حرب إعلامية فرنسية على الفلسطينيين… شباب «التواصل الإجتماعي» يهزمون نتنياهو… وإعلام عربي ببغائي مقلد
أسمى العطاونة
OCTOBER 15, 2015
هي «لا» فلسطينية الصنع يتناقلها جيل عن آخر. هي «لا» فلسطينية الصنع تجذرت على رفض الذل. يصفونها هنا في إعلامهم بـ«ثورة السكاكين»، ويصفها إعلام السيسي «بسكاكين المطابخ» التي لن تحرر فلسطين. يسخر الإعلام من إنتفاضة «الكرامة» التي فضحت عجزه وصمته عن الدفاع عن الفلسطيني وحقوقه الإنسانية والسياسية.
سموها «هبة» إن شئتم أو «إنتفاضة» إن أردتم، حللو ونظروا وقولوا ما شئتم. هم هناك يتظاهرون بالكلمات، بالحجارة، بالسكاكين، وبكل ما يتوفر لهم للتعبير عن الـ«غضب» يقاومون به إحتلالا إسرائيليا لا ينظر إليهم كبشر أصحاب حق بل كعقبة في طريق تحقيق «دولته اليهودية».
لن يحبط الإعلام بتسمياته وتغطياته الكاذبة «إنتفاضة» و«غضب» فتية ما بعد أوسلو. هم جيل جديد لم ير في إتفاقيات أوسلو ومفاوضات قياداته الفلسطينية «المهترئة» سوى المزيد من الذل والخنوع رغما عن رفرفة أعلامهم في الأمم المتحدة وكراسيهم التي لم تغير شيئا من واقعهم على الأرض. هم فتية وفتيات انتفضوا على واقعهم المرير أمام التوسع الإستيطاني المستمر، وإنتهاكات المستوطنين العنيفة بحقهم وحماية الحكومة الإسرائيلية وتشجيعها لجرائمهم الوحشية المتواصلة.
تتساءل قناة «فرانس24» العربية عبر موقعها باستغراب عن سبب تحول الإنتفاضة الفلسطينية من إنتفاضة الحجارة إلى «حرب السكاكين»؟! ألا يجدر بالقناة المحترمة أن تتحدث عن عمليات طعن وحرق وقصف وقتل المستوطنين لفلسطينيين طوال سنوات»؟ لن ألوم القنوات الإخبارية الغربية التي وصفت ما يحدث بـ«أعمال الشغب» و«دوامة العنف» كتلفزيون «تي. أف. أن» في نشرته الإخبارية.
سألوم فقط الإعلام العربي الذي يردد بغباء صورة ناصعة تريد الحكومة الإسرائيلية تشويهها وربط ما يحدث بعمليات تقوم بها «داعش» لتعبر عن وحشية الفتية الفلسطينيين عند دفاعهم عن كرامتهم ومواجهتهم للمستوطن الإسرائيلي الغاصب. ما يحدث في فلسطين ليس «حربا» فالحرب تكون بين جيشين لدولتين متساويتي القوى والحقوق. الحرب لا تحدث بين مدنيين عزل وجيش مستوطن ومحتل يغتصب حقوقه ويقصفه ويحاصره ويهينه ويعزله عن أرضه وترابه. إنها ليست حربا بل «إنتفاضة غضب» لم يرفرف أي علم لأي حزب أو قيادة سياسية فلسطينية. هي إنتفاضة لجيل واع ومتشبث بحقه، يذكر نتنياهو وجيشه ومستوطنيه بإصراره وعزيمته في حفظ حقوقه وإنتمائه. هو جيل لم ولن يلجأ لـ«منظرين» من المثقفين ولا السياسيين الذين خذلوه طوال تلك السنين. هو جيل يلقبه الإعلام بجيل «السمارت فون» والـ«فيسبوك» والـ«يوتوب» تحاربه المواقع الإسرائيلية وتخصص له دراسة يومية لمعرفة عدد الصور والرسومات التي يستخدمها في بث «الكراهية» ضد الإسرائيلين، ويطالب نتنياهو الـ»يوتوب» التربص له وسحب صوته وصور غضبه من وسائل التواصل الإجتماعية.
جيل يافع، جيل ما بعد «أوسلو» أصبح مصدر قلق لنتنياهو «المصروع» والذي تحول إلى «أفعى» إنتهى به الدوران حول نفسها إلى عض «ذيله». نتنياهو يعتقد بأن الإنترنت هو من يدفع «جيل السكاكين» إلى القيام بأعمال «إرهابية» فهم يبثون فيديوهات عبر «يوتيوب» و»واتس آب». يصفهم نتنياهو أيضا بالـ«الذئاب المنفردة» وهذا إن دل على شيء فهو دلالة على رعبه هو ومناصروه من جيل جديد يتخذ من الكرامة والمقاومة نمطا لحياته.
أطفال، مراهقون ومراهقات، فتيات وفتية يتقدمون الصفوف الأمامية ويلقون بالحجارة على جنوده ودباباته.
يختلق الإعلام الإسرائيلي الأكاذيب ويحاول تصوير هؤلاء الصبية والفتيات الصغار العزل «مجرمين» يتنافسون في العنف والوحشية مع جيش إحتلال مدجج بأعتى الأسلحة يسلبهم حقوقهم الإنسانية.
إعلام يبرر قتل الأبرياء!
يساند إعلام نتنياهو الإعلام الغربي وبخاصة الفرنسي بانتقائه لكلماته بدقة «فتاة محجبة» تقتل من قبل أفراد من الشرطة الإسرائيلية بعد فشل نيتها في «طعن مستوطن». يتحدث الإعلام الفرنسي عن ما يحدث من جرائم قتل بشكل يبرر فيه أن تقتل هذه الفتاة البريئة من قبل مجموعة من المسلحين و«الهمج» الإسرائيليين أمام أعين العالم، من دون أن تثير هذه الجريمة أي غضب أو حتى مجرد لفتة تعجب!
نحن هنا نتحدث عن فتاة مدنية فلسطينية لا تحمل في يدها أي سلاح ولا أي سكين. تصرخ أمامنا في أن يدعونها وشأنها ولكن غريزة الوحوش قتلت الفتاة البريئة على مرأى من العالم كله.
الإعلام الفرنسي يتحدث وكأن هناك طرفين متعادلين في «الحرب» ويتناسى تماما بأن هناك «جيش إحتلال» و«مستوطنين» يرتكبون الجرائم يوميا في حق مواطنين أصليين مدنيين عزل!
خذوا ما شئتم من صور!
ثار الفتية والصبايا الفلسطينون بطريقة عفوية وغير منظمة وقالوا «لا» بعد أن تعجب الكثيرون من صمتهم خلال «إنتفاضة» الشعوب العربية على أنظمة ديكتاتورية تحكمها. صرخ الفلسطيني بـ«لا» في وجه الذل. صرخ بـ«لا» لإسرائيل التي تريد التخلص منه وهو صاحب الأرض والمكان. تتعدى على حقه في أن يكون له صوت يمثله داخل أراضيها.
هب الفلسطيني بـ«لا» جماعية، في داخل أراضي الثمانية وأربعين وفي الضفة وغزة، شباب وصبايا قالوا «لا» لنتنياهو المتطرف، والذي أصابته نوبة جديدة من الهيستيريا هو وشعبه، هيستيريا «الحجارة» و«السكاكين».
فشل نتنياهو في إحتواء «الغضب» وفشلت القيادات الفلسطينية في «مفاوضاتها» فلن يمنع أي جدار وأي قصف، الجيل الفلسطيني الحالي من حمل الحجر ورميه في وجه المستبد. وربما إن أراد نتنياهو وجيشه ومستوطنوه أن يفهموا ما يجري، فما عليهم إلا أن يستعيدوا كلمات قالها محمود درويش «أيها المارون.. خذوا ما شئتم من صور، كي تعرفوا.. أنكم لن تعرفوا»؟!
قناة «إي.24» تحارب الفلسطينيين إعلاميا!
نشرت القناة الإسرائيلية «إي. 24» صورا ورسومات خلطت فيها بين ما يحدث فعلا على أرض الواقع في فلسطين مثل صورة لطفل في الثالثة محاط بأربعة رجال من الصحافيين ورجل يحاول إسعافه. كتب على الصورة عمري ثلاث سنوات، إسرائيل أطلقت رصاص الكاويتشو علي، فيما كنت أقف على البلكون في بيتي أثناء قصفها لقريتي. في الوقت ذاته نشر موقع المحطة رسما كاريكاتيريا لرجل فلسطيني ملثم يجلس على جثة مستوطن أمام المسجد الأقصى، بعد أن ذبحه مستخدما الـ«ساطور» لحام يقطر دما!
تحاول القناة الخبيثة معنونة مقالها «التحريض على القتل والعنف» تشويه صورة «الإنتفاضة الثالثة» وتثبيت فكرة «حرب السكاكين والسواطير» التي اندلعت في أرجاء فلسطين المحتلة مؤخرا!
إيريك زيمور «إسرائيل ربحت الحرب»!
بعدما تعودنا على تصريحات الإعلامي «الكريه» إيريك زيمور العنصرية والساخطة على العرب والمسلمين ها هو تعطى له أهمية لا يستحقها في الإعلام الفرنسي من جديد. يتحدث هذه المرة عن ما يحدث في الشرق الأوسط وخاصة في فلسطين من «دوامة عنف»، كما يصفها الإعلام الفرنسي.
يخبرنا عبر أثير إذاعة «إر.تي.إل» أن إسرائيل تحاول أن «تلعب لعبة من يربح يخسر». ويضيف تحليلاته السياسية المبسطة والخبيثة في محاولة منه لربط ما يحدث بـ»داعش» و»حزب الله» و»حماس»: «إننا نعتقد بأننا أمام حرب المئة عام بين فلسطينيين وإسرائيليين»، ولكننا مخطئون فهي مواجهة بين جهاديين قريبين من «حماس» و«داعش» وبين يهود متدينين» وهي مواجهة بين المسجد الأقصى ومعبد القدس الذي دمر من قبل الرومان في عام سبعين ميلاديا»، ولكي يتمادى في تحليله أجاب بأن «الغضب الفلسطيني الأخير ما هو إلا دليل على خسارة الفلسطينيين» فهم لن «تكون لديهم دولة»!
كاتبة فلسطينية تقيم في باريس
أسمى العطاونة