منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 رباعيات الخيام كاملة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69984
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

رباعيات الخيام كاملة Empty
مُساهمةموضوع: رباعيات الخيام كاملة   رباعيات الخيام كاملة Emptyالخميس 12 مارس 2015, 9:48 pm

ش




رباعيات الخيام
سمعت صوتا هاتفا في السحــــــر نــادى من الغيب رفات البشـــــــر
هبوا املأوا كأس المنى قبــــل أن تملأ كـــــأس العمــــر كف القــدر
لا تشغل البال بماضي الزمــــــان ولا بــــآت العيــش قبـــل الأوان
وأغــنم من الحاضــــر لذاتـــــــه فليس فـي طبـع الليالـي الأمـــــان
غد بظهر الغيب واليوم لــــــــــي وكم يخيب الظــن فــي المقبـــــــل
ولســــت بالغافـــل حتــــى أرى جمــال دنيـــاي و لا اجتلــــــى
القلب قد أضناه عشق الجمـــــال والصـدر قـد ضـاق بمـا لا يقـــــال
يا رب هل يرضيك هذا الظلمــــــا والمـاء ينسـاب أمـــامـــي زلال
أولى بهذا القلب أن يخفقـــــــــــا و في غرام الحـــــب أن يحترقــــا
ما أضيع اليوم الذي مــــر بـــــي من غير أن أهوى و أن أعشقــــــا
أفق خفيف الظل هذا السحـــــــــر نــادى دع النـــوم ونـاغ الوتـــر
فمـــا أطـال النـــوم عمــــــرا ولا قصر من الأعمار طول السهـــــــر
فكـم تولـى الليـل بعـد النهــــــــار وطــال بالأنجــــم هــذا المـــــدار
فأمش الهوينة أن هذا الثـــــــرى مـن أعيـن ساحـرة الاحـــــــــورار
لا توحش النفس بخوف الظنـون وأغنم من الحاضر أمن اليقيـــــــن
فقد تساوى في الثرى راحــــــــل غدا وماض من الوف السنيــــــــن
اطفئ لظى القلب بشهد الرضـاب فإنمـــا الأيــــــام مثــــل السحــــاب
وعيشنــا طيــف خيـــال فنــــــــل حظــك منـه قبـل فـوت الشبــــــاب
لبست ثوب العيش لم استشــــــر وحـــرت فيـــه بيــن شتــى الفكـــر
وسوف أنضو الثوب عني ولــــم أدرك لمـــــاذا جئــت أيــن المغـــــر
يا من يحار الفهم في قدرتــــــــك وتطلـــب النفــس حمــى طاعتـــــك
اسكرنــــي الإثــــــم و لكننــــــي صحـــوت بالأمــــال فـي رحمتــــك
إن لم أكن أخلصت في طاعتـــــك فإننــــي أطمـــــع فــــي رحمتـــــك
وإنمــــا يشفـــع لــي بأننـــي قــد عشـــت لا أشــــرك في وحدتـــــــك
نخفي عن الناس سنى طلعتــــــك فإننــــي أطمـــع فـــــي رحمتـــــك
فأنـــت مجــلاه وأنـــت الـــــــذي تــــرى بديــع الصنــع فــي آيتــــك
ان تفضل القطرة من بحرهــــــــا ففــــي مـداهـا منتهــــى أمرهــــــا
تقاربــــت يــا رب مــا بيننـــــا مسافــــــة البعــــد علـــى قدرهــــا
يا عالم الأسرار علم اليقــــــــيـن يـا كاشـف الضـر عـن البائسيـــــن
يـا قابـل الأعـذار عدنـــــا إلـــــى ظلــــك فأقبــــل توبـــة التائبيــــــن 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69984
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

رباعيات الخيام كاملة Empty
مُساهمةموضوع: رد: رباعيات الخيام كاملة   رباعيات الخيام كاملة Emptyالخميس 12 مارس 2015, 10:32 pm

رباعيات الخيام كاملة


سمعت صوتا هاتفا في السحر 
نادى من الحان : غفاة البشر 
هبوا املئوا كأس الطلى قبل أن 
تفعم كأس العمر كف القدر


أحس في نفسي دبيب الفناء 
ولم أصب في العيش إلا الشقاء 
يا حسرتا إن حان حيني ولم 
يتح لفكري حل لغز القضاء 


أفق وهات الكأس أنعم بها 
واكشف خفايا النفس من حجبها 
وروّ أوصالي بها قبلما 
يصاغ دنّ الخمر من تربها


تروح أيامي ولا تغتدي 
كما تهب الريح في الفدفد 
وما طويت النفس هما على 
يومين أمس المنقضي والغد 


غد بظهر الغيب واليوم لي 
وكم يخيب الظن في المقبل 
ولست بالغافل حتى أرى 
جمال دنياي ولا أجتلي 


سمعت في حلمي صوتا أهاب 
ما فتق النوم كمام الشباب 
أفق فإن النوم صنو الردى 
واشرب فمثواك فراش التراب


قد مزق البدر سنار الظلام 
فاغنم صفا الوقت وهات المدام 
واطرب فإن البدر من بعدنا 
يسري علينا في طباق الرغام


سأنتحي الموت حثيث الورود 
وينمحي اسمي من سجل الوجود 
هات اسقنيها يا منى خاطري 
فغاية الأيام طول الهجود 


هات اسقنيها أيهذا النديم 
أخضب من الوجه اصفرار الهموم 
و إن مت فاجعل غسولي الطلى 
وقد نعشي من فروع الكروم


إن تقتلع من أصلها سرحتي 
وتصبح الأغصان قد جفت 
فصغ وعاء الخمر من طينتي 
واملأه تسر الروح في جثتي


لبست ثوب العيش لم أستشر 
وحرت فيه بين شتى الفكر 
وسوف أنضو الثوب عني ولم 
أدرك لماذا جئت أين المقر


نمضي وتبقى العيشة الراضية 
وتنمحي أثارنا الماضية 
فقبل أن نحيى ومن بعدنا
وهذه الدنيا على ما هيه


طوت يد الأقدار سفر الشباب 
وصوحت تلك الغصون الرطاب 
وقد شدا طير الصبى واختفى 
متى أتى يا لهفا أين غاب


الدهر لا يعطي الذي نأمل 
و في سبيل اليأس ما نعمل 
و نحن في الدنيا على همها 
يسوقنا حادي الردى المعجل


أفق خفيف الظل هذا السحر 
وهاتها صرفا وناغ الوتر 
فما أطال النوم عمرا ولا 
قصر في الأعمار طول السهر


اشرب فمثواك التراب المهيل 
بلا حبيب مؤنس أو خليل 
و انشق عبير العيش في فجره 
فليس يزهو الورد بعد الذبول


كم آلم الدهر فؤادا طعين 
و أسلم الروح ظعين حزين 
وليس ممن فاتنا عائد 
أسأله عن حالة الراحلين


يا دهر أكثرت البلى والخراب 
و سمت كل الناس سوء العذاب 
ويا ثرى كم فيك من جوهر 
يبين لو ينبش هذا التراب


وكم توالى الليل بعد النهار 
وطال بالأنجم هذا المدار 
فامش الهوينا إن هذا الثرى 
من أعين ساحرة الإحورار


أين النديم السمح أين الصبوح 
فقد أمض الهم قلبي الجريح 
ثلاثة هن أحب المنى 
كأس و أنغام ووجه صبيح


نفوسنا ترضى احتكام الشراب 
أرواحنا تفدى الثنايا العذاب 
و روح هذا الذي نستله 
ونستقيه سائغا مستطاب


يا نفس ما هذا الأسى والكدر 
قد وقع الإثم وضاع الحذر 
هل ذاق حلو العفو إلا الذي 
أذنب والله عفا واغتفر


نلبس بين الناس ثوب الرياء 
و نحن في قبضة كف القضاء 
وكم سعينا نرتجي مهربا 
فكان مسعانا جميعا هباء


لم تفتح الأنفس باب الغيوب 
حتى ترى كيف تسام القلوب 
ما أتعس القلب الذي لم يكد 
يلتام حتى أنكأته الخطوب 
 
عامل كأهليك الغريب الوفي 
واقطع من الأهل الذي لا يفي 
و عف زلالا ليس فيه الشفا 
واشرب زعاف السم لو تشتفي 


أحسن الى الأعداء و الأصدقاء 
فإنما إنس القلوب الصفاء 
و اغفر لأصحابك زلاتهم 
وسامح الأعداء تمح العداء 


عاشر من الناس كبار العقول 
وجانب الجهال أهل الفضول 
واشرب نقيع السم من عاقل 
واسكب على الأرض دواء الجهول 


يا تارك الخمر لماذا تلوم 
دعني الى ربي الغفور الرحيم 
ولا تفاخرني بهجر الطلى 
فأنت جان في سواها أثيم 


أطفيء لظى القلب ببرد الشراب 
فإنما الأيام مثل السحاب 
وعيشنا طيف خيال فنل 
حظك منه قبل فوت الشباب 


بستان أيامك نامي الشجر 
فكيف لا تقطف غض الثمر 
اشرب فهذا اليوم إن أدبرت 
به الليالي لم يعده القدر 


جادت بساط الروض كف السحاب 
فنزه الطرف وهات الشراب 
فهذه الخضرة من بعدنا 
تنمو على أجسادنا في التراب 


و إن تواف العشب عند الغدير 
وقد كسا الأرض بساط نضير 
فامش الهوينا فوقه إنه 
غذته أوصال حبيب طرير 


يا نفس قد آدك حمل الحزن 
يا روح مقدور فراق البدن 
اقطف أزاهير المنى قبل أن 
يجف من عيشك غض الفنن 


يحلو ارتشاف الخمر عند الربيع 
ونشر أزهار الروابي يضوع 
وتعذب الشكوى الى فاتن 
على شفا الوادي الخصيب الينيع 


فلا تتب عن حسو هذا الشراب 
فإنما تندم بعد المتاب 
وكيف تصحو وطيور الربى 
صداحة و الروض غض الجناب 


زخارف الدنيا أساس الألم 
وطالب الدنيا نديم الندم 
فكن خلي البال من أمرها 
فكل ما فيها شقاء وهم 


و أسعد الخلق قليل الفضول 
من يهجر الناس ويرضى القليل 
كأنه عنقاء عند السهى 
لا بومة تنعب بين الطلول 


من يحسب المال أحب المنى 
و يزرع الأرض يريد الغنى 
يفارق الدنيا ولم يختبر 
في كده أحوال هذي الدنى 


سرى بجسمي الغض ماء الفناء 
وسار في روحي لهيب الشقاء 
وهمت مثل الريح حتى ذرت 
تراب جسمي عاصفات القضاء 


يا من يحار الفهم في قدرتك 
وتطلب النفس حمى طاعتك 
أسكرني الإثم و لكنني 
صحوت بالآمال في رحمتك 


لم أشرب الخمر ابتغاء الطرب 
ولا دعتني قلة في الأدب 
لكن إحساسي نزاعا إلى 
إطلاق نفسي كان كل السبب 


أفنيت عمري في اكتناه القضاء 
وكشف ما يحجبه في الخفاء 
فلم أجد أسراره وانقضى 
عمري وأحسست دبيب الفناء 


أطال أهل الأنفس الباصرة 
تفكيرهم في ذاتك القادرة 
ولم تزل يا رب أفهامهم 
حيرى كهذي الأنجم الحائرة 


لم يجن شيئا من حياتي الوجود 
ولن يضير الكون أني أبيد 
واحيرتي ما قال لي قائل 
ماذا اشتعال الروح كيف الخمود 


إذا انطوى عيشي وحان الأجل 
وسد في وجهي باب الأمل 
قرّ حباب العمر في كأسه 
فصبها للموت ساقي الأزل 


إن لم أكن أخلصت في طاعتك 
فإنني أطمع في رحمتك 
و إنما يشفع لي أنني 
قد عشت لا أشرك في وحدتك 


يا رب هيئ سبب الرزق لي 
ولا تذقني منة المفضل 
وأبقني نشوان كيما أرى 
روحي نجت من دائها المعضل 


أفنيت عمري في ارتقاب المنى 
ولم أذق في العيش طعم الهنا 
وإنني أشفق أن ينقضي 
عمري وما فارقت هذا العنا


لم يبرح الداء فؤادي العليل 
ولم أنل قصدي وحان الرحيل 
وفات عمري وأنا جاهل 
كتاب هذا الدهر جم الفصول


صفا لك اليوم ورقّ النسيم 
وجال في الأزهار دمع الغيوم 
ورجّع البلبل ألحانه 
يقول هيا اطرب وخل الهموم 


الدرع لا تمنع سهم الأجل 
والمال لا يدفعه إن نزل 
وكل ما في عيشنا زائل 
لا شيء يبقى غير طيب العمل


الله يدري كل ما تضمر 
يعلم ما تخفي وما تظهر 
وإن خدعت الناس لم تستطع 
خداع من يطوي ومن ينشر


وإنما بالموت كل رهين 
فاطرب فما أنت من الخالدين 
واشرب ولا تحمل أسى فادحا 
وخلّ حمل الهم للاحقين


رأيت خزافا رحاه تدور 
يجدّ في صوغ دنان الخمور 
كأنه يخلط في طينها 
جمجمة الشاه بساق الفقير


تمتلك الناس الهوى والغرور 
وفتنة الغيد وسكنى القصور 
ولو تزال الحجب بانت لهم 
زخارف الدنيا وعقبى الأمور


إن الذي تأنس فيه الوفاء 
لا يحفظ الود وعهد الإخاء 
فعاشر الناس على ريبة 
منهم ولا تكثر من الأصدقاء


زاد الندى في الزهر حتى غدا 
منحنيا من حمل قطر الندى 
والكُم قد جمع أوراقه 
فظلّ في زهر الرّبى سيدا


وأسعد الخلق الذي يرزق 
وبابه دون الورى مغلق 
لا سيدٌ فيهم ولا خادم 
لهم ولكن وادع مطلق


قلبي في صدري أسير سجين 
تخجله عشرة ماء وطين 
وكم جرى عزمي بتحطيمه 
فكان ينهاني نداء اليقين


مصباح قلبي يستمدّ الضياء 
من طلعة الغيد ذوات البهاء 
لكنني مثل الفراش الذي
يسعى الى النور وفيه الفناء


طبعي ائتناسي بالوجوه الحسان 
وديدني شرب عتاق الدنان 
فاجمع شتات الحظ وانعم بها 
من قبل أن تطويك كف الزمان


عاقب الأيام يدني الأجل 
ومرها يطويك طيّ السجل 
وسوف تفنى وهي في كرِّها 
فقضِّ ما تغنمه في جذل


لا تشغل البال بماضي الزمان 
ولا بآتي العيش قبل الأوان 
واغنم من الحاضر لذّاته 
فليس في طبع الليالي الأمان


