منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 المؤرخ منير العكش: هذا هو "المعنى الإسرائيلي لأميركا"

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69929
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

المؤرخ منير العكش: هذا هو "المعنى الإسرائيلي لأميركا" Empty
مُساهمةموضوع: المؤرخ منير العكش: هذا هو "المعنى الإسرائيلي لأميركا"   المؤرخ منير العكش: هذا هو "المعنى الإسرائيلي لأميركا" Emptyالأحد 03 مارس 2024, 3:11 pm

المؤرخ منير العكش: هذا هو "المعنى الإسرائيلي لأميركا" Image-1709335389



المؤرخ منير العكش: هذا هو "المعنى الإسرائيلي لأميركا"

 ودون مقاومة مصيرنا أسوأ من الهنود الحمر

بعد رحلته الفكرية الطويلة التي تتبع فيها الإبادة العرقية والجنسية والجماعية- في أميركا حيث يرتبط نشوء الولايات المتحدة كدولة ونظام على مبدأ احتلال الأرض واستبدال شعبها الأصلي بشعب آخر في إطار نظرية عنصرية تشرعن إبادة الآخر، يعود الأكاديمي والمؤرخ منير العكش بثلاثية جديدة بعنوان "كيف يصبح الدين شرّا: نظرة موحدة للعنف في تاريخ الأديان الثلاثة".
يناقش أستاذ الإنسانيات ومدير الدراسات العربية في جامعة سفك بوسطن الأميركية، طبقات تاريخ الشعوب والمجتمعات والعنف المنسوب إليها بثلاثيته الجديدة التي تقدم تحليلا جريئا للدور الذي لعبته الأديان في تشكيل مسارات الصراع عبر التاريخ.
وإذ شرح العكش -العربي الفلسطيني بالاختيار السوري بالمولد- في ثلاثيته السابقة كيف جرى تطبيق الفكر المنفعي الرأسمالي على كافة المستوطنات التي أقامها المستعمرون الأوروبيون في العالم، يغوص في ثلاثيته الجديدة بأعماق السرديات الدينية ليكشف عن تعقيداتها وتأثيرها على السياسة والمجتمع، ونستكشف معه في هذا الحوار دوافع هذا المشروع الطموح والمنطلقات التي أرسى عليها أسس بحثه، بدءا من بيروت وصولا إلى فرنسا وأميركا، وتحولاته الفكرية والأدبية.
  • أود البدء بالحديث عن ثلاثيتك الجديدة "كيف يصبح الدين شرّا: نظرة موحدة للعنف في تاريخ الأديان الثلاثة" ما دوافعك في المشروع ومنطلقاته؟



البداية كانت في بيروت، وكنت عضوا في هيئة تحرير مجلة "مواقف" وكان اهتمامي كله أدبيا خالصا، ولم يكن الفكر بمعناه التجريدي الجامد من اهتماماتي. حلمي في تلك الفترة كان منصبا على إعداد كتاب عن الشعر والنبوة، باعتبار النبوة فكرة ميتافيزيقية ومجلية للشعر بالنسبة لي.
اقتباس :
خيبة أملي كانت كبيرة، بل مخيفة عندما اكتشفت أن الأسفار الخمسة القديمة "التوراة" أو "التناخ" وهي الأساس المكون، لم أجد فيها أي شيء له علاقة بالدين ولا التاريخ.
وبدأت بكتاب "النبوة والشعر"، وعندما وصلت فرنسا بعد الحرب (الأهلية في لبنان) مباشرة رأيت أن أفضل شيء لموضوع كتابي هو مراجعة النبوات الموجودة بالعهد القديم، بيد أن خيبة أملي كانت كبيرة، بل مخيفة عندما اكتشفت أن الأسفار الخمسة القديمة "التوراة" أو "التناخ" وهي الأساس المكون، لم أجد فيها أي شيء له علاقة بالدين ولا التاريخ.
كذلك لم أجد فيها فكرة التوحيد على الإطلاق وما وجدته أنها تتكلم عن "مجلس آلهة"، ولا تاريخ فيها، ومع ذلك هي أكثر من فاعلة في التاريخ اليهودي فهي الأسطورة المؤسسة لكل أفكار وعناصر اليهودية.

أيديولوجيا الإبادة

  • أسميتها هلوسة أيديولوجية وبرنامجا سياسيا!



تماما، ورأيت أن أفضل شيء أفعله هو تنزيه الشعر عن هذا "العالم غير الشعري"، لأن تركيبته أشبه بحاضنة وحوش، فكتبت مقالة قديمة اسمها "منطق العنصرية" نشرها الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش في "شؤون فلسطينية"، في تلك الفترة كنت في باريس وقراءتي فلسفية، فكانت اللغة جامدة وفلسفية متقعرة، حتى إن درويش قال "لولا أنها لك ما كنا نشرناها، لأنها لم تكن مفهومة".
هذه المقالة فتحت جسورا وآفاقا لي لمناقشة إلى أين وصلت ما نسميه "النبوات العبرانية".. وكيف أثرت في الفلسفة الغربية؟ ومدى تأثيرها بالاستعمار والعنصرية إلى آخره.
اقتباس :
رأيت أن أنزه النبوة عن نبوات العهد القديم، لأن النبوة رمز لكل ما هو مثالي وجميل في هذه الحياة
ورأيت أن أنزه النبوة عن نبوات العهد القديم، لأن النبوة رمز لكل ما هو مثالي وجميل في هذه الحياة.
وكتبت فصلا وناقشت فيه (المفكر السوري) مطاع صفدي عندما كان يصدر "الفكر المعاصر" وجاء لبيتي في باريس، فقال هذا صلب اهتمامنا، وأخذ فصلين ونشر المخطوطة الأولى بعنوان "مقدمة لكل نبوة مقبلة يمكن أن تصبح علما" وكانت بلغة جامدة مثلما قلت، حتى فكرت أن أنشرها كملحق في الكتاب الثاني، لكن سحبتها لصعوبة لغتها.
هكذا كانت البداية لفكرة النبوة، لكن عندما ذهبت لأميركا تغير كل شيء، فقد كنت أتساءل عن مصير السكان الأصليين.
اقتباس :
كان لدي سؤالان في أميركا، ما مصير الهنود الأحمر ولماذا حدث لهم ما حدث؟، والسؤال الثاني لماذا أبيدوا، ما الأيديولوجية التي تسببت لهم بكل هذا؟
كان لدي سؤالان في أميركا، ما مصير الهنود الأحمر ولماذا حدث لهم ما حدث؟، والسؤال الثاني لماذا أبيدوا، ما الأيديولوجية التي تسببت لهم بكل هذا؟
وبدأت بنشر مقالات في مجلة "الكرمل" عن هذا الموضوع، وكان درويش هو من دفعني لكتابة كتابي الأول "أميركا والإبادات الجماعية"، ونشرت أيضا في مجلة أميركية هي أشبه بكتاب سنوي تسمى "جسور".
أرسل لي درويش نص الخطبة، وحصلت على ترجمتها الفرنسية والإنجليزية، وقرأت الخطبة الأصلية للزعيم الهندي الأحمر شيف سياتل، وجعلتها مقدمة للعدد.
اقتباس :
اكتشفت في مكتبة الكونغرس كتابا لـ(الباحث في مقارنة الأديان) توماس مورتن (1915-1968) بعنوان "كنعان الإنجليزية الجديدة" وهو كان من المستوطنين الأوائل الذين ذهبوا لأميركا، لكنه شذ عن سواه وذهب ليعيش مع الهنود، وكتابه شهادة مهمة على حياة الهنود.
  • نعود إلى الإبادة في أميركا، الإبادات العرقية والثقافية والجنسية، كما أسميتها، وموضوع مصير الهنود الأحمر.



اكتشفت في مكتبة الكونغرس كتابا لـ(الباحث في مقارنة الأديان) توماس مورتن (1915-1968) بعنوان "كنعان الإنجليزية الجديدة" وهو كان من المستوطنين الأوائل الذين ذهبوا لأميركا، لكنه شذ عن سواه وذهب ليعيش مع الهنود، وكتابه شهادة مهمة على حياة الهنود.
ويحكي مورتن أن حتى الحدائق والقرى الهندية أفضل من حدائق وقرى لندن، ويحكي عن عذاباتهم مع المستوطنين، لفتني الكتاب كثيرا آنذاك، وتبين لي تاريخ قديم منذ زمن تاجر العبيد والمستكشف الإيطالي كريستوفر كولومبس (1451-1506) فقد كان هو نفسه يقول إنه اكتشف كنوز ذهب سليمان في أميركا اللاتينية، وطلب من ملك إسبانيا أن يخصصها لتحرير القدس، وكان في مذكراته يهتم كثيرا بالقدس و"تحريرها".
ولفتني أن كل المستعمرين الذين ذهبوا للعالم الجديد (ألمان وفرنسيين وإسبان) أجرموا بلا شك، لكن الإنجليز أخبثهم بلا شك وذهبوا بأيديولوجية حملوها معهم.
اقتباس :
وهناك اثنان من المستوطنين الأوائل منهم (السياسي البريطاني من أتباع المذهب التطهيري) ويليام برادفورد، كتبا عهدا على السفينة التي ذهبوا إليها، تخيلوا أنه يشبه عهد "يهوه" للشعب اليهودي، وذهبوا لأنهم أرادوا ما أسموه "إسرائيل الجديدة" في العالم الجديد.
وهناك اثنان من المستوطنين الأوائل منهم (السياسي البريطاني من أتباع المذهب التطهيري) ويليام برادفورد، كتبا عهدا على السفينة التي ذهبوا إليها، تخيلوا أنه يشبه عهد "يهوه" للشعب اليهودي، وذهبوا لأنهم أرادوا ما أسموه "إسرائيل الجديدة" في العالم الجديد.
والخطير في هذه القصة أن هذه الأيديولوجيا أسست فكرة "أميركا" وهي الترجمة الإنجليزية آنذاك لفكرة "إسرائيل الأسطورية" وهي تعتمد على 3 عناصر هي: احتلال أرض الغير، واستبدال شعب بشعب، واستبدال ثقافة بثقافة وتاريخ بتاريخ. وكل عنصر من هذه العناصر إبادة قائمة بذاتها.
اقتباس :
هذه الأيديولوجيا أسست فكرة "أميركا" وهي الترجمة الإنجليزية آنذاك لفكرة "إسرائيل الأسطورية" وهي تعتمد على 3 عناصر هي: احتلال أرض الغير، واستبدال شعب بشعب، واستبدال ثقافة بثقافة وتاريخ بتاريخ. وكل عنصر من هذه العناصر إبادة قائمة بذاتها.
وتتبعت لاحقا هذه الأيديولوجيا بكل مراحل التاريخ الأميركي، حتى وصلت لفكرة "الدين المدني" التي أخذها عالم الاجتماع روبرت بيلا عن جان جاك روسو، ويربط فيها أيديولوجيا المستعمرين الأوائل (البيوريتان) بواقع الدين المدني القائم بأميركا، ويخلص لنتيجة أنه صحيح لدينا قانون ودستور وكونغرس ورئيس جمهورية وخلافه، لكن ينبغي أن يكون هناك مرجع أعلى، وهو "رب العهد القديم" الذي اعتبره المرجع الأعلى.
اقتباس :
تجد هذه الأيديولوجيا متغلغلة في شبكة الحياة الأميركية بما في ذلك الحياة العامة وعمل الكونغرس، ومثلا أعياد "الدين المدني" تحتفل بعيد الشكر أكثر من الكريسماس، هذا شيء مخيف يعطي ما أسميه "المعنى الإسرائيلي لأميركا".
لهذا تجد هذه الأيديولوجيا متغلغلة في شبكة الحياة الأميركية بما في ذلك الحياة العامة وعمل الكونغرس، ومثلا أعياد "الدين المدني" تحتفل بعيد الشكر أكثر من الكريسماس، هذا شيء مخيف يعطي ما أسميه "المعنى الإسرائيلي لأميركا".
وهذا ما ذكره حاخام مهم في كتاب عن تاريخ اليهود في أميركا، ويقول إن الأميركيين "أكثر يهودية مننا" لأنهم "تبنوا كل أفكارنا" مقارنا بين "يهود الجسد أي أميركا، ويهود الروح الذين هم نحن"، تغلغل اليهودية في شبكة الحياة الأميركية مخيفة جدا.

العهد القديم وفكرة الإبادة

  •  أي علاقة تجدها بين فكرة الإبادة ونبوات العهد القديم؟



أرى أنه في الغرب، وفي أميركا لم يجدوا أخلاقا تناسب الاستعمار في جنوب أفريقيا (روديسيا) والإبادات إلا في العهد القديم.
اقتباس :
في الغرب، وفي أميركا لم يجدوا أخلاقا تناسب الاستعمار في جنوب أفريقيا (روديسيا) والإبادات إلا في العهد القديم.
في الغرب ينتابك الإحساس بالغربة، وأنه محتل منطقتنا في كل شيء، أما أميركا فهي ليست الصور التي تعرضها هوليود، ثمة أناس ينامون في الشوارع.
أميركا ليست هوليود فقط والبفرلي هيلز هناك الفقر المدقع والناس الذين بلا مأوى.
ثمة مقولة للرئيس الأميركي السابق جيرالد فورد جاء فيها "أن نحارب الشيوعية، فذلك صعب لأنها تنتشر في المناطق الفقيرة وبدل أن نحاربها دعونا نحارب الفقراء".
هناك دعوة لنشر العقم ببيت النساء في 13 دولة بينها مصر وتركيا، وفي كتاب للمسؤول العلمي لأوباما دعوة لوضع رقائق للتحكم في نسل البشرية. أتحدى أي مؤرخ أن يقول إن أميركا توقفت عن الحرب منذ 400 عام.
سياسة البيت الأبيض تقوم على أن "البقرة التي لا تحلب لنا تذبح" وهذا ما فعلوه بالهنود الحمر من قتل من الهنود الحمر قتلوا نيابة عنا.
اقتباس :
هناك فيلسوف بريطاني معاصر ريتشارد سوينبورن يبرر فكرة الذبح عند اليهود وفكرة التحريم القائمة على الذبح والحرق، ويرى هذا الفيلسوف أن ذبح الفلسطيني على يد اليهودي هو تكريم لهم أي تكريم للفلسطيني.
هناك فيلسوف بريطاني معاصر ريتشارد سوينبورن يبرر فكرة الذبح عند اليهود وفكرة التحريم القائمة على الذبح والحرق، ويرى هذا الفيلسوف أن ذبح الفلسطيني على يد اليهودي هو تكريم لهم أي تكريم للفلسطيني.
ويرى أستاذ الفلسفة بجامعة أوكسفورد أن واهب الحياة له الحق في استردادها وهو وكل شعبه -اليهود- باسترداد حياة هؤلاء ولذلك لا عتب على الإسرائيلي لقتله الفلسطينيين، فهو يتصرف بناء على أمر من واهب الحياة.
وهذه المقولات تعكس تيارا كبيرا هناك واحدة أخرى تقول إن من حق القتلة القتل، لأن في هذا حفاظ على النوع، كذلك هناك مبرر آخر لريتشارد سوينبورن، فهو يبرر القتل على قاعدة التوحيد وبالمناسبة، فإن اليهود في تاريخهم لم يكونوا موحدين فالتوحيد لديهم أن الله هو لهم وحدهم دون الناس.
وليس له علاقة أبدا بالتوحيد، وقد كتبت كتابا أفضح فيه مزاعمهم بأنهم موحدون.
كانط الفيلسوف الألماني يقول إن اليهودية لا علاقة لها بالمسيحية، وإنها مشروع سياسي وهذا ما أوحى لي بفكرة الهلوسة الأيديولوجية.
صحيح أنهم يقولون إن لديهم وصايا عشر، لكن لا يوجد لديهم نية أخلاقية وبالتالي فلا معنى لهذه الوصايا.

  • هل نحن أمام إبادة كالتي شهدها الهنود الحمر في أميركا؟



هناك من زعم أنني أشبه الفلسطينيين بالهنود الحمر، وهذا ليس صحيحا أنا أرى أن المجرمين متشابهون ومتساوون، لكن الضحيتين مختلفتان.
اقتباس :
هناك من زعم أنني أشبه الفلسطينيين بالهنود الحمر، وهذا ليس صحيحا أنا أرى أن المجرمين متشابهون ومتساوون، لكن الضحيتين مختلفتان.
(وينونا لادوك) من السكان الأصليين في أميركا التي ترشحت مع رالف نادر للانتخابات الرئاسية الأميركية وهو لو نجح لكانت نائبة رئيس تقول "مما أصبنا به من إبادة ليس خاصا بنا، أميركا تنظر إلى العالم كما تنظر إلينا".
ما أريد قوله هو أنه لدينا مقاومة وبدونها ربما يكون مستقبلنا أسوأ من الهنود الحمر.
اقتباس :
لدينا مقاومة وبدونها ربما يكون مستقبلنا أسوأ من الهنود الحمر.
  • هل ترى تماثلا وتشابها بين ما تفعله إسرائيل الآن وما فعلته أميركا في حملة التطهير العرق للهنود الحمر؟



هنا لا بد من العودة إلى روبرت بيلا صاحب كتاب الدين المدني، والذي يقول إن على أميركا أن تتولى إعادة اليهود إلى بلادهم الأصلية" ليس هذا فحسب، بل عليها أن تقاتل من أجل ذلك.

"الدين المدني"

  • ماذا تقصد تحديدا بـ"الدين المدني الأميركي"؟



"الدولة الفلسطينية" التي يبدو أنها صارت الشغل الشاغل للرئيس الأميركي، فلها في الولايات المتحدة تاريخ طويل يعود إلى أكثر من مئتي سنة، وبالتحديد إلى أيام الرئيس جورج واشنطن.
وفي أيام واشنطن عقدت الولايات المتحدة مع هنود الدولاوير معاهدة "فورت بيت" (Fort Pitt)، تضمن بندها السادس دعوة والتزاما واضحا بإنشاء دولة (to form a state) هندية مستقلة يكون لها الحق في أن تنضم إلى اتحاد الولايات الـ13، ويكون لها ممثلون في الكونغرس كما هي الولايات الباقية.
اقتباس :
من المثير للسخرية أن الرئيس بايدن الذي يعد الفلسطينيين بالدولة هو من ولاية ديلاوير التي كان من المفروض أن تكون دولة لشعب الديلاوير الذي أفناه جورج واشنطن عن بكرة أبيه.
من المثير للسخرية أن الرئيس بايدن الذي يعد الفلسطينيين بالدولة هو من ولاية ديلاوير التي كان من المفروض أن تكون دولة لشعب الديلاوير الذي أفناه جورج واشنطن عن بكرة أبيه.
وجورج واشنطن الذي حرض الهنود على توقيع هذه المعاهدة، ووعدهم بدولة مستقلة هو الذي دمر هذه الدولة فوق رؤوسهم، وسمم الزعيم الهندي "وايت آيز" الذي وقعها بالطريقة التي تذكرنا بالزعيم الفلسطيني الذي مات مسموما بعد توقيع اتفاقيات أوسلو.
وبعد 7 سنوات عقدت معاهدة أخرى مع هنود الشيروكي (1785م)، فيها أيضا دعوة والتزام واضح بإنشاء دولة مستقلة وإرسال ممثلين عنهم إلى الكونغرس.
371 معاهدة مصدقة مع الهنود، لم تحترم الولايات المتحدة واحدة منها. معظمها تضمن نصوصا مماثلة عن إنشاء دولة، واحترام حدود وسيادة واستقلال هذا الشعب الهندي أو ذاك.
المؤرخ منير العكش: هذا هو "المعنى الإسرائيلي لأميركا" Fort-Pitt-1778-1709357836معاهدة أميركية مصدقة مع الهنود الأحمر  (فهرس الأرشيف الوطني الأميركي)
ومن المفارقات ذات الدلالة أن الاسم الوحيد المطروح لهذه الدولة الهندية كان "كنعان" (Indian Canaan)، وهو الاسم التاريخي لفلسطين.
أكثر من 200 سنة والهنود يلهثون وراء هذه الجزرة إلى أن اكتشفوا أن حلمهم ليس أكثر من كابوس. لقد وجدوا أنفسهم في نهاية المطاف في معسكرات موت بطيء أو شكل آخر من أشكال الإبادة التي تمارس على الشعب الفلسطيني باسم الدولة منذ أكثر من 30 سنة.
اقتباس :
من جملة التزوير التي يشارك فيها الغرب هي شخصية السيد المسيح الذي ولد في بيت لحم، لكنهم يظهرونه على أنه أشقر وذو عيون زرقاء والسيدة مريم العذراء أيضا يظهرونها شقراء كما لو كانت (مادونا) المغنية الأميركية.
  • تعتبر أن المسيحية ظاهرةُ مدنيةٌ مشرقية فلسطينية حرفتها ممالك أوروبا البربرية، هل ثمة تشويه للمسيحية في أميركا والغرب عموما؟



في أميركا 150 قناة تلفزيونية دينية تقوم بعملية تزوير للمسيحية في أميركا، ومن جملة التزوير التي يشارك فيها الغرب هي شخصية السيد المسيح الذي ولد في بيت لحم، لكنهم يظهرونه على أنه أشقر وذو عيون زرقاء والسيدة مريم العذراء أيضا يظهرونها شقراء كما لو كانت (مادونا) المغنية الأميركية.
وأكثر من ذلك أنه في الفاتيكان اكتشف كتاب عن محاكمة المسيح، وكيف أنه أشقر يشبه أمه وأنه نحيل.
اقتباس :
هناك أناس لم يخرجوا خارج الولايات، وكل ما يعرفونه عن المسيحية هو الجانب اليهودي منها وهناك قطيعة كاملة مع أفكار السيد المسيح.
هناك عملية تضليل بالفن نفسه مثلا اليهودية ولدت وظهرت في الصحراء (الفن الفينيسي) مثلا عندما تصور مشاهد من العهد القديم يظهر فيها صروحا معمارية وأعمدة مرمر والطفل عندما يكبر لا يتصور أن إسرائيل لم تكن في الصحراء هذا التضليل تمارسه القنوات على مدى 24 ساعة.
هناك أناس لم يخرجوا خارج الولايات، وكل ما يعرفونه عن المسيحية هو الجانب اليهودي منها وهناك قطيعة كاملة مع أفكار السيد المسيح.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69929
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

المؤرخ منير العكش: هذا هو "المعنى الإسرائيلي لأميركا" Empty
مُساهمةموضوع: رد: المؤرخ منير العكش: هذا هو "المعنى الإسرائيلي لأميركا"   المؤرخ منير العكش: هذا هو "المعنى الإسرائيلي لأميركا" Emptyالأحد 03 مارس 2024, 5:22 pm

"أميركا والإبادات الجنسية".. الوجه الآخر للإمبراطورية
يزعم الكاتب منير العكش أن أميركا أعدت برنامجا لتعقيم ملايين الأميركيين ومن مواطني العالم الثالث كجزء من خطة للسيطرة على العالم. وفي كتاب عنوانه "أمريكا والإبادات الجنسية" يتحدث العكش عن وثائق تثبت هذه الخطة التي يؤكد أن تطبيقها بلغ أوجه في عهد أوباما.
 
ويقول أستاذ الإنسانيات واللغات الحديثة مدير البرنامج العربي في جامعة سفك في بوسطن في مؤلفه -الواقع في 197 صفحة- إن هدف الخطة الحفاظ على صفاء أو تميز جنسي في الولايات المتحدة ومحاربة الفقر والقضاء على النمو السكاني في العالم.
وسبق أن صدر للعكش كتاب مماثل "أمريكا والإبادات الجماعية"، وهو من الذين يجمعون مواد كثيرة وغنية وموثقة لكنها ليست منظمة ومنسقة ومبوبة بشكل كاف، حيث تثير اهتمام القارئ لكنه يغرق فيها إذ إنها لا تتبع منهجا منظما.
وثائق
يذكر العكش في مقدمة الكتاب بافتتاحية عنوانها "تعقيم 14 مليون أميركي" صدرت بها صحف ومجلات إمبراطور الإعلام وليام هيرست في 1915، منذرة بـ"حرب أميركية على المستضعفين في الأرض وتدمير نسلهم في الأرحام ومحذرة من أن الطبقات الحاكمة ترسم مستقبل أميركا والعالم بالدم".

وحسب العكش، تذهب أموال الأثرياء الأميركيين لتعقيم مئات آلاف الأميركيين من ضعاف العقول سنويا لتحسين النسل.
وقال العكش إنه قرأ الافتتاحية قبل سنوات لكنها "لم تستيقظ في ذاكرتي إلا قبل حوالي سنتين عندما كنت أبحث عن وثائق الدولة التي وعدت الحكومة الأميركية بإنشائها للهنود الحمر غرب المسيسبي يومها، وبالمصادفة عثرت على وثيقة من 107 صفحات وضعها الدكتور هنري كيسنجر في 1974 عندما كان مستشارا للأمن القومي".
وحسب العكش فإن الوثيقة "ترسم بدم بارد خطة لتعقيم وقطع دابر نسل 13 دولة في العالم الثالث بينها مصر، في مهلة لا تزيد عن 25 سنة".
حملة تتأجج
ويذكر العكش أنه بعد أقل من ثلاثة أعوام كشف الدكتور رايمرت رافنهولت مدير مكتب الحكومة الاتحادية للسكان التابع للوكالة الأميركية للتنمية الدولية عن تورط جامعتي واشنطن وجونز هوبكنز في البرنامج الذي بدأت الحكومة الاتحادية إجراءاته العملية، فـ"رصدت ميزانية كافية لتأمين الشروط والوسائل اللازمة لتعقيم ربع نساء العالم القادرات على الحمل".

ويزعم العكش أن البرنامج لم يتوقف، بل بلغ أوجه في عهد الرئيس الحالي باراك أوباما، وهو في رأيه وجه آخر لـ"فكرة أميركا المستمدة من فكرة إسرائيل التاريخية، فكرة: احتلال أرض الغير واستبدال شعب بشعب وثقافة وتاريخ بثقافة وتاريخ".




في البدء كان الاستيطان.. مستعمرات العالم الجديد تشكل سلالات أميركا السياسية
المؤرخ منير العكش: هذا هو "المعنى الإسرائيلي لأميركا" Shutterstock_88458040-1704441378



قبل أن تظهر أميركا كقوة عالمية كبرى في العصر الحديث، بدأ تاريخ الولايات المتحدة في أوروبا قبل أن يُعرف العالم الجديد. وفي أميركا قبل وصول المستوطنين الأوروبيين. فقد دخلت القارة العجوز في زمان المستكشف الإيطالي كريستوفر كولومبوس (1451- 1506م) عهداً جديداً من "التمدد واستكشاف العالم" لكن بطريقة أوروبية خالصة، وصولاً إلى آفاق بعيدة لم يرتدوها من قبل.

بين عالمين

كانت الآمال التي جاءت بها جماعات المستوطنين الأوروبيين من "العالم القديم" إلى "العالم الجديد" مختلفة قدر اختلاف أممها وشعوبها، وتراوحت بين الطمع في الذهب أو حب المغامرة، وحب العظمة أو شرف خدمة الحاكم أو الهرب من ظلمه وجوره، أو البحث عن حرية الدين والعبادة، أو الإفلات من الفقر والمجاعات والسجون، أو إقامة مزرعة الأحلام.
وهناك من جاؤوا أو جيء بهم بدون أحلام، واستخدموا أقناناً في مزارع التبغ والقطن وقصب السكر أو عبيداً في المناجم والمطاحن ومشروعات مد السكك الحديدية من المحيط إلى المحيط. وعلى مدى قرنين تقريباً، صهرتهم الحياة بالقارة الجديدة في بوتقة واحدة، لكي يتكوّن منهم الشعب الأميركي.
لكن ما كان يعني بالنسبة للمستوطنين الأوروبيين النجاح وتكوين إمبراطوريات، كان يعني بالضرورة بالنسبة لأهل البلاد الأصليين (ممالك الهنود الحمر) صراعاً دموياً ممتداً وخاسراً من أجل البقاء والوجود والحفاظ على أرضهم وحياتهم وسبل عيشهم.



وقد سيطر على المستعمرات نخب تعكس مصالح اقتصادية واهتمامات دينية كامنة وراء مشروعات الاستيطان، وتراوحت بين رجال دين بيوريتان (طائفة المتطهرين) وكبار الأثرياء وملاك الأراضي، وشركات الاستثمار والتجارة (من الطبقة الإنجليزية التجارية) وبعض المغامرين، وقليل من المثقفين الذين تلقوا تعليما عالياً آنذاك.
وخلافاً لرغبتهم الأصلية في الهجرة إلى مستعمرة جيمس تاون في فرجينيا، وبسبب عواصف بحرية أدت لجنوح سفينتهم ميفلاور، اضطرت طائفة "الحجاج" الدينية الإنجليزية المهاجرة للنزول في نيو إنغلاند شمال شرق أميركا، وأسسوا مدينة بليموث وهي الآن بولاية ماسَاتشوستْس. وكانت جماعة بيوريتان لندن قد أنشأت مستعمرة نيوهيفن بولاية كونِّتيكيت الحالية، التي أمّها وسكنها في البداية البيوريتان فقط.
وقد توطدت الأمور للبيوريتان على ساحل ماساتشوستس بعد وفود جماعات كثيرة منهم، حيث كانوا يعترضون على الكنيسة الإنغليكانية (البريطانية) دون التفكير في الانفصال عنها، بل كانوا يريدون "تنقيتها". وقد لقي هؤلاء نجاحاً سريعاً بسبب تنظيمهم، مما جعلهم يزدادون بسرعة، خاصة بعد "الهجرة الكبرى" التي جاءت بحوالي 25 ألفاً منهم إلى ماساتشوستس هرباً من اضطهاد الكنيسة الإنغليكانية في عهد الملك شارل الأول.
وعندما سيطر هؤلاء البيوريتان على حكم ماساتشوستس، لم يتقبلوا أي معارضة، واضطروا المعارضين إلى الخروج من بوسطن عدة مرات، مما أدى لإنشاء عدد من المستوطنات الجديدة، والولايات فيما بعد، بداية كمستعمرات ولاحقاً ولايات: رود آيلند، فيرمونت، ماين.

التشكيل الاستيطاني اجتماعيا وثقافيا

كانت الكتلة السكانية الرئيسة للمهاجرين والمستوطنين بروتستانتية خالصة. وحتى عندما سمح البريطانيون بهجرة غير البريطانيين إلى مستعمرات العالم الجديد، اقتصر ذلك على 3 فئات هي: الألمان البالاتين، والأسكتلنديون الأيرلنديون، الرقيق السود.



بدأت هجرة الألمان بعد عام 1710 عقب صدور موافقة البرلمان البريطاني على منح الجنسية لكل بروتستانتي يهاجر إلى أميركا. وكان المهاجرون الألمان يغادرون بلادهم هرباً من الفاقة والصراعات والاضطهاد الديني، واستقروا داخل اليابسة بعيداً عن السواحل، خاصة في بنسلفانيا ذات الأرض الواسعة، وأصبحوا يعرفون بهولنديي بنسلفانيا. ثم لحق بالألمان مهاجرون بريسبتاريون (بروتستانت الكنيسة المشيخية) من شمال أسكتلندا وأيرلندا هرباً من اضطهاد الكنيسة الإنغليكانية في أسكتلندا والكنيسة الكاثوليكية في أيرلندا، وزيادة الفائض السكاني مقابل محدودية الموارد الاقتصادية التي كانت تتسبب بمجاعات أحياناً.
كذلك، هاجرت جماعات من الفرنسيين "الهوغونوت" (بروتستانت) وكان هؤلاء قد تعرضوا لاضطهاد وصل حد المذابح أواخر القرن 18 وأوائل القرن 19. ويقال إن عدد ضحايا هذه المذابح قارب المليون قتيل، وكانت خسارة بشرية وأخلاقية هائلة لفرنسا، نظراً لما كان يمثله هؤلاء الهوغونوت من تميز ثقافي وتعليمي وفكري. كذلك، ضمت الهجرات جماعات سويسرية وسويدية استوطنت بداية وادي (ولاية) ديلاوير، ومثلوا إضافة ولو صغيرة للتشكيل الاستيطاني.
وسبق المهاجرون الألمان غيرهم إلى الاستيطان بالمناطق الجبلية في فرجينيا وكارولينا الشمالية والجنوبية إضافة إلى بنسلفانيا. ثم جاء الأيرلنديون ليستوطنوا إلى الغرب والجنوب الغربي، كما استقر الهوغونوت في كارولينا أيضاً، واستوطن الأسكتلنديون في كارولينا وجورجيا، بينما استوطن الهولنديون في نيويورك.
المؤرخ منير العكش: هذا هو "المعنى الإسرائيلي لأميركا" Shutterstock_66491842-1704441386ميناء أويستر في نيويورك (شترستوك)
والحقيقة أن معظم هذه الجماعات من المهاجرين على اختلاف أرومتهم قد فقدت قدراً كبيراً من سماتها وتقاليدها وشخصيتها الأصلية، لدى انخراطها في المجتمع "الاستيطاني" الجديد مع بعض الاستثناء. وربما كانت طائفة الآميش البروتستانتية التقليدية ذات الأصول الألمانية الهولندية أبرز تلك الاستثناءات، حيث ما زالت تحافظ على الكثير من أخلاقياتها وتقاليدها وأنماط معيشتها الأصلية كما جاءت بها من أوروبا في القرن 18، ولا تزال تعيش أغلبيتها بولاية بنسلفانيا، وكذلك يعيش بعضها بولاية إنديانا.
رغم أن المهاجرين الأوروبيين قد جاؤوا محمّلين بميراثهم الاجتماعي وأعبائهم الطائفية والطبقية والفروق القائمة بينهم في الثروة والسلطة، فإن هذه التفاوتات الطبقية والاجتماعية بينهم قد تقلصت بشكل ملحوظ، وعلى نحو أقل اتساعاً وحِدّةً عما كان عليه الأمر في مواطنهم الأوروبية الأصلية.
فقد كانت الأرستقراطية الجديدة في أميركا مكونة من كبار الموظفين ورجال الدين والحرفيين وكبار أصحاب السفن والتجار وكبار الإقطاعيين بريطانيي الأرومة. وأدت وفرة الموارد الاقتصادية الطبيعية إلى تحسن الأوضاع الاجتماعية وظروف المعيشة في المجتمع الأميركي.
لكن كان هناك تمايز بين أرستقراطية كبار موظفي المستعمرات المنحدرين من أصل بريطاني وبين أعضاء الشرائح الصاعدة الجديدة التي تحسنت أوضاعها الاجتماعية الاقتصادية نظراً للفرص المتاحة ووفرة الموارد.
من ناحية أخرى، كانت الطبقة الوسطى تتكون من المزارعين والتجار والفنيين، وهي الطبقة التي تمثل الغالبية الكبرى بين سكان المستعمرات. أما الطبقة الثالثة فكانت مكوّنة من العمال الأحرار غير الحرفيين. ووصف العمال الأحرار هنا لازم لتمييزهم عن الطبقة الرابعة المكونة أساساً من عمال الخدمة المتعاقدين، الذين التزموا بالعمل لعدد من السنوات، يتراوح بين 3 و7 سنوات، مقابل إحضارهم من أوروبا إلى أميركا، ويضاف إليهم في الطبقة الرابعة الأرقاء الأفارقة.

الحياة الدينية في المستعمرات

احتل الدين مكانة بالغة الأهمية في حياة وفكر ورؤية سكان المستعمرات لأنفسهم والعالم في تلك الفترة. فقد شمل التشكيل السكاني "الاستيطاني" آنذاك جماعات عديدة من بروتستانت الهوامش، أي الذين لم يكونوا تابعين للكنائس البروتستانتية الرئيسة الكبرى كالإنغليكانية ولم يتخذوها مرجعية لهم، لكنهم عوضاً عن ذلك فضلوا تكوين تجمعاتهم الدينية (المُستقلة) إضافة لطقوسهم وعباداتهم التي اختاروا الالتزام بها.
وكان هؤلاء قد تعرضوا لاضطهاد وعسف الكنائس الرسمية في أوروبا، مما حدا بهم للهجرة إلى أميركا، وهناك وجدوا ملاذاً آمناً، وازدهرت تلك الجماعات البروتستانتية وانتشرت كنائسها، وأصبحت علماً على نمط الحياة والاجتماع والتفكير في العالم الجديد. ورغم صحة مقولة أن تعدد وتنوع الخلفيات الدينية لجماعات الهجرة والاستيطان الوافدة لأميركا قد أوجد مناخا من التسامح الديني في العالم الجديد بأكثر مما كان الحال في أي مكان آخر بأوروبا، لكن الصحيح أيضاً أن هذه التجربة هناك قد شهدت مبكراً اضطهاداً من بعض الكنائس والجماعات الدينية بحق كنائس وجماعات مسيحية أخرى. ففي القرن 17، كان يحكم بالإعدام على الفرد في بنسلفانيا لمجرد انتمائه لطائفة "الكويكرز" المسيحية، ومر زمن طويل قبل إبطال هذه الأحكام والقوانين الجائرة.
وكان لمعتقدات وممارسات طائفة البيوريتان في نيو إنغلاند أثر كبير على الحياة في المجتمع الاستيطاني الجديد أكثر من أي طائفة دينية أخرى، فقد كان البيوريتان من أتباع جون كالڤن الإصلاحي البروتستانتي الكبير، الذين يؤمنون بأن الإنسان مسيّرٌ وليس مخيراً، وأن الرب هو الذي قرّر أو اصطفى بالفعل أولئك الذين سينقذهم في الحياة الأخروية، مما دفع كثيراً من البيوريتان نحو "تصوّف" سعياً لمعرفة ما إذا كانوا من الذين اختارهم الرب، وكذلك الاهتمام بتحسين أحوالهم وأحوال الآخرين. وكان البيوريتان يعتنقون قانوناً أخلاقياً صارماً؛ فأصدروا قوانين تحظر العمل يوم الأحد، وتملي على أفراد المجتمع الذهاب إلى الكنيسة.
المؤرخ منير العكش: هذا هو "المعنى الإسرائيلي لأميركا" Shutterstock_1399895678-1704441369المستوطنون القدامى في أميركا الشمالية (شترستوك)
ورغم الحرية الدينية التي سعت إليها هذه الطائفة في العالم الجديد إفلاتاً من الاضطهاد الديني بأوروبا، وتمتعت بها بالفعل، إلا أنها مارست الاضطهاد بحق طوائف دينية أخرى في العالم الجديد، مثل المعمدانيين والكويكرز واليهود والكاثوليك، وآخرين.
ومع شيوع ظاهرة الاعتقاد بالسحر (الديني) ولعنة السحرة أوروبيًا وأميركيًا في القرن 17، تورط البيوريتان عام 1692 في مطاردة الساحرات ومحاكمتهن، وأعدم نتيجة لذلك 19 شخصاً قبل أن يتم وقف مسلسل المطاردات، الذي عرّض شخصيات مرموقة للمحاكمة، مما أدى لفقدان الثقة في بعض قادة البيوريتان.
وكان التنظيم الكنسي لطائفة البيوريتان مستقلاً أو "كونغريغيشنال" أي أنهم يؤمنون بحرية كل كنيسة من أي سيطرة أو هيمنة عليا من خارجها، وهذا المبدأ ينسحب على معظم الكنائس البروتستانتية التي نشأت وانتشرت بالعالم الجديد، وهو تقليد بروتستانتي أصيل وتاريخي بدأ برفض سيطرة الكنيسة الكاثوليكية باعتبارها الكنيسة "العالمية" أو كنيسة الرب الواحدة ومستودع الأسرار المقدسة. وتدرج تطبيق هذا المبدأ بحيث أصبح يعني أيضاً رفض هيمنة الكنيسة الإنغليكانية بدورها على الطوائف البروتستانتية.
في رود آيلند، كانت الطائفة الدينية الأبرز هي المعمدانية، وقد بدأت سيرتها هناك بقيادة القسيس المثقف خريج جامعة كمبردج، روجر وليامز، الذي سبق له الدعوة لشراء الأرض من القبائل الهندية بدل الاستيلاء عليها، واعترض على ممارسات البيوريتان في بوسطن، وتم إخراجه وأتباعه منها بسبب ذلك. كما كان لطائفة الكويكرز حضور ظاهر في بنسلفانيا ونيوغرسي، وجلب المهاجرون الأسكتلنديون والأيرلنديون معهم جماعات من اللوثريين، والمنونايت، والمورافيين. واستوطن كثير من البيوريتان في نيوغرسي. واستوطن في نيويورك جماعات من الإصلاحيين الهولنديين والألمان، ولم تغلب على نيويورك سمة دينية ظاهرة.
وفي مستعمرات الجنوب، كان لجماعات الكنيسة الإنغليكانية حضور ظاهر، بينما كان الكاثوليك الجماعة الأبرز في ميريلاند، ولا يزال خاصة مدينة بلتيمور التي لها أسقف كاثوليكي، وسيطر الكاثوليك على مؤسساتها السياسية عقودا طويلة. وأدى وجود الجماعات الإنغليكانية، بانفتاحها على الحياة وطلاقتها الاجتماعية في الجنوب، إلى تميزه عن الشمال الذي صبغه البيوريتان بصبغة قاتمة، وشهد التطرف الديني. واستوطن البريسبتاريون (أتباع الكنيسة المشيخية) والمعمدانيون والكويكرز مناطق الجنوب الداخلية.

المسائل الكبرى

في ضوء سمات التشكيل "الاستيطاني" الأميركي المبكر، يمكن تشخيص مجموعة القضايا الأساسية والاهتمامات الرئيسة أو المسائل الكبرى التي تمثل جوهر هذه التجربة التاريخية الاستيطانية الممتدة، والتي حددت ولا تزال تحدد الخطوط العامة المشتركة بين الأفكار والتوجهات والسلالات السياسية والأيديولوجية التي مرت عبر التاريخ الأميركي، وكذلك الاختلافات والتغايرات فيما بينها.
كما تكشف هذه القضايا مسارات تشكل الولايات المتحدة والنحو الذي آلت ولا تزال تؤول إليه. ويمكن إجمال هذه الاهتمامات المحددة في عدد من المسائل:
أولاً: الخروج من الفقر والبطالة والمجاعات التي عانتها مجتمعات أوروبا الطاردة للمهاجرين، والوصول إلى أرض الميعاد الجديدة وبلاد اللبن والعسل، كما كانوا يستلهمون أو يتمثلون نصوص التوراة (العهد القديم) حيث الأرض ممتدة بغير نهاية من المحيط إلى المحيط، وموارد طبيعية لا حدود لها، والثروة والوفرة الهائلة، وحرية التجارة، واقتصاد رأسمالي، وتقدم وازدهار بلا نهاية.
ثانياً: التحرر من عسف واستبداد الملوك والحكام في أوروبا والذين كانوا يمارسون الحكم بطريقة أوتوقراطية مطلقة، وتطلع الجماعات إلى قدر كبير من الاستقلال الذاتي، والتمثيل الشعبي، وإدارة شؤونهم بأنفسهم.
المؤرخ منير العكش: هذا هو "المعنى الإسرائيلي لأميركا" Shutterstock_242300575-1704441361سكان أميركا زمن الحرب الأهلية في نيويورك (شترستوك)
ثالثاً: الحرية الدينية والإفلات من اضطهاد وهيمنة الكنائس الرسمية الكبرى (الكاثوليكية والإنغليكانية واللوثرية) وتكوين جماعات دينية مستقلة، بقناعاتها وتقاليدها وطقوسها ورؤيتها الكونية.
رابعاً: تطلع النخب إلى تحقيق المجد والقوة والشهرة في فضاء العالم الجديد، وبناء مشروعاتها الإمبراطورية الجديدة المتحررة من سيطرة الممالك والإمبراطوريات الأوروبية التقليدية، وقطع يدها عن التدخل في شؤون العالم الجديد والتمدد الإمبريالي والتوسع على حساب المشروعات الإمبريالية الأسبق: الإسبانية والبريطانية والفرنسية والبرتغالية والهولندية.
خامساً: الاعتقاد بفرادة التجربة الأميركية، وخصوصية الثورة الأميركية في الحضارة والتاريخ الإنساني والديني، وتميز الجمهورية الأميركية في التنظيم السياسي والحقوقي والاقتصادي عن سائر العالم القديم، وريادتها في فضاء التقدم الإنساني. فهو إذن شعور بالاستثنائية والتفوق وأن أميركا أمة ذات رسالة خاصة، أي أن أميركا "شعب مختار" إذ يختلط الدين في اللغة والأدبيات الأميركية بالمشاعر القومية، واستقرت هذه اللغة فيما يدعى أميركيًا "الدين المدني".
فهي لغة لا تكتفي بالاستعارة من أناجيل العهد الجديد، بل تستعير صور العهد القديم. فالمهاجرون الأوائل الذين رحلوا عن أوروبا يُشبِّهونها بمصر العبودية (التوراتية) كما في العهد القديم، ويشبهون الولايات المتحدة بـ"أرض الميعاد".
ويتبدى هذا التمثل لحالة الاستثنائية والفرادة، بناء على المقدس الديني، في مشروعات وممارسات سياسية ذات تضمينات دينية "إلهية" تقوم بها أميركا.
سادساً: كرست حروب الثورة الأميركية ضد البريطانيين حق الشعب في التسلح، وتكوين مليشيات مسلحة، والتمسك بمبدأ الأمن الذاتي، كما كرست قانونيًا سيادة الفرد داخل أراضيه أو ممتلكاته.
وكانت هذه الخطوط -ولم تزل- هي المحددات العامة التي تشكل عبرها التفكير السياسي الأميركي لدى النخب والجماهير، وبناء على المواقف المتخذة منها تكونت الأيديولوجيات والسلالات السياسية الأميركية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69929
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

المؤرخ منير العكش: هذا هو "المعنى الإسرائيلي لأميركا" Empty
مُساهمةموضوع: رد: المؤرخ منير العكش: هذا هو "المعنى الإسرائيلي لأميركا"   المؤرخ منير العكش: هذا هو "المعنى الإسرائيلي لأميركا" Emptyالأحد 03 مارس 2024, 5:28 pm

لو انتصرت النازية.. كيف سيكون حساب أميركا؟


ماذا لو انتصرت النازية، لا سمح الله، ولو ضحّت بهتلر؟
سؤالي عن وجود «الحقيقة» مهما تتقادم، لا أقصد تقييم الشخصيات، مثل أخناتون الذي يختلف فيه الرأي، بين نبي مثالي، وملك ضعيف.
الحقيقة أن ملكه تداعى، وكادت الدولة تسقط، لولا قبضة قائده العسكري حور محب. ما عدا «حقيقة» سقوط أخناتون يظل التاريخ مطية المنتصرين، يُملونه على الكَتَبة، ويقدسه المغفلون.

من كان يظن، في ربيع 2011، أن يطول عمر بشار الأسد، ويشارك في القمة العربية في جدة، في مايو/أيار 2023، وفي القمة العربية والإسلامية المشتركة بالرياض، في نوفمبر/تشرين الثاني 2023؟
الملايين من الضحايا في القبور والمنافي، طوال هذا النزيف، تخيلوا له مصيرًا آخر، ولا بدّ أن «حضوره» يؤرق أرواح أبرياء رأوا مصير صدام حسين، إذ سقط أسيرًا في يد الاحتلال الأميركي، فأخرج له من الأضابير قضية الدجيل، جواز مرور إلى المشنقة. فكيف ستُؤرخ فصول المأساة السورية؟
الطغاة يخشون الحقيقة. في فيلم «عمر المختار»، قال ضابط صغير لقائده، وهما يمارسان القتل، لتأديب الثوار، «المتمردين»:

  • ألا تخشى أن يذكر لنا التاريخ ارتكاب هذه الصغائر؟
    رد القائد:

  • الخوف أن تنسانا روما.
    وقد نسيتهما روما، ونسيهما تاريخ احتفظ بصفحة مجيدة لعمر المختار والذين معه.


هيكل ومبارك وبينهما الفقي

واقعة قريبة رواها طرفان بصيغتين. في كتابه: «مبارك وزمانه.. من المنصة إلى الميدان» (2012)، ذكر محمد حسنين هيكل أنه كان يجهز لكتابه: «حرب الخليج» (1992)، واتصل به حسني مبارك، بعد انقطاع طويل، وسأله مباشرة عن صحة ما نشرته الصحف عن سفره، لمقابلة الملك حسين؛ «لأنك تكتب كتابًا عن حرب الخليج!».
أجاب بأنه سيقابل الملك وغيره، فقال مبارك: «الملك سوف يكذب عليك». وبعد عودته إلى القاهرة اتصل به مبارك، وسأله بالمباشرة نفسها: «هل كذب عليك، وروى لك ما يشاء لكي يبرر موقفه؟!!». وبادر مبارك بإطلاع هيكل على ملفات الرئاسة السرية الخاصة بحرب الخليج، «شرط عدم تصويرها»، وإرسالها على مراحل مع مصطفى الفقي سكرتير الرئيس للمعلومات. وكلما اطلع هيكل على جزء وافاه بآخر.
فتح الفقي الدفعة الأولى، وانهمك هيكل في القراءة، وصارح الفقي بالاكتفاء بما قرأ؛ فالملفات تبدو «مكتوبة بأثر رجعي»، بعد الحرب، «محررة بتوجيه، لكي ترسم صورة معينة قد لا تكون موافقة لحقيقة ما جرى!!».
خبرة هيكل بقراءة الوثائق دفعته إلى العزوف عن استكمال قراءة ما سيحمله إليه الفقي «غدًا وبعد غد»، وآثر أن يكتب استنادًا إلى ما يتوصل إليه، لا ما يُقدم إليه مما يشكّ فيه؛ فقراءته للملفات ستقيّده، وربما تلزمه بما لا يقتنع به. وأعاد الفقي الأوراق إلى الحقيبة، وقال بإيجاز: «لا تعتمد فيما تكتب إلا على ما تثق فيه، ولا تسألني أكثر من ذلك!!».
وصدر الكتاب، فأغضب مبارك. وفي عشاء عند صديق مشترك همس الفقي إلى هيكل: «لا تجعل شيئًا مما يقال يضايقك، الحق كان معك، والواقع كما أعرفه من موقعي أفظع بكثير من أي شيء قلته في كتابك!».
انتهت رواية هيكل لواقعة شغلت أكثر من خمس صفحات، في كتاب صدر في حياة مبارك. وبعد وفاة هيكل ومبارك، روى الفقي الواقعة في سيرته: «الرواية.. رحلة الزمان والمكان» (2021)، في أقل من سبعة سطور. قال: إن هيكل طلب إليه الاطلاع على الرسائل المتبادلة بين مبارك وصدام، فاستأذن مبارك وأقنعه بأن هيكل، بعد لقائه بالملك حسين، «من غير المستحب أن نحجب عنه ما لدينا، فوافق الرئيس… والطريف أنني عندما ذهبت إلى هيكل، تصفحها في دقائق قليلة، دون اعتناء، وأعادها لي شاكرًا، وقال ليس فيها جديد».
أيهما نصدق؟ في حياة مبارك، نشر هيكل رواية محددة، طرفاها هيكل ومبارك، ويشهد عليها الفقي الذي انتظر موت هيكل؛ ليكتب رواية يضع فيها نفسه في جملة مفيدة، جسرًا بين هيكل والرئيس.
السياق أكبر من مجرد الاطلاع على «وثائق»، رواية هيكل تمثل علاقة ندية بين صحفي ورئيس يبادر بالاتصال، ولعله يخشى رواية من خارج الحدود تنقُض ما أمر بكتابته بعد سكوت المدافع، وما أراد الإيعاز به إلى كاتب مرموق تتسع دوائر قرّائه فتتجاوز حدود العالم العربي، ثم يعاود الرئيس الاتصال بالصحفي؛ للسؤال عن الرواية الأخرى.
لم يردّ مبارك أو الفقي على رواية هيكل عام 2012، لكن الرواية الأقل من سبعة سطور، في «السفر الأمين» للفقي، تجاهلت هذه التفاصيل، وأسقطت همس الفقي عن واقع «أفظع بكثير» مما كتبه هيكل.

بين كتابة التاريخ ومحاسبة صناعه

لا اتفاق على رواية واحدة لواقعة عصرية، فكيف نصدق رواية كتبها صنّاعها المنتصرون؟
الجنون الأميركي في فيتنام كافٍ لمحاكمة المسؤولين بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، يذكر المؤرخ الأميركي هوارد زِن، في كتابه: «التاريخ الشعبي للولايات المتحدة»، أن المخابرات الأميركية أعدمت في برنامج سري يسمى: «عملية العنقاء» أكثر من عشرين ألف مدني فيتنامي، لشكوك في انتمائهم إلى منظمات شيوعية سرية.
وأن أميركا أسقطت سبعة ملايين طن من القنابل، «وهو ما يفوق أكثر من مرتين إجمالي ما أُلقي من قنابل على أوروبا وآسيا في الحرب العالمية الثانية؛ أي قنبلة تزن خمسمئة رطل لكل إنسان في فيتنام… أُلقيت غازات سامة بالطائرات لتقضي على الشجر… منطقة باتساع ولاية ماساشوستس قد غطيت بهذه الغازات»، فضلًا عن تشوهات الأطفال.
ويسجل هوارد زِن، في الكتاب الذي ترجمه الدكتور شعبان مكاوي (1963 ـ 2005)، أن جنودًا أميركيين أحاطوا في 16مارس/ آذار 1968 بسكّان قرية ماي لاي، وفيهم العجائز والرضع، وأمروهم بالنزول إلى خندق كبير، وقتلوهم. ثم قال الجندي جيمس دورسي، في شهادته أثناء المحاكمة: «كان الناس يغطسون تحت بعضهم البعض، وكانت الأمهات يحاولن حماية أطفالهن»، وإن الضابط كاللي أمر الجندي بول دي ميدلو بإطلاق النار، وهو نفسه «الجندي الذي كان يطعم الأطفال الشوكولاتة قبل أن يطلق الرصاص عليهم»، كان الجندي يطلق النار ويبكي.
وينقل هوارد زِن عن الصحفي الأميركي سيمور هيرش، الذي تقصّى مذبحة ماي لاي، أنهم عثروا على مقابر جماعية في ثلاثة مواقع، فضلًا عن خندق مكدس بنحو 500 جثة «معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن»، وينقل هيرش قول جندي أميركي في خطاب إلى أسرته: «كنا اليوم في مهمة وأشعر بالخزي من نفسي ومن أصدقائي ومن بلدي. لقد أحرقنا كل كوخ وقعت عليه عيوننا. كانت هذه شبكة صغيرة من القرى، وسكانها فقراء فقرًا شديدًا. قامت وحدتي بحرق ممتلكات هؤلاء الفقراء وسلبها… كان الكل يبكي ويتوسل إلينا بألا نفصل بينهم بأخذ الآباء والأزواج والأبناء والأجداد. وكانت النساء تبكي وتنوح. كانوا ينظرون إلينا في رعب ونحن نحرق منازلهم وممتلكاتهم الشخصية وطعامهم. نعم كنا نحرق الأرز ونقتل الماشية».
النسخة الصهيونية من الجريمة الأميركية ذكر جانبًا منها رئيس وزراء إسرائيل موشي شاريت. في كتاب: «إرهاب إسرائيل المقدس» تدرس الكاتبة الإسرائيلية ليڤيا روكاش يوميات شاريت، وفيها شهادة لجندي شارك، عام 1948، في احتلال قرية الدوايمة الفلسطينية: «قتلت ما بين 80 إلى 100 عربي، من النساء والأطفال. لقتل الأطفال، كانوا يقومون بتحطيم رؤوسهم بالعصي. لم يكن هناك منزل واحد بلا جثث… أمر قائدنا بإحضار امرأتين إلى المنزل الذي كان على وشْك تفجيره… جندي آخر افتخر بأنه اغتصب امرأة عربية قبل إطلاق النار عليها وقتلها. أمر الجنود امرأة عربية أخرى معها رضيعها بتنظيف المكان لمدة يومين، وبعد ذلك أطلقوا النار عليها وعلى طفلها».

من البريرية إلى الاضمحلال

أعود إلى سؤال البداية: ماذا لو انتصرت النازية، لو ضحّى النظام بزعيمه لتستمر النازية؟
كنا سنرى مشهدًا آخر، ومحاكمات أخرى، وتفاصيل مختلفة على خريطة العالم. لكن النازية سقطت والحمد لله، وصعد نازيون جدد. ولم تُحاسَب إسرائيل على جرائمها ضد الإنسانية، ولا الولايات المتحدة التي قتلت نحو خمسة ملايين فيتنامي، وحرقت 37 مليون فدان من الزروع والغابات، وخلفت 55 ألف قتيل أميركي، لتأكيد القوة، وخدمة لرأس المال، وهو ما عبر عنه كيسنجر بقوله: «على الولايات المتحدة أن تقوم ببعض الأفعال في مكان ما بالعالم لتأكيد استمرارها كقوة عالمية».

كان لأميركا أن تتجنب إلقاء القنبلتين النوويتين على اليابان الموشكة على الاستسلام. وكان لها وللحلفاء ألا ينسفوا مدينة دريسدن الألمانية، تلك جريمة استعراضية ارتكبوها بلا داعٍ، والحرب تكاد تنتهي ومعها هتلر. يذكر هوارد زِن أن درجة الحرارة الناتجة عن القصف قتلت مئة ألف ألماني.
خلاصة السلوك الأميركي الإمبريالي يؤكد مقولة أنها الدولة الوحيدة التي ستنتقل من البربرية إلى الاضمحلال، من دون المرور بالحضارة. تلك مقولة يرجح أن قائلها أوسكار وايلد. أما إسرائيل فليست إلا جيشًا يحيط به مجتمع، كعائلات جنود الاحتلال البريطاني في مصر. في البدء جاءت العصابات الصهيونية المسلحة إلى فلسطين، قبل استقدام «الشعب»، والتقاطه من الشرق والغرب. الكيان الوحيد في التاريخ الذي يستجدي «مواطنين»، لا بقاء للقطاء.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
المؤرخ منير العكش: هذا هو "المعنى الإسرائيلي لأميركا"
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المؤرخ الإسرائيلي آفي شلايم: دولة الاحتلال ترتكب "إرهاب دولة" وحماس حركة مقاومة
» عالم الذّرة الفلسطيني البروفيسور منير نايفة
» ماذا الآن بالنسبة لأميركا؟
» كلمات لها نطق واحد لكن المعنى مختلف ...؟
» لرؤية المعنى الحقيقي للإسلام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: فلسطين الحبيبة :: إسرائيل جذور التسمية وخديعة المؤرخون الجدد-
انتقل الى: