احمد الزرقان - مسيرة النفاق والتزلّف والتبعية

النفاق مسيرة عملية وسلوك وأخلاق سيئة تتجلى بأن صاحبها ذو وجهين يُبطن مالا يُظهر، وهذا المرض العضال يتسم به الضعفاء أمام الأقوياء والجبناء أمام الأشداء، والمتساقطون أمام الثابتين، وهذه الخلّة البئيسة الساقطة ليست حكراً على الرعية أمام الحكام بل يتسم بها زعماء ورؤساء وقادة أمام نظرائهم الذين يفوقونهم بالقوة والمال والجاه.

المسيرة التي دعا لها الرئيس الفرنسي زعماء العالم على إثر الأحداث التي حصلت في الصحيفة الفرنسية (شارلي ايبدو) التي أساءت لرسول الله محمد صل الله عليه وسلم، وكانت المسيرة تحت عنوان الحرب على الإرهاب، وحضرها زعماء وممثلوا خمسين دولة وغاب عنها زعماء وممثلوا دول كثيرة وعلى رأسهم الولايات الأمريكية، وبريطانيا، وكثير من دول أوروبا وأمريكا وآسيا وأفريقيا، وحضر عناوين الإرهاب وأسُّه ومناطه مثل زعيم الإجرام والإرهاب (النتن ياهو) مما صبغ هذه المسيرة بالنتن والقرف والدماء وشوّه صورة كل من رافقه فيها مع العلم أن دول الغرب، هي دول الإرهاب على مدى التاريخ البشري.

الحرب على الإرهاب حربٌ افتعلها زعماء غربيون وتبعهم زعماء عرب، ولكن القصد الحقيقي منها هو الحرب على الإسلام، وتشويه صورته، خاصة وأن الإسلام أصبح الدين رقم واحد اعتناقاً وانتشاراً، وبشكل كبير في دول أوروبا وأمريكا، وأخذت أصوات اليمين المتصهين، والمتعصبين الحاقدين من اليهود والنصارى تدعو لوقف هذا التقدم والانتشار بإعلان أن الإسلام هو دين الإرهاب والتطرف وتشويه حتى صورة النبي محمد صل الله عليه وسلم نبي الرحمة والهدى.

هذا وقد ربط أكثر من محلل منصف وصادق من الغرب على أن هذا الحادث مفتعل ومصطنع ونفس سيناريو الحاصل في أحداث 11/9/2001 في أمريكا، والذي على أثره حصل حلف دولي دمر دولتين إسلاميتين هما العراق وأفغانستان وحققوا كل ما خططوا له قبل الحادث.

وإذا علمنا أن كل حرب على الإسلام لليهود أصابع ودور وتخطيط فيها فقد بثت وكالات الأنباء أن رئيس جهاز الموساد اليهودي وطاقم الشين بيت كانوا يتواجدون في فرنسا قبل حصول الحادث، وثمة دراسات لليهود تشير أن العداء لليهود في أوروبا أخذ يتفاقم والتعاطف مع الشعب الفلسطيني يزداد؛ فمن هنا نفسر هذه الأصوات التي أخذت تنذر وتحذر في الإعلام الغربي من اليهود والمتعصبين النصارى أنه خلال عقدين أو ثلاث سيحكم الإسلام أوروبا نتيجة لتزايد الداخلين فيه؛ ففي فرنسا يدخل الإسلام سنوياً ما يزيد على ثلاثين ألف فرنسي.

وقد قتل في هذا الحدث أربعة يهود، ومعلوم أن الصهيونية العالمية في بداية القرن الماضي من أجل هجرة اليهود إلى فلسطين كانوا يفجرون الكُنُس اليهودية في الدول العربية في العراق والمغرب من أجل تهجير اليهود إلى فلسطين لأهمية العنصر البشري لتحقيق مرادهم في فلسطين.

والحرب على الإرهاب هي حرب على الإسلام فهذا (النتن ياهو) يصرح في المسيرة على وجوب تضافر الجهود لمحاربة (الإسلام الإرهابي) فهو يصف الإسلام بالإرهاب، وهذه الحرب على الإسلام عبر عنها بوضوح المجرم القاتل عبد الفتاح السيسي زعيم الانقلاب المصري ويطلب من مشايخ الأزهر لعمل ثورة لمحاربة النصوص الإسلامية المقدسة فهي السبب في معاداة المسلمين للعالم وليس من المعقول أن مليار وستمائة مليون يريدون قتل ستة مليارات في العالم، فهو يعلن بصراحة أن الإسلام دين إرهاب ويجب تحطيم النصوص المقدسة أي القرآن والسنة ليبقى الإسلام عبارة عن شعائر وعبادات مهومة خاوية من أي معنى حتى لا يكون الإسلام دين حكم وتشريع.

ومما يؤسف له أن المسيرة في فرنسا رفعت الشعارات المسيئة لرسول الله صل الله عليه وسلم مرة أخرى كتحدٍ وتأييدٍ للصحيفة مما جعل وزير خارجية المغرب ينسحب من المسيرة وبقي المنافقون والمتزلفون والأتباع الذين في دينهن وهن وضعف ودخن.

فلماذا دول الغرب في أوروبا وأمريكا يسنون القوانين والأنظمة التي تعاقب كل من يسيء لليهود باسم معاداة السامية، فمجرد أن تتعرض حتى لتاريخ الكذب والافتراء في المحرقة (الهلوكوست) وتكذيبها تسجن وتعاقب، فلماذا لا ينتصر الزعماء العرب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فالإساءة له هو تدمير وتحطيم للإسلام ودين الله الخاتم الذي يدين به ثلث البشرية، والإساءة لرسول الله صل الله عليه وسلم إساءة لمجموع هؤلاء المسلمين، رغم أن المسلمين في عقيدتهم المساواة في الإيمان بجميع الأنبياء والرسل، وهذه يعتبرها هؤلاء المرضى نقطة ضعف ويستغلونها لعدم الرد عليهم بالمثل.

وأدنى مراتب الإيمان أن نغضب من الإساءة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم خير خلق الله وليس بعد ذلك ذرة من إيمان، وكل من يناصر أعداء الأمة على وقاحتهم وإصرارهم بالإساءة لنبينا محمد صل الله عليه وسلم مشكوك في دينه وعقيدته.

(البوصلة)