«فتافيت السكر»
شهدت الأيام الماضية نزول الخير والمطر فارتوت الحناجر بالدعاء إلى المولى جلت قدرته وبالحمد على النعم، وخلال مجلس عائلي شكا العديد من أولياء الأمور من الأولاد والبنات و«دلعهم» وعدم التمتع بالمشي تحت المطر خوفا من البلل وكأنهم «فتافيت سكر» يمكن أن تذوب مع المطر.
عتب ولوم ومعاناة من الأبناء والبنات لعدم شعور نسبة كبيرة منهم بالأب والأم على وجه الخصوص وعدم محاولاتهم التخفيف من عبء المسؤولية وضغوطات الحياة ؛ مطلوب من الأب والأم تحقيق مطالب الأبناء والبنات على وجه السرعة وتلبية ما يحتاجونه من متطلبات على الرغم من محدودية الدخل وقلة الموارد المالية المتاحة ، على الأب والأم توفير موبايل حديث وربط البيت بخدمة الانترنت ومتابعة جميع الأمور والمستلزمات من الغذاء والدواء والملابس والخضار وحاجات البيت وتفاصيل كثيرة لا يقوم بها وللأسف جيل هذه الأيام ، يجلس براحة في البيت ويتهرب من المسؤولية بحجج كثيرة ومبررات غير مقنعة.
مع العتب نواجه الخطأ في تربية الأجيال ومواجهة السلبيات التي تظهر في كل بيت من خلال التأخر لساعة متأخرة من الليل دون إبلاغ الأهل عن مكان التواجد ومع من على الرغم من توافر أحدث الأجهزة معهم وإدمانهم توجيه الرسائل لمن يرغبون إلا الأهل !
لا بد من الاعتراف بان تربيتنا لهم هي هشة «كفتافيت السكر تماما تذوب مع أي مشكلة حياتية ومواقف وظروف صعبة نتيجة توفير ما يلزم لهم دون عناء يذكر أو تعب يرسخ في البال وحافز للتغلب على تحديات كثيرة ؛ نوفر للطالب كل ما يلزم للنجاح ومع ذلك يخفق أكثر من مرة ، ونسهر على رعايتهم ليل نهار وسرعان ما يبكون عند مواقف لا تحتاج سوى للصمود والصبر والمواجهة.
نتائج كثيرة يجب أن نقف عندها لإخفاقنا في تربية الأجيال ؛ تدني مستوى التحصيل ، العنف ، الكسل وعدم المبالاة وتحمل المسؤولية ، وعدم احترام القيم وأمثلة عديدة تواجهنا عند كل محطة من محطات الحياة والعمل وتفرض علينا تحديات جمة نستغرب كيف يمكن للأجيال القادمة التصدي لها والتعامل معها باقتدار.
نخاف على أجيالنا وندللهم كثيرا دون مبرر ولا ندربهم على مواجهة الحياة من خلال تهيئتهم للتعامل مع كل الظروف ومعايشتها معنا أو دون أن نكون بجانبهم في تفاصيل التفاصيل ونقرر عنهم عما يريدون و يحبون ويكرهون.
نخاف على «فتافيت السكر » أن تذوب مع قطرات التعب والجهد ولكن علينا توجيه الاهتمام إلى ابعد من ذلك والى الحرص على تأهيل الأجيال القادمة لمواجهة التحديات بعيدا عن إدمان الاستهلاك والتعود على الرفاهية والدلال والمغالاة في «الدلع « وطلب المزيد من الأهل ومن حساب أعصابهم ودخلهم ووقتهم وجهدهم واستراحتهم...علينا البداية بأسلوب جديد معهم والحوار أكثر معهم واخذ قسط للتفكير في إشراكهم في تحمل المسؤولية والعمل معا من اجل الراحة من عناء مطاردة الوقت والأيام.