العرب اليهود :
تجارة ومال في العهود الاسلامية الاولى والوسطى
توقفت العلاقات التجارية في ما قبل هذه العصور على العلاقات الشخصية بين التجار.
كذلك ارتكزت العلاقات الشخصية بمعناها الاوسع على الانتماء العائلي او القبلي واحياناً المناطقي٬
وفي أفضل الاحيان قامت على العلاقات بين ابناء الدين الواحد.
وكانت هذه الحالة قائمة بالنسبة لليهود العرب كذلك.
فهم كانوا أقلية وسط عالم تهيمن عليه الاديان الاخرى.
من هنا رأينا كيف ظلت الشبكات التجارية تتكون قديماً من افراد ينتمون الى الاعراف الدينية نفسها:
يهود مع يهود٬ مسيحيون مع مسيحيين٬ مسلمون مع مسلمين٬
من دون ان ينفي ذلك وجود صفقات واسعة بعض الشيء بين ابناء الديانات المختلفة.
وانسحب هذا الامر على العلاقات التجارية المحدودة بين الدول كذلك:
بين اوروبا المسيحية والبلدان التي أسلمت حديثاً.
وكان ان استغل التجار العرب اليهود هذا الوضع وجعلوا من أنفسهم جسراً بين الفريقين٬
وأصبحت التجارة بين الفريقين٬ المسيحي والمسلم ٬ تتوقف الى حد كبير على التجار اليهود٬
ومن بينهم التجار اليهود المقيمون في الضفتين الشمالية والجنوبية للبحر المتوسط
الذين كانوا يتاجرون في الموانئ الجنوبية مع تجار مسلمين وفي الشمال مع التجار المسيحيين.
ولم ينتم هؤلاء اليهود الى طبقة اجتماعية معينة.
فالشبكات الكبيرة تشكلت من أسر كبار التجار اليهود والأصهار وأشخاص مقربين يؤدون دور المندوب او الممثل التجاري.
أما العلاقات الشخصية فكادت تنحصر بالعلاقات الشخصية او بفضل رحلات الحج ومنها بنوع خاص الحج الى القدس .
احتكارالتجارة البحرية بين الشرق والغرب
احتكر التجار اليهود٬ ومن بينهم العرب اليهود٬ التجارة البحرية بين الشرق والغرب لمدة طويلة٬
قبل الإسلام وبعده لمدة غير قصيرة٬ وعرفوا آنذاك بالرذانية.
برزت من بينهم عائلات عديدة في مجالي التجارة والمال.
وسنتحدث لاحقاً في هذا البحث عن أشهر هذه العائلات ودورها.
وكان لهم وجود بارز في بلدان المغرب العربي ولعبوا دوراً مهماً في تجارة هذه البلدان٬
خاصة في مراكش حيث توصلوا الى احتلال مراكز سياسية وادارية وتجارية بارزة.
وكانوا يملكون خرائط للمنطقة بكاملها ذات طابع تجاري لا سياسي.
وشملت هذه الخرائط٬ بشكل شبه شامل٬ أفريقيا الشرقية.
وشهدت تجارة الصحراء الشمالية الافريقية ازدحام وغربي السودان تنحصر في ثلاث طرق
تعد من أقدم الطرق الطويلة في العالم القديم وهي غرباً من تاغرت الى تمبكتو
ووسطاً تجار اوروبا الذين امتلأت بهم طرق الشاطئ المغربي من طرابلس الغرب حتى أغادير.
وكانت طرق القوافل بين المغرب من غدامس الى هوسا وشرقاً من فزان الى بورنو.
غير ان هذه الطرق كانت تفتقر الى الماء ليتزود منها المسافرون.
وكانت مدة الرحلة في كل اتجاه لا تقل عن شهرين كاملين.
شبكات الاتصال التجاري المغربي
كانت أهم شبكات اتصال تجاري في هذا الوقت تلك التي ربطت بين سجلماسة بفاس فالاندلس.
ويقول ابن حوقل ان سجلماسة كانت تقع قرب منجم ذهب ويتصل مدخلها بالصحراء.
ويقول عن ذهبها انه كان الأنقى والأفضل في العالم آنذاك. ووصف البكري المدينة بعد قرن من ابن حوقل
انها تمتلىء بالابنية وطقسها ممتاز. وذكر كتاب قدامى ان ثروتها وغناها يعود الى تجارتها بالذهب مع غانا.
وارتبطت تجارة الذهب هذه بتجارة الملح الذي كانت سجلماسة تحتاج اليه كثيراً.
وكان تجارها ينقلون الملح اليها من مناجم تقغازا التي كانت تبعد مسيرة عشرين يوماً من غانا.
وفيها كا نت تجري عملية مبادلة الذهب بالملح بين منقبي الذهب وتجار الملح .
وفي عودة الى الوراء نشير ان التقدم العربي غرباً باتجاه المغرب العربي انطلق من مصر سنة 642 م
وفي طريقهم بنوا مدينة القيروان. وتؤرخ هذه السنة الى بدء رحيل البزنطيين من افريقيا .
تبع ذلك فترة هدوء بسبب الانقسامات في صفوفهم بفعل النزعات السياسية٬
ثم استأنفوا حملاتهم على طول الساحل الشمالي الافريقي سنة 678 م بقيادة عقبة بن نافع
ووصلوا الى الاطلسي حيث قابلتهم ثورة تسيلا بمساعدة الاغريق الذين انتصروا على جيش عقبة سنة 683 م
وهدموا القيروان وارجعوا العرب الى مصر.
وبعد سنين قليلة اعاد العرب احتلال الشمال الافريقي بقيادة حسن حاكم مصر وأعادوا بناء القيروان ودمروا قرطاجة .
تبع ذلك نكسة على يد زناتا واعاد موسى بن نصير احتلال الشمال الافريقي .
وجد المسلمون العرب ان اليهود قد سبقوهم الى المغرب واستقروا هناك باعداد كبيرة حيث مارس معظمهم
مهنة التجارة المحلية والمناطقية وتمددوا من المغرب الى واحات الصحراء
وصولاً الى السودان حيث انخرطوا بتجارة الذهب والجلود ٬
وهما مادتان يكثر وجودهما في السودان .