[rtl]الحكومة تبرر رفع أسعار المياه بخطورة استمرارية الوضع الراهن[/rtl]
[rtl]
التاريخ:6/11/2015 - الوقت: 10:48م[/rtl]
أقرت الحكومة مؤخرا رفع أسعار المياه بشكل تدريجي على مختلف شرائح الاستهلاك، أكدت مصادر مطلعة “اضطرارية لجوء الحكومة لهذا القرار، لأسباب تنذر “بخطورة استمرارية الوضع الراهن على مستقبل خدمة المياه للمواطن”.
وقالت هذه المصادر في تصريح لـ”الغد”، ان إجمالي مديونية قطاع المياه وصل إلى نحو 1.3 مليار دينار، موضحة ان الخسائر التي تتكبدها سلطة المياه نتيجة الدعم الحكومي لفاتورة الكهرباء المصروفة على المياه، “تتجاوز 160 مليون دينار سنويا”.
وبينت ان ذلك دفع الوزارة لإعادة النظر بأسعار المياه، بما يضمن إمكانية السير “بمشاريع مياه جديدة، ولو كانت بسيطة، بهدف تحسين خدمات المياه وعدم انعكاس التراجع المالي الذي تتأثر به حاليا على الخدمات”.
ووسط إقرار مجلس الوزراء رفع أثمان المياه بشكل تدريجي، والذي انفردت “الغد” بنشره قبل أسبوع، بحسب كل فئة استهلاكية على حدة، بينت أرقام الوزارة/ السلطة أن المتر المكعب الواحد يكلف الوزارة 1.80 دينار، فيما يتم بيعه للمواطن “ضمن الشرائح الصغرى”، بـ35 قرشا للمتر المكعب، يرتفع لشريحة كبار المستهلكين والقطاعات السياحية والتجارية الأخرى الى دينار واحد فقط، ما يعني “استنزافا إضافيا للقطاع المتهالك” على المستقبل القريب والبعيد.
وبحسب قرار الحكومة رفع أسعار المياه، الذي سيظهر على فاتورة شهر كانون الثاني (يناير) العام المقبل، فإن قيمة الزيادة على المبلغ المقطوع للشريحة (من صفر إلى 18 مترا مكعبا) خلال الدورة الواحدة، (كل ثلاثة أشهر)، يبلغ دينارين، فيما تصل للشريحة (من 19 إلى 72 مترا مكعبا) في الدورة إلى أربعة دنانير، أما الشريحة التي يتجاوز استهلاكها 73 مترا مكعبا في الدورة، فتبلغ الزيادة الناجمة عن ذلك ستة دنانير.
وذكّرت المصادر ذاتها أن الحكومة أعلنت في بداية العام الحالي عن عزمها إعادة النظر في تعرفة المياه والأسعار المعمول بها بما يتناسب وطرح موازنة تحقق العدالة “لاستحقاق جزء من تكاليف تشغيل وصيانة وضخ المياه المترتبة عليها من جهة، وتقيّم في الوقت نفسه قدرة المواطن على الدفع من جهة أخرى، خلال العام نفسه”.
وأكدت المصادر ذاتها أن الاضطرار لاتخاذ هذه الخطوة واللجوء لخيار رفع أسعار المياه، جاء نتيجة الحاجة لتحسين تحصيلات المياه، وعكس ذلك على جودة الخدمة المقدمة للمواطن، ولتغطية “جزء من نفقات التشغيل والصيانة المتعلقة بالمياه التي تعاني عجزا ماليا متزايدا”.
وأعادت تقديرات الأرقام الرسمية للوزارة بشأن ارتفاع قيمة استهلاك الطاقة الكهربائية المصروفة على المياه والمتوقع اعتبارا من العام الحالي وحتى 2017، بما، “طرح سيناريوهات آنية تتعلق بإعادة النظر في تعرفة المياه وبشكل تدريجي”.
وجددت هذه التقديرات المبنية على دراسات الوزارة، والتي اطلعت عليها “الغد”، سيناريوهات لجوء الحكومة لخيارها المبني على “رفع” أسعار المياه، “وفق ترتيب الشرائح ككل وليس على أساس التعرفة بعينها”.
وكان من شأن استمرار ارتفاع أسعار الطاقة عاما بعد عام، ان قطاع المياه لم يعد قادرا على تغطية نفقات التشغيل والصيانة، وتقديم الخدمة للمواطنين.
ورغم أن الحكومة، ممثلة بوزارة المياه، لم تحاول مسبقا المس بتعرفة المياه، واستمرت بدعم سعرها رغم ارتفاع التعرفة الكهربائية على فترتين منفصلتين خلال الأعوام الماضية، “إلا أن ذلك لا يعني عدم ربط أسعار المياه بشكل أو بآخر بارتفاع أسعار الطاقة الكهربائية”، وفق المصادر.
وبالعودة إلى قرارات الحكومة برفع تعرفة الطاقة الكهربائية، وانعكاسها بشكل مباشر على زيادة تكلفة إنتاج المياه بنحو 34 مليونا حتى نهاية العام 2014، استمرت الحكومة بدعم سعر المياه ولم ينعكس ذلك على جيب المواطنين.
وتشمل أي دراسة لإعادة هيكلة أسعار المياه، توصيات من شأنها تقييم الوضع الراهن وإمكانية التعديل مع مراعاة شرائح الاستهلاك الصغرى، ليتم رفعها لمجلس الوزراء للنظر فيها وتقييم إمكانية تطبيق توصياتها من عدمه.
وبحسب المصادر، فإن تقدير القيم المترتبة على استهلاك المياه للطاقة، تتم بناء على زيادة عدد محطات المياه المتوقعة للأعوام المقبلة، ونسبة النمو السكاني، وكلف المياه المتزايدة والناجمة بشكل خاص عن ارتفاع أسعار الطاقة الكهربائية.
وفيما قدرت تلك التقارير أن يبلغ مجموع قيمة الاستهلاك إثر زيادة أسعار الطاقة الكهربائية والمترتبة على سلطة المياه والشركات التابعة لها (مياهنا، واليرموك، والعقبة، والديسي)، خلال العام الحالي نحو 161.2 مليون دينار، توقعت أن يرتفع هذا الرقم إلى حوالي 214.4 مليون خلال العام 2017. وكشفت دراسات الوزارة عن ارتفاع قيمة الاستهلاك الناجم عن زيادة أسعار الطاقة الكهربائية منذ العام 2013 ولغاية 2015، بحوالي 57.2 مليون، و 104 ملايين و161.2 مليون على التوالي.
وأوضحت أن نسبة استهلاك قطاع المياه من الكهرباء لمجموع الاستهلاك الكلي بالمملكة، يبلغ 12.4 % حيث يستهلك قطاع المياه 1612 غيغا من أصل 13 ألف غيغا.
ومن الواضح أن عزوف الممولين الدوليين عن تقديم مساعداتهم للمساهمة في تنفيذ مشاريع تحسين التزويد المائي بالمملكة ورفع كفاءة المياه، بدا جليا مؤخرا، لأسباب تعود إلى عدم قدرة الحكومة ممثلة بالوزارة على تغطية تكاليف التشغيل والصيانة للمياه.
ويعد قرار رفع تعرفة المياه “سياسيا بالدرجة الأولى وليس اقتصاديا”، في وقت تبقى فيه سيناريوهات تعديل الأسعار قائمة خلال الأعوام المقبلة، نتيجة الكلف المالية العالية الناجمة عن جلب مصادر مياه جديدة لمختلف مناطق المملكة.
وقد تلجأ الحكومة بالتالي، بحسب المصادر، الى “خيار تعديل تعرفة المياه وفق برنامج وبشكل تدريجي، بسبب تزايد فجوة الاحتياجات المائية بالمملكة والحاجة للبحث عن مصادر مياه جديدة وإيصالها لكافة مواطني المملكة”.
وتعاني المملكة، التي تصنف ثالث أفقر دولة على مستوى العالم بالمياه، وضعا مائيا حرجا وسط تزايد تدفق اللاجئين السوريين للمملكة ومواجهتها لبعض القضايا الإقليمية.
وكشف وزير المياه والري د. حازم الناصر في تصريحات سابقة، عن عجز المصادر المائية المتاحة بالمملكة لتغطية المستفيدين منها بشكل كامل، مشيرا إلى أنها لا تكفي 3 ملايين نسمة، لكن الواقع يقول ان عدد سكان المملكة حاليا يزيد على 10 ملايين.
وأوضح ان الدراسات التي أجرتها الوزارة حول متطلبات اللجوء السوري للمملكة، أظهرت “رفع الطلب على المياه إلى 40 % في المناطق الشمالية وفي محافظة الكرك 10 %، بينما وصل المعدل العام لزيادة الطلب للمملكة إلى أكثر من 21 % ومرشح للازدياد”.
ويأتي إقرار مجلس الوزراء مؤخرا، اعتماد وثيقة سياسة كفاءة الطاقة، والطاقة المتجددة في قطاع المياه التي أعدتها الوزارة، في وقت تركز فيه استراتيجية قطاع المياه، على تقليل حجم الانفاق والاستهلاك للطاقة، حيث تشكل الطاقة الكهربائية المستهلكة في قطاع المياه حوالي 14 % من حجم الاستهلاك الكلي للطاقة بالمملكة. وتعد الوثيقة أحد أهم أجزاء الخطة العشرية المتعلقة بقطاع المياه التي تم تقديمها لرئاسة الوزراء اعتبارا من العام 2015 ولغاية 2025.
وتعمل السياسة الجديدة لقطاع المياه على خفض استهلاك الطاقة بنسبة 15 % تكافئ 0.46 كغم من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لإنتاج كل متر مكعب من المياه، وزيادة حصة موارد الطاقة المتجددة في استهلاك الطاقة 10 % تعادل 0.26 كغم من ثاني أكسيد الكربون.
وأكد الناصر، في تصريحات سابقة، أن وزارته تسير قدما في إنجاز مشروع حيوي ومهم لإنشاء محطة للطاقة الشمسية بقدرة 50 ميغا واط/ ساعة.
(الغد)