منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

  ماليزيا: تجربة الإسلام السياسي في الحكم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69786
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 ماليزيا: تجربة الإسلام السياسي في الحكم Empty
مُساهمةموضوع: ماليزيا: تجربة الإسلام السياسي في الحكم    ماليزيا: تجربة الإسلام السياسي في الحكم Emptyالإثنين 12 فبراير 2024, 1:10 pm

 ماليزيا: تجربة الإسلام السياسي في الحكم GettyImages-956962378_1140x400



ماليزيا: تجربة الإسلام السياسي في الحكم



من المفارقات اللافتة للانتباه أن كثيرا من الدراسات المهتمة بالإسلام السياسي ركزت اهتمامها على تجارب الحركات الإسلامية في الشرق الأوسط والعالم العربي. متجاهلة أن أكثر من ثلثي المسلمين يعيشون خارج هذه المنطقة. كما أن لكثير من الإسلاميين خارج العالم العربي تجارب سياسية ناجحة تستحق الاهتمام.[1] وتمثل تجربة حركات الإسلام السياسي الماليزية نموذجا لافتا يستحق العناية والاهتمام من كل المعنيين بهذا المجال.


ماليزيا: الدولة والإسلام ونظام الحكم
تمثل ماليزيا نموذجا فريدا لدولة حديثة شكل الاستعمار البريطاني الإطار العام لنظامها السياسي. فماليزيا مملكة فدرالية دستورية حافظت منذ استقلالها عن بريطانيا عام 1957م على نظام حكم برلماني ديمقراطي تعددي لم يتعطل سوى لفترات وجيزة وظلت النخبة المدنية الحزبية تقود المشهد فيه منذ الاستقلال حتى الآن.


ورغم تعقيد المشهد الديمغرافي الماليزي (فهي دولة متعددة الأعراق لا تزيد نسبة المسلمين فيها على ٦٠٪) إلا أن الملايو المسلمين (٥٥٪ من السكان) ظلوا عماد النظام السياسي الماليزي وقادوا البلاد منذ الاستقلال.


ورغم وجود تيارات سياسية ملايوية عديدة (قومية واشتراكية وليبرالية وإسلامية) بالإضافة لوجود أحزاب تمثل الأقليات غير الملايوية وأحزاب متعددة العرقيات إلا أن حزب أمنو القومي الملايوي ظل (منذ نشأته عام 1946م) الفاعل الأهم في المشهد السياسي الماليزي حتى الآن.


وقد شكلت المنافسة الشديدة لعقود على مقاعد الناخبين الملايو بين حزبي أمنو (القومي) ومنافسه التقليدي حزب باس (الإسلامي) ثم بين أمنو وأحزاب إسلامية وقومية جديدة الميدان الأهم للصراع السياسي والفكري والمجتمعي في ماليزيا حيث تطور الخطاب السياسي الماليزي على وقع هذه المنافسة المستمرة.


ولفهم تجربة الإسلام السياسي الماليزي فلا بد من الإشارة إلى أن الدولة الماليزية وحزبها الحاكم طيلة ستة عقود (أمنو) لم يكونا بنى علمانية صرفة. فالدولة الماليزية ونظامها السياسي تأثرا بشكل مباشر بالأيديولوجيا الإسلامية الإصلاحية التي صاغت الهوية القومية الملايوية في أربعينيات القرن العشرين.[2]


وكون حزب أمنو حزبا قوميا وكون القومية الملايوية قومية دينية بالضرورة (حيث يعرف الدستور الماليزي الشخص الملايوي بأنه شخص مسلم يتحدث اللغة الملايوية ويمارس العادات والتقاليد الملايوية) فإن مسار أمنو السياسي اقترن مبكرا بأجندة إسلامية تمثلت بالدفاع عن حقوق المسلمين والحفاظ على ثقافتهم.


وساهمت مشاركة الإسلاميين المبكرة في النظام السياسي الماليزي وحالة التنافس المستمرة بين الإسلاميين والقوميين في رفع سقف الخطاب الإسلامي الماليزي وأسلمة الدولة بشكل مستمر.


ورغم انتشار الفرضية القائلة بأن مشاركة الإسلاميين في النظام الديمقراطي قد تدفعهم للبراغماتية والمساومة وتعديل سلوكهم السياسي بل وتعديل الأيديولوجيا التي يعتنقونها أحيانا إلا أن تجربة ماليزيا توحي بأن ما حصل هو العكس حيث ساهمت مشاركة الإسلاميين في العملية السياسية نحو دفع الدولة وحزبها الأهم لتسريع عملية الأسلمة ومحاولة التغلب على مطالب الإسلاميين عبر المزيد من الأسلمة.[3]


ماذا نعرف عن الإسلام السياسي الماليزي؟
توسعت أطر الحركة الإسلامية الماليزية منذ مطلع الثمانينيات لتشمل بالإضافة للأحزاب والجماعات الإسلامية الكثير من المؤسسات الدينية الرسمية والشعبية التي تساهم بشكل دائم ومباشر في عملية أسلمة الدولة والمجتمع بعيدا عن الصراع السياسي الدائر بين مختلف القوى والأحزاب.


ويمكن القول بأن أهم مكونات الإسلام السياسي الماليزي المعاصر هي ثلاث مجموعات تملك -بأشكال مختلفة- تأثيرا مباشرا في صياغة الخطاب السياسي الماليزي وتوجيه الصراع الحزبي المواكب له. وهذه المجموعات هي:


الأحزاب السياسية الإسلامية: وتضم بشكل أساسي الحزب الإسلامي الماليزي (باس) PAS وحزب الأمانة الوطني (أمانة) Amanah.
الجماعات الإسلامية الحركية غير الحزبية: وأبرزها حركة الشباب الإسلامي (ابيم)، جماعة إكرام، حركة الاتحاد الإسلامي (اسما).
الأحزاب القومية الملايوية (التي تضم خليطا من قوى وتيارات إسلامية وقومية متنوعة): وأبرزها حزب أمنو والأحزاب القومية المنشقة عنه مثل حزب الوحدة Bersatu وحزب المقاتل Pejuang.
مشاركة الإسلاميين في الحكم
المرحلة الأولى : باس في الحكومة (1974م – 1978م)
جاءت المشاركة الأولى للإسلاميين الماليزيين في الحكومة الفيدرالية إثر تحولات استثنائية أعقبت الأزمة العرقية الدموية التي وقعت بين الأقلية الصينية والغالبية الملايوية بعد انتخابات مايو 1969م.


فبعد إعلان حالة الطوارئ وتعليق الحياة البرلمانية قرابة العامين نجح رئيس الوزراء الماليزي ورئيس حزب أمنو عبد الرزاق حسين في إعادة تشكيل المشهد السياسي عبر توسيع تحالفاته السياسية وتأسيس “الجبهة الوطنية” التي ضمت بالإضافة لأحزاب الحكم التقليدية أحزاب معارضة بارزة مثل حزب باس الإسلامي الذي شارك في الحكم الفيدرالي عام 1974م لأول مرة منذ نشأته قبل عقدين من الزمان.[4]


ورغم أن باس سبق وحكم ولاية كيلانتان من قبل إلا أن هذه التجربة كانت الأولى للحزب على المستوى المركزي حيث تولى رئيس الحزب محمد عصري مودا وزارة الأراضي والمناجم بالإضافة لحقيبة الشؤون الخاصة.


وفتحت هذه المشاركة الباب لانخراط كثير من أنصار الحزب في مؤسسات الدولة مما أتاح لهم الفرصة بالمساهمة في عملية أسلمة الدولة في مرحلة لاحقة.[5] ولكن الأثر الأكبر لهذه التجربة كان داخليا حيث تراجعت شعبية الحزب تحت قيادة عصري مودا الذي لم ترق سياساته القومية لكثير من أبناء الحزب خصوصا تياره الشبابي الذي أطاح بعصري من قيادة الحزب في فترة لاحقة.[6] ودفع تراجع شعبية الحزب والخلافات التي نشبت داخله لانسحاب باس من حكومة رئيس الوزراء حينها حسين عون عام 1978م.


المرحلة الثانية : عصر مهاتير وأسلمة الدولة (1981م-2003م)
رغم انسحاب الحزب الإسلامي (باس) من الحكومة ثم تصاعد خطابه المعارض لحكومة الدكتور مهاتير محمد بقيادة رئيس الحزب الجديد الشيخ يوسف راوا إلا أن تجربة الإسلام السياسي الماليزي في الحكم لم تنته عندئذ حيث شهد عقد الثمانينيات تحولين بارزين دفعا بالأجندة الإسلامية إلى الصدارة.


كان أول هذه التحولات هو استلام زعيم أمنو الجديد الدكتور مهاتير محمد زمام الحكم عام 1981م وإطلاقه لمجموعة من المشاريع الكبرى الساعية لتحقيق النهضة الاقتصادية. وسعى الدكتور مهاتير لتعزيز شرعية مشروع النهضة الاقتصادية والتحديث في ماليزيا عبر إطلاق برنامج واسع لأسلمة الدولة ونظام الحكم ينبني على مرتكزات عملية تتبنى القيم الإسلامية في العمل والحياة وتسعى لبناء الحضارة الإسلامية من جديد.[7]


شملت عملية الأسلمة حينها إنشاء مؤسسات إسلامية رسمية جديدة وضم جيل جديد من الدعاة والعلماء لصفوف الجهاز البيروقراطي للدولة وإنشاء البنوك والمشاريع الإسلامية وتشجيع الحراك الفكري الإسلامي وغيرها من المبادرات.


وكان التحول الثاني الداعم لأجندة مهاتير الإسلامية متمثلا في استيعابه للزعيم الشبابي الإسلامي أنور إبراهيم ومجموعة من قيادات حركة الشباب الإسلامي (أبيم) في صفوف حزب أمنو الحاكم منذ مطلع حكم الدكتور مهاتير. من اللافت للنظر أن هذا التوجه المهاتيري نحو الأسلمة واستيعاب الإسلاميين في الحكم جاء مخالفا للاتجاه العام في كثير من الدول الإسلامية آنذاك والتي سعت لمحاربتهم وإقصائهم عن مراكز صناعة القرار.


مثل عقدا الثمانينيات والتسعينيات أوج مرحلة صعود التيار الإسلامي الحركي (غير الحزبي) حيث صعد قيادات (أبيم) سلم الحكم من داخل حزب (أمنو) بينما استمر حزب (باس) في قيادة تيار المعارضة لحكم الدكتور مهاتير.


ورغم أن الدارسين لشخصية وتجربة مهاتير السياسية يترددون في ضمه إلى دائرة الإسلام السياسي إلا أن الكاتب يميل لاعتبار تجربته -فكرا وممارسة- تجربة إسلامية فريدة تمثل نموذجا متقدما من نماذج الإسلام السياسي قادها الرجل باقتدار قبل عقود من وصول معظم تيارات الإسلام السياسي للحكم.


لقد مثلت مرحلة مهاتير الأولى تجربة فريدة نجح الإسلاميون وحلفائهم فيها بأسلمة النظام السياسي الماليزي رغم بقاء أبرز أحزاب الإسلام السياسي “باس” خارج الحكم.


المرحلة الثالثة: الإسلام الحضاري والانفتاح على الإسلاميين (2003-2018)
رغم استمرار (باس) في المعارضة منذ خروجه من السلطة عام 1978م وتغييب أنور إبراهيم عن الحكم منذ عام 1998م إلا أن تجربة الإسلام السياسي في حكم ماليزيا لم تتوقف. فقد تحول حزب (أمنو) خلال حكم الدكتور مهاتير من حزب قومي علماني إلى حزب قومي ذي صبغة إسلامية لا يختلف خطابه وأجندته كثيرا عن سائر أحزاب الإسلام السياسي العالمية.[8] وجاءت فترة حكم عبد الله بدوي (2003-2009م) لتفتح الطريق أمام تبني الدولة رسميا لمشروع إسلامي تمثل في رؤية “الإسلام الحضاري”. ويعني الإسلام الحضاري وفقا لصاحب الرؤية نفسه “الإسلام الذي يركز على جانب التمدن وبناء الحضارة”.[9]


ورغم وقوف تيارات الإسلام السياسي التقليدية (خصوصا باس) موقفا متوجسا من رؤية الإسلام الحضاري إلا أن تبني الحكومة لها طيلة فترة بدوي عزز من نفوذ وانتشار المؤسسات الدينية الرسمية والشعبية ورفع سقف الخطاب السياسي الإسلامي بشكل غير مسبوق.


وشهدت فترة بدوي عودة أنور إبراهيم للمشهد السياسي عبر حزب (عدالة الشعب) ومثل تحالف حزب العدالة مع حزب باس تحديا حقيقيا لحزب أمنو حيث تشكل لأول مرة بديل سياسي ملايوي قادر على اجتذاب شرائح واسعة من الرأي العام كما ظهر في الانتخابات البرلمانية عام 2008م التي فقد فيها التحالف الحاكم أغلبية الثلثين.[10]


هذا الضغط الحزبي الخارجي على (أمنو) مضافا له التحولات الداخلية (خصوصا أسلمة الحزب) ساهم بإعادة تأطير الصراع السياسي الماليزي ليصبح منافسة بين الإسلاميين القوميين من جهة وتيارات إسلامية متنوعة على الجهة المقابلة.


ولم تتوقف المنافسة خلال فترة حكم محمد نجيب عبد الرزاق (2009-2018م) بين الخطابين الإسلامي القومي (أمنو) من جهة والإسلامي البديل (أنور إبراهيم وباس) من جهة أخرى. بل تحولت المنافسة على الأسلمة إلى ما يشبه السباق بين النخب الحزبية التقليدية من جهة وتيارات إسلامية جديدة صاعدة (مثل حزب أمانة وحركتي إكرام وإسما) من جهة أخرى.


وشهدت هذه الفترة أيضا انفتاح أمنو على حركات إسلامية عالمية مما ساهم في تعزيز الصبغة الإسلامية الجديدة للحزب. لكن تفاقم قضايا الفساد وتراجع شعبية الحزب الحاكم دفعا نحو تفكك المشهد السياسي والإطاحة بالنظام في انتخابات 2018م مما فتح الباب على مصراعيه لدخول أحزاب الإسلام السياسي المختلفة إلى قلب نظام الحكم لتصبح مكونا أساسيا في الحكومات اللاحقة.


المرحلة الرابعة: الأحزاب الإسلامية في السلطة من جديد (٢٠١٨- الآن)
مثلت خسارة حزب (أمنو) وتحالف الجبهة الوطنية الانتخابات العامة عام 2018 وخروجهم من السلطة بعد ستة عقود من الحكم هزة غير مسبوقة للنظام السياسي الماليزي لا يزال يتأرجح على وقعها.


فالانشقاقات التي تعرض لها (أمنو) خلال حكم نجيب وتكاثر الأحزاب السياسية فتح الباب أمام صعود أحزاب إسلامية جديدة مثل حزب الأمانة. وحظي حزب أمانة الإسلامي على حصة رئيسية في حكومة الدكتور مهاتير الجديدة حيث تولى رئيسه وزارة الدفاع وتولى معظم برلمانييه (8 من أصل 9 برلمانيين) مقاعد وزارية مهمة. ولم تقتصر مشاركة الإسلاميين في حكومة الدكتور مهاتير على حزب أمانة حيث تولى عدد من البرلمانيين المنتمين لحركات إسلامية غير حزبية (اكرام وأبيم) عدة حقائب وزارية مهمة.


ولم يكتب لحكومة الدكتور مهاتير الاستمرار أكثر من 22 شهرا حيث وقعت انقسامات في التحالف الحاكم فتحت الباب لتشكيل حكومة جديدة (منذ مارس 2020م حتى الآن) بقيادة الزعيم القومي محيي الدين ياسين وبمشاركة حزبي باس الإسلامي وأمنو القومي (ذو التوجهات الإسلامية).


وقدم حزب (باس) نموذجا لمشاركة الإسلاميين في الحكم مغايرا للنموذج الذي قدمه حزب أمانة (المنشق عنه عام 2016م). فقد أظهر حزب باس نزعة قومية واضحة تجاهلت الأقليات غير الملايوية بينما سعى حزب أمانة لتقديم خطاب منفتح على القوميات والأقليات غير الملايوية وغير المسلمة.


كما تراجع حزب باس عن تركيزه التاريخي على مشاريع أيديولوجية مثل تطبيق الشريعة (خصوصا الحدود) وصرف جهده في تعزيز نفوذه داخل أروقة الحكم. أما حزب أمانة فقد ركز خطابه على مكافحة الفساد وتقديم نموذج إسلامي منفتح على الأقليات لكنه انشغل في أعباء الحكم قبل اكتمال بنائه التنظيمي وتوسيع انتشاره.


وخلاصة القول أن الإسلاميين في ماليزيا نجحوا بشكل كبير في صياغة الخطاب السياسي الماليزي وتأطيره وفقا لرؤاهم ومنطلقاتهم الفكرية كما نجحوا في بناء تجارب متنوعة في الحكم ليصبحوا جزءا أساسيا من المشهد السياسي الماليزي.


فعلى الرغم من استمرار التقلبات السياسية منذ 2018م، إلا أنه غدا واضحا أن أحزاب الإسلام السياسي الماليزي ستظل ركنا مهما في أي تشكيل حكومي قادم.


المصادر
[1] Joseph Chinyong Liow, Piety and Politics: Islamism in Contemporary Malaysia, (Oxford University Press: New York, 2009), 8-9.


[2] Joseph Chinyong Liow, Piety and Politics, 19-20.


[3] Ibid, 43-46.


[4] Farish A. Noor, The Malaysian Islamic Party PAS 1951-2013: Islamism in a Mottled Nation, (Strategic Information and Research Development Centre: Petaling Jaya, 2014), 85.


[5] عبد الهادي أوانغ، مقابلة للباحث مع الشيخ عبد الهادي أوانغ، المبعوث الخاص لرئيس الوزراء الماليزي للشرق الأوسط ورئيس الحزب الإسلامي الماليزي (باس)، كوالالمبور، 2017م.


[6] Joseph Chinyong Liow, Piety and Politics, 33-36.


[7] مهاتير محمد، مقابلة للباحث مع الدكتور مهاتير محمد، رئيس وزراء ماليزيا في الفترتين 1981م-2003م و 2018م-2020م، بوتراجايا، 2020م.


[8] John Funston, “UMNO – From Hidup Melayu to Ketuanan Melayu”. In The End of UMNO: Essays on Malaysia’s Dominant Party, edited by Bridget Welsh, 42-64, (Petaling Jaya: Strategic Information and Research Development Centre, 2016).


[9] عبد الله أحمد بدوي، “وثيقة الإسلام الحضاري”، في “الإسلام الحضاري: النموذج الماليزي”، (مركز المسبار للدراسات والبحوث، 2010)، 137-154.


[10] صهيب جاسم، “ماليزيا ما بعد عاصفة الانتخابات ورياح التغيير”، مركز الجزيرة للدراسات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69786
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 ماليزيا: تجربة الإسلام السياسي في الحكم Empty
مُساهمةموضوع: رد: ماليزيا: تجربة الإسلام السياسي في الحكم    ماليزيا: تجربة الإسلام السياسي في الحكم Emptyالإثنين 12 فبراير 2024, 1:11 pm

النموذج الماليزي في الحكم بين الإسلامية والعلمانية (1)

 ماليزيا: تجربة الإسلام السياسي في الحكم F2c3915a-e9a7-446d-96ae-9cd9f412ef50
مسجد ولاية في كوالالمبور أحد أكبر المساجد في ماليزيا


يمثل النموذج الماليزي في المسألة العلمانية ونظام الحكم مادة ثرية وخصبة، لكونه يرتبط بعلاقة الدين والدولة في مجتمع إسلامي متعدد، في ظل أغلبية مسلمة، وهو أمر يتسم بالحساسية والدقة. ولكن من المهم الوقوف على بعض المعلومات الأساسية ذات العلاقة لدولة ماليزيا، قبل البدء في مناقشة النموذج، من تلك الزاوية.


فماليزيا مملكة دستورية، ذات نظام فدرالي، استقلت عام 1957م عن الاستعمار البريطاني، وعدد سكانها حسب آخر الإحصاءات التي جرت في 2017 م يتجاوز الـ32 مليونا، يتوزعون بين 3 قوميات رئيسة، وهي الملايو التي يختلف تقدير نسبتها بين 55% إلى 60%، بفعل عدة عوامل، وهم جميعا مسلمون، أما النسبة المتبقية تنقسم بين القوميتين الرئيستين الأخريين من الصينيين والهنود، بالإضافة إلى الأقليات الصغيرة.


وعلى الرغم من أن الملاويين المسلمين هم "أبناء البلد" الأصلي، على خلاف الصينيين والهنود الذين قدم أغلبهم في حقبة الاستعمار البريطاني، فإن نسبة الملاويين العددية، عند إعلان استقلال ماليزيا، لم تتجاوز نصف السكان تقريبا، أما الصينيون فقد شكلوا قوة عددية، وقوة في النفوذ الاقتصادي، إذ يتجاوز نفوذ الملايو المسلمين بأضعاف مضاعفة، مما دفع الحزب المسلم الحاكم "أمنو" UMNO للتحالف معهم.


من المعطيات الهامة في النموذج الماليزي أن الدستور الماليزي تميز بمواد قل نظيرها في أي بلد آخر، إذ عرف الملايو بأنه (الشخص المسلم، الذي يتكلم لغة الملايو، ويمارس عاداتهم)


وعادة ما يشيع في بعض الأدبيات السياسية أن الصيغة التي تضمن التعايش في المجتمع الماليزي هي الصيغة العلمانية "المعتدلة"، إذ حصر بعضهم مفهوم التعايش بين الفرقاء في الصيغة العلمانية وحدها، ونسي نماذج أخرى يأتي في مقدمتها النموذج الإسلامي الذي دشنه النبي محمد -صل الله عليه وسلم- في دولة المدينة ووثيقتها الشهيرة -على سبيل المثال- وتشهد له جملة النصوص القرآنية والنبوية القولية والعملية.


من المعطيات الهامة في النموذج الماليزي أن الدستور الماليزي تميز بمواد قل نظيرها في أي بلد آخر، إذ عرف الملايو بأنه "الشخص المسلم، الذي يتكلم لغة الملايو، ويمارس عاداتهم"، وبالتالي، فمن الناحية العملية لهذا التعريف القانوني، فإن كل الملايو مسلمون، وإن ابن الملايو الذي يترك الإسلام بالانتقال إلى دين آخر، لا يعد من الناحية القانونية منتميا إلى الملايو. وهذا يعني تداخلا بين ما هو ديني وبين ما هو قومي، بحيث حملت قومية الملايو صفة دينية. فكان الإسلام عنصرا حاسما في تحديد هويتهم. ووصف الدستور دين الدولة بأنه الإسلام، وعد ملك ماليزيا راعيا للإسلام في البلد، ومنع غير المسلمين من نشر دينهم وسط المسلمين، لكنه سمح لهم بنشره وسط غير المسلمين، إضافة إلى أنه سمح للمسلمين بنشر دينهم وسط غيرهم من أبناء الأديان الأخرى، وفوق كل ذلك فإنه ينص بصراحة في مادته الثالثة في الفقرة الأولى على أن "الإسلام هو دين الاتحاد مع ضمان ممارسة الأديان الأخرى بسلام، وتآلف في أي جزء من الاتحاد".


الحزب يتبنى الإسلام بشكل شامل من الناحية العملية كموروث قومي وحضاري، بوصفه حزبا ملايويا وطنيا قوميا معتدلا، ولا يفرق بين القومية والدين.


والسؤال المركزي هنا: هل تنسجم النقاط التي سبق ذكرها مع أي مفهوم من مفاهيم العلمانية وأي نموذج من نماذجها المتباينة؟


حزب أمنو: قومي "علماني" أم وطني " إسلامي"؟
تأسس حزب المنظمة الوطنية الملايوية المتحدة في 11 مايو/أيار 1946 من قبل السياسي الماليزي عون بن جعفر، ويعرف اختصارا بـ"أمنو" (UMNO)،  وبالنظر إلى فكرته وصيغته الأولى، فربما سارع بعضهم إلى تصنيفه حزبا "علمانيا"، أو أقرب إليه، مع أنه عرف نفسه بأنه " حزب وطني ملايوي يتبنى الإسلام المعتدل، ويناضل من أجل التطلعات القومية لأبناء الملايو، وصيانة السيادة والهوية والثقافة الملاوية". ويمكن وصفه بأنه من أحزاب يمين الوسط، ذات الأيديولوجيا المحافظة، ومن ثم فإنه لا يتبنى موقفا معاديا للدين، كما هو شأن العلمانية غالبا في المجتمعات العربية والإسلامية، ناهيك عن المجتمعات الغربية، إضافة إلى أنه لا يطالب بتنحية الدين جانبا في العمل السياسي وشؤون الدولة.


وإذا كان من التعسف والخفة معا وصف حزب أمنو بـ(الإسلامي)، بالمعنى المتعارف عليه في العمل السياسي، أي ذلك التنظيم أو تلك المؤسسة التي تتبنى المطالبة والنضال في سبيل تقديم  البديل الإسلامي المباشر في مختلف مجالات الحياة الحيوية، فإن ذلك لا يؤذن بوصفه بـ(العلماني) أيضا للسبب الآنف ذكره، خاصة حين نسترجع أن القومية الملايوية لا تعني ثنائية مع معتقد أبنائها، بل قوميتهم هي دينهم (الإسلام)، ودينهم هو قومتيهم، وبهذا يزول الالتباس الذي يرتبط عادة في أذهان بعض المسكونيين بالدولة القومية، وأن من أبرز لوازمها أنها على نقيض الدين، إذ يظنون أن من المحتم -تبعا لذلك- الفصل بين الدين والحياة السياسية والتشريعية وغيرها!


إن مسار أمنو السياسي اقترن مبكرا بأجندة إسلامية تمثلت بالدفاع عن حقوق المسلمين والحفاظ على ثقافتهم.


ومن هنا يمكننا القول: إن الحزب يتبنى الإسلام بشكل شامل من الناحية العملية كموروث قومي وحضاري، بوصفه حزبا ملايويا وطنيا قوميا معتدلا، ولا يُفرّق بين القومية والدين.


وفي هذا يحسن الاستشهاد بدراسة أحد الباحثين بعنوان "ماليزيا: تجربة الإسلام السياسي في الحكم" الصادرة في 5 أكتوبر/تشرين الأول 2022م، إذ أولت وضعية الدولة الماليزية وائتلاف أمنو تركيزا خاصا، وقد ورد فيها معلومات عن (أمنو) ونظام الحكم:


"ولفهم تجربة الإسلام السياسي الماليزي، فلا بد من الإشارة إلى أن الدولة الماليزية وحزبها الحاكم (أمنو) طيلة 6 عقود لم يكونا بنى علمانية صرفة. فالدولة الماليزية ونظامها السياسي تأثرا بشكل مباشر بالأيديولوجيا الإسلامية الإصلاحية التي صاغت الهوية القومية الملايوية في أربعينيات القرن العشرين.


وكون حزب أمنو حزبا قوميا وكون القومية الملايوية قومية دينية بالضرورة- إذ يعرف الدستور الماليزي الشخص الملايوي بأنه شخص مسلم يتحدث اللغة الملايوية، ويمارس العادات والتقاليد الملايوية)، فإن مسار أمنو السياسي اقترن مبكرا بأجندة إسلامية تمثلت بالدفاع عن حقوق المسلمين والحفاظ على ثقافتهم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69786
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 ماليزيا: تجربة الإسلام السياسي في الحكم Empty
مُساهمةموضوع: رد: ماليزيا: تجربة الإسلام السياسي في الحكم    ماليزيا: تجربة الإسلام السياسي في الحكم Emptyالإثنين 12 فبراير 2024, 1:13 pm

النموذج الماليزي في الحكم بين الإسلامية والعلمانية (2)


 ماليزيا: تجربة الإسلام السياسي في الحكم %D9%85%D9%83%D8%AA%D8%A8-%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B2%D8%B1%D8%A7%D8%A1-1707495844
مكتب رئيس الوزراء في بوترا جايا.


في سياق الحديث عن طبيعة حزب أمنو الماليزي وتوجهاته الفكرية والسياسية يذهب بعض الباحثين إلى أنه " رغم استمرار (باس) في المعارضة منذ خروجه من السلطة عام 1978م وتغييب أنور إبراهيم عن الحكم منذ عام 1998م، إلا أن تجربة الإسلام السياسي في حكم ماليزيا لم تتوقف. فقد تحول حزب (أمنو) خلال حكم الدكتور مهاتير من حزب قومي علماني إلى حزب قومي ذي صبغة إسلامية لا يختلف خطابه وأجندته كثيرا عن سائر أحزاب الإسلام السياسي العالمية.  وجاءت فترة حكم عبد الله بدوي (2003-2009م) لتفتح الطريق أمام تبني الدولة رسميا لمشروع إسلامي تمثل في رؤية "الإسلام الحضاري". ويعني الإسلام الحضاري وفقا لصاحب الرؤية نفسه “الإسلام الذي يركز على جانب التمدن وبناء الحضارة.


وساهمت مشاركة الإسلاميين المبكرة في النظام السياسي الماليزي وحالة التنافس المستمرة بين الإسلاميين والقوميين في رفع سقف الخطاب الإسلامي الماليزي وأسلمة الدولة بشكل مستمر".


وإذا ركزنا على مشروع رئيس الوزراء عبد الله بدوي – المشار إليه آنفا-  وهو الذي يعد أحد أقطاب حزب أمنو؛ فإنه لم يجد أفضل ما يقدمه كرؤية استراتيجية أو مشروع حضاري لحكومته التي سعى فيها لمتابعة سياسة سلفه مهاتير محمد سوى تلك الرؤية الموسومة بعنوان "الإسلام الحضاري"، ويأتي ذلك في إطار التنافس المحموم مع حزب (باس)، وكأنه يقول: الإسلام مشروعنا جميعا، وليس حكرا على الحزب الإسلامي، وهنا يتأكد لنا أن  العلمانية تكاد تصبح خارج سياق المعادلة في المجتمع الماليزي.


ثمة العديد من الشواهد التي تشير إلى بروز مظاهر الأسلمة داخل حزب أمنو، منها أن عددا من الرموز الإسلامية  المعروفة  في حزب (باس) كانت منضوية في إطار أمنو.


ولعل هذا ما يفسر استخلاص أحد الباحثين بأنه " رغم انتشار الفرضية القائلة بأن مشاركة الإسلاميين في النظام الديمقراطي قد تدفعهم للبراغماتية والمساومة وتعديل سلوكهم السياسي بل وتعديل الأيديولوجيا التي يعتنقونها أحيانا؛ إلا أن تجربة ماليزيا توحي بأن ما حصل هو العكس حيث ساهمت مشاركة الإسلاميين في العملية السياسية نحو دفع الدولة وحزبها الأهم لتسريع عملية الأسلمة ومحاولة التغلب على مطالب الإسلاميين عبر المزيد من الأسلمة".


والواقع أن ثمة العديد من الشواهد التي تشير إلى بروز مظاهر الأسلمة داخل حزب أمنو، منها أن عددا من الرموز الإسلامية  المعروفة  في حزب (باس) كانت منضوية في إطار أمنو، ومنهم -على سبيل المثال- الشخصية  الاقتصادية البارزة أنور إبراهيم، الذي كان نائبا لرئيس الوزراء مهاتير محمد ووزيرا للمالية، ورئيسا لحركة الشباب الإسلامي، في الوقت الذي أصبح فيه قياديا كبيرا في حزب (أمنو)، وذلك قبل أن يندلع الخلاف الشهير  المؤسف بينهما في 1998م، وينشق عنه بعد ذلك، ويقف حزب باس (الإسلامي) إلى صف أنور إبراهيم مؤيدا وداعما، ثم يحدث الالتئام بينهما  ثانية في 2018م، بتحالفهما في ما يعرف بـ "تحالف الأمل"، ووعد مهاتير  أنور إبراهيم بتسلمه مقاليد الحكم منه في غضون سنتين من فوز الأول، وهو مالم يتم، في إطار الخلافات السياسية  المتجددة، التي تسببت في انشقاق أنور إبراهيم عن الائتلاف مع مهاتير.


وحين غادرت  بعض الوجوه الإسلامية البارزة مربع (أمنو)، فإن الأمر لا يرجع إلى خلاف أيديولوجي وفكري بينها والحزب بقدر ما يُعزى إلى اعتبارات سياسية وحزبية أخرى، وإن تداخلت الأسباب أحياناً، خاصة فيما يتصل بتقدير بعض مايراه هذا الطرف أولوية على حين  يرى الطرف الآخر الأولوية لسواه. ومن ذلك مسألة قانون العقوبات  الشرعية – مثلاً- فلم يكن الخلاف بين حزبي (باس) أومن يمكن تصنيفهم عليه في إطار حزب (أمنو)  يوماً منطلقاً من إيمان (باس) بمشروعية ذلك القانون وحتميته على حين  يراه حزب (أمنو) عكس ذلك، وإنما كان الأمر يعود إلى تقدير الأولويات بين الطرفين، وتصور كل منهما لمدى توافر الشروط الملائمة للسعي نحو تطبيق ذلك أو انتفائها، أو قيام عوائق تحول دون ذلك،  ليس أكثر.


تقدم الحزب الإسلامي بمشروع القانون للبرلمان في نوفمبر 2016م، ولكنه قام بسحبه بعد ذلك لتنقيحه. وكان من المتوقع أن يعيد الحزب تقديمه أمام جلسة مقبلة للبرلمان وسط دعم كبير، من قبل رئيس الوزراء الماليزي نجيب عبد الرزاق، الذي كان أبدى حماسة لافتة لذلك المشروع، رغم تهديد رؤساء حزب الجمعية الصينية الماليزية وحزب الكونغرس الهندي الماليزي بترك التحالف الحكومي الذي يقوده حزب أمنو الحاكم


ثم إن حزب (أمنو) الذي ظل هو الأكبر في البلاد وذا نفوذ مستمر في الحكومات المتعاقبة، وهو الذي كان على رأسه مهاتير محمد حين كان رئيسا للوزراء، حتى عام 2003م؛ ظل يتحين الفرصة إلى حين تزول تلك العوائق أو تكاد، وهو ما جاء في زمن حكومة نجيب عبد الرزاق، بعد 13 عاما من استقالة مهاتير، حيث طالبت الحكومة بتطبيق تلك الحدود في 2017م، بمعزل عن الجدية والنجاح في ذلك. وفي 3/3/2017م اتفق حزب منظمة وحدة الملايو الوطني الحاكم (أمنو) والحزب الإسلامي المعارض (باس) مجددا في مظاهرة تجمع فيها عشرات الآلاف من الماليزيين بالعاصمة كوالالمبور لتأييد تمرير مشروع قانون الحدود الذي اقترحه الحزب الإسلامي، وأيده الحزب الحاكم.


من جانبه قال رئيس حزب باس عبد الهادي أوانج: إن "علاقة العمل مع حزب أمنو في إجراء التعديلات المقترحة على قانون الشريعة الإسلامية حقيقة واقعة، وليست شيئا جديدا"، مفيدا بأن الطرفين كانا يعملان جنبا إلى جنب مع الأجهزة والمنظمات السياسية الأخرى منذ مرحلة ما قبل الاستقلال.


وتحدث عبد الهادي عن جهود أمنو وباس، والعديد من المنظمات الأخرى الذين ناضلوا لجعل الإسلام الدين الرئيس في البلاد، وليكون ذلك جزءا لا يتجزأ من الدستور الفيدرالي، مؤكدا أن هذا العمل هو "مسؤولية دينية يقع على عاتق جميع المسلمين في البلاد"، مضيفا أن الحزبين يناصران القضايا التي تتعلق بالأمة الإسلامية، مثل التعاون في نصرة الروهينغيا بميانمار".


من جانبه أوضح رئيس الجناح غير المسلم في حزب باس إن بالاسوبرامانيام أن غير المسلمين شاركوا بقوة في هذه المظاهرات لتوضيح ماهية التعديل القانوني وشرحه، مؤكدا أن التعديل لن يطال غير المسلمين، لأن الدستور الفيدرالي هو من يحمي حقوق غير المسلمين لممارسة شعائرهم الدينية. وقال بالاسوبرامانيام "أولئك الذين يخشون تعديل القانون إما أن يكونوا مجرمين، أو مقامرين يخشون خسارة زبائنهم وعملائهم من المسلمين"، مؤكدا بأن القانون لا علاقة له بغير المسلمين، ويطبق فقط على المسلمين المذنبين.


وتقدم الحزب الإسلامي بمشروع القانون للبرلمان في نوفمبر 2016م، ولكنه قام بسحبه بعد ذلك لتنقيحه. وكان من المتوقع أن يعيد الحزب تقديمه أمام جلسة مقبلة للبرلمان وسط دعم كبير، من قبل رئيس الوزراء الماليزي نجيب عبد الرزاق، الذي كان أبدى حماسة لافتة لذلك المشروع، رغم تهديد رؤساء حزب الجمعية الصينية الماليزية وحزب الكونغرس الهندي الماليزي بترك التحالف الحكومي (باريسان ناشيونال) الذي يقوده حزب أمنو الحاكم، إلا أن متابعين رأوا أن من الوارد اقتناع تلك الأحزاب الحكومية غير المسلمة بهذا التعديل، وإن لم يشاركوا في دعمه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69786
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 ماليزيا: تجربة الإسلام السياسي في الحكم Empty
مُساهمةموضوع: رد: ماليزيا: تجربة الإسلام السياسي في الحكم    ماليزيا: تجربة الإسلام السياسي في الحكم Emptyالخميس 15 فبراير 2024, 8:57 am

النموذج الماليزي في الحكم بين الإسلامية والعلمانية (3)

يحث حزب باس الإسلامي في ماليزيا منذ عقود على تطبيق الحدود في المحاكم الشرعية لولاية كيلانتان شمال شرق البلاد التي يحكمها الحزب منذ سنوات، وتعد ولاية إسلامية بمظاهرها العامة، مع وجود أقليات صينية وهندية في الولاية.

أيما حديث عن النموذج الماليزي لا يولي شخصية الدكتور مهاتير محمد الأهمية التي تستحق؛ فسيظل حديثا منقوصا، بل ربما ساقطا، وذلك لمحورية هذه الشخصية ودورها الأساس في بناء ماليزيا الحديثة

وبرغم كل ما تقدم فإن من المفارقة أن يصر بعض الباحثين على وصف النموذج الماليزي بأنه "علماني معتدل"، مستشهدا بما يؤكد -في الواقع- فرضية انتفاء علاقته بالعلمانية، وليس العكس، بل إن نحن نظرنا إلى المظاهر التي ساقها الباحث مثل:

"انتشار الحجاب في أوساط نساء الحزب الحاكم، وظهور المذيعات المحجبات على شاشة التلفزيون قبل أي من البلدان الإسلامية، وإنشاء البنوك والشركات الإسلامية، والجامعة الإسلامية العالمية، ووجود المئات من المدارس الدينية في كل مكان في ماليزيا، والتي يؤمها معظم أطفال المسلمين بعد انتهاء دوامهم من المدارس العادية، وصدور قانون للطعام الحلال، وقانون آخر يمنع "الخلوة" بين الرجل والمرأة المسلمين. وكان من مظاهر اعتدال الحكم أن الدولة لم تلجأ إلى قمع التيارات الإسلامية السياسية أو مطاردتها، وإنما فضلت أسلوب التعايش والاحتواء، والتنافس الذي قد يستخدم بعض أدوات السلطة (ربما الإعلامية أو الاقتصادية..) لكنه لا يلجأ إلى العنف".
إن نحن نظرنا إلى هذه  المظاهر في ضوء الوضع الماليزي ومظاهر الأسلمة التي تتبناها الدولة؛ فسنجدها لا تشير إلى نموذج علماني، حتى لو وصف بالمعتدل، بل إلى تأكيد تبني الدولة لمعظم تلك التوجهات، وتشجيعها، وهو عكس المفهوم العلماني تماماً،  ولهذا فإنك حين تجد مؤسسات وشركات  ترعاها الدولة -وليس القطاع الخاص -مثل البنوك الإسلامية، والجامعة الإسلامية العالمية، وقوانين تصدر عن الدولة  مثل قوانين الطعام الحلال، وتحريم الخلوة بين الرجل والمرأة المسلمين، هذا وأمثاله ينفي عن النظام السياسي صبغة العلمانية، مادام أنه هو من يتبنى مثل  تلك القوانين والمؤسسات ويدعمها بوصفها مؤسسات حكومية، وهذا هو الفرق الجوهري بين مجرد السماح بإنشاء مثل بعض تلك المؤسسات، كما في عدد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة، من منطلق علماني، وبين أن تتبناها الدولة وتنفق عليها، كما هو الشأن في عدد من تلك المؤسسات في ماليزيا.

أما سماح الدولة -ممثلة في حزب أمنو- للأحزاب الإسلامية بالحضور والمشاركة السياسية وعدم لجوئها إلى العنف مع تلك الأحزاب؛ ففي هذا تجاهل لحقيقة مدى القوة والضغط الشعبي والجماهيري الذي تحظى به الأحزاب الإسلامية هنالك، إلى الحد الذي يدفع بحكومات أن تتبنى المشاريع ذاتها التي تنادي بها هذه الأحزاب -وإن بطريقتها- كما فعلت حكومة عبد الله بدوي (2003-2009م) -مثلا- حين تبنت مشروع "الإسلام الحضاري"، لتفويت الفرصة على حزب باس -كما سبقت الإشارة-.

رغم أن مهاتير لم ينخرط في إطار الحزب الإسلامي (الماليزي) المعروف اختصارا بـ(باس) ولا غيره من الأطر الإسلامية مثل (أمانه)، بل ظل ينتمي إلى ائتلاف وطني كبير هو (المنظمة الوطنية الملايوية المتحدة) أمنو، لكنه  لم يعرف مجاهرا بأية مواقف معادية للدين

مهاتير محمد وشهادته في مذكراته:
أيما حديث عن النموذج الماليزي لا يولي شخصية الدكتور مهاتير محمد الأهمية التي تستحق؛ فسيظل حديثا منقوصا، بل ربما ساقطا، وذلك لمحورية هذه الشخصية ودورها الأساس في بناء ماليزيا الحديثة، فمهاتير -بنظر  أغلبية الماليزيين وكثير من المتابعين داخل ماليزيا وخارجها- باني نهضة ماليزيا المعاصرة، وصاحب الامتياز في نموذجها  الشهير بـ" الحكم الرشيد"، وليس أدل على ذلك من كون الشعب الماليزي في أغلبيته قد أعاده لقيادة البلاد في 2018م، وذلك عقب فوز حزبه في الانتخابات العامة في التاسع من شهر مايو/أيار في العام ذاته، رغم بلوغ سنه 92 عاما- حينذاك-، بعد اعتزاله  السلطة طواعية في 2003م، ومع ذلك فقد قدم استقالته من رئاسة الحكومة إلى ملك البلاد في 24/2/2020م لاحقا، بعد تنامي خلافات داخل الائتلاف الحاكم، وتم قبول الاستقالة.

ورغم أن مهاتير لم ينخرط في إطار الحزب الإسلامي (الماليزي) المعروف اختصارا بـ(باس) ولا غيره من الأطر الإسلامية مثل (أمانه)، بل ظل ينتمي إلى ائتلاف وطني كبير هو (المنظمة الوطنية الملايوية المتحدة) أمنو، لكنه  لم يعرف مجاهرا بأية مواقف معادية للدين، أو معترضة فلسفته الكلية، أو مناديا بالعلمانية بديلا، أو نحو ذلك، بل على العكس من ذلك كما سنرى في السطور التالية.

قرّر مهاتير في مايو/أيار 2008م، تقديم استقالته من الحزب، بسبب خلافه مع خليفته في رئاسة الحكومة المستقيل عبد الله بدوي، غير أنه عاد مجددا للحزب في أبريل/نيسان 2009م، وكان ذلك بعد يوم من أداء نجيب عبد الرزاق اليمين القانونية رئيساً جديدا للوزراء بماليزيا. وعلى خلفية اتهامات بالفساد لحكومة عبد الرزاق في سبتمبر/أيلول 2013؛ وجه مهاتير انتقادات لاذعة للحزب الحاكم، ووصفه بأنه حزب هرم ومريض، وأنه في طريقه للزوال إن بقي على السياسات نفسها التي يمارسها، وقال في مقال نشرته صحيفة "أوتوسان" التابعة للحزب نفسه "إن معظم قادة الحزب هرمون، وهم خارج الاتصال مع ما تمليه متطلبات العصر، والحزب يعاني من الشيخوخة وسيواجه قريبا نهايته، هذه هي الطبيعة البشرية عاجلا أم آجلا، سوف يواجه البشر نهايتهم".

من هنا لم أدهش، وأنا أقرأ شهادة الدكتور مهاتير محمد في تجربة ماليزيا الرائدة في الحكم والتنمية والتعايش، حين قال في مذكراته: "كان الإسلام ولايزال في نظري دينا متسامحا مع وجود الأديان الأخرى وأتباعها. وحين قرأت لاحقا تراجم معاني القرآن الكريم، باللغتين الملاوية والإنكليزية وجدت سورة كاملة هي سورة (الكافرون)، تثبت أنني لم أكن مخطئا في افتراضي المتعلق بموقف الإسلام من الأديان الأخرى، جاء في تلك السورة: {قل يا أيها الكافرون. لا أعبد ما تعبدون. ولا أنتم عابدون ما أعبد. ولا أنا عابد ما عبدتم. ولا أنتم عابدون ما أعبد. لكم دينكم ولي دين} (الكافرون:1-6)".

يؤكد مهاتير محمد على رفضه للعلمانية وتبنيه لمبدأ الدولة الإسلامية بمعزل عن قدرته الفعلية على تطبيق ذلك في ظل حكومته وإلى أي مدى فيقول: "ربما لانطبق في ماليزيا ما تنص عليه الشريعة في كل حالة، وإنما نطبق قوانين آخرين، لكننا نتبع تعاليم الإسلام بدفاعنا عن توفير العدالة للجميع في هذا البلد المتعدد الأديان، وإبقائنا الأمة بعيدة عن الصراع، وانعدام الأمن. وبالمثل بتسامحنا مع الأديان الأخرى نكون ملتزمين بتعاليم الإسلام أيضا. وفي الواقع تمسكت الحكومة بالمبادئ الإسلامية في جميع أعمالها. لذلك لدينا كل الحق في وصف ماليزيا بأنها دولة إسلامية، والإسلام وأسلمة الإدارة الماليزية لم يكونا محل نزاع من قبل.

والحقيقة هي أنه في الفترة التي تبنت فيها ماليزيا القيم الإسلامية وأعلنت أنها دولة إسلامية ساد السلام والاستقرار، وتطورت البلاد، ونمت على نحو لم يسبق له مثيل".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69786
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 ماليزيا: تجربة الإسلام السياسي في الحكم Empty
مُساهمةموضوع: رد: ماليزيا: تجربة الإسلام السياسي في الحكم    ماليزيا: تجربة الإسلام السياسي في الحكم Emptyالإثنين 19 فبراير 2024, 5:25 am

النموذج الماليزي في الحكم بين الإسلامية والعلمانية (4)
 ماليزيا: تجربة الإسلام السياسي في الحكم 578528f4-dd1a-4eb0-b2ce-7c9dfdc2d385

رئيس الوزراء الماليزي السابق مهاتير محمد (الجزيرة)
  • مهاتير محمد يعلنها: لا للعلمانية في ماليزيا

سبق إيراد عدد من الشواهد على موقف مهاتير محمد السلبي من النموذج العلماني، أما تأكيده الصريح على ذلك فقد ورد في الحوار الذي أجرته معه صحيفة الرياض (السعودية) في 29/1/2009م حين سئل: "هل ترى بأن العلمانية كفكر غربي سياسي واجتماعي هو نظام صالح للاستهلاك في العالم الإسلامي؟".
فأجاب: "لا، نحن لا نعتقد حقيقة بأن هنالك علمانية في الإسلام. لقد بدأت هذه الحركة (العلمانية) في أوروبا لأن الكنيسة قاومت الملك حيث كان الأخير يرى بأنه يجب ألا تكون للكنيسة سلطة على الحكومة ولإزاحة الكنيسة عن الطريق قالوا بأنه يجب ألا تخضع الحكومة لسطوة الكنيسة. في حالة الإسلام كل شيء نفعله في هذه الحياة لا بد أن يكون كل شيء خاضعا للدين. حياتنا كلها محكومة بديننا الإسلام، كذلك طريقة إدارتنا للدولة محكومة بالدين ولهذا لا يمكن أن نقول هذه الدولة مسلمة ولكنها علمانية. لا يوجد شيء كهذا فالدولة المسلمة تظل مسلمة ولا مجال لتطبيق المبادئ العلمانية. بالطبع الكمال لله ليست هنالك دولة إسلامية مبرأة من العيوب. لا توجد دولة إسلامية تروج لأشياء معادية للإسلام".
اقتباس :
يؤمن مهاتير بتضمن الإسلام نظاما حياتيا شاملا للمجالات جميعها، فالإسلام كما يردد كثير من المسلمين "طريقة حياة".
ولقد بلغ الأمر بمهاتير أن يعد حتى مفهوم الديمقراطية والليبرالية في الغرب (وخص بالذكر أميركا) غير مناسب لمجتمعاتنا (خص ماليزيا بالذكر هنا)، فجوابا عن سؤال حول اتهامات له بأن بقاءه لمدة 22 عاما في السلطة قوض الديمقراطية قال: نتفق معهم في أننا لسنا ديمقراطيين ليبراليين مثل أميركا.. فالديمقراطية عندنا تعني حق الشعب في اختيار قادته وحقه في رفضهم".
إذن يؤمن مهاتير بتضمن الإسلام نظاما حياتيا شاملا للمجالات جميعها، فالإسلام كما يردد كثير من المسلمين "طريقة حياة". إنه دليل لطريقة المسلم وليس "معتقدا" فقط. وعندما يعيش المرء وفقا لما أمر به الإسلام سيلقى نعيما في الآخرة كما وعد القرآن الكريم و"طريقة الحياة" هذه تشمل كل شيء يقوم به، وليس أداء الشعائر فقط".
وفي إطار هذا الشمول للإسلام يولي مهاتير محمد مجال التعليم اهتماما خاصا، إذ يخصص في مذكراته فصلا مستقلا للتعليم، فتحت هذا العنوان يذهب محمد إلى أن الإسلام يسعى لبناء شخصية المسلم من جميع النواحي، دون أن يقتصر على تأدية الشعائر الدينية فحسب، وذلك مأخذه -في واقع الأمر- على واضعي المنهاج الدراسي، حين كان وزيرا للتربية والتعليم بعد أحداث 1969م، وتنامي الوعي الديني، ومستوى الالتزام بالشعائر الإسلامية، وأهمها صلاة الجمعة، لتصبح التربية الدينية جزءا من المقررات الدراسية على المسلمين، بعد أن لم يكن الأمر كذلك  إبان خضوع ماليزيا للاستعمار البريطاني، حيث لم تتمكن من استقلالها عنه إلا في 1957.
وفي هذا السياق يقول أيضا: "لسوء الحظ أهمل المنهاج الدراسي المعتمد تعليم طريقة الحياة الإسلامية وقيمها التي تبني الشخصية، وجرى التشديد بدرجة كبيرة بالمقابل على أداء العبادات بالشكل الصحيح. كان الإسلام يدرس كدين يشمل شعائر وواجبات ومنهيات ومستلزمات مجردة ومحظورات، لا كدين يقوم على مسؤولية إنسانية وأخلاقية بالغة الأثر، ولا كطريقة حياة".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69786
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 ماليزيا: تجربة الإسلام السياسي في الحكم Empty
مُساهمةموضوع: رد: ماليزيا: تجربة الإسلام السياسي في الحكم    ماليزيا: تجربة الإسلام السياسي في الحكم Emptyالأربعاء 21 فبراير 2024, 8:36 pm

النموذج الماليزي في الحكم بين الإسلامية والعلمانية (5)
 ماليزيا: تجربة الإسلام السياسي في الحكم 0-1

رئيس الوزراء الماليزي السابق مهاتير محمد



  • مهاتير محمد وروح الدولة الإسلامية

نختتم هذه السلسلة من الحلقات عن النموذج السياسي الماليزي في الحكم بقول مهاتير محمد:  "عندما قررت إضفاء مغزى إضافي على المادة الدستورية التي تنص على أن الإسلام هو الدين الرسمي للدولة، لم أقصد أنه يتعيّن على جميع سكان ماليزيا الآخرين أن يصبحوا مسلمين. كل ما أردناه هو تشريب الماليزيين القيم الإسلامية حتى من دون حملهم على التحول إلى الإسلام، لذاك أعلنت في سنتي الثانية في رئاسة الوزراء الاسترشاد بالقيم الإسلامية".
اقتباس :
ماليزيا واحدة من الدول التي عانت من استعمار عسكري  بريطاني ثم ياباني، وما يتركه الاستعمار عادة من إرث ثقافي ثقيل الوطأة، لاسيما الاستعمار البريطاني، وهو أمر ليس من السهل تجاوزه إلا بجهود مضاعفة
وأضاف: "وذكرت في كلمة ألقيتها في الاجتماع العام لحزب سياسي غير مسلم في سنة 1996م أن ماليزيا دولة إسلامية، ولم يعترض غير المسلمين على ذلك، لأنهم عرفوا أن الأغلبية المسلمة التي هيمنت على الحكومة منذ قامت ماليزيا عاملتهم بعدل وإنصاف. لكن هناك مسلمون حتى في ماليزيا يعتقدون أن الشيء الوحيد الذي يجعل دولة ما إسلامية هو ضرب أعناق القتلة وقطع أيادي السارقين. لكنه معيار تعسفي فالقرآن يدعو إلى إقامة مجتمع إسلامي لا إلى دولة إسلامية…".
ليس معنى الجملة الأخيرة في حديث مهاتير اعتراضه على فلسفة قيام دولة في الإسلام، إذ إن حديثه في العبارات السابقة صريح جلي بعكس ذلك، حيث سعيه الحثيث إلى بلورة الدولة الإسلامية في المجتمع الماليزي، رغم العوائق، والاعتراف بعدم بلوغ المدى المنشود في ذلك، وهو ما يدحض مثل ذلك الاستنتاج، الذي قد يذهب إلى التشكيك في إيمان مهاتير محمد بمشروعية الدولة الإسلامية وضرورتها، ناهيك عن تضافر شواهد عدة تؤكد حماسة الرجل لبلورة تلك الدولة، وبذله جهوداً مضنية في سبيل ترسيخ هذه الحقيقة في ماليزيا، ولكن بأسلوب هادئ متدرّج، إذ ماليزيا واحدة من الدول التي عانت من استعمار عسكري  بريطاني ثم ياباني، وما يتركه الاستعمار عادة من إرث ثقافي ثقيل الوطأة، لاسيما الاستعمار البريطاني، وهو أمر ليس من السهل تجاوزه إلا بجهود مضاعفة، تأخذ مداها الزمني غير القصير غالبا، شأن ماليزيا في ذلك  شأن كثير من بلدان العالم الإسلامي التي تعرضت لغزوة الاستعمار العسكري وامتداد إرثه الثقافي والفكري حتى بعد رحيله، علاوة على وجود إثنيات كبيرة في ماليزيا، حيث لا يزيد عدد المسلمين (الملايو)، أي السكان الأصليين في البلاد عن 60%، على حين أن 40% يتوزعون بين بوذيين من أصول صينية، وهندوس من أصول هندية، قدموا مع الاستعمار، كما أن هناك أقليات صغيرة أخرى مسيحية وغيرها.
إذا كان ذلك هو الحال فماذا قصد مهاتير محمد بالعبارة السابقة؟
لقد أطلقها  مهاتير في وجه أولئك الذين يختزلون مفهوم الدولة في الإسلام في تطبيق قانون العقوبات الجنائية، وكأنه وحده الشريعة الإسلامية، أو أن الدولة الإسلامية لا تصبح مستحقة لذلك الوصف إلا إذا طبقت الحدود وقانون العقوبات الجنائية، حتى لو كان ثمة عوائق موضوعية منها الظاهر ومنها الخفي، تحول دون ذلك، وربما غض أصحاب تلك الدعوة النظر عن حقيقة قيام مجتمع إسلامي متكامل الأركان وحدة وتآلفا واكتفاء ذاتيا وقوة عسكرية وتنمية شاملة، وانصرف كل اهتمامهم وهمهم إلى ذلك الجانب المحدود من الشريعة، وهو -على أهميته  المعلومة- لا يعني أنه الشريعة كلها.
اقتباس :
مثلت مرحلة مهاتير الأولى تجربة فريدة نجح الإسلاميون وحلفاؤهم فيها بأسلمة النظام السياسي الماليزي رغم بقاء أبرز أحزاب الإسلام السياسي "باس" خارج الحكم.
ومع الفارق الواضح بين الحالتين والشخصيتين والسياقين؛ إلا إن موقف مهاتير محمّد  هذا يذكرنا بمقولة قالها الأستاذ حسن البنا:" أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم على أرضكم"، كما يذكرنا بما رواه بعض من لازم البنا  وعرفه عن قرب، أو عاصره، أنه ندم على دخول التنافس السياسي، دون إعداد له، ودون ولوجه من طريقه الصحيح، أمثال الشيخ محب الدين الخطيب، والشيخ محمد الغزالي، والأستاذ فريد عبد الخالق، والشيخ أبو الحسن الندوي، والدكتور عبد العزيز كامل، والأستاذ فتحي رضوان، والأستاذ محمود عبد الحليم، والأستاذ كريم ثابت مستشار الملك فاروق الإعلامي، وغيرهم من كونه أظهر حسرته في مرحلة تسبق استشهاده حين عبر عن إدراكه متأخرا لخلل وقع  في أولويات دعوته، إذ  لو استقبل من أمره ما استدبر لانشغل بالتربية والتعليم عن الدولة والسياسة، أو على حدّ تعبير مقولته الحرفية "ولو استقبلت من أمري ما استدبرت، و لرجعت بالجماعة إلى أيام المأثورات"، ومؤكدا أن ذلك لا يعني أن حسن البنا  ومن يردد مثل هذه المقولات ممن عرفوا بإيمانهم بشمول النظام الإسلامي العقيدة والشريعة؛ غيروا فكرهم من شمول الإسلام إلى تجزئته  أو تبعيضه، أو عده مجرد رسالة تربوية تهذيبية روحية، أو أن الشريعة والحكم ليسا من شؤون هذا الدين أو جوهره، بل المقصود مراعاة فقه الأولويات والمصالح  في كل مرحلة زمانا ومكانا، وأولها الاشتغال بإصلاح النفوس وتزكيتها على ما عداها، فإن صلاحها يعني حسن استقبالها للإسلام نظاما شاملا للحياة من غير أن يعني ذلك التقليل من شأن الحكم والتشريع والسياسة، ولكن حين يأتي أوانها، خشية أن نقع في ارتكاب محظور أشارت إليه  القاعدة الأصولية القائلة:" من استعجل شيئا قبل أوانه عوقب بحرمانه". وهنا يجدر التأكيد على أن ثمة فرقا حقيقيا بين من يرى أن تطبيق تلك العقوبات ليس من الإسلام أو من شؤون الدولة الإسلامية في شيء، أو أنه لم يعد مناسبا لعصرنا، وبين من يرى تأجيل ذلك إلى حين يتم التغلب على تلك العوائق، وذلك هو ما يعنيه الرجل.  -أما الأخرى فتلك دعوى علمانية عريضة معلومة- لكن مهاتير محمد لا يؤمن قطعا بها، بعد كل تأكيداته السابقة على نقيضها.
وأجدني في ختام هذه المناقشة لحالة النموذج الماليزي بين الإسلامية والعلمانية أتفق مع أحد الباحثين حين قال: " ورغم أن الدارسين لشخصية وتجربة مهاتير السياسية يترددون في ضمه إلى دائرة الإسلام السياسي إلا أن الكاتب يميل لاعتبار تجربته -فكرا وممارسة- تجربة إسلامية فريدة تمثل نموذجا متقدما من نماذج الإسلام السياسي قادها الرجل باقتدار قبل عقود من وصول معظم تيارات الإسلام السياسي للحكم.
لقد مثلت مرحلة مهاتير الأولى تجربة فريدة نجح الإسلاميون وحلفاؤهم فيها بأسلمة النظام السياسي الماليزي رغم بقاء أبرز أحزاب الإسلام السياسي “باس” خارج الحكم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
ماليزيا: تجربة الإسلام السياسي في الحكم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ماليزيا ... تجربة تحتذى
» تجربة الحكم اليساري في أميركا اللاتينية
»  الإسلام السياسي والكفر السياسي
» مستقبل الإسلام السياسي
» مصطلح الإسلام السياسي:

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث متنوعه-
انتقل الى: