ولد الهدى فالكائنات ضياءُ وفم الزمان تبسمٌ وثناءُ
الروحُ والملا الملائكُ حولهُ للدين والدنيا به بشراءُ
والعرش يزهو والحظيرةُ تزدهي والمنتهى والسدرة العصماءُ
صلى عليك اللهُ ما صحب الدجى حادٍ ..وحنتْ بالفلا وجناءُ
هكذا صور لنا الشاعر (أحمد شوقي) –رحمه الله تعالى- حال الكون حين وُلد خير الورى .. نبينا (محمد ) –صلى الله عليه وسلم- ..فهو الرحمة المهداة للعالمين ..صلى عليك الله يا صاحب الذكرى العطرة ...
تأتي ذكرى مولدك الشريف يا سيدي يا رسول الله ...وجراح أمتك نازفة ..أمتك التي بكيت لأجلها ذات ليلة وأنت تتلو قول الله تعالى –عز من قائل-على لسان سيدنا ابراهيم –عليه السلام - : " رب إنهن أضللْنَ كثيراً من الناس ؛فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفورٌ رحيم "ابراهيم (36)... وقوله تعالى على لسان عيسى –عليه السلام- : "إن تعذبهمْ فإنهم عبادُك ؛وإن تغفر لهم فإنك أنتَ العزيزُ الحكيمُ " المائدة (118)...فأرسل الله تعالى جبريل ليسأله –وهو تعالى أعلم – فقال جبريل –عليه السلام-
يسألك ربك ما الذي يبكيك ؟ )..فقال –صلى الله عليه وسلم- : "أمتي ...أمتي " فقال جبريل لرب العزة ( إنه يبكي أمته ) ...فقال الله عز وجل ..قل له "إن الله سيرضيك في أمتك "....اللهم اجعلنا ممن يُرضونه –صلى الله عليه وسلم- حتى يُرضيه ربنا سبحانه وتعالى بنا ...آمين.
تأتي ذكرى مولد الهادي البشير ..وقد تداعت الأمم على أمتنامن كل أفق كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها ..فيسأل الصحابة النبي –صلى الله عليه وسلم : ( أمِن قلة ٍبنايومئذٍ ؟)فقال صلى الله عليه وسلم : "لا ..أنتم يومئذٍ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ؛ينزع الله المهابة من قلوب عدوكم ؛ويجعل الوهن في قلوبكم "...قيل : (وما الوهن ؟) قال : "حب الدنيا وكراهية الموت ". (حديث حسن صححه الألباني ورواه الإمام أحمد في مسنده ) ...
أستميحك عذراً يا سيدي يا رسول الله ..-صلى عليك الله وسلم- ..ما قدرناك حق قدرك ..وما كنا أوفياء لتضحياتك وجهادك وصبرك من أجلنا ..وحتى يصل إلينا دين الحق تبارك وتعالىو إلى كل العالمين ...
عذراً ..يا صاحب الذكرى ..فمن آمن بك واتبعك وشهد الشهادتين ..وقام يجاهد في سبيل الله ....التبس عليه الأمر..وانتكس ..فصار يضرب أعناق إخوته في الدين عوض أن يضرب أعداء الدين ...وصار النزاع بين الإخوة المجاهدين ..على الإمارة والقيادة والمنصب !!!
عذراً يا صاحب الذكرى ..فأمة المليار ونصف مسلم ..عاجزة عن نصرة إخوتنا المستضعفين الذين يُقتلون ويسجنون لأنهم قاموا ينادون بنصرة دين الله تعالى .. فيُسامون سوء العذاب على أيدي زبانية ..هم أيضا من أبناء أمتك !!!
عذراً يا صاحب الذكرى...فأطفال رضع في مخيم اليرموك ورجال ونساء وشيوخ ..يموتون جوعاً وجفافاً من حصار ظالم طوقهم به طاغية العصر...منذ ما يقارب السبعة أشهر.. .وما من نصير !!!
عذراً يا صاحب الذكرى ...فالمسلمون في بورما يواجهون التطهير العرقي..ويذبحون كالخراف..ويشردون ...وتحرق عليهم خيامهم ...جرمهم الوحيد أنهم مسلمون !!!ولا نستطيع نصرتهم ورفع الظلم عنهم ..!!
عذراً يا صاحب الذكرى –عليك من الله الصلاة والسلام- فأمتك التي عانيْتَ ما عانيت .من أجلها متحملاً أذى المشركين .. وأديت الأمانة وبلغت ...حتى يصل دين الله تعالى إلى كل أرجاء المعمورة..لا تزال نائمة ..وتلهو وتغني ..وتجري المسابقات في الغناء والرقص وتكرم ذوي المواهب الخارقة!!!
عذراً يا صاحب الذكرى ...فهناك علماء . ..وفقهاء ..ودعاة ..يقفون على منبرك الشريف...ويفتنون الناس في دينهم ؛لأنهم يحيدون عن الحق ..ويقفون مع الباطل !!!
عذراً يا سيدي ..يا رسول الله – صلى الله عليك وسلم وبارك-فحال امتك لا يسر صديقاً..منذ ابتعدنا عن مبادئ هذا الدين ...وخالفنا شريعة رب العالمين ..فتسلطت علينا الأمم ..وتفننت في النيْل من الأسلام والمسلمين لحقد دفين ..ومصالح مادية واستبدادية ..وحسبنا الله ونعم الوكيل ...
هذا هو حال أمتك يا صاحب الذكرى ...أسأل الله العلي القدير أن يفرج عنا ما نحن فيه ..ويصلح حالنا ..ويهدي ضالنا ..حتى نكون بحق... الأمة التي قال عنها –الله تعالى –عز من قائل- : " كنتم خير أمة أُخرِجتْ للناس " آل عمران (110)
صلى الله عليك يا سيدي ما ذكرك الذاكرون ..صلى الله عليك وسلم وبارك ما غفل عن ذكرك الغافلون ..صلى الله عليك وسلم في الملأ الأعلى إلى يوم الدين...
وأختم بهذه الأبيات الجميلة ....للصحابي الشاعر (حسان بن ثابت ) – رضي الله عنه وأرضاه- ...في وصفه للحبيب المصطفى-صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً ... .زوقد رآه لأول مرة :
لما رأيتُ أنواره سطعَتْ وضَعْتُ من خِيفتي كفي على بصري
خوفاً على بصري من حُسْنِ صورتِهِ فلستُ أنظرُه إلا على قدْري
روحٌ من النورِ في جسمٍ من القمرِ كحِلْيةٍ نُسِجتْ من الأنْجُمِ الزهرِ