الخلاف بين الأمين والمأمون :
غدا الأمين مع المـــــــأمون قد وَقَعَا ـــــــــــــــــــــــــ في حرب داحِسَ و الغبراءِ في الزمنِ
داحس والغبراء :هي حرب من حروب الجاهلية وقعت في منطقة نجد بين فرعين من قبيلة غطفان هما: عبس وذبيان و تعد من أطول الحروب التي عاشها وخاضها العرب في الجاهلية .
و داحس والغبراء هما اسما فرسين وقد كان " داحس" حصانا لقيس بن زهير العبسي الغطفاني، و" الغبراء" فرسا لحذيفة بن بدر الذبياني الغطفاني. كان سبب الحرب هو سلب قافلة حجاج للمناذرة تحت حماية الذبيانيين مما سبب غضب النعمان بن المنذر وأوعز بحماية القوافل لقيس بن الزهير من عبس مقابل عطايا وشروط إشترطها ابن زهير ووافق النعمان عليها مما سبب الغيرة لدى بنى ذبيان، فخرج حذيفة مع مستشاره وأخيه حمل بن بدر وبعضا من أتباعه لمقابلة ابن زهير وتصادف أن كان يوم سباق للفرس. اتفق قيس وحذيفة على رهان على حراسة قوافل النعمان لمن يسبق من الفرسين.
كانت المسافة كبيرة تستغرق عدة أيام تقطع خلالها شعب صحراوية وغابات، أوعز حمل بن بدر من ذبيان لنفر من أتباعه يختبئوا في تلك الشعاب قائلا لهم: إذا وجدتم داحس متقدما على الغبراء في السباق فردوا وجهه كي تسبقه الغبراء فلما فعلوا تقدمت الغبراء. حينما تكشف الأمر بعد ذلك اشتعلت الحرب بين عبس وذبيان.
دامت تلك الحرب أربعين سنة واشتركت فيها العديد من القبائل العربية بصف بنى ذبيان مثل قبيلة طيئ وهوازن التي كان لها ثأر لإغارة عبس عليهم لاعتقاد عبس بأنهم سبب مقتل زعيمهم زهير ومن قبله ابنه شأس بن زهير، وهي الحرب التي أظهرت قدرات عنترة بن شداد القتالية، ومات فيها عن عمر جاوز الثمانين عاما إثر سهم مسوم أطلقة فارس يدعى الليث الرهيص، كان قد عماه عنترة في تلك الحرب وانتهت الحرب بهزيمة عبس وانقضاء سطوتهم على يد جيش حذيفة بن بدر الذي دخل ديار عبس بعد هروب قيس بن زهير زعيمهم، وخروج معظم جيش عبس في حراسة قافلة للنعمان بن المنذر بن ماء السماء ملك الحيرة بمئة جندى وترك على أبوابها جيشا قوامه خمسة آلاف فارس. مات في هذه الحرب عروة بن الورد وعنترة بن شداد وحمل بن بدر وعمرو بن مالك ومالك بن زهير، انتهت الحرب بعد قيام شريفين هما الحارث بن عوف وهرم بن سنان المرّيّان الذبيانيان فأديا من مالهما ديات القتلى الذين فضلوا بعد إحصاء قتلى الحيين وأطفآ بذلك نار الحرب، وقد مدح زهير بن أبي سلمى هذا الفعل في معلقته.
ــــــــــــــــــــــــــ من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة ( بتصرف طفيف ) .
الخلاف بين الأمين والمأمون :
النزاع الذي قام بين الأمين وبين أخيه المأمون, كان استمرارا للصراع القائم بين العرب والعجم داخل الدولة العباسية, وكان يمثل الحزب العربي الأمين ووزيره الفضل بن الربيع, أما الحزب الفارسي فكان يتمثل بالمأمون ووزيره الفضل بن سهل ومر النزاع بين الأمين والمأمون على مرحلتين, المرحلة الأولى كانت دبلوماسية سلمية انتهت سنة 195 هجرية والمرحلة الثانية كانت مرحلة حرب انتهت بمقتل الأمين سنة 198 هجرية .
بدأالنزاع على شكل مراسلات وسفارات متبادلة بين الأخوين حول مشكلة العهد المعلق في الكعبة, فالمأمون يرى التمسك بنصوص هذا العهد الذي يقضي بالاستقلال بشؤون خراسان خلال حكم أخيه الأمين, أما الأمين فيرى نفسه خليفة للمسلمين ويستطيع التصرف في أمور خراسان كما تقضي بذلك المصلحة العامة .
و لاشك أن مطامع رجال الحاشية في بلاط كل من الأمين والمأمون كانت من العوامل التي زادت في اتساع الخلاف بين الأخوين, فالفضل بن الربيع ينصح الأمين بأن يستدعي أخاه المأمون إلى بغداد حتى يظفر به كرهينة ويفصل بينه وبين جنده, والفضل بن سهل يوعز إلى المأمون بالاعتذار عن الذهاب إلى بغداد بحجة أن أمور خراسان تستدعي البقاء فيها ، وهنا طلب الأمين من المأمون أن يتنازل له عن بعض كور خراسان بحجة أن مال خراسان يكفيها, أما مال العراق فلا يكفيه, إلا أن المأمون رفض ذلك الطلب. وغضب الأمين من رفض المأمون لمطالبه وأرسل اليه رسالة يخيره فيها بين الاذعان لشروطه أو التعرض لنار لا قبل له بها, ولكن المأمون لم يأبه لهذا التهديد ورد عليه بأنه لايخشى في الحق لومة لائم .
فشلت المفاوضات السلمية التي كانت قائمة بين الأمين والمأمون, مما جعل الطرفان يحتكمان للحرب, ففي أوائل سنة 195 هـ أمر الأمين بوقف الدعاء للمأمون وأعلن البيعة لابنه موسى ولقبه بالناطق بالحق, ونقش اسمه على السكة وكان هذا بمثابة خلع المأمون, ثم بعث من سرق الكتابين بالكعبة وحرقهما, وأمام هذا الاعلان رأى المأمون أن يستعد للحرب فجهز جيشا كبيرا وحشده على حدود خراسان في منطقة الري, وولى عليه قائدين من أتباعه المخلصين وهما طاهر بن الحسين وهرثمة بن أعين الذي يرجع اليه الفضل في اعداد جيش المأمون اعدادا قويا, أما الأمين فقد اختار علي بن عيسى بن ماهان أحد كبار رجال الدولة الذي كان واليا على خراسان في عهد الرشيد, تقدم بن ماهان نحو الري لقتال طاهر بن الحسين دون أن يستعد له استعدادا كافيا وذلك لأنه كان يستهين بشأن طاهر لحداثته, وانتهت المعركة بانتصار جيش طاهر بن الحسين ومقتل علي بن عيسى بن ماهان سنة 195 هـ، أرسل الأمين جيوشا أخرى عديدة إلى الري ولكن مصيرها كان الهزيمة وقد استنفذت هذه الجيوش موارد الأمين فلم يستطع تحريك جيوشا أخرى وهنا تتحول الحرب من مداخل خراسان إلى مداخل العراق .
و تقدم الجيش الخراساني نحو بغداد, حيث اتفق طاهر بن الحسين وهرثمة بن أعين على أن يقوم الأول بمهاجمة بغداد من الغرب بينما يهاجمها الثاني من ناحية الشرق, وتقدم الجيشان حتى بلغا أرباض بغداد حيث حدثت معارك مختلفة بين قوات الأمين وقوات المأمون ولم يكن جيش الأمين قويا كما لم يكن قواده في حالة معنوية عالية, فقد استمالت قوات المأمون بعض قادة جيش الأمين بالهدايا والهبات فانضموا اليه واحدا بعد الاخر . غير أن الذين قاوموا هذا الحصار هم أهل بغداد وبالأخص "جماعة العيارين" أو الفتيان وهي مجموعة من مختلف الطوائف والمذاهب الإسلامية المختلفة ومن الأغنياء والفقراء لكن كان أغلبهم من أبناء الأسر الفقيرة. ولقد دافع العيارون عن بغداد ببسالة نادرة وضربوا أمثلة رائعة في الصمود والشجاعة, وعلى الرغم من مقاومة هذه المجموعة, فقد استطاعت جيوش المأمون أن تضرب حصارا على حول بغداد, فاشتد الجوع بالأهالي لدرجة أن الأمين صرف كل ما لديه من أموال على جنوده واضطر إلى طلب الأمان والتسليم . وفضل الأمين أن يسلم نفسه للقائد هرثمة لكبر سنه من جهة ولقسوة طاهر بن الحسين من جهة أخرى وخرج الأمين وأتباعه عابرين نهر دجلة في سفينة صغيرة لم تلبث بفعل الزحام أو بفعل طاهر أن انقلبت واستطاع الأمين أن يسبح إلى الشاطيء وهناك أسره الجنود الخراسانيون وقتلوه بأمر من طاهر وبذلك تنتهي خلافة الأمين, وتولى المأمون الخلافة .