[rtl]كلام في السياسة [/rtl]
[rtl]مع أنني لست سياسيا ولا احب ان اكون, الا انني احب ان اكتب فيما يسمونه سياسة, تلك التي فقدت اصل معناها, وتحولت الى مركب عجيب يحمل معان كثيرة متداخلة يضرب بعضها بعضا, ويلعن بعضها وجوه بعضها الآخر.[/rtl]
[rtl]يكاد يجمع البعض على ان ما يفعلونه ويقومون به هو من السياسة, ويمكنك ان تسميه باسماء اخرى كثيرة ليس من بينها السياسة, يمكنك ان تقول انه تدليس, كذب مبطن, تزوير, خداع, مضيعة للوقت والأجر, أو ما تريد من الاسماء التي لا تسرالنفس ولا تقر بها العين.[/rtl]
[rtl]دعنا نمر على بعض مما يفعلونه ويقولونه, ويعتبرونه من اعمال السياسة, مثلا, ان يصف احدهم اتفاقية وادي عربة بانها من الاعمال السياسية التي تحافظ على استقلال الاردن وسيادته, وانها حفظت الاردن من اخطار كانت تتهدده, مع انها في الحقيقة رسخت لوجود كيان محتل معتد بغيض, وعمقت التهديدات لوجود الاردن وامنه, وجعلت الحل الصهيوني لقضية فلسطين واقعا ملموسا بعد ان كان صعبا بدونها, وكرست الرؤية الصهيونية (الاردن هو وطن الفلسطينيين), ولا يزال البعض يردد ان وادي عربة عمل سياسي عظيم.[/rtl]
[rtl]خذ مثلا آخر, اتفاقية اوسلو المقبورة, والتي لم يبق منها الا بقية من الخيانات التي تسمى اتفاقات امنية مع العدو الصهيوني, ورمي ما تبقى منها في حاوية الكيان, والتي كانت ذريعة لتوقيع وادي عربة من بعد, كانت في وقتها تسمى عملا سياسيا قاده رمز كبير من رموز الشعب الفلسطيني, وكان الحديث فيه عن سلام الشجعان, وخلف لنا سلطة عباس وتلاميذ دايتون والفلسطيني الجديد الذي لا لون ولا طعم ولا رائحة للوطن او الوطنية فيه, بل هو مسخ صهيوني كريه بغيض, ولا يزال يمارس الخيانة صباح مساء تحت شعارات (التنسيق الامني) مع انه الخضوع والخنوع للمحتل, والتنسيق ليس له اي معنى سوى الخضوع (بالحذاء) للخطط الامنية الصهيونية التي جعلت الاحتلال الصهيوني لفلسطين اقل كلفة من اي احتلال على وجه الارض, ولا يزال الشعب الفلسطيني يدفع ثمن هذه الخيانة من دماء ابناءه الاطهار الشرفاء, وليس علاء ابو الهيجاء هو آخر الضحايا.[/rtl]
[rtl]المفاوضات الفلسطينية الصهيونية, هذه الاستراتيجية التي تبنتها السلطة والمنظمة, وتدعي انها خيارها الوحيد لاسترداد الحق الفلسطيني, شكلت غطاءا لقهر الفلسطينيين بالاستيطان والتهويد والتهجير والقتل, وكل اصناف التطهير, ولا يزال المتمسكون بها يسمونها عملا سياسيا ويطوفون حولها ويفخرون بها, ويتعاطونها صباح مساء بلا تردد, مع انك اذا جئت تسميها باسمها الحقيقي لولول عبادها ودهاقنتها, انها بدون رتوش عهر وخيانة للقضية الفلسطينية رضي من رضي وسخط من سخط.[/rtl]
[rtl]الامثلة كثيرة على ما يسمونه سياسة, ومن اعمال السياسة, فهل يغضب البعض ان رددنا ما قاله بعض الصوفية عن السياسة (لعن الله ساس ويسوس وسائس ومسوس), وهل يغضب بعض اصحابنا ان قلنا لهم ان تعاطي السياسة على قواعد دهاقنتها وشرائطهم عمل لا يمكن ان يكون صالحا ولا مقبولا, وان السياسة التي تدور رحاها على الساحة تحتاج الى اعادة تعريف, والى منظومة اخلاق وقواعد تحكمها, وانه لايجوز الانخراط فيها ما لم تكن واضحة المسارات والدلالات والمآلات, وان السياسة لا يمكن ان تكون فن الممكن, ولا المستطاع في وقت ما, وانها يجب ان تكون الاداة التي تعيد الحق الى نصابه, وانها يجب ان تكون نظيفة وواضحة, وان الخدعة فيها لا يجوز ان تنحدر الى مستوى الكذب والتزوير والخداع الذي يذهب في كل الاتجاهات بدون ضوابط, وانها يجب ان تؤدي الى التفاف طائفة المستضعفين والمظلومين حول من يدافع عن حقوقهم ويجدوا فيهم أملهم ورجاءهم في التخفيف عنهم في الحد الادنى, اذا لم يكونوا قادرين على استرداد حقوقهم.[/rtl]