الكرك: لماذا يا "نيسان"؟

غادرنا شهر نيسان وقد بخل علينا بشتائه الذي يعتبر اهم من كل ما سبقه من

امطار هطلت على مدار الموسم الشتوي كماً ونوعاً.

ذهاب هذا الشهر دون ان تتساقط فيه اية كميات من الامطار يعني بحسب

الموروث الشعبي الذي يتوافق مع العلم الحديث تردي الموسم الزراعي بشكل

عام، ناهيك عن الاضرار التي تتهدد صحة الانسان والحيوان والنبات.

وقد ادرك السلف من الاجداد الاوائل بالخبرة والتجربة اهمية شتاء نيسان

وضرورته للانسان والزرع والضرع وهذا ما يؤكده العلم الحديث، واذا كانت

الامطار قد انحبست في موسم الشتاء لهذا العام لاكثر من شهر قبل حلول

شهر نيسان الماضي فان هذا يؤكد الآمال العريضة التي كان يبنيها

المزارعون على شتوة نيسان.

ففي موروثنا الشعبي الشفاهي ثمة عبارات تتحدث عن ميزة تساقط الامطار

في شهر نيسان، ومن هذه العبارات مقولة "شتوة نيس بتحيي الانسان، بتسوى

السكة والفدان وبتسوى الراعي والمعلان وبتسوى الف سيل سال".
ان
وقبل الخوض في تفاصيل اهمية شتاء نيسان لابد اولا من توضيح معاني

بعض الكلمات الواردة في المقولة السابقة، (السكة والفدان ادوات قديمة كانت

تستخدم في حراثة الارض واعدادها لزراعة المحاصيل الحقلية)،(اما الراعي

والمعلان فتعني راعي الاغنام والشخص الذي يعمل في رعاية مواشيه).

تحوي مياه مطر نيسان نسبة كبيرة من الاملاح الكفيلة بالقضاء على اكثر

الحشرات الضارة، فيما يضفي هذا المطر رونقا على جماليات فصل الربيع

الذي تتفتح فيه الازهار وتترعرع الاعشاب حيث تساعد تلك الامطار في

تنظيف تلك الازهار والاعشاب مما علق عليها من غبار فتبدو نضرة زاهية،

كذلك تساعد امطار نيسان باعتبارها اخر امطار تتساقط في الموسم المطري

في تحقيق فترة ربيعية اطول من حيث ما تراكمه من رطوبة في جوف

الارض تساعد في نمو افضل للمحاصيل الحقلية وفي تحسين نوعية الثمار

الشجرية اضافة الى فائدتها للمواشي من حيث اطالة امد المراعي الطبيعية

التي توفر نباتات رعوية خضراء ضرورية لصحة المواشي، فيما تعمل

امطار نيسان على تحسين جودة النباتات الصحراوية ايضا.

وهناك عادة شعبية كانت تلازم شتاء نيسان وهي ان الصبايا يكشفن عن

شعورهن ويبقين لاطول فترة ممكنة تحت زخات المطر باعتبار ان لامطار

نيسان ايضا ميزة طبية وهي المساعدة في اطالة الشعر وزيادة كثافته

وحمايته من التقصف.