[rtl]يا فارس الزمان الوحيد!
لم أعد قادرا على النوم يا غزة، ولا حتى الهروب منك أو إليك، في منامي بالأمس شعرت بالأيدي الصغيرة المكسوة بغبار الردم وهي تهزني بشدة ، صحوت مذعورا على أطياف كائنات ليلية تصرخ في وجداني بهستيريا ، أمهات فقدن عقولهن بعد ان تفتت الأب والأبن والبنت من القذيفة الأمريكية العاهرة، لم أعد أليق بالحياة ولا الحياة تليق بنا جميعا ، لقد أصبحت أحلم بالصواريخ والصواريخ تحلم بي ، أحلم كل ليلة بأن في يدي الكبسة الذرية الأخيرة كي أمحو هذا العالم عن بكرة أبيه لما يفعله بغزة وبشعب فلسطين، أحلم أنني صرت بنك الاهداف الاسرائيلية وانهم اصبحوا بنك اهدافي ، بالأمس دفعت نفسي في حلم يقتلني شوقا ، لقد تمكنت منهم جميعا يا أطفال غزة ووضعتهم في قفص ، قفص المحاكمة التاريخية لكل المجرمين بعد أن تمكنت من جمعهم مثل الفئران، كلهم دون استثناء: ابن ميثان وابن اوكتان وابن غيطان مع بايدان وماكران وفيهم نتان وابن غفران ومعهم الأتان وابن ثعبان ، كلهم كمشة واحدة وضعتهم في قفص دجاج كبير واعترفوا بأنهم من نسل واحد ودين واحد وعصابة واحدة، أرواح غزة نطقت الحكم الخالد فحكمت عليهم بالموت قصفا تحت الردم وبعضم قصفا بالأحذية ليذوقوا وبال ما صنعت أيديهم ثم بعد ذلك إقامة دائمة في جناح السعير الأزلي.
من ينجدنا يا رب العالمين إلا أنت؟ من ينجدنا من الموت إلا الموت؟ يا أيها العالم المفقود في الوادي الأمريكي أليس هنالك من يسمع أو ينقذ علياء الصغيرة أو أحمد الذي توزع دم امه على مساحة عشرين كيلو متر مربع ؟ أليس من يذرف دمعة او يرمي حجرا؟ وأسفاه على يوسف يا أمتي حتى ابيضت عيون الملائكة حزنا ودمعا وراح العمر هدرا، ما هي انتصاراتكم يا ملوك الهزيمة ؟ إدخال بعض زجاجات الماء المالح أم جرعة من بسكويت العم سام ؟ ما هي انتصاراتكم يا ملوك القطران؟ أكفان معطرة للشهداء الأحياء ؟ هل نقص عليكم أحسن القصص كي نسليكم وغزة تروي لكم حكاية الغيلان؟
نعم! نحن نقص عليكم أحسن القصص إذ قالت غزة إني قدمت أحد عشر ألف شهيدا وناديت حتى استوى البحر على الجودي، نحن الشعوب المسحوقة التي تشهد عليكم بأنكم خذلتم نداء النار واحتميتم بالأسفار، نحن الشجر والحجر الذي يصيح اليوم ليقول هذا زعيم عربي صهيوني خلفي تعال يا عبد الله فاقتله، إلا الفضائيات العربية فإنها من غرقد اليهود، نحن جموع الفقراء الذين كتب عليهم العذاب قهرا وألما، طعاما وشرابا، نحن الذين يكبل أيديهم بلينكن وتعرقل عقولهم بارجة في البحر ويخافون زرق العيون، يا يوسف الشهيد إسأل العزيز ألم ير في المنام الجديد سبع طائرات تقصف سبع أطفال في سبع أكفان بيض؟ ألا يحتاج من يفتيه في رؤياه وهو يضحك ؟ إسألهم جميعا يا يوسف العربي ألم تأتهم في المنام ملائكة العذاب الأسود؟ إٍسألهم وعدهم وما يعدهم الله إلا عذابا وأبلغهم بمقعدهم الدائم من جهنم التي لا يؤمنون حتى بوجودها.
في المشهد الاسرائيلي البائس القائم الان يقفز القطاع الطبي الصهيوني ليطالب جيشه بقصف المشافي الفلسطينية في غزة ، تخيلوا هذا هو قطاع الرحمة والانسانية عندهم ! ثم يقفز إلياهو بن سفالياهو وزير التراث ليطالب بقصف غزة بقنبلة نووية، هذا هو فقه التراث والثقافة الإنسانية لديهم، ثم يأتي كبيرهم الذي علمهم الكفر ليطالب بخطة لما بعد حماس وما بعد التهجير فيقفز احدهم ليطالب بجعل غزة بأكملها متنزها ومقاما (لشهداء ) و( ومقاتلي ) جيشهم الباسل، يقفز أخر من أمريكيا من خلف ميكروفون الكذب الأمريكي وهو أراجوز ذي فكين خشبيين ليقول بأننا سنواصل دعم اسرائيل للقضاء على حماس وقد نمنح مهلة لثلاثة أيام ثم نواصل لعبة القتل بعدها ، في زاوية أخرى يأتينا وزير الخارجية الأمريكي ليصنع من أمريكيا مهزلة بيد العصابة الصهيونية ، يدور على كل المنشآت العربية في الكيبوتس العربي ويطالب بعدم توسيع حلقة الصراع وهو بذلك يقصد أن يحقق مهمة اسرائيلية تعني بالحرف الواحد سنقتل غزة ولا يتدخلن أحد، يطالب بالتهجير واعادة التوطين وهو يقصد بذلك تحقيق حلم قديم لاسرائيل ، يطالب بالافراج عن الأسرى وهو بذلك ينادي بالرغبة الاسرائيلية الجامحة ، يشرح حال غزة بعد حماس وهو بذلك يطبق الرؤية الاسرائيلية، هل هذا وزير خارجية امريكي أم اسرائيلي أم ماذا أنت بالضبط؟
حيال كل هذا الوجع المفرط هنالك الشق الثاني من هذه المعركة حيث تتوضأ الروح وتركض في مغتسلٍ باردٍ وشراب، أولئك الأبطال في شوارع المدينة المحاربة الذين تعرضهم الصور في ومضات من الزمن العجيب ، ولذا فعندما حاولت كتابة كلماتي بأصابعي الخمس فقدت القدرة على نطق الحروف وتلاشى التحليل السياسي ومقالة الموجز الأخباري، حصل معي شيء غريب ! فكلما حاولت الكتابة شعرت بأن الملثم أبا عبيدة يقف خلف كتفي ويراقب ما سأكتب دون أن يتفوه بكلمة، حتى أنني كلما حاولت ان أصيغ عباراتي أشعر بأنني تلقائيا أتقمص روح كلماته أو احاول تقليدها في قالب من الاسقاط البطولي، إنه يرفض الانحناء وحتى الغياب عني وعنكم ، حتى عندما حاولت التهرب وتجاهل طيفه والاتيان بشيء بعيدا عن الاقتداء بقامته انحنت ضفائر الكلمات إليه رغما عني.
لقد تحولت أيها الناطق الرسمي بإسم الملائكة المقاتلة إلى مراقب الأمة العام والساهر على النصر أينما وجد وتحولت كلماتك إلى الشعلة التي نهتدي بهديها كلما خفتت أرواحنا مع الدم الهادر والليل العربي الطويل ، لقد تحولت المقاومة الفلسطينية إلى الشعلة والمنهاج واختصرت سبعين سنة من الهزيمة وهي تقاتل بشراسة في شوارع غزة ببنطال الجينز او بذلة رياضية أو حتى نصف قميص مع الكلاشينكوف العربي والياسين العربي ، لقد تحول أي شيء يرتديه هذا المقاتل إلى الزي الرسمي للكرامة العربية والرد الماحق على عربدة بلينكن وعصابة نتانياهو والرئيس الصهيوني وشلة الاعراب الذين تطالبهم القردة بحقوق الملكية الفكرية ، لم يعد لدينا من احد سواك بعد أن خذلك باعة البلانكتون المتحلل وخذلتك الشعوب التي تلوح فوق رأسها هراوة بني اسرائيل ، انت الوحيد يا سيد الزمان والمكان ، أنت الوحيد الذي سيعيد بناء القدس ويفتح القسطنطينية ويبعث الحياة للأنشودة الملتهبة ، أنت الوحيد الذي سيعيد لنا معزوفة المساء مع حقول القمح المسبحة بين الليل والنهار ، أنت صاحب علامة النصر فوق هذا الحطام كي تعيد هندسة الأمة وإعمار الروح وتحررنا جميعا من عواصم السجن الكبير ، أنت الوحيد فارس هذا العصر الوحيد وسواك المسوخ !
[/rtl]
الرئيسية 
البوابة 
