منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70310
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون Empty
مُساهمةموضوع: شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون   شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون Emptyالخميس 12 نوفمبر 2015, 8:56 am

سلالات الحكام من الفتح الاسلامي وحتى افول الدولة العثمانيه

http://al-hakawati.net/arabic/Culture_Traditions/sulalat.pdf
المرفقات
شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون Attachmentsulalat.pdf
لا تتوفر على صلاحيات كافية لتحميل هذه المرفقات.
(616 Ko) عدد مرات التنزيل 0


عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الخميس 21 مارس 2019, 1:33 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70310
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون Empty
مُساهمةموضوع: رد: شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون   شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون Emptyالثلاثاء 14 نوفمبر 2017, 9:28 am

العظماء المائة 28: #أرطغرل - الحكاية الحقيقية



العظماء المائة 29: عثمان بن أرطغرل - قيام الإمبراطورية ..


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70310
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون Empty
مُساهمةموضوع: رد: شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون   شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون Emptyالثلاثاء 14 نوفمبر 2017, 9:30 am

ابو الملوك ومغير التاريخ الاسلامي || عثمان الأول مؤسس الدولة العثمانية





فتح القسطنطينية السلطان محمدالفاتح




ماذا حدث لـ السلطان محمد الفاتح في نهاية حياته ؟

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70310
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون Empty
مُساهمةموضوع: رد: شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون   شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون Emptyالثلاثاء 14 نوفمبر 2017, 9:31 am

العظماء المائة 15: "سليم الأول" منقذ قبر الرسول وموحد المسلمين...




سليم الأول "الخليفة القاطع"...

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70310
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون Empty
مُساهمةموضوع: رد: شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون   شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون Emptyالثلاثاء 14 نوفمبر 2017, 9:33 am

سليمان القانوني 



الخليفة العملاق سليمان القانوني ومعركة موهاج الخالدة...


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70310
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون Empty
مُساهمةموضوع: رد: شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون   شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون Emptyالخميس 21 مارس 2019, 12:55 pm



شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون A16-784x531

[size=33]ا[/size]
[size]


السلطان محمد جلبي رجل المحنة والمؤسس الثاني للدولة العثمانية


[/size]
مرت الأمة الإسلامية بفترات طويلة من القوة والضعف، والفتية والشيخوخة، ثم النهوض لتعود لمرحلة الشباب مرة أخرى بقوة وبأس شديدين في دورة حياة الأمم، ومن فترات المحن التي مرت بالأمة الإسلامية، كانت الفترة التي تلت معركة أنقرة التي انهزم فيها السلطان بايزيد الصاعقة، ووقع في الأسر على يد تيمورلنك، حيث تجزأت الدولة إلى عدة إمارات صغيرة، مثلما حدث بعد سقوط دولة آل سلجوق؛ ذلك لأن تيمورلنك أعاد إلى أمراء قستموني وصاروخان وكرميان ومنتشا وقرمان ما فقدوه من البلاد، حيث كان هدفه الرئيسي هو إشعال نار الفتنة في البلاد كي لا تستطيع أن تقوم مرة أخرى.
[size]
[rtl]

الوضع بعد معركة أنقرة

[/rtl]
[/size]
كان الوضع بعد معركة أنقرة مأسويًا لأقصى الدرجات؛ إذ تمزقت الدولة على نحو كبير، وتصارع الأبناء وانتهز الأعداء الفرصة للانقضاض على الدولة، سواء من الداخل أو من الخارج، فتشتت الدولة وتجزأت أوصالها، ناهيك عن كون كل أمراء التركمان يسعون بكل جد واجتهاد لنيل رضاء تيمورلنك، بل وعيّن تابعه المخلص «طهارتن» في حكم أرزينجان وزاد في أملاكه، وفعل مثل ذلك مع تابعه الآخر «عثمان قرايلوك»، حاكم ديار بكر وزعيم الآق قويونلي.

وبعد استقلال الأمراء التركمان، تشجع كل من البلغار والصرب والفلاخ على الخروج عن الدولة وإعلان العصيان، وبالتالي لم يبقَ للدولة العثمانية إلا قليل من البلدان تحت سيطرتها، وقد أتاحت موقعة أنقرة وهزيمة آل عثمان الفرصة الكبيرة للدولة البيزنطية لالتقاط الأنفاس، بعد أن كانت على وشك فتح أبواب مدينة القسطنطينية، الأمر الذي مهّد الطريق للمؤامرات على الدولة العثمانية من جديد، والاستعداد بحملة عسكرية لإجلائهم بالكامل من أوروبا. ولكن خلافات زعمائهم جنوب الدانوب وضعف هذه الحملة كانت سببًا لفشلها، وإن كان قد بدأ بالفعل الإمبراطور البيزنطي بطرد المسلمين من الحي المخصص لهم في القسطنطينية.

أما الذي زاد من شدة الفتنة أن رؤوس الأمر في تصارع وتناحر شديدين، فكل أولاد بايزيد يتصارعون لأخذ السلطة، كلٌ على طريقته؛ «فسليمان بن بايزيد»، الذي انسحب من المعركة مع عدد وفير من الجند إلى بورصة لإنقاذ الأموال والنساء والأولاد من القوات التيمورية التي كانت تتعقبه، قد وجه أنظاره نحو الغرب الصليبي البيزنطي، حيث عقد محالفة مع «مانويل الثاني» ليساعده على محاربة إخوته الذين ينافسونه على الحكم. ولأجل ذلك، تزوج سليمان من إحدى قريبات الإمبراطور، بل وعقد معاهدة مع الوصي على العرش «جان السابع» والجمهورية البندقية والجمهورية الجنوية، وهم من أشد أعداء الدولة العثمانية وأكثرهم رغبة في إجلاءها من أوروبا بالكامل، وتتضمن تلك الاتفاقية وجوب فتح المعابر في السلطنة لتجارتهم، وبالتالي موافقة السلطان على عدم دخول السفن العثمانية إلى الدردنيل أو الخروج منه دون إجازة منهم. بل وتنازل سليمان فيها عن “سالونيك” ومنطقتها التي كانت سقطت بيد القائد العثماني «أفرقوس بك»، وإعفاء الإمبراطور البيزنطي والجاليات الجنوية في البحر الأسود من الضريبة المفروضة عليهم.

وكان تحالف سليمان يضم بجانب الإمبراطور البيزنطي، كلًا من فرسان القديس يوحنا في رودس، و«أسطفان لازار» الصربي، وحاكم ناكسوس وجنوه، وفي الوقت الذي أعلن فيه سليمان نفسه سلطانًا على الروميلي متخذًا أدرنة عاصمة له، كان إخوته «عيسى» و«موسى» و«محمد» يتناحرون في الأناضول سعيًا لتحقيق الغلبة المطلقة هناك. ولأجل زيادة الشقاق والخلاف، فقد عمد أمراء الأناضول والدولة البيزنطية إلى توسيع هوة الخلاف بين الإخوة ومساعدة أحدهم على الآخر من أجل عدم استعادة الدولة هيبتها مرة أخرى، ولتصبح مجرد تابع إلى حين تأتي الفرصة لطردهم جميعًا من أوروبا.

لذلك؛ لما تُوفي السلطان بايزيد -رحمه اللّه- وأُرسِل جثمانه إلى ابنه موسى ليدفنه في بورصة -كما كانت وصية والده-، غادرها أخوه عيسى، ولكنه استعادها بعد ذلك؛ ما جعل موسى مضطرًا للجوء إلى خاله «يعقوب بك ابن كرمان» في كوتاهية؛ فحُجزَ هناك، ولم يستطع الخروج منها إلى أن استطاع بعد ذلك أن يحرره ويفك أسره أخوه «محمد جلبي». وكان عيسى قد استقر في “باليكسير” و”بورصة”، واستقر محمد جلبي الذي وطد مقامه في “أماسيا” و”توقات” و”نيكحصار” و”سيواس”، وعرض محمد جلبي تقسيم الأناضول فيما بينه وبين عيسى حقنًا للدماء فرفض؛ فكان لا مفر من المواجهة بين الفريقين، وكان سليمان في ذلك الوقت مكتفيًا بمساعدة عيسى على أخيه محمد دون تدخل بقواته بشكل فعلي، وحدثت الموقعة بين الفريقين عند “أولوباد” التي هُزم فيها عيسى، وفر هاربًا والتجأ إلى الإمبراطور البيزنطي الذي سلمه لأخيه الأكبر سليمان في “أدرنة”، ثم سعى لإعادته مرة أخرى إلى الأناضول ليواجه محمد جلبي كي لا ينفرد بالحكم. وفي ذلك الوقت، سعى محمد جلبي إلى فك أسر أخيه موسى من الكرمان كي يساعده في حربه ضد إخوته، إي أن الوضع في ذلك الوقت محتدم بشدة وإلى أقصى الدرجات.

والذي نحمد اللّه عليه أن تيمورلنك انشغل بحملته على الصين؛ ما أبعده عن الدولة العثمانية، إذ كانت لديه القدر الكافي للقضاء عليها تمامًا، وكأن اللّه أراد أن يمنح هذه الدولة فرصة أخرى ومنحة جديدة لتساهم في نشر دين اللّه تعالى وتستكمل مسيرة الفتوحات.
[size]
[rtl]

اشتعال الصراع

[/rtl]
[/size]
شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون Selim_i_in_battle_1516_by_eduartinehistorise-d7ccb75-750x422

أصبح الوضع الآن بين جبهتين بين الأخوة الأربعة، وكل جبهة تعادي الأخرى وتتمنى لها الموت التام لبسط السيطرة والنفوذ. وكانت طائفة العلماء تدعم محمد جلبي لأنه لم يخنع ويخضع مثل أخيه سليمان، سواء للصليبين أو لتيمورلنك، وبالتالي كان أملهم في إعادة الأمجاد مرة أخرى يتمثل في تمكين محمد جلبي من الحكم، ونظرًا لانتصار محمد جلبي على أخيه عيسى، الأمر الذي أقلق سليمان بشدة؛ ما جعله يجهز جيشًا وضع على رأسه أخاه عيسى. إلا أنه مُنيَ بهزيمة جديدة، ما دفعه للهروب إلى «إسفنديار بك»، الذي حصل على دعمه ضد أخيه. وعاد الكرة مرة أخرى، ولكنه مُنيَ بهزيمة جديدة؛ فالتجأ إلى الكيرمان، إلا أن الإخفاق كان حليفه؛ فوجه شطره إلى «ابن قرة مان»، ولكن قبض عليه عند عودته، وقُتل سنة 1405 م.

قام محمد جلبي بإعداد جيش جرار، ولي قيادته أخوه موسى، وجعله موجهًا لمحاربة سليمان الذي هزم موسى، ولكنه عاد مرة أخرى فانتصر عليه، وقتل موسى أخاه سليمان خارج أسوار أدرنة. وبعدها أغار على بلاد الصرب، وعاقب أهلها على خروجهم عن الطاعة، وقاتل «سيجسموند» ملك المجر، وهنا حدث أمر في غاية السوء؛ إذ دخل الطمع في قلب موسى الذي رأى نفسه ينتصر من مكان لآخر بالجند والجيش الذي منحه إياه محمد جلبي؛ إذ أراد أن يستقل بالأمر لنفسه.

فتوجه موسى، الذي أراد أن ينتزع البلاد في القسم الأوروبي لنفسه، إلى القسطنطينية فحاصرها ليفتحها أيضًا لنفسه، فاستنجد ملكها بالأمير محمد جلبي الذي جاء مسرعًا لمحاربته ورفع الحصار عن المدينة. وبالفعل، رُفِع الحصار، وتحالف مع القسطنطينية وأمير الصرب، وبثوا الدسائس في جيش موسى، الذي خانه أغلب قواده، وسُلِّم إلى محمد جلبي الذي قتله عام 1413 م. وبذلك بسط محمد جلبي سيطرته على الدولة العثمانية من جديد، وبدأ في مرحلة لم الأجزاء المفتتة، وهي من أصعب المراحل في ظل هذا الوضع المأسوي؛ ولذلك اعتبر المؤسس الثاني للدولة العثمانية بعد عثمان بن أرطغرل؛ إذ أنه أعاد الدولة من الشتات مرة أخرى.
[size]
[rtl]

وقفة

[/rtl]
[/size]
شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون %D8%B2%D9%88%D8%A7%D8%AC-%D8%B9%D8%AB%D9%85%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D8%A8%D9%86-%D8%A3%D8%B1%D8%B7%D8%BA%D8%B1%D9%84

إن الدولة العثمانية مرت بفترات من الضعف والفتور، وإن كانت تعد هذه الفترة من أخطر الفترات التي مرت في حياة هذه الدولة العظيمة، إذ كانت تتجاذب أطرافها عدة أمور في آن واحد، حيث الهزيمة الساحقة في موقعة أنقرة من جانب، ومؤامرات الأعداء من جانب آخر، ناهيك عن عصيانات ترفع وتشرذم الدولة وموالاة حكامها لتيمورلنك، والخيانات الداخلية والعمل للمصالح الشخصية من قبل الوزراء والأمراء. ولكن الأخطر من ذلك كله، هو الصراع على السلطة الذي ما إن اشتعل في بلد ما -مهما كانت قوته- لا ينتهي إلا بتدمير وخسائر فادحة لهذا البلد.

فسيطر محمد جلبي على مقاليد الأمور في نهاية الأمر، إلا أن التساؤل الذي لا بد أن يُسأل هنا: كم هي الخسائر التي مُنِيت بها الأمة الإسلامية بسبب هذا الصراع الذي دام عشر سنوات وعدة أشهر؟

سنجد أن الخسائر لا تعد ولا تحصى، حيث قاتل الأخ أخاه، وفتح الباب على مصراعيه للأعداء بالدخول إلى عمق الأراضي الإسلامية بدعم القادة المسلمين ومعرفة أدق وأخطر أسرار الدولة في وقت كان لا بد فيه من التكاتف والوقوف في صف الأمة الإسلامية، لا في صف الأهواء الشخصية. فسبحان اللّه، كانت الدولة العثمانية في عهد بايزيد على أعتاب القسطنطينية، ولكنها لم تفتح له، بل انهزم بعد ذلك في موقعة أنقرة، وتشرذمت الدولة بالكامل بعد أن كانت في أوج قوتها، بل ولم تُفتح أيضا على يد موسى الذي حاصرها لنفسه ولمجد شخصي.

كما لو أن اللّه عز وجل يريد أن يبين ويوضح أن هذا الجيش، بهذا التكوين الذي فيه من الجند النصارى من الدول التابعة للدولة العثمانية والأمراء الكرمان وأبناء بايزيد، لا يصلح للفتح في ذلك الوقت؛ إذ أن الخبث منتشر في النفوس، ولا يمكن الفتح إلا بعد التنقية والتصفية ليميز اللّه الخبيث من الطيب، ثم الاختبار ليكونوا أهلًا له. وبالفعل، تفتح المدينة على يد محمد الفاتح بجيش قيل في حقه:
“نعم الجيش ونعم الأمير”، وتلكم الشهادة من خير البشر، وهو رسول اللّه -صلى اللّه عليه وسلم-.
[size]
[rtl]

السلطان محمد جلبي

[/rtl]
[/size]
بعد أن انتهى أمر موسى بن بايزيد، خلت الساحة لمحمد جلبي الذي أصبح سلطان الدولة العثمانية بلا منافس بعد مرور فترة ليست بالطويلة ولا بالقصيرة التي تحدثنا عنها. وقد اختلف الوضع بشكل كبير بعد توليه السلطنة؛ إذ فرغ للفتن الداخلية والصراعات الخارجية، والتي تعامل معها بحكمة وحذر وذكاء كبير، حيث كان يوازن بين عدم الدخول في الحرب، نظرًا لأن جيشه لا يقوى عليها في هذا الوقت، وبين الحفاظ على هيبة الدولة رغم وجود خروج عن طاعته واستقلالات عن الدولة، فكيف تعامل مع هذا كله؟

هذا ما سنعرفه في المقال القادم إن شاء الله.




المصادر

[list=row]

[*]محمد حسن العيدروس، التاريخ العسكري العثماني
[*]محمد سهيل طقوش، تاريخ العثمانيين
[*]سيد محمد السيد محمود، تاريخ الدولة العثمانية
[/list]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70310
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون Empty
مُساهمةموضوع: رد: شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون   شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون Emptyالخميس 21 مارس 2019, 1:23 pm

شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون



سمع كثيرًا ونري في الأفلام السينمائية الحالية كثيرًا من الأبطال الوهمية التي تقوم بأموٍر خرافية وفوق العادة من اقتحام لمواقع عسكرية، أو تدمير لأماكن بالغة السرية، وغير ذلك من الأفلام التي تُبثُ خصيصًا، لزرع الأفكار الهدامة داخل العقول المسلمة، والتي غايتها تثبيط النفوس الإسلامية، وزرع الشعور بالضعف وأن هؤلاء أولي قوةٍ وبأسٍ شديدين ونحن لا شيء مقارنة بهم، ولم ولن نستطيع أن نهزمهم حتى ولو حاولنا ذلك.
اقتباس :
ولكن إذا دققنا في تاريخنا الإسلامي سنجد الكثير من البطولات والمهمات المستحيلة والحقيقية، والتي ترسخ في النفوس حب الجهاد والشهادة في سبيل الله ورفع راية الإسلام خفاقة عالية دون مبالاة لأي شيء آخر.

ومن هذه البطولات التي أحب وأسعد أن اذكرها في هذا المقام هي بطولة الثمانين مجاهدًا الذين بهم ابتدأ العثمانيون نشر الإسلام في أوروبا-وليس معنى ذلك أن بداية معرفة أوربا بالإسلام كان من هذه اللحظة أو هذا الحدث، ولكن المقصد دخول الإسلام أوربا عن طريق العثمانيين، فأوروبا كانت تعرف الإسلام من قبل ذلك، حيث كان هناك من دخل ونشر الإسلام فيها، والاندلس خير شاهد ودليل، بل وقد طرق الإسلام أبواب قارة أوربا من الجهة الشرقية، وذلك بمحاولات المسلمين المتكررة لفتح القسطنطينية منذ خلافة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، ولكن تأخَّر فتحها لحصانتها حتى أتَّم الله عز وجل فتحها على يد المجاهد المسلم القائد محمد الفاتح في عام 857هـ الموافق 1453م، ومع أن دخول الإسلام إلى أوربا كان له أعظم الأثر علميًّا وحضاريًّا وأخلاقيًّا في قارة أوربا، فإننا نتعجب من هذا العداء الدفين في نفوس بعض الأوربيين للإسلام، والذي كانت آثاره واضحة في البوسنة والهرسك؛ حيث أعمل الصرب القتل في مسلمي البوسنة والهرسك بقصد واضح وهو التطهير العرقي-.
فكل منا يعلم أن الدولة العثمانية كانت تبسط قوتها في ثلاث قارات من العالم، أوروبا وأسيا وإفريقيا، ولكن عند الحديث عن أوروبا فهل منا من يعلم كيف بدأ فتح أوروبا عن طريق آل عثمان؟
[rtl]

نواة الفتوحات الأوروبية للدولة العثمانية

[/rtl]
فقد بدأ الفتح لدول أوروبا بقوة، وبالدرجة التي يمكن أن يقال إنها النواة التي تلت الفتوحات الأوربية للدولة العثمانية، في عهد أورخان رحمه الله.
ففي عام ٧٥٠هـ، حيث  عهد أورخان بن عثمان بن أرطغرل رحمهم الله جميعاً، الذي  قد اجتمع مع رجال قبيلة القايي الأشداء في ذلك الاجتماع الذي ذَكَرَهُم فيه أنهم قد فتحوا مدينة بورصة التي كانت عاصمة الدولة العثمانية آنذاك، تنفيذا لوصية والده عثمان رحمه الله وغفر له، وكذلك فتحوا معاقل الروم المجاورة لهم حتي اضطر إمبراطور الروم بعقد صلح معهم ولكن هذا الأمر لا يكفي إذ لابد من إيصال الإسلام داخل أوروبا، وكان هذا الكلام لا يعني سوي أمر واحدٍ، وفقط ألا وهو الجهاد داخل الأراضي الأوربية، ومن عجيب الأمر أن هذا الخبر قوبل بترحاب كبير، وكان في هذا الