طقوس الحناء حول العالم
حققت رسومات الحناء شهرة واسعة خلال السنوات الماضية وأصبحت تقليداً عالمياً على الرغم من انتشارها في المنطقة العربية منذ قرون. فما هي أصول الحناء، وكيف وصلت إلى مكانتها الحالية؟
الحناء بشكلها التقليدي هي مادة طبيعية مستخلصة من شجرة الحناء، حيث يتم سحقها وخلطها بالماء وصباغة اليدين والقدمين والشعر بها لأسباب علاجية أو احتفالية.
أصول الحناء
الموطن الرئيسي للحناء هو جنوب غرب آسيا، ولكنها تنمو بكثافة في البيئات الاستوائية لقارة أفريقيا، لأن شجرة الحناء تحتاج لبيئة حارة. كما انتشرت زراعتها في بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط.
وأهم البلدان المنتجة لها مصر والسودان والهند والصين. وقد اختلفت مسمياتها من دولة لأخرى، فهي في مصر تسمى "الحنة"، وفي تركيا معروفة باسم "كنّا"، أما في الهند فيقال عنها "ميهندي".
وتتميز الحناء بأنها صبغة لونية غير دائمة، تظل لفترة من الوقت ثم تختفي من الجسم أو الشعر، وقد عرفها الإنسان منذ القدم، فاستعملها الفراعنة في أغراض شتى، إذ صنعوا من مسحوق أوراقها معجوناً لتخضيب الأيدي وصباغة الشعر وعلاج الجروح، كما وُجدت كثير من المومياوات الفرعونية مخضبة بالحناء، كذلك اتخذوا عطراً من أزهارها. ولها نوع من القدسية عند كثير من الشعوب الإسلامية إذ يستعملونها في التجميل بفضل صفاتها فتخضب بمعجونها الأيدي والأقدام والشعر، كما يفرشون بها القبور تحت موتاهم. وتستعمل في دباغة الجلود والصوف.
وكانت الحناء قديماً تقوم بشكل أساسي على صباغة راحتي اليدين وباطن القدمين، ولكن الأمر تطور وأصبحت فناً يرتبط بالاحتفال بالزفاف، وبالتالي باتت عملاً متقناً يقوم على رسومات تتسم بالبهجة والإغراء حتى تزداد العروس جمالاً وأنوثة في عيني زوجها.
طقوس الحناء:
البعض يستخدم الحناء لصباغة الشعر، والبعض الآخر كنوع من تغيير الإطلالة في بعض المناسبات الاحتفالية، لكن يبقى استخدام الحناء متزامناً مع الاحتفال بالزفاف هو التقليد الأهم في عدة دول كمصر والسودان والهند، فمهما مرت السنون لا يتنازل شعوب تلك الدول أبداً عن طقس "ليلة الحناء"، غير أن تطبيق هذا الطقس يختلف من دولة لأخرى.
طقوس الحناء في السودان
الحناء في السودان لا ترتبط بالأعراس فقط، بل تستعملها النساء المتزوجات في الزينة ولا يمكن أن يتخلين عنها إطلاقاً ولو تركتها السيدة المتزوجة فلن تسلم من نقد المجتمع لها واتهامها بالإهمال في زينتها لزوجها.
أما بالنسبة لطقس حناء الزفاف، فيتم بعمل حفل للعريس والعروس بحضور الأهل والأصدقاء مصحوباً بالزغاريد والتبريكات والموسيقى التقليدية وذلك قبل الزفاف ببضعة أيام، وبالنسبة للعريس فإن حنته تكون خالية من الرسم، فقط تخضيب كف اليدين وراحتي القدم وتُكرر الحناء لمدة يومين أو ثلاثة أيام ويكون لها طقس مختلف عن طقس العروس حيث تُحضّر صينية "الجرتق" والشموع وتقوم النساء بتخضيبه. وبالنسبة للعروس فإن الحناء تكون بحضور النساء فقط وتُصاحب بالرسم على الأيدي حتى المعصم والأرجل حتى منطقة الساق.
ومن المعتقد في الهند أنه كلما طالت الحناء في يد العروس كلما عاملها أهل زوجها بشكل جيد. أما إذا زالت الحناء بسرعة فهذا معناه أنها لن تكون سعيدة في زواجها.
طقوس الحناء في الهند
تبدأ طقوس الحناء قبل ليلتين من الزفاف، حيث يتم منع العروس نهائياً من الخروج من المنزل، ويتم الاحتفال بها من خلال رسم الحناء على يديها وقدميها بعد أن ترتدي ملابس تقليدية خاصة بهذا الطقس، وهي عبارة عن رسوم للزهور والنباتات متداخلة معاً بشكل فني دقيق. أما بالنسبة للعريس فيقوم أبناء عمومته بوضع الحناء له في راحتي يده.
طقوس الحناء في مصر
تمتاز ليلة الحنة في مصر بالصخب الشديد، حيث يتم الاحتفال بها قبل يوم من الزفاف بإقامة زفة دمياطي، ويتم حمل الحناء داخل حامل معدني يشبه الهرم، حيث توضع الحناء في وعاء وتزيّن بالشموع، يصاحبها غناء أناشيد وأغنيات شعبية أشهرها "ياحنة ياحنة يا قطر الندى"، ويتم تخضيب يدي العروس وقدميها بالكامل باللون البرتقالي المميز، لكن في السنوات الأخيرة بات الأمر أكثر تطوراً وأصبحت العروس تفضل نقش الحناء على قدميها وذراعيها وأماكن أخرى متفرقة من جسمها. وكان العريس قديماً يضع الحناء في يديه مثل العروس تماماً، ولكن حديثاً بات هذا الطقس غير محبب عند الرجال.
طقوس الحناء في المغرب
يتم الاحتفال بها في المغرب قبل الزفاف بليلة واحدة تسمى "ليلة البرزة"، حيث ترتدي العروس "تكشيطة"، وهي عباءة خضراء اللون من قطعتين وتشبه القفطان المغربي المعروف، حيث يتم استدعاء "النجافة" التي تتولى رسم الحناء للعروس.
طقوس الحناء في تركيا
العروس في تركيا تحتفل بالحناء قبل ليلة واحدة من الزفاف، وهي ترتدي زياً تقليدياً لونه "أحمر قاني" أشبه بالأزياء العثمانية، حيث يتم وضع قطعة فضية أو ذهبية في يد العروس قبل وضع الحناء بيديها بشكل تقليدي، وذلك بعد أن تقوم صديقات العروس وقريباتها بغناء أناشيد حزينة حتى تبكي العروس "كنوع من الفأل الحسن، وبعدها يتم وضع الحناء بيديها، وترتدي العروس وشاحاً أحمر اللون فوق ملابسها لتغطية وجهها حتى يقوم العريس برفع هذا الغطاء عنها فى اليوم التالي.
طقوس الحناء في تونس
هناك اختلاف بسيط في الحناء التونسية، وذلك لأن طقوس الزفاف نفسها تتم خلال سبعة أيام، ويكون طقس الحناء في اليوم الثالث، حيث ترتدي العروس فستاناً تقليدياً يعود للقرية التي تتبعها أصول عائلتها، حيث تم نقل هذا الملبس من جيل لآخر، ويتم صبغ راحتي يديها بالحناء عدة مرات حتى تحصل على درجة داكنة جداً من اللون البرتقالي كنوع من الفأل الحسن أيضاً، أما ظهر يديها فيتم رسم حناء سوداء عليه بشكل فني وتسمى "الحرقوص"، وتتميز برائحتها العطرة وشكلها الجذاب.
أما حنة العريس فتقام في اليوم السادس، حيث يقوم بطلاء إصبع يده الأصغر.
طقوس الحناء في ليبيا
يتم إقامة ليلة الحناء قبل الزفاف بيومين – غالباً يوم الثلاثاء لأن معظم الأعراس تقام ليلة الخميس - في احتفال يسمى (يوم السهرية)، حيث تحتفل العروس مع النساء من قريباتها وصديقاتها، ويتم رسم الحناء لها عدة مرات حتى يثبت لونها تماماً.
طقوس الحناء في موريتانيا
الحناء في موريتانيا طقس تقليدي مهم جداً يتم فيه دعوة صديقات العروس فقط، وتكون العروس مجبرة على أن تغطي وجهها وتسكت ولا تتكلم أمام النساء "الحنايات" حتى لا يُقال عنها "وقحة".
واحتفال الحنة مكلف جداً لأهل العريس لأنهم يدفعون للحنايات أضعاف التكلفة الحقيقية للحناء بسبب الاحتفال بالزفاف. وحنة العروس يتم رسمها لمدة 20 ساعة على يديها ورسغيها وقدميها وساقيها، والموريتانيات يفضلن الحنة السوداء الداكنة.
طقوس الحناء في الخليج
لا ترتبط بالأعراس فقط بل ترسمها النساء أيضاً احتفالاً بقدوم الأعياد، وبالنسبة لطقوس الزفاف يتم إقامتها قبل الحفل بليلة واحدة، وتحب الخليجيات الرسوم الهندية والنقوش العربية على حد سواء