حكاية "شم النسيم" من الفراعنة حتى الآن
كتبت- سارة عادل
يحتفل العالم بما يعرف بـ"عيد شم النسيم"، يوم الاثنين التالي لعيد القيامة المجيد، يخرج فيه الجميع إلىالحدائق والمنتزهات.
المصريون يحتفلون "بشم النسيم" بطريقتهم الخاصة، يغدقون الكثير من المال على المأكولات المالحة،ومعظمها ينحسر بين البيض والسمك بأنواعهما المختلفة..
فالمصريون صاحب تاريخ طويل مع الاحتفال بهالذي يرجع للعصر الفرعوني.. كما سجلت السينمات المصرية أفلامًا تحكى تاريخ احتفالهم بالعيد وربماحملت أغنيات كلمات ومعاني لتعبير عن الفرح والبهجة.. فالاحتفال مربوط أيضًا بموسم تفتح الأزهار فيفصل الربيع.
تعالوا معًا نتعرف على تاريخ المصريين مع الاحتفال بـ"شم النسيم".
فكرة الاحتفال:
ترجع بداية الاحتفال به إلى ما يقرب من خمسة آلاف عام، وبالتحديد إلى أواخر الأسرة الثالثة الفرعونية, وهو عيد يرمز لهم إلى بعث الحياة،
وكان المصريون القدماء يعتقدون أن ذلك اليوم هو أول الزمان، أو بدأ خلق العالم كما كانوا يتصورون.
يعد من أقدم الاحتفالات الشعبية التي عرفها التاريخ، بداية من قدماء المصريين, وترجع تسمية "شمالنسيم" بهذا الاسم إلى الكلمة الفرعونية "شمو"، وهي كلمة هيروغليفية قديمة, وقد تعرَّض الاسمللتحريف على مرِّ العصور، وأضيفت إليه كلمة "النسيم" لارتباط هذا الفصل باعتدال الجو، وطيب النسيم،
ومايصاحب الاحتفال بذلك العيد من الخروج إلى الحدائق والمتنزهات والاستمتاع بجمال الطبيعة.
شم النسيم "المهرجان الشعبي" للمصريين:
اتخذ المصريون هذا العيد الآن ليكون احتفالية كبرى، للتمتع بجمال الزهور والرياحين في الحدائقوالمتنزهات, خاصة في مثل هذا الوقت من العام والذي تزدهر فيه الرياحين في فصل الربيع, فهو أقربلمهرجان شعبي كبير، تشترك فيه طوائف الشعب المختلفة ويستمتع به جميع الأعمار, وذلك بالتنزه فيالحدائق والحقول والمتنزهات.
ويحتفل المصريون بعيد شم النسيم يوم الاثنين التالي مباشرة ليوم الأحد الموافق عيد القيامة المجيد،طبقا لتقويم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وذلك في شهر "برمودة" من كل عام.
سر ارتباط عيد شم النسيم بعيد القيامة:
تحديد موعد عيد القيامة، له حساب فلكي طويل، يُسمى "حساب الإبقطي" Epacte، وهي كلمة معناها: "عُمر القمر في بداية شهر توت القبطي من كل عام".
وقد تم وضع هذا الحساب في القرن الثالث الميلادي، بواسطة الفلكي المصري "بطليموس الفرماوي" وهذا الحساب يحدد موعد الاحتفال بعيد القيامة المسيحي،
بحيث يكون موحدًا في جميع أنحاء العالم, وبالفعل وافَق على العمل به جميع أساقفة روما وأنطاكية وأورشليم , والتزمت به جميع الكنائس المسيحية.
شم النسيم صانع الرنجة والفسيخ
يرتبط الاحتفال بشم النسيم بمجموعة أطعمة تقليدية، هذا اليوم كان السبب في حب الناس لهذه الأطعمة والتهافت عليها، وأصبحت تتعلق بالعادات والتقاليد،
والتي انتقلت من المصريين القدماء عبر الزمان، لتفرض نفسها على أعياد الربيع، حيث تشمل قائمة الأطعمة المميزة لمائدة شم النسيم،
الرنجة والفسيخ (السمك المملح)، والبيض, والخَسُّ، والبصل، والملانة (الحُمُّص الأخضر)، وهى أطعمة مصرية خاصة ومميزة جدًا وكان لها معنى ومدلول عند المصريون القدماء.
"الفسيخ والرنجة" رمز الخير والرزق
الفسيخ "الأسماك المملحة" ظهر بين الأطعمة التقليدية في الاحتفال بالعيد في عهد الأسرة الخامسة، مع بدء الاهتمام بتقديس النيل،
وقد أظهر المصريون القدماء براعة شديدة في حفظ الأسماك وتجفيفها وصناعة الفسيخ، واعتبروه رمزاً للخير والرزق،
وتناوله في تلك المناسبة يعبر عن الخصوبة والبهجة المصاحبة لموسم الحصاد.
البيض وعلاقة التاريخية بالاحتفال
بدأ ظهوره على مائدة أعياد الربيع، مع بداية احتفال المصريين بعيد شم النسيم وهو عند المصريين القدماء يرمز إلى خلق الحياة من الجماد،
وكان قدماء المصريين ينقشون عليه الدعوات والأمنيات بألوان مستخلصة من الطبيعة, لتحظى ببركات نور الإله عند شروقه فيحقق دعواتهم،
وقد تطورت هذه النقوش فيما بعد لتصبح لونًا من الزخرفة الجميلة والتلوين البديع للبيض.
صراع البصل مع الأرواح الشريرة
ظهر البيض ضمن أطعمة العيد التقليدية أيام الأسرة السادسة وارتبط عندهم بإرادة الحياة وقهر الموت والتغلب على المرض،
وارتبط ظهوره برواية وردت في إحدى برديات أساطير منف القديمة.
"الخس" يبشر بقدوم العيد
يعد "الخس" من النباتات المفضلة التي تعلن عن حلول الربيع باكتمال نموها، وعرف ابتدأ من الأسرة الرابعة،
حيث ظهرت صوره في سلال القرابين بورقه الأخضر الطويل ، وكان يُسَمَّى بالهيروغليفية "عب"،
واعتبره المصريون القدماء من النباتات المقدسة, فقد جعلوا من نضوجه إشارة إلى مقدم الربيع.