأخدود، تقاسيم الليل والنهار، المُنبَتّ، بادية الظلمات)، والتي يصل عدد صفحاتها إلى بضع مئاتٍ وألفين، وإنما، وبشكل رئيسي، عمق التحليل النفسي للشخصيات الروائية، وبُعدَ الغور، وإجادة الحبكة، والغوص في التاريخ والاجتماع والسياسة غوصًا ينمّ عن ثقافة المؤلف الأصيلة ونظرته الثاقبة.
 
ليست "مدن الملح" رواية للتسلية وتزجية الوقت، رغم ما في قراءتها من متعةٍ لا مجال لإنكارها، وإنما يمكن لنا أن نصنّفها في خانة الأدب الواقعي التاريخي. إنها عمل أدبي خيالي، ولكن إسقاطاتها على التاريخ والواقع هي مما لا يخفى على القارئ اليقظ المتنبّه. وليس الكاتب صاحب نظرة حيادية، ولكنه يظهر انحيازه للإنسان عامّةً ولأهل البادية بشكل خاص. على أن سرديته تظهر درجة عالية من التمكن وإجادة الصنعة تكاد تخفي مواقف الكاتب وعواطفه، ولكن القارئ المتمعّن المتعمّق يستطيع أن يستشفّ البُعد الإنساني الذي يختبئ خلف مأساة البادية التي ولّدتها إرهاصات ظهور النفط وما تبعه من أحداث وفجائع. 
 
"مدن الملح" هي رواية تأسيس "المملكة الهديبية"، في الجزيرة العربية، على يد السلطان "خريبط" سليل آل هديب وتمكين هذه السلالة من الاستيلاء على الحكم في هذه الدولة التي كانت مدينة "موران" الخيالية عاصمتها. ولا نجزم قاطعين، وإنما نرجّح ترجيحًا كبيرا أن تكون "المملكة الهديبية" محاكاة للمملكة العربية السعودية، وأن يكون السلطان "خريبط" هو الشخصية الروائية الخيالية التي تحاكي الملك عبد العزيز آل سعود، الذي أسس الدولة التي اتخذّت من سلالته اسمها الذي طمس الأسماء التاريخية للبادية العربية. 
 
ويمتدّ زمن الرواية إلى عهدَيْ ولديْه "خزعل" و"فنر"، اللذيْن خلفاه في الحكم بعد وفاته. وخريبط الذي اشتهر بالعدد الهائل من الزيجات والإماء والذرية، فإن ولدْيه "خزعل" وأخاه غير الشقيق "فنر" كانا أكبر أبنائه، في سنٍّ واحد. خزعل كان ذا قوة جسدية فائقة وولع بالنساء والذرية يشبه ولع أبيه، ولكنه كان محدود الثقافة وغير مهيئٍ لاستلام الملك من بعد أبيه. أما "فنر"، ضعيف البنية الجسدية والذهين (أي الذكيّ، حسب لهجة البدو)، فَقَدْ كان واسع الثقافة والاطلاع وصاحب الأسفار والمرشّح الأرجح لولاية العهد، فإنه خسر هذه الأرجحية إثر حادثة مشبوهة أنقذ فيها خزعل والده السلطان من محاولة اغتيال. وهكذا صار خزعل سلطان المملكة الهديبية بعد وفاة والده.
 
خُلِعَ خزعل من الحكم إثر انقلاب قام به شقيقه "فنر"، بتأييد من الأمراء الأشقاء، بعد سفره إلى ألمانيا لتقضية شهر العسل لواحدة من زيجاته المتكررة. وبعد أخذ وردٍّ ومماطلة، تكرس الأمر الواقع ببقاء السلطان المخلوع خزعل في منفاه، حيث توفي، ووطّد السلطان الجديد "فنر" اركان حكمه وقام بإبعاد رجال العهد السابق من العاصمة، فسجن من سجن ونفى من نفى، وانتهى عهده عندما اغتاله أحد أبناء العائلة الحاكمة. ولسنا بحاجة إلى كبير عناء لندرك أن شخصية السلطان خزعل هي محاكاة لشخصية الملك سعود بن عبد العزيز، وأن شخصية السلطان فنر هي محاكاة لشخصية الملك فيصل بن عبد العزيز.
 
أما أبرز شخصيات الرواية من خارج العائلة المالكة فهي شخصية الطبيب الشامي الدكتور صبحي المحملجي، الذي قدم إلى "حرّان"، إحدى الموانئ النفطية في المملكة الهديبية، بحثًا عن فرص للنجاح والثراء. وبعد إقامة قصيرة في هذه المدينة الناشئة، أسس فيها مستشفى وأصاب نجاحا ماديا معقولا، سرعان ما انتقل إلى "موران"، عاصمة المملكة، حيث نجح نجاحا ماديا باهرا ووصل إلى قصر السلطان "خزعل"، فصار أكثر من الوزير الأول والمستشار الأبرز، صار حاكم الظل الفعلي الذي يرسم الخطوط الأساسية لسياسة السلطنة ويطبخ معظم قرارتها. 
 
وهناك شخصيات أخرى تستحق الاهتمام في الرواية. منها "غزوان المحملجي"، الولد البكر للدكتور المحملجي، وقد استغل فرصة دراسته الجامعية في الولايات المتحدة لكي يؤسس شركة كبرى في الاستيراد والتصدير لعقد الصفقات في البناء والسلاح بين المملكة الهديبية والولايات المتحدة الأمريكية؛ وقد تفوق غزوان على والده في النجاح المادي الباهر. وشخصية "مفضي الجدعان" الطبيب العربي الشعبي الشهم الذي كان يداوي أهل موران مجّانًا، مستخدمًا الطب العربي الشعبي؛ وهو يمثل قيم فروسية وكرم البادية العربية في وجه انتهازية وجشع "مدن الملح" التي بناها اكتشاف النفط. وشخصية "هاملتون"، الإنكليزي المحب للآثار وللثقافة، الذي صار "عبد الصمد"، بعد أن اعتنق الإسلام، والذي كان له الدور الأساسي في تثقيف الأمير "فنر" وتهيئته للحكم. 
 
رواية "مدن الملح" رائعة أدبية ملحمية تضيء على حقبة عظيمة الأهمية من تاريخ الجزيرة العربية، وهي قراءة ضرورية لكلّ من يهتم بالعرب وباديتهم ونفطهم. والأديب الكبير عبد الرحمن منيف روائي من الطراز الأول يستحق كل تقدير وإجلال على عمله الروائي المنحاز لإنسان البادية والمشرّح للظواهر الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي واكبت الطفرة النفطية العربية. وهذا كله ليس غريبا على أديب بقامة منيف الذي، نظرًا لشجاعته الأدبية ولجرأته في النقد السياسي، حُرِمَ من الجنسية السعودية. 
نبذة عن خماسية مدن الملح




الأدب العربي الحديث هو الأدب العربيّ الذي تطوّر في بدايات القرن العشرين من خلال حركتَيْن أساسيّتين: أولاهما حركة ترجمة الآداب الغربية بمختلف أشكالها، وثانيهما حركة إحياء أعمال التراث العربي القديم، فقد بدأ نشاط أصحاب حركة إحياء التراث منذ أول القرن التاسع عشر بغية منع الأدب العربي من التدهور والانحطاط، ومن أهم الأدباء الذين قاموا بإحياء النصوص القديمة المرموقة: إبراهيم اليازجي، محمود شكري الأولسي وغيرهما، وقد ظهرت في الأدب العربي ألوان جديدة كان أهمها الرواية التي نضجت في منتصف القرن العشرين، ومن أهم الروائيين: نجيب محفوظ، توفيق الحكيم، إميلي نصر الله، رضوى عاشور، عبد الرحمن منيف صاحب رواية خماسية مدن الملح التي سيدور حولها الحديث في هذا المقال.[١] Sorry, the video player failed to load.(Error Code: 101102) عبد الرحمن منيف هو واحد من أهم الأصوات الروائية في العالم العربي، ولدَ عبد الرحمن منيف لوالد سعودي ووالدة عراقية في العاصمة الأردنية عمَّان في عام 1933م، حصل على الشهادة الثانوية في الأردن ثمَّ انتقل إلى مدينة بغداد ليكمل تعليمه الجامعي فيها، فالتحق بكلية الحقوق عام 1952م، ودخل في صفوف حزب البعث العربي الاشتراكي، ولكنَّه تعرض للطرد من العراق بعد توقيع حلف بغداد في عام 1955م مثل الكثيرين من الطلاب في تلك الفترة، فرحل إلى مصر ليتابع دراسته وعاش فيها حتى عام 1958م، سافرَ بعد ذلك إلى بلغراد وحصل فيها على دكتوراه في اقتصاد النفط، وسافرَ إلى دمشق للعمل في الشركة السورية للنفط عام 1962م، ثمَّ انتقل إلى لبنان للعمل في مجلة البلاغ عاد بعدها إلى العراق للعمل في مجلة النفط والتنمية، ثم في عام 1981م انتقل إلى فرنسا ليتفرغ للتأليف والكتابة، وفي عام 1986م رجع إلى دمشق وكان متزوجًا من سيدة سوريَّة، وقضى ما تبقى من عمره في دمشق حتى وفاته عام 2004م، ويعرف عنه أنَّه كان معارضًا لأنظمة الحكم العربية وللإمبريالية العالمية.[٢] رواية خماسية مدن الملح رواية مدن الملح هي أشهر روايات الأديب السعودي عبد الرحمن منيف ومن أشهر الروايات الأدبية في العالم العربي، كتبها منيف بين عامَيْ 1984م و1989م، تتكوَّن الرواية من خمسة أجزاء منفصلة عن بعضها البعض، لذلك تعرف بخماسية مدن الملح وهي: رواية التيه، رواية الأخدود، رواية تقاسيم الليل والنهار، رواية المنبت، رواية بادية الظلمات[٣]، يتناول فيها الكاتب أحداث اكتساف النفط في منطقة الخليج العربي وخصوصًا في السعودية، وما طرأ من تغييرات على الحياة عمومًا في المملكة العربية السعودية منذ بداية القرن العشرين، وقد صنَّفته هذه الخماسية معارضًا للأسرة الحاكمة في السعودية، فمنعت من التداول ثمَّ سُمح لاحقًا بنشرها في معرض الكتاب في الرياض، وأدرجتها جريدة أخبار الأدب المصرية ضمن قائمة أفضل مئة رواية عربية.[٤] تلخيص رواية خماسية مدن الملح في خماسية مدن الملح يتحدَّث عبد الرحمن منيف عن التغيرات التي طرأت على طبيعة الحياة في شبه الجزيرة العربية مع اكتشاف مارد النفط في بدايات القرن الماضي، مصوِّرًا التحولات الكبيرة والمتسارعة التي دهمت المن والقرى بشكل مخيف، حيثُ يبدأ في الجزء الأول بالحديث عن بوادر اكتشاف النفط من خلال السكان، ويخلق شخصية متعب الهذال الذي يرفض هذه التغييرات والسيطرة على الأراضي معبرًا عن موقف أصحاب الأراضي الرافضين لذلك، ما أجبر السلطات على التعامل معهم بعنف واضح، ويصور أيضًا تفاصيل بناء المدن الجديدة كحران مثلًا، مع تصوير التغييرات العاصفة والقاسية ماديًّا وإنسانيًّا، في الجزء الثاني يبدأ منيف بالحديث عن أصحاب السلطة وسياسيتهم في الصحراء التي تحولت إلى حقول نفطية، تكون نقطة البداية عند تسلم خزعل السلطة من والده خربيط، الذي يمنح الولايات المتحدة الأمريكية كثير من التسهيلات لتحقيق مآربهم، ومن خلال الشخصية الرئيسية وهو المستشار الجديد اللبناني الأصل صبحي المحملجي تتلاحق الأحداث وتتابع لتنتهي بانقلاب فنر على أخيه عندما كان خارج العاصمة موران.[٥] في الجزء الثالث يعود الكاتب إلى جذور الأسرة الحاكمة، وسنوات الصراع القبلي التي توجت خربيط زعيمًا في المنطقة في نفس الفترة التي يجتاح فيها الغرب صحراء شبه الجزيرة العربية، وفي تحالف خربيط مع الغرب يجد الوسيلة المناسبة لامتلاك الثروات واستغلال الظروف للسيطرة على كل شيء، وينتقل في الجزء الرابع لاستعراض أحوال السلطان المخلوع خزعل، بعد أن أطاح به أخوه وقد كان وقتها في زيارة لألمانيا، وقد شارك بهذا الانقلاب عدد من الرجال كان المستشار صبحي قد زرعهم بينما كان على علاقة وطيدة معه، وفي الجزء الأخير وبعد أن يستقر فنر على رأس السلطة، يعود الكاتب للبحث في أحوال الناس في تلك المرحلة، وفي ظل كثير من المتغيرات، حيثُ يتغير كل شيء العادات والأماكن وحتى الانتماء والهوية، وتنتهي الرواية باغتيال السلطان فنر من قبل خاصته.[٥] اقتباسات من رواية خماسية مدن الملح بعد الحديث عن خماسية مدن الملح بشيء من التفصيل، لا بدَّ من الغوص في أعماق بعض أجزائها من خلال الاقتراب من أسلوب عبد الرحمن منيف في الكتابة والمرور على أسلوبه رفيع المستوى، وفيما يأتي سيتم إدراج بعض الاقتباسات من الرواية:[٦] في أحيان كثيرة لا يعرف الإنسان أين هو الخطأ، وربما هذا هو أقسى العذاب. إذا أشكل عليك أمران فانظر أيهما أقرب إلى نفسك واجتنبه. أما الموت فإنه يضع حدًا للصعوبات كلها، والدليل أن الميت يتوقف عن الألم، يتوقف عن الصراخ والاحتجاج، تاركًا هذه المهمة للذين حوله، للذين ما زالوا على قيد الحياة. الرِّهان بيننا وبين الآخرين ليس أننا قادرون أو غير قادرين، الرِّهان هو الزمن. لا يمكن لأحد أن يفسر الحزن الذي يعيشه هؤلاء إلا إذا عرف الصحراء وعاش فيها، هذه الصحراء الملعونة لا تلد إلا مثل هؤلاء البشر ومثل تلك الحيوانات التي رأيناها ونحن آتون، والبكاء يخفف عنهم، لكنهم قساة، عنيدون، ولذلك يبكون في داخلهم. كيف يمكن للأشخاص والأماكن أن يتغيروا إلى الدرجة التي يفقدون صلتهم بما كانوا عليه، وهل يستطيع الإنسان أن يتكيف مع الأشياء الجديدة والأماكن الجديدة دون أن يفقد جزءًا من ذاته؟ إذا رفعت السلاح فأضرب، أو لا ترفعه أبدًا. إذا تكلم سوف تكون كلماته قاتلة، لقد رأى أشياء كثيرة في هذه الحياة، ولا بد أن تقتله علته.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض Empty
مُساهمةموضوع: رد: دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض    دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض Emptyالجمعة 4 مارس 2022 - 22:38

مدن الملح.. هكذا روى عبد الرحمن منيف تاريخ السعودية
تعدّدت أصناف الرّواية العربية المعاصرة خلال العقود المنصرمة، بين الرواية البوليسية، الرواية التاريخية، رواية الفانتازيا، الروايات السياسية، وهذا راجع بالأساس للقفزة النّوعية التي حقّقتها، نظراً للتجارب الكثيرة التي خاضها الكُتّاب العرب بعدما تبلورت في أذهانهم مشاريع روائية؛ اعتنوا بها وأنزلوها من وضعها كفكرة تخامر الذهن إلى مشروعٍ روائي يتأهّل إلى جوائز تحتلّ موقعاً رفيعاً في الساحة الثقافية وتحظى باهتمامٍ مهم، ويتصدّى لها النقّاد؛ سواء المحترفون والمتمرّسون وكذلك الذين لازالوا يتقفّون خطى النقّاد الكبار عن طريق استلهام طرق وآليات النّقد الحديثة.
 
راج مفهوم الرواية التاريخية في الأوطان العربية في مختلف العصور، وذلك لانتشار هذا النوع، وانكباب الروائيين العرب عليه، والاشتغال عليه بجهدٍ وجديةٍ كبيرين، وقد قدموا للمكتبة العربية، من هذا الصنف، ما لا يُعدّ ولا يُحصى من الروايات التاريخية التي تتناولُ أحداثاً شهدتها حقبة تاريخية محدّدة، واعتمدوا في هذه الروايات على وثائق تاريخية تعاملوا معها بشكلٍ مباشر؛ من خرائط ونصوص وخطابات ورسائل وكتب ومخطوطات، وهذا ينمّ عن الجهد الذي يبذله الروائي الذي يكتب الرواية التاريخية في تشييدها بحرفيّة عالية، وبناء شخصيات تتقاطع مع شخصيات تاريخية حقيقية والاختلاف يكون في بعض التفاصيل الجزئية التي تأتي من إبداع الكاتب.
 
كما أنّ الرواية التاريخية تتّسم بمعمارٍ سرديّ فريد؛ ويتجلّى تفرُّده في السبر في عبق التاريخ وأسرار الأمكنة سبراً. وقد لا يقتصر المشتغل على الرواية التاريخية في التعامل مع وثائق تاريخية فقط، بل هناك من يذهب إلى أبعد مدى، ويزور المكان التاريخي الذي عاشت فيه شخوص روايته، ويتفحصه بإمعان دون إغفال أي تفاصيل كيفما كانت، وكأنّه سيخرج فيلماً تاريخياً وليس كتابة رواية، هذا ما حدث مع الروائي والأستاذ بنسالم حمّيش أثناء اشتغاله على رواية "العلّامة" التي نالت نصيب الأسد من الاهتمام والنقد مقارنة بباقي أعماله الرّوائية. العلّامة هي رواية تناول فيها سيرة ابن خلدون، العبقريّ الكبير، الذي تميّز بنظرته الثاقبة ورؤيته العميقة، وتمحيصه لأبرز القضايا والإشكالات التي أثارت لغطاً في عصره.
 
سبق وأن تطرّقت لمدن الملح باعتبارها رواية أثارت حمأةً وضجيجاً وتبعها لغط كبير، وتصدى لها نقاد مرموقين، نظراً للطابع السياسي الحاضر فيها بقوّة، والنّزعة الانتقامية التي حرّكت صاحبها لكتاباتها بسردٍ مسترسل ومعمار وصفي بديع ينال رضى القارئ. في الحقيقية هي رواية منهكة، لم أنهيها إلّا بعد أن صرت واهن القوى، إذ تطلّبت وقتاً طويلاً من المواكبة والقراءة المتواصلة دون انقطاع.




مدن الملح هي رواية تاريخية بامتياز، إذ تؤرّخُ للمنطقة العربية عموماً، وللمملكة العربية السعودية على وجه التحديد. يبدأ منيف في التأريخ منذ سنة 1900م إلى حدود سنة 1975م التي شهِدت حادثة هزّت الكيان السعودي آنذاك هي مقتل الملك فيصل. هذه هي الفترة التي تناولتها مدن الملح عبر هندسة سردية متميّزة إلى أقصى درجات التميُّز. ولعلّ دارس التاريخ يعرفُ مدى رمزية سنة 1900م وما بعدها، وأين تكمنُ قيمتها في التاريخ السعودي، حيث شهدت السعودية خلال سنة 1902م الهجوم على قلعة المصمك في معركةٍ تعرف بـ معركة الرياض، والتي آلت في الأخير إلى انتصار قوّات الملك عبد العزيز، ومنيّ عجلان بن محمد العجلان، الذي كان أميراً على الرياض آنذاك، بهزيمةٍ نكراء.
 
عرض منيف التطورات التاريخية التي شهدتها المنطقة في شكلٍ أدبي جذّاب يستهوي القارئ، حيث وظّف، في اعتقادي، كل ما تعلّمه من تجاربه السابقة ليكتب هذه الرواية التي حضر فيها الجانب التاريخي إلى جانب الطابع السياسي كما سبق وأن أشرت، عرض منيف وقائع تاريخية، كما دأب غيره من المنتمين لهذا الصنف الروائي، فالرواية التاريخية كانت سائدة عبر مختلف العصور بتفاوتات معيّنة، لكن الأصعب في الرواية التاريخية هو عدم كون الروائي صادقاً في عرضه لهذه الوقائع التي يجعلها تتأرجحُ بين الواقع والخيال، كما أنّها قد تحملُ مغالطات تاريخية هي نِتاجٌ لنوايا مُضمرة ومبيّتة، وهو ما حدث مع منيف الّذي لمّح إلى أنّ التاريخ الحديث للمملكة العربية السعودية قائم في الأساس على الصراع بين آل سعود والحركات السلفية الجهادية التي كان لها دور فعّال في تدوين التاريخ السعودي الحديث. فهذه الرواية هي ذات نزعة انتقامية تطمحُ إلى النّيل من آل سعود في المقام الأوّل.
 
اتكئ منيف على الأحداث التاريخية، ودرسها بعناية، شأنهُ كشأن المؤرّخ، وأعطاها تفسيرهُ الخاص، منطلقاً في ذلك من خلفية وإيديولوجية لم نكن لنُدركها بسهولة، وروى باكورة أحداث تاريخية اعتماداً على رؤيته السردية والوصفية، ومن خلال هذه الأحداث، وارتباطاً بضغينته تجاه آل سعود وحكمهم، أخذ موقف المدافع المستميت عن الحركة السلفية الجهادية، واستمرّ في الذّود عنها في أكثر من موقع، وصوّر المنتمين والتابعين لهذه الحركة كأبطال والحاملين لشعارات النّبل، والمتحلّين بالصدق والقيّم النّبيلة، دون أن يكلّف نفسه بتقديم نقد لهذه الحركة، ولهذا فقد بالغ منيف في وصفها بأوصاف حسنة دون أن يظهر مساوئها.
 
كما أبان منيف عن حقده، في مضمار استعراضه للوقائع التاريخية وسردها، تجاه الحركة الوطنية، حيث كان معادياً لها بصورةٍ كليّة، ورماها بأوصاف لا أعرف مدى صحتها حقيقة، إذ لستُ مطّلعاً على تاريخ السعودية، ولكن لديّ بعض الخطوط العريضة التي قرأتها هنا وهناك ولايزال صداها يرنُّ في ذاكرتي، بيد أنّ حركة تسمّى بـ الحركة الوطنية فمطالبها، ستكون دون أدنى شك، مطالب اجتماعية تهمّ الجميع، سيّما أنّ من قادوها هم عمّال بقيادة أيقونتها ورمزها ناصر السعيد، وتتحلى بالنبل، رغم أنّها لن تكون طاهرةً مائة بالمائة، فالشّوائب تحلّ في كلّ مكان على حين غرّة. وطالبت هذه الحركة باحترام المذاهب والعقائد، وأهم مطالبها، بصرف النّظر عن مطالبها الاجتماعية والسياسية؛ المتمثلة في إعادة النظر في الحكم وركائزه، هو الرفق بالشيعة وعدم ممارسة الحيف والجَور في حقّها.
 
 دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض %D9%85%D8%AF%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D8%AD
 
في اعتقادي، وهو اعتقادٌ قد يكون صائباً أو خاطئاً، أنّ المعارضة في المملكة السعودية لم تكن متمثّلة في السلفية الجهادية فحسب، بل هناك معارضات أخرى منها كالليبراليون، ومتطلّعون إلى إنشاء دستور يستعيد، دفعة واحدة، حقوقهم المهضومة، وأن تمارس الديمقراطية، وألّا تنتهك حقوق المواطنين، ويصبح الحكم حكماً مقنّناً ومقيّداً. لذا فمنيف أخطأ عندما اعتبر أنّ السلفية الجهادية هي تيار الوحيد الذي شكّل شوكةً في حلق آل سعود. ربّما تعامى منيف عن الدور الجوهري الذي لعبته الحركات الليبرالية، هو تهميش مقصود للحركة ولفاعليتها. وحاول أيضاً التأكيد على أنّ حركة الإخوان التي أجهز عليها الملك عبد العزيز، وأنّ واقعة مقتل الملك فيصل هي استمرار وامتداد حقيقي لهذه الحركة انتهت رسمياً سنة 1928م.
 
