سحر مجهول لفيتامين الشمس "د"

نعلم جميعاً أهمية فيتامين" د" ( cholecalciferol) للعظام وصلته الكبيرة جداً بها وبنموها السليم، ولكن هناك دراسات وأبحاث علمية حديثة من جامعة كنتاكي في أمريكا أجريت على أنواع الفئران، أثبتت بأن لهذا الفيتامين والذي يعتبر هرمون تنتجه الخلايا الجلدية أهمية كبيرة للجهاز العصبي وخاصة في صفات الذاكرة والتعلم كما ورد في مجلة PNAS مؤخراً .

وتتلخص هذه التجارب التي أجريت على الفئران بأن مجموعة منها كانت تتناول أطعمة تحتوي على فيتامين " د" والأخرى بدون الفيتامين، وتم تعليمها جميعاً على إيجاد أماكن الطعام في أماكن معينة من أوكارها وبعد ذلك قام الباحثون تغيير هذه الأماكن، ووُجِدواَ بأن الفئران التي تم إضافة الفيتامين لطعامها كانت اقدر على التعرف على أماكن الغذاء، لأن ذاكرتها أصبحت أفضل بعد تناولها فيتامين " د" وفقا لما ذكرته الدارسة، وتوصل الباحثون إلى أن هذه النتائج تنطبق على الإنسان أيضاً.

يعتقد الكثيرون أن تناول الأغذية التي تحتوي على جميع العناصر الغذائية هو أساس التغذية الصحية، إلا ذلك لا يكفي للحصول على ما يكفي من فيتامين "د"، والذي تنتجه خلايا الجلد بعيدا عن الأطعمة، بتعرضها لأشعة الشمس وامتصاصها لإشعاعات UVB.

ويلعب فيتامين" د"، دوراً هاماً في نمو العظام بشكل سليم والمحافظة مستوى الصلابة والليونة المناسبة لها، وحمايتها من الإصابة بمرض الهشاشة، ففيتامين" د" ضروري لامتصاص الكالسيوم بشكل جيد الذي يقوي العظم ويساعد على منع هشاشته، ويفيد بشكل أساسي كبار السن، وله أهمية كبيرة في تنشيط جهاز المناعة لدى الإنسان، ونقصه يؤدي لظهور أعراض مرضية من أهمها هو الشعور بالتعب المزمن، والخمول، وسرعة التعرض للإصابة بالالتهابات، وربما يتسبب بمراحل متقدمة بمشاكل في العظام وليونتها.

وحدد العلماء الكمية اللازمة من فيتامين" د" للإنسان بما تزيد عن 20 ميكروغرام أو ما يعادل 1000-2000 وحدة يومياً، فعند تعرض ربع جسم الإنسان لأشعة الشمس لمدة 25 دقيقة يومياً يتم إنتاج هذه الكمية من الفيتامين، وفي حال تعذر ذلك ولأي سبب، يجب أخذ الفيتامين باستخدام العقاقير، بالإضافة إلى مصادر غذائية مختلفة يمكنها تزويدنا بهذا الفيتامين كالحليب، والألبان والأسماك والحبوب.

وأصبح من المعروف أن التقدم في العمر يرتبط بالإصابة بمرض هشاشة العظام، مما يجعل كبار السن بحاجة ماسة للتزود بهذا الفيتامين أكثر من الشباب، وكذلك أولئك الذين يكون لون جسمهم داكن ليس لديهم القدرة على امتصاص كمية كبيرة من الاشعاعات الشمسية لأن زيادة صبغة الميلانين التي توجد في الجلد تقلل من قدرة الجسم على تصنيع فيتامين "د" من الشمس، وبالتالي فهم أيضاً عرضة لنقصه وعليهم التزود به.

كان من المعتقد سابقاً بأن نقص هذا الفيتامين قد يؤدي إلى نشوء مرض السكري وبعض السرطانات، ولكن الأبحاث العلمية المتعلقة بهذا الفيتامين لم تثبت ذلك، بالإضافة إلى أنها بينت نتائج أخرى تفيد بأن التزود بفيتامين" د" عند النساء يزيد من نسبة الخصوبة لديهن، وبينت أيضاً أن التزود بالأشعة عبر أجهزة السولاريوم الذي يستخدم في الدول القطبية التي لا تشرق الشمس بها غير مجدي، فلنشكر الله لإشراق الشمس في بلادنا مدة طويلة يومياً.