منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

  مصطلح العلمانية بين فتح العين وكسرها

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69929
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 مصطلح العلمانية بين فتح العين وكسرها  Empty
مُساهمةموضوع: مصطلح العلمانية بين فتح العين وكسرها     مصطلح العلمانية بين فتح العين وكسرها  Emptyالجمعة 15 مارس 2024, 12:56 am

مصطلح العلمانية بين فتح العين وكسرها (1)
لا يكاد الجدل يتوقف بين الباحثين وجمهرة المثقفين -ودعاة العلمانية منهم بالخصوص- حول مصطلح العلمانية، من حيث فتح العين وكسرها، لما لذلك من دلالات في الاستعمال، وانعكاس مباشر على الفكر والسلوك، وقد أخذت هذه المسألة الكثير من النقاشات والمساجلات، واستنزفت وقتا غير قصير، بين الطرفين.


وعلى الرغم من كل ذلك الجدل فإن التحقيق في المسألة يفضي إلى أنها بفتح العين، إذ هي مأخوذة من العالم لا من العلم، وهو قول يشترك فيه كثير من الباحثين العلمانيين والإسلاميين (راجع -على سبيل المثال-: زكي نجيب محمود، عين -فتحة- عا، صحيفة الأهرام، 17/12/1984م، ص 13، وكتاب عن الحرية أتحدث، ص 133، وفؤاد زكريا: العلمانية ضرورة حضارية ص 270، وعبد الوهاب المسيري، العلمانية الجزئية او العلمانية الشاملة، ج1، ص61-62، وغيره.


المسألة في نهاية المطاف تنبني على المقصود بها، من قبل كل طرف، بمعزل عن الكسر والفتح، وحيث إن تاريخ المسلمين الحضاري، قد أفاد من الآخر اليوناني في زمنهم، ممثلاً في التراث الفلسفي اليوناني؛ فلا يضير اليوم أن يفيد المسلمون من تراث الآخر الأوروبي، في جانب العلم الذي أضحى متميزا فيه


والواقع أن ليس "معجم المصطلحات السياسية العلمانية" وحده من يقرر بأن العلمانية هي اللادينية، أو الدنيوية، وهي دعوة إلى إقامة الحياة على غير دين، وتعني في جانبها السياسي بالذات إقامة اللادينية في الحكم، وهي اصطلاح لا علاقة له بالعلم أو بالمذهب العلمي (وضاح زيتون، معجم المصطلحات السياسية، ص 254)، بل ذلك ما تبنته عدد من القواميس والمعاجم ذات القيمة والوزن، كما هو اتجاه كثير من الباحثين العلمانيين غربيين وشرقيين، غير أن ما يعنينا في هذه المناقشة القصيرة ؛ إنما هو التوقف عند رأي أحد أبرز فلاسفة العصر، في هذه المسألة، وهو الدكتور زكي نجيب محمود (ت: 1993م)، لما فيه من المفارقة، غير المتوقعة، من رجل عرف لفترة طويلة من حياته، بغرامه المفرط بالغرب، وثقافته وقيمه، وفلسفته الوضعية المنطقية بالخصوص، حتى عرف يوما برائد الوضعية المنطقية، في العالم العربي، حيث يذهب الرجل إلى أن من الخطأ غير المبرر الإصرار من قبل بعض الباحثين على كسر حرف العين، لمفردة العلمانية، كما لو كانت مأخوذة من العلم، لا من العالم، وأن الإسلام يقف في مواجهة مع العلم، لكنه عاد فأكد أن المسألة في نهاية المطاف تنبني على المقصود بها، من قبل كل طرف، بمعزل عن الكسر والفتح، وحيث إن تاريخ المسلمين الحضاري، قد أفاد من الآخر اليوناني في زمنهم، ممثلاً في التراث الفلسفي اليوناني؛ فلا يضير اليوم أن يفيد المسلمون من تراث الآخر الأوروبي، في جانب العلم الذي أضحى متميزا فيه، ثم قال:" وإذن يكون انتهاجنا نهج أسلافنا هو أن نلتمس صيغة ثقافية جديدة، نجمع فيها رحيقا إلى رحيق في إناء واحد. فإذا كان هذا الجمع بين الرحيقين هو نفسه ما يطلقون عليه اسم "العلمانية" بعين مفتوحة، فأهلا بها، وإذا كان هو ما يسمونه بهذا الاسم بعين مكسورة، فمرحبا بها، إن الأسماء لا تسكنها العفاريت فأخشاها، إنني أخشى أو لا أخشى ذلك الذي تسميه تلك الأسماء، إذا وجدت في المسمى ما أخشاه، فهل أخشى أن يكون هذا العالم الجديد موضوعا لاهتمامي، في علومه وفي آدابه وفي فنونه، وفي كثير من نظمه. إن حياة الحي هي أن يتفاعل مع ما يحيط به، أخذا وعطاء، فما الذي يخيفني من العلمانية، فتحت عينها أو كسرت، إنه بفتحها تكون دعوة إلى الاهتمام بعالمنا الذي نعيش فيه، وبكسرها تكون دعوة إلى العلم، وكلتا الدعوتين معلنتان في عقيدة الإسلام وشريعته" (محمود، عين- فتحة- عا، ص13، وعن الحرية أتحدث، ص 135).


