ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: السؤال الأهم ليس «كيف» أُسقطت الطائرة الروسية بل «لماذا»؟ الإثنين 09 نوفمبر 2015, 5:25 am | |
| [rtl]السؤال الأهم ليس «كيف» أُسقطت الطائرة الروسية بل «لماذا»؟[/rtl]
[rtl]د. عصام نعمان[/rtl] NOVEMBER 8, 2015
■ سيطول الجدل حول كيف جرى إسقاط ( أو تفجير) الطائرة الروسية في سيناء. ستتعدد التكهنات والاجتهادات حتى بعد الفراغ من التحقيقات، لأن لا سبيل، على ما يبدو، إلى تحديد سبب قاطع. كذلك ستتعدد التكهنات والترجيحات حول من تراه يكون الفاعل، لكن هل من موجب لهذا الجدل بعدما أعلنت « الدولة الإسلامية ـ داعش» مسؤوليتها جهاراً نهاراً؟ حتى لو افترضنا جدلاً أن التحقيقات توصلت إلى أن سقوط الطائرة مردّه إلى عطل فني، أو أن جهة اخرى غير «داعش» هي المسؤولة، فهل يغيّر ذلك من خطورة التداعيات الناجمة عن الحدث الجلل؟ مهم، بطبيعة الحال، معرفة كيف جرى إسقاط الطائرة الروسية لتدارك حوادث مماثلة في المستقبل، بجميع الوسائل الممكنة. لكن الأهم معرفة لماذا أقدمت «الدولة الإسلامية – داعش» على إسقاطها طالما هي تبنّت الحادث ـ الحدث وتحدّت مسؤولي روسيا ومصر وخبراءهما أن يحددا جهة أخرى غيرها. إن مسارعة «داعش» إلى تبنّي عملية إسقاط الطائرة والتأكيد لاحقاً، بإصرار وتحدٍّ، على تحمّل كامل المسؤولية تنطق بجملة دلالات: أولاها أن تنظيم «داعش» اضحى دولة قادرة قولاً وفعلاً. ذلك أن إسقاط طائرة على ارتفاع نحو عشرة كيلومترات يشكّل برهاناً على امتلاكه قدرات غير عادية، سواء كانت فنية أو بشرية، بمعنى قدرته على تنفيذ الإسقاط (أو التفجير) بعملية انتحارية. ثانيتها أن عملية الإسقاط (أو التفجير) كانت شديدة التعقيد، بدليل عجز دول كبرى تمتلك أجهزة متقدمة بالغة التطور والفعالية عن كشف أسباب الحادث في مدة زمنية مقبولة. ثالثتها أن الحادث ـ الحدث استهدف طائرة تمتلكها دولة كبرى، الأمر الذي يشير إلى تقصّد «الدولة الإسلامية» النيل منها، وإلى استعدادها لتحمّل مفاعيل هذا التحدي، حاضراً ومستقبلاً. رابعتها أن إصرار «الدولة الإسلامية» على تبني الحادث ـ الحدث اليوم يشير إلى إمكان تكراره غداً عند أول فرصة متاحة وفي أي مكان. خامستها أن «الدولة الإسلامية» ربما تقصّدت تحدي روسيا، بما هي دولة كبرى، أملاً بأن تعطي العالم عموماً، والمسلمين خصوصاً، انطباعاً بأنها غدت، هي الأخرى، دولة كبرى من حيث امتلاكها قدرات غير عادية وذراعاً طويلة. ذلك حمل صحيفة «فورن بوليسي» الأمريكية على الترجيح بأن «الدولة الإسلامية» بدأت تنتهج استراتيجية جديدة في الهجمات الإرهابية تهدف إلى إيقاع أكبر عدد من الضحايا. ولا شك في أن تكثير عدد الضحايا سيكون له وقع وصدى ومردود وازن في الجمهور الذي يمدّ «داعش» بالمقاتلين والانتحاريين. إلى ذلك، يبدو أن لـِ»داعش» هدفاً آخر من وراء اللجوء إلى نهج إسقاط الطائرات بمن فيها، اياً كانت جنسية أصحابها ومشغّليها، إنه إشعار، بل إقناع، مسلمي العالم أجمع بأن «دولة الخلافة الإسلامية» عادت وسادت وأنها وحدها دون سائر الدول ذات الهوية الإسلامية تمثل الإسلام والمسلمين، الأمر الذي يستوجب محضها البيعة والولاء ومدّها بأسباب القوة والبقاء. لا يبدو أن المسؤولين في دول الغرب عموماً، ولاسيما في الولايات المتحدة وسائر دول «الناتو»، فهموا أو تفهموا المعاني سالفة الذكر، ذلك أن ردود أفعالهم على حدث إسقاط الطائرة الروسية تركّزت على امرين: الاول، استقصاء اسباب الإسقاط أو التفجير والايحاء بقوة تداعياته على مكانة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونفوذه في بلاده. الثاني، الادعاء بأن الحادث ـ الحدث هو رد من «داعش» على قسوة التدخل الروسي ضد اعداء النظام في سوريا. مهما يكن الامر، فإن واشنطن لن تتأخر كثيراً في الإقرار بأن الأخطار المشعّة من «الدولة الإسلامية» أصبحت عالمية المدى والتأثير، وأن محاولات استغلال التنظيمات الإرهابية في لعبة الأمم، ولاسيما في سوريا والعراق، لن تكون مجدية في المدى الطويل، وأن الولايات المتحدة وحلفاءها الاوروبيين والإقليميين والعرب محكوم عليها، كما عليهم، بمواجهة «داعش» في كل الجبهات المشتعلة حالياً والممكن إشعالها مستقبلاً، وأن التعاون مع كل المتضررين من «داعش» وإخوته، ولاسيما روسيا وسوريا والعراق وايران، حاجة استراتيجية لا سبيل إلى تجاهلها أو التهاون في معالجتها . باختصار، «الدولة الإسلامية» باتت أكبر وأخطر بكثير من تقديرات الدول والحكومات التي تشكّل أهدافاً لها أو تعاني من هجماتها. كما هي، على ما يبدو، اكثر دراية وذكاء وفعالية من الدول التي تظنّ انها تستغلها في لعبةِ أممٍ باتت باهظة التكلفة ومحدودة الجدوى. ٭ كاتب لبناني د. عصام نعمان |
|