أحيطكم علماً أنني لست بصدد نقد منيف، لأنني أفتقرُ لأبسط مقوّمات النّقد، فـ عبد الرحمن منيف وإرثه الأدبي هو مشروع قلّما يتكرّرُ في التاريخ، والدليل على ذلك أنّه يحظى بموقعٍ مهم في الأدب العربي، فهو قمّة بلا جدل. وأنا باعتباري قارئاً له ومهتمّا بإرثه الخالد أُبدي بعض الملاحظات البسيطة التي اكتشفتها وأنا أطالعُ الرواية، ويمكنُ أن تكون ملاحظات صائبة أو خاطئة. فكيف يحق لي أن أنتقد منيف وهو المشروع الذي نتعلّم منه تقنيات السرد والشقشقة اللغوية والحبكة المحكمة كسمات قلّما نصادفه عند روائيين عرب قد لا أنتهي من عدّهم؟
 
على كلّ حال، منيف بدأ كتابة هذه الرواية التاريخية التي نحت لها عنوان جذّاب ومحيّر في نفس الوقت، في الفترة التي هاجر فيها السلفيون من السعودية متوجّهين إلى أفغانستان، وأسّسوا تنظيمهم، أي أنّه كان مواكباً لتحركات السلفية الجهادية التي أشاد بها في الرواية، وهي نفس الحركة التي عقدت العزم على شنّ هجمات إرهابية على دولٍ مختلفة، مخلّفة مجازر بشرية وبرك دموية في صور يستنكرها الإنسان. ولذلك وقّف أطوار روايته في سنة 1975م أي السنة التي قُتِل فيها الملك فيصل، وكان بإمكانه عرض وقائع تاريخية شهدتها المملكة بعد هذه السنة، لكنه تغاضى عن ذلك، هارباً من الغوص في تفاصيل ما يحدث في أفغانستان؛ الأرض الجريحة، من طرف نفس الحركة التي نوّه بها.
 
ومعلومٌ أنّ منيف كان متنوِّراً سياسياً وكائناً تقدّمياً، لكن لماذا استمر في الإشادة بهذه الحركة؟ السبب، من وجهة نظري البسيطة، أنّه كان فاقداً الأمل في جدوى النّضال السياسي الذي يتطلّب قاعدةً جماهيرية تقنعها بمدى نجاعة النّضال، كما كان فاقداً للأمل في الشعارات التي ترفعها الحركات والاتجاهات القومية والليبرالية. هذا بالضبط، برأيي، سببُ تعاطف منيف مع السلفية الجهادية ومحاولته الجادّة للرفع من شأنها.
 
حاولتُ هنا تقديم نظرة مُوجزة عن بعض الملاحظات التاريخية التي وردت في الرواية، لكن الرواية، في الحقيقة، جديرة بالقراءة والاهتمام والسبر في أغوارها، لأنّها ببساطة تستحق. هي رواية قُدّمت للسعوديين فقط، والدليل على ذلك هو عرض صاحبها لتاريخ الدولة الحديث، واستعماله لعبارات ومصطلحات تخصُّ بيئته، كم طغى على الرّواية، وهذا ظاهر لا جدال فيه، الحوار باللغة العامّية السعودية، وكأنّه يُوجّهُ روايتهُ للقارئ السعودي تحديداً، متطلّعاً، دون أدنى شك، إلى مستقبلٍ أفضل يعرفُ تغييراً جذرياً في الوسط السياسي والاجتماعي والاقتصادي. لأنّ القيام بدراسة متأنية ورصينة حول خماسية مدن الملح، باعتبارها رواية تاريخية، يقتضي بذل جهدٍ جهيد، واستغراق وقت ليس بالقصير، لذلك ارتأيتُ أن أكتفي بهذه الأرضية التي تناولتُ فيها الخطوط العريضة التي يُمكن الانطلاقُ منها والشّروع في دراستها دراسةً علمية موضوعية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
دم أرامكو الأسود.. جذور السيطرة الأميركية على ثروات الرياض
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أرامكو
» تحويل “أرامكو السعودية” إلى شركة مساهمة برأس مال حوالي 16 مليار دولار
» 13% من ثروات العالم بأيدي 0.004 من الأثرياء
» كيف تسرق أمريكا ثروات العالم؟!
» ثروات زوجات الرؤساء المخلوعين

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث متنوعه-
انتقل الى: