ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 70285 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 77 الموقع : الاردن
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 70285 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 77 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: الحرب ومواقف دول جوار السودان الثلاثاء 02 أبريل 2024, 10:10 am | |
| آلاف المدنيين في السودان تطوعوا للقتال بجانب الجيش الحرب و مواقف دول جوار السودان (2-3)في المقال السابق استعرضنا مواقف بعض دول الجوار السوداني، من الحرب الدائرة في السودان، وما هي العوامل التي ساهمت في صناعة هذه المواقف، والعلاقات المتشابكة حيالها وكيفية التواصل مع مكوّناتها، وركّزنا على إثيوبيا وإريتريا.ويأخذنا الحديث في هذه الحلْقة الثانية إلى دول أخرى من جوار السودان، قد وجدت نفسها وسط تلاطم الموج الهائل لهذه الحرب، والعواصف التي تهبّ من كل اتجاه، والكل يعلم أن ما يجري سيجرّ المنطقة برمّتها إلى حضيض الحرب الإقليمية الطاحنة، وستكون تداعياتها وبالًا على الجميع، مهما تفاوتت الدرجات والمناسيب، ومن هذه الدول جنوب السودان، وأفريقيا الوسطى، وتشاد، وهي الدول المعنية بهذه الحلْقة. - اقتباس :
وجد قائد الدعم السريع بين يديه فرصًا ثمينة لصناعة علاقة سياسية، ووجود تجاري واستثماري يمهدان لنفوذ سياسي في جنوب السودان؛ مستفيدًا من إدارته ملفي السلام بالبلدين جنوب السودانغني عن القول، أنَّ جمهورية جنوب السودان ذات ارتباط عضوي وثيق بالسودان، فقد كانت جزءًا منه، وانفصلت عنه بعد حروب طويلة وتمرُّد بدأ 18 أغسطس/ آب 1955م، ولم يكن السودان يومئذ دولة مستقلة عن الاستعمار البريطاني، إلى أن انتهى التمرد الأخير في 31 ديسمبر/ كانون الأول 2004، بتوقيع اتفاقية السلام في نيفاشا الكينية، ثم انفصال جنوب السودان في يوليو/تموز 2011م.ظلت العلاقة بين البلدين مع حملها الثقيل، تقوم على تقديرات دقيقة مراعاة لخصوصيتها وتتفاعل باستمرار بما يجري، واستطاع الرئيسان: عمر البشير، وسلفاكير المشي فوق الأشواك وحافظا على العلاقة بين البلدين؛ رغم تباعد الخطى أحيانًا، ووجود تقاطعات ذات كلفة عالية هنا وهناك، تحمَّلا بعضهما حتى ذهاب عهد الرئيس البشير.من الطبيعي أن يرحّب ويدعم جنوب السودان، القيادة الجديدة للسودان بعد 11 أبريل/نيسان 2019م، فالرئيس سلفاكير، هو سليل المؤسسة العسكرية السودانية، وكان ضابطًا في استخبارات الجيش السوداني، حتى تمرد مع جون قرنق في مايو/أيار 1983، ويعرف الجيش السوداني معرفة جيدة، مقاتلًا في صفوفه، ثم مقاتلًا ضده مع الجيش الشعبي، والحركة الشعبية بقيادة جون قرنق.عقب التغيير ونشوء نظام جديد في السودان أبريل/نسيان 2019م، لم يكن لقوات الدعم السريع علاقة متينة بدولة جنوب السودان، فسارع حميدتي بعد أن أصبح الرجل الثاني في الحكم لنسج علاقته الخاصة مع جوبا بعد تسلُّمه ملف التفاوض مع حركات التمرد في دارفور ومناطق أخرى، والانخراط في المفاوضات التي أفضت إلى توقيع اتفاق سلام جوبا في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2020م.وفي وقت متزامن تولى حميدتي، أيضًا، ملف الوساطة بين حكومة جنوب السودان ومعارضيها، خاصة الدكتور رياك مشار الذي كان يقود أكبر حركات المعارضة، وتم توقيع اتفاقية سلام خاصة بجنوب السودان في 14 أكتوبر/تشرين الأول 2020م، وتم بموجبها تقاسم السلطة بين الرئيس سلفاكير، ونائبه رياك مشار.وجد قائد الدعم السريع بين يديه فرصًا ثمينة لصناعة علاقة سياسية، ووجود تجاري واستثماري يمهدان لنفوذ سياسي في جنوب السودان؛ مستفيدًا من إدارته ملفي السلام بالبلدين.وبسرعة وطّد علاقاته التجارية مع نافذين في حكومة جنوب السودان، ودخل في شراكات استثمارية مع أشخاص في مناطق صنع القرار أو قريبين منها، فاختار أن تكون له علاقة بشريك تجاري هو بول ميل، أحد كبار رجال الأعمال والقيادي في الحركة الشعبية ومستشار خاص للرئيس، ثم السيدة أدوك سلفاكير، كريمة الرئيس، وعمل مع هؤلاء في مشاريع للطرق والجسور واستجلب آليات وشاحنات لهذه المشاريع.ثم عن طريق المستشار الأمني لرئيس الجمهورية السيد توت قلواك وآخرين، حصل على تعاقدات لتوريد احتياجات الجيش الشعبي: تعيّنات وملابس ومعدات.ثم حصلت شركة "الجنيد" التي يملكها قائد الدعم السريع على عقود لشراء نفط من جنوب السودان، ولعب مدير جهاز الأمن الداخلي في جوبا، أكول كور دورًا في تسهيل الحصول على هذه التعاقدات، كما اشترى ديون الخرطوم على جوبا في رسوم عبور وتكرير نفط جنوب السودان.وعملت شركات الدعم السريع مع الاستخبارات العسكرية للجيش الشعبي، لتسهيل عبور آليات ومعدات تعدينية إلى منطقة (سنغو) في أقصى جنوب دارفور على حدود جنوب السودان، مقابل أن يدعم قائد الدعم السريع عملًا تعدينيًا مشتركًا للتعدين في المناطق المتنازع عليها مع جنوب السودان (حفرة النحاس، كفيا كانجي، حفرة النحاس، كفن دبي)، وهي من أكثر المناطق في تاريخ السودان وجدت اهتمامًا بريطانيًا وألمانيًا وإسرائيليًا؛ بسبب وجود احتياطيات ضخمة من الذهب والنحاس والألماس واليورانيوم، وخصص قائد الدعم السريع وشركته "الجنيد" هدايا عبارة عن سيارات لبعض القادة العسكريين الذين سهّلوا عبور الآليات.دخل حميدتي وشركته في استثمارات مشتركة مع رجل الأعمال الجنوب سوداني، كور أجين، الذي أسس شركة اتصالات تسمى: (ديجيتال DIGITAL)، يملك حميدتي أكثرية أسهمها، واشترى بنايتَين في وسط جوبا لصالح الشركة، تستغل بعض طوابقها شركة "الجنيد"، بجانب استثمار طبي- مستشفى (ملوك النيل NILE KINGS)، بجانب استثمارات أخرى، بالإضافة لتعاملات ومصالح مالية مع كثير من ذوي التأثير في جوبا.وصلت ديون حميدتي على حكومة جوبا في توريد تعيّنات واحتياجات الجيش الشعبي أكثر من مليار دولار بحلول أكتوبر/تشرين الأول 2022م، وقبيل الحرب ببضعة أشهر حدث خلاف حول هذه الديون، وبدأت جوبا تتململ من طريقة المطالبة بالديون.وأوفدت جوبا وزيرَي المالية والبترول والمستشار الخاص للرئيس سلفاكير للخرطوم لمعالجة المسائل العالقة في موضوع النفط والديون، وتقليل وتقليص التعامل مع الدعم السريع في تعاملات البترول، حيث كانت بعض الديون تدفع من البترول الخام لجنوب السودان، كما حوت الزيارة رسالة تحذير من سلفاكير إلى رئيس مجلس السيادة الفريق أوَّل عبد الفتاح البرهان نقلها له مستشاره الخاص توت قلواك ملخصها: "أن حميدتي ينوي ويخطط لإطاحته من السلطة".ونسب إلى السيد قلواك "أن حميدتي صارحه بأنه سيقوم بانقلاب ويطيح بالبرهان، وسيرفرف علم الدعم السريع فوق القيادة العامة للجيش السوداني". ويقول توت؛ إنه نصحه بعدم الإقدام على ذلك، وذكر مصدر مقرب للرئيس سلفاكير أن تقريرًا رفع له مفاده "أن حميدتي حدد ساعة الصفر لانقلابه على البرهان واعتقاله هو والفريق كباشي".عندما بدأت الحرب، طرحت جوبا وساطتها في الأيّام الأولى، لكن كان هناك توجه أميركي بعدم إعطاء الرئيس سلفاكير أيَّ دور إقليمي، وتنامى دور كينيا وإثيوبيا، وكانت جوبا في حاجة لتهدئة الأوضاع في السودان؛ لمصالحها النفطية وحفاظًا على أمنها القومي، فطلبت أولًا من حميدتي وقواته ألا تهاجم المنشآت النفطية في السودان التي تتم عبرها عملية تصدير نفط جنوب السودان.والدليل على هذا أنه عندما هاجمت قوات حميدتي منطقة العيلفون ودخلت المحطة النفطية لضخ البترول، اتصلت جوبا وطالبته بعدم التخريب ورضخ حميدتي للطلب؛ طمعًا في تسوية موضوع ديونه، كما أنه ساوم بمصفاة النفط الرئيسية في شمال العاصمة.يدعم عدد من قادة الحركة الشعبية ومسؤولين في جنوب السودان، موقف الدعم السريع، وهو ما يناقض الموقف المعلن من الرئيس سلفاكير، ويحاول نائبه تعبان دينق، ود. ضيو مطوك، ولوكا بيونق، وفرانسيس دينق، ونيال دينق نيال، ووزير الخارجية السابق دينق داو ماييق، وآخرون، التعامل مع قائد الدعم السريع وتقديمه للدوائر الغربية باعتباره داعمًا لما يسمى بمشروع السودان الجديد، وحليفًا للحركة الشعبية، وسيلبي كل مطالبها خاصة في الموضوعات الحدودية مثل أبيي ومناطق أخرى، وهذا ما حواه تقرير كتبه الدكتور لوكا بيونق لمعهد السلام الأميركي بواشنطن عقب لقائه بحميدتي في نيروبي.في اتجاه آخر تقاتل مع الدعم السريع حاليًا أعداد كبيرة من المقاتلين قدِموا من داخل دولة جنوب السودان، وهي عدة مجموعات مختلفة:مجموعة استخبارات الجيش الشعبي: هي مجموعة قليلة العدد لا تتعدى 500 شخص، نشرهم الجيش الشعبي بالسودان مع الدعم السريع؛ لجمع المعلومات حول الحرب في السودان، وعن الحركات الجنوبية المسلحة وعناصرها المقاتلة. مجموعة المرتزقة الجنوبيين تم استجلابهم عبر سماسرة جنوبيين وشماليين (تسعة سماسرة يقودهم عميد متقاعد في جيش جنوب السودان وحاكم إشرافية أبيي شول دينق ألاك من الطرف الجنوبي)، تضم هذه المجموعة قبائل شتى من جنوب السودان وعددهم ما بين 5-7 آلاف مقاتل. مجموعة ضباط وعساكر فارين من الجيش الشعبي وهم في الخدمة؛ تسللوا للاستفادة من الحرب ومرتبات الدعم السريع، وهم العناصر المتخصصة في المدفعية والأسلحة الثقيلة.وقد قتل من هؤلاء 120 من ضباط وجنود في معارك مدينة بابنوسة بغرب كردفان غربي البلاد في معارك من 24-26 يناير/كانون الثاني 2024م.عناصر المعارضة الجنوبية: توجد مجموعات تتبع بول ملونق وتوماس سريليلو وستيفن بويا ولام أكول، ومجموعات من الاستوائية. مجموعات تدين بالولاء لنائب الرئيس تعبان دينق. عدد هؤلاء يقدر بأربعة آلاف مقاتل.موقف جنوب السودان الآن مرهون بموقف الرئيس سلفاكير الذي يواجه ضغوطًا مكثفة من دول عديدة، وقد وعدته إثيوبيا وكينيا بتوقيع اتفاقيات تعاون وإنشاء طرق برية تربط البلدين ومصفاة البترول وخطوط أنابيب، ومع ذلك لا تزال جوبا تقول؛ إنها مع الحلول التي توفرها دول جوار السودان والإيغاد، رغم أن لجوبا مسارات خاصة بها ونصائح تقدمها للجميع.أفريقيا الوسطىنسبة لحالة الفوضى في هذا البلد وتأثير شركة فاغنر الروسية التي تتولى حماية نظام الرئيس فوستان تواديرا، فإن قوات الدعم السريع وجدت نفسها نتيجة تحالفها مع فاغنر الروسية، ونهب ثروات أفريقيا الوسطى من الذهب والألماس واليورانيوم ومعادن أخرى، تحمي نظام الرئيس في بانغي، وتحمي الحدود، وحاولت الدعم السريع استقطاب قبائل الجهات الشمالية والشرقية والغربية للانضمام لصفوفها، مستغلة الحدود المفتوحة بين السودان وأفريقيا الوسطى وتشاد والتداخل القبلي، وحاولت استمالة حركة (سيليكا) حركة المعارضة الرئيسية بعد أن ناصبتها العداء، واعتقلت قادتها قبل الحرب في السودان، وهددت بعضهم، وكذلك حاولت مع كبرى حركات المعارضة (أنتي بلاكا).وتسيطر فاغنر على بعض المطارات الترابية في أفريقيا الوسطى، تم تسخيرها لصالح نقل العتاد الحربي، وبعض أنواع الدعم اللوجيستي الذي ظلّ يصل بالفعل عبر أفريقيا الوسطى.ونظرًا للعلاقات بين البلدين ودور السودان في عهد البشير لإحلال السلام في أفريقيا الوسطى، وتوقيع اتفاقية سلام في 2018، فإن موقف أفريقيا الوسطى يتراوح بين الدعم غير المعلن، ومحاولات التبرؤ منه، والاستجابة للضغوط والإغراءات المالية من داعمي الدعم السريع.تشادلعبت تشاد دورًا محوريا في دعم التمرد، نتيجة للتداخل القبلي، ووجود مقاتلين تشاديين منذ العام 2014 في صفوف الدعم السريع، ولا توجد مشاكل محددة وواضحة بين الدولة السودانية وجيشها مع تشاد، لكن الموقف التشادي ذهب في اتجاه دعم الدعم السريع لعدة عوامل، منها عوامل خارجية، مثل الدور الإسرائيلي، ثم أسباب مالية، ولذا دفعت تشاد بضباط وجنود من جيشها للانخراط في الحرب لصالح الدعم السريع، وغضت الطرف وساعدت في تدفق المرتزقة الأفارقة نحو السودان، ثم فتحت مطاراتها لدعم قوات الدعم السريع، خاصة مطار أم (جرس)، ومطار (أبشي)، ومطار (نجامينا).واستقبلت قيادات الدعم السريع الذين ينطلقون من أراضيها، ونسقت اجتماعات لقيادة الدعم السريع مع أطراف من الحركات المسلحة في دارفور، وضغطت على بعضها، وحدثت انشقاقات في حركة العدل والمساواة للضغط على قيادتها.وتتولى العمل الداعم للدعم السريع قيادات في حكومة تشاد، مثل إدريس يوسف بوي، مدير مكتب الرئيس محمد إدريس ديبي، وهو صاحب نفوذ قوي ومرتبط بعدد من قيادات الجيش ورموز قبلية.إن تشاد تعلم جيدًا وجود العدد الهائل من المقاتلين التشاديين داخل صفوف قوات الدعم السريع، وكذلك وجود عناصر المعارضة التشادية المسلحة المتحالفين مرحليًا مع التمرد في السودان، وتعلم خطورة هؤلاء على النظام الحاكم، لكنها تفكر على مستويين:الأول: أن تقضي هذه الحرب على قيادات المعارضة العسكرية وكوادرها وقواتها، وهذا فيه مصلحة لنجامينا. والثاني: طمأنات حميدتي بمنع الارتداد العكسي للمعارضة التشادية إلى بلادهم حال انتهت الحرب بالسودان.وتوجد استثمارات (نفط – ذهب)، وشركات تتبع الدعم السريع في تشاد، وتم دفع أموال كبيرة لعديد القادة والسياسيين والزعماء القبليين في هذا البلد. وقبل أيام رتبت الدعم السريع زيارات لوفد إعلامي تشادي زار مدينة الجنينة وولاية غرب دارفور بالسودان لتحسين صورة الدعم السريع داخل تشاد وخارجيًا. |
|
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 70285 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 77 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: الحرب ومواقف دول جوار السودان الثلاثاء 02 أبريل 2024, 10:11 am | |
| قوات الدعم السريع السودانية الحرب ودول جوار السودان (3-3)تناولت الحلْقتان السابقتان، مواقف دول الجوار السوداني: إثيوبيا، وإريتريا، وجنوب السودان، وأفريقيا الوسطى، وتشاد، وما هي علاقة هذه البلدان بالحرب الدائرة، وتداعياتها على الأمن الإقليمي، فضلًا عن علاقة الحكومات والأنظمة في هذه الدول بالجيش السوداني، ومليشيا الدعم السريع المتمرّدة، والعوامل والظروف والملابسات التي قادت لهذه المواقف المعلنة والمستترة.واليوم نواصل ما تبقى بعد تطوافنا على جوار السودان: الشرقي، والجنوبي، والغربي، للنظر في تأثيرات هذه الحرب على كل من ليبيا، ومصر، في جوار السودان: الشمال، والشمال الغربي.ليبياقبيل اندلاع الحرب، لم تكن ليبيا بعيدة عن التطورات الجارية في السودان، سواء كانت الحكومة الليبية في العاصمة طرابلس، أو ليبيا الشرقية – الجنوبية التي يمثلها في بنغازي اللواء المتقاعد خليفة حفتر المدعوم من دول عربية.تعاملت حكومة طرابلس وَفق ظروفها وعدم سيطرتها على مناطق الحدود الليبية السودانية، لم تبدِ غير الموقف الرسمي المبني على موقف الجامعة العربية وقرارات قمة دول جوار السودان في يونيو/ حزيران 2023م بالقاهرة، لكنها خلال زيارة البرهان يوم 26 فبراير/ شباط الماضي إلى طرابلس والتي تلتها زيارة حميدتي بعد ثلاثة أيام، طرحت بشكل غير معلن وشامل ما يمكن تسميته مبادرة للحل السياسي في السودان.أما اللواء خليفة حفتر ومجموعته، فقد انخرطوا منذ البداية في دعم التمرد في السودان، بل وكان على علم بساعة الصفر التي حددتها الدعم السريع لانقلابها على السلطة، ففي الأسبوع الثاني من أبريل/نيسان 2023م – قبيل بداية الحرب أوفد حفتر ابنَه "صدّيق" ومدير مكتبه اللواء خيري التميمي إلى الخرطوم للاجتماع مع حميدتي والتنسيق معه، وقد كان أن قضى نجل حفتر أيامًا بالخرطوم في ضيافة قائد الدعم السريع، وغادر السودان قبيل اندلاع الحرب بيوم أو يومين، تم خلال الزيارة وضع الترتيبات والتدابير في العلاقة بين الطرفين والاتفاق على ثمن هذا الموقف.تعود العلاقة بين الدعم السريع وحفتر إلى الفترة التي سبقت سقوط الرئيس البشير، حيث اجتمع الرجلان أو مندوبان عنهما أكثر من مرة في اجتماعات تنسيقية في دولة عربية راعية، وفي 2019م – عقب الانقلاب على البشير – بلغ التنسيق أَوْجه عندما ذاع أن حميدتي قام بإرسال 1500 جندي للقتال لصالح حفتر في معركته لاحتلال العاصمة طرابلس، وحاولت قيادة الدعم السريع نفي هذه الأخبار، وكانت الطائرات التي ترسل بها القوات تنطلق من مطار مدينتي نيالا والفاشر تجاه ليبيا مباشرة أو عبر مطارات عربية. العلاقة التي ربطت حفتر بالدعم السريع وبشركة فاغنر الروسية، تنشط في الأساس على ثلاث قضايا رئيسية، هي:[list="box-sizing: border-box; color: rgb(0, 0, 0); font-family: Al-Jazeera, \"Helvetica Neue", Helvetica, Arial, sans-serif; background-color: rgb(255, 255, 255);"][*] تسهيل مرور الإمدادات العسكرية من سيارات دفع رباعي وسلاح وذخائر التي تصل إلى ميناءَي: بنغازي وطبرق إلى داخل السودان عبر مدينة الكفرة.[*] التعاون في مجالات تجنيد المرتزقة الأجانب الذين يتواجدون داخل ليبيا، ولا سيما في مناطق الجنوب والشرق وإدخالهم إلى السودان.[*] تمرير المواد الغذائية والبترولية عبر تنسيق مشترك، وعلاج جرحى العمليات من قوات الدعم السريع.[/list] في هذه المحاور الثلاثة بُنيت علاقة حفتر بالدعم السريع، فقد فتحت بنغازي الموانئ لاستقبال الدعم العسكري الذي تقدمه دول عربية، من سيارات الدفع الرباعي، بكامل تجهيزاتها وقطع الغيار، بجانب السلاح والذخائر ومدافع متوسطة.يتسلم هذه المساعدات "صدّام خليفة حفتر" المشرف على جيش حفتر، ومن ثم تقوم الكتيبة (106) بنقل ما يصل إلى مدينة الكفرة لتتسلّمها كتيبة (سبل السلام)، وهي عناصر جماعة المداخلة (تنسب للشيخ ربيع المدخلي)، وتوصلها إلى الحدود الليبية السودانية، حيث يتسلمها مندوب الدعم السريع (الطيب حجازي يوسف)، كما ينسق صدّام حفتر مع كتيبة "سبل السلام"؛ لاستضافة وتدريب عناصر الدعم السريع المستجدين في معسكرات في الكفرة الليبية، وأكبرها معسكر ومزارع عبد الرحيم سلطان القائد الثاني لجماعة "سبل السلام".كما يساعد حفتر أنشطة الدعم السريع لتجنيد المرتزقة الأفارقة والقبليين المحليين في مناطق الجنوب الليبي، حيث قام صدام حفتر بالتنسيق مع الزعيم المحلي (حسين الشريف) لتجميع المرتزقة في مناطق (أم الأرانب)، وعلى الحدود الليبية التشادية، ومنطقة المثلث الليبي، السوداني، التشادي جنوب غرب (السارا)، ومناطق سبها، وجنوب الجفرة، وحتى عمق الصحاري، كما يستقبلون المستجدّين من طبرق وأجدابيا التي ينشط فيها فريق الدعم السريع بقيادة رمضان سالم أبوبكر. هذا بالإضافة إلى التجنيد من مناطق التعدين الأهلي جنوب ليبيا، وشمال تشاد، والنيجر. - اقتباس :
ظهرت مستجدات عملية أعاقت الجهود المصرية، منها الموقف التشادي المساند للتمرد، والشكوك بين السودان وإثيوبيا، وما يحيط بها من تعقيدات ملف سد النهضة تمتد خطوط الإمداد من طبرق وبنغازي إلى الكفرة ومنها للسودان في كل المحاور الثلاثة، ولكن اللواء المتقاعد خليفة حفتر ينفي بشكل متكرر دعمه قوات الدعم السريع، وقد حاول الاتصال برئيس مجلس السيادة وقائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان لشرح موقفه.لكن المعلومات المتوفرة للأجهزة السودانية ولأطراف إقليمية ودولية، تؤكد -دون شك- دور حفتر في تمرير العتاد الحربي، وتوفير الوقود، والمواد الغذائية، وتعيينات الدعم السريع، حيث يقوم تجار متعاونون مع المليشيا المتمردة في بنغازي بشحن الكمية المطلوبة كل شهر من الوقود والسكر والزيت والدقيق والأرز، وغيرها إلى السودان عبر الحدود التشادية بعد أن تتجمع في معسكرات قوات سبل السلام الليبية.وفيما تعكف الحكومة الليبية في طرابلس على متابعة المسار السياسي والحل عبر مبادرة دول جوار السودان، أو مبادرتها الخاصة، أو المبادرة المشتركة مع تركيا، فإن المناطق الشرقية والجنوبية من ليبيا التي تقع خارج حدود سيطرتها، يقوم فيها اللواء خليفة حفتر ومن ورائه دول عربية راعية بتقديم دعم لا محدود لمليشيا الدعم السريع، رغم اعتراضات زعماء قبائل "الكفرة" ولا سيما قبيلتي: "الزوي" و"المجابرة" اللتين ترفضان هذا النوع من التورط في الأزمة السودانية وهما قبيلتان ترتبطان بالسودان نسبًا ومصاهرة.مصرمن بداية الحرب حدّدت مصرُ موقفها المساند للجيش السوداني في مواجهة المليشيا المتمرّدة. وللرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تصريحاتٌ ظل يرددها باستمرار أن بلاده تدعو لإبعاد أي مليشيات في المنطقة، ولم تكن علاقة القاهرة بالدعم السريع جيدة في كل الأحوال.ففي زيارة حميدتي الأولى للقاهرة في يوليو/ تموز 2019 م عقب ما سُمي بالمحاولة الانقلابية لرئيس الأركان السابق الفريق أول هاشم عبدالمطلب، أطلق حميدتي تلميحًا يتهم فيه مصر بالتورط في الانقلاب، ولدى وصوله مطار القاهرة يوليو/تموز 2019، قال لمستقبليه من المصريين؛ إنه بصدد مناقشة موضوع الانقلاب في الخرطوم وعلاقته بمصر، فكاد أن ينسف علاقته بالقاهرة.وظلت العلاقة فاترة بين الدعم السريع والقاهرة، وكانت القاصمة عندما أرسل قواته إلى مطار مدينة مروي شمال السودان؛ لإخراج القوات المصرية التي كانت تعمل في مجال التدريب، فاختطفت أكثر من 20 ضابطًا وفردًا منها، متهمًا مصر مباشرة بالتورط في السودان، وأطلق سراح هؤلاء بعد اتصالات سياسية ودبلوماسية مع أطراف داخلية وخارجية عقب أسبوعين من الحرب.الواضح أنّ مصر داعمة للاستقرار والسّلام في السودان، وقد تحمّلت الآثار المباشرة للحرب، فمنذ 15 أبريل/نيسان 2023م لاذ بها ما يقرب من 450 ألف سوداني فارين من الحرب، إلى جانب نحو 4 ملايين من المقيمين أصلًا في مصر حسب تقارير منظمة الهجرة الدولية.عقدت قمة جوار السودان 13 يوليو/تموز 2023م بدعوة من الرئيس المصري، وشاركت فيها كل دول الجوار السوداني؛ للبحث عن حل يوقف الحرب، فالسودان لمصر ليسَت مجرد عمق إستراتيجي بل هي حياة ومصير واحد، وتنظر القاهرة للمهددات الأمنية والإستراتيجية الناتجة عن الحرب على الأمن القومي المصري وعلى المنطقة برمتها.من خلال استضافتها السودانيين اللاجئين، سعت القاهرة للتواصل مع كل الفرقاء السودانيين من القوى السياسية التي تقف مساندةً للجيش، وقوى إعلان الحرية والتغيير التي تناصر المتمردين من مليشيا الدعم السريع، والغرض الرئيس من تحركات القاهرة وجهودها هو الإمساك بالملف السوداني بجوانبه المختلفة، والاستماع لكل وجهات النظر وبلورة رؤية متكاملة للحل.دعمت مصر أيضًا منبر جدة التفاوضي والمبادرة الأميركية – السعودية المشتركة، وتشاورت مع الوسيطَين حول ملف التفاوض ووقف إطلاق النار، وتمرير المساعدات الإنسانية، وحول مبادرة دول جوار السودان، وقمة القاهرة، وتكوين اللجنة التنفيذية الوزارية لتنسيق العمل في الإقليم.ولكن ظهرت مستجدات عملية أعاقت الجهود المصرية، منها الموقف التشادي المساند للتمرد، والشكوك بين السودان وإثيوبيا، وما يحيط بها من تعقيدات ملف سد النهضة، بالإضافة إلى مواقف أفريقيا الوسطى، وشرق ليبيا (حفتر)، ومن ورائه القوى العربية الداعمة للتمرد، وذلك فضلًا عن التورط الإسرائيلي المباشر في حرب السودان.نتيجة لهذه العوامل تقوم مصر بمراقبة الأوضاع، وتتواصل مع كل الأطراف بغية الوصول إلى حلول. وفي هذا الإطار فإنها تعمل في اتجاهات مختلفة مع دول الإقليم والجوار، وتراعي كذلك مواقف الدول العربية الداعمة للتمرد.خلال الفترة الماضية، عُقدت في مصر عدة فعاليات للفصيل السياسي المساند للتمرد، وهي قوى إعلان الحرية والتغيير (المجلس المركزي)، كما شهدت فنادق القاهرة ورش عمل لمنظمات وجمعيات وتيارات سياسية، بعضها يناصر ويعضد الدعم السريع، بل كانت هناك عناصر قيادية من الدعم السريع نفسه توفرت لها فرصة الزيارة ولقاء جهات رسمية مصرية، لكن الموقف الرسمي المصري لم يتغير.قادت مصر أيضًا مبادرة دول الجوار، وعقدت اللجنة الوزارية المكلفة اجتماعًا في نجامينا في يوليو/تموز 2023م، ضم وزراء خارجية الدول المعنية، وتمَّ رفع تقرير لقمة الرؤساء، ولا تزال المبادرة في مرحلة التنسيق مع المبادرات الأخرى، وربما يكون الهدف المصري هو التوفيق بين المبادرات وبلورة رؤية مشتركة للحل في السودان.في ذات الاتجاه زار القاهرة مؤخرًا رئيسُ مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان، عقب زيارة قام بها إلى ليبيا، ثم زارها رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية؛ لحضور اجتماعات التنظيمات السياسية المتحالفة مع التمرّد، ولم يلتقِ حمدوك بأيّ مسؤولين رسميين في القاهرة.وتحاول مصر مقاربة مواقفها من الصراع في السودان دون أن تفصح في العلن عن دعمها الجيشَ؛ لتواصل العمل مع جميع الكتل السياسية، ولتحقيق التفاهم مع أطراف إقليمية وعربية لها علاقة بما يدور في السودان.بالإضافة إلى الحذر الذي تتّسم به السياسة الخارجية المصرية في الفترة الأخيرة، تريد القاهرة أن "تلعب على المضمون"، وتفضل أن يكون دورها الحاسم هو غير المعلن. بجانب قراءتها الدقيقة لما سيؤول إليه مستقبل الأوضاع بالسودان. |
|
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 70285 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 77 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: الحرب ومواقف دول جوار السودان الثلاثاء 02 أبريل 2024, 10:15 am | |
| |
|