زواج العوض.. ملجأ اجتماعي يحافظ على كيان الاسر

الدستور - إسراء خليفات
تفرض العلاقات الاجتماعية نوعا من الزيجات، مثل «زواج العوض» والذي ينتشر بين العائلات، وعدد من الدول العربية، وفيه تتزوج الفتاة من أرمل شقيقتها المتوفاة، أو يتزوج الشقيق من أرملة أخيه، وعادة ما يتم هذا الزواج من باب الشهامة، والمحافظة على الأسرة والأطفال من التشتت والضياع.
التضحية بالمشاعر
فبعد مرور خمس سنوات على زواجها توفي زوجها في حادث حيث كان رحيله فاجعة أليمة لم تفارقها خصوصا وأن الزواج جاء بعد قصة حب طويلة.
تقول دموع يوسف: «بعد وفاة زوجي بأسبوعين كانت المفاجأة حين طلبني أهله للزواج من أخيه، فصدمت ورفضت بشدة، وقلت لهم إن مشاعر الإنسان ليست لعبة، فكيف لي أن أعيش مع أخ زوجي وأنا ما زلت حتى الآن أحب زوجي المتوفى.
وتضيف دموع أن أهل زوجها الراحل بقوا يلحون في الطلب وفي النهاية أبلغوها أن أبناء ابنهم لن يعيشوا مع رجل غريب، ولذلك عليها أن تختار إما الزواج من أخيه وإما التنازل لهم عن الأبناء الأمر الذي جعلها بحيرة هل تضحي بمشاعرها ونفسها اما تضحي بأبنائها فلذه كبدها حيث لم تجد في النهاية وبعد صراع طويل أن تسلم بالأمر الواقع فقبلت بالزواج فكان ذلك أصعب قرار تلجأ إليه، وقد تألمت لذلك كثيرا وحزنت كثيرا، ويزداد حزنها أكثر لأنها تعلم أن هذا الزوج حزين مثلها أيضا لأنه يحب امرأة أخرى.
مصير ثلاثة اطفال
تروي مجد طايل قصتها قائلة: «توفيت شقيقتي الكبرى، وتركت ثلاثة أطفال، أصغرهم طفلة لم تتجاوز عامها الرابع، وفي اليوم الثالث لوفاتها ترجل أخي الأكبر أمام جميع المعزين وقال لزوج أختي «أبشر بالعوض وليس هناك أفضل من خالة الأطفال لتربيتهم بعد وفاة أختها» .
مضيفة «بطبيعة الحال فزوج أختي المتوفاة تسيطر عليه مشاعر الحزن والأسى لفراق زوجته والتفكير في مصير أطفاله بعدها، وما إن تقدم أخي بذلك العرض حتى قوبل بالاستجابة من قبل زوج أختي المتوفاة وزوجي حاليا.
وبكلمات خالطتها العبرات، تقول ان العرض وقع عليها كالفاجعة حيث فاجأها أخيها بعد ثلاثة أسابيع من وفاة أختها بهذا القرار وهو الوصي عليها بحكم وفاة والدها، ومن هول الصدمة أحسست بعقدة في لسانها ولم تتمكن من الرفض أو القبول واكتفيت بالصمت الذي سيطر على مشاعرها قبل حواسها، واعتبر اخيها هذا الصمت نوعا الموافقة.
كانت كأخت له
ويوضح عبدالله ابراهيم ما حدث معه، فقبل ست سنوات اضطر الى الزواج من زوجة شقيقه والتي لم يعتبرها بيوم قبل ذلك الا انها كبقية اخوته، الا انه جاء اليوم الذي تصبح فيه زوجته من بعد ما توفى اخيه في عمله خارج البلاد وكان عنده طفلان لم يبلغا الخمس سنوات .
يقول: «إن زوجة اخيه لم تكن راضية عن هذا العرض في بداية الأمر، خوفا من أن تتسبب تضحيتي بإشكاليات نفسية، وأيضا لأنها تكبرني سنا، ولكن مع مرور الأيام استطعت كسر حاجز المخاوف، ورزقت منها بولد الذي ملأ علي الحياة نورا، إلى جانب أبنائي الآخرين وهم أبناء شقيقي يرحمه الله.
على الطرف المقابل
أما انس عيسى فله رأي آخر يبين انه عندما توفي شقيقه قرر أن يتزوج من زوجة اخيه من أجل تربية أبنائه والسبب الذى دفعه للزواج من زوجة أخيه أن والدته قبل سنوات توفيت وتزوج أبيه من امرأة أخرى أساءت معاملته هو وإخواته معبرا انه ذاق كل أصناف العذاب لذلك قرر الزواج منها حفاظا على أبناء شقيقه من زوج أب غريب يسيء معاملتهم وأدرك بأن ابناء شقيقه سوف يكونون بأمان معه فالعم أحن على الأطفال من غيره.
وتبرر رماح خلف موافقتها على مثل هذا الزواج برغبتها في تربية أبناء شقيقتها، قائلة :» عندما توفيت أختي فضلت الزواج بزوجها حتى أقوم بتربية أطفالها، وأنا من بادر بهذا الاقتراح، ونال استحسان الجميع بمن فيهم والدتي التي انهمرت عيناها بالدمع، لأنها أدركت بأن أحفادها سيكونون في مأمن عند خالتهم، فالخالة أحن على الأطفال من غيرها. وتضيف:» إن حياتها مع زوجها طبيعية، وأنها أنجبت منه وأنها لا تبخل بحنانها وعطفها على أبناء شقيقتها، ولذلك فهي راضية ومطمئنة.
أما فوزية جميل فتؤكد ان زواج العوض هو افضل زواج حيث يحافظ على تماسك العائلة ومن ناحية اخرى ايضا يكون الشاب او الفتاة على معرفة جيدة بالطرف الاخر وعن طريقه عيشه كما انه ايضا من وجهة نظرها تقول :» ما دام وجد اطفال عند المرأة او الرجل هنا تصبح التضحية لازمة من لكل منهما ولا بد من جعل الاطفال بالدرجة الاولى في التفكير قبل التفكير بالنفس معبرة انها لا تعترض على ذلك الزواج .
بعد اجتماعي
ويؤكد الأخصائي النفسي محمد الدباس ان هناك بعدا اجتماعيا في هذه الزيجات، ولكنها تشترط موافقة الطرفين، قائلا «رغم تفهم البعد التكافلي في الموضوع، فإن مثل تلك الزيجات تربك العقل البشري، وتضع المرأة تحت ضغوطات نفسية لاحصر لها، وقد تحد من الاستقرار النفسي أو العاطفي لكلا الزوجين، وتؤدي إلى عدم الانسجام فيما بينهما سواء على الصعيد النفسي أو العاطفي، وهنا قد يقع نوع من الطلاق الخطير بين الزوجين، وهو الطلاق العاطفي الذي قد يفرز حالات نفسية خطيرة، أهمها الاكتئاب

.

» «التصنّع» .. مرض اجتماعي يؤذي الجميع
» كيان يدخل مرحلة التدهور.. ما هي معالم ذلك؟
» من هو سمير القنطار الذي اغتاله كيان العدو؟
» غطاء "مجاري" بـحيفا أقدم من كيان "إسرائيل"
» منسف بلدي – منافق اجتماعي