قيل لدى الحشر يكون الحساب 
فيغضب الله الشديد العقاب 
وما انطوى الرحمن إلا على 
إنالة الخير ومنح الثواب


كان الذي صورني يعلم 
في الغيب ما أجني وما آثم 
فكيف يجزيني على أنني 
أجرمت والجرم قضا مبرم


هات اسقني كأس الطلى السلسل 
وغنني لحنا مع البلبل 
فإنما الإبريق في صبه 
يحكي خرير الماء في الجدول


الخمر في الكأس خيال ظريف 
وهي بجوف الدنّ روح لطيف 
أبعد ثقيل الظّل عن مجلسي 
فإنما للخمر ظل خفيف


باب نديمي ذو الثنايا الوضاح 
وبيننا زهر أنيق وراح 
وافتض من لؤلؤ أصدافها 
فافترّ في الآفاق ثغر الصباح 


نار الهوى تمنع طيب المنام 
وراحة النفس ولذّ الطعام 
وفاتر الحب ضعيف اللظى 
منطفئ الشعلة خابي الضرام 


القلب قد أضناه عشق الجمال 
والصدر قد ضاق بما لا يقال 
يا ربّ هل يرضيك هذا الضما 
والماء ينساب أمامي زلال 


خلقتني يا ربّ ماء وطين 
وصغتني ما شئت عزّا وهون 
فما احتيالي والذي قد جرى 
كتبته يا ربّ فوق الجبين 


ويا فؤادي تلك دنيا الخيال 
فلا تنؤ تحت الهموم الثقال 
وسلم الأمر فمحو الذي 
خطت يد المقدار أمر محال 


وإنما نحن رخاخ القضاء 
ينقلنا في اللوح أنى يشاء 
وكل من يفرغ من دوره 
يلقى به في مستقر الفناء 


رأيت صفا من دنان سرى 
ما بينها همس حديث جرى 
كأنها تسأل : أين الذي 
قد صاغنا أو باعنا أو شرى 


سطا البلى فاغتال أهل القبور 
حتى غدوا فيها رفاتا نثير 
أين الطلى تتركني غائبا 
أجهل أمر العيش حتى النشور 


إذا سقاني الموت كأس الحمام 
وضمكم بعدي مجال المدام 
فأفردوا لي موضعي واشربوا 
في ذكر من أضحى رهين الرجام 


عن وجنة الأزهار شف النقاب 
وفي فؤادي راحة للشراب 
فلا تنم فالشمس لمّا يزل 
ضياؤها فوق الرّبى والهضاب 


فكم على ظهر الثرى من نيام 
وكم من الثاوين تحت الرغام 
وأينما أرمي بعيني أرى 
مشيعا أو نهزة للحمام 


يا ربّ في فهمك حار البشر 
وقصر العاجز والمقتدر 
تبعث نجواك وتبدو لهم 
وهم بلا سمع يعي أو بصر 


بيني وبين النفس حرب سجال 
وأنت يا ربّي شديد المحال 
أنتظر العفو ولكنني 
خجلان من علمك سوء الفعال 


شقت يد الفجر ستار الظلام 
فانهض وناولني صبوح المدام 
فكم تحيينا له طلعة 
ونحن لا نملك ردّ السلام


معاقرو الكأس وهم سادرون 
وقائمو الليل وهم ساجدون 
غرقى حيارى في بحار النهى 
والله صاح والورى غافلون 


كنّا فصرنا قطرة في عباب 
عشنا وعدنا ذرة في التراب 
جئنا إلى الأرض ورحنا كما 
دب عليها النمل حينا وغاب 


لا أفضح السر لعال ودون 
ولا أطيل القول حتى يبين 
حالي لا أقوى على شرحها 
وفي حنايا الصدر سري دفين 


أولى بهذي الأعين الهاجدة 
أن تغتدي في أنسها ساهدة 
تنفس الصبح فقم قبل أن 
تحرمه أنفاسنا الهامدة 


هل في مجال السكون شيء بديع 
أحلى من الكأس وزهر الربيع 
عجبت للخمّار هل يشتري 
بماله أحسن مما يبيع 


هوى فؤادي في الطلى والحباب 
وشجو أذني في سماع الرباب 
إن يصغ الخزاف من طينتي 
كوبا فأترعها ببرد الشراب 


يا مدعي الزهد أنا أكرم 
منك وعقلي ثملا أحكم 
تستنزف الخلق وما أستقي 
إلا دم الكرم فمن آثم؟ 


الخمر كالورد وكأس الشراب 
شفت فكانت مثل ورد مذاب 
كأنما البدر نثا ضوءه 
فكان حول الشمس منه نقاب


لا تحسبوا أني أخاف الزمان 
أو أرهب الموت إذا الموت حان 
الموت حق لست أخشى الردى 
وإنما أخشى فوات الأوان 


لا طيب في الدنيا بغير الشراب 
ولا شجى فيها بغير الرباب 
فكرت في أحوالها لم أجد 
أمتع فيها من لقاء الصحاب 


عش راضيا واهجر دواعي الألم 
واعدل مع الظالم مهما ظلم 
نهاية الدنيا فناء فعش 
فيها طليقا واعتبرها عدم 


لا تأمل الخل المقيم الوفاء 
فإنما أنت بدنيا الرياء 
تحمل الداء ولا تلتمس 
له دواء وانفرد بالشقاء 


اليوم قد طاب زمان الشباب 
وطابت النفس ولذ الشراب 
فلا تقل كأس الطلى مرة 
فإنما فيها من العيش صاب 


وليس هذا العيش خلدا مقيم 
فما اهتمامي محدث أم قديم 
سنترك الدنيا فما بالنا 
نضيع منها لحظات النعيم 


حتام يغري النفس برق الرجاء 
ويفزع الخاطر طيف الشقاء 
هات اسقنيها لست أدري إذا 
صعدت أنفاسي ردت الهواء 


دنياك ساعات سراع الزوال 
وإنما العقبى خلود المآل 
فهل تبيع الخلد يا غافلا 
وتشتري دنيا المنى والضلال 


يامن نسيت النار يوم الحساب 
وعفت أن تشرب ماء المتاب 
أخاف إن هبت رياح الردى 
عليك أن يأنف منك التراب


يا قلب كم تشقى بهذا الوجود 
وكل يوم لك همّ جديد 
وأنت يا روحي ماذا جنت 
نفسي وأخراك رحيل بعيد


تناثرت أيام هذا العمر 
تناثر الأوراق حول الشجر 
فانعم من الدنيا بلذاتها 
من قبل أن تسقيك كف القدر


لا توحش النفس بخوف الظنون 
وأغنم من الحاضر أمن اليقين 
فقد تساوى في الثرى راحل 
غدا وماض من ألوف السنين


مررت بالخزاف في صحوة 
يصوغ كوب الخمر من طينة 
أوسعها دعّا فقالت له : 
هل أقفرت نفسك من رحمة


لو أنني خيرت أو كان لي 
مفتاح باب القدر المقفل 
لاخترت عن دنيا الأسى أنني 
لم أهبط الدنيا ولم أرحل 


هبطت هذا العيش في الآخرين 
وعشت فيه عيشة الخاملين 
ولا يوافيني بما أبتغي 
فأين مني عاصفات المنون 


حكمك يا أقدار عين الضلال 
فأطلقيني آد نفسي العقال 
إن تقصري النعمى على جاهل 
فلست من أهل الحجا والكمال 


إذا سقاك الدهر كأس العذاب 
فلا تبن للناس وقع المصاب 
واشرب على الأوتار رنانة 
من قبل أن تحطم كأس الشراب


لا بد للعاشق من نشوة 
أو خفة في الطبع أو جنة 
والصحو باب الحزن فاشرب تكن 
عن حالة الأيام في غفلة


أنا الذي عشت صريع العقار 
في مجلس تحييه كأس تدار 
فعدِّ عن نصحي لقد أصبحت 
هذي الطلى كل المنى والاختيار


أعلم من أمري الذي قد ظهر 
وأستشف الباطن المستتر 
عدمت فهي أن تكن نشوتي 
وراءها منزلة تنتظر


طارت بي الخمر إلى منزل 
فوق السماك الشاهق الأعزل 
فأصبحت روحي في نجوة 
من طين هذا الجسد الأرذل


سئمت يا ربي حياة الألم 
وزاد همي الفقر لما ألمّ 
ربي انتشلني من وجودي فقد 
جعلت في الدنيا وجودي عدم


لم يخل قلبي من دواعي الهموم 
أو ترض نفسي عن وجودي الأليم 
وكم تأدبت بأحداثه 
ولم أزل في ليل جهل بهيم


الله قد قدر رزق العباد 
فلا تؤمل نيل كل المراد 
ولا تذق نفسك مرّ الأسى 
فإنما أعمارنا للنفاد


إن الذي يعرف سر القضاء 
يرى سواء سعده والشقاء 
العيش فان فلندع أمره 
أكان داء مسنا أم دواء


يا طالب الدنيا وقيت العثار 
دع أمل الربح وخوف الخسار 
واشرب عتيق الخمر فهي التي 
تفك عن نفسك قيد الإسار 


الكأس جسم روحه الساريه 
هذي السلاف المزة الصافية 
زجاجها قد شف حتى غدا 
ماء حوى نيرانها الجارية


قد ردد الروض غناء الهزار 
وارتاحت النفس لكأس العقار 
تبسم النور فقم هاتها 
نثأر من الأيام قبل الدمار


بي من جفاء الدهر همّ طويل 
ومن شقاء العيش حزن دخيل 
قلبي كدنّ الخمر يجري دما 
ومقلتي بالدمع كأس تسيل


وكلما راقبت حال الزمن 
رأيته يحرم أهل الفطن 
سبحان ربي كلما لاح لي 
نجم طوته ظلمات المحن


ماذا جنينا من متاع البقاء 
ماذا لقينا في سبيل الفناء 
هل تبصر العين دخان الألى 
صاروا رمادا في أتون القضاء


تلك القصور الشاهقات البناء 
منازل العز ومجلى السناء 
قد نعب البوم على رسمها
يصيح أين المجد ، أين الثراء


هون على النفس احتمال الهموم 
واغنم صفا العيش الذي لا يدوم 
لو كانت الدنيا وفت للألى 
راحوا لما جاءك دور النعيم


وإنما الدهر مذيق الكروب 
نعيمه رهن بكف الخطوب 
ولو درى الهم الذي لم يجيء 
دنيا الأسى لاختار دار الغيوب


صبت علينا وابلات البلاء 
كأننا أعداء هذا القضاء 
بينا ترى الإبريق والكأس قد 
تبادلا التقبيل حول الدماء


تفتح النوار صب المدام 
واخلع ثياب الزهد بين الأنام 
وهاتها من قبل سطو الردى 
في مجلس ضم الطلى والغرام


حار الورى ما بين كفر ودين 
وأمعنوا في الشك أو في اليقين 
وسوف يدعوهم منادي الردى 
يقول ليس الحق ما تسلكون


نصبت في الدنيا شراك الهوى 
وقلت أجزي كل قلب غوى 
أتنصب الفخ لصيدي وإن 
وقعت فيه قلت عاص هوى


أنا الذي أبدعت من قدرتك 
فعشت أرعى في حمى نعمتك 
دعني الى الآثام حتى أرى 
كيف يذوب الإثم في رحمتك


إن تفصل القطرة في بحرها 
ففي مداه منتهى أمرها 
تقاربت يا ربّ ما بيننا 
مسافة البعد على قدرها


وإنما الدنيا خيال يزول 
وأمرنا فيها حديث يطول 
مشرقها بحر بعيد المدى 
وفي مداه سيكون الأفول


جهلت يا نفسي سر الوجود 
وغبت في غور القضاء البعيد 
فصوري من نشوتي جنة
فربما أحرم دار الخلود


يا ورد أشبهت خدود الحسان
ويا طلي حاكيت ذوب الجمان 
وأنت يا حظي تنكرت لي 
وكنت من قبل الأخ المستعان


أولى بك العشق وحسو الشراب 
وحنة الناي ونوح الرباب 
فأطلق النفس ولا تتصل 
بزخرف الدنيا الوشيك الذهاب


لا تشغل البال بأمر القدر 
واسمع حديثي يا قصير النظر 
تنح واجلس وادعا قانعا 
وانظر الى لعب القضا بالبشر


يا قلب إن ألقيت ثوب العناء 
غدوت روحا طاهرا في السماء 
مقامك العرش ترى حطّة ً 
أنك في الأرض أطلت البقاء


إن الذي يذبل زهر الربيع 
ينثر أوراق وجود الجميع 
والهم مثل السّم ترياقه 
في الخمر فاشرب قدر ما تستطيع


زجاجة الخمر ونصف الرغيف 
وما حوى ديوان شعر طريف 
أحب لي إن كنت لي مؤنسا 
في بلقع من كل ملك منيف 


أتسمع الديك أطال الصياح 
وقد بدى في الأفق نور الصباح 
ما صاح إلا نادبا ليلة 
ولّت من العمر السريع الرواح 


علام تشقى في سبيل الألم 
ما دمت تدري أنك ابن العدم 
الدهر لا تجري مقاديره 
بأمرنا فارض بما قد حكم


تحمل الداء كبير الرجاء 
أنك يوما تنال الشفاء 
واشكر على الفقر الذي إن يُرَدّ 
أصبحت موفور الغنى والثراء


ليتك يا ربي تبيد الوجود 
وتخلق الأكوان خلقا جديد 
فتغفل اسمي أو تزيد الذي 
قدرت لي في الرزق بين العبيد


وصلتني بالنفس منذ القدم 
فكيف تفري شملنا الملتئم 
وكنت ترعاني فماذا دعا 
إلى اطراحي للأسى والألم


هات الطلى فالنفس عما قليل 
توشك من فرط الأسى أن تسيل 
عساي أنسى الهم في نشوتي 
من بعد رشفي كأسها السلسبيل


يا ساقي الخمر أفق هاتها 
ثم اسقني سائل ياقوتها 
فإنها تبعث من روحها 
نفسي وتحيي ميت لذاتها 


صب من الإبريق صافي الدماء 
واشرب وهات الكأس ذات النقاء 
فليس بين الناس من ينطوي 
على الذي في صدرها من صفاء


أين طهور النفس عفّ اليمين 
وكيف كانت عيشة الصالحين 
إن كنت لا تغفر ذنبي فما 
فضلك يا ربِّ على العالمين


أبدعت فينا بينات العِبر 
وصُغتنا يا ربي شتى الصور 
فهل أطيق اليوم محو الذي 
تركته في خلقتي من أثر


طبائع الأنفس ركّبتها 
فكيف تجزي أنفسا صغتها 
وكيف تفنى كاملا أو ترى 
نقصا بنفس أنت صورتها


تخفي عن الناس سنا طلعتك 
وكل ما في الكون من صنعتك 
فأنت مُجلاه وأنت الذي 
ترى بديع الصنع في آيتك 


يا رب مهّد لي سبيل الرّشاد 
واكتب لي الراحة بعد الجهاد 
وأحي في نفسي المنى مثلما 
يحيي موات الأرض صوب العهاد


لن يرجع المقدار فيما حكم 
وحملك الهم يزيد الألم 
ولو حزنت العمر لن ينمحي 
ما خطه في اللوح مر القلم


ولّى الدجى قم هات كأس الشراب
كأنما الياقوت فيها مذاب 
واحرق من العود بخورا وخذ 
من غصنه المعطار واصنع رباب


الخمر توليك نعيم الخلود 
ولذّة الدنيا وأنس الوجود 
تحرق مثل النار لكنها 
تجعل نار الحزن ماء برود 


عيشي من أجل الطلى مستحيل 
فإنها تشفي فؤادي العليل 
ما أعذب الساقي إذا قال لي 
تناول الكأس ورأسي يميل


أولى بهذا القلب أن يخفقا 
وفي ضرام الحب أن يحرقا 
ما أضيع اليوم الذي مرّ بي 
من غير أن أهوى و أن أعشقا


سارع الى اللذات قبل المنون 
فالعمر يطويه مرور السنين 
ولست كالأشجار إن قلمت 
فروعها عادت رطاب الغصون


إن الألى ذاقوا حياة الرّغد 
وأنجز الدهر لهم ما وعد 
قد عصف الموت بهم فانطووا 
واحتضنوا تحت تراب الأبد


نفسي خلت من أنس تلك الصحاب 
لما غدوا ثاوين تحت التراب 
في مجلس العمر شربنا الطلى 
فلم يفق منا صريع الشراب


ولست مهما عشت أخشى العدم 
وإنما أخشى حياة الألم 
أعارني الله حياتي وعن 
حقوقه استرداد هذا النسم


قالوا امتنع عن شرب بنت الكروم 
فإنها تورث نار الجحيم 
ولذّتي في شربها ساعة 
تعدل في عيني جنان النعيم


إن دارت الكأس ولذّ الشراب 
فكن رضيّ النفس بين الصحاب 
واشرب فما يجديك هجر الطلى 
إن كان مقدورا عليك العذاب


شيئان في الدّنيا هما أفضل 
في كل ما تنوي وما تعمل 
لا تتخذ كل الورى صاحبا 
ولا تنل من كل ما يؤكل


لو كان لي قدرة رب مجيد 
خلقت هذا الكون خلقا جديد 
يكون فيه غير دنيا الأسى 
دنيا يعيش الحر فيها سعيد


إذا بلغت المجد قالوا زنيم 
وإن لزمت الدار قالوا لئيم 
فجانب الناس ولا تلتمس 
معرفة تورث حمل الهموم 


خير لي العشق وكأس المدام 
من ادعاء الزهد والإحتشام 
لو كانت النار لمثلي خلت 
جنات عدن من جميع الأنام


عبدك عاص أين منك الرضاء 
وقلبه داج فأين الضياء 
إن كانت الجنّة مقصورة 
على المطيعين فأين العطاء


أهل الحجا والفضل هذي العقول 
قد حاولوا فهم القضاء الجليل 
فحدثونا بعض أوهامهم 
ثم احتواهم ليل نوم طويل


يا عالم الأسرار علم اليقين 
يا كاشف الضر عن البائسين 
يا قابل الأعذار فثنا الى 
ظلك فاقبل توبة التائبين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69984
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

رباعيات الخيام كاملة Empty
مُساهمةموضوع: رد: رباعيات الخيام كاملة   رباعيات الخيام كاملة Emptyالخميس 12 مارس 2015, 10:36 pm

ربــــاعيـــات الـخيــــام
روعة الانتشاء ولوعة الفناء
غدونا لذي الأفلاك لعبة لاعــب
اقتباس :
أقول مقالا لست فيه بكـــــــاذب
على نطع هذا الكون قد لعبت بنا
وعدنا لصندوق الفنا بالتعاقــــب
 
عمربن إبراهيم الخيام
إذا كان المعري في الشعر العربي هو " شاعر الفلاسفة وفيلسوف الشعراء" ذلك أنه ضمن شعره آراءه الفلسفية في الحياة وخلاصة تأملاته وقراءاته في الفكر الفلسفي وقد جمع ذلك كله في "اللزوميات"، فحق لشاعر نيسابور وعالمها عمر الخيام أن يدعى شاعر العلماء وعالم الشعراء فقد جمع بين العلم الدقيق والفن الأصيل وزاوج بين التأمل في العدد والتأمل في الوجود، فجاء في شعره كما جاء في علمه فرادة إبداع وأصالة فكر وصدق فراسة وحرارة وجدان، وحق لزبدة إبداعه الشعري المعروفة بـ "الرباعيات" أن تنال مرتبة الخلود ومرتبة العالمية ، ذلك أنها خير ماأبدعته فارس من الشعر الجامع بين عمق الفكرة وجمال العبارة وصدق الشعور وحق لعمر الخيام أن يستوي بين شعراء فارس شاعرا فذا من كبار شعراء الانسانية وأن تكون رباعياته زادا فكريا وجماليا وإنسانيا خير ماتهديه فارس إلى العالم .
وحياة الخيام غامضة لانعرف عنها الكثير وأول شك ينتاب الباحث هو تحديد تاريخ ميلاده وقد تضاربت الروايات في ذلك ومن المرجح أنه ولد في النصف الثاني من القرن الخامس الهجري وقد عاش في زمن السلاجقة وهو عصر تميز بالإحن والدسائس والاغتيالات وأما لقب الخيام الذي اشتهر به فقيل أن والده كان صانع خيام، ولقد عرف الخيام منذ حداثة عهده بالألمعية والذكاء، فحفظ القرآن الكريم وأتقن علوم اللغة والدين وآنس من نفسه الميل إلى الرياضيات والفلك فأبدع فيهما و بهما طار ذكره في البلاد الاسلامية وقربه الملوك والرؤساء وكان السلطان ملكشاه السلجوقي ينزله منزلة الندماء والخاقان شمس الملوك ببخارى يعظمه ويجلسه معه على سريره، وأما أصدقاؤه في شبابه فهما "نظام الملك" و "حسن الصباح" الداعية الفاطمي الذي فر إلى "ألموت" وهي قلعة أسس فيها حكم" الإسماعيليين" الذين قضى عليهم "هولاكو" عام 1256 م ولما استوزر " نظام الملك " جعل لصديقه عمر عشرة آلاف دينارا من دخل نيسابور إجلالا لمقامه وتقديرا لعلمه، ووفاء لميثاق الصداقة بينهما ثم اغتيل نظام الملك وانقطع دخل الخيام وقدحت العامة في دينه ورمته بالزندقة فلزم التقية، واختلف مؤرخو زمانه في عقيدته وسيرته قال فيه البيهقي: " أنه تلو ابن سينا في أجزاء علوم الحكمة وعرفه بالإمام وحجة الحق غير أنه أضاف أنه كان سئ الخلق ضيق العطن وكان يتخلل بخلال من ذهب، أما ابن الأثير في الكامل فذكر أنه أحد المنجمين عملوا الرصد للسلطان ملكشاه السلجوقي سنة 467 هـ وقال عنه القفطي في تاريخ حكماء الإسلام" إمام خراسان وعلامة الزمان يعلم علم يونان، ويحث على طلب الواحد الديان، بتطهير الحركات البدنية لتنزيه النفس الانسانية، وأما وفاة الخيام فمنهم من يجعلها سنة 515 هـ الموافق لـ1121 م ومنهم من يجعلها سنة 526هـ الموافق لـ 1132 م ومن مآثر الخيام العلمية " شرح مايشكل من هندسة إقليدس" و "مقالة في الجبر والمقابلة" ، إضافة إلى أرصاده وأزياجه الفلكية، وقد قامت شهرة الخيام على الرباعيات وهي تلك المقطوعات الشعرية المقسمة إلى أربعة أبيات ضمنها فلسفته في الوجود والملاحظ في الرباعيات هو اتفاق البيت الأول والثاني والرابع في الروي واستقلال البيت الثالث برويه وهو مايشبه كثيرا الدوبيت الرباعي الفارسي الأصل.
ولئن اختلف نقاد الأدب ودارسو حياة الخيام في صحة نسبة الرباعيات إليه أو بعضها، فمن قائل أنها ليست لعمر الخيام الرياضي، وإنما لشاعر آخر بهذا الاسم، إلى ناقد آخر يزعم أن بعضها تصح نسبتها إليه، وبعضها الآخر مدسوس عليه خصوصا ما تعلق بالإشارة إلى الغيب والقدر والإيمان والبعث، وقد تعمد كثيرون تشويه صورة الخيام غيرة وحسدا فنظموا شعرا ونسبوه إليه حتى تثور عليه العامة وينتهي أمره إلى الحاكم الذي سيأمر بقتله رميا بالزندقة، وفي أدبنا نظير لذلك، فالمعري دس عليه الكثيرون شعرا لم يقله يثور فيه على الأديان بل يسفهها وينتقد الرسل ويشكك في عالم الغيب غير أن المعري برئ من ذلك ومن قائل أن كثيرا من محبي الخيام والمتحمسين له كلما وجدوا شعرا على شاكلة الرباعيات وخفي عليهم قائله نسبوه إليه عن حسن نية.
ولاشك أن استقصاء الأمر صعب وتتبع مسارب التاريخ المظلمة في ظل غياب الوثائق التاريخية التي تنير حلكاته يجعل من الأمر شبه مستحيل !
ولقد رأى نقاد الأدب عندنا وشعراؤنا المحدثون الرأي الأول أي صحة نسبة بعض الرباعيات إلى الخيام وإنكار البعض الآخر وتحمسوا لها تحمسا منقطع النظير، والحق أن الرباعيات تحفة فنية وكنز أدبي حقيق بالخلود وحقيق بالعالمية لأن مضمونها إنساني، على الرغم من تأخر اكتشاف ذلك ولسكوت فيتزجرالد الإنجليزي دالة على الخيام فهو الذي اكتشفها ودرسها وتحمس لها وترجمها إلى الانجليزية فأحدثت دويا كبيرا تجاوز إنجلترا إلى أروبا و أمريكا ، بل أسس فيتزجرالد ناديا في لندن سماه " نادي الخيام " ضم كل محبي الخيام وشعره ، ولم يكتف بذلك بل سافر إلى مسقط رأس الخيام وزار قبره و أحضر معه زهرة من الزهور الحافة من حول القبر وغرسها في ناديه بلندن حتى تنفحهم بأريج الشاعر و أريج رباعياته ، ودعك من الأسطورة التي روج لها الكثيرون من محبي الخيام والتي تزعم أن الخيام تنبأ في حياته بنمو نوع معين من الزهور حول قبره ، وهذا اللون من القصص نعرف المغزى منه، فالشخصية التاريخية يخلق محبوها أساطير حولها حتى يستلوا مشاعر الإعجاب من الناس ويخلقوا هالة من القداسة لأن النفس المحبة تنزع إلى أن تشاركها الأنفس مشاعرها ، غير أن الناقد الحصيف لا يفوته ذلك ،وباكتشاف فيتزجرالد للخيام وترجمته لرباعياته تنبه أدباؤنا ونقادنا إلى قيمة الرباعيات ومضمونها الانساني وغناها الشعوري وقيمها الفنية والجمالية وتحمسوا لنقلها إلى لغة الضاد ومنهم من عربها عن الإنجليزية كمحمد السباعي ومنهم من عربها عن الفارسية كالشاعر المصري أحمد رامي الذي سافر إلى باريس لدراسة اللغة الفارسية عامين منقبا وباحثا في الأدب الفارسي ورباعيات الخيام تحديدا ،وعقب عودته توظف أمينا بدار الكتب المصرية وكان قد تهيأ له زاد أدبي فأسقط كثيرا من الرباعيات وعرب ما وثق أنه تصح نسبته إلى الخيام وقد شاعت هذه الترجمة بعد أن غنت أم كلثوم بعضا منها .
وربما كان في ترجمة رامي بعض التصرف غير أنه سعى جهده حتى لا يتقول على الخيام ما لم يقله أوأن يخرج عن روح الرباعيات ساعيا جهده في ذات الوقت أن تكون الرباعيات في العربية تحفة بيانية و إنسانية وغير السباعي ورامي من الذين ترجموا الرباعيات الشاعر العراقي جميل صدقي الزهاوي و أحمد الصافي النجفي وقد عرباها عن الفارسية، ووديع البستاني و الشاعر البحريني إبراهيم العريض الذي توفي حديثا وقد عرباها عن الإنجليزية ، وليست هذه هي كل الترجمات إنما المشهور منها وستبقى بسحرها ومضمونها الإنساني وحيرتها الوجودية مصدر إغراء للأدباء العرب على مر الأجيال وكر الدهور بنقلها كرة أخرى إلى العربية إمعانا في الدقة والقرب من روحها وروح مبتكرها .
فرباعيات الخيام إذا ترنيمة حزينة تنعى إلينا زوال الانسان وهيمنة الزمن وقهره للموجودات وانقلاب لحظات المتعة شقوة وانقلاب أيام الانسان مجرد ذكرى شأن الجذوة تشع نارا ونورا ثم تخبو رمادا و الانسان لا حول له و لا قوة أمام هذا القهر الكوني المتجلي في الموت الذي يطال بسيفه الانسان ثمرة الوجود ومكمن العبقرية وسر الحياة ومستودع المشاعر فيغدو ذلك الكائن رهين اللحد والدود والظلام الأبدي كأن لم يكن بالأمس ذلك الشاعر أو العالم أو الحاكم أو الفقيه أو الثري الذي ملأ الأسماع و الأبصار ، وتغدو لحظات صفوه و أنسه مجرد ذكرى ، فما الذي ينقذ الإنسان من هذا المأزق الوجودي ؟ لا شيء غير طلب النشوة التي تهيؤها الخمرة والبهجة التي ينشرها مجلس أنس وذلك عزاؤه وذريعته إلى تناسي فجيعة الموت مادام ليس في الإمكان تفادي قبضته . قال الخيام ( من ترجمة إبراهيم العريض من المتقارب )
اقتباس :
أفق يا نديم استهل الصبـــاح
وباكرصبوحك نخب الملاح
فمكثك بين الندامى قــــــــليل
و لا رجعة لك بعد الـــرواح
فهات حبيبي لي الكأس هات
سأنسى لها كل ماضي وآت
غدا ويح نفسي غدا قد أعود
وأعرقهم في البلى من لداتي
وليست فجيعة الزوال مشاعر حوم حولها الخيام لوحده فطرفة بن العبد الشاعر الجاهلي الذي قتل في سن السادسة والعشرين تناول ذلك في شعره
اقتباس :
ألا أيهذا الزاجري أن أحضر الوغى
و أن أشهد اللذات هل أنت مخلدي ؟
فإن كــنت لا تستــطيع دفــع منيتـي
فـــدعني أبــادرها بما مـــلكت يدي
 
ويقول كذلك :
 
لعمرك إن الموت ما أخـــطأ الفتى
لكـــالطول المرخى وثنياه باليــــــد
متى مــــا يشــأ يومـــا يقده لحتفه
ومـــــــن يــك في حبل المنية ينقد
غير أن الخيام يمتاز عن طرفة وغيره ممن تناولوا فجيعة الرحيل بإ بداع معمار فني ضمنه فلسفته الوجودية من المقطع الأول إلى المقطع الأخير دون أن ينصرف إلى أشياء أخرى أو يتناقض مع نفسه وذلك هو امتيازه الكبير .
و للخمرة حضور قوي في الرباعيات بل هي محورها الأساسي أليست مهوى القلوب ومطلب الأنفس الشاعرة وملجأ المعذبين يتوسلون بها عرائس الشعر علها تجود عليهم بآيات العبقرية بل حتى المتصوفة وهم رهط من الناس انقطع إلى العبادة والتأمل والمجاهدة طلبا للعرفان وقد عرف هذا الرهط بالتقوى وقيام الليل وماذاقوا خمرة في حياتهم قط، لم يجدوا غير الكرمة والخمرة والكأس يكنون بها عن الحب الإلهي والانتشاء به، متناسين دنياهم منقطعين عن العالم متوحدين في الأباطح والقلل،ألم يقل ابن الفارض مكنيا بالخمرة عن الحب الإلهي:
اقتباس :
شربنا على ذكر الحبيب مدامــــــة
سكرنا بها من قبل أن تخلـق الكرم
صفاء ولامــاء ولطف ولاهـــــــوا
ونـور ولا نــــار وروح ولا جسم !
وقــالوا شربت الإثم كلا وإنمـــــا
شربت التي في تركها عندي الإثم !
أما خمرة الخيام فهي بنت الكروم وقعيدة الدنان هي خمرة حقيقية وليست مجازية هي سلوى الراحل وعزاؤه وذريعته إلى النسيان بها تقر عينه وتنتشي نفسه، ويسكن رأسه فلا جرم أن يطلبها ملحا في طلبها قبل ساعة الرحيل:
اقتباس :
سيحيا لحبك قلبي المــــــعنى
لطرفك يسقي مع الخمرخمرا
لجورك مـــــادام وعدك منـا
فيبدع فنا وأبدع فنـــــــــــــا
 
فجدد مع الكأس عهد غرامك
وحل مـــــــرارتها بابتسامك
وعــــجل فجوقة هذي الطيور
قد لا تطيل الطواف بجامك
وأما المقاطع التي تغنت بها سيدة الغناء العربي وكوكب الشرق الراحلة السيدة أم كلثوم ومن ترجمة صديق عمرها الشاعر الكبير أحمد رامي فمن البيت الأول يبتدأ حديث الخمرة والزوال غير أن أم كلثوم وصاحبة العصمة كما كانت تدعى ، والتي كانت تتمنع عن الغناء في مكان تدور فيه الصهباء وهي المعروفة بعفافها وتقواها وحرصها على أداء الصلاة، وقد تميزت عن جل المغنيين في زمنها بثقافة أدبية عريقة، وذوق فني عالي غذته بقراءة دواوين فحول الشعراء وأمهات كتب الأدب كالأغاني والعقد الفريد وخزانة الأدب وغيرها من كتب الأدب، ولم تشأ أن تذكر الخمرة فيما تغنت به من شعر الخيام فغيرت كلمة" الحان" إلى كلمة " الغيب" وعدلت عن كلمة " الطلى" إلى " المنى" فغنته وفقا لسلوكها وشخصيتها .
قال الخيام من ترجمة رامي من بحر السريع كما تغنت به أم كلثوم:
اقتباس :
سمعت صوتا هاتفا في الســــــحر
نادى من الغيب غفاة البشـــــــــر
هبوا املأوا كــأس ا لمنى قبل أن
تفعم كأس العمر كف القــــــــــدر
وأما ترجمة العريض عن النص الإنجليزي لهذا المقطع بالذات فجاءت هكذا ( من المتقارب ) :
اقتباس :
لقد صاح بي هاتف في السبات
أفيقوا لرشف الطلى ياغفــــــاة
فما حقق العمر مثل الحبــــاب
ولاجدد العمر مثل الســـــــــقاة
وبين المقطعين اختلاف في إصابة المعنى الذي أراده الخيام والراجح أن رامي الأقرب إلى إصابة المعنى باعتباره عربه عن الفارسية رأسا، غير أن هذا يخلق إشكالية في الأدب تذهب حد اتهام الترجمة بالخيانة أي خيانة النص الأصلي والخروج عن معانيه الدقيقة وذلك راجع لاختلاف روح اللغة المترجم عنها والمترجم إليها، وقد كان الجاحظ يرى أن الشعر لا يترجم بهذا المعنى !
لقد كان الخيام إذا عقلا باحثا في علة الوجود ونفسا لا تركن إلى يقين، وأراد أن يتجاوز في فهمه للوجود النصوص الدينية معتمدا على تفكيره الحر وثقافته الفلسفية التي استمدها من الفكر اليوناني وربما الهندي وهو من الذين يحق عليهم قول أبي الطيب :
اقتباس :
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله
وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
وفي الرباعيات إشارة إلى مكابدة المعرفة وجحيم الشك والمجاهدة في سبيل اليقين لولا أن العمر 

لا يفي بذلك (من السريع):

اقتباس :
أحس في النفس دبيب الفــــــناء
ولـــــم أجن من العيش إلا الشقاء
ياحسرتا إن حان حيني ولم يتح
لعقلي حل لغز الــــــــــــــقضاء
وهو في شعره يسمح لعقله بأن يوغل في التفكير في مسائل الغيب وتقليب الأمر على وجوهه كمجىء الانسان إلى الدنيا اضطرارا والغاية منه، لكن التفكير لا ينتهي بالشاعر إلى يقين

قال الخيام( من ترجمة رامي من السريع):

اقتباس :
لبست ثوب العيش لم أســــــــتشر
وحرت فيه بين شتى الـــــــــــــفكر
وسوف أنضو الثوب عني يوما ولم
أدرك لماذا جئت، أين المـــــــــــــفر
فليطلب الشاعر شيئا من العزاء في حضرة الكأس ألا إن لحظات النشوة بدل من خلود فما أغلاها من بدل والخمرة تثير في النفس قابليات صوفية، فقد نص وليم جيمس على أن قوة الكحول راجعة بلا شك إلى قدرته على إثارة القابليات الصوفية وهي ذلك المد من الطوفان الذي ينبثق من الدفء الداخلي والنشاط الحي وهي مستعصية في أوقات الصحو لارتباطها بالمتطلبات والشكوك والإنطباعات الذاتية وقوة الكحول تأتي من قدرته على شل هذه الديدان الماصة للحيوية، تاركة الحرارة الحيوية لتتجمع وتشكل نوعا من الخزان الداخلي الذي هو في مضمونه تركيز للطاقات للوصول إلى لحظة "الذاتية الداخلية" .
والخيام الشاعر كما يحتفي بالخمرة يحتفي بالجمال ذلك أن قدرة الخمرة في إحداث التركيز تتيح للشاعر طرح كل همومه وأحزانه ووساوسه والتأمل في الجمال والإحساس به وتذوقه في الطبيعة والانسان، وقد عشق الخيام الفتاة" نسرين" والتي اقتبست من الزهر اسمه وشذاه وجماله لولا أن عصفت بها ريح المنون في مقتبل العمر فأورثت الشاعر حسرة وعمقت فيه الإحساس بجبروت القدر وقهره وعدم استجابته لرغائب النفس وأحلامها، وفي أحضان الجمال يسهو الشاعر قليلا عن لوعة الفناء ومن ترجمة العريض من (المتقارب) يقول الشاعر :
اقتباس :
وياليت شعري أتلك الزهور
عرائس نعمى جلتها الستور
فمن قبلة الشمس هذا الحياء
ومن لؤلؤ الطل ذاك السرور؟
وجوهر الجمال هو النزوع إليه وتعشقه تعشق الفراش للنور والهيام به لأن في الحب سلوى عن زوال الموجود:
قال الخيام من ترجمة رامي( من السريع):
اقتباس :
أولى بهذا القلب أن يخــــــفقا
وفي ضرام العشق أن يحرقا
ماأضيع اليوم الذي مربـــــي
من غير أن أهوى وأن أعشقا !
وفي الرباعيات ظاهرة لايمكن إغفالها تتعلق بنقد الناس والتنديد بالنفاق وتعلق الناس بالمظاهر مهملين الجوهر، ويبدو أن الشاعر عانى من ألسنة الناس وخاصة عوامهم كما عانى من مطاردة الفقهاء له الذين ربما رموه بالمروق عن الدين والفسق والعربدة، ولذا صب الخيام جام غضبه على هؤلاء الناس متهما إياهم بالنفاق، واقرأ ذلك كله في هذين البيتين من ترجمة جميل صدقي الزهاوي( من الخفيف):
اقتباس :
قال شيخ لــمومس أنت سكرى
كل آن بصاحب لك وجــــــــــد
قال إني حـــــــقا كما قلت لكن
أنت حقا كمــــــــــا للناس تبدو؟
ومع تصريح الشاعر بطلب المتعة والنشوة تناسيا لأوصاب الوجود وجحيم الشك وعذاب الفكر وسلاطة ألسنة الناس ظل في عقله الباطن يحمل تبعة الإحساس بالذنب وهو المسلم الذي يتلو من القرآن آيات تنص على حرمة الخمر واعتبارها من الموبقات، وعن العذاب الذي أعده الله لمتعاطيها إن لم يكفوا عنها،غير أن الشاعر سيجازف بطلبها إلى آخر رمق من حياته معتمدا على إيمانه بالله وبوحدانيته وعلى فعله المعروف وإحسانه إلى الفقراء ليسلم من النقمة وفوق ذلك كله ملتمسا عفو الله الذي أوصى عباده أن لا يسرفوا على أنفسهم لأن الله يغفر الذنوب جميعا.

قال الخيام من ترجمة مصطفى وهبي التل( من الطويل):

اقتباس :
إلهي قل لي من خلا من خطــــــيئة
وكيف ترى عاش البرئ مــــن الذنب ؟
إذا كنــــــــــت تــــجزي الذنب بمثله
فـمـــا الــفـرق بـيـنـك وبـيـني ياربي؟
فليسع الشاعر إلى الحان طالبا لحظات الصفو مع ندمائه، ملتمسا السعادة من دنان بنت الحان وليشفع له إيمانه بالله ووحدانيته، كما قال: من ترجمة العريض(من المتقارب):
اقتباس :
لئن قمت في البعث صفر اليدين
وعـــــــــطل سفري من كل زين
فيشـــــــــــفع لـــي أنـــني لم أكن
لأشرك بالله طرفة عيــــــــــــــن
وذلك ما حدا بالشاعر إلى اختتام رباعياته بتلك الأبيات التي تنم عن حرارة إيمانية وتسليم بوحدانية الله وأمل في عفوه متوسمة عطفه ورحمته، ومن ترجمة رامي( من السريع):
اقتباس :
يـــــاعالم الأسرار علم اليقين
ياكاشف الضر عن البائسين
فئنا إلى ظلك فــــــــاقبل عن
عـــبــــادك تــــوبة التـــائبين
وهي عودة إلى شاطئ الإيمان بعد التيه في أقيانوس التفكير وفيافي التأمل والبحران وما يلقى صاحبه من مكابدة ومجاهدة وعذاب نفسي كبير ولربما استعان الشاعر بيقين الرياضيات على شكوك الانسانيات ولربما أعطته نتائج الرياضيات بعض الراحة والعزاء فأوغل في هذا العلم إيغالا منقطع النظير فتوصل إلى نتائج قيدت باسمه كحل معادلة من الدرجة الثالثة بواسطة قطع المخروط، وطبق الرياضة على الفلك ذلك العلم الذي يعني في لاوعيه المطلق والسامي والعالم الحر بلا حدود وهي مفاهيم يتعشقها الخيام، وله في الفلك بحوث جديرة بالإعجاب والتقدير، ولربما استعان الشاعر بالخمرة كما يرى وليم جيمس حتى يصل إلى مرتبة الذاتية الداخلية ويشل في نفسه وعقله كل الديدان الماصة للحيوية فيندغم بنشوة الخمرة في الوجود فتصبح الذات والموضوع واحدا، خاصة إذا رأى الإنسان أن المعرفة لا تنتهي بالانسان إلى معرفة كل ما يجهله لأن العمر ذاته قصير ألم يقل المتنبي ذات مرة:
اقتباس :
ومن تفكر في الدنيا ومهجتــــه
أقامه الفكر بين العجز والتعب !
ومن ثمة يغدو الإحساس بالوجود وبمحاولة الإندغام فيه ومعالجته بالذوق خير ما يسعف المتأمل إذا استعصى عليه تحويل الوجود إلى موضوع يشبعه بحثا ودرسا واستقصاء 

كذلك كان الخيام في علمه وفي شعره وفي سيرة حياته عقلا جبارا لايني يفكر ويدرس ويستقصي، وقلبا إنسانيا رقيقا انطوى على أنبل المشاعر، ونفسا إنسانية كذلك رهيفة نأت عن النفاق والأنانية والكذب والحسد والشره وهي من أرذل الصفات التي ندد الخيام بها، وقد أهدى إلينا فتى نيسابور

" الرباعيات " وهي في رأينا أجود آثاره وأجل أعماله،ذلك أن العلم الرياضي والفلكي اللذين مارسهما الشاعر تجاوزهما العلم الحديث ولم تعد لهما من قيمة- اللهم إلا تتبع تاريخيهما وآلية تطوريهما – ولقد أهدى إلينا شعراؤنا وأدباؤنا رباعيات الخيام في حلة عربية قشيبة فكانت في العربية كما كانت في الفارسية آية من آيات البيان والفكر والشعور .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
رباعيات الخيام كاملة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» رباعيات الخيام - نجاة الصغيرة
» رولا .. عرب قصورهم الخيام
» رباعيات من كلام المصطفى صل الله عليه وسلم
» عمر الخيام
»  رلا .. عرب قصورهم الخيام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: كتب وروابات مشاهير شخصيات صنعت لها .... :: دواوين شعر-
انتقل الى: