كيري يتحرك لتهدئة الأوضاع ووأد المقترح الفرنسي… والسلطة تخفي موقفها خشية الخلاف مع الأردن
أشرف الهور
OCTOBER 20, 2015
غزة ـ «القدس العربي»: أكد مسؤول فلسطيني رفيع لـ «القدس العربي» أن الإدارة الأمريكية بدأت فعليا بالتحرك من جهة الأردن، بهدف تهدئة الأوضاع، ولقطع الطريق أيضا على المقترح الفرنسي الخاص بنشر قوات دولية في المسجد الأقصى.
وذكر المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه أن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، شرع هو ومساعدوه باتصالات مع الأردن بصفتها الوصية على المقدسات الإسلامية في القدس وكذلك إسرائيل، بهدف التوصل إلى صيغ مقبولة، ترضي المملكة والسلطة الفلسطينية.
وأُبلغ كيري خلال اتصالاته الأخيرة بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، رفض الفلسطينيين الشديد لأي محاولات أو اتفاقيات تعتمد على تقسيم المسجد الأقصى زمانيا ومكانيا مع إسرائيل.
ويتوقع أن تحفظ الصيغة المقترحة من قبل الإدارة الأمريكية «ماء وجه إسرائيل» خاصة وأن الأحداث التي تشهدها الأراضي الفلسطينية كان سببها الاقتحامات المتكررة لليهود للمسجد الأقصى. ولا تعرف بعد معالم المخطط الأمريكي الكامل تجاه هذا الأمر، غير أن خطوطها تطالب باتخاذ خطوات عملية على الأرض تمنع أي مظهر من مظاهر التوتر مستقبلا.
ويأتي الاهتمام الأمريكي لإنهاء ملف التوتر، في ظل التحرك الفرنسي في مجلس الأمن، لإصدار قرار يقضي بإرسال مراقبين دوليين للمسجد الأقصى، وهو مقترح ترفضه كل من إسرائيل ولحقت بركبها الإدارة الأمريكية كي لا تتركها وحيدة في مواجهة الضغوط الدولية.
ووصفت إسرائيل المقترح بأنه يمثل «جائزة للإرهاب الفلسطيني»، على حد زعم مصادر سياسية رفيعة في تل أبيب، وقالت إن كلا من بلادها والولايات المتحدة وجهات أخرى تعمل على إجهاضه.
ولم يعرف بعد موقف السلطة الفلسطينية من المقترح الفرنسي، غير أن الفلسطينيين لا يمانعون من الرقابة الدولية، وقد ظهر ذلك في دعوات السلطة المتكررة عبر رسائل للأمين العام للأمم المتحدة، وكذلك عبر بيان رسمي للجنة التنفيذية، بضرورة تحرك المجتمع الدولي من أجل حماية الشعب الفلسطيني.
وفي حال القبول الرسمي الفلسطيني لهذا المقترح، فإن ذلك سيكون متعارضا مع الموقف الأردني، إذ أعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، أن واشنطن إسرائيل والأردن تعارض المشروع، وهو ما يظهر تحرك الأمريكيين لإجهاض المشروع الفرنسي في مجلس الأمن.
وعلمت «القدس العربي» بأن مسؤولين فرنسيين أجروا اتصالات مع نظراء فلسطينيين، وبحثوا معهم المقترح. وشملت الاتصالات إطلاع المندوب الدائم لفلسطين في الأمم المتحدة السفير رياض منصور على مشروع القرار.
وحسب تقارير صحافية إسرائيلية فإن فرنسا وزعت الليلة قبل الماضية على الدول ذات العضوية في مجلس الأمن مسودة قرار يدعو لنشر مراقبين دوليين في المسجد الأقصى بموافقة الأطراف بالرغم من معارضة إسرائيل الشديدة، وتتوقع إسرائيل أن يتم تعديل المسودة الفرنسية.
ويقول المسؤول إن الجانب الفلسطيني يتوقع أن تتسارع الجهود الأمريكية في هذا الأمر، في حال سارعت فرنسا بجهودها في مجلس الأمن، لإقرار نص يقضي بإرسال مراقبين دوليين للمسجد الأقصى.
وفي حال تحقيق التوجه الفرنسي، فإن ذلك سينعكس سلبا على إسرائيل، كونها تعلم أن المراقبين سيقدمون تقارير تثبت اعتداءات المستوطنين والمتطرفين الإسرائيليين على المسجد الأقصى والمصلين المسلمين.
ويدور حديث أن الأردن صاحب الوصاية على المقدسات الإسلامية، ينسق المواقف حول الأمر مع السلطة الفلسطينية، خاصة في ظل توقع زيارة قريبة لكيري للمنطقة، يبدأها في العاصمة الأردنية عمان حيث يلتقي الملك عبدالله الثاني والرئيس عباس.
يأتي ذلك في ظل تقارير إسرائيلية تحدثت عن سعي كيري لترقية التفاهمات الإسرائيلية الأردنية الشفوية الخاصة بالمسجد الأقصى.
ونقلت صحيفة «هآرتس» عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن كيري يسعى لتوضيح التفاهمات المعتمدة منذ حوالى عام بين إسرائيل والأردن، حول الوضع القائم في المسجد الأقصى، في محاولة لتهدئة موجة العنف الحالية. وأضاف المسؤولون أن من بين الأفكار المتداولة على هذا الصعيد «خطّ هذه التفاهمات الشفهية.»
ونقلت عن كيري قوله إن القيادتيْن الإسرائيلية والأردنية أبدتا له خلال اتصالاته بهما، رغبتهما في الانخراط بعملية ترفع أي التباس حول حقيقة ما يجري في القدس.
وتبنى كيري الموقف الإسرائيلي الرافض للمقترح الفرنسي القاضي بنشر مراقبين دوليين في المسجد الأقصى. وقال «تدرك إسرائيل وتعي أهمية الحفاظ على الوضع القائم ومن المهم للجميع أن يدركوا أهميته وماهيته وهناك حاجة لتوضيح الإجراءات والقواعد الخاصة بذلك.» وأشار إلى أن الإدارة الأمريكية ليست الوحيدة التي تعارض الاقتراح الفرنسي، مشيرا إلى أن كلا من إسرائيل والأردن تعارضانه.
وفي سياق متصل بعث المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة السفير رياض منصور، رسائل متطابقة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن «أسبانيا»، ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، ذكر فيها أن الوضع على الأرض في دولة فلسطين المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، يتدهور بمعدل ينذر بالخطر بسبب تصاعد العدوان العسكري الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني.
وأكد أن تصاعد العدوان الإسرائيلي خلال الأيام الـ 19 الماضية «يعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي والأحكام ذات الصلة المتعلقة بحماية المدنيين في الصراعات المسلحة، وخرقا جسيما للحظر المفروض على عمليات الانتقام والعقاب الجماعي ضد السكان المدنيين الواقعين تحت الاحتلال. «وأشار إلى أن الخسائر في صفوف المدنيين الفلسطينيين «تتصاعد نتيجة للعدوان الإسرائيلي الوحشي والإجرامي». وأوضح أنه منذ بداية هذا الشهر استشهد 47 فلسطينيا وجرح أكثر من 1800 فلسطيني، من بينهم مئات الأطفال.
ووجه السفير منصور مجددا نداء عاجلا إلى المجتمع الدولي، بما في ذلك مجلس الأمن، لاتخاذ جميع التدابير اللازمة لتوفير الحماية الدولية للسكان المدنيين الفلسطينيين وللعمل فورا على إلزام السلطة القائمة بالاحتلال بوقف انتهاكاتها للقانون. وناشد مجلس الأمن للقيام بواجباته وفقا للميثاق وأن يعمل على وقف العدوان الإسرائيلي فورا وتوفير الحماية الدولية للسكان المدنيين الفلسطينيين. وطالب مجددا بـ» إرسال رسالة قوية إلى إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، بأن تكف فورا عن عدوانها العسكري وأن تلتزم قواتها بالقانون ونزع أسلحة مواطنيها والمستوطنين ومحاسبتهم على جرائمهم ضد الشعب الفلسطيني وأرضه».
وأكد أن هذا هو السبيل الوحيد لتهدئة هذا الوضع الخطير ولإنقاذ الأرواح وتعزيز الهدوء وإحياء بعض الأمل في التوصل إلى حل سلمي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي حتى يتمكن الشعب الفلسطيني من العيش بحرية وكرامة في دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
وسبق أن بعث المراقب العام لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، عدة رسائل متطابقة للمسؤولين الدوليين طالبت مجملها بتوفر الحماية الدولية، ودعت إلى تدخل فوري من مجلس الأمن، عبر قرارات تتخذ لوقف التصعيد والهجوم الإسرائيلي على المناطق الفلسطينية المحتلة.
أشرف الهور