منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 وفي أنفسكم أفلا تبصرون - القلب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69962
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

وفي أنفسكم أفلا تبصرون - القلب Empty
مُساهمةموضوع: وفي أنفسكم أفلا تبصرون - القلب   وفي أنفسكم أفلا تبصرون - القلب Emptyالسبت 24 مايو 2014, 10:11 am

وفي أنفسكم أفلا تبصرون - القلب

وفي أنفسكم أفلا تبصرون - القلب 12486267936
الدكتور منصور أبوشريعة العبادي

جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية

إن من يدرس تركيب القلب والطريقة التي يعمل من خلالها لا مفر له إلا أن يعترف بوجود صانع لا حدود لعلمه وقدرته يقف وراء تصنيع هذا القلب الأعجوبة. فهذه المضخة اللحمية التي لا يتجاوز وزنها ثلث كيلوغرام تعمل بدون توقف لما يزيد عن مائة عام وتضخ خلالها من الدم ما يساوي 250 ألف متر مكعب.

 إن الذي ينظر إلى صور القلب فقط من جوانبه المختلفة يجد فيها لوحات فنية رائعة لا يمل الإنسان من النظر إليها. أما تركيب القلب من الداخل فإن فيه من عجائب التصميم ما لا يخطر على بال أذكى المشتغلين في تصميم المضخات الميكانيكية. إن مجرد وجود الصمامات في القلب تدحض فرية أنه قد تم تصنيعه بالصدفة فالمبدأ الذي يقوم عليه عمل الصمامات تحتاج لقوة عاقلة لكي تكتشفه وأن خطأ بسيطا في تركيب الصمام سيحول دون عمل القلب بالشكل المطلوب.

 أما تصميم حجرات القلب وتحديد سعاتها وقوة عضلاتها والأوعية الدموية التي تخرج منها وتصميم مولدات الإشارة الكهربائية والمسارات التي تتبعها للوصول لعضلات القلب والتي تجعل القلب ينبض بلا توقف فإن فيها من الأسرار ما يدعو إلى الدهشة. أما الأوعية الدموية التي توصل الدم الذي يضخه القلب لكل خلية من خلايا الجسم فإن في أحجامها وأطوالها وتركيبها والمسارات التي تتبعها في الجسم من الأسرار ما يبعث على العجب. أما الأسرار الموجودة في مكونات الدم والوظائف التي تقوم بها فإنها تحتاج لعلماء ملهمين في تخصصات مختلفة لكي يتمكنوا من فهمها وكشفها.

يأتي الجهاز الدوري من حيث الأهمية والتعقيد بعد الجهاز العصبي حيث أن تعطل القلب عن العمل كما هو الحال مع تعطل الدماغ يؤديان لا محالة إلى موت الكائن الحي. وهناك بعض التشابه العام في تركيب الجهازين فالقلب يقابله الدماغ والأوعية الدموية تقابلها الألياف العصبية والدم يقابله الإشارات العصبية.

وإذا كان الجهاز العصبي هو الحاسوب الذي يتحكم بعمل جميع أجهزة الجسم فإن الجهاز الدوري هو المحرك الذي يؤمن الطاقة لكل خلية من خلايا الجسم. وبما أن عملية حرق المواد العضوية للحصول على الطاقة تتم في داخل كل خلية من خلايا الجسم فإن مهمة الجهاز الدوري الرئيسية هو تأمين كل خلية بما تحتاجه من مواد عضوية وأكسجين ولا يقتصر دور الجهاز الدوري على هذه المهمة فقط بل يقوم بوظائف أخرى بالغة الأهمية للجسم حيث تم استغلال وصول الدم لكل خلية لإيصال وجلب مواد أخرى منها.

 ومن أهم هذه الوظائف تأمين الخلايا بالماء الذي هو أساس حياة الخلية ولكن بالقدر المطلوب حيث يعمل الدم على حفظ توازن الماء في الجسم بحيث تتساوى كمية الماء التي يحصل عليها عن طريق الشراب والطعام مع تلك التي يفقدها عن طريق التبول والتعرق من خلال قيام الدم بحمل الماء الزائد إلى أجهزة الإخراج وهي الكلى والجلد. ويقوم الدم كذلك بتخليص الجسم من النفايات الضارة الناتجة عن عملية الاحتراق وخاصة ثاني أكسيد الكربون والبولينيا من خلال الرئتين والكلى. ويقوم الدم بالحفاظ على درجة حرارة ثابتة للجسم من خلال نقل الحرارة المتولدة في الخلايا نتيجة لعملية الاحتراق إلى الجلد ليقوم بتشتيتها في الجو المحيط بالجسم. وبما أن الجهاز الدوري يوصل الدم لكل خلية من خلايا الجسم فقد تم استغلاله للقيام بوظيفة الدفاع عن هذه الخلايا ضد الميكروبات كالبكتيريا والفيروسات حيث يوجد في الدم خلايا الدم البيضاء والأجسام المضادة التي تقوم بمهاجمة هذه الميكروبات والقضاء عليها. وقد تم أيضا استغلال هذه الخاصية للجهاز الدوري لنقل الهرمونات إلي مختلف أعضاء الجسم.

وفي أنفسكم أفلا تبصرون - القلب 12486269253
الشكل يبين الجهاز الدوري في جسم الإنسان والذي يشكل القلب المحور الأساسي له

ولكي يقوم الجهاز الدوري بوظائفه المختلفة فلا بد من ربطه بعدد كبير من أجهزة الجسم فهو أكثر أجهزة الجسم ارتباطا ببقية الأجهزة. فهو مرتبط بالجهاز الهضمي من خلال الأمعاء الدقيقة والغليظة والتي تزود الدم بالمواد العضوية الأولية والماء. وهو مرتبط بالكبد والذي يقوم بتزويد الدم بالمواد العضوية التي يقوم بتصنيعها من المواد الأولية التي استلمها من الأمعاء الدقيقة. وهو مرتبط بالرئتين اللتين تزودان الدم بالأكسجين وتنظفانه من ثاني أكسيد الكربون. ويرتبط بالكليتين والجلد والتي تقوم بتخليص الدم من الفضلات المختلفة والماء الزائد عن حاجة الجسم. وهو مرتبط بالجهاز الهرموني الذي يستخدم الدم لنقل مختلف أنواع الهرمونات إلى الجسم. وهو مرتبط بشكل كبير بالجهاز اللمفاوي والذي يعتبره بعض العلماء جزء من الجهاز الدوري.

وهو مرتبط بمختلف عظام الهيكل العظمي حيث يقوم نخاع هذه العظام بتصنيع خلايا الدم الحمراء والبيضاء والصفائح الدموية وتزويد الدم بها. وهو مرتبط بالطحال الذي يقوم بوظائف عدة فهو يعمل كخزان للدم المركز حيث يقوم بتزويد الجهاز الدوري بالدم عند نقصانه ويعمل على تنقية الدم من الميكروبات ومن خلايا الحمراء الميتة ويقوم بتزويد الدم بخلايا الدم البيضاء. ويرتبط القلب كذلك بالدماغ والحبل الشوكي حيث يتم تنظيم معدل نبضات القلب حسب حالة الجسم وذلك من خلال الألياف العصبية الودية وغير الودية. أما الوظيفة التي يجهلها أكثر الناس ولم يكتشفها العلماء إلا حديثا ولا زالت الأبحاث تجري لكشف أسرارها فهي أن القلب يحتوي على مراكز عصبية غير تلك المسؤولة عن التحكم بنبضه ترتبط بالمراكز العصبية في الدماغ وتجري في هذه المراكز العصبية القلبية بعض الوظائف التي كان العلماء يظنون أنها تجري في داخل الدماغ كالمشاعر والأحاسيس وغيرها.

يتكون الجهاز الدوري من ثلاثة مكونات رئيسية وهي القلب والأوعية الدموية والدم. فالمكون الأول هو القلب والذي يعمل كمضخة ميكانيكية تقوم بضخ الدم إلى مختلف أنحاء الجسم ويبلغ متوسط وزنه في الإنسان ثلث كيلوغرام ولا يتجاوز حجمه حجم قبضة اليد. ويقع القلب خلف عظمة القص في منتصف القفص الصدري مع ميلان بسيط لأعلاه إلى الجهة اليسرى من القفص فيما بين الرئتين. وبما أن القلب جسم دائم الحركة النبضية فإنه يلزم إيجاد طريقة ذكية تمكن من وضعه فيما بين بقية الأعضاء ولكن دون أن يحتك بها حيث أن هذا الاحتكاك سيحول دون عمل القلب بالشكل المطلوب. وكان الحل الفريد من خلال إحاطة القلب بغلاف على شكل كيس يسمى غشاء التامور والذي يتكون من جدارين ناعمين خاصة الداخلي منها ويملأ ما بينهما سائل لزج يسمح للقلب بالنبض بحرية تامة دون الاحتكاك بالأعضاء المحيطة به وللتدليل على أهمية هذا الغشاء فإن التهاب بسيط يصيبه يسبب مشاكل جمة للشخص المريض.

 والقلب عبارة عن نسيج عضلي مجوف مقسوم إلى تجويفين يفصل بينهما حاجز سميك خاصة عند جزئه السفلي ويوجد في كل تجويف حجرتان حجرة علوية تسمى الأذين وحجرة سفلية تسمى البطين وبهذا يوجد في القلب أربع حجرات أذينان وبطينان. ولأسباب ستتضح فيما بعد نجد أن سماكة جدار البطينان أكبر بكثير من سماكة جدار الأذينان وسماكة جدار البطين الأيسر قد تصل لثلاثة أضعاف سماكة جدار البطين الأيمن.

 وتنفتح حجرتي النصف الأيمن وكذلك حجرتي النصف الأيسر على بعضهما من خلال صمام يسمح بمرور الدم من الأذين إلى البطين فقط ويسمى الصمام بين الأذين والبطين الأيمنان بالصمام الثلاثي الشرف بينما يسمى الصمام بين الأذين والبطين الأيسران بالصمام التاجي أو ثنائي الشرف. ويتكون هذان الصمامان من قطع غضروفية مسطحة مثبتة في حلقة ليفية في جدار القلب وترتبط الأطراف الحرة لهذه القطع بحبال وترية تمتد داخل البطينين.وفي حالة انبساط البطينين فإن هذه الحبال تكون مشدودة وتقوم بفتح الصمامات أما في حالة انقباض البطينين فإن الحبال ترتخي وتعود الصمامات لوضع الإغلاق.

ويعود السبب في استخدام هذه الحبال لفتح هذين الصمامين لكون ضغط الدم في الأذينين عند انقباضهما لا يكفي لفتحهما وهذا الحل يمثل منتهى الإبداع تعجز أكبر العقول من الاهتداء إليه. وتنفتح كل حجرة من هذه الحجر الأربع على وعاء دموي أو أكثر حيث يطلق على الأوعية المتصلة بالبطينين اسم الشرايين وعلى الأوعية المتصلة بالأذينين اسم الأوردة. فالبطين الأيسر ينفتح على شريان واحد وهو الشريان الأبهر أو الأورطي وذلك من خلال صمام يسمح بمرور الدم من البطين الأيسر إلى الشريان الأبهر وهو الصمام الأبهري.

 أما البطين الأيمن فينفتح على شريان واحد أيضا وهو الشريان الرئوي من خلال صمام يسمح بمرور الدم من البطين الأيمن إلى الشريان الرئوي وهو الصمام الرئوي. ويتكون كل من هذين الصمامين من ثلاث قطع غضروفية تشكل قرصا يكون مغلقا في الوضع الطبيعي ولا تنفتح إلا عند الضغط العالي للدم وذلك عند انقباض البطينين ولا تحتاج هذه الصمامات إلى حبال كما في الصمامات السابقة بسبب توفر قوة ضغط الدم. أما الأذين الأيمن فينفتح على وريدين بدون صمامات وهما الوريد الأجوف العلوي الذي يدخل الأذين من أعلاه والوريد الأجوف السفلي الذي يدخل الأذين من أسفله.

وأما الأذين الأيسر فينفتح على أربعة أوردة وبدون صمامات كذلك وهي الأوردة الرئوية حيث يخرج من يمين الأذين وريدان يذهبان للرئة اليمنى ويخرج من يسار وريدان يذهبان للرئة اليسرى . وعلى هذا يوجد في القلب أربعة حجرات وأربعة صمامات ويخرج منه ثمانية أوعية دموية منها شريانين اثنين وستة أوردة وسنبين فيما بعد الحكمة من أن عدد الأوردة يزيد على عدد الشرايين.

أما المكون الثاني فهي الأوعية الدموية وقد تم تقسيمها إلى ثلاثة أنواع وهي الشرايين والأوردة والشعيرات الدموية. فالشرايين تقوم بنقل الدم من القلب إلى مختلف أعضاء الجسم وهي ذات جدار عضلي سميك مكون من ثلاث طبقات لكي تتحمل الضغط العالي عند ضخ القلب للدم من خلالها. والطبقة الوسطى من طبقات جدار الشرايين ذات طبيعة مرنة حيث يتمدد الشريان عند مرور الدم عالي الضغط ويتقلص بعد مروره مما يساعد على دفع الدم إلى الأمام ويحافظ على ضغطه على طول الشريان. أما الأوردة فتقوم بنقل الدم من مختلف أنحاء الجسم إلى القلب وهي ذات جدار ذي ثلاث طبقات ولكنها رقيقة نسبيا وغير عضلية حيث يمر الدم من خلالها عند ضغط منخفض.

 وبما أنه لا يوجد مضخة تقوم بضخ الدم الموجود في الأوردة إلى القلب فقد أبدع الله سبحانه وتعالى آليات عجيبة لإرجاع الدم إلى القلب خاصة الدم الموجود تحت مستوى القلب حيث أن الجاذبية تمنعه من الصعود إلى القلب. وقد تم التغلب على هذه المشكلة من خلال طريقة فريدة لا يمكن أن تخطر على بال البشر وهي وضع صمامات في داخل معظم الأوردة بحيث تسمح بمرور الدم باتجاه القلب ولا تسمح برجوعه إلى الخلف.
[size][color][font]
 
[/font][/color][/size]
وفي أنفسكم أفلا تبصرون - القلب 12486268158
الشكل يبين صمامات القلب التي تتحكم في دخول الدم إلى القلب

 ولكن وجود الصمامات لا يعني أن الدم سيتحرك من تلقاء نفسه باتجاه القلب بل يحتاج لمن يحركه وهنا تتجلى قدرة الخالق سبحانه وتعالى في إيجاد الآلية التي تقوم بذلك وهي عضلات الجسم المختلفة فعندما تتحرك هذه العضلات فإنها تضغط على الأوردة ولا سبيل للدم إلا أن يتحرك إلى الأمام بسبب وجود الصمامات التي تمنعه من التحرك للخلف. وأما الشعيرات الدموية فهي التفرعات النهائية للشرايين والتفرعات الابتدائية للأوردة وتشكل ما نسبته 90 بالمائة من مجموع الأوعية الدموية وهي عبارة عن أنابيب رقيقة لا يتجاوز قطرها عشرة ميكرومترات ولذا فهي لا ترى بالعين المجردة.

ويتكون جدار الوعاء الشعري من طبقة واحدة فقط من الخلايا الطلائية وذلك لكي تسمح بانتشار الغذاء والأكسجين من الدم إلى الخلايا المحيطة به وانتشار ثاني أكسيد الكربون والنفايات الضارة من الخلايا إلى الدم. وكما ذكرنا سابقا فإنه يخرج من القلب شريانان وهما الشريان الأبهر أو الأورطي الذي يحمل الدم المؤكسد الذي يضخه البطين الأيسر إلى جميع أنحاء الجسم والشريان الرئوي الذي يحمل الدم غير المؤكسد الذي يضخه البطين الأيمن إلى الرئة.

 ويعتبر الشريان الأبهر أوسع الأوعية الدموية في الجسم حيث يبلغ قطره بوصة واحدة (2.56 سنتيمتر) وعندما يخرج الأبهر من أعلى القلب فإنه يتقوس لينزل من خلف القلب إلى الأسفل. ويتفرع من الأبهر قبل تقوسه الشرايين التاجية التي تغذي عضلة القلب ويتفرع منه عند أعلى القوس الشرايين التي تغذي الرأس والرقبة والذراعين ومن ثم يبدأ بالتفرع تدريجيا بعد القوس ليغذي مختلف أعضاء الجسم. أما الشريان الرئوي فإنه يتفرع بمجرد خروجه من القلب عند أعلاه إلى فرعين رئيسين يذهبان إلى الرئتين لتقوما بتخليص الدم من ثاني أكسيد الكربون وتزويده بالأكسجين. أما الأوردة التي تدخل القلب فهي الوريدان الأجوفان العلوي والسفلي اللذان يجلبان الدم غير المؤكسد من جميع أنحاء الجسم وتصبه في الأذين الأيمن والأوردة الرئوية الأربع التي تجلب الدم المؤكسد من الرئتين فتصبه في الأذين الأيسر.

 ويعود السبب في وجود ستة أوردة تدخل القلب مقابل شريانين يخرجان منه إلى أن الدم يتحرك في الشرايين من خلال ضخ القلب له أما في الأوردة فلا يوجد ما يضخ الدم فيها بل يتم رجوع الدم من خلال الآلية التي شرحناها آنفا والتي تزداد فعاليتها كلما قل قطر الوريد. وتتفرع الشرايين والأوردة الرئيسية تفرعات كثيرة بحيث يمكنها الوصول إلى جميع خلايا الجسم وهي أشبه ما تكون بشبكة توزيع المياه في المدن باستخدام الأنابيب أو المواسير التي تبدأ بمواسير كبيرة قد يزيد قطرها عن المتر وتنتهي بمواسير قطرها نصف بوصة عند المنازل. ويبلغ معدل مجموع أطوال الأوعية الدموية في جسم الإنسان 97 ألف كيلومتر وللمقارنة مع شبكات المياه فإن مجموع طول المواسير في شبكة مياه مدينة القاهرة على سبيل المثال يبلغ 20 ألف كيلومتر تؤمن الماء لخمسة عشر مليون نسمة.

 إن الإعجاز في الأوعية الدموية ليس في طولها الهائل فقط ولكن في أنها تعمل لما يزيد عن مائة عام دون أن يصيبها السدد رغم صغر أقطارها ورغم أن ما يجري في داخلها ليس ماء صافيا بل مشبع بمختلف المواد العضوية والأملاح وغيرها مع العلم أن انسداد أحد الشرايين في بعض الأعضاء الحساسة كالقلب والدماغ يؤدي إلى موت الإنسان أو إصابته بعاهة مستديمة. أما المعجزة الكبرى في الأوعية الدموية فهي في طريقة تحديد عدد وأطوال وأقطار وأماكن تفرع هذه الأوعية لكي تضمن وصول الغذاء والأكسجين إلى كل من خلايا الجسم. أما الطريقة التي تم من خلالها تمديد هذا العدد الهائل من الأوعية الدموية في الجسم فهي معجزة المعجزات التي عجزت عقول العلماء من فك ألغازها كما هو الحال مع تمديد الألياف العصبية في الجسم كما ذكرنا في مقالة الدماغ.

أما المكون الثالث فهو الدم وهو سائل احمر اللون تبلغ كميته في جسم الإنسان البالغ ما بين خمسة وستة ليترات ويقوم القلب بتدوير هذه الكمية في الجسم خلال دقيقة واحدة في حالة الراحة وأقل من ذلك في حالة النشاط. ويتكون الدم من أربعة مكونات رئيسية وهي البلازما وكريات الدم الحمراء وخلايا الدم البيضاء والصفائح الدموية. فالبلازما هي محلول مائي شفاف مائل إلى الصفرة ويشكل 55 بالمائة من الدم وتتكون من الماء الذي يشكل 90 بالمائة منها ومن بروتينات البلازما التي تحافظ على الضغط الأسموزي للدم لكي لا يتسرب لأنسجة الجسم ومن المواد العضوية القادمة من الأمعاء الدقيقة والكبد كالجلوكوز والأحماض الأمينية والدهنية والأملاح غير العضوية كالصوديوم والبوتاسيوم والماغنسيوم والكالسيوم وإفرازات الغدد الصماء والنفايات التي تنتجها الخلايا عن عملية الاحتراق. أما كريات الدم الحمراء فهي أجسام قرصية الشكل مقعرة من الجانبين ولا تحتوي على نواة ويبلغ قطرها 7.5 ميكرومتر ويبلغ متوسط عددها في الملليمتر المكعب الواحد خمسة ملايين كرية. ويتم تصنيع هذه الكريات في نخاع العظام ويبلغ متوسط عمرها 120 يوما ويتم تدمير الهرمة منها في الطحال والكبد.

 وتشكل مادة الهيموجلوبين 90 بالمائة من وزن الكرية وهي التي تعطي اللون الأحمر للدم وهي تقوم بنقل الأكسجين من الرئة إلى خلايا الجسم لإتمام عملية الاحتراق فيها ونقل ثاني أكسيد الكربون من الخلايا إلى الرئة.

وهذه الخاصية من أعجب خصائص كريات الدم الحمراء فهي تذهب إلى خلايا الجسم محملة بالأكسجين ويكون لون الدم أحمر قاني فترمي بهذا الحمل عند الخلية وتقوم بحمل ثاني أكسيد الكربون فيتحول لون الدم إلى أحمر مزرق وتقفل راجعة لتلقي به في الرئة وهكذا دواليك. أما خلايا الدم البيضاء فتحتوي على نواة وذلك على عكس خلايا الدم الحمراء ويتراوح عددها في الملليمتر الواحد بين أربعة آلاف وعشرة آلاف وذلك حسب حالة الجسم. وهي على شكل كرات يتراوح قطرها بين 10 و 20 ميكرومتر ويغطي سطحها حبيبات وهي عبارة عن أنزيمات. ويوجد منها خمسة أنواع رئيسية وهي قصيرة العمر نسبيا فهو يتراوح بين عدة أيام وعدة أسابيع وذلك حسب نوعها.

 ويقوم كل نوع من أنواع الخلايا البيضاء بوظيفة معينة كالتهام الميكروبات وتوليد الأجسام المضادة ومنع تجلط الدم وتوسيع الأوعية الدموية. أما الصفائح الدموية فهي قطع من السيتوبلازم ذات أشكال غير منتظمة ولا يتجاوز قطرها ثلاثة نانومترات ويتراوح عددها بين 150 و 400 ألف صفيحة في المللي لتر المكعب الواحد.

 ويتم إنتاج هذه الصفائح في نخاع العظام ويبلغ متوسط عمرها عشرة أيام ووظيفتها الرئيسية العمل على تخثر أو تجلط الدم لوقف عملية نزف الدم من الأوعية الدموية عند تعرضها للتمزق من خلال ارتباط هذه الصفائح ببعضها البعض. ومن عجائب هذه الصفائح أنها لا ترتبط ببعضها وهي في داخل الدم رغم عددها الهائل ولكن بمجرد حدوث نزف فإنها تبدأ بالارتباط ببعضها لإغلاق مكان النزيف.

يعمل القلب كمضخة للدم من خلال الانقباض والارتخاء المتعاقب لعضلاته المختلفة بتزامن منقطع النظير وبمعدل معين يبلغ في المتوسط 75 نبضة في الدقيقة عند الإنسان البالغ ولكن معدل النبض يزيد وينقص عن المعدل تبعا لحالة وطبيعة الجسم. ويضخ القلب الدم بمعدل 60 مللي لتر في كل نبضة من نبضاته أي ما يعادل خمسة لترات في الدقيقة عندما يكون الجسم في حالة الراحة وتزداد كمية الضخ كلما زادت حركة الجسم وقد تصل إلى ثلاثة أضعاف الكمية الطبيعية. وبسبب هذا الجهد الكبير الذي يبذله القلب فإنه يستهلك ما يقرب من سبعة بالمائة من كامل الأكسجين الذي يحمله الدم رغم أن وزنه لا يتجاوز نصف بالمائة من وزن الجسم.

وعندما ينقبض القلب فإن عضلاته لا تنقبض في نفس اللحظة فأول ما يبدأ بالانقباض عضلات الأذينين فيفرغان ما تبقى فيهما من دم في البطينين. وبعد مرور ما يقرب من عشر ثانية تنقبض عضلات البطينين ابتداء من عضلاتها السفلى وترتخي عضلات الأذينين فتنغلق الصمامات التي بين البطينات والأذينات وينفتح كل من الصمام الأبهري والصمام الرئوي فيندفع الدم المؤكسد بقوة من البطين الأيسر إلى جميع أنحاء الجسم والدم غير المؤكسد من البطين الأيمن إلى الرئة.

 وفي الحقيقة فإن القلب يحتوي على أربع مضخات مضختين ضعيفتين تدفعان الدم من الأذينات إلى البطينات ومضختين قويتين أحدهما تدفع الدم من البطين الأيسر إلى مختلف أنحاء الجسم وهي الأقوي والأخرى تدفع الدم من البطين الأيمن إلى الرئة فقط.

وفي حالة ارتخاء القلب يكون ضغط الدم في داخله أقل من ضغط الدم في الأوردة والشرايين فينغلق الصمام الأبهري والصمام الرئوي وينفتح الصمامان الأخريان فيملأ الدم غير المؤكسد العائد من الجسم الأذين الأيمن ثم ينساب إلى البطين الأيمن ويملأ الدم المؤكسد العائد من الرئتين الأذين الأيسر ثم ينساب إلى البطين الأيسر.

وعلى هذا فإن هناك دورتان لحركة الدم أكبرها الدورة الدموية الكبرى وفيها يخرج الدم المؤكسد من البطين الأيسر إلى جميع أعضاء الجسم ثم يعود دما غير مؤكسد إلى الأذين الأيمن وأصغرها الدورة الدموية الصغرى وفيها يخرج الدم غير المؤكسد من البطين الأيمن إلى الرئة ثم يعود دما مؤكسدا إلى الأذين الأيسر.

إن من أعجب أسرار الجهاز الدوري أنه يضمن وصول الدم لجميع أعضاء الجسم كل حسب حاجته على الرغم من أن بعض أعضاء الجسم تقع فوق مستوى القلب وبعضها أسفله وبعض الشرايين أوسع من غيرها ومن المفترض في هذا الحال أن يكون نصيب الأعضاء السفلى من الدم أكثر من الأعضاء العليا بسبب فعل الجاذبية. لقد تم التغلب على هذه المشكلة من خلال طريقة بالغة الذكاء وهي إبقاء ضغط الدم في الشريان الأبهر أعلى من قيمة معينة وهي في الإنسان الطبيعي 80 مللم زئبق وهذا الضغط كافي لإيصال الدم لجميع أعضاء الجسم.

 وفي هذا الحال يلزم للبطين الأيسر أن يضخ الدم بضغط أكبر من هذه القيمة لكي يتمكن من فتح الصمام الأبهري وإمداد الشرايين بدم جديد وهذا ما تم بالفعل فإن ضغط الدم في البطين الأيسر عند انقباضه يبلغ 120 مللم زئبق.

يتم تحريك عضلات القلب بشكل دوري من خلال مجموعة من العقد العصبية المزروعة في داخل جدرانه ومن أهم هذه العقد العقدة الجيبية وهي عقدة عصبية كبيرة موجودة في الجدار العلوي للأذين الأيمن بجانب الوريد الأجوف العلوي. وتعمل هذه العقدة كمولد للذبذبات حيث تقوم بتوليد نبضات عصبية كهربائية بمعدل منتظم يتراوح بين 60 و 80 نبضة في الدقيقة في الإنسان البالغ. ويتم نقل هذه النبضات من خلال ألياف عصبية إلى مجموعة من العقد العصبية التي تتحكم بمختلف عضلات القلب فتنقبض وتنبسط تبعا لهذه النبضات بتسلسل محسوب بدقة بالغة لكي تتم عملية ضخ الدم بكفاءة عالية.

 ومن أهم هذه العقد العقدة الأذينية البطينية التي تقع في الجدار الفاصل بين الأذين والبطين الأيمنان وكذلك العقدة المسماة بحزمة هيس والتي تقع في الجدار الفاصل بين البطينين. ونظرا لخطورة تعطل العقدة الجيبية عن عملها في توليد النبضات فإن النظام العصبي في القلب قد تم تصميمه بحيث تحل أحد العقد العصبية فيه وهي العقدة الأذينية البطينة محل العقدة الجيبية في توليد النبضات ولكن بمعدل يتراوح بين 40 و 60 نبضة في الدقيقة وفي حال تعطل هذه الأخيرة تستلم عقدة عصبية ثالثة وهي حزمة هيس هذه المهمة ولكن بمعدل يتراوح بين 20 و 30 نبضة في الدقيقة.

 وترتبط العقدة الجيبية بمراكز الدماغ والحبل الشوكي من خلال الألياف العصبية الودية وغير الودية وذلك لرفع أو خفض معدل النبضات تبعا لنشاط الجسم أو غير ذلك من المؤثرات الخارجية والداخلية. وكما ذكرنا سابقا فإن توليد النبضة الكهربائية في العقدة الجيبية وتوقيت وصولها إلى مختلف عضلات القلب يتطلب تقديرا بالغا لكي تعمل المضخات الأربع في القلب بشكل صحيح.

 وكما يتضح من الشكل المرفق فعندما تقوم العقدة الجيبة بتوليد النبضة الكهربائية فإنها تنتشر في الحال في عضلات الأذينين فينقبضا ليفرغا ما تبقى فيهما من دم في البطينين. وأثناء ذلك تكون النبضة قد سرت باتجاه العقدة الأذينية البطينية من خلال ثلاث مسارات فتصلها بعد مرور 30 مللي ثانية وتقوم هذه العقدة بتوليد نبضة كهربائية ولكن بعد تأخير زمني يبلغ 100 مللي ثانية أي أن النبضة ستتولد بعد مرور 130 مللي ثانية من حدوث نبضة العقدة الجيبية وخلال هذا الوقت يكون الأذينان قد انبسطا بعد انقباضهما وأكملا مهمتهما.

إن النبضة التي تولدها العقدة الأذينية البطينية تنتشر بسرعة عالية جدا نسبيا في الألياف العصبية المرتبطة بعضلات البطينين فتعمل على انقباضهما بشدة ليضخا ما فيهما من دم إلى الجسم وإلى الرئة. وتستغرق عملية إنقباض البطينين أقل من عشر ثانية بينما يبقى في حالة الإرتخاء أو الراحة لما يقرب من سبعة أعشار الثانية حيث يستجمع القلب خلالها قواه ويحصل على الطاقة اللازمة لإحداث الإنقباض التالي كما هو مبين في مخطط القلب الكهربائي. وعندما نتفحص مسار الألياف العصبية في جدار البطينين نجد أن هذا المسار يعمل على انقباض عضلات أسفل البطينين قبل عضلات الجوانب لكي يضمن ضخ الدم إلى الأعلى ولا ينحبس في داخلهما فسبحان القائل "صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ " النمل 88.


المراجع

1- القرآن الكريم

2- مواقع متفرقة على الإنترنت
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69962
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

وفي أنفسكم أفلا تبصرون - القلب Empty
مُساهمةموضوع: رد: وفي أنفسكم أفلا تبصرون - القلب   وفي أنفسكم أفلا تبصرون - القلب Emptyالسبت 24 مايو 2014, 10:13 am

بحث رائع: قلوب يعقلون بها

وفي أنفسكم أفلا تبصرون - القلب 1191166507humhrt2
ملخص البحث

نقدم في هذا البحث العلمي رؤية جديدة للقلب البشري، فعلى مدى سنوات طويلة درس العلماء القلب من الناحية الفيزيولوجية واعتبروه مجرد مضخة للدم لا أكثر ولا أقل. ولكن ومع بداية القرن الحادي والعشرين ومع تطور عمليات زراعة القلب والقلب الاصطناعي وتزايد هذه العمليات بشكل كبير، بدأ بعض الباحثين يلاحظون ظاهرة غريبة ومحيرة لم يجدوا لها تفسيراً حتى الآن!

إنها ظاهرة تغير الحالة النفسية للمريض بعد عملية زرع القلب، وهذه التغيرات النفسية عميقة لدرجة أن المريض بعد أن يتم استبدال قلبه بقلب طبيعي أو قلب صناعي، تحدث لديه تغيرات نفسية عميقة، بل إن التغيرات تحدث أحياناً في معتقداته، وما يحبه ويكرهه، بل وتؤثر على إيمانه أيضاً!!

ومن هنا بدأتُ بجمع معظم التجارب والأبحاث والمشاهدات والحقائق حول هذا الموضوع، ووجدتُ بأن كل ما يكشفه العلماء حول القلب قد تحدث عنه القرآن الكريم بشكل مفصّل! وهذا يثبت السبق القرآني في علم القلب، ويشهد على عظمة ودقة القرآن الكريم، وأنه كتاب رب العالمين.

مقدمة

هناك بعض الباحثين يعتقدون أن القلب مجرد مضخة وأنه لا يوجد أي أثر لتغيير قلب المريض، بل قد تحدث تغيرات نفسية طفيفة بسبب تأثير العملية. كما يعتقد البعض أن القلب المذكور في القرآن هو القلب المعنوي غير المرئي مثله مثل النفس والروح. فما هي حقيقة الأمر؟

والحقيقة أننا لو تتبعنا أقوال أطباء الغرب الذين برعوا في هذا المجال، أي مجال علم القلب، نرى بأن عدداً منهم يعترف بأنهم لم يدرسوا القلب من الناحية النفسية، ولم يعطَ هذا الجزء الهام حقه من الدراسة بعد.

يُخلق القلب قبل الدماغ في الجنين، ويبدأ بالنبض منذ تشكله وحتى موت الإنسان. ومع أن العلماء يعتقدون أن الدماغ هو الذي ينظم نبضات القلب، إلا أنهم لاحظوا شيئاً غريباً وذلك أثناء عمليات زرع القلب، عندما يضعون القلب الجديد في صدر المريض يبدأ بالنبض على الفور دون أن ينتظر الدماغ حتى يعطيه الأمر بالنبض.

وهذا يشير إلى استقلال عمل القلب عن الدماغ، بل إن بعض الباحثين اليوم يعتقد أن القلب هو الذي يوجّه الدماغ في عمله، بل إن كل خلية من خلايا القلب لها ذاكرة! ويقول الدكتور Schwartz إن تاريخنا مكتوب في كل خلية من خلايا جسدنا.

حقائق القلب

القلب هو المحرك الذي يغذي أكثر من 300 مليون مليون خلية في جسم الإنسان، ويبلغ وزنه (250-300) غرام، وهو بحجم قبضة اليد. وفي القلب المريض جداً يمكن أن يصل وزنه إلى 1000 غرام بسبب التضخم.

يقوم قلبك منذ أن كنتَ جنيناً في بطن أمك (بعد 21 يوماً من الحمل) بالعمل على ضخ الدم في مختلف أنحاء جسدك، وعندما تصبح بالغاً يضخ قلبك في اليوم أكثر من سبعين ألف لتر من الدم وذلك كل يوم، هذه الكمية يضخها أثناء انقباضه وانبساطه، فهو ينقبض أو يدق كل يوم أكثر من مئة ألف مرة، وعندما يصبح عمرك 70 سنة يكون قلبك قد ضخ مليون برميل من الدم خلال هذه الفترة!

وفي أنفسكم أفلا تبصرون - القلب 1191166260heart-image1
يزود القلب عبر الدم جميع خلايا الجسم بالأكسجين، فالخلايا تأخذ الأكسجين لتحرقه في صنع غذائها، وتطرح غاز الكربون والنفايات السامة التي يأخذها الدم ويضخها عبر القلب لتقوم الرئتين بتنقية هذا الدم وطرح غاز الكربون. طبعاً تأخذ الرئتين الأكسجين الذي نتنفسه وتطرح غاز الكربون من خلال عملية التنفس (الشهيق والزفير)، إن شبكة نقل الدم عبر جسمك أي الشرايين والأوعية لو وصلت مع بعضها لبلغ طولها مئة ألف كيلو متر!!

علاقة الدماغ بالقلب

هل الدماغ يتحكم بعمل القلب كما يقول العلماء، أم أن العكس هو الصحيح؟ ينبغي عليك أخي القارئ أن تعلم أن علم الطب لا يزال متخلفاً!! وهذا باعتراف علماء الغرب أنفسهم، فهم يجهلون تماماً العمليات الدقيقة التي تحدث في الدماغ، يجهلون كيف يتذكر الإنسان الأشياء، ويجهلون لماذا ينام الإنسان، ولماذا ينبض القلب، وما الذي يجعل هذا القلب ينبض، وأشياء كثيرة يجهلونها، فهم ينشرون في أبحاثهم ما يشاهدونه فقط، ليس لديهم أي قاعدة مطلقة، بل كل شيء لديهم بالتجربة والمشاهدة والحواس.

ولكننا كمسلمين لدينا حقائق مطلقة هي الحقائق التي حدثنا عنها القرآن الكريم قبل 14 قرناً عندما أكد في كثير من آياته على أن القلب هو مركز العاطفة والتفكير والعقل والذاكرة. ومنذ ثلاثين عاماً فقط بدأ بعض الباحثين بملاحظة علاقة بين القلب والدماغ، ولاحظوا أيضاً أن للقلب دور في فهم العالم من حولنا، وبدأت القصة عندما لاحظوا علاقة قوية بين ما يفهمه ويشعر به الإنسان، وبين معدل ضربات القلب وضغط الدم والتنفس في الرئتين. ومن هنا بدأ بعض الباحثين يدرسون العلاقة بين القلب والدماغ. ووجدوا بأن القلب يؤثر على النشاط الكهربائي للدماغ.

العلماء لم يثبتوا أن القلب ليس له علاقة بالعواطف بل لا يستطيع أحد أن يثبت ذلك، لأنهم لم يستطيعوا كشف جميع أسرار القلب، ولذلك عندما نقول إن القلب هو الذي يوجّه الدماغ في عمله، فهذا الكلام منطقي ولا يوجد ما ينافيه علمياً، والأهم من ذلك أنه يتفق مع القرآن.

الشيء الثابت علمياً أن القلب يتصل مع الدماغ من خلال شبكة معقدة من الأعصاب، وهناك رسائل مشتركة بين القلب والدماغ على شكل إشارات كهربائية، ويؤكد بعض العلماء أن القلب والدماغ يعملان بتناسق وتناغم عجيب ولو حدث أي خلل في هذا التناغم ظهرت الاضطرابات على الفور.

ويقول الدكتور Armour إن للقلب نظاماً خاصاً به في معالجة المعلومات القادمة إليه من مختلف أنحاء الجسم، ولذلك فإن نجاح زرع القلب يعتمد على النظام العصبي للقلب المزروع وقدرته على التأقلم مع المريض.

مشاهد مثيرة!

تقول المعالجة النفسية Linda Marks بعد عملها لمدة عشرين عاماً في مركز القلب: كان الناس يواجهونني بسؤال: ماذا تعملين في هذا المركز وأنت تعلمين أن القلب مجرد مضخة للدم ليس له علاقة بالحالة النفسية للإنسان؟ وكنتُ أجيب بأنني أحس بالتغيير الذي يحصل في نفسية المريض قبل وبعد عملة زرع القلب، وأحس بتغير عاطفته، ولكن ليس لدي الدليل العلمي إلا ما أراه أمامي. ولكن منذ التسعينات تعرفت على إحدى المهتمات بهذا الموضوع وهي "ليندا راسك" التي تمكنت من تسجيل علاقة بين الترددات الكهرطيسية التي يبثها القلب والترددات الكهرطيسية التي يبثها الدماغ، وكيف يمكن للمجال الكهرطيسي للقلب أن يؤثر في المجال المغنطيسي لدماغ الشخص المقابل!

البرفسور  Gary Schwartz اختصاصي الطب النفسي في جامعة أريزونا، والدكتورة Linda Russek يعتقدان أن للقلب طاقة خاصة بواسطتها يتم تخزين المعلومات ومعالجتها أيضاً. وبالتالي فإن الذاكرة ليست فقط في الدماغ بل قد يكون القلب محركاً لها ومشرفاً عليها. قام الدكتور غاري ببحث ضم أكثر من 300 حالة زراعة قلب، ووجد بأن جميعها قد حدث لها تغيرات نفسية جذرية بعد العملية.

يقول الدكتور Schwartz قمنا بزرع قلب لطفل من طفل آخر أمه طبيبة وقد توفي وقررت أمه التبرع بقلبه، ثم قامت بمراقبة حالة الزرع جيداً، وتقول هذه الأم: "إنني أحس دائماً بأن ولدي ما زال على قيد الحياة، فعندما أقترب من هذا الطفل (الذي يحمل قلب ولدها) أحس بدقات قلبه وعندما عانقني أحسست بأنه طفلي تماماً، إن قلب هذا الطفل يحوي معظم طفلي"!

والذي أكد هذا الإحساس أن هذا الطفل بدأ يظهر عليه خلل في الجهة اليسرى، وبعد ذلك تبين أن الطفل المتوفى صاحب القلب الأصلي كان يعاني من خلل في الجانب الأيسر من الدماغ يعيق حركته، وبعد أن تم زرع هذا القلب تبين بعد فترة أن الدماغ بدأ يصيبه خلل في الجانب الأيسر تماماً كحالة الطفل الميت صاحب القلب الأصلي.

ما هو تفسير ذلك؟ ببساطة نقول إن القلب هو الذي يشرف على عمل الدماغ، والخلل الذي أصاب دماغ الطفل المتوفى كان سببه القلب، وبعد زرع هذا القلب لطفل آخر، بدأ القلب يمارس نشاطه على الدماغ وطوَّر هذا الخلل في دماغ ذلك الطفل.

تقول الدكتورة ليندا: من الحالات المثيرة أيضاً أنه تم زرع قلب لفتاة كانت تعاني من اعتلال في عضلة القلب، ولكنها أصبحت كل يوم تحس وكأن شيئاً يصطدم بصدرها فتشكو لطبيبها هذه الحالة فيقول لها هذا بسبب تأثير الأدوية، ولكن تبين فيما بعد أن صاحبة القلب الأصلي صدمتها سيارة في صدرها وأن آخر كلمات نطقت بها أنها تحس بألم الصدمة في صدرها.

مئات ومئات الحالات التي حدثت لها تغيرات عميقة، فقد غرقت طفلة عمرها ثلاث سنوات في المسبح المنزلي، وتبرع أهلها بقلبها ليتم زراعته لطفل عمره تسع سنوات، الغريب أن هذا الطفل أصبح خائفاً جداً من الماء، بل ويقول لوالديه لا ترموني في الماء!!

القلب مسؤول عن العواطف

هناك أمر مثير للاهتمام ألا وهو أن أولئك المرضى الذين استبدلت قلوبهم بقلوب اصطناعية، فقدوا الإحساس والعواطف والقدرة على الحب! ففي 11/8/2007 نشرت جريدة Washington Post  تحقيقاً صحفياً حول رجل اسمه Peter Houghton وقد أُجريت له عملية زرع قلب اصطناعي، يقول هذا المريض: "إن مشاعري تغيرت بالكامل، فلم أعد أعرف كيف أشعر أو أحب، حتى أحفادي لا أحس بهم ولا أعرف كيف أتعامل معهم، بوعندما يقتربون مني لا أحس أنهم جزء من حياتي كما كنت من قبل".

أصبح هذا الرجل غير مبال بأي شيء، لا يهتم بالمال، لا يهتم بالحياة، لا يعرف لماذا يعيش، بل إنه يفكر أحياناً بالانتحار والتخلص من هذا القلب المشؤوم! لم يعد هذا الإنسان قادراً على فهم العالم من حوله، لقد فقَد القدرة على الفهم أو التمييز أو المقارنة، كذلك فقد القدرة على التنبؤ، أو التفكير في المستقبل أو ما نسميه الحدس. حتى إنه فقد الإيمان بالله، ولم يعد يبالي بالآخرة كما كان من قبل!!

حتى هذه اللحظة لم يستطع الأطباء تفسير هذه الظاهرة، لماذا حدث هذا التحول النفسي الكبير، وما علاقة القلب بنفس الإنسان ومشاعره وتفكيره؟ يقول البرفسور Arthur Caplan رئيس قسم الأخلاق الطبية في جامعة بنسلفانيا: "إن العلماء لم يعطوا اهتماماً بهذه الظاهرة، بل إننا لم ندرس علاقة العاطفة والنفس بأعضاء الجسم، بل نتعامل مع الجسم وكأنه مجرد آلة".

القلب الاصطناعي هو عبارة عن جهاز يتم غرسه في صدر المريض يعمل على بطارية يحملها المريض على بشكل دائم ويستبدلها كلما نفدت، هذا الجهاز أشبه بمضخة تضخ الدم وتعمل باستمرار، وإذا وضعت رأسك على صدر هذا المريض فلا تسمع أي دقات بل تسمع صوت محرك كهربائي!

إن أول قلب صناعي تم زرعه في عام 1982 وعاش المريض به 111 يوم، ثم تطور هذا العلم حتى تمكن العلماء في عام 2001 من صنع قلب صناعي يدعى AbioCor وهو قلب متطور وخفيف يبلغ وزنه أقل من كيلو غرام ( 900 غرام) ويتم زرعه مكان القلب المصاب. أما أول قلب صناعي كامل فقد زرع عام 2001 لمريض أشرف على الموت، ولكنه عاش بالقلب الصناعي أربعة أشهر، ثم تدهورت صحته وفقد القدرة على الكلام والفهم، ثم مات بعد ذلك.

وفي أنفسكم أفلا تبصرون - القلب 1191166631heart-image2
زرع القلب الصناعي لمريض، ويقول العلماء إن النتائج التي وصلوا إليها، والخلل الكبير في الإدراك والفهم الذي يعاني منه صاحب القلب الصناعي يؤكد بأن القلب له دور أساسي في الفهم والإدراك، وأن القلب هو أكثر من مضخة، إن قلب الإنسان أكثر تعيداً مما نتصور!

لقد فشل القلب الصناعي كما أكدت إدارة الدواء والغذاء الأمريكية لأن المرضى الذين تمت إجراء عمليات زرع هذا القلب لهم ماتوا بعد عدة أشهر بسبب ذبحة صدرية مفاجئة،

دماغ في القلب

إن التفسير المقبول لهذه الظاهرة أنه يوجد في داخل خلايا قلب الإنسان برامج خاصة للذاكرة يتم فيها تخزين جميع الأحداث التي يمر فيها الإنسان، وتقوم هذه البرامج بإرسال هذه الذاكرة للدماغ ليقوم بمعالجتها.

نلاحظ أن معدل نبضات القلب يتغير تبعاً للحالة النفسية والعاطفية للإنسان، ويؤكد الدكتور J. Andrew Armour أن هناك دماغاً شديد التعقيد موجود داخل القلب، داخل كل خلية من خلايا القلب، ففي القلب أكثر من أربعين ألف خلية عصبية تعمل بدقة فائقة على تنظيم معدل ضربات القلب وإفراز الهرمونات وتخزين المعلومات ثم يتم إرسال المعلومات إلى الدماغ، هذه المعلومات تلعب دوراً مهماً في الفهم والإدراك.

إذن المعلومات تتدفق من القلب إلى ساق الدماغ ثم تدخل إلى الدماغ عبر ممرات خاصة، وتقوم بتوجيه خلايا الدماغ لتتمكن من الفهم والاستيعاب. ولذلك فإن بعض العلماء اليوم يقومون بإنشاء مراكز تهتم بدراسة العلاقة بين القلب والدماغ وعلاقة القلب بالعمليات النفسية والإدراكية، بعدما أدركوا الدور الكبير للقلب في التفكير والإبداع.

ذبذبات من القلب

يقول الدكتور بول برسال Paul Pearsall إن القلب يحس ويشعر ويتذكر ويرسل ذبذبات تمكنه من التفاهم مع القلوب الأخرى، ويساعد على تنظيم مناعة الجسم، ويحتوي على معلومات يرسلها إلى كل أنحاء الجسم مع كل نبضة من نبضاته. ويتساءل بعض الباحثين: هل من الممكن أن تسكن الذاكرة عميقاً في قلوبنا؟

إن القلب بإيقاعه المنتظم يتحكم بإيقاع الجسد كاملاً فهو وسيلة الربط بين كل خلية من خلايا الجسم من خلال عمله كمضخة للدم، حيث تعبر كل خلية دم هذا القلب وتحمل المعلومات منه وتذهب بها إلى بقية خلايا الجسم، إذن القلب لا يغذي الجسد بالدم النقي إنما يغذيه أيضاً بالمعلومات!

ومن الأبحاث الغريبة التي أجريت في معهد "رياضيات القلب" HeartMath أنهم وجدوا أن المجال الكهربائي للقلب قوي جداً ويؤثر على من حولنا من الناس، أي أن الإنسان يمكن أن يتصل مع غيره من خلال قلبه فقط دون أن يتكلم!!!

وفي أنفسكم أفلا تبصرون - القلب 1191166662heart-image3
أجرى معهد رياضيات القلب العديد من التجارب أثبت من خلالها أن القلب يبث ترددات كهرطيسية تؤثر على الدماغ وتوجهه في عمله، وأنه من الممكن أن يؤثر القلب على عملية الإدراك والفهم لدى الإنسان. كما وجدوا أن القلب يبث مجالاً كهربائياً هو الأقوى بين أعضاء الجسم، لذلك فهو من المحتمل أن يسيطر على عمل الجسم بالكامل. المنحني الأسفل يمثل ضربات القلب، والمنحنيات الثلاثة فوقه تمثل رد فعل الدماغ وكيف تتأثر تردداته بحالة القلب.

كما وجدوا أن دقات القلب تؤثر على الموجات التي يبثها الدماغ (موجات ألفا)، فكلما زاد عدد دقات القلب زادت الترددات التي يبثها الدماغ.

القلب والإدراك

في بحث أجراه الباحثان Rollin McCraty و Mike Atkinson وتم عرضه في اللقاء السنوي للمجتمع البافلوفي عام 1999، وقد جاء بنتيجة هذا البحث أن هنالك علاقة بين القلب وعملية الإدراك، وقد أثبت الباحثان هذه العلاقة من خلال قياس النشاط الكهرطيسي للقلب والدماغ أثناء عملية الفهم أي عندما يحاول الإنسان فهم ظاهرة ما، فوجدوا أن عملية الإدراك تتناسب مع أداء القلب، وكلما كان أداء القلب أقل كان الإدراك أقل.

إن النتائج التي قدمها معهد رياضيات القلب مبهرة وتؤكد على أنك عندما تقترب من إنسان آخر أو تلمسه أو تتحدث معه، فإن التغيرات الحاصلة في نظام دقات القلب لديك، تنعكس على نشاطه الدماغي!! أي أن قلبك يؤثر على دماغ من هو أمامك.

وفي أنفسكم أفلا تبصرون - القلب 1191166706heart-image4
في هذه الصورة رجل يعيش بقلب صناعي، إنه يرتبط بشكل دائم بأشرطة من أجل التغذية بالبطارية، إن الذي تجري له عملية تركيب قلب اصطناعي يفقد الإحساس بكثير من الأشياء من حوله وتصبح ردود أفعاله شبه منعدمة، وتحدث تغييرات كبيرة جداً في شخصيته. وهذا يثبت عمل القلب في التفكير وفي ردود الأفعال وفي توجيه الدماغ أيضاً.

السبق القرآني في علم القلب

إن المشاهدات والتجارب التي رأيناها في هذا البحث تثبت لنا عدة نتائج في علم القلب يمكن أن نلخصها في نقاط محددة، وكيف أن القرآن حدثنا عنها بدقة تامة:

1- يتحدث العلماء اليوم جدّياًّ عن دماغ موجود في القلب يتألف من 40000 خلية عصبية، أي أن ما نسميه "العقل" موجود في مركز القلب، وهو الذي يقوم بتوجيه الدماغ لأداء مهامه، ولذلك فإن الله تعالى جعل القلب وسيلة نعقل به، يقول تعالى: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) [الحج: 46]. وهذه الآية حدّدت لنا مكان القلب لكي لا يظن أحد أن القلب موجود في الرأس وهو الدماغ، أو أن هناك قلباً غير القلب الذي ينبض في صدرنا، وهذه أقوال لا تعتمد على برهان علمي.

2- يتحدث العلماء اليوم عن الدور الكبير الذي يلعبه القلب في عملية الفهم والإدراك وفقه الأشياء من حولنا، وهذا ما حدثنا عنه القرآن بقوله تعالى: (لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا) [الأنعام: 179]. أي أن القرآن حدد لنا مركز الإدراك لدى الإنسان وهو القلب، وهو ما يكتشفه العلماء اليوم.

3- معظم الذين يزرعون قلباً صناعياً يشعرون بأن قلبهم الجديد قد تحجَّر ويحسون بقسوة غريبة في صدورهم، وفقدوا الإيمان والمشاعر والحب، وهذا ما أشار إليه القرآن في خطاب اليهود: (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً) [البقرة: 74]. فقد حدّد لنا القرآن صفة من صفات القلب وهي القسوة واللين، ولذلك قال عن الكافرين: (فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) [الزمر: 22]. ثم قال في المقابل عن المؤمنين:(ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) بالزمر: 23].

4- يؤكد العلماء أن كل خلية من خلايا القلب تشكل مستودعاً للمعلومات والأحدث، ولذلك بدأوا يتحدثون عن ذاكرة القلب، ولذلك فإن الله تعالى أكد لنا أن كل شيء موجود في القلب، وأن الله يختبر ما في قلوبنا، يقول تعالى: (وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)[آل عمران: 154].

5- يؤكد بعض الباحثين على أهمية القلب في عملية السمع، بل إن الخلل الكبير في نظام عمل القلب يؤدي إلى فقدان السمع، وهذا ما رأيته بنفسي عندما كان في أحد المشافي رجل لم يكن يصلي وكان يفطر في رمضان ولم يكن يسمع نداء الحق، وقد أصابه احتشاء بسيط في عضلة القلب ثم تطور هذا الخلل حتى فقد سمعه تماماً ثم مات مباشرة بعد ذلك، وكانت آخر كلمة نطقها "إنني لا أسمع شيئاً"، ولذلك ربط القرآن بين القلب وبين السمع فقال:(وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ) [الأعراف: 100].

6- يتحدث الباحثون عن دور القلب في التعلم، وهذا يعتبر من أحدث الأبحاث التي نشرت مؤخراً، ولذلك فإن للقلب دوراً مهماً في العلم والتعلم لأن القلب يؤثر على خلايا الدماغ ويوجهها، ولذلك فإن القرآن قد ربط بين القلب والعلم، قال تعالى: (وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) [التوبة: 93].

7- تؤكد التجارب الجديدة أن مركز الكذب هو في منطقة الناصية في أعلى ومقدمة الدماغ، وأن هذه المنطقة تنشط بشكل كبير أثناء الكذب، أما المعلومات التي يختزنها القلب فهي معلومات حقيقية صادقة، وهكذا فإن الإنسان عندما يكذب بلسانه، فإنه يقول عكس ما يختزنه قلبه من معلومات، ولذلك قال تعالى: (يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ) [الفتح: 11]. فاللسان هنا يتحرك بأمر من الناصية في الدماغ، ولذلك وصف الله هذه الناصية بأنها: (نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ) [العلق: 16].

8- رأينا ذلك الرجل صاحب القلب الصناعي كيف فقد إيمانه بالله بعد عملية الزرع مباشرة، وهذا يعطينا مؤشراً على أن الإيمان يكون بالقلب وليس بالدماغ، وهكذا يؤكد بعض الباحثين على أهمية القلب في الإيمان والعقيدة، ولذلك قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آَمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ) [المائدة: 41].

9- بينت أبحاث القلب الصناعي أن للقلب دوراً أساسياً في الخوف والرعب، وعندما سألوا صاحب القلب الصناعي عن مشاعره قال بأنه فقد القدرة على الخوف، لم يعد يخاف أو يتأثر أو يهتم بشيء من أمور المستقبل. وهذا ما سبق به القرآن عندما أكد على أن القلوب تخاف وتوجل: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) [الأنفال: 2]. وكذلك جعل الله مكان الخوف والرعب هو القلب، فقال:(وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ) [الحشر: 2].

الإعجاز في السنة النبوية

لقد سبق النبي الأعظم عليه الصلاة والسلام علماء الغرب إلى الحديث عن دور القلب وأهميته في صلاح النفس، بل إنه جعل للقلب دوراً مركزياً فإذا صلح هذا القلب فإن جميع أجهزة الجسد ستصلح، وإذا فسد فسوف تفسد جميع أنظمة الجسم، وهذا ما نراه اليوم وبخاصة في عمليات القلب الصناعي، حيث نرى بأن جميع أنظمة الجسم تضطرب، ولذلك قال صل الله عليه وسلم: (ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب) [متفق عليه].

أفضل علاج للقلب

يؤكد جميع العلماء على أن السبب الأول للوفاة هو اضطراب نظم عمل القلب، وأن أفضل طريقة للعلاج هو العمل على استقرار هذه القلوب، وقد ثبُت أن بعض الترددات الصوتية تؤثر في عمل القلب وتساعد على استقراره، وهل هناك أفضل من صوت القرآن؟ ولذلك قال تعالى: (الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد: 28]. وقد وجدتُ بالتجربة أن تلاوة هذه الآية سبع مرات صباحاً ومساءً تؤدي إلى استقرار كبير في عمل القلب، والله أعلم.

وأخيراً نسأل الله تعالى أن يثبت قلوبنا على الإيمان، ونتذكر أكثر دعاء النبي: (يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك)، وندعو بدعاء المؤمنين: (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) [آل عمران: 8].

ــــــــــــــــ

بقلم عبد الدائم الكحيل


المراجع

[ltr]1- Pearsall P, Schwartz GE, Russek LG, Changes in heart transplant recipients that parallel the personalities of their donors, School of Nursing, University of Hawaii, www.springerlink.com, 2000.[/ltr]

[ltr]2- Paul Pearsall, The Hearts Code: Tapping the Wisdom and Power of Our Heart Energy, New York , Broadway Books, 1998.[/ltr]

[ltr]3- Linda Marks, THE POWER OF THE HEART, www.healingheartpower.com, 2003.[/ltr]

[ltr]4- Dorothy Mandel, Spirit and Matter of the Heart, Grace Millenium, Winter 2001.[/ltr]

[ltr]5- Linda Marks, The Power of the Soul-Centered Relationship, HeartPower Press, 2004.[/ltr]

[ltr]6- Paul Pearsall, Gary E. Schwartz, Linda G. Russek, Organ Transplants and Cellular Memories, Nexus Magazine, April - May 2005.[/ltr]

[ltr]7- Schwartz GER, Russek, LGS. The Living Energy Universe. Charlottesville, VA: Hampton Roads Publishing, 1999.[/ltr]

[ltr]8- His Heart Whirs Anew, Washington Post, August 11, 2007.[/ltr]

[ltr]9- Heart, Wikipedia.[/ltr]

[ltr]10- Science of the heart, Institute of HeartMath .[/ltr]

[ltr]11- Rollin McCraty, The Scientific Role of the Heart in Learning and Performance, Institute of HeartMath , 2003.[/ltr]

[ltr]12- Does your heart sense your emotional state? www.msnbc.msn.com, Jan. 26, 2006.[/ltr]

[ltr]13- Annual Meeting of the Pavlovian Society, Tarrytown, NY , 1999[/ltr]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69962
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

وفي أنفسكم أفلا تبصرون - القلب Empty
مُساهمةموضوع: رد: وفي أنفسكم أفلا تبصرون - القلب   وفي أنفسكم أفلا تبصرون - القلب Emptyالسبت 24 مايو 2014, 10:14 am

القلب ... نبض الحياة


ورمز الإيمان بقدرة الله تعالى(1)

 بقلم فضيلة الدكتور محمد السقا عيد

سبحان من خلق فسوى ... فمنذ العصور الأولى لوجود الإنسان على الأرض ارتبطت حياته بعضو صغير لا يزيد حجمه عن قبضة اليد ... وهو " القلب " ... والتي كانت دقاته ترمز دائماً إلى نبض الحياة وإذا توقفت ضربات القلب توقفت معها الحياة .

    نظرة تشريحية :

القلب هو العضو الرئيسي في الدورة الدموية ، يقع في وسط الصدر فوق الحجاب الحاجز بين الرئتين وخلف عظمة القص "Sternum" يقع ثلثاه إلى يسار المنتصف بينما الثلث الباقي إلى يمينه .. وهو كيس عضلي مخروطي الشكل . ويتكون من نصفين أيمن وأيسر يكونان معاً مضختين متلاصقتين تعملان في وقت واحد تكمل إحداهما الأخرى في العمل . 

ويتكون كل نصف من غرفتين : أذين وبطين . وبين الأذين والبطين صمام يسمح بمرور الدم في اتجاه واحد من الأذين إلى البطين .

    القلب بلغة الأرقام :

إذا تحدثنا عن القلب بلغة الأرقام ... فنستطيع القول بأنه  يزن 300 جم تقريباً في حالته الطبيعية ، وقد يصل إلى 600 جم في حالة إصابة الشرايين بالتصلب نتيجة لترسب الدهنيات 

وبالنسبة لقدرات القلب فهو يضخ 5 لترات من الدماء بواقع 70 ضخة أو نبضة في الدقيقة ، ومجموعها يصل إلى 7.200 لتر و 100.000 نبضة في اليوم الواحد .

ويمكن أن نقول أن هذا يساوى 200 مليون لتر دم و (3) مليار نبضة لعمر يصل إلى 75 سنة أو (5) مليار لعمر يصل إلى 100 سنة .

يبلغ طول القلب 12 سم ، وعرضه 8 سم ، وسمكه 9سم . ومما يدعو إلى الإعجاب بعظمة الخالق أن المسار الذي تقطعه الدماء بعد أن يضخها القلب تبلغ رقماً خيالياً كما يؤكده نموذج فريد يحتفظ به في المتحف الملكي في لندن . إذ أن الدم يقطع طريقاً طوله 100.000 كيلو متر من خلال مختلف الأوعية الدموية ... أليس هذا إعجازاً ربانياً ؟ !!!

    نبض الحياة :

في العادة تستغرق دورة العمل في القلب جزءاً يسيراً من الثانية ، ولهذا فإن النبض يتراوح بين 70-80 نبضة في الدقيقة ، ويزيد عن ذلك عند الإجهاد العنيف وعند الإثارة الشديدة . ومن الجدير بالذكر أنه في كل انقباضه قوية فإن القلب يدفع ثلاث أوقيات من الدم في الأورطى . وهذه الكمية تعادل 1.5% من مجموع الدم في الجسم ، وبذلك فإن 60-70 دقة في الدقيقة تكفى لمرور جميع الدم في القلب والأوعية الدموية 60 مرة في الساعة .

ومن الثابت طبياً أن معدل النبض في مرحلة الطفولة أسرع منه في الشيخوخة ، ويظل ثابتاً في مقتبل العمر والشباب طالما لا يوجد هناك إجهاد عضلي أو مؤثر عاطفي ..

ومن الخطأ الاعتقاد السائد بأن النبض الذي يقل أو يزيد عن المعدل المذكور يعتبر أبطأ أو أسرع من الطبيعي ، هذا خطأ وتعليله يرجع إلى أن هناك حقيقة ثابتة في الطب عندنا تبين أن الثابت هو اختلاف القلوب باختلاف الشخص ، فالأخ يختلف عن أخيه في عدد النبضات ، وقلبك مخلوق لك ولاحتياجات جسمك .. وليس مخلوقاً ليضخ لجداول الإحصاء والمعادلات .

فالقلب السليم قد يتخطى نبضه أثناء الراحة التامة 90 نبضة في الدقيقة، والتمارين العنيفة قد تضاعفه ، وكذلك صعود السلالم والمرتفعات وتعليل ذلك أنه كما أن السيارة تتطلب وقوداً أكثر عند السرعة وصعود المرتفعات ... وكذلك الجسم يتطلب مزيداً من الدم ، ويلجأ القلب إلى قواه الاحتياطية فتتضاعف دقاته ليمد العضلات العاملة بكمية كبيرة من الدم ، ولكن عندما ينتهي المجهود العضلي العنيف تظل دقات القلب السريعة لمدة وجيزة لكي تختزن الأعضاء التي استنفذت رصيدها وحلجتها من الطاقة .

ومن الجدير بالذكر في هذا المقام أنه عندما يرتفع النبض إلى (160 نبضة) أو (200 نبضة) أو (250نبضة) في الدقيقة فإن الغرف تنبسط وتنقبض بسرعة ولا تدع مجالاً لامتلائها ، وقد تضعف الدقات نفسها

وعليه فإن الثلاث أوقيات قد تهبط إلى أوقيتين وقد تقل تدريجياً ... وعليه فإن قلباً يدق 200 دقة في الدقيقة قد يدفع كمية من الدم أقل من القلب الذي يدق 70 مرة في الدقيقة .

   لا يجرؤ على الراحة :

في اليوم الثامن عشر من الحمل يبدأ قلب جنين الإنسان في الخفقان ، ولا يتوقف إلا عندما يموت الإنسان . والجنين في هذا العمر عبارة عن كتلة من الخلايا الصغيرة ، وربما يكون القلب هو العضو الوحيد الذي لا يفلت من العمل المتواصل والاجتهاد بوتيرة واحدة حتى عند أكسل الكسالى.

من هنا يخطر بباله أن هذا الجسم المتناهي الصغر مثل جنين الإنسان الذي عمره ثلاثة أسابيع والذي لا يوجد له دم حقيقي له قلب ينبض بمعدل انقباضه واحدة كل ثانية .

وعندما يولد الطفل يكون عدد ضربات القلب قد زاد إلى (140) نبضة في الدقيقة . ومن قدرة الله أن هذه هي الذروة حيث يبطؤ النبض تدريجياً بتقدم الطفل في العمر .

ويصبح متوسط سرعة ضربات الإنسان البالغ (76) انقباضه في الدقيقة أثناء الراحة تزداد إلى أكثر من الضعف عند قيام الإنسان بعمل شاق متواصل .

وكلما صغر حجم الحيوان كلما كانت نبضات قلبه أسرع . فالحوت الذي وزن جسمه (150) طن يعمل قلبه (7) سبعة نبضات في الدقيقة فقط. والفيل الذي وزنه (3) طن ينبض قلبه (46) مرة في الدقيقة .أما القط الذي وزنه 1.5 كجم فقلبه يعمل (240) انقباضه . بينما نجد أن العصفور الطنان الذى لا يتعدى وزنه (Cool جرام سرعة نبضات قلبه (1200) دقة في الدقيقة.

ما السبب في أن القلب يستطيع أن يعمل بهذه السرعة ؟ إنه

إعجاز رباني !!

  مفهوم خاطئ يحتاج إلى تصحيح :

يعتقد معظم الناس أن عضلات القلب تعمل ليلاً ونهاراً بدون راحة ، وهذه فكرة ليس صائبة تماماً . فعضلة القلب تستريح أيضاً وبصفة مستمرة، ولكن لفترات قصيرة جداً . فانقباضة القلب تستمر لحوالي (0.49) من الثانية فقط ، وعندما يكون الإنسان في حالة سكون فإن قلبه يستريح بعد كل إنقباضة لمدة (0.31) من الثانية .

•     وتبدأ دورة القلب بانقباض الأذينين حيث يكون البطينان أثنائها في حالة راحة ، ثم ينبسط الأذينان وينقبض البطينان ، ويستغرق الأذينان حوالي (0.11 - 0.14) من الثانية في الانقباض ، وبعد كل انقباضة تستمر راحتها لمدة (0.66) من الثانية ، ومعنى ذلك

أن الأذنين يعملان في اليوم من (3.5 - 4) ساعات ويستريحان (20) ساعة .

•     أما البطينان فيستمر انقباضها لفترة أطول حوالي (0.27 - 0.35) من الثانية ويستريحان لمدة (0.45 - 0.53) من الثانية . وعلى ذلك نجد أن البطينين يعملان في اليوم (8.5 - 10.5) ساعة ، ويستريحان (13.5 – 15.5) ساعة .

•     وقلب الطيور الصغيرة يجد هو الآخر وقتاً للراحة ،وهو ينقبض على فترات متتالية بمعدل أسرع إلا أنه يستريح بكثرة . فالعصافير التي سرعة ضربات قلبها (1000) نبضة في الدقيقة يبلغ طول مدة الإنقباضة الواحدة للأذينين (0.14) من الثانية يستريح بعدها مدة (0.46) من الثانية . أما البطينان فيستغرق انقباضهما (0.24) وتستمر راحتهما (0.36) من الثانية وبهذه الطريقة يعمل الأذينان (5 ساعات و 40 دقيقة) فقط ويستريحان (18 ساعة ، 20 دقيقة) أما عمل البطينين فيستغرق (9ساعات و 36 دقيقة) ، والراحة تمتد (14 ساعة، 24 دقيقة) وبذلك نجد أن قلب العصفور يجد هو الآخر وقتاً للراحة تماماً كما يفعل قلب الإنسان .

•     إنها ديناميكية يحار فيها العقل ويسبح فيها الوجدان ... فسبحان الله الخالق جل شأنه حيث ينقبض القلب مدى الحياة الإنقباضة تلو الأخرى نهاراً وليلاً في الحر وفى البرد وينقبض في الكتلة الصغيرة من خلايا جنين الكتكوت الذي عمره 29 ساعة شئ ما ويدفع السائل إلى مكان ما.

ما الذي يرغم القلب على الانقباض ؟ من أمر قلب جنين الدجاجة بأن يبدأ العمل ؟؟

أظن أن الإجابة على هذه الأسئلة واضحة ولا تحتاج إلى توضيح .

-     لقد وجد العالم الروسي (تسيون . ى . ف) بالحساب أنه في خلال حياة الإنسان ينجح قلبنا في - إنجاز عمل يساوى قوة تكفى لرفع قطار سكة حديد كامل مكون من مجموعة من العربات إلى أعلى قمة في أوربا . أي لارتفاع 4810 متر  .

إنها قدرة ... إنه إعجاز إلهي فالقلب يضبط عمله تلقائياً دون أن يكون لإرادة الشخص دخل بذلك أو شعور بما يجرى ، فالمهيمن الوحيد على هذه العملية هو بنيان القلب (بعد قدرة الله تعالى) .

   بنيان القلـــب

يتكون القلب من ملايين الخلايا التي تتفرع وتتصل فروعها بحيث تكون نسيجاً شبكياً . ولما كانت هذه الخلايا تلتف حول تجاويف الأذينين والبطينين بطريقة دائرية . فإن انقباضهما ينقص حجم هذه التجاويف فتعمل مع الصمامات على دفع الدم في الاتجاه الصحيح .

ولهذا فإن دقات القلب ، وخلجات التنفس هما الوظيفتان الوحيدتان في الجسم اللتان لا يمكن أن يتوقفا لفترة طويلة دون أن تتوقف الحياة نفسها .

  غــذاء القلــب :

إن القلب يعمل طوال الوقت ، وينقبض في المتوسط سبعين مرة في الدقيقة من (70-80) نبضة على نحو ما أوردنا . وكذلك يضخ (5) لترات من الدم في الدقيقة الواحدة عندما يكون المرء ساكناً تصل وقت المجهود إلى أضعاف ذلك ، فلا غرو أن يحصل القلب على قدر كبير من الدم لتغذيته يبلغ نحو 200 سم3 في الدقيقة يتضاعف عدة مرات عند المجهود . وهذا الدم يسير في الدورة التاجية [2] . ويحمل إلى القلب الأكسجين والمواد الغذائية التي تتكون أساساً من السكريات والمواد الذهنية التي يستخدمها لتوليد الطاقة .

   دور القلب في عملية ضبط الضغط :

إن القلب هو العنصر الرئيسي الثاني بعد الكلى في عملية ضبط ضغط الدم والتسبب في ارتفاعه وكذلك التأثر به . والمتفحص للمعادلة التالية سيجد ويعي تماماً دور القلب في عملية ضبط ضغط الدم .

ضغط الدم = كمية الدم المتدفقة في القلب في كل نبضة × المقاومة الطرفية

على هذا الأساس فإن تأثير القلب كبير في عملية التحكم في ضغط الدم .

فهو العضو المسئول عن توليد هذا الضغط حتى يضمن وصول الدم إلى كل الأعضاء وكل الأنسجة .

   قلوب مضطربة :

إن الملايين من الناس يتملكهم فزع - لا مبرر له إطلاقاً  - بسبب لغط أو خفقان أو إسراع أو إبطاء في ضربات القلب . وبرغم أنها جميعاً تحدث لقلوب سليمة لا علة فيها إطلاقاً وأن مرات حدوثها في هذه القلوب قد يزيد من حدوثها في القلوب المريضة حقاً .

    ولما كانت  ضربات القلب هي المظهر المباشر الوحيد - الذي يستطيع أن يلمسه صاحب هذا القلب - الدال على مدى انتظام عمله فإنه منطقي جداً أن أي شئ غير عادى يتصل بهذه الضربات قد يسبب فزعاً ، وخلاصة ما نعرفه أن هذه الضربات السابقة للأوان لا تدل إطلاقاً على علة بالقلب ولا تؤدى إلى أي مرض مهما تعددت مرات حدوثها ، ولكنها قد تكون وليدة لأسباب عديدة مختلفة أكثر شيوعاً ، أي عدوى أو تعب نفسي أو عاطفي ، أو أكله ثقيلة أو الإسراف في شرب القهوة أو التدخين أو الخمر .. هذه هي معظم الأسباب التي تؤدى إلى هذا الخلل .

    ومن الأمثلة لتقريب ذلك أن أحد رجال الأعمال اشتكى من عدم انتظام ضربات قلبه ، وبفحصه وجد لديه ضربات عديدة سابقة لأوانها ، وظل السبب مجهولاً حتى اكتشف خراج بجذر أحد الضروس .فخلع الضرس ، ومن ذلك الحين زايله اضطراب ضربات القلب .

وكذلك قد تجد قلب الأم " يفوت " عندما يكون أحد أبنائها مريضاً ، وتضطر للسهر عليه .. وفى حالة عدم معرفة السبب في هذا المجال فينصح باستشارة الطبيب المختص في هذا الشأن حتى يزول الشك ويطمئن المريض .

 

   كلمة أخيرة :

تذكر أيها القارئ الفاضل أن قلبك أن المسكين عليه أن يتحمل نتيجة الإفراط في استخدام أي عضو من أعضاء الجسم . إذ هو - وهو فقط - المسئول عن توصيل الغذاء والأكسجين إلى كل عضو في كل حالات الراحة والعمل الشاق ، وعليه أن يوفر لكل جهاز من أجهزة الجسم ما يكفيه سواء اعتدل أو فرط ... فإذا أفرطت المعدة في تناول الطعام كان على القلب أن يكفل لها ما يكفى من الدم لتهضم هذا الطعام ، وإذا أفرط العقل في الانفعال والتفكير كان على القلب أيضاً أن يغذيه ، وإذا أفرطت العضلات في الحركة وتحمل الإجهاد سارع القلب في ضرباته وزاد من ضخه للدم ليكفل لها الاستمرار في الانقباض والحركة .

قلبك إذن هو الضحية للتطرف في أي مجال من مجالات الحياة سواء كان فكرياً أو عاطفياً أو عقلياً أو جنسياً ... بمعنى أنه هو رب الأسرة الذي يعمل باستمرار ليلبى حاجات الجميع .

-      أنظر كيف تستريح المعدة والأمعاء بين الوجبات من العمل في هضم الطعام ... ؟ وانظر كيف ينام العقل ما يقرب من ثماني ساعات أي ثلث اليوم … ؟ وانظر كيف تسترخي العضلات بين فترات الراحة عندما تجلس أو تستلقي … ؟ ثم أنظر للقلب ... هل يسمح له بالراحة ولو لدقيقة واحدة في العمر كله ؟

وجه الإعجاز :

لقد تبين لنا أن القلب هو مضخة الدم التي تمد كل خلايا الجسم بالغذاء والطاقة وإن أي تقصير في عمل القلب سوف ينعكس سلباً على أعضاء الجسم قاطبة لذلك قال النبي صل الله عليه وسلم في حديث معجز قبل 1400سنة :

-      وعن النعمان بن بشير رَضِيَ اللَّهُ عَنهُما قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يقول: < إن الحلال بين، وإن الحرام بين وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس. فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه؛ ألا وإن لكل ملك حمىً، ألا وإن حمى اللَّه محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله؛ ألا وهي القلب> مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

-      معاني الكلمات :

-      ورد في معجم مختار الصحاح : المُضْغَةُ قِطعة لحم وقلب الإنسان مُضغة من جسده.

-      وورد في القاموس المحيط : المُضْغَةُ، بالضمِ: قِطْعَةُ لَحْمٍ وغيرِه،

هذا هو القلب … رمز الحياة والإيمان بقدرة الله تعالى ...

رمز الحب والسعادة

وصدق الله العظيم إذ يقول :

{ وفى أنفسكم أفلا تبصرون } الذاريات (21)

________________________________________

 [1] أنظر مقالنا بمجلة " منار الإسلام " الظبيانية العدد السابع - السنة الرابعة عشرة . 
http://quran-m.com/firas/farisi/print_details.php?page=show_det&id=533
 [2] تتكون الدورة التاجية من شريانين كبيرين ينبعان من بداية الشريان الأورطى ، ثم يتفرعان إلى أفرع كثيرة   … يتفرع بدورها إلى شرايين أصغر تنتشر بين خلايا القلب، وتنتهي إلى شعيرات ، ثم تتجمع في أوردة صغيرة تتحد وتنتهي إلى الوريد التاجي الذي يصب في الأذين الأيمن ... د/ محمد السقا عيد .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
وفي أنفسكم أفلا تبصرون - القلب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» وفي أنفسكم أفلا تبصرون الدماغ
» وفي أنفسكم أفلا تبصرون - اليـــد 
» وفي أنفسكم أفلا تبصرون -الأسنان -
» وفي أنفسكم أفلا تبصرون - البصمة
» وفي أنفسكم أفلا تبصرون - حفظ الله للإنسان

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث دينيه-
انتقل الى: