ي السعودية بتحريم التظاهر نصرة لمأساة الشعب الفلسطيني في غزة، وهي ما أثارت معارضة شديدة لدي العلماء والشعوب علي حد سواء؛ حيث رأوا فيها "فتوى مسيسة" أدت إلي انفجار "تيار العلماء غير الرسميين" من خلال هذا البيان شديد اللهجة.
وجاء في البيان: إن العالم يتابع ما تقوم به دولة اليهود بتواطؤٍ وتمالؤٍ من دول الكفر وعملائهم في المنطقة، من حرب شرسة على من وصفتهم الرسالة بـ"المظلومين المستضعفين في قطاع غزة".
وثمن البيان ما يقوم به أهل غزة قائلا: "إلى أهلنا الصامدين في غزة، الذين نكبر فيهم ثباتهم وشموخهم وقوتهم وتضحياتهم الكبيرة شيوخاً ونساءً وأطفالاً، ونوصيهم بأن يتسلحوا بالصبر والتقوى وعبادة الله ونوصيكم بأن تكونوا ردءاً ونصيراً ﻷبطال المقاومة، وتقطعون الطريق على المفسدين الذين يريدون أن يفرقوا صفكم ويفسدوا عليكم اجتماعكم.
وتوجه البيان إلى حركة حماس بالقول إن المعركة التي وصفها بـ"الملحمة" هي "معركة فاصلة في تاريخ الصراع" مع إسرائيل، وأوصاها بـ"الثبات على الأمر، وعدم الاستسلام للضغوط المتتابعة من داخل الصف وخارجه"
وحض البيان المقاتلين في غزة على التنبه إلى ما وصفوه بـ"مكر العدو الصفوي الإيراني وصنائعه كحزب اللات" في إشارة إلى حزب الله الذي قال البيان إنه "قد يستغل تخاذل حكومات العرب عن نصرة إخوانهم ليكسب ببعض المواقف تعاطف المغفلين من بعض أبناء أمتنا، وهو العدو الذي كشر عن أنيابه في سوريا والعراق، فكيف نثق به بعد كل ذلك؟!".
وختم العلماء رسالتهم بانتقاد من وصفوهم بـ"المتصهينين العرب، الذين يشمتون بالمقاومة ويشوهون صورتها" معتبرين أن المواجهات في غزة "كشفت عن الوجه القبيح لهؤلاء المنافقين من الساسة والمثقفين واﻹعلاميين" ورأوا في ذلك "خيانة للأمة، وسقوط في مستنقع التبعية والولاء للأعداء المحاربين".
تنوع أصحاب البيان
من خلال القراءة السريعة في أسماء الموقعين على البيان ومناصبهم نجد أنهم أكثر من 80 عالما، غالبيتهم من العلماء الأكاديميين والعاملين في حقل الإعلام الإسلامي والتعليم والقضاء، ولعل أبرزهم: الشيخ العلامة عبدالرحمن بن ناصر البراك الأستاذ بجامعة الإمام سابقاً، والشيخ الدكتور عبدالعزيز عبدالله الراجحي الأستاذ المشارك في جامعة الامام، ود.عبدالله بن حمود التويجري رئيس قسم السنة وعلومها بكلية أصول الدين بجامعة الإمام سابقاً، ود.محمد بن ناصر السحيباني أستاذ متقاعد بالجامعة الإسلامية، وأ.د.ناصر بن سليمان العمر المشرف العام على موقع المسلم، ود. أحمد بن سعد بن غرم الغامدي رئيس قسم الدراسات القرآنية والإسلامية في جامعة الباحة سابقاً، والدكتور سليمان بن حمد العودة الأستاذ بجامعة القصيم، والدكتور ناصر بن يحيى الحنيني الأستاذ المساعد بجامعة الإمام والمشرف العام على مركز الفكر المعاصر، والدكتور أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي، أستاذ العقيدة بقسم الدراسات العليا بجامعة أم القرى، والدكتور محمد بن عبدالله الهبدان، المشرف على شبكة نور الإسلام والدكتور محمد بن عبدالله الدويش، المشرف على موقع المربي، وعلي بن إبراهيم المحيش، رئيس كتابة عدل الأحساء متقاعد والدكتور وليد بن عثمان الرشودي رئيس قسم الدراسات الإسلامية بكلية المعلمين.
ردا علي الفتاوي المتخاذلة
تعليقا علي البيان قال الدكتور يحيى إسماعيل، الأمين السابق لجبهة علماء الأزهر، لـ"مصر العربية" أن البيان الأخير جاء ردا علي ما وصفه بفتاوى التخذيل التي صدرت عن المشايخ الرسميين في السعودية، الذين حرموا حتى التظاهر السلمي لمناصرة الفلسطينيين، مع أن المظاهرات لنصرة أهل غزة هي وسيلة حضارية دولية تعبر عن صحوة الأمة وتضامنها مع بعضها.
وأوضح الدكتور يحيى إسماعيل، أن الأنظمة لم تترك أمام الشعوب إعلاماً حراً للتعبير عن رأيها ونبضها فلم يبق أمام الشعوب المكبوتة سوى التظاهر كتعبير صريح ومشهود على رفض العدوان مع أن المظاهرات تعد ورقة قوية بأيدي الأنظمة التي تخشى الضغوط؛ فتستطيع الدولة الدفع بورقة ضغط الشارع لتواجه بها ضغوط الضاغطين، بل إن المظاهرات السلمية تحيي في الناس الشعور بأن هناك ظلما وقع على إخوة لنا وتستنهض فيهم روح العزيمة والإصرار على رفع الظلم والعدوان.
ولفت إسماعيل الي أن توقيت البيان يمكن أن يعتبره البعض ردا علي الفتوى المثيرة للجدل التي تناقلتها وسائل الإعلام منسوبة الي الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، مفتي السعودية، والتي وصفها بعض علماء السعودية بأنها جاءت خدمة لأهل الحكم وأنها نوع من التوظيف السياسي للدين نابع من موقف سياسي متقلب.
أشتعل موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك منذ بدء قصف طائرات الاحتلال الإسرائيلي، في الأول من يوليو 2014، وتفاعل كثيرون مع البيان وأشادوا بالجرأة التي تميز بها؛ في حين يري آخرون أنه مجرد حبر علي ورق، ولا يكفي وليس علي مستوي المأساة التي لم تعد تحتمل الكلام فقط.
تنوعت التعليقات ما بين معجب مثل مطلا النجعي – من تبوك: "ليس غريبا على علماء بلاد الحرمين هذه الوقفة فهم مشاعل الأمة حفظهم الله".
وقال أحمد لطفي "تأخرت هذه الفتوى كثيرا عن مصاب إخواننا في غزة ولم تذكر باب الجهاد بالمال وطريقا إليه، نحن غثاء كغثاء السّيل".
واستنكر بعض أعضاء مواقع التواصل عدم قيام الدعاة بالتفاعل مع ما يحدث في غزة وإصدار فتاوى تدعو إلى الجهاد هناك مثلما فعلوا في مواقف مماثلة ببلدان أخرى كسوريا والعراق وطالبوهم بتحديد موقفهم مما يحدث في القطاع.
فقال ذو الفقار أغا: "البيان وحده لا يكفي لأن فلسطين تذبح وغزة تحت قصف الصهاينة.. أين العرب؟! أين المجاهدون؟! أين العريفي والعرعور؟! أين هم؟! ومتى تصدر فتواهم لصد الصهاينة؟!".
في حين يري أحمد الجنيدي أن "البيان عظيم وقوي ومعبر عما يجيش في صدور الشعوب، وتتبقي مسئولية الحكام في الإحساس بالمسئولية الكبيرة التي ألقاها الله علي عاتقهم وسيحاسبهم عليها".
وتناول البعض الوضع في فلسطين عامة فكتب عبد العزيز محمد: "اليهود ليسوا محتلين فقط، بل هم لصوص سرقوا فلسطين وهم من المفسدين في الأرض، مقاومتهم مباحة في المكان والزمان".
وعبر أبيات من الشعر، قال فوز المجد: "لن نخضع.. سنموت ولكن لن نركع.. لن يسقط من أيدينا علم الأحرار المرفع.. غزة تحت القصف".
وتساءل منيف التمياط: "أين الجيوش العربية؟! أم أنها صُنعت لقتل شعوبها؟! أين علماء المسلمين؟! أم أنهم علماء للسلاطين؟! أين المسلمون؟! أم أنهم مسلمون بلا إسلام؟!".
علق أبو عبد الرحمن - من السّويد، "جزاكم الله خيراً يا علماء الأعزاء أنا أقول لكم هذا دوركم هذا دوركم هذا دوركم .وأين دور حكامنا المنافقون والعملاء للكفرة والله بالله تالله هذا مسئولتكم يا حكام الإسلام والدول العربية،صمت حكام الدول العربية و الإسلامية،هذا عارٌ وعيبٌ عليكم".
وعلق أبو دجانة السلفي – البيضاء، "زئير علماء أهل السنة والجماعة أمر معهود وألفناه في مختلف العصور والأزمان".
وطالب أبو سليمان المقيم في لندن، العلماء الشعوب بالانتصار لأشقائهم في غزة، والدعاء لهم، مشيراً إلى أن "من حقهم علينا نصرهم والاجتهاد في رفع الظلم عنهم بما يمكن من الأسباب، ومن أعظم ذلك التوجه إلى الله تعالى بالدعاء، ومن نصرهم مساعدتهم مادياً ومعنوياً كل بحسبه" وماذا عن مساعدتهم فعليا وهو الجهاد في سبيل الله. أو ليس هذا أعظم المساعدة؟؟؟ اللهم أغثهم وأيدهم بنصرك يا عزيز يا جبار.
وقالت أمة الله – الإمارات: "اللهم انصر إخواننا في غزة وانصر إخواننا في حماس اللهم ثبت أقدام إخواننا وأيدهم بجنودك ونصرك يارب العالمين اللهم وحد إخواننا المسلمين في جميع بقاع الأرض"