إن مضمون هذا التقرير لزكي محمود؛ يتنافى مع ما استقر في وعي كل من يعرف الفلسفة الوضعية المنطقية، ودلاتها، ونقاش حلقة فينا وفلاسفتها، حيث الاهتمام باللغة وتحليلاتها المنطقية، للتخلص من كل ما يشوبها من تعبيرات غامضة، أو زائفة، ليتمّ البناء على التجربة الحسّية وحدها، حتى إن البعض ليسميها بالوضعية التجريبية، بوصف التجربة الحسية مصدر المعرفة الوحيد والحصري، بعيدا عن مصادر الدين والإيمان والغيب (الميتافيزيقا) وطرائقها، حيث إن كل مالا يخضع للتحقق من صحته، عبر الفحص التجريبي الحسي، يعد لغوا بلا معنى، وليس من العلم في شيء، لدى هذه الفلسفة. وهل هذا ينسجم عمليا في شيء، مع تقرير الدكتور محمود آنف الذكر؟ اللهم لا.


هنا ينعي محمود على من يحارب العلم باسم الدين، في صورة العلمانية (مكسورة العين) بقوله:" ومرة ثانية أقول: إنني لا أبالي أن يكون في صدور الدعاة إلى العلمانية بكسر عينها، شر مكتوم يريدون به حياتنا الدينية، على افتراض جاهل منهم بأنه إذا كان علم فلا دين.


أما الجانب الأكثر إثارة في موقف الدكتور زكي نجيب محمود من مصطلح العلمانية، بل الصادم -ربما لكثير ممن يعتقد بحتمية الحل العلماني وضرورته-؛ تشديد الرجل على ضرورة الإيمان بالتناغم في الإسلام، بين العلم والإيمان، والدين والدنيا، ذلك أننا في المجتمعات الإسلامية غير معنيين بركام الجدل والصراع الذي دار في أوروبا حول العلمانية من الأساس، لأن فلسفتنا الفكرية نابعة من الدّين، الذي يهتم بالعلم، ولا يفرط بالعالَم أو الدنيا، في الوقت ذاته، كما هو معلوم من فكره بالضرورة (محمود، عين- فتحة- عا، ص13، وعن الحرية أتحدث، ص 135).


وهنا ينعي محمود على من يحارب العلم باسم الدين، في صورة العلمانية (مكسورة العين) بقوله:" ومرة ثانية أقول: إنني لا أبالي أن يكون في صدور الدعاة إلى العلمانية بكسر عينها، شر مكتوم يريدون به حياتنا الدينية، على افتراض جاهل منهم بأنه إذا كان علم فلا دين. فقد ذهبت عن الناس غفلة استبدت بهم حينا طويلا من الدهر في بلادنا وفي بلاد الغرب كذلك، حين لعب الشيطان بعقولهم فأوهمهم أن لا مصالحة بين علم ودين، فإذا قام أحدهما غاب الآخر، ذهبت عن الناس هذه الغفوة، لأن الإنسان إنسان بدينه وبعلمه معا، وارجع إلى كتاب الله الكريم وإلى حديث رسوله -عليه أفضل الصلاة والسلام- وانظر في كم موضع يأتي الحض على العلم، بل إننا لنعرف ذلك جيدًا، ونعيده ونكرره فيما نكتبه وما نذيعه في الناس، فقل لي بالله: من ذا الذي يحاربونه، أولئك الذين يحاربون العلمانية وهي مكسورة العين؟"( راجع: محمود، عين- فتحة- عا، ص13، وعن الحرية أتحدث، ص 136).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69929
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 مصطلح العلمانية بين فتح العين وكسرها  Empty
مُساهمةموضوع: رد: مصطلح العلمانية بين فتح العين وكسرها     مصطلح العلمانية بين فتح العين وكسرها  Emptyالأحد 21 أبريل 2024, 11:52 pm

العلمانية بين الأيديولوجيا والحيادية (2)
نعود في هذا الجزء إلى رؤية عزمي بشارة، حيث هو من الفريق الذي لا ينازع في أن مصطلح العلمانية يحمل 

المعنى الأيديولوجي، وفق الأدبيات المختلفة له، مؤكدا على ذلك بين الفينة والأخرى، في مواضع تفوق الحصر 

هنا، خاصة في الفصول ذات الصلة، في موسوعته ذات الثلاثة أجزاء بهذا الخصوص (الدين والعلمانية).

ومن ذلك -على سبيل المثال- إشارته في سياق محاولة تعريف العلمانية ومدى دقة نسبتها إلى العلم أم العالم 

والعلم؛ إلى الجدل الدائر في ذلك، ويسوق ما يحاول به البعض أن يجعل من العلمانية مجالا، يتصل كل مجال فيها 

بقوانينه الداخلية الخاصة غير السماوية، وكأن العلمانية تؤدّي معنى العلم، لكن بشارة يعقب على ذلك بقوله: "

وتكفينا هنا الإشارة إلى الأيديولوجيات العلمانية، فليس كل ما هو علماني يحيل الدنيا علميا بالضرورة، ولكن ثمّة 

علاقة أكيدة بين الاستغناء عن الغيب، في تفسير العالم من ذاته بواسطة العلم، وبين فهمنا لعلمنة الوعي.." (

عزمي بشارة، العلمانية والدين، الجزء الثاني/المجلّد الأول، ص 78).

في سياق النقد العقلاني والقيمي للتنوير، من منطلق أيديولوجيات لا عقلانية، أو أفكار شمولية؛ يعلّق بشارة على 

ذلك قائلا: (هكذا أيضا نفصل العلمانية، بصفتها تمايزا بين المجالات، وتحريرا للدين من القسر السياسي، مثلما 

هي تحرير للسياسة من مرجعيات كهنوتية…)

وفي الوقت الذي يستعمل فيه بشارة العلمانية بوصفها أيديولوجيا؛ فإنه يرفض القبول بكونها نظرية علمية، (

بشارة العلمانية والدين، الجزء الأول، المجلد الأول، ص 80 ،84). أو  فلسفة علمية (بشارة، العلمانية والدين، 

الجزء الأول، ص 15)، ويصرح باختلافه مع عادل ضاهر -مثلا- في الجانب الأخير هذا (بشارة، العلمانية 

والدين، الجزء الثاني/المجلد الأول، ص 84).

ثم نراه يؤكد أن "هذا التفسير المنعكس في اللفظ، الذي يوصل عملية العلمنة إلى اعتبارها مرجعية العقل والعلم، 

يصبح الفرق ضئيلا بين العلمانية كنتاج فكري لعملية عَلْمَنة، أي كعملية تاريخية جارية، وبين وعيها بذاتها 

كموقف. وهذا يعني برأينا أن العلمانية كأيديولوجيا هي لقاء تمظهرات العلمانية في التاريخ، مع ذاتها في الوعي، 

في تعريفها لذاتها كمرجعية العلم والعقل، في مقابل مرجعية الدين. والمقصود هو إحالة مرجعية العلم والعقل في 

الحكم على الظواهر الدنيوية، في مجال بعد آخر" (بشارة، العلمانية والدين، الجزء الثاني/المجلّد الأول، ص 80)

وفي سياق النقد العقلاني والقيمي للتنوير، من منطلق أيديولوجيات لا عقلانية، أو أفكار شمولية؛ يعلّق بشارة 

على ذلك قائلا: "هكذا أيضا نفصل العلمانية، بصفتها تمايزا بين المجالات، وتحريرا للدين من القسر السياسي، 

مثلما هي تحرير للسياسة من مرجعيات كهنوتية، عن العلمانية، بصفتها أيديولوجيا شمولية، تعادي الدين، 

وتدعي العلمية، في إدارة شؤون المجتمع، فهذه الأخيرة تستدعي نقدا قد يتناولها، وكأن مشكلتها الرئيسة هي 

تعميم العلم كأداة سيطرة وضبط وتصنيف وحساب" (بشارة، العلمانية والدين، الجزء الثاني/المجلد الأول، ص 

724).

كما قال بشارة في السياق ذاته: "ومن يعتقد أنه ينتقد التنوير إنما ينتقد تيارا أيديولوجيا واحدا فيه، ولا سيما ذلك 

التيار الذي يؤسس العلمانية، على ما يدعي أنه حقائق كونية، لذلك نحن نرى أن هذه الأفكار على جديتها لا 

تكشف جديدا، وربما تساهم قليلا في التخفيف من صلف الادعاء القائم لدى العلمانيين المتطرفين، بأنهم يمثلون 

التنوير. وهذا بحد ذاته مفيد، لأن العلمانية نفسها من دون التعددية السياسية والحريات وغيرها قد تكون غطاء 

لتقديس الفرد الديكتاتور، أو لتقديس تجسيدات أسطورية عن الدولة أو الشعب، كما تطرحها للناس قوى سياسية 

أيديولوجية، أصولية، تسمي نفسها علمانية، وهي في الواقع تستبدل قداسة بأخرى، وعقائد وشعائر وطقوسا 

بأخرى" بشارة، العلمانية والدين، الجزء الثاني/المجلد الأول، ص 793).

يكاد يتلخص رأي بشارة في العلمانية من هذه الزاوية بقوله في خاتمة موسوعته: "أما العلمانية فتبرز كمجموعة 

مواقف فكرية وأخلاقية، متعلقة بعلاقة الدولة بالدين تاريخيا، في مرحلة تعاظم دور الدولة وشموليته في الحداثة 

عموما…"

أما في سياق مناقشة بشارة لأنواع العلمانية ونماذجها المختلفة من متشددة وصلبة أو رخوة ومعتدلة فنلقاه 

يمضي في وصف العلمانية بالأيديولوجيا حيث يقول: "توصلنا النقاشات المعاصرة في شأن الدين والسياسة إلى 

نتيجة مفادها أن الطريقة "المثلى" لتحييد مسار الدولة في الشأن الديني هي مسار تاريخي لا يؤدي إلى وصول 

أوساط إلى هذه القناعة، ببرامج سياسية وثقافية، تدعو إلى هذا الفصل أو التحييد فحسب، ونسميهم علمانيين 

بالمعنى الأيديولوجي للكلمة، بل إلى وصول المتدينين أيضا إلى قناعة مفادها ضرورة تحرير الدين من سيطرة 

الدولة.. لأن العلمانية ليست مجرد فصل كتمايز وتمفصل موضوعي جارٍ في التاريخ، بل هي أيضا موقف 

أيديولوجي نابع من فهم معين للدين والدولة" ( بشارة، العلمانية والدين، الجزء الثاني/المجلّد الثاني، ص 282

-283).

ويكاد يتلخص رأي بشارة في العلمانية من هذه الزاوية بقوله في خاتمة موسوعته: "أما العلمانية فتبرز 

كمجموعة مواقف فكرية وأخلاقية، متعلقة بعلاقة الدولة بالدين تاريخيا، في مرحلة تعاظم دور الدولة وشموليته 

في الحداثة عموما، بما في ذلك دورها الثقافي، وتأثيرها في حياة الأفراد أيضا" (بشارة، العلمانية والدين، الجزء 

الثاني/المجلّد لثاني، ص 410)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69929
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 مصطلح العلمانية بين فتح العين وكسرها  Empty
مُساهمةموضوع: رد: مصطلح العلمانية بين فتح العين وكسرها     مصطلح العلمانية بين فتح العين وكسرها  Emptyالثلاثاء 30 أبريل 2024, 2:19 pm

 مصطلح العلمانية بين فتح العين وكسرها  Dca022b5-81e6-4da0-8f2e-c8adbf8942a5



العلمانية بين الأيديولوجيا والحيادية (3)
أحمد محمد الدغشي

العلمانية ليست على الإطلاق "مشروعا" متكاملا وليست "أيديولوجية" بالمعنى الواسع لهذا اللفظ
وقفنا في الجزئين السابقين على آراء بعض المفكرين تجاه العلمانية كأيديولوجيا، وخلصنا إلى أن كلا من عبد 

الوهاب المسيري وعادل ضاهر وعزمي بشارة، ممن يذهبون إلى استعمال مصطلح "الأيديولوجيا العلمانية"، 

على نحو من الإقرار لذلك، من غير مشايعة للرأي القائل بأن العلمانية لا تعدو إجراءات فنية وأداتية وإدارية 

ترتيبية ليس أكثر.

والواقع أنه لا يزال مصطلح "الأيديولوجيا العلمانية" شائعا ومستخدما في الأدبيات العلمية والمؤسسات 

الأكاديمية الكبرى، بأقلام مفكرين آخرين وباحثين عدة، بمختلف درجاتهم ومستوياتهم العلمية والفكرية، وهو ما 

يقتضي توضيحا على النحو التالي:

نظرا إلى الدور الهام الذي تؤديه الأيديولوجية السائدة في تشكيل سياسات الدولة؛ فإن تغييرها يعني تحولا كبيرا 

في السياسة. وأحدث نموذجين على هذا هما النموذج الإيراني بعد الشاة، والنموذج الروسي بعد انتهاء الحكم 

الشيوعي

أحمد كورو
كورو وهنتنجتون وأركون وشعيبي والأيديولوجيا العلمانية
من ذلك -على سبيل المثال فقط- تلك الدراسة ذات العلاقة التي قدمها الباحث التركي الدكتور أحمد كورو أستاذ 

العلوم السياسية بجامعة دييغو الأميركية، في ولاية كاليفورنيا، بعنوان: "العلمانية وسياسات الدولة تجاه الدين: 

الولايات المتحدة وفرنسا وتركيا"، وهي أطروحته للدكتوراة التي حصل عليها من جامعة واشنطن.

فقد استخدم الباحث منذ بداية دراسته هذا المصطلح (الأيديولوجيا)، لوصف العلمانية وقال -مثلا-: "نظرا إلى 

الدور الهام الذي تؤديه الأيديولوجية السائدة في تشكيل سياسات الدولة؛ فإن تغييرها يعني تحولا كبيرا في 

السياسة. وأحدث نموذجين على هذا هما النموذج الإيراني بعد الشاة، والنموذج الروسي بعد انتهاء الحكم 

الشيوعي.. فحل الإسلام الشيعي في أعقاب الثورة الإيرانية محل الأيديولوجية العلمانية السائدة في أيام حكم 

الشاة، وقد كان لهذا الشرخ الأيديولوجي تداعياته الواسعة النطاق على العلاقات بين الدين والدولة" (أحمد ت. 

كورو، العلمانية وسياسة الدولة تجاه الدّين: الولايات المتحدة، فرنسا، تركيا، ص32).

وفي سياق اعتماد كورو تقسيم العلمانية في الدول الثلاث التي درسها (أميركا وفرنسا وتركيا) إلى نوعين يطلق 

على الأول: العلمانية "السلبية"، ويقصد بها "المعتدلة" أو "المتسامحة"، والأخرى: العلمانية الصارمة (

كورو، العلمانية وسياسة الدولة تجاه الدين، ص33)، أي العنيفة والشمولية، فإنه يضعهما معا في السياق 

الأيديولوجي بقوله: "بعد بروز وهيمنة نوعي الأيديولوجية العلمانية؛ اتبعت بعض طرق الصراع الأيديولوجي 

مسارات مشابهة لهذه الحالات الثلاث" (كورو، العلمانية وسياسة الدولة تجاه الدين، ص 368).

تأمل كيف أن الباحث لم يستثن ما يصفه بالعلمانية السلبية "المعتدلة" -مع كونه من دعاتها من وصف 

الأيديولوجيا-. وتراه في موطن آخر يشدد على ضرورة إدراك الفرق بين النوعين من العلمانية، ليدلف إلى القول: 

"فالعلمانية تعتبر أيديولوجيا مناهضة للدين في مجتمعات مسلمة عديدة. ويرجع السبب في ذلك إلى هيمنة 

العلمانية الحازمة في دول مثل أوزبكستان وتونس.." (كورو، العلمانية وسياسة الدولة تجاه الدين ص376).

وفي سياق الإشارة إلى الدستورين الفرنسي والتركي والعلاقة بالعلمانية قال كورو: "إلا أن كليهما -يقصد 

الدستورين الفرنسي والتركي- لا يشير إلى حدود تدخل في المحيط الاجتماعي، أو بعبارة أخرى: نجد أن كلا 

الدستورين الفرنسي والتركي يشيران إلى العلمانية بوصفها أيديولوجية رسمية، وعلى أنها محدد لهوية الدولة، 

بدلا عن كونها مبدأ قانونا عمليا، يرسم علاقة الدولة بالدين.." (كورو، العلمانية وسياسة الدولة تجاه الدين، 

ص35).

الصراع بين الديمقراطية الليبرالية والماركسية اللينينية كان بين أيديولوجيتين، ورغم الفروق الأساسية بينهما إلا 

أنهما حديثتان وعلمانيتان، وتشتركان في الزعم بأن أهدافهما النهائية هي الحرية والمساواة

صامويل هنتجتون
أما صامويل هنتنجتون (ت:2008م)، أستاذ العلوم السياسية الشهير في جامعة هارفارد وصاحب نظرية "صدام 

الحضارات"، استخدم المصطلح ذاته، فقد استخدم مصطلح (الأيديولوجيا العلمانية) من قبل، حين قرر "أن أكبر 

صراع علماني شهده القرن العشرون في مرحلة الحرب الباردة دار بين أكبر قطبين علمانيين في العالم وهما 

الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفيتي، وتمحور حول أيديولوجيتين علمانيتين، إذ إن "الصراع بين 

الديمقراطية الليبرالية والماركسية اللينينية كان بين أيديولوجيتين، ورغم الفروق الأساسية بينهما إلا أنهما 

حديثتان وعلمانيتان، وتشتركان في الزعم بأن أهدافهما النهائية هي الحرية والمساواة والرفاه المادي 

الديمقراطي الغربي يمكن أن يدخل في جدل مع ماركسي سوفيتي، وسيكون من المستحيل بالنسبة له أن يفعل ذلك 

مع روسي قومي أرثوذكسي" (صامويل هنتنجتون، صدام الحضارات، ص 232).

وقد يبدو للبعض من المفارقات أن يندرج في إطار الباحثين الذين يطلقون وصف الأيديولوجيا على العلمانية؛ 

مفكر ماركسي بارز، هو الدكتور فؤاد زكريا (ت:2010م)، وإن قال: "فليست العلمانية على الإطلاق "

مشروعا" متكاملا، وليست "أيديولوجية"، بالمعنى الواسع لهذا اللفظ، وليست برنامجا يصلح لحزب سياسي، أو 

لدعوة إصلاحية شاملة، وإنما العلمانية -في وضعنا الراهن- محاولة لصد تيار ظلامي يزحف على بلادنا بقوة 

متزايدة…" (فؤاد زكريا، العلمانية ضرورة حضارية، ص291).

وهذا التحفظ الجزئي من قبل زكريا، رغم كونه أقر ضمنا بأيديولوجية العلمانية، يذكرنا بالظرف الزمني الذي قدم 

فيه دراسته، حيث كان ذلك في مرحلة الثمانينات الميلادية من القرن العشرين المنصرم، وهي -حتى في مصر- 

مرحلة من النادر فيها تصدر باحث أو داعية علماني لتبني العلمانية، على نحو ما صار إليه الأمر بعد ذلك، 

وضوحا وتماديا في الاستبسال، من قبل بعضهم في المناداة بها.

ولهذا ألفيناه يتحدث بما يفيد أن هذا التوصيف المتحفظ جزئيا على الوصف الكامل أو الواسع للعلمانية 

بالأيديولوجيا؛ مرتبط بظرفه، حيث جاء لغرض التصدي لمن وصفهم بالتيار الظلامي، أي الإسلاميين المنادين 

بشمول النظام الإسلامي في كل المجالات الحيوية للإنسان.

العقل يفرض على العقل في كل ثقافة، وفي كل فكرة الانتباه أن العقل يخطئ، أن العقل يميل دائما إلى الأيديولوجيا

محمد اركون
أما محمد أركون (ت:2010م)، فرغم كونه من أشهر دعاة العلمانية في إطار الفكر الاستشراقي الجديد، مع كونه 

في الأصل جزائريا، فإنه لا يبرح يؤكد على ضرورة مراجعة ما يصفها بالأيديولوجيا العلمانية -ضمن سياق حديثه 

عن كل الأيديولوجيات، وفي هذا يتحدث في إحدى حواراته الفكرية المتلفزة عن تجديد الفكر بقوله: "كل محاولة 

بشرية حاملة أو معرضة أن تحمل جانبا من الأيديولوجيا، هذا من الوضع البشري، لا يمكن لبشر أن يكون ملكا، 

أي أنه معصوم، لا يخطئ، ولا يميل ولا يحمل خطابه أي شيء ينتمي إلى الأيديولوجيا والميثولوجيا.

هذا "مش" [هكذا والمقصود غير] موجود، ولذلك قلت: "العقل يفرض على العقل في كل ثقافة، وفي كل فكرة 

الانتباه أن العقل يخطئ، أن العقل يميل دائما إلى الأيديولوجيا". (محمد أركون، حوار مع قناة الجزيرة، برنامج 

مسارات عن تجديد الفكر 2، نزعة الأنسنة وقواعد الاستشراق (حاوره: مالك التريكي)، 5/5/2006م).

وأما عماد فوزي شعيبي -وهو مفكر وأكاديمي سوري- فيأخذ على كثير ممن يتناول الظاهرة العلمانية تسطيحهم 

لها عند الحديث عنها، بوصفها أداة أو إجراء مجردا من الفلسفة والأيديولوجيا، ويعد ذلك من قبيل التقليد أو 

الوهم، مؤكدا أن العلمانية أيديولوجيا أو تكاد، وفق المنظور الفلسفي (عماد فوزي شعيبي، العلمانية باعتبارها 

أيديولوجيا وأسطورة، مقطع مرئي (فيديو)، مثبت على صفحة شعيبي على الفيسبوك، 23/8/2022م)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
مصطلح العلمانية بين فتح العين وكسرها
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أمراض العين احتقان العين واحمرارها bloodshot eyes
» مصطلح “الإبادة الجماعية”
» مصطلح الإسلام السياسي:
» النوع الاجتماعي.. مصطلح ودلالة
» العلمانية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: مواضيع ثقافية عامة :: مقالات-
انتقل الى: