منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 القدس والقانون الدولي – مراجعة لمن يهمه الأمر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69786
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

القدس والقانون الدولي – مراجعة لمن يهمه الأمر Empty
مُساهمةموضوع: القدس والقانون الدولي – مراجعة لمن يهمه الأمر   القدس والقانون الدولي – مراجعة لمن يهمه الأمر Emptyالأحد 20 سبتمبر 2015, 5:57 am

[rtl]القدس والقانون الدولي – مراجعة لمن يهمه الأمر[/rtl]

القدس والقانون الدولي – مراجعة لمن يهمه الأمر 19qpt988


أسس الكنعانيون مدينة القدس عام 1800 قبل الميلاد(ق.م) وتكالبت عليها أمم وقبائل وشعوب. أحرقها البابليون عام 587 (ق.م) واحتلها الفرس واليونانيون والرومان ثم إنتقلت إلى أيدي العرب فالعثمانيون وخضعت للصليبيين نحو 88 سنة (1099-1187) ثم للاستعمار البريطاني وتم تقسيمها في حرب 1948 حيث خضع الجزء الغربي الأكبر منها للاحتلال الإسرائيلي وبقي الجزء الشرقي منها بأيدٍ عربية وأصبحت جزءا من المملكة الأردينة الهاشمية واحتلت إسرائيل الجزء الشرقي منها في حرب عام 1967 وأعلنت توحيد المدينة على الفور وعادت لتعلن القدس مدينة موحدة وعاصمة أبدية لإسرائيل عام 1980 بعد خروج مصر من الصراع على إثر توقيع إتفاقية كامب ديفيد. وتنسجم ممارسات إسرائيل من اليوم الأول لاحتلال القدس وحتى هذه اللحظة مع مخطط تحويل المدينة بكاملها إلى عاصمة إدارية وسياسية ودينية لإسرائيل فقط عن طريق التهويد البمرمج والمتواصل والمتراكم وصولا يوما إلى إلغاء أي وجود عربي إسلامي ذي قيمة حتى ولو بقيت بعض الجيوب الصغيرة هنا وهناك كمعالم سياحية تستفيد منها خزينة الدولة كما تستفيد إسبانيا الآن من قصر الحمراء في غرناطة والمسجد الكبير في قرطبة وبرج الخيرالدا في إشبيلية.
وسنناقش في هذا المقال وضعية القدس من الناحية القانونية البحتة تاركين أمر الدفاع عن هذا الحق للرجال والنساء المرابطين في بيت المقدس وأكنافه والذين يدافعون عن كرامة أمة بحالها يزيد تعدادها على المليار ونصف المليار.
فلسطين تحت الانتداب البريطاني
قبل إحتلال فلسطين عام 1917 على أيدي القوات البريطانية كانت فلسطين دولة كاملة المعالم لا ينقصها الا إعلان الاستقلال. وقد صنفت عصبة الأمم فلسطين من بين مجموعة الدول (أ) والتي وصلت بها التنمية والتطور لدرجة عالية تؤهلها للاستقلال. وقد أقرت إتفاقية السلام في فرساي التي أنهت الحرب العالمية الأولى بحق الدول العربية التي كانت خاضعة للأمبراطورثة العثمانية بالاستقلال عملا بنص الفقرة الرابعة من البند 22 من ميثاق عصبة الأمم الذي ينص على أن «بعض المجتمعات والتي كانت تخضع للإمبراطورية العثمانية والتي قد وصلت مرحلة من التطور بحيث يمكن الاعتراف مؤقتا باستقلالها بعد تقديم المشورة الإدارية والمساعدة من قبل دولة الانتداب إلى أن تصبح مؤهلة للوقوف بنفسها. إن رغبات هذه المجتمعات يجب أن تكون على قمة إعتبارات إختيار دولة الانتداب». وقد حددت تلك الدول بخمس: العراق ولبنان وسوريا وفلسطين وإمارة شرق الأردن. أعطيت بريطانيا تفويضا بانتداب العراق والأردن وفلسطين وأعطيت فرنسا إنتداب سوريا ولبنان.
إن وضع دولة تحت الانتداب إجراء مؤقت لا يحمل أي تفويض قانوني لتغيير البنية الديموغرافية لأية دولة من الدول ولا يحرم الشعب الواقع تحت الانتداب من حقه في السيادة والاستقلال. فوضع فلسطين تحت الانتداب لا يجردها من كيانية الدولة التي إعترفت بها «عصبة الأمم» وأقرت بأنها وصلت من التطور لمرحلة الاستقلال وكل ما تحتاجه المشورة الإدارية والمساعدات. فوجود شعب محدد في بقعة جغرافية محددة وذو شخصية مميزة تختلف عن تلك التي يمثلها الانتداب يعني عناصر السيادة للشعب الفلسطيني كانت مكتملة ولم يبق شيء ناقص منها إلا ممارسة السيادة التي عطلتها قوة الانتداب. وما ينطبق على فلسطين ككيان محدد وقع تحت الانتداب مؤقتا ينطبق على القدس أكبر مدن فلسطين وأكثرها عراقة وأهمية وقدسية رغم قرار التقسيم لعام 1947 والاعتراف بإسرائيل من الجمعية العامة بتاريخ 11 أيار/مايو 1949 بناء على توصية من مجلس الأمن ورغم إحتلال ما تبقى من فلسطين عام 1967 وتوحيد المدينة وضمها فيما بعد.
قرار الجمعية العامة لتقسيم فلسطين وتدويل مدينة القدس عام 1947
نص قرار الجمعية العامة 181 الصادر بتاريخ 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1947 المعروف بقرار التقسيم على إنشاء دولتين يهودية وعربية، واستثنى من ذلك القدس لأهمية القدس وموقعها عند المسلمين. نص القرار على إعتبار القدس «كيانا منفصلا» يخضع لنظام دولي تديره الأمم المتحدة عن طريق مجلس الوصاية. وسيقوم مجلس الوصاية المكلف بإدارة المدينة نيابة عن الأمم المتحدة. وقد كلفت الجمعية العامة مجلس الوصاية الإعداد لخطة شاملة لإدارة القدس تشمل تعيين طاقم إداري وهئيات تشريعية وقضائية ونظام يدير الأماكن المقدسة بحيث يسهل الوصول إليها دون أن يمس من «الوضع الراهن» الذي كانت تتمتع به. ونص القرار في فقرته الرابعة من الجزء الأول أن الأماكن المقدسة وأن حقوق الملكية وحقوق الأقليات «سوف تخضع لضمانة الأمم المتحدة ولن يطالها أي تعديل بدون موافقة الجمعية العامة للأمم المتحدة». لكن اللجنة التي كلفها مجلس الوصاية بوضع خطة لإدارة المدينة قد إنحرفت عن نص الولاية التي حددها قرار 181 بعد قيام الحرب وسقوط جزء كبير من القدس في يد الميليشيات الصهيوينة فعادت الجمعية العامة واعتمدت القرار 303 بتاريخ 9 ديسمبر 1949 وهو قرار مهم إذ إنه إعتمد بعد الحرب لا قبلها. وينص على وضع القدس تحت «وصاية دولية دائمة» ويطالب مجلس الوصاية بإعداد والحصول على موافقة «النظام القانوني للقدس» إنطلاقا من وإعتمادا على نص القرار 181 «والتوجه نحو تنفيذه بغض النظر عن الأعمال التي تقوم بها أية حكومة أو حكومات». وقد أعد مجلس الوصاية «النظام الأساسي للقدس» مع بعض التعديلات المتعلقة بإمكانية عقد إنتخابات تمثيلية للمجتمعات المعنية وأعنت اللجنة عدم إمكانية تنفيذ النظام بسبب المعارضتين الإسرائيلية والأردنية كل لأسبابها وعرض المشروع على الجمعية العامة لكن لم يتم التصويت عليه ووضع على الرف. 
بعد إعلان بريطانيا إنهاء إنتدابها على فلسطين قامت الميليشيات اليهودية باحتلال الجزء الأكبر من القدس وخاصة الجزء الغربي منها. وهذا الاحتلال لم يلغ نص «الكيان المنفصل» للقدس التي ستقع تحت الوصاية الدولية بدليل التأكيد علية مرتين في قرار حق العودة 194 الصادر بتاريخ 11 ديسمبر 1948 وقرار 303 السالف الذكر وكلاهما إعتمد بعد إحتلال الجزء الغربي من المدينة. 
بعد صدرو قرار التقسيم أرسل وزير الخارجية في الحكومة المؤقتة لإسرائيل كتابا رسميا للأمين العام آنذاك تريغفي لي قال فيه «إن إسرائيل مستعدة للتعاون مع الأمم المتحدة لتنفيذ القرار». ثم تقدمت إسرائيل بعد إعلان الاستقلال بطلب الإنضمام لعضوية الأمم المتحدة ورفض مجلس الأمن هذا الطلب أول مرة بتاريخ 17 ديسمبر 1948 ثم عادت وقدمت طلبا ثانيا بتاريخ 24 فبراير 1949 وقدمت إسرائيل مع الطلب تعهدا بتنفيذ القرارات المتعلقة بالنزاع وخاصة قرار التقسيم وقرار حق العودة. وقد سئل مندوب إسرائيل، أبا إيبان، سؤالا محددا عن نوايا إسرائيل من قرار التقسيم وضمان الأماكن المقدسة والحقوق الإنسانية والحريات الأساسية وحقوق الأقليات. ورد المندوب الإسرائيلي «إن إسرائيل هي وحدها التي أعطت التعهد الرسمي المطلوب بأن تقبل أحكام القرار الصادر بتاريخ 29 نوفمبر 1947» ثم أشار إلى وثيقة مجلس الأمن رقم 747 التي تتضمن برقية من وزير خارجية إسرائيل، موسى شاريت، إلى الأمين العام بتاريخ 15 مايو 1948. ثم سئل سؤالا آخر: «إذا سمح لإسرائيل أن تنتسب للأمم المتحدة فهل توافق على التعاون مع الجمعية العامة في تسوية مسألة القدس ومشكلة اللاجئين دون التذرع بالفقرة 7 من المادة 2 المتعلقة بالسلطة المحلية؟» وكان رد أبا إيبان أن حكومة إسرائيل ستتعاون مع الجمعية العامة للتوصل إلى حل لهذه المشكلات ولا أعتقد أن الفقرة 7 من المادة 2 من الميثاق التي تتعلق بالسلطة المحلية يمكن أن تؤثر في مشكلة القدس لأن الوضع القانوني في القدس يختلف عن الوضع القانوني للأراضي التي لإسرائيل سيادة فيها، واعتقادي الشخصي فيما يتعلق بمشكلة اللاجئين أنه من الخطأ أن تتذرع أية حكومة ذات شأن بحقها القانوني لإقصاء أناس عن أراضيهم».
لم تعترف ولا دولة واحدة في العالم بهذا الاحتلال والضم ولم تفتح أي دولة سفارة لها في القدس (إلا كوستا ريكا ثم عادت ونقلتها عام 1980) بما في ذلك الحليف الأهم الولايات المتحدة، وبقي الوضع القانوني للقدس «كورباس سبراتم» أي «كيان منفصل» ولم يتم تحدي أو إلغاء هذا القرار علما أن الأمر الواقع تجاوزه كثيرا غير أن الأمر الواقع لا يعني إضفاء الشرعية. فادعاء إسرائيل بأن لها حق السيادة على القدس إدعاء باطل ليس لديها ما يبرره من الناحية القانونية. لقد أقر إتفاق الهدنة بين الأردن وإسرائيل بتاريخ 3 نيسان/أبريل 1949 بالأمر الواقع كما كان عند توقيع اتفاق الهدنة دون أن يقر بأية سيادة أو أية شرعية على الأماكن المشمولة باتفاقية الهدنة. كما أن إسرائيل نفسها لأسباب لئيمة ومشبوهة لم تضع إلى يومنا هذا خارطة ترسم حدود إسرائيل كي تبقى الأمور كما قال بن غوريون «حدود إسرائيل حيث يقف جيش الدفاع الإسرائيلي».
القدس بعد حرب 1967
من مبادئ القانون الدولي أن احتلال الأرض بالقوة مرفوض وغير قانوني. وهو ما جاء في ديباجة القرار الشهير 242 (1967) الذي ينص على «عدم قبول الاستيلاء على أراض بواسطة الحرب». لكن إسرائيل قامت رسميا بالإعلان عن توحيد القدس بعد حرب يونيو 1967. وقد أقرت المحكمة العليا الإسرائيلية صدور قرار الضم حول القدس الموحدة جزءا لا يتجزأ من إسرائيل. فكان رد فعل الأمم المتحدة أن عقدت الجمعية العامة جلسة واعتمدت القرار 2253 بتاريخ 4 يوليو 1967 الذي أكد على عدم شرعية أنشطة إسرائيل في المدينة وطالب بإلغائها ولحق به القرار 2254 بعد عشرة أيام الذي يدين فيه إسرائيل لعدم إلتزامها بالقرار السابق وطالبها مرة أخرى أن تلغي كافة الأنشطة وخاصة تلك التي تعمل على تغيير معالم المدينة. أما مجلس الأمن فقد أصدر مجموعة من القرارات تطالب إسرائيل بعدم تنظيم إستعراض عسكري في المدينة في الذكرى الأولى لحرب يونيو (القرار 250 و 252 و252 و 267). وينص القرار 271 (1969) على حماية الحرم الشريف ووقف كافة الأنشطة التي تعمل على تغيير معالم المدينة. أما القرار 298 (1971) فقد كان حادا أكثر في انتقاده للممارسات الإسرائيلية حيث أكد «أن كافة الإجراءات الإدارية والتشريعية التي قامت بها إسرائيل في المدينة مثل التحويلات العقارية ومصادرة الأراضي غير شرعية كما دعا القرار إلى وقف كافة الأنشطة والإجراءات التي تحاول تغيير تركيبة المدينة السكانية».
بعد توقيع اتفاقية كامب ديفد مع مصر وتبادل الإعتراف شعرت إسرائيل أنها في وضع أقوي بكثير من قبل فسارعت إلى ضم المدينة رسميا عام 1980 إلا أن مجلس الأمن إعتمد مجموعة من القرارات ترفض هذا الضم من بينها القرار 476 (1980) الذي أكد مجددا أن «جميع الإجراءات والأعمال التشريعية والإدارية التي إتخذتها إسرائيل والرامية إلى تغيير معالم المدينة ليس لها أي سند قانوني وتشكل خرقا فاضحا لاتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين» كما أكد القرار أن «كافة الأجراءات التي تعمل على تغيير معالم مدينة القدس الشريف ووضعها الجغرافي والسكاني والتاريخي هي إجراءات باطلة أصلا ويجب إلغاؤها.» وتبع هذا القرار 478 (1980) الذي شجب سن القانون الأساسي الإسرائيلي الذي أعلن ضم القدس الموحدة إلى إسرائيل واعتبره إنتهاكا للقانون الدولي وطالب من جميع الدول عدم الاعتراف به وطالب من الدول التي لديها سفارات بالقدس إلى نقلها خارج المدينة.
ويلاحظ أن قرارات مجلس الأمن وقرارات الجمعية العامة تذكر مدينة القدس ولا تحدد إن كانت شرقية أو غربية لكن في الآونة الأخيرة بدأ مصطلح «القدس الشرقية» ينشر في بيانات الأمم المتحدة على إعتبار أنه جزء من الأرض التي إحتلت عام 1967 والتي وافقت القيادة الفلسطينية على أن الدولة الفلسطينية المنشودة ستقام فقط على ما إحتل عام 1967 أي 22 بالمئة من فلسطين التاريخية. 
الخلاصة
بما أن الفلسطينيين لم يتنازلوا عن حقهم في السيادة على القدس وبما أنهم لم يهملوا أو يتخلوا طواعية لخصومهم عن هذا الحق وبما أن القانون الدولي يشير بوضوح إلى عدم جواز إمتلاك الأرض عن طريق القوة ويؤكد أن لا شرعية لضم القدس عن طريق الاحتلال أو إعلان القدس عاصمة أبدية لإسرائيل فلا شرعية لكل الإجراءات الإسرائيلية في القدس وكل ما بني على باطل فهو باطل وأن الحق لا يموت بالتقادم أو كما قال البروفيسور الفرنسي جيرود «بعكس القانون الخاص، لا يوجد في القانون الدولي ما يمكن أن يشرعن وضعا غير شرعي أصلا». إن ما تقوم به إسرائيل الآن من محاولة الضم القسري لكل منطقة القدس الكبرى هو إستمرار للإجراءات غير القانونية التي رافقت سنوات الاحتلال وسنوات الانتداب والتي تقوم على مبدأ قانون القوة وليس قوة القانون. فإذا لم يكن الفلسطينيون والعرب والمسلمون، فرادى ومجتمعين، غير قادرين على إسترداد الحق فعليهم على الأقل أن يتمسكوا به وأن يحاصروا إسرائيل قانونيا لأنها دولة مارقة تستند في وجودها إلى غطرسة القوة والدعم غير المحدود من الولايات المتحدة الأمريكية ولا بد لهذه المعادلة أن تختل في يوم من الأيام إما باسترداد أصحاب الحق لقوتهم أو بخسارة جماعة الباطل لتحالفهم أو بالإثنين معا.
عبد الحميد صيام
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69786
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

القدس والقانون الدولي – مراجعة لمن يهمه الأمر Empty
مُساهمةموضوع: رد: القدس والقانون الدولي – مراجعة لمن يهمه الأمر   القدس والقانون الدولي – مراجعة لمن يهمه الأمر Emptyالأحد 20 سبتمبر 2015, 6:12 am

نص قرار التقسيم رقم 181

القدس والقانون الدولي – مراجعة لمن يهمه الأمر Paperclip الملفات المرفقة


دراسة نقدية في قراري الجمعية العامة للأمم المتحدة 181 و194 المتعلقين بالقضية الفلسطين
اقتباس :
الملخص

لقد عالجت في رسالتي هذه قراري الجمعية العامه للأمم المتحدة 181 و 194 المتعلقين بالقضية الفلسطينية من حيث ظروف نشأتهما وكذلك أثرهما على المنطقة بشكل عام والفلسطينيين بشكل خاص, حيث قمت بدراسة البعد القانوني الخاص لهذين القرارين وما ترتب عليهما من اثار قانونية من حيث قيام دوله اسرائيل واكتسابها الشرعية الدولية نتيجة لصدور قرار التقسيم رقم 181 لعام 1947 الصادر عن الجمعة العامة للأمم المتحدة.

لقد اتبعت في هذه الدراسة منهج البحث الوصفي التحليلي، حيث قمت بدراسة الظروف التي واكبت قراري الجمعية العامة للامم المتحدة 181 و194، تحليل هذه القرارات، نقدها ومدى مساهمتها في الحفاظ على الامن والسلم الدوليين باعتبارهما أسمى مقاصد الامم المتحدة.

إن مشكلة الدراسة هي صدور قرار التقسيم رقم 181 في عام 1947 مما أدى الى قيام دولة يهودية على جزء كبير من أراضي فلسطين، وتشريد شعب بأكمله. ونتيجة لقيام دولة إسرائيل، قامت الجمعية العامة بإصدار القرار رقم 194 عام 1948 والذي ينص على حق الفلسطينيين في العودة الى ديارهم وحق التعويض لمن لا يريد العودة. إن قرارات الجمعية العامة لم يتم تنفيذها نتيجة تنصل إسرائيل من التزاماتها الدولية،مما يؤدي الى استمرار معاناة الشعب الفلسطيني.

إن عدم تنفيذ إسرائيل لالتزاماتها الدولية يطرح الكثير من التساؤلات حول دور هيئة الأمم المتحدة.هل أن هذه الهيئة الدولية تقوم بدورها في المحافظة على الامن والسلم الدوليين وحقوق الإنسان ؟أم أنها تساهم في انتهاك هذه الحقوق وتثير مشاعر الكراهية والعداء بين الشعوب ؟هل تناقض الشرعية الدولية نفسها حينما تدعي الحفاظ على حقوق الشعوب وفي الوقت نفسه تنتهك وتسلب أبسط حقوق الشعوب؟

لقد قدمت الأمم المتحدة للشعب اليهودي دولة، وأصبحت هذه الدولة حقيقة واقعة في القانون الدولي، لذلك لا بد أن تعمل الامم المتحدة على قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة ضمن حدود امنة ومعترف بها اسوة بقيام دولة إسرائيل.

إن ميثاق الامم المتحدة لم يعط الجمعية العامة أو أي جهاز من أجهزة المنظمة في أي نص من نصوصه، بما في ذلك المادة العاشرة، حق خلق دولة جديدة، بتقسيم دولة قائمة،إن هذا يعد خروجا من المنظمة الدولية عن نطاق الاختصاص الذي قرره لها الميثاق.لذلك، فان الحل الذي قدمته الامم المتحدة للصراع العربي اليهودي في فلسطين لا يتفق واعتبارات العدالة والقانون الدوليين وميثاق الامم المتحدة، حيث أنه قدم أكثر من تصريح بلفور وصك الانتداب على فلسطين،ومعلوم أنه فارق كبير بين تعبير" الوطن القومي" وتعبير "الدولة" الذي جاء به قرار التقسيم.

لقد أسهمت الامم المتحدة في خلق المشكلة الفلسطينية واستمرارها، بداية من قرار التقسيم رقم 81 /د-2 عام 1947 والذي قرر إقامة دولتين عربية ويهودية على أرض فلسطين،وما تلى ذلك من قرارات قامت بمعالجة القضية الفلسطينية باعتبارها مشكلة لاجئين،وانتهاء بمجموعة من القرارات التي بدأت في الصدور منذ عام 1969،والتي أصبحت تعالج القضية الفلسطينية من منطلق حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير،وهو ما بلغ منتهاه في قرار الجمعية العامة رقم 43/77 لعام 1988،والذي اعترفت فيه الجمعية العامة بإعلان دولة فلسطين.

لقد أعطى قرار التقسيم السند الشرعي والقانوني لقيام دولة إسرائيلٍ، وهذا ما كانت الحركة الصهيونية تنشده، حيث أن الحجج والبراهين التاريخية والتوراتية لم تكن كافية لقيام دولة إسرائيل،ومن هنا كانت ضرورة تحرك الحركة الصهيونية تجاه الامم المتحده لإعطاء إسرائيل السند الشرعي لقيامها،وهو قرار التقسيم.

إن دولة إسرائيل هي الحالة الوحيدة التي قبلت عضويتها في الامم المتحدة بناء على تعهدات مسبقة، وقد وافقت إسرائيل على هذه الاشتراطات لتمرير عضويتها في الامم المتحدة، حيث نوقشت في هذه المباحثات وثيقة عرفت باسم "بروتوكول لوزان" في الثاني عشر من أيار عام 1949،تضمنت اعتراف إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في العودة،وتعهدها بتطبيق قرار التقسيم،ولكن في حقيقة الأمر،فان تعهد إسرائيل لم يكن الا مناورة لتمرير عضويتها في الامم المتحدة،إذ أنه بعد ذلك تنصلت من كافة التزاماتها التي سبق وأن تعهدت بها.

لقد تناولت في الفصل التمهيدي من هذه الدراسة الحركة الصهيونية من حيث ظروف نشأتها, ايدولوجيتها، وقرارات مؤتمر بازل الذي عقد عام 1897, والذي كان من اهم قراراته اقامة وطن قومي لليهود في فلسطين, حيث فشلت الصهيونيه العالميه في الحصول على موافقة الدوله العثمانيه باقامة وطن قومي لليهود على ارض فلسطين.

وقد تعرضت في هذا الفصل إلى التدخل الاوروبي من خلال تصريح بلفور، حيث وعد جورج ارثر بلفور وزير خارجية بريطانيا في ذلك الوقت الثري اليهودي رودتشلد باقامة وطن قومي لليهود في فلسطين وقد تناولت بالدراسة القيمة القانونية لتصريح بلفور.

وقد تطرقت في هذا الفصل أيضا الى تداول القضية الفلسطينيه في أروقه الأمم المتحدة, حيثت تعرضت الى مؤتمر لندن في عام 1946 وإحالة القضية الفلسطينية من قبل بريطانيا الى الأمم المتحدة, حيث أوصت الأمم المتحدة بعد احالة القضية إليها ايفاد لجنة خاصة الى فلسطين, وقد قامت هذه اللجنة بإعداد تقرير خاص عن أعمالها. وقد ركزت من خلال هذه الدراسة على أن الأمم المتحدة قد خرقت ميثاقها بقرار التقسيم, حيث أن عرب فلسطين كانوا يشكلون غالبية السكان ولهم الحق في إقامة دولة حرة مستقلة وان الأمم المتحدة ليست مخولة من الوجهة القانونية أن تفرض تنظيماً دستورياً على فلسطين.

أما بالنسبة للتصويت على قرار التقسيم, فقد أقرت الجمعية العامة للامم المتحدة مشروع الأكثرية والذي يدعو الى تقسيم فلسطين الى دولتين: عربية ويهودية, حيث أفضى القرار في النهاية الى إقامة دولة يهودية في فلسطين دون قيام دولة عربية فلسطينية.

وقد خصصت الفصل الأاول من هذه الدراسة لقرار التقسيم رقم 181 وتدويل مدينة القدس, وتعرضت الى موقف الفلسطينيين والحكومات العربية من قرار التقسيم, حيث تم رفض قرار التقسيم على المستويين الرسمي والشعبي, وكذلك الموقف الدولي من قرار التقسيم, هذا وقد كان سرور الحكومة البريطانية عظيماً عند صدور قرار التقسيم لأن القضية الفلسطينية كانت تمثل عبئاً كبيراً على كاهل بريطانيا حيث اعلنت بريطانيا على لسان المندوب السامي بأن حكومة بريطانيا تقبل قرار الأمم المتحدة وسوف تبذل كل المساعي لتطبيقه.

أما بالنسبة الى موقف الولايات المتحدة من قرار التقسيم، فقد أيدت الولايات المتحدة هذا المشروع في البداية, وما لبثت أن تراجعت عن دعم قرار التقسيم, واقترحت إقامة وصاية مؤقتة على فلسطين, ولكن بعد إعلان قيام دولة اسرائيل اعترفت الولايات المتحدة بهذه الدولة الجديدة, وكان ذلك يشكل تناقضاً في الموقف الأمريكي حيث أن الولايات المتحدة اعترفت باسرائيل أثناء مناقشة مشروع الوصاية من قبل الامم المتحدة.

وقد تعرضت في هذا الفصل أيضاً إلى اثأر قرار التقسيم على الفلسطينيين والقيمة القانونية لقرار التقسيم وكذلك مدى شرعية قيام دولة إسرائيل في القانون الدولي. لقد كان لقرار التقسيم اثار كبيرة على الفلسطينيين ولعل أهمها هجرة اليهود الى فلسطين وكذلك تهجير أهل فلسطين من ديارهم.

أما بالنسبة لصلاحية الجمعية العامة للأمم المتحدة بإصدار قرار التقسيم , قان المادة الثانية "الفقرة السادسة" من ميثاق الأمم المتحدة تمنع الأمم المتحدة من التدخل في الشؤون الدستورية الداخلية لأي دولة، وأن من حق الشعب الفلسطيني تقرير مصيره دون تدخل الأمم المتحدة.

وقد تطرقت في هذه الدراسة أيضاً الى شرعية قيام اسرائيل في القانون الدولي, حيث أن إسرائيل اعتمدت في قيامها على أسانيد وحجج تاريخية وتوراتية وإن هذه الأسانيد لا تعطي اليهود الحق في إقامة دولتهم على أرض فلسطين, ومن ثم فإن القرار "181" والذي أعطى إسرائيل السند القانوني لقيامها, تناقض بشكل صريح وواضح مع أهداف الأمم المتحدة في حفظ الأمن والسلم الدوليين, هذا وقد نص القرار "181" على إقامة دولتين فلسطينية واسرائيلية, وقد اشترطت الأمم المتحدة على إسرائيل القبول بإنشاء دولة فلسطينية وقبلت إسرائيل ذلك ولكن سرعان ما تنصلت من إلتزاماتها.

أما الفصل الثاني من هذه الدراسة, فقد تناولت فيه القرار 194 الخاص بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وحق التعويض لمن لا يريد العودة, حيث تعرضت الى وضع اللاجئين الفلسطينيين، الاونروا، القرارات الدولية الخاصة باللاجئين الفلسطينيين، القيمة القانونية للقرارات الدولية الخاصة باللاجئين الفلسطينيين، حق العودة،حق التعويض وحق تقرير المصير.

إن إسرائيل ترفض تطبيق حق العودة للاجئين الفلسطينيين ولا يستند رفضها هذا على أساس قانوني بل يعتمد على رؤيا اسرائيلية خاصه بأن عودة اي عدد من اللاجئين الفلسطينيين يهدد كينونة وبقاء الدولة العبرية. كما تطرقت في هذا الفصل الى نقد قرار حق العودة وإمكانيات تطبيق هذا القرار مستقبلاً , حيث أن حق العودة هو حق مكفول في كافة الشرائع والقوانين الدولية. أما بالنسبة لفرص وامكانيات تطبيق قرار حق العودة , فيرى فقهاء القانون الدولي بأن قرار حق العودة يمكن تطبيقه على قرارات الامم المتحدة دون المساس بحق اليهود الذين هاجروا الى فلسطين.

وأخبرا تطرق الباحث الى ارتباط قرارات الجمعية العامة 181 و194 بقرارات مجلس الامن الدولي 242 و338، حيث أن قرارات مجلس الامن تعتبر مكملة لقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة،كونها تدعو إلى انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها في عام 1967،وكما تدعو الى تسوية عادلة لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين.

ويرى الباحث في النهاية أن أمام اسرائيل فرصة تاريخية للسلام الذي يعرضه العرب عليها لكي تعيش بأمن وسلام, حيث أن تطبيق إسرائيل لقرارات الأمم المتحدة يتيح المجال للأجيال القادمة العيش برفاهية وأمن, لذلك لا بد من تكاتف المجتمع الدولي للعمل على تحقيق هذا الهدف المنشود.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69786
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

القدس والقانون الدولي – مراجعة لمن يهمه الأمر Empty
مُساهمةموضوع: رد: القدس والقانون الدولي – مراجعة لمن يهمه الأمر   القدس والقانون الدولي – مراجعة لمن يهمه الأمر Emptyالأحد 20 سبتمبر 2015, 6:16 am

خارطة تبين تقسيم فلسطين لدولتين (عربية ويهودة صهيونية) بناءاً على قرار الأمم المتحدة 181 الصادر في 29 تشرين ثاني لعام 1947

القدس والقانون الدولي – مراجعة لمن يهمه الأمر Map_UNPartition19472
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69786
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

القدس والقانون الدولي – مراجعة لمن يهمه الأمر Empty
مُساهمةموضوع: رد: القدس والقانون الدولي – مراجعة لمن يهمه الأمر   القدس والقانون الدولي – مراجعة لمن يهمه الأمر Emptyالأحد 20 سبتمبر 2015, 6:19 am

دراسة يصدرها قسم الأبحاث والدراسات في تجمع العودة الفلسطيني (واجب)
بمناسبة مرور ستين عاماً على صدور القرار 194
 
حتى الرابع عشر من شهر شباط (فبراير) لعام 1983م تاريخ بدء أعمال الدورة السادسة عشرة للمجلس الوطني الفلسطيني المنعقدة في الجزائر، كانت القيادة الفلسطينية المهيمنة على منظمة التحرير تستند في نضالها ومواقفها وتحركاتها وقراراتها على حق شعبها الفلسطيني الطبيعي والتاريخي والقانوني في فلسطين، كما تجسد في الميثاق الوطني الفلسطيني، والذي كان بمثابة المرجعية الفكرية والسياسية لغالبية القوى الفلسطينية، ولم تكن حتى ذلك التاريخ ـ باستثناء قلة من التنظيمات العاملة خارج منظمة التحرير ـ تتعاطى مع القرارت الدولية، أو ما بات يطلق عليه مصطلح "الشرعية الدولية" وبخاصة القرارين (181) و(242)...
إلا أنه مع انتهاء أعمال تلك الدورة في الثاني والعشرين من الشهر نفسه صدر الموقف التالي:
"يعتبر المجلس الوطني الفلسطيني قرارات قمة فاس، الحد الأدنى للتحرك السياسي... ويؤكد المجلس على أن مهمة هذه القرارات لا تتناقض مع الالتزام للبرنامج السياسي وقرارات المجلس الوطني السابقة" (1).
من يدقق جيداً في قرارات قمة الدورة الثانية عشرة للدول العربية المنعقدة في (فاس) في ذلك العام يجد أن تلك القرارات استندت إلى ما أطلق عليه "مبادرة الأمير فهد" والذي أصبح ملكاً فيما بعد، والتي لم تكن سوى الصياغة العربية الملطّفة للقرار (242) الذي صاغه اللورد البريطاني كارادون.
ولا يخفى على أحد أن القبول بقرارات قمة فاس تعني ضمناً القبول بالقرار (242) والتي تعني بالضبط التنازل عن 78% من أرض فلسطين للغزاة الصهاينة، وضرب للميثاق الوطني الفلسطيني بعرض الحائط، والتخلي عن الحقوق المشروعة للشعب العربي والفلسطيني في فلسطين وبداية لمسلسل التنازلات اللاحقة.
ومن الملفت للنظر أن القادة الفلسطينيين الذين كانوا يعتبرون أنفسهم ثوريين اعتبروا ذلك التحوّل من الشرعيّة التاريخيّة والثوريّة إلى الشرعية الدولية بدايةً لنضج سياسي شكّل نقلة نوعية في الوعي الفلسطيني، وانتقالا من الحالة الخيالية الحالمة (الطوباوية) إلى الحالة الواقعية، والحقيقة هي أن ذلك الاستناد إلى القرارات الدولية "أو ما تسمى بالشرعية الدولية" لم يكن إلا مرحلة انتقاليّة من الشرعية التاريخية والثورية إلى الشرعية الصهيونيّة الامبرياليّة جاءت انعكاساً للهزيمة التي لحقت بالمقاومة الفلسطينية المعاصرة بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 1982م، والذي أدّى إلى إخراجها من لبنان وإبعادها من ساحة الصراع مع العدو الصهيوني وبدايةً توقف الأعمال الفدائية من الخارج وبدء التعاطي مع المشاريع التسوويّة من خلال المفاوضات الماراثونيّة.
ومنذ ذلك التاريخ باتت القيادة المهيمنة والمتسلطة على منظمة التحرير تستخدم مصطلح الشرعية الدولية كمرجعية لها في جميع تحركاتها الدبلوماسية سواء في الأوساط الدولية أو العربية أو الفلسطينية كبديل عن الشرعية التاريخية والثورية حتى كاد الناس ينسون أن هناك ميثاق شرف اسمه الميثاق الوطني الفلسطيني.
ضمن هذا السياق بدأ الكثيرون يروّجون للقرارين (181) و (242) ثم للقرار (194) باعتبارها "مكاسب للشعب الفلسطيني".
إذا كانت الموافقة على القرار (181) تعني بالضبط القبول بإقامة دولة للغزاة الصهاينة على 55% من أرض فلسطين؛ فإن الموافقة على القرار (242) تعني بالضبط التنازل عن 78% من أرض فلسطين مجاناً لهؤلاء الغزاة البرابرة، والموافقة على القرار (194) تعني التنازل عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين القانونية والطبيعية وغير المشروطة في استعادة بيوتهم وأملاكهم وأراضيهم المنهوبة وحقهم غير المشروط في العودة إليها.
ومن المؤسف أن كثيراً من الباحثين والعاملين في لجان حق العودة راحوا يحمّلون القرار (194) مطالب وأهداف لا يتضمنها القرار ذاته كما هو وارد في نصه الحرفي، وذهب بعضهم إلى اعتبار القرار المذكور بمثابة المرجعية القانونية والسياسية التي تتيح لهم إذا ما تمسكوا به العودة إلى وطنهم، أو على الأقل بما يحرج الصهاينة وحماتهم في المجال الدولي، لا بل ذهب بعضهم إلى تشكيل لجان وهيئات تحمل اسم القرار (194) وحتى إلى الاحتفال بيوم إصداره كما لو كان نصراً لهم.
لقد تصدى الكثير من الباحثين والسياسيين للقرارين (181) و (242) بالنقض والدحض وبكثير من التفصيل، لكن حسب علمي لم يتصدى أحد للقرار (194) بالنقد مع أنه أسوء من القرارين المذكورين كما سنبين لاحقاً بسبب ما يكتنفه من غموض وملابسات، الأمر الذي يستدعي وضع ذلك القرار على طاولة البحث لمناقشته بالتفصيل ولنبين فيما إذا كان يصلح بالمطالبة بحق العودة أم لا، أو فيما إذا كان يمكن اعتباره سلاحاً يصلح للاستخدام في المجال الإعلامي.
 بدايةً، لابد من الإطلاع على النص الحرفي للقرار (194)، بعد ذلك سنناقش هذا القرار بنداً بنداً، ثم سنركز على البند رقم 11 منه، ثم سنناقش القرار من الناحية القانونية، بما يمكننا أخيراً من تكوين رؤية صحيحة تصبح أساساً لاتخاذ موقف واضح وصريح منه.
 
أولاً:
نص قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (194)
في دورته رقم 3 بتاريخ 11 كانون الأول (ديسمبر) 1948م (2)
 
إنشاء لجنة توفيق تابعة للأمم المتحدة وتقرير وضع القدس في نظام دولي دائم وتقرير حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم في سبيل تعديل الأوضاع بحيث تؤدي إلى تحقيقالسلام في فلسطين في المستقبل.
 
إن الجمعية العامة وقد بحثت في الحالة في فلسطين من جديد:
 
1. تعرب عن عميق تقديرها للتقدم الذي تم بفضل المساعي الحميدة المبذولة من وسيط الأمم المتحدة الراحل في سبيل تعزيز تسوية سلمية للحالة المستقبلة في فلسطين، تلك التسوية التي ضحى من أجلها بحياته. وتشكر للوسيط بالوكالة ولموظفيه جهودهم المتواصلة، وتفانيهم للواجب في فلسطين.

2. تنشئ لجنة توفيق مؤلفة من ثلاثة دول أعضاء في الأمم المتحدة، تكون لها المهمات التالي:
   ‌أ- القيام، بقدر ما ترى أن الظروف القائمة تستلزم، بالمهمات التي أوكلت إلى وسيط الأمم المتحدة لفلسطين بموجب قرار الجمعية العامة رقم 186 (دإ – 2). الصادر في 14 أيار (مايو) سنة 1948.
   ‌ب- تنفيذ المهمات والتوجيهات المحددة التي يصدرها إليها القرار الحالي، وتلك المهمات والتوجيهات الإضافية التي قد تصدرها إليها الجمعية 
العامة أو مجلس الأمن.
   ‌ج- القيام - بناء على طلب مجلس الأمن- بأية مهمة تكلها حالياً قرارات مجلس الأمن إلى وسيط الأمم المتحدة لفلسطين، أو إلى لجنة الأمم المتحدة للهدنة. وينتهي دور الوسيط بناءً على طلب مجلس الأمن من لجنة التوفيق القيام بجميع المهمات المتبقية، التي لا تزال قرارات مجلس الأمن تكلها إلى وسيط الأمم المتحدة لفلسطين.
 
3. تقرر أن تعرض لجنة من الجمعية العامة، مكونة من الصين وفرنسا واتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية والمملكة المتحدة والولايات الأمريكية، اقتراحاً بأسماء الدول الثلاث التي ستتكون منها لجنة التوفيق على الجمعية لموافقتها قبل نهاية القسم الأول من دورتها الحالية.

4. تطلب من اللجنة أن تبدأ عملها فوراً حتى تقيم في أقرب وقت علاقات بين الأطراف ذاتها، وبين هذه الأطراف واللجنة.
 
5. تدعو الحكومات والسلطات المعنية إلى توسيع نطاق المفاوضات المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن الصادر في 16 تشرين الثاني (نوفمبر) سنة 1948، وإلى البحث عن اتفاق بطريق مفاوضات تجري إما مباشرة أو مع لجنة التوفيق، بغية إجراء تسوية نهائية لجميع المسائل المعلقة بينها.
 
6. تصدر تعليمات إلى لجنة التوفيق لاتخاذ التدابير بغية معونة الحكومات والسلطات المعنية، لإحراز تسوية نهائية لجميع المسائل المعلقة بينها.

7. تقرر وجوب حماية الأماكن المقدسة - بما فيها الناصرة- والمواقع والأبنية الدينية في فلسطين، وتأمين حرية الوصول إليها وفقاً للحقوق القائمة، والعرف التاريخي، ووجوب إخضاع الترتيبات المعمولة لهذه الغاية لإشراف الأمم المتحدة الفعلي. وعلى لجنة التوفيق التابعة للأمم المتحدة، لدى تقديمها إلى الجمعية العامة في دورتها العادية الرابعة اقتراحاتها المفصلة بشأن نظام دولي دائم في منطقة القدس، أن تتضمن توصيات بشأن الأماكن المقدسة الموجودة في هذه المنطقة، ووجوب طلب اللجنة من السلطات السياسية في المناطق المعنية تقديم ضمانات رسمية ملائمة فيما يتعلق بحماية الأماكن المقدسة في باقي فلسطين، والوصول إلى هذه الأماكن، وعرض هذه التعهدات على الجمعية العامة للموافقة.

8. تقرر أنه نظراً إلى ارتباط منطقة القدس بديانات عالمية ثلاث، فإن هذه المنطقة، بما في ذلك بلدية القدس الحالية، يضاف إليها القرى والمدن المجاورة التي يكون أبعدها شرقاً أبو ديس وأبعدها جنوباً بيت لحم وأبعدها غرباً عين كارم (بما فيها المنطقة المبنية في موتسا) وأبعدها شمالاً شعفاط، يجب أن تتمتع بمعاملة خاصة منفصلة عن معاملة مناطق فلسطين الأخرى، ويجب أن توضع تحت مراقبة الأمم المتحدة الفعلية.

  تطلب من مجلس الأمن اتخاذ تدابير جديدة بغية تأمين نزع السلاح في مدينة القدس في أقرب وقت ممكن.

 تصدر تعليمات إلى لجنة التوفيق لتقدم إلى الجمعية العامة في دورتها العادية الرابعة اقتراحاتها مفصلة بشأن نظام دولي دائم لمنطقة القدس، يؤمن لكل من الفئتين المتميزتين الحد الأقصى من الحكم الذاتي المحلي المتوافق مع النظام الدولي 
الخاص لمنطقة القدس.

  إن لجنة التوفيق مخولة صلاحية تعيين ممثل للأمم المتحدة، يتعاون مع السلطات المحلية فيما يتعلق بالإدارة المؤقتة لمنطقة القدس.

9. تقرر وجوب منح سكان فلسطين، جميعهم، أقصى حرية ممكنة للوصول إلى مدينة القدس بطريق البر والسكك الحديدة وبطريق الجو، وذلك إلى أن تتفق الحكومات والسلطات المعنية على ترتيبات أكثر تفصيلاً.
 تصدر تعليمات إلى لجنة التوفيق بأن تعلم مجلس الأمن فوراً، بأي محاولة لعرقلة الوصول غلى المدينة من قبل أي من 
الأطراف، وذلك كي يتخذ المجلس التدابير اللازمة.

10. تصدر تعليمات إلى لجنة التوفيق بالعمل لإيجاد ترتيبات بين الحكومات والسلطات المعنية، من شأنها تسهيل نمو المنطقة الاقتصادي، بما في ذلك عقد اتفاقيات بشأن الوصول إلى المرافئ والمطارات واستعمال وسائل النقل والمواصلات.

11. تقرر وجوب السماح بالعودة، في أقرب وقت ممكن، للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن الممتلكات للذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم وعن كل مفقود أو مصاب بضرر، عندما يكون من الواجب وفقاً لمبادئ القانون الدولي والإنصاف أن يعوض عن ذلك الفقدان أو اضرر من قبل الحكومات أو السلطات المسؤولة.

 وتصدر تعليمات إلى لجنة التوفيق بتسهيل إعادة اللاجئين، وتوطينهم من جديد، وإعادة تأهيلهم الاجتماعي والاقتصادي، وكذلك دفع التعويضات، وبالمحافظة على الاتصال الوثيق بمدير إغاثة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين، ومن خلاله بالهيئات والوكالات المتخصصة المناسبة في منظمة الأمم المتحدة..

12. تفوض لجنة التوفيق صلاحية تعيين الهيئات الفرعية واستخدام الخبراء الفنيين العاملين تحت امرتها، ما ترى أنها بحاجة إلية لتؤدي، بصورة مجدية، وظائفها والتزاماتها الواقعة على عاتقها بموجب نص القرار الحالي. ويكون على السلطات المسؤولة عن حفظ النظام في القدس اتخاذ جميع التدابير اللازمة لتأمين سلامة اللجنة. ويقدم الأمين العام عدداً محدداً من الحراس لحماية موظفي اللجنة ودورها.

13. تصدر تعليمات إلى لجنة التوفيق بأن تقدم إلى الأمين العام بصورة دورية، تقارير عن تطور الحالة كي يقدمها إلى مجلس الأمن وإلى أعضاء الأمم المتحدة.
 
14. تدعو الحكومات والسلطات المعنية، جميعاً إلى التعاون مع لجنة التوفيق، وإلى اتخاذ جميع التدابير الممكنة للمساعدة على تنفيذ القرار الحالي.

15. نرجو الأمين العام تقديم ما يلزم من موظفين وتسهيلات، واتخاذ الترتيبات المناسبة لتوفير الأموال اللازمة لتنفيذ أحكام القرار الحالي.
 
تبنت الجمعية العامة هذا القرار في جلستها العامة رقم 128 بـ 23 صوتاً مقابل 13 وامتناع 10 كالآتي:

مع القرار: الأرجنتين، استراليا، بلجيكا، البرازيل، كندا الصين، كولومبيا، الدنيمارك، جمهرية الدومنيكان، الإكوادور، السلفادور، الحبشة، فرنسا؟، اليونان، هاييت’ هندوراس، ايسلندا، ليبيريا، لوكسنبورغ، هولندا، نيوزيلندا، نيكاراغوا، النروج، بنما، باراغواي، بيرو، الفلبين، سيام، السويد، تركيا، جنوب أفريقيا، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة الأمريكية، أوروغواي، فنزويلا.

ضد القرار: أفغانستان، بييلوروسيا، كوبا، تشيكوسلوفاكيا، مصر، العراق، لبنان، باكستان، بولندا، المملكة العربية السعودية، سوريا، أوكرانيا، الاتحاد السوفياتي، اليمن يوغسلافيا.

امتناع: بورما، تشيلي، كوستاريكا، غواتيمالا، الهند، إيران، المكسيك[size=24].
[/size]
-----------------------
 
ثانياً: مضمون القرار (194) والغاية منه:
يتضح لنا من القراءة العامة للقرار رقم (194/3) تاريخ 1948 أن الهدف من ورائه ليس تثبيت حق العودة كما روج ويروج البعض له، بل إنشاء لجنة توفيق دولية تقوم بإجراء الاتصالات مع الأطراف المتصارعة بهدف التوصل إلى تسوية سلميّة بعد الأحداث التي ألمّت بفلسطين جرّاء استيلاء العصابات الصهيونية على 78% من أرضها وطرد ما يزيد عن مليون إنسان من أرضهم وديارهم، واحتلال ما يزيد عن ثلاثة أرباع مدينة القدس، خلافاً لما نصّ عليه القرار 181.
وهذا يعني:
أولاً: أن الهدف غير المعلن للجنة والقرار يرمي إلى التوفيق بين ما نص عليه القرار (181) وبين ما جرى على أرض الواقع بعد الحرب، أي بمعنى العمل على إيجاد تسوية تستند إلى ما تم فرضه على الأرض عن طريق القوة والإرهاب والعنف، خلافاً لميثاق الأمم المتحدة وللقرار (181) ولمطالب العرب المشروعة.
والطريف في الأمر أن تطلب الجمعية العامة من اللجنة بعد كل الحيف والظلم الذي لحق بالعرب ـ ومن ضمنهم الفلسطينيين ـ في المادة 4 أن تبدأ أعمالها فوراً لتقيم في أقرب وقت ممكن علاقات فيما بينهم وبين من ألحقوا بهم الظلم، والأطرف أن تدعو اللجنة في البندين 5 و 6 إلى توسيع نطاق المفاوضات المباشرة بين الضحية والجلاد لتسوية جميع المسائل الأخرى العالقة والمتعلقة بشكل رئيسي بمسألتي التهجير الجماعي لمليون إنسان واحتلال مدينة القدس، وذلك بعد أن تم إبرام اتفاقيات للهدنة جعلت من الاحتلال الصهيوني لـ 78% من أرض فلسطين أمراً منتهياً.
ثانياً: لم تشر المواد 7 و8 و9 إلى الاحتلال الإسرائيلي لمدينة القدس والأماكن المقدسة الأخرى بل اعتبرت ذلك الاحتلال أمراً منتهياً وغير قابل للنقاش، واقتصرت بوجوب طلب اللجنة من السلطات السياسية في المناطق المعنية (أي الخاضعة للاحتلال الإسرائيلي والأردني) تقديم ضمانات رسمية ملائمة لحماية الأماكن المقدسة وحرية الوصول إليها تحت إشراف ومراقبة الأمم المتحدة.
ثالثاً: فيما يتعلق بمسألة اللاجئين المعالجة في البند 11 فقط، فنشير إلى أن القرار ربط حل هذه المسألة الملحة أو المأساة الكبيرة أو الجريمة التي أطلق عليها أرنولد توينبي "جريمة العصر"، بالتوصل إلى حل شامل للصراع، أي أنه ربط حل هذه المسألة الملحة بعملية التسوية النهائية للصراع، مع العلم أن مأساة اللاجئين كانت تتطلب حلاً عاجلاً وسريعاً، وهذا ما أشار إليه وأكد عليه كلٌ من الكونت برنادوت وخليفته الدكتور رالف بانش.
وفي الوقت الذي كان يتطلب الأمر أن تصدر الجمعية العامة أو مجلس الأمن قرارات ملزمة وحازمة ترغم المسماة "إسرائيل" على إعادة هؤلاء اللاجئين المشردين إلى قراهم بأسرع وقت ممكن ومن دون أي قيد أو شرط، تجاهلت الجمعية العامة هذه المأساة وربطت حلها بالتسوية الشاملة للصراع، وهذا ما دفع القانوني الكبير (رينيه رادلي) (3) إلى القول: "إن حق الفرد بالعودة إلى منزله لم يكن يوماً في أي مؤتمر دولي يستند لقانون دولي أو مرهوناً بموقف جيرانه الآخرين"، أي بمعنى أن حق العودة يجب ألا يصبح مرهوناً لتحققه بقرار دولي، ولا بشرط التوصل إلى تسوية بين الدول العربية والمسماة "إسرائيل"، ولا يجوز أن يؤجّل حتى حصول هذه التسوية التي كما يقول رادلي قد تتحقق وقد لا تتحقق حتى لو توصلت جميع الدول العربية والمسماة "إسرائيل" إلى تسوية باستثناء دولة واحدة.
ومع ذلك إذا تجاهلنا جميع هذه الملاحظات وذهبنا مع المتمسكين بالبند 11 ووضعناه على طاولة البحث والدراسة فإننا نسجل حوله الملاحظات التالية:
 
1. إن إيراد كلمة "اللاجئين الراغبين بالعودة إلى ديارهم" من دون تحديد هويتهم أو جنسيتهم ومن دون أن ترفق بكلمة الفلسطينيين تعني أن المقصود بها جميع اللاجئين بما فيهم اليهود المقيمين في جميع دول العالم باعتبار أنهم حسب الرؤية الصهيونية والغربية قد تحولوا إلى لاجئين منذ حوالي 2000 عام بعد أن طردهم الفرس والرومان والعرب (الأوباش) من وطنهم التاريخي فلسطين باعتبارها الأرض التي وعدهم بها الرب "يهوه".
 
2. جملة "وجوب السماح بالعودة" تتناقض مع العودة كحق طبيعي، فكلمة "وجوب" هنا معطوفة على السماح، أي بمعنى أن السماح هو واجب وليس فرضاً، كحق طبيعي غير قابل للتصرف مما يفهم منه أيضاً أن الواجب يعود على من يَحقُ له السماح، أي أن المسماة "إسرائيل" هي التي يصبح من حقها أن تسمح أو لا حسب تقديرها للأمور، أي بمعنى أن العودة لم تعد حقاً معطى مسبقاً لجميع الفلسطينيين الذين طردوا من ديارهم وبيوتهم، بل هي مربوطة بمن يسمح لهم بالعودة، أي بمن تتكرم "إسرائيل" وتمن عليهم وتسمح لهم بالعودة.
ولقد استخدم مندوبو "إسرائيل" في الأمم المتحدة هذا المصطلح لرفض إعادة اللاجئين من منطلق أن مبدأ السماح هو من حق الدولة اليهودية الذي يتناقض مع حق سيادة الدول على أراضيها، وهذا ما أشار إليه (هنري كتن) (4) بقوله "لقد تذرعت إسرائيل بحق السيادة لإحباط جميع قرارات الأمم المتحدة بما فيها القرار (181) الذي شرع وجودها"، ولذلك من الوهم التصور بأن جملة وجوب السماح يمكن أن تشكل أي ضغط على "إسرائيل" كما يرى المتمسكون بالقرار (194) وخاصة بهذا البند.
 
3. تَْشُرط المادة 11 في قسمها الثاني الذين يحق لهم العودة فقط، بأولئك الذين يرغبون بالعودة للعيش بسلام مع من قاموا باحتلال بلدهم، وليس بصفتهم مواطنين كاملي المواطنة كما ورد في الفصل الثالث من قرار التقسيم، بل كمواطنين من الدرجة الثالثة كما هو حاصل اليوم في فلسطين المحتلة.
وبالتالي فإن من لا تسمح لهم كرامتهم بالعودة للعيش كمواطنين من الدرجة الثانية أو الثالثة وهم كثر ـ إن لم نقل يشكلون الغالبية ـ لن يعودوا، لذلك لوّحت لهم هذه المادة بالحصول على تعويضات.
 
4. أما إذا ناقشنا مسألة التعويضات الواردة في القسم الثاني من البند 11 فإننا نجد أنها ستُدْفع لمن يثبتون بالوثائق والأدلة وجود ممتلكات لهم، وهذا ما طالبت به اللجنة المسؤولين العرب والفلسطينيين وما كرست لجنة التوفيق الدولية جُلَّ وقتها من عام 1948 حتى عام 1952، أي بمعنى أن من يحق لهم الحصول على التعويض لن يتجاوزوا الـ 20 % من الفلسطينيين باعتبار أن ملكية 80 % من اللاجئين كانت ملكيات عامة أو على الشيوع، مما يعني ضياع حقهم في العودة والتعويض.
 
5. إذا ما دققنا في جملة "عندما يكون من الواجب وفقاً لمبادئ القانون الدولي أن يعوض عن ذلك الفقدان أو الضرر من قبل الحكومات أو السلطات المسؤولة" فإننا نفهم أن التعويض سيكون خاضعاً لمحاكم وقضاة ومحامين وجلسات استئناف وفقاً للقانون الدولي (التي تتطلب مصاريف يعجز عنها 90 % من اللاجئين)، والأهم أن التعويض لن يدفع من قبل "إسرائيل" باعتبارها المُتَسبب بالأضرار، بل من قبل الحكومات والسلطات المعنية، أي أن الدول العربية هي التي ستدفع التعويضات لأنها مسؤولة بشكل ما عن هجرة الفلسطينيين، لذلك طالب اليهود للحد من مطالب العرب أن تدفع الدول العربية تعويضات عن أملاك اليهود الذين تركوا البلدان العربية، أي أن التعويضات التي ستدفع لليهود قد تكون أكثر من التي ستدفع للعرب الفلسطينيين، باعتبار أن أملاك اليهود في البلدان العربية مثبتة بأوراق (طابو)، وقد عبرت المسماة "إسرائيل" للجنة التوفيق عن رأيها بالقول: "إن التعويضات يجب أن تدفع للحكومات والجهات المعنية من أجل توطين اللاجئين وليس للاجئين أنفسهم بصورة مباشرة".
 
6. أما الفقرة الثانية من المادة 11 والتي تنصّ على إن الجمعية العامة تصدر تعليماتها للجنة التوفيق لتسهيل إعادة اللاجئين دون أن تحدد من تنطبق عليهم صفة اللاجئ، ولكننا نراها تركز بشكل واضح في شقها الثاني، على ضرورة توطينهم من جديد وإعادة تأهيلهم الاقتصادي والاجتماعي مع شرط القبول بالتسوية.
وبالتالي فإذا أقمنا ربطاً بين الشقين الأول والثاني من البند 11 نجد أن الفقرة 11 كلها ومن الناحية العمليّة ترجّح كفة التعويضات والتوطين على العودة التي وضعت أمامها شروطاً تعجيزيّة، وهذا ما بدأت به لجنة التوفيق عام 1949 بتشكيلها لجنة (كلاب) (5) التي تركزت مهمتها على دراسة الأوضاع الاقتصادية للبلدان المضيفة للاجئين والتي تأثرت بالقتال الحاصل من أجل مساعدة الحكومات المضيفة للسير قدماً في برامج الإنعاش الاقتصادي والاجتماعي، بما يسهّل عملية دمجهم في حياة المنطقة وجعلهم جزءاً لا يتجزأ منها، وبما يمكنهم من إعالة أنفسهم في أقصر وقت ممكن، وهو الأمر الذي أكدت عليه ثانيةً الجمعية العامة للأمم المتحدة عندما شكلت الهيئة العامة لإغاثة وتشغيل اللاجئين استناداً للقرار (302) عام 1949 والذي ينصّ بشكل واضح على "أن اندماج اللاجئين الفلسطينيين اقتصادياً في الشرق الأوسط إما بالعودة أو الاستيطان ضروري أثناء التحضير للفترة الانتقالية التي تتوفر فيها المعونة العالمية من أجل تحقيق شرط السلام والاستقرار في المنطقة".
 
ثالثاً: المخالفات القانونية والسياسية للقرار 194
 
يرى (جان إيف أوليه) في كتابه عن لجنة التوفيق الدولية بشأن فلسطين (6) أن ثلاثة عناصر حددت سلفاً عمل اللجنة، أساسها القانوني وتكوينها وصفات أعضائها وموقف أطراف النزاع منها:
 
أ/ استناداً لتعريف التوفيق في القانون الدولي باعتباره (إجراءاً شبه قضائي لتسوية نزاعات، تقع في منزلة وسط بين التحقيق والتحكيم، يتضمن أن يعهد طرفا النزاع إلى هيئة ما لتقوم بامتحان جميع وجوه النزاع واقتراح حل لا تكون له صفة إلزامية) يرى أوليه:
1. بما أن اللجنة تكونت بناءً على طلب من الجمعية العامة استجابة للاقتراح الذي تقدم به الوسيط الدولي (الكونت برنادوت) وليس بناء على طلب أو استجابة لرغبة طرفي النزاع، فإن هذا جعل من عمل اللجنة محكوم عليه بالفشل سلفاً.
2. بما أن مواقف طرفي النزاع كانت متباعدة جداً من الناحية الحقوقية ويصعب التوفيق بينها من خلال الإقناع والحوار والمفاوضات، لذلك كان من المتعذر التوصل إلى اتفاق أو إلى حل وسط فيما بينهما من خلال المفاوضات، كما نص على ذلك القرار في المواد 4 و 5 و 6.
3. بما أن القرار لم يشر إلى حق اللجنة في تقديم الاقتراحات التي تراها مناسبة، يكون قد أفقدها سلطةً معنوية حكمت على عملها سلفاً بالفشل قبل أن تبدأ، الأمر الذي يفهم منه أن تشكيل اللجنة لم يكن يهدف إلى التوفيق بقدر ما كان يرمي إلى إضاعة الوقت أو كسبه من قبل أحد طرفي النزاع.
(في الظروف الملموسة للنزاع كانت المسماة "إسرائيل" هي الطرف المستفيد لأنها الأقوى والأقدر على حصول مزيد من عوامل القوة، في حين كان الطرف العربي مشتتاً ومحاصراً ويفتقد القدرة على اتخاذ المواقف الموحدة الأمر الذي أتاح للمسماة "إسرائيل" الانفراد بكل طرف عربي على حده لتثبيت الحدود التي جرى احتلالها بالقوة العسكرية كأمر واقع وليس استناداً للاقتراحات التي تقدمت بها الجمعية العامة أو الوسيط الدولي، وهذا الأمر ما زال سارياً منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم).
4. بما أن التوفيق هو نهج مرن جداً لتسوية النزاعات ويترك للأطراف المتنازعة كامل حريتها وسيادتها فإنه يجعل من عدم إلزامية اقتراحات اللجنة أمراً عبثياً. وبما أن القرار افتقد إلى لا يقينية المصطلحات والمرجعيات وكان يعوزه التماسك، وإن كان عامل المرونة هذا مهم جداً من الناحية العملية إلا أنه من الناحية القانونية جعل عمل اللجنة عديم الجدوى.
5. عندما كلفت الجمعية العامة اللجنة في الفقرة (ب) من المادة (أ) الواردة في القرار (194) (بمهمة تنفيذ المهام والتوجهات المحددة التي يصدرها القرار إليها إضافة للمهمات والتوجهات الإضافية التي تصدرها الجمعية العامة أو مجلس الأمن) فإن القرار يكون قد خلق حالة من الازدواجية تجعل من أي اقتراح تتقدم به اللجنة غير ذي قيمة من دون العودة إلى الجمعية العامة أو مجلس الأمن.
 
ب/ فيما يتعلق بتكوين اللجنة وصفات أعضائها، فإن السيد أوليه يرى أن اللجنة وإن كانت قد تشكلت استجابة لرغبة الوسيط الدولي، إلا أنها عملياً ابتعدت عن اقتراحه المتعلق بالتفويض الذي يجب أن يعهد به إلى أفراد مستقلين، باعتبار أن الجمعية العامة ارتأت في البند الثاني أن يكون الوسيط دولاً على أن تنتدب هذه الدول ممثلين عنها، بالزعم أن ذلك سيوفر للجنة دعماً سياسياً ويجعلها أكثر فعالية لكن تكوين اللجنة من دول مثل فرنسا والولايات المتحدة المنحازتين لكيان "إسرائيل" إضافة لتركيا لتقوم هذه الدول الثلاث بدور الوسيط جعل عمل اللجنة غير ذي جدوى لافتقاده إلى النزاهة المطلوبة.
 
ج/ أما فيما يتعلق بمواقف أطراف الصراع من اللجنة فإن المؤلف يرى أن المسماة "إسرائيل" لم تكن متعاونة معها ولم تعر اقتراحاتها أي اهتمام، وظلت ماضية في سياستها كما لو أن اللجنة غير موجودة.
وبما أن الفقرة (5) من القرار تدعو الحكومات إلى توسيع نطاق المفاوضات وإلى البحث عن اتفاق عن طريق المفاوضات المباشرة مع اللجنة أو بين الأطراف المتنازعة، التي كان معروفاً أنه من المستحيل أن توافق على إجراء مفاوضات مباشرة فيما بينها فإن هذا الواقع يكون قد أغلق الباب سلفاً على أية إمكانية للتوصل إلى تسوية سلمية، زعم القرار أنه صدر من أجلها، وترك الباب مفتوحاً للصراع حتى وقتنا الراهن.
 
نخلص مما سبق إلى أن القرار (194) لا يصلح للمطالبة بحق العودة ولا بأي حق آخر مسلوب بقدر ما يصلح للبحث عن تسوية على أساس الأمر الواقع المفروض بالقوة والتواطؤ بين الدول الاستعمارية المسيطرة على مجلس الأمن والحركة الصهيونية وبين القيادات العربية والفلسطينية، أو لنقل صراحة لتصفية القضية، وهو ما عملت عليه الأمم المتحدة والدول الكبرى الاستعمارية وكثير من القيادات الفلسطينية والعربية منذ عام 1948 وحتى اليوم من خلال اتفاقيات كامب ديفيد وأوسلو ومدريد وأخيراً أنابوليس.
لذلك نقول للمتمسكين بجميع حقوقهم الذين رفضوا وما زالوا يرفضون تقسيم بلدهم بينهم وبين هؤلاء الغزاة القادمين من خارج التاريخ والمحملين بالأوهام والأطماع والأحقاد أنه:
 
1. إذا كان القرار (181) قد شّرع للدولة اليهودية امتلاك 54% من أرض فلسطين فإن القرار (194) قد شرّع رسمياً احتلالها وامتلاكها لـ 78% من أرض فلسطين.
 
2. وإذا كان القرار (181) قد حرَّم في المادة 8 من الفصل الثاني نزع ملكية أي فلسطيني موجود على الأراضي المخصصة للدولة اليهودية فإن القرار (194) تغاضى عن عملية نزع الملكية هذه أو تعاطى معها كأمر واقع غير قابل للتبديل.
 
3. وإذا كان القرار (181) قد أقر حق الفلسطينيين بالبقاء على أرضهم سواء في الدولة اليهودية أو العربية مع تمتعهم بحقوقهم السياسية والمدنية والدينية كاملة، فإن القرار (194) سلب منهم هذه الحقوق وجعل عودتهم مرهونة بموافقة المسماة "إسرائيل" وشرطها بمن يرغب بالعودة للعيش بسلام مع أعدائهم دون مساواتهم مع اليهود في الحقوق.
 
4. وإذا كان القرار (181) قد نصّ على عدم موافقة الأمم المتحدة على إقامة دولة يهودية من دون إقامة الدولة الثانية العربية حسب الفقرة (و) الواردة في القرار (181)، فإن القرار (194) دشّن ولأول مرة حق اليهود في أن يكون لهم دولة خلافاً للقرار (181) في الوقت الذي شطب فيه حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم وبذلك يكون أول قرار دولي تغاضى أو شطب الحق الطبيعي للفلسطينيين في أن يكون لهم دولة مستقلة أسوة بغيرهم من الشعوب. 
 
نخلص مجدداً مما سبق إلى أن القرار (194) لا يصلح لأن يستخدم كسلاح ولا حتى كشعار لمحاصرة إسرائيل أو للتمسك بحل عادل لقضية اللاجئين الأمر الذي يفترض بالقوى التي ما تزال تتمسك بحقها في فلسطين كل فلسطين من البحر إلى النهر وباستعادة جميع أملاكهم المنهوبة والمسروقة منذ عام 1918 أن تبحث عن مرجعيات أخرى وإتباع وسائل أخرى ثبتت صحتها على أرض الواقع تمكنهم من استعادة تلك الحقوق.
 
-------------------------------
المراجع:
1. وثائق فلسطين صفحة 400 إصدار دائرة الثقافة في م ت ف 1978م.
2. موقع الجمعية العامة للأمم المتحدة على الانترنت http://www.un.org/unrwa/arabic/Roll/Ru194.htm[size=24].[/size]
3. ص117، موسى مزاوي، فلسطين في القانون الدولي، كتاب لم ينشر بعد.
4. ص 171، فلسطين على ضوء  الحق والعدل، هنري كتن.
5. برئاسة الأمريكي كلاب وعضوية كل من فرنسا وبريطانيا وتركيا.
6. إصدار مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت ، 1991 ، ترجمة : نصير مروة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69786
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

القدس والقانون الدولي – مراجعة لمن يهمه الأمر Empty
مُساهمةموضوع: رد: القدس والقانون الدولي – مراجعة لمن يهمه الأمر   القدس والقانون الدولي – مراجعة لمن يهمه الأمر Emptyالأحد 20 سبتمبر 2015, 6:22 am

القدس في قرارات الامم المتحدة

سوف يقتصر الحديث في هذا السياق على قرارات الأمم المتحدة الصادرة منذ عام 1947 وحتى الآن، مع استثناء واحد وهو قرار عصبة الأمم الصادر عام 1931، نظراً لأهميته في فضح الأضاليل الصهيونية التي تبدأ بالمطالبة بشيء بسيط لتنتهي إلى الادعاء بـ "الحق" في الملكية الكاملة، وهذا ما ظهر في حائط البراق والساحة أمامه.

قرار عصبة الأمم

في عام 1929 اندلعت ثورة البراق عندما نظم المستوطنون اليهود مظاهرة في شوارع القدس حتى وصلوا الى حائط البراق ورفعوا العلم الصهيوني هناك، وأنشدوا الاناشيد الصهيونية، متحدين مشاعر المسلمين ومدعين ملكية الحائط والساحة أمامه. 

توترت الاجواء واشتبك الطرفان وعمت المظاهرات المدن الفلسطينية وكانت نتيجة الحوادث سقوط (116) شهيداً. وجرح (232) في مختلف مناطق فلسطين سقط من بينهم في القدس وحدها قرابة الخمسين شهيداً. إضافة الى مئات القتلى والجرحى من اليهود. 

في أعقاب تلك الاعتداءات الآثمة شكلت عصبة الامم لجنة دولية للتحقيق في الاوضاع في فلسطين، وبعد شهور عديدة قدمت اللجنة تقريرها لعصبة الأمم، التي أصدرت بناء عليه، قرارها عام 1931، والذي تؤكد فيه حق ملكية الحائط والرصيف الذي أمامه، للمسلمين. ومما جاء فيه: 

"للمسلمين وحدهم تعود ملكية الحائط الغربي (حائط البراق)، ولهم وحدهم الحق العيني فيه، لكونه يؤلف جزءاً لا يتجزأ من باحة الحرم القدسي الشريف، التي هي من أملاك الوقف. وللمسلمين ايضاً تعود ملكية الرصيف الكائن امام الحائط، وأمام المحلة المعروفة بحارة المغاربة المقابلة للحائط، لكونه موقوفاً حسب أحكام الشرع الاسلامي لجهات البر والخير". 
"إن أدوات العبادة و(أو) غيرها من الأدوات التي يسمح لليهود بوضعها بالقرب من الحائط، إما بالاستناد الى أحكام هذا القرار، أو بالاتفاق بين الفريقين، لا يجوز في حال من الأحوال، أن تعتبر بأنها، أو يكون من شأنها، انشاء أي حق لليهود في الحائط أو في الرصيف المجاور له".

قرارات الأمم المتحدة 
قرار التقسيم


في 29/11/1947 أصدرت الجمعية للأمم المتحدة قرارها المشؤوم رقم (181) بتقسيم فلسطين، الى دولتين دولة عربية واخرى يهودية أعطت فيه اليهود بدون ادنى حق أكثر من نصف مساحة فلسطين مجاناً ليقيموا دولة على ما نسبته حوالي 56%، من مساحة فلسطين الكلية البالغة حوالي 27.000كم2، على الرغم من أن اليهود لم يكونوا يملكون حوالي 6% من أرض فلسطين، بالرغم من كل التسهيلات التي كانت بريطانيا - الدولة المنتدبة على فلسطين- تقدمها لهم للحصول على أراضي فلسطين، بما في ذلك منحهم أراضي أميرية مجاناً . اشترط القرار إقامة دولتين: عربية على 43% من أرض فلسطين، ويهودية على المساحة الباقية. واستثنى القدس وضواحيها، التي جعل لها كياناً منفصلاً خاضعاً لاشراف الأمم المتحدة ولها دستورها وقانونها الخاص، وبمساحة حوالي (60) كم2 أي أقل من (0.6%) من مساحة فلسطين. ولكن الدولة الفلسطينية لم تقم. بل وتشرد أكثر من ثمانمائة الف لاجيء فلسطيني منها، أصبح عددهم الان داخل فلسطين وفي الشتات خمسة ملايين لاجىء، بالاضافة إلى 150 الفاً بقوا في فلسطين المحتلة عام 1948، (وهم من يسمون "عرب اسرائيل" و(يملكون حوالي 4% من أرضهم فقط)، أصبح عددهم الآن حوالي مليون وربع المليون، بعضهم لاجيء خارج فلسطين وبعضهم الآخر لاجيء داخلها (في فلسطين المحتلة عام 1948، "إسرائيل"). بالاضافة الى سكان الضفة الغربية وقطاع غزة وعددهم حوالي ثلاثة ملايين بمن فيهم اللاجئون المقيمون في الضفة الغربية وقطاع غزة ويعيشون في مساحة 20% من فلسطين. أما الدولة العبرية فلم تكتف بما خصص لها قرار التقسيم بل ابتلعت حوالي 77% من مساحة فلسطين عام 1948. ثم احتلت ما بقي من فلسطين وهي الضفة الغربية وقطاع غزة في عدوان 1967، والآن تحاول اقتطاع جزءٍ من اراضي الضفة الغربية وقطاع غزة، بما فيها القدس "الموّحدة" بكاملها، من خلال إدعاء ملكية المستعمرات التي اقامتها فيها على أرض الفلسطينيين المصادرة.

في 11/12/1948 صدر قرار الجمعية العامة رقم (194) الذي ينص على حق عودة اللاجئين الى ديارهم في فلسطين وتعويضهم عن الخسائر التي لحقت بهم وتأهيلهم، بما في ذلك اللاجئون من أهالي القدس.

القرارات بعد عام 1967

في 7/6/1967قامت القوات الاسرائيلية باحتلال الشطر الشرقي من القدس والضفة الغربية وغزة، أي جميع ما تبقى من فلسطين. وبعد ذلك بثلاثة أسابيع أعلنت تطبيق القوانين الاسرائيلية على القدس وقامت بمصادرة (66) كم2، من أراضي (28) قرية عربية شرق القدس لتقيم عليها مستعمرات يهودية, ولتصبح مساحة القدس (108) كم2، فيما أصبح يعرف "بلدية القدس الموحّدة". كما قامت اسرائيل بمصادرة (116) دونماً داخل البلدة القديمة وهدمت المباني التي كانت قائمة فيها وشردت اكثر من 6000 فلسطيني منها، لتقيم مستعمرة جديدة لليهود فيما يسمى "الحي اليهودي". 
أثارت هذه السياسة الاستيطانية الاسرائيلية الدول العربية، التي تقدمت بالعديد من مشاريع القرارات لادانة السياسة الاسرائيلية الى الامم المتحدة.

وفي 22/11/1967 صدر قرار مجلس الأمن الشهير(242) حول اقرار مبادئ سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط يرتكز على انسحاب القوات الاسرائيلية من الأراضي التي احتلها في النزاع الأخير عام (1967)، وتحقيق تسوية عادلة للاجئين الفلسطينيين.

في 4/7/1967 صدر قرار الجمعية العامة رقم 2253 (دأط-5) القاضي بدعوة اسرائيل الى الغاء التدابير المتخذة لتغيير وضع القدس والامتناع عن ذلك في المستقبل.

ثم توالت القرارات بعد ذلك، نورد فيما يلي بعضاً منها:

في 27/4/1968 دعا قرار مجلس الأمن رقم 250 اسرائيل الى الامتناع عن اقامة العرض العسكري الاسرائيلي في القدس.

وصدر في 21/5/1968 قرار مجلس الأمن رقم 252، يدعو اسرائيل الى الغاء جميع اجراءاتها لتغيير وضع القدس بما في ذلك مصادرة الأراضي والأملاك.

في 15/9/1969 صدر قرار مجلس الأمن رقم 271 بإدانة حريق المسجد الأقصى.

أصدرت الجمعية العامة في 20/12/1971 قرارها رقم 2851 د-26 تطالب اسرائيل بالغاء ضم الأراضي المحتلة بما فيها القدس.

في 22/10/1973م جاء القرار (338) على اثر حرب رمضان، ليؤكد على تنفيذ القرار السابق 242 والذي يقضي بانهاء الاحتلال الاسرائيلي للضفة الغربية بما فيها القدس وقطاع غزة، وغيرها من أراضي الدول العربية التي احتلت عام 1967، بالاضافة الى حل مشكلة اللاجئين حلاً عادلاً.

دعا قرار مجلس الأمن رقم 465 بتاريخ 1/3/1980م، اسرائيل للقيام بتفكيك المستوطنات القائمة والتوقف عن التخطيط للمستوطنات وبنائها في الأراضي العربية المحتلة بما فيها القدس.

في 29/7/1980م صدر قرار الجمعية العامة رقم دأط - 7/2 يطالب اسرائيل بالبدء بالانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس، وغيرها من أراضي الدول العربية الأخرى وذلك قبل 15/11/1980م.

أما قرار مجلس الأمن رقم 478 فقد نص بتاريخ 20/8/1980م على عدم الاعتراف بما يسمى " القانون الاساسي" الذي أصدرته اسرائيل بشأن القدس، كما طلب من دول العالم أن تسحب بعثاتها الدبلوماسية من القدس، ولام اسرائيل أشد اللوم لمصادقتها على "القانون الأساسي" في الكنيست.

أعاد قرار الجمعية العامة رقم 35/169 بتاريخ 15/12/1980 تأكيد حق الشعب الفلسطيني في العودة الى دياره وممتلكاته في فلسطين وحقه في اقامة دولته المستقلة ذات السيادة.

كما اعتبر القرار رقم 36/226 بتاريخ 17/12/1981 الاتفاقات المعقودة بين الولايات المتحدة واسرائيل بشأن التعاون الاستراتيجي والتي وقعت في 30/11/1981 تشجيعاً لسياسة اسرائيل العدوانية التوسعية في الأراضي الفلسطينية والعربية الأخرى المحتلة منذ عام 1967 بما فيها القدس.

واكدّ القرار رقم 39/146 بتاريخ 14/12/1984 الصادر عن الجمعية العامة بأن قرار اسرائيل ضم القدس واعلانها "عاصمة" لها فضلاً عن التدابير الرامية الى تغيير طابعها المادي وتكوينها الديموغرافي وهيكلها المؤسسي ومركزها القانوني باطلة ولاغية وتطالب بالغائها فوراً.

وقد أعرب مجلس الأمن في قراره رقم 672 تاريخ 13/10/1990 عن الجزع لأعمال العنف في الحرم الشريف وغيره من الاماكن المقدسة في القدس، ومقتل اكثر من 20 فلسطينياً وجرح 150 من المصلين والمدنيين.

اما قرار الجمعية العامة رقم 45/68 بتاريخ 6/12/1990 فقد اكد على المبادئ التالية لتحقيق سلم شامل: انسحاب اسرائيل من الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 بما فيها القدس، تصفية المستوطنات ( المستعمرات)، حل مشكلة اللاجئين الخ.

أما مجلس الأمن فأدان في قراره رقم 726 بتاريخ 6/1/1992 إبعاد 12 مدنياً فلسطينياً، واكد انطباق اتفاقية جنيف على الأراضي المحتلة عام 1967 بما فيها القدس، وطالب بعدم ابعاد مدنيين جدد، وإعادة المبعدين فوراً.

هذه بعض من القرارات الصادرة عن مجلس الأمن والجمعية العامة. وهناك العديد من القرارات الصادرة عن منظمات دولية أخرى، ادانت الاجراءات الاسرائيلية. حيث ادانت اليونسكو الاعتداءات الاسرائيلية على التراث الثقافي والديني والحضاري الاسلامي والعربي، في محاولة لتغيير طابع المدينة وتحويلها الى مدينة يهودية.

وفيما يلي مجمل لأهم ما تضمنته نصوص قرارات الأمم المتحدة بهيئاتها المختلفة. ويلاحظ أولاً أن مضمون العبارة التالية ترد في الكثير من القرارات: 

القدس والاراضي الفلسطينية والاراضي العربية الاخرى التي استولت عليها اسرائيل عام 1967 هي اراض محتله، تنطبق عليها وعلى سكانها، كافة القوانين والمواثيق والاتفاقيات الدولية التي تنطبق على الاراضي المحتلة، واسرائيل هي سلطة احتلال.

وبشكل عام يمكن القول ان قرارات الأمم المتحدة سواء قرارات مجلس الأمن او الجمعية العامة تؤكد على: 

إلغاء التدابير التي اتخذتها اسرائيل ضد السكان المدنيين، الغاء ابعاد الفلسطينيين والمطالبة باعادتهم فوراً، تحميل اسرائيل مسؤولية أمن اللاجئين، ادانتها لاستمرار احتلال الاراضي وضرورة الانسحاب الكامل وغير المشروط منها، الغاء التدابير المتخذة ضد المؤسسات التعليمية، المناشدة بتقديم هبات للجامعات الفلسطينية ولجامعة القدس المقترحة، حل مشكلة اللاجئين حسب قرار 194 لعام 1948، عدم شرعية المستوطنات الاسرائيلية وضرورة تصفيتها. حرية الوصول للامكان المقدسة، الأمن لجميع دول المنطقة الواردة في قرار التقسيم رقم 181 لعام 1947، الرغبة بوضع الأراضي الفلسطينية تحت اشراف الأمم المتحدة (أو اشراف دولي آخر ملائم) لفترة انتقالية، كجزء من عملية السلام، الطلب الى مجلس الأمن النظر في اتخاذ التدابير اللازمة لتوفير الحماية الدولية للمدنيين الفلسطينيين، التحقيق في معاملة السجناء، الطلب الى الدول ضمان احترام اسرائيل لاتفاقية جنيف، شجب نقل بعض الدول بعثاتها الدبلوماسية للقدس، الغاء ضم القدس واعلانها "عاصمة" لاسرائيل، ضرورة عدم تغيير طابعها، وعدم اجراء حفريات ونهب الممتلكات الاثرية، وبطلان فرض قوانينها وادارتها عليها، تحسين سبل معيشة الشعب الفلسطيني، اعادة ما استولت عليه من وثائق من المحكمة الاسلامية الشرعية في القدس، واعادة فتح مستشفى الهوسبيس في القدس، شجب استمرار اسرائيل تجاهل قرارات الأمم المتحدة، اعادة التأكيد على أن التوصل الى حل شامل وعادل ودائم يستدعي الانسحاب الاسرائيلي الشامل من الاراضي المحتلة بما فيها القدس، وحق اللاجئين في العودة أو التعويض وحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط تحت اشراف الأمم المتحدة أو بمشاركتها الفعالة. شجب اتفاقية التحالف الاستراتيجي بين اسرائيل والولايات المتحدة، شجب استخدام حق النقض (الفيتو) الذي قامت به دولة عضو دائم في مجلس الأمن (الولايات المتحدة) لمنع المجلس من تطبيق العقوبات التي اوصت بها الجمعية العامة للأمم المتحدة ضد اسرائيل، تكرار الشجب والإدانة والاستنكار لاستمرار اسرائيل في ممارسة كافة اساليب القمع والابعاد ضد السكان وبناء المستوطنات وتغيير طابع مدينة القدس، جغرافيا وحضرياً وسكانياَ وتراثياً.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69786
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

القدس والقانون الدولي – مراجعة لمن يهمه الأمر Empty
مُساهمةموضوع: رد: القدس والقانون الدولي – مراجعة لمن يهمه الأمر   القدس والقانون الدولي – مراجعة لمن يهمه الأمر Emptyالأحد 20 سبتمبر 2015, 6:26 am

القدس في السياسة الأردنية
د. حازم نسيبة
 
احتلت القدس، وما زالت تحتل مركز صدارة في سياسة الأردن الداخلية والخارجية، وعلى امتداد العقود الستّة التي مرّت منذ قيام المملكة الأردنية الهاشمية التي ضمت الأردن، وما أمكن للأردن إنقاذه من فلسطين، في حرب عام 1948 المصيرية.
 
ليس غريباً أن تكون للقدس مثل هذه المكانة الرئيسية الفريدة في عقول وقلوب الشعب الأردني والفلسطيني بل، والعربي والإسلامي أيضاً بدرجات متفاوتة، تبعاً للقرب أو البعد منها، ليس جغرافياً فحسب، ولكن إيمانياً ووجدانياً وحياتياً. فالقدس هي قبلة المسلمين الأولى والمسجد الأقصى  هو ثاني المسجدين، من حيث القدم بعد الكعبة، وثالث الحرمين الشريفين. يضاف إلى ذلك بعدها الاستراتيجي والجغرافي والتاريخي العميق، منذ أقامها اليبوسيون الكنعانيون العرب قبل نيف وخمسة آلاف عام من التاريخ المسجل. وحسبي أن أذكر أن الشعوب العربية والإسلامية لم تتوحد في تاريخها الطويل، مثلما توحدت في الذود عن القدس حاضرة فلسطين، ضد جميع الطامعين فيها، وفي مقدمتهم الشعوب الأوروبية التي غزتها في أمواج متلاحقة على مدى أكثر من قرنين من الزمان، ما بين القرنين الحادي عشر والثالث عشر تحت مسمى الحروب الصليبية، وهو مسمى فيه من التجاوز وسوء المعنى ما فيه؛ ذلك لأن الإسلام كان حريصاً كل الحرص، على احترام أماكن العبادة المسيحية، وقد جسّد ذلك الحرص في كتابه المنزل وفي العهدة العمرية التي أعطاها الخليفة العادل عمر بن الخطّاب عند استلامه مفاتيح المدينة من بطريرك الروم سوفرونيوس. ودليل آخر على ما تقدم أنه بينما كان الأوروبيون يطلقون على تلك الحملات اسم الحملات الصليبية، كان المسلمون في مجموع تراثهم وتاريخهم ووعيهم يسمونها بحروب الفرنجة، وهو الوصف الأصح والأدق لتلك الحروب.
 
سياسة الأردن المعاصرة تجاه مدينة القدس، بدأت أول ما بدأت من مطلقة من قرار تقسيم فلسطين الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 نوفمبر تشرين الثاني 1947. نص ذلك القرار رقم 181 في الجزء الثالث منه، على جعل مدينة القدس كياناً منفصلاً (Corpus Separatum)، تحت نظام دولي خاص، تديره الأمم المتحدة. وقد أوكل لمجلس الوصاية مهمة تنفيذ المسؤوليات المناطة بسلطة إدارتها، بالنيابة عن الأمم المتحدة.
 
وقد رسمت الفقرة (ب) من القرار حدود مدينة القدس بحيث شملت حدود بلدية القدس التي كانت قائمة آنذاك، يضاف إليها المدن والقرى المحيطة بها، والتي تضم في بعدها الشرقي قرية أبوديس، وفي بعدها الجنوبي بيت لحم، وفي بعدها الغربي عين كارم، بما في ذلك منطقة قالونيا العربية وبجوارها موتزا اليهودية، وفي بعدها الشمالي شعفاط، كما هو مبين في الخارطة المرفقة بالقرار.
 
وقد طلب من مجلس الوصاية، في غضون خمسة أشهر، وضع مشروع دستور مفصّل للمدينة الموسعة يشتمل على ما يلي:
 
1.    جهاز حكومي وأهداف محددة منها:
2.  حماية والمحافظة على المصالح الروحية والدينية الفريدة التي تضمها القدس في جنباتها، والخاصة بأتباع الديانات السماوية الثلاث المسيحية والإسلامية واليهودية؛ ومن أجل ذلك، ضمان الأمن والسلام، وبالأخص السلام الديني، وتنمية العلاقات الوديّة والتعاون بين الشعبين الفلسطينيين، على امتداد الأراضي المقدّسة. وكان اليهود يعتبرون جزء من الشعب الفلسطيني.
 
كما نص القرار في فقرته الثانية على تعيين حاكم وجهاز إداري من قبل مجلس الوصاية، كممثل للأمم المتحدة، وأن يدير شؤون القدس، بما في ذلك الشؤون الخارجية. ويعتبر موظفوا الجهاز الإداري موظفين دوليين يختارون من مواطني المدينة وسائر فلسطين، وعلى أسس غير متحيزة.
 
ماذا عن أكناف القدس وضواحيها والتي يملك العرب أكثر من ثلثيها أرضاً وأملاكاً وشعباً وبلدات وقرى؟
 
تنص المادة (3) على ما يلي:
أ‌-  الوحدات القائمة تتمتع باستقلال ذاتي ضمن أراضي مدينة القدس، وتتمتع القرى والبلدات والبلديات بسلطات واسعة في إدارة وحكم نفسها.
ب‌-على حاكم المدينة أن يُقدّم للبحث واتخاذ القرار، مخططاً لإقامة وحدات مدن خاصة تتألف من المناطق العربية واليهودية في القدس الجديدة.
 
وهناك تفصيلات مطوّلة أخرى حول الأمن وإقامة مجلس تشريعي ونظام قضائي مستقل، وأن تكون القدس جزءً من الوحدة الاقتصادية لفلسطين بدولتيها، وحرية الزيارة والترانزيت، وأن تكون اللغة العربية واللغة العبرية اللغتين الرسميتين وخصصت عشرات ملايين الدولارات للإنفاق على ذلك الكيان المقترح.
 
لم يوافق ممثلوا فلسطين يومئذ، كما لم توافق الدول العربية السبع التي كانت مستقلة حينذاك على قرار التقسيم، والذي اشتمل من بين ما اشتمل، كما بيّنتُ آنفاّ، على قرارِ تدويل القدس. المغفور له الملك المؤسس عبد الله بن الحسين الأول هو الوحيد الذي نصح شعب فلطسين بقبول قرار التقسيم، لأنه كان يدرك، وقد مارس السياسة والحرب وعرف مكامنها وتداعياتهما، بأن رفض القرار الدولي، مع غياب قوة سياسية وعسكرية تدعم ذلك الرفض، من شأنه إلحاق الكارثة بفلسطين وشعبها، ولكن نصائحه التي كان يطلقها على رؤوس الأشهاد، ذهبت أدراج الرياح، بل إنه تعرض نتيجة لإطلاقها إلى حملات إعلامية ظالمة، ما زالت آثار بعضها عالقة في أذهان وأقلام أجيال من المنظّرين السياسيين المعاصرين ومن يستمع إليهم.
 
وعندما جاء الخامس عشر من أيار 1948 وهو آخر يوم للوجود البريطاني في فلسطين، حيث انسحب المندوب السامي البريطاني من القدس في الساعة الثامنة من صباح ذلك اليوم، دون توديع أحد، كما هو العرف الدولي في مثل تلك الحالات، أخذت القوات اليهودية بالزحف على جميع المناطق والأحياء العربية، وبالأخص في القدس الغربية وأكنافها وضواحيها. وقد تمّ لها احتلال تلك الأحياء دون تلقّي رصاصةٍ واحدةٍ لعدم وجودِ أيّةِ قوةٍ عربيةٍ أو فلسطينيةٍ تتصدى لها. كان المناضلون الفلسطينيون وعددهم حوالي ثمانين مناضلاً بقيادة أبوديّة، قد خاضوا آخر معركة لهم في حي القطمون، المواجه للأحياء اليهودية الغربية. استمرت المعركة ثلاثة أيام بلياليها حتى نفذت ذخيرة المناضلين واستشهدوا عن آخرهم. وقد رافقت أخي أنور نسيبة وكان رئيس اللجنة القومية في القدس في زيارة قائد المناضلين في ذلك الموقع وكان مصاباً بجراحٍ خطيرة ومسجى على الأرض من فرط الإنهاك.
 
أين كان الجيش العربي الأردني؟ لقد كان الجيش العربي الأردني، جزء من الجيش البريطاني، وقاتل إلى جانبه في معارك عدة إبّان الحرب العالمية الثانية. وقد كان منتشراً في جميع أنحاء فلسطين لحماية المعسكرات والمنشآت والمرافق الحكومية الأساسية فيها. كانت فئة من الجيش الأردني تحمي مقر دار الإذاعة الفلسطينية الواقع ما بين حي المصرارة والمسكوبية في القدس الغربية. وقد كنت أعمل في تلك الإذاعة في منصب كبير مساعدي البرنامج للأخبار. وعلى الرغم من الأعمال الإرهابية التي كانت تقترفها العصابات اليهودية، ومن بينها الهاجانا (القوة الرسمية للوكالة اليهودية)، والإرجون بقيادة مناحيم بيجن الذي أصبح رئيس وزراء إسرائيل وشتيرن بقيادة اسحق شامير رئيس وزراء إسرائيل لاحقاً، فقد كنا في الإذاعة الفلسطينية نشعر بأمن وطمأنينة كاملة بسبب الهيبة والحزم والروح القتالية العالية التي كان يتحلى بها ضبّاط وجنود الجيش الأردني. لم تكن القوّات اليهودية على اختلافها تغامر بالتحرّش أو الاشتباك مع الجيش الأردني لأنها كانت تعرف مسبقاً النتائج التي تترتب على الاشتباك معه. وكنت عندما أنتقل من القدس الشرقية حيث منزلي، إلى القدس الغربية حيث مقر عملي، عبر حي مونتيغيوري اليهودي أنتظر مرور سيارة أو قافلة من سيارات الجيش الأردني لألتحق بها، فقد كان اليهود يطلقون النار على قوات الأمن البريطانية، ولكنهم كانوا يخشون عواقب إطلاق النار على الجيش الأردني. هذه حقيقة عشتها وخبرتها على أرض الواقع في القدس قبل 1948.
 
عندما انتهى الانتداب في 15 أيار 1948، كان الجيش الأردني، بالترافق مع الجيش البريطاني قد أتم انسحابه من القدس، ومن سائر أنحاء فلسطين، رضوخاً لقرارات الأمم المتحدة، وكان الانطباع السائد يومئذ أن لا أحد يستطيع مخالفة قرارات الأمم المتحدة المرعية. لم يعد في القدس شرقيّها وغربيِّها جندي أردني واحد رضوخاً لقرار الأمم المتحدة بجعل القدس كياناً دولياً قائماً بذاته كما ذكرت. هذا في الوقت الذي لم يُعِر فيه اليهود أي اهتمام أو احترام لقرار الأمم المتحدة، وأطبقت القوات النظامية اليهودية بكامل طاقاتها على الأحياء العربية المجرّدة من أي سلاح، بل حتى من السّكان الذين رأوبأعينهم الفراغ الأمني الكامل الذي حلّ بالقدس الغربية، فرحلوا إلى القدس الشرقية، وبالأخص إلى داخل البلدة القديمة، حيث سورها التاريخي يعطي شعوراً بالأمان، ويشكل حاجزاً كبيراً أمام القوات اليهودية الزاحفة.
 
وعلى الرغم من ذلك، فقد واصلت القوات اليهودية هجومها على القدس الشرقية وبالأخص على البلدة القديمة المُسوَّرة، بهدف اقتحامها والاستيلاء عليها. كانت تدافع عن البلدة القديمة قوات صغيرة من المناضلين الفلسطينيين، بما فيهم فرقة التدمير الشهيرة، وسريّة من جيش الإنقاذ، وثلاثمائة بوليس فلسطيني زودتهم بريطانيا ببنادق قبل رحيلها بأيام، مثلما زوّدت الجانب اليهودي بقوة بوليس مماثلة. استمرت القوات اليهودية في هجومها نهار مساء، باذلة كل ما لديها من قوة لاقتحام البلدة القديمة على امتداد ثلاثة أيام. وكان لليهود حارة في البلدة القديمة يرابط فيها حوالي ألف من قوات الهاجاناة اليهودية النظامية. استطاع المناضلون صَدّ تلك الأمواج المهاجمة يوماً بعد يوم، حتى نفذت ذخائرهم فجر اليوم الثالث، فصدوا الهجوم اليهودي بالألغام واصابع الديناميت الذي كان متوفراً لديهم.
 
وفي غضون ذلك، شعرت القيادة السياسة ممثلة بأحمد حلمي باشا عضو الهيئة العربية العليا، وكان مرابطاً في مركز القيادة في كلية روضة المعارف الوطنية بحراجة الموقف العسكري وخطورته، فبعث برسائل استنجاد إلى الملك عبد الله المؤسس، طالباً إرسال نجدة فورية وإلا سقطت القدس القديمة بكل مقدساتها وتاريخها وتراثها. كما شكّل أخي أنور رئيس اللجنة القومية وفداً ضم اثني عشر عضواً من أعضاء اللجنة بينهم والدكتور عزت طنوس وأنور الخطيب رئيس البلدية وكامل وفا الدجاني رئيس الغرف التجارية وغيرهم ممن لا تحضرني أسماؤهم للسفر إلى عمان لمقابلة الملك عبد الله ومناشدته إرسال قوات من الجيش الأردني فوراً وإلا سقطت المدينة.
 
جاء الوفد إلى رام الله حيث تناول الغداء في مطعم بجوار منتزه عودة الشهير، واتصل أخي أنور مع قائد قوة جيش الإنقاذ وطلب منه قصف الشطر اليهودي من القدس لتخفيف الضغط عن القدس الشرقية، بينما تصل النجدة من عمان. وقف أنور مع سائر أعضاء اللجنة القومية عند جامع شعفاط ليتأكدوا بأن جيش الانقاذ سوف يفي بوعده بقصف المناطق اليهودية، وما هي إلا لحظات حتى وقع أخي أنور أرضاً مضرجاً بدمائه الغزيرة، بعد إصابته برصاصة رشاش كبير أطلقه اليهود من مواقعهم في مستشفى هداسا وشارع سانهدريا.
 
اشتدت المناشدات وانهالت على قصر رغدان حيث مقر الملك عبد الله، واستولى القلق الشديد على الملك المؤسس، وما أن طلع الفجر حتى استدعى الملك الفريق جلوب باشا قائد الجيش الأردني ووضعه في صورة التطورات الخطيرة التي تحيق بالقدس. وهنا أسجل ما قاله لي عبد الله الدباس كبير مرافقي الملك عبد الله في تلك المرحلة الحرجة الحاسمة. كان جلوب باشا متردداً في إرسال قوات من الجيش الأردني بحجة أن للقدس نظام دولي أقرته الأمم المتحدة، ولا يجوز تجاوزه والعدوان عليه! وقد أجاب الملك المؤسس غاضباً في وجه كلوب: أي نظام دولي نتحدث عنه، وقد استولت القوات اليهودية على جميع أحياء القدس الغربية، وهي تقرع منذ ثلاثة ايام بلياليها بوابات القدس القديمة، ولو لا لطف الله وبسالة المدافعين لسقطت في أيديهم. ولما لم يبد كلوب اقتناعه، أنذره الملك عبد الله بأنه إن لم يرسل كتيبة فوراً لإنقاذ القدس، فسوف يرتدي لباسه العسكري ويذهب إلى القدس للمشاركة في الدفاع عنها.
 
لم يجد جلوب مفراً أمام تصميم الملك القاطع على إرسال الجيش. وهكذا كان الجيش مرابطاً في أريحا وفي رام الله، وقد صدرت الأوامر له بالتقدم نحو القدس من رام الله حيث اشتبك مع القوات اليهودية في الشيخ جرّاح وأجبرها على الهرب، ثم تقدم باتجاه حي باب الخليل في القدس الغربية عندما ووجهت مدرعاته المتقدمة عند عمارة الأوقاف الإسلامية القريبة من منزلي بكمائن أسلحة يهودية مضادة للدروع وكانت يومها من طراز بييت (Piet). أعطبت مدرعتان أردنيتان في ذلك الموقع واستشهد من فيها، فتحوّل الزحف نحو شارع موازٍ باتجاه باب العامود، حيث واصلت الكتيبة الأردنية زحفها نحو الحي اليهودي في البلدة القديمة الذي كان يدافع عنه حوالي ألف من القوات اليهودية من الهجاناة وغيرها. اندلعت حرب شوارع ضارية خاضها الجنود الأردنيون يرافقهم المناضلون الفلسطينيون، واحتدم القتال المرير من منزل إلى منزل إلى أن تم الاستيلاء على حارة اليهود بكاملها، وتمَّ أسر جميع القوات اليهودية المدافعة، وكان بينها ابنة موشيه شرتوك الذي أصبح اسمه موشيه شاريت رئيس وزراء إسرائيل. وقد نقل الأسرى إلى داخل الأردن وتم الإفراج عنهم، عندما أعلن وقف القتال، وفق قوانين الحرب الدولية. وقد سيق الأسرى في شوارع البلدة القديمة مشياً على الأقدام، في طريقهم إلى خارج البلدة القديمة لركوب الحافلات، إلى معسكر الأسر وعوملوا معاملة مشرفة للأردن وجيشه، وعلى النقيض من معاملات إسرائيل لأسراها.
 
تواصل القتال متقطعاً على مختلف الجبهات إلى أن عقدت الهدنة الدائمة بين إسرائيل من جهة ومصر ولبنان والأردن من جهة أخرى. جرت مفاوضات الهدنة في جزيرة رودس، تحت إشراف الدكتور رالف بانش مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، وتم رسم خطوط الهدنة على الخرائط، في ضوء الوقائع الميدانية التي أسفر عنها القتال. بالنسبة للأردن، غطت تلك الخطوط كافة أرجاء الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، فيما أصبح يعرف بخطوط الهدنة الدائمة، وهي ما يطلق عليها في يومنا هذا بالخط الأخضر الذي انتهكته إسرائيل انتهاكاً كاملاً باحتلالها للقدس والضفة الغربية إبّان حرب 5 حزيران 1967. كان أداء الجيش الأردني القتالي مُميزاً بحيث أتاح له التعامل من مركز القوة والاقتدار، أو على الأقل من موقع التكافؤ والتوازن الذي اتّسمت به اجتماعات لجنة الهدنة يومذاك، لتثبيت خطوط الهدنة. كان هنالك أخذ ورد ونقاش حول كل شبر من الارض لأنها كانت قد جُبلت بدماء الشهداء من الجيش والمناضلين، بالإضافة إلى الإدراك بأن الجيش كان على استعداد للدفاع عن مكتسباته في جميع الأوقات.
 
لقد ذكرت ما ذكرت آنفاً، لا كسرد تاريخي لما جرى إبان حرب 1948، وإن كان هو كذلك في واقع الأمر، ومن خلال المشاركة والمشاهدة المباشرة لمعظم ما جرى، وإنّما لأنطلق منه إلى شرح للسياسة الأردنية تجاه القدس، والتي لا يمكن أن تفهم إلا من خلال خلفياتها.
 
بعد أن احتلت إسرائيل معظم مدينة القدس، وأخذت الأمم المتحدة تضغط من أجل تثبيت كيان دولي للقدس وفق مقرراتها التي بيّنتها، أعلنت إسرائيل أنها ترفض تدويل القدس التي بين يديها، ولكنها لا تمانع في تدويل القدس الشرقية التي استطاع الجيش الأردني إنقاذها من براثن الاجتياح اليهودي! هذا في الوقت الذي أعلنت فيه الدول العربية قبولها بتدويل القدس كجزء من قرار التقسيم.
 
أما الأردن فكان موقفه واضحاً كل الوضوح في رفض تدويل القدس الشرقية التي أنقذها، والحفاظ على عروبتها، وإذا كان لا بد من التدويل فيجب أن يكون مشروطاً بتقيّد إسرائيل الكامل بقرار التقسيم 181 الذي يعيد للعرب جزء كبيراً من فلسطين الذي احتلته إسرائيل فوق ما خُصص لها، إضافة إلى تنفيذ القرار 194 الخاص بحق اللاجئين في العودة والتعويض.
 
انتقدت بعض الدول العربية هذا الموقف الأردني "المنفرد" رغم أنه موقف صحيح يحافظ على قدس عربية تم إنقاذها إلى أن يتم حل قضية فلسطين حلاً عادلاً تُنفَّذ من خلاله جميع بنود قرارات الأمم المتحدة المرعيّة.
 
لقد وصل "التزمّت" والاستقطاب و"الحرب الباردة" التي كانت تسود العلاقات العربية – العربية في بعض الأحايين، حدّاً أصر فيه قنصل مصر المُعيَّن، على تقديم أوراق اعتماده إلى محافظ القدس، بدلاً من تقديمها إلى وزارة الخارجية في عمان. وقد رفضت الحكومة الأردنية هذا الموقف وأصرَّت على موقفها باعتبار القدس جزءً من أراضي المملكة الأردنية الهاشمية.
 
كذلك، كان سفراء الدول الأجنبية المعتمدون لدى الأردن، عندما يرغبون في زيارة القدس زيارات خاصة، يتوقفون عند العيزرية أو أبوديس، حيث يُنزل السائق علم دولة السفير عن السيارة قبل أن تواصل سيرها نحو القدس. وقد رأيت بنفسي سيارتيّ السفير البريطاني والسفير الأمريكي وسائقيهما ينزلان العلمين من منصّة سيارتيهما.
 
لم يكن ذلك التصرف عملاً مرتجلاً أو شكلياً، وإنما كان تعبيراً عن موقف الدول الأعضاء في الأمم المتحدة باحترام قرارها بشأن القدس، وهو الموقف الذي ظلّت جميع دول العالم ملتزمة به حتى يومنا هذا. فالأمم المتحدة لم تعترف إطلاقاً بضم إسرائيل للقدس الغربية بعد عام 1948، كما لم تعترف بضم القدس الشرقية لإسرائيل بعد عدوان 1967، وهنالك قرارات قطعيّة صادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، وعن مجلس الأمن، باعتبار كل ما أقدمت عليه إسرائيل في هذا الشأن لاغياً وغير شرعي ولا تترتب عليه أية حقوق. قرار (2253) الصادر عن الجمعية العامة في 4/7/1967 يستنكر قرار إسرائيل تطبيق القانون الإسرائيلي على القدس الشرقية، ويعتبر ذلك القرار غير شرعي، ويدعو إسرائيل إلى إلغائه. وقد تأكد مضمون القرار ومراراً وتكراراً في قرارات عديدة لاحقة.
 
كنت ممثلاً للأردن والمجموعة العربية والآسيوية في مجلس الأمن الدولي، عندما استصدرت سلسلة من القرارات التي تدين الاستيطان الإسرائيلي في القدس وسائر الضفة الغربية، ومن بينها قرارات (446) 1979، وقرار 465 عام 1980 الذي يطالب إسرائيل بتفكيك المستوطنات القائمة والتوقف عن تخطيط وبناء المستوطنات في القدس وسائر الأراضي المحتلة. وقرار (478) لعام 1980، الذي يؤكد عدم الاعتراف بالقانون الإسرائيلي بشأن القدس، ودعوة الدول –وكانت تعد على أصابع اليد- إلى سحب بعثاتها الدبلوماسية من المدينة. وقد سبق ذلك وتبعه كمٌ كبير من القرارات الأممية التي تدين الانتهاكات الإسرائيلية وتدعو لإلغائها. وجدير بالذكر أن معظم القرارات التي صدرت عن مجلس الأمن والجمعية العامة وكذل منظمة اليونسكو، كانت بمبادرات أردنية، الأمر الذي يعكس مدى التزام الأردن بقضية القدس المقدسة وعمله الدءوب على مقاومة ما كانت إسرائيل تخطط لها.
 
كما تجدر الإشارة إلى أن قرار فك الارتباط مع الضفة الغربية، الذي اتخذه الأردن عام 1989، لأسباب لا مجال هنا لشرحها، استثنى مدينة القدس من أحكامه، وأبقى الإشراف الأردني من خلال وزارة الأوقاف، على الأماكن الإسلامية المقدّسة وحمايتها وصيانتها المتواصلة، وهو ما يسجله الإعمار الهاشمي المتواصل للحرم القدسي الشريف، ابتداءً من الشريف حسين بن علي، قائد الثورة العربية الكبرى الذي تبرع عام 1920 بـ20,000 ذهبية لإعمار الحرم القدسي الشريف، واستمرار تجديد قبة الصخرة المشرّفة وكسوتها الذهبية بتبرع خاص من المغفور له الملك الحسين بن طلال، وحتى تجديد منبر صلاح الدين الذي احترق عام 1968 بفعل عمل تخريبي إسرائيلي، وإن كان على يد أسترالي مختل، في عهد الملك عبد الله بن الحسين الثاني أطال الله عمره.
 
لقد كان سجل الأردن في الحفاظ على الأماكن المقدّسة وحقوق كافة الطوائف في تلك المقدسات، سجلاً مشرّفاً بجميع المقاييس. كان ذلك السجل يترجم على أرض الواقع، من خلال محافظي مدينة القدس، الذين كانوا على اتصال دائم مع البعثات والهيئات الكنسية المتواجدة في القدس وأكنافها، وكانت تلك الهيئات تبعث بتقاريرها شبه اليومية إلى رئاساتها، وبالأخص اللاتينية منها والتي كانت على اتصال يومي بها. وعندما كنت وزيراً للخارجية عام 1962، شكا لي ادمون روك، سفير الأردن لدى إيطاليا، من أن الفاتيكان يتصل به دائماً مستفسراً عن قضايا تهم الفاتيكان، فيجد نفسه مُحرجاً وعاجزاً عن الإجابة لأن وزارة الخارجية كانت مُقلَّة في تزويده بها، ولأن المسؤول الأول عن تلك القضايا كان محافظ القدس. وقد وضعت ترتيبات مناسبة لمعالجة تلك الفجوة.
 
المقدسات الإسلامية كانت، بطبيعة الحال، في عهدة الدولة بكامل أركانها وبالأخص تحت إشراف وزارة الأوقاف، التي كانت تطلع سائر الدول العربية والإسلامية بكل ما يتعلق بالقدس والمقدسات فيها وإعمارها، وكانت لها اتصالات مباشرة مع المنظمات الإسلامية العالمية والإقليمية كرابطة العالم الإسلامي والمؤتمر الإسلامي وغيرهما من المنظمات. وكانت الهيئات والبعثات المسيحية الدولية، كما سبق وذكرت، تعالج كل ما يتعلق بالمصالح والمقدسات المسيحية، بالتنسيق التام مع أجهزة الحكومة الأردنية وبالأخص مع محافظ القدس.
 
ولكن ماذا عن المصالح اليهودية في المدينة، وبالأخص حائط المبكى الذي كان حتى احتلال إسرائيل للقدس عام 1967 مجرد ممر ضيّق لا يتعدى عرضه بضعة أمتار؟ كانت لجنة الهدنة قد وضعت بنداً خاصاً حول هذا الموضوع، تم بحثه من خلال لجنة منبثقة من لجنة الهدنة. كان الموقف الأردني الذي مثَّل الأردن فيه حمد الفرحان وكان سكرتيراً عاماً للحكومة، أنَّ على إسرائيل أن تعيد الأحياء العربية في القدس الغربية إلى أصحابها، وأن تفتح طريق القدس بيت لحم المباشر من حي البقعة إلى مار إلياس وبيت لحم، والذي لم يكن يستغرق سوى خمس إلى عشر دقائق، مقابل السماح لليهود بأداء شعائرهم الدينية في حائط المبكى. بيد أن إسرائيل فضلت نهب الأحياء العربية في القدس الغربية واستغلالها على مصلحتها في حائط المبكى.
 
وهكذا ظل اليهود محرومين من زيارة البلدة القديمة وحائط المبكى طوال وحدة الضفتين، ضمن المملكة الأردنية الهاشمية. كما أنَّ الحي اليهودي المتواضع الذي كان قائماً في البلدة القديمة، بما في ذلك الكُنُس اليهودية، قد دُمر عن آخره نتيجة القتال الضاري الذي جرى بين المدافعين اليهود عنه وبين قوات الجيش الأردني وأنصارها من المجاهدين الفلسطينيين.
 
سياسة الأردن كانت واضحة صريحة: لا يعقل أن يُسمح لليهود بزيارة القدس القديمة، في الوقت الذي يرتع فيه اليهود بالمنازل والمنشآت العربية في القدس الغربية. ولم تعترض دول العالم على هذا الموقف السويّ بالنظر لمنطقيته وعدالته.
 
في عام 1972 توليت منصب سفير الأردن لدى إيطاليا، ولم يكن هذا الاعتماد يشمل الفاتيكان، لأن كلاً من إيطاليا والفاتيكان، وإن كانا في نفس الموقع في روما، يعتبران كيانين مستقلين منفصلين بيد أنني كنت أزور الفاتيكان واجتمع مع المسؤولين فيه بصفة غير رسمية، حيث كان سائق سيارتي ينزل العلم المثبت على سيارة السفير عند دخولي الفاتيكان. طلبت في إحدى المناسبات الاجتماع بالكاردينال كازارولي، وكان يتولى منصب وزير الخارجية، للاستفسار عن موقف الفاتيكان الرسمي تجاه القدس، وبالأخص موقفه من مشروع تدويل القدس، الذي كان الفاتيكان يؤيده وينادي به ما بين 1948 و1967. وقد طلبت تزويدي بردٍ مكتوب حتى لا يترك أي مجال للغموض. أجابني وزير خارجية الفاتيكان بأن همه ومصلحته الوحيدة في القدس هي ضمان حرية العبادة في الأماكن المقدسة لجميع الطوائف وتأمين الأمن لها، وقد أودعت هذا الجواب في وزارة الخارجية.
 
واضح كل الوضوح من ذلك الجواب، أن الفاتيكان لم يعُد ينادي بتدويل القدس، ولم يعُد بصدد اتخاذ موقف سياسي تجاه مستقبل القدس، تاركاً الأمر كله للتطورات المحيطة بقضية فلسطين وما ستفر عنه من نتائج بالنسبة للمدينة المقدسة. لقد اصبح هذا الموقف جلياً بعد احتلال إسرائيل للقدس الشرقية التي تضم كافة الأماكن المقدّسة، خلافاً لما كان عليه موقفها حتى عام 1967. بل إن الفاتيكان وإن كان يتعاطف مع العرب، ويحرص على الوجود المسيحي في القدس، رأى من مصلحته الرضوح للأمر الواقع الذي فرضه احتلال إسرائيل على كامل التراب الفلسطيني، وغياب أي أفق لإيجاد تسوية سريعة للنزاع العربي الإسرائيلي، فعقد اتفاقية لضمان اعتراف إسرائيل بالأماكن المسيحية المقدسة في كامل فلسطين، وإعفائها من الضرائب، وغير ذلك مما يدخل في موضوع العلاقات بين إسرائيل والفاتيكان. وقد كتبت بحثاً في تلك المناسبة، أعربت فيه عن انتقادي لتلك الاتفاقية، وتمنيت لو أن الفاتيكان قد تحلّى بمزيد من الصبر بحيث لا يستبق ما للفلسطينيين من حقوق في تلك الأماكن المقدّسة، وبالأخص أن جمهور المسيحيين في فلسطين هم جزء من الشعب العربي الفلسطيني، الذي يعتبر تلك الحقوق جزءً من حقوقه الوطنية، وليست حقوق طوائف.
 
ومهما يكن من أمر، فإن العلاقات بين الأردن والفاتيكان كانت وما زالت على درجة عالية من التفاهم والتعاون والصداقة، وقد تجلّت في الزيارات التي قام بها ثلاثة من بابوات روما على امتداد نصف القرن الماضي. ففي عام 1964 قام قداسة البابا بولص السادس بزيارة رسمية للأردن، شملت عمان والقدس، وأحاطها الملك الراحل الحسين بكامل رعايته وجهده في سبيل إنجاحها وتأمين سلامة البابا والوفد المرافق له. بل إن الملك الحسين رافق الموكب البابوي الذي كان متوجهاً إلى القدس من على طائرة الهليكوبتر التي ظلت تُحلِّق فوق الموكب إلى أن وصل مدينة القدس. لقد كان الخطر الوحيد الذي أحاط بالبابا، هو الحشد الجماهيري الهائل الذي رحب بالزيارة وترتب على قوى الأمن فتح الطرق أمام سير الموكب في طريق الآلام الضيّقة والمتعرّجة في القدس القديمة. وقد أعرب الفاتيكان في تلك المناسبة عن عميق شكره وتقديره للحفاوة البالغة التي قوبل بها قداسة البابا في عمان والقدس، كما أعرب عن تقديره وارتياحه للتعاون والتوافق والتواصل الذي كان قائماً بين الأردن والفاتيكان في كل ما يتعلق بالأماكن المقدسة وصيانتها وأمنها.
 
وفي عام 2000 جاءت زيارة الباب يوحنا بولص الثاني إلى عمان، والتي أعدت الحكومة له برنامجاً حافلاً شمل زيارة جبل نيبو والخارطة التاريخية المزخرفة في مادبا، واجتماع جماهيري كبير خاطب فيه أتباع مختلف الطوائف المسيحية الذين وفدوا من الأقطار المجاورة، إضافة إلى الجماهير الأردنية الحاشدة.
 
ولعل أهم ما تم في تلك الزيارة البابوية هو الاعتراف بموقع وادي الخرار على نهر الأردن (الشريعة)، في لواء الشونة الجنوبية، بموقع عُمَّاد السيد المسيح قبل ألفيّ عام، وكان يعتبر موقع العمّاد في الطرف الغربي لنهر الأردن، حيث شيدت مختلف الكنائس المسيحية أديرة وكنائس يؤمها الحجاج من كل أنحاء العالم. وقد قام البابا يوحنا بولص الثاني بزيارة لمباركة الموقع القديم – الجديد، الأمر الذي حوَّله قبلة للحجاج وحفَّز الكنائس المختلفة على تعمير الموقع بالكنائس والأديرة لمختلف الطوائف.
 
وفي عام 2009 قام البابا بَندِكتُس السادس عشر بزيارة حج إلى المنطقة، استهلها بزيارة عمان والمواقع الدينية والأثرية في الأردن، ومخاطبة جماهير المواطنين المسيحيين في الوطن، وكذلك الذين وفدوا من الأقطار العربية الشقيقة للترحيب به. وفي زيارته إلى القدس المحتلة، رحّبت به الهيئة الإسلامية العليا ومدراء الأوقاف الإسلامية في صحن الحرم القدسي الشريف حيث تجوّل في أرجاء الصخرة المشرّفة وأبدى إعجابه بما رآه.
 
وهكذا حققت السياسة الأردنية نجاحات باهرة في هذا الميدان البالغ الأهمية والحساسية.
 
 
السياسة الأردنية تجاه القدس في إطار الوضع النهائي
في عقد التسعينات من القرن الماضي وتزامناً مع المفاوضات التي كانت تجري بين السلطة الفلسطينية من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى، حول الوضع النهائي بين فلسطين وإسرائيل، ألّفت الحكومة الأردنية لجنة أسمتها (لجنة القدس) برئاستي وعضوية معالي كامل أبو جابر وزير الخارجية الأسبق ومدير المسجد الأقصى في وزارة الأوقاف، والأمين العام للجنة الملكية لشؤون القدس عبد الله كنعان، والمستشار القانوني لوزارة الخارجية وسكرتيرية من جهاز الخارجية. وقد خصصت غرفة اجتماعات خاصة لتلك اللجنة التي كانت تعقد اجتماعات دورية في وزارة الخارجية وكلما استدعى الأمر ذلك، في ضوء ما كان يستجد من تطورات في المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية بالنسبة لمستقبل مدينة القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية فيها. وقد كان مستشار هذه اللجنة دولة السيد معروف البخيت الذي أصبح لاحقاً رئيساً للوزراء نظراً لخبرته الواسعة في هذا الميدان بعد أن خدم سفيراً للأردن لدى إسرائيل.
 
لم تكن للأردن أية علاقة مباشرة أو غير مباشرة، بما كان يجري من مفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وإن كان الأردن يتابع بأشد الاهتمام ما كان يجري، نظراً لحساسية مدينة القدس ومصير المقدسات الإسلامية التي كان الأردن قيّما عليها. وقد اعترفت إسرائيل بذلك الدور في معاهدة السلام التي عقدتها مع الأردن. لقد حافظ الأردن على هذا الدور عندما قرر فك الارتباط مع الضفة الغربية عام 1989، خشية منه بأن تستولي إسرائيل على إدارة المقدسات الإسلامية وتُلحقها بوزارة الأديان اليهودية، كما فعلت بالمقدسات الإسلامية التي استولت عليها في حرب 1948.
 
ومع أن المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية لم تسفر عن أية نتائج، إلا أن فشل محادثات كامب ديفيد التي رعاها الرئيس كلينتون في آخر عهده في البيت الأبيض، قد أدّى إلى نشوب الانتفاضة الفلسطينية الثانية، والتي رافقها العمل العسكري، وهو الأمر الذي أتاح لإسرائيل اتخاذ أشد إجراءات القمع ضد الشعب الفلسطيني وكافة مرافقه ومؤسساته، بما في ذلك إغلاق بيت الشرق الذي كان يشرف عليه فيصل الحسيني، والذي كان يجسد الوجود العربي الفلسطيني في القدس. ولو لم يكن الأردن الحامي والقيّم على المقدسات الإسلامية في القدس، لأنشبت إسرائيل أظافرها علناً في الحرم القدسي الشريف، بالإضافة إلى حفرياتها المتواصلة في محيطه وإتباعه لوزارة الأديان الإسرائيلية. وما الذي كان يمنعها من فعل ذلك، لولا الوجود الأردني الرسمي المعترف به في عملية السلام؟.
 
وقد وضعت (لجنة القدس) برئاستي توصياتها إلى الحكومة، فيما يتعلق بالوضع النهائي بين فلسطين وإسرائيل، مستوحاة من المعطيات والاعتبارات التالية:
 
أولاً: القدس الشرقية أو القدس العربية كما درج على تسميتها هي القدس التي احتلتها القوات الإسرائيلية في حرب الخامس من حزيران 1967، وقد كانت وقتئذ جزء لا يتجزأ من المملكة الأردنية الهاشمية. وقد صدر قرار مجلس الأمن رقم (242) بتاريخ 22 تشرين الثاني عام 1967 مؤكداً على عدم قبول احتلال الأراضي بالقوة، وداعياً إلى انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة وإنهاء حالة الحرب أو التهديد بالحرب. وقد عزز مجلس الأمن هذا القرار بقرار آخر مماثل بتاريخ 22 تشرين أول 1973 تحت رقم (338) في أعقاب حرب 1973 والذي يدعو فيه مجدداً جميع الأطراف على تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم (242) بجميع بنوده.
 
ثانياً: وكانت الجمعية العمومية للأمم المتحدة قد أصدرت قراراً رقم (2253) بتاريخ 4 تموز 1967 و(2254) بتاريخ 14 تموز 1967 وسلسلة متصلة من القرارات السنوية تؤكد فيها عدم شرعية أية إجراءات اتخذتها أو تتخذها إسرائيل لتغيير الأوضاع القائمة في مدينة القدس وإقامة المستوطنات وعدم شرعية ضمّها، واعتبار ذلك كله غير ذي أثر أو شرعية ويجب إلغاؤه.
 
ثالثاً: جميع القرارات التي أصدرها مجلس الأمن والجمعية العمومية ومجلس الوصاية ومنظمة اليونسكو والاتحادات البرلمانية الدولية والعربية وغيرها من المنظمات الدولية، تؤكد وتصر على وجوب انسحاب إسرائيل من القدس – كجزء من الأراضي المحتلة عام 1967 وتطبيق مواثيق جنيف الرابعة وميثاق لاهاي عليها وعلى سكانها حماية لهم إبّان الحرب والاحتلال.
 
وكان الأردن صاحب المبادرة الرئيسية في استصدار تلك القرارات، والسجلات جميعها شاهد على ذلك.
 
رابعاً: يستخلص مما تقدم أن الموقف الأردني الأساسي ينطلق أولاً وقبل كل شيء، من وجوب انسحاب إسرائيل إلى حدود الرابع من حزيران 1967، تطبيقاً للشرعية الدولية والقانون الدولي، حفاظاً على القدس العربية وقلبها المدينة المقدّسة المُسوّرة التي يتوّجها الحرم القدسي الشريف – قبلة المسلمين الأولى ومسرى نبيه، وكنيسة القيامة بكل جلالها وتاريخها، وغيرهما من تراث العرب والمسلمين والمسيحيين على امتداد العالم.
 
هذا موقف عربي أردني ثابت ونرى أنه لا يجوز السماح لأية جهة بالارتداد عنه في جميع الظروف والأحوال.
 
خامساً: هنالك القدس الغربية التي احتلتها إسرائيل في حرب 1948 والتي تشكل الأحياء العربية معظمها، والقرى العربية أكنافها كالقطمون والبقعة والطالبية والمصرارة ولفتا وعين كارم والمالحة وقالونية وجبل المكبر وغيرها. هذه أيضاً جزء من القدس العربية المحتلة 1948 الذي تضمّنه قرار (181) الصادر في 29 تشرين الثاني 1947.
 
سادساً: موضوع القدس الغربية هو مسؤولية تقع على عاتق الجانب الفلسطيني، بصفته الطرف الرئيسي في المفاوضات مع إسرائيل بالنسبة لقضية فلسطين.
 
غير أن للأردن دور مهم كبير، نظراً للأبعاد السياسية والبشرية والإنسانية الأخرى، ففي الأردن اليوم ما لا يقل عن (250,000) مئتين وخمسين ألف مواطن من منبت مقدسي تتولى الدولة الأردنية الدفاع عن حقوقهم ومصالحهم وممتلكاتهم. وبغض النظر عن الوضع الحدودي النهائي للقدس الغربية وأكنافها، وهذه ستكون مسؤولية الجانب الفلسطيني في تفاوضه مع الجانب الإسرائيلي، فإن حق العودة للاجئين والنازحين، وحقوق الملكية في القدس الغربية والشرقية سواء بسواء، تقع على عاتف الحكومة الأردنية بالنسبة للمواطنين من منبت مقدسي. إنها أملاك شاسعة تغطي معظم القدس الغربية وجميع القدس الشرقية.
 
ويتوجب على إسرائيل والعالم أجمع تسويتها تسوية حقيقية عادلة، سواء بإعادة ملكيتها إلى اصحابها، أو تحويل ريعها من حارس أملاك العدو أو الغائبين، إلى اصحابها الشرعيين، والتعويض عن الضرر الجسماني والنفسي.
 
ولدى الأمم المتحدة سجل كامل بتلك الممتلكات محفوظة في سجلات إلكترونية تمتلك الحكومة الأردنية نسخة عنها. كما أن المواطنين الأردنيين من منبت مقدسي يستطيعون تزويد الحكومة بها وبما يملكون من سجلات ومستندات.
 
سابعاً: ولا ينال من مسؤولية الحكومة الأردنية أو ينقص من ثقلها قرار فك الارتباط مع الضفة الغربية عام 1988. يضاف إلى ذلك، أن ذلك القرار قد استثنى القدس من معظم أحكامه، تأكيداً لتمسكه بوضعها التاريخي مدينة عربية إسلامية مسيحية مقدّسة، وأن أي انتقال في وضعها يجب أن يكون للجهة التي تضمن الحفاظ على إرثها القومي والديني الجليل. والأردن يحتفظ بمسؤولياته تجاهها، إلى أن تقوم دولة عربية فلسطينية. وللهاشميين بصفة خاصة، اهتمامات والتزامات ومساهمات تاريخية خاصة يجب أخذها بعين الاعتبار بالتفاهم الأخوي بين الأردن وفلسطين.
 
ثامناً: حتى يتسنى للجانب الأردني تقديم مساهمة فعّالة في الحفاظ على عروبة القدس وقدسيتها في مفاوضات الحل النهائي، توصي اللجنة الحكومة بالسعي مع الجانب الفلسطيني لتشكيل لجنة تنسيق أردنية – فلسطينية حول القدس، تعقد اجتماعات دورية في القدس وعمّان، وبغض النظر عن وجود أو عدم وجود دور رسمي أو علني للأردن في مفاوضات الحل النهائي. فالمهم بالنسبة للأردن هو دعم الموقف الأردني العربي والفلسطيني بحيث لا تنفرد به إسرائيل.
 
تاسعاً: إذا وضعنا المعطيات والأطر القانونية جانباً –مع التمسك بها- ونظرنا إلى ما يجري على ساحة العمل السياسي بشأن القدس ومصيرها، فإن اللجنة ترى بأن الفرقاء المعنيين مباشرة، أي الفلسطيني والإسرائيلي قد وضعوا تصورات وطروحات وأطر تعدت الدراسات الأكاديمية وأصبحت تشكل قاعدة مفاوضات بين الفريقين، وبغض النظر عن التصريحات العلنية.
 
أهم تلك الطروحات:
أ‌)   استبعاد الحل الديني الضيّق بمعنى إعطاء الأماكن المقدسة وضعاً خاصاً يرضي أتباع تلك الديانات مع الاحتفاظ بالسيادة الإسرائيلية. (رفع العلم العربي على المقدسات) وهو أمر مرفوض في جميع الأحوال، حيث لا يعلو علم فوق اسم الله جل جلاله.
ب‌) استبعاد الحل البلدي الذي يدعو إلى إبقاء القدس مدينة موحدة وعاصمة لإسرائيل مع إعطاء زهاء الـ(270,000) مقدسي الموجودين في المدينة الموسعة حكماً بلدياً وذاتياً فلسطينياً مع إبقاء السيادة لإسرائيل.
ت‌) أما الإطار الثالث الذي تضمنته كل من وثيقة بيلين – محمود عباس، وإلى جانبها مقترحات عالم القانون الدولي البريطاني جون ويتبك، فتنص على قدسين مع إبقائهما موحدتين ومفتوحتين على بعضهما بعضاً، تكون إحداهما عاصمة لدولة فلسطين عندما تقوم في القدس الشرقية الموسعة وعاصمة لإسرائيل في القدس الغربية الموسعة أيضاً.
 
ويقترح عالم القانون البريطاني ويتبك "سيادة مشتركة في قدس غير مجزأة" مع تطبيق إدارة لا مركزية بحيث تدار شؤونها من قبل بلديات عربية ويهودية وفقاً للوضع الجغرافي والسكاني لتلك الأحياء، بحيث لا يكون هناك أي مجال للاحتكاك.
 
عاشراً: بعد توسيع مدينة القدس مرة أخرى وكانت قد وسّعت بين عام 1967-2000 من ستة كيلومترات إلى سبعين كيلومتراً، يطلق على مدينة القدس الموسعة اسم مدينة القدس (The City of Jerusalem)، بينما يطلق على القدس الشرقية اسم القدس، وعلى القدس الغربية اسم أورشاليم.
 
وسوف يكون للمدينة مجلس بلدي أعلى مشترك يمثل فيه اليهود بنسب 2-1 نظراً لعدد السكّان اليهود البالغ أكثر من (400,000) مقابل (200,000) عربي، وبخاصة بعد ضم مستوطنات يهودية غير شرعية غليها مثل معاليم أدوميم وجيفات زئيف وجيفون ومناطق أخرى مجاورة، ونقلها من الضفة الغربية إلى مدينة القدس.
 
كما يقترح أن تضم القدس العربية الموسعة أبوديس والعيزرية والزعيم والرام وبيت حنينا وشعفاط.
 
الحادي عشر: الأطر والمعطيات المرفقة يمكن أن تصلح أساساً لتسوية شريطة ما يلي:
أ‌)   أن يكون قلب القدس العربية الأحياء التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967 وهي الأحياء الملاصقة والمجاورة للبلدة القديمة المقدسة. يجب أن تضمن انسحاب إسرائيل الكامل منها مع ترتيبات مناسبة للأماكن المقدسة. ولسوف تطلب إسرائيل لقاء انسحابها من البلدة القديمة وضعاً خاصاً للحي اليهودي في الجزء الجنوبي من البلدة، ويجب التفاوض حول كيففية هذا الوضع بحيث لا يؤثر على السيادة العربية في القدس العربية وبحيث يكون ترتيباً إدارياً أكثر منه سيادياً أو اقتطاعياً.
ب‌) لا ضير من مقترحات توسيع مدينة القدس العربية بضم الضواحي التي ذكرت، لأن قدس 1948-1967 العربية صغيرة الحجم ولم تكن تشكل سوى 14%من مجموع مدينة القدس عام 1948.
 
وختاماً، فإن اللجنة ترى لزاماً عليها مواصلة اجتماعاتها لتتبع التطورات المتوقعة، وكذلك إسداء النصح للحكومة في كل ما يستجد من تطورات بالنسبة لمدينة القدس خلال الأشهر القادمة، مع الأمل بأن تتصل الحكومة إلى نوع من التنسيق مع الجانب الفلسطيني يتيح للجنة دوراً أكثر فعالية في إنقاذ مدينة القدس من براثن الاحتلال ودعوتها إلى الحظيرة العربية.
 

لقد تمت دراسة اللجنة أعلاه قبل عقد ونصف، وقد تلقي أضواء مهمة على مصير مدينة القدس ومستقبلها، في ضوء الجهود والمبادرات التي تتبلور في هذا العام (2009) حول التسوية العربية الإسرائيلية في إطار المبادرة الأمريكية المقترحة.
القدس والقانون الدولي – مراجعة لمن يهمه الأمر Paperclip الملفات المرفقة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69786
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

القدس والقانون الدولي – مراجعة لمن يهمه الأمر Empty
مُساهمةموضوع: رد: القدس والقانون الدولي – مراجعة لمن يهمه الأمر   القدس والقانون الدولي – مراجعة لمن يهمه الأمر Emptyالأربعاء 15 يوليو 2020, 4:03 am

الأراضي والقدس في القانون الدولي

د.حنا عيسى
تعرضت الأراضي الفلسطينية لأطماع الدول الغربية في القرون الأخيرة خصوصاً أواخر الحكم العثماني حيث بدأ الضعف يدب في هذه الدولة، ومن ناحية أخرى بدأت الحركة الصهيونية في الظهور فسارع نشطائها إلى شن حملة لشراء الأراضي في فلسطين لصالح اليهود القادمين من أوروبا، ومن ابرز هؤلاء النشطاء موشى مونتفيوري الذي إستطاع الحصول على موافقة السلطان عبد المجيد لشراء مساحة من الأراضي في فلسطين شكلت نواة الاستيطان الصهيوني فيها، وعندما استشعرت الدولة العثمانية خطورة الأطماع الغربية والأطماع اليهودية في أراضي فلسطين فأصدرت مجموعة من القوانين التي تهدف إلى تنظيم ملكية الأراضي في فلسطين.

 نظام ملكية الأراضي في العهد العثماني: اعتمد نظام ملكية الأراضي في العهد العثماني على الأسس الإسلامية فإذا ما تم الفتح بعد حرب تبقى الأرض بأيدي أصحابها الأصليين شريطة دفع الخراج أما إذا تم الفتح عن طريق الحرب تصبح الأرض غنيمة بأيدي الفاتحين ويبقى الخمس لبيت المال..وقد قسمت الأراضي إلى قسمين: أراضي ملكية فردية وأراضي ملكية عامة للدولة وكانت فلسطين في بداية القرن  السابع عشر تضم ألوية نابلس والقدس وغزة وصفد وكان فيها 28 مقاطعة بدرجة زعامت و436 مقاطعة بدرجة ثيمار .وهدفت الدولة العثمانية من خلال إصدارها لقانون الأراضي عام 1858، إلى إحكام سيطرتها على الأرض وتأكيد حقها فيها في وجه القوى المحلية وبقايا الإقطاع وجعل التصرف بالأراضي من خلال قوانين محددة تضعها الدولة، وقد جعل هذا القانون التصرف في الأراضي واستغلالها يتحدد من خلال العرض السائد بين السكان وفي بعض الأحيان كان حق التصرف يثبت بأوراق تدعى حجج شرعية تكون مصدقة من القضاء.

 ووفقا لقانون الطابو1861انتشرت ظاهرة طبقة الملاك الكبار بعد أن بات الفلاحون يتهربون من تسجيل الأراضي باسمهم وكانت بعض العائلات تسيطر على مساحات شاسعة في المدن والقرى، وفي المقابل أرادت الدولة العثمانية تثبيت سلطانها على الأراضي وتقليص هيمنة الملاك الكبار والعشائر من السيطرة على الأراضي لكنها في واقع الأمر فشلت في ذلك مما أدى إلى زيادة ونمو فئة الملاكين الكبار .

 اما قانون تملك الأجانب للأراضي في فلسطين1869، قامت الحكومة العثمانية بإصدار قانون يسمح للأجانب بالتملك سواء كانوا أفرادا أم مؤسسات أو شركات في جميع أراضي الدولة سواء داخل المدن أوخارجها ونتيجة لذلك أخذت الدول الأوربية كبريطانيا وفرنسا وروسيا بإرسال رعاياها للإقامة في فلسطين والعمل على شراء الأراضي وإقامة المستعمرات وكانت الكنائس الأوروبية قد أخذت تهتم بشراء مساحات كبيرة من الأراضي وأخذت أيضا تعمل على رفع أسعار الأراضي في مناطق القدس ويافا وحيفا وذلك لتحقيق أقصى حد من الأرباح.

وعند نهاية الحرب العالمية الأولى وهزيمة الدولة العثمانية ومن ثم انتهاء الإمبراطورية التي دامت عدة قرون، وقعت فلسطين تحت حكم انتداب بريطاني وتم تشكيل إدارة عسكرية في البلاد وقسمت فلسطين في الفترة ما بين 1917 - 1920 إلى عدة ألوية وعلى رأس كل لواء حاكم عسكري بريطاني يرتبط بالحاكم العسكري في القدس والذي كان بدوره مرتبطا بالقيادة العامة للجيش البريطاني في القاهرة وفي العام 1922 قسمت فلسطين إلى 3 مناطق وهي اللواء الشمالي - اللواء الجنوبي - ومقاطعة القدس.

 وفي فترة ولاية المندوب البريطاني هربرت صموئيل صدرت قوانين جديدة وعمل على تغيير القوانين العثمانية لتسهيل انتقال الأراضي لليهود وقد حذا المندوبون السامون الذين تلوه حذوه في هذا الشأن.

 وفي الثلاثينات بدات الهجرة اليهودية الى فلسطين تتفاقم وهذا التزايد سبب أشكالاً كبيراً للحكومة البريطانية المنتدبة حيث بات عليها ان تتحمل عبء المزارعين الذين باتوا بلا أراضي بعد ان صادرتها الحكومة بحجج واهية واعطتها لليهود ليستوطنوا فيها ولم تعد هنالك أراضي كافية لتوطين المزيد من المهاجرين اليهود ومع بدء الفلاحين بالتذمر ورفض ما يحدث كان لابد للحكومة أن تفعل شيئاً يسكتهم فأصدرت قانون انتقال الأراضي 1940م وطبقا لهذا القانون قسمت أراضي فلسطين إلى ثلاث مناطق: المنطقة أ: كانت تضم 16,680,000 مليون دونم أي مايعادل 63,1% من مجموع المساحة الكلية ويمتلك اليهود منها 34 ألف دونم ، والمنطقة ب: تضم 8,348000 أي 31,8% من مجموع المساحة ويمتلك اليهود فيها 45 ألف دونم، والمنطقة الحرة: ضمت 1,292,000 دونم أي مايعادل 5% من مجموع المساحة يمتلك فيها اليهود 600 ألف دونم .

-         فترة الانتداب البريطاني 1917- 1948م: قام الجنرال اللنبي بعد فترة قصيرة من دخوله القدس، باستدعاء ماكلين، مهندس مدينة الإسكندرية، لوضع الخطة الهيكلية الأولى لمدينة القدس، وقام الأخير بوضع أول مخطط هيكلي لها سنة 1918م، كان أساساً للمخططات التي تلته، حيث تم تقسيمها الى البلدة القديمة وأسوارها، المناطق المحيطة بالبلدة القديمة، القدس الشرقية (العربية)، القدس الغربية (اليهودية). ونصت الخطة على منع البناء منعاً باتاً في المناطق المحيطة بالبلدة القديمة، ووضَعت قيوداً على البناء في القدس "العربية"، وأُعلن عن القدس الغربية "اليهودية" كمنطقة تطوير. وقد اتسم هذا المخطط بتعزيز الوجود اليهودي في المدينة، كما عمل على إحاطتها بالمستوطنات؛ لمنع أي توسع عربي محتمل، ومحاولة السيطرة على الحكم البلدي، كخطوة نحو الاحتلال الكامل للمدينة، وتحويلها إلى عاصمة للدولة اليهودية.

 -   ترسيم الحدود عام 1921م (زمن الانتداب البريطاني): ضمت حدود البلدية القديمة قطاعاً عرضياً بعرض 400 م، على طول الجانب الشرقي لسور المدينة، بالإضافة إلى أحياء (باب الساهرة، ووادي الجوز والشيخ جراح) من الناحية الشمالية، ومن الناحية الجنوبية انتهى خط الحدود إلى سور المدينة فقط، أما الناحية الغربية والتي تعادل مساحتها أضعاف القسم الشرقي، فقد شملتها الحدود؛ لاحتوائها تجمعات يهودية كبيرة، بالإضافة إلى بعض التجمـعات العربيـــة (القطمون، البقعة الفوقا والتحتا، الطالبية، الوعرية، الشيخ بدر، مأمن الله).

 - حدود عام 1946- 1948 م: أما المخطط الثاني لحدود البلدية فقد وضع عام 1946 م، وجرى بموجبه توسيع القسم الغربي عام 1931، وفي الجزء الشرقي، أضيفت قرية سلوان من الناحية الجنوبية ووادي الجوز، وبلغت مساحة المخطط 20.199 دونماً، أملاك عربية 40%،  أملاك يهودية 26.12%،  أملاك مسيحية 13.86%، أملاك حكومية وبلدية 2.9%، طرق سكك حديدية 17.12%.

 -  وبين عاميّ (1947 - 1948) جاءت فكرة التقسيم والتدويل؛  ففكرة تقسيم فلسطين وتدويل القدس، لم تكن جديدة؛ فقد طرحتها اللجنة الملكية بخصوص فلسطين (لجنة بيل)، حيث اقترحت اللجنة إبقاء القدس وبيت لحم إضافة إلى اللد والرملة ويافا، خارج حدود الدولتين (العربية واليهودية) مع وجود معابر حرة وآمنة، وجاء قرار التقسيم (181، بتاريخ 29/11/1947) ليوصي مرة أخرى بتدويل القدس. وقد نص القرار على أن تكون القدس (منطقة منفصلة)، تقع بين الدولتين: العربية، واليهودية، وتخضع لنظام دولي خاص، وتُدار من قبل الأمم المتحدة بواسطة مجلس وصاية يقام لهذا الخصوص، وحدد القرار حدود القدس الخاضعة للتدويل بحيث شملت (عين كارم وموتا في الغرب وشعفاط في الشمال، وأبو ديس في الشرق، وبيت لحم في الجنوب)، لكن حرب عام 1948م وتصاعد المعارك أدت إلى تقسيم المدينة إلى قسمين وفقاً لنتائج الأعمال الحربية. وبتاريخ 30/ 11/ 1948م، وقّعت السلطات الإسرائيلية والأردنية على اتفاق وقف إطلاق النار بعد أن تم تعيين خط تقسيم القدس بين القسمين الشرقي والغربي للمدينة في 22/7/ 1948 وهكذا ومع نهاية عام 1948م، كانت القدس قد تقسمت إلى قسمين وتوزعت حدودها نتيجة لخط وقف إطلاق النار إلى: مناطق فلسطينية تحت السيطرة الأردنية 11.48% ، مناطق فلسطينية محتلة ( الغربية) 84.13، مناطق حرام ومناطق للأمم المتحدة 4.40 % .

 وفي 12/2/1957م، قرر مجلس البلدية توسيع حدود البلدية، نتيجة للقيود التي وضعها (كاندل) في منع البناء في سفوح جبل الزيتون، والسفوح الغربية والجنوبية لجبل المشارف (ماونت سكوبس)، بالإضافة إلى وجود مساحات كبيرة تعود للأديرة والكنائس، ووجود مشاكل أخرى مثل كون أغلبية الأرض مشاعا، ولم تجر عليها التسوية (الشيخ جراح وشعفاط)، وهكذا وفي جلسة لبلدية القدس بتاريخ 22/6/1958 ناقش المجلس مشروع توسيع حدود البلدية شمالا لتشمل منطقة بعرض 500م من كلا جانبي الشارع الرئيسي المؤدي إلى رام الله ويمتد شمالا حتى مطار قلنديا.

 -  الصراع الفلسطيني- الصهيوني: عندما أعلنت بريطانيا اعتزامها الانسحاب من فلسطين يوم 14/أيار (مايو) 1948م، بدأت المنظمات اليهودية الإرهابية بتصعيد حرب الإبادة وأعمال العنف وإرتكاب المجازر لبث الذعر في نفوس عرب فلسطين، وإجبارهم على الفرار من بيوتهم وأخذ الأراضي خالية من السكان. فنفذت المنظمات الإرهابية اليهودية، العديد من المجازر البشعة ضد المدنيين العزل، بهدف تشريد وتهجير الشعب الفلسطيني.

 -   بسطت إسرائيل سيطرتها الجغرافية على الأراضي العربية في فلسطين، من خلال استيلائها على أراضي العرب وأماكن وحودهم الجغرافي- من خلال العديد من الأساليب منها: الاستيطان وفرض سياسة الأمر الواقع، القوة العسكرية، والمصادرة، ولتحقيق ذلك؛ عمدت إلى سن القوانين التي تكفل لها ابتلاع الأرض وسلبها من أصحابها. وهنا لا بد من التذكيربتدميرالإحتلال لأكثر من 418 قرية فلسطينية، واستيلائه على معظم المدن الفلسطينية، وعلى ملايين الدونمات من أراضي عرب الـ 48 ، الذين أحالتهم إلى لاجئين لا يملكون شيئاً، بعد أن كان متوسط ملكيتهم عام 1948 -(16) دونماً للفرد الواحد.

 -  احتلال القدس الشرقية وضمها عام 1967: بالتدمير والقتل نجح الكيان الصهيوني في احتلال القدس الشرقية سنة 1967، ورغم انتهاء الأعمال الحربية، واصل هذا الكيان جرائمه بحق الشعب الفلسطيني الأعزل، فلم تقتصر عملية الهدم على حي المغاربة، بل طالت ثلاث قرى أخرى في منطقة اللطرون القريبة من القدس هي (بيت نوبا، عمواس، يالون)، إذ تم هدمها وطرد سكانها الفلسطينيين بعد انتهاء الأعمال الحربية بأيام قليلة.

 - أثر حرب 1967م على حدود مدينة القدس: بتاريخ 28/6/1967م، اعلنت دولة الاحتلال عن توسيع حدود بلدية القدس وتوحيدها - طبقا للسياسة الإسرائيلية الهادفة إلى السيطرة على أكبر مساحة ممكنة من الأرض مع أقل عدد ممكن من السكان العرب. وتم رسم حدود البلدية لتضم أراضي 28 قرية ومدينة عربية، وإخراج جميع التجمعات السكانية العربية، لتأخذ هذه الحدود وضعاً غريـباً، فمرة مــع خطوط التسوية (الطبوغرافية) ومرة أخرى مع الشوارع، وهكذا بدأت حقبة أخرى من رسم حدود البلدية، لتتسع مساحة بلدية القدس من 6.5 كم2 إلى 70.5 كم2 وتصبح مساحتها مجتمعة (الشرقية والغربية 108.5 كم) وفي عام 1995م، توسعت مساحة القدس مرة أخرى باتجاه الغرب لتصبح مساحتها الآن 123كم.

 - القرارات الدولية بشأن القدس: ان قواعد القانون الدولي أكدت على انه لا يجوز لقوات الاحتلال الإسرائيلي أن تضم أو تعلن ضم المناطق التي احتلتها كلها أو بعضها بأي شكل من الأشكال، وكل إجراء من هذا القبيل تتخذه القوات المحتلة تحت أية اعتبارات من جانب واحد هو إجراء باطل ولا يترتب عليه أي اثر قانوني أو شرعي أو دولي وفق المادة 43 من لائحة لاهاي الرابعة لسنة 1907م ، وان الاحتلال الإسرائيلي لا يمكن أن يرتب لسلطاته اية حقوق أو آثار على حق السيادة الأصلي للمناطق الفلسطينية المحتلة بل يبقى حق السيادة قانونا للدولة الأصلية صاحبة الإقليم المحتل ، وان الاحتلال الإسرائيلي لمدينة القدس لا يؤدي إلى نقل السيادة للقوات المعتدية لان الاحتلال مؤقت ومحدود الأجل بحسب قراري مجلس الأمن 242 لسنة 1967 و 338 لسنة 1973 ، ويجب أن ينتهي الاحتلال إما بعودة القدس المحتلة إلى سيادتها الفلسطينية الأصلية أو بتسوية النزاع بالطرق السلمية التي حددها ميثاق الأمم المتحدة في الفقرة الأولى من المادة 33 منه أو بالتدابير اللازمة القسرية التي يجب أن يتخذها مجلس الأمن انسجاما مع صلاحياته المنصوص عليها في الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة في المواد 39، 40، 41، 42."

وقام الاحتلال بعد العام 1967 بسن العديد من الأوامر العسكرية التي تهدف الى السيطرة على الاراضي والحياة المدنية في الضفة الغربية، وابقى القوانين السارية أثناء الحكم الأردني سارية المفعول بما لا يتعارض مع أي أمر يصدر عن قوات الجيش الاسرائيلي، وبلغ عدد الأوامر العسكرية ما يقارب (1300) أمر عسكري في الضفة الغربية، وما يقارب من (900) أمر عسكري في قطاع غزة.

وفي بداية انتقال إدارة الضفة الغربية وغزة الى السلطة الفلسطينية، تم نقل بعض الصلاحيات من ادارة الاحتلال الاسرائيلي الى السلطة الفلسطينية، فعلى الصعيد القانوني، اصدر رئيس السلطة الفلسطينية أول قرار له بتاريخ 20/5/1994م الذي قضى باستمرار سريان التشريعات والقوانين التي كانت سارية المفعول قبل 5/6/1967 في الضفة الغربية وقطاع غزة ومنذ صيف 1994 تولى مجلس السلطة الفلسطينية "السلطة التنفيذية منذ 5/7/1994، المجلس التشريعي منذ 3/7/1996، سلطة اصدار التشريعات المنظمة لمختلف جوانب الحياة العامة لأفراد المجتمع، وهدفت التشريعات الجديدة التي بلغ عددها حتى صيف 2000ما يقارب 48 قانون و200 من التشريعات الاخرى، الى تنظيم الحياة وبلورة وحدة القانون ما بين محافظات الضفة الغربية وغزة.

وبنظرة سريعة الى التشريعات التي صدرت، انتقلت ادارة سلطة الاراضي للسلطة الفلسطينية ونقلت بعض السجلات الخاصة بالأراضي الى سيطرة الفلسطينيين، وبذلك تم انشاء سلطة الاراضي بموجب مرسوم صادر عن الرئيس الراحل ياسر عرفات بتاريخ 5/6/2002والتي كانت تابعة الى وزارة العدل ودوائر المساحة الى ان تم أخيرا فصلها عن هاتين الوزارتين واصبحت تابعة لمجلس الوزراء الفلسطيني.

وفي عام 2004 وفي محاولة جادة، اصدر مشروع قانون الاراضي لمحاولة منها ضم كافة القوانين المعمول بها في الضفة الغربية وقطاع غزة، كما أن هناك مشروع قانون لانشاء لجنة الاراضي وكذلك مشروع تنظيم المدن والقرى والأبنية، وايضا هناك مشروع قانون آخر هو قانون الوكالة الدورية غير القابلة للعزل والذي لا يزال قيد الدراسة لدى المجلس التشريعي حتى الآن.

موقف الأمم المتحدة من القدس:  الموقف الثابت للأمم المتحدة منذ بداية المشكلة الفلسطينية في معالجة قضية القدس على نحو مستقل بوصفها كيانا منفصلا يجب أن يتوافر له نظام قانوني خاص بسبب ما لديه من قداسة وأهمية دينية وتاريخية وحضارية. ووضعت للقدس نظاما دوليا على أساس ما ورد في قرار التقسيم الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1947 . و ظلت ثابتة على وجوب النظر إلى القدس نظرة خاصة ومعالجتها على أساس أن لها وضعا قانونيا متميزا . كما وتعامل القطاع الشرقي من المدينة الذي وقع تحت الاحتلال الإسرائيلي في عام 1967 م بوصفة أرضا محتلة تقوم إسرائيل باحتلالها عسكريا ويتعين عليها الالتزام بشأنها – شأنها في ذلك شأن باقي الأراضي الفلسطينية المحتلة – بأحكام القانون. وإن قراري مجلس الأمن رقم 242 ، 338 يشملان القدس الشرقية بوصفها أرضا تم احتلالها في عام 1967 م يطبق بشأنها كل ما يطبق بشأن باقي الأراضي العربية المحتلة من وجوب انسحاب إسرائيل منها على أساس مبدأ عدم جواز اكتساب الأراضي نتيجة لاستخدام القوة .

 مضامين الشرعية الدولية تجاه القدس:

  1. تقسيم فلسطين إلى دولتين: عربية وأخرى يهودية.

 2. ايجاد كيان خاص بالقدس على أن يعاد النظر في الوضع النهائي لهذا الكيان بعد انقضاء 10 سنوات على قيامه.

 3. عدم شرعية احتلال إسرائيل للأراضي العربية، بما في ذلك الضفة الغربية والقدس في مقدمتها.

 4. عدم جواز اكتساب أراضي الغير بالقوة.

 5. بطلان جميع إجراءات تهويد الأراضي العربية، بما في ذلك القدس، سواء كانت قانونية أو سياسية أو استيطانية أو ديموغرافية، ومطالبة إسرائيل بالامتناع فوراً عن الإتيان بأي عمل من شأنه أن يغير في الطبيعة الدينية والحضارية والديموغرافية للأراضي العربية المحتلة بما في ذلك القدس.

 6. عدم شرعية الاستيطان ومطالبة إسرائيل بتفكيك القائم من المستوطنات.

 7. انسحاب إسرائيل من كامل الأراضي العربية المحتلة بما في ذلك القدس.

 8. الاعتراف بحق الشعب العربي الفلسطيني في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة الكاملة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس.

 9. إدانة سياسة التهجير والاستيطان الإسرائيلية وانتهاكاتها المتكررة لحقوق الإنسان في الأراضي العربية المحتلة، وعدم تطبيقها لاتفاقيات جنيف لعام 1949 وخاصة الرابعة منها التي تنص على ضمان حياة الإنسان وحقوقه إبان الحرب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
القدس والقانون الدولي – مراجعة لمن يهمه الأمر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  هناك ما يريد صانع القرار الأردني أن يبلغه لمن يهمه الأمر
» من مسرى سيد المرسلين إلى من يهمه الأمر من المسلمين أنا المسجد الاقصى المبارك
» القدس في القانون الدولي مراجعات لقرارات الأمم المتحدة واليونسكو
»  الحرب والقانون .... يتألف القانون الدولي الإنساني من مجموعة من القواعد
» مسألة تجاهل وثيقة عباس وموقف نتنياهو غير مؤثر والقانون الدولي يضمن للمملكة المرجعية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: فلسطين الحبيبة :: القدس-
انتقل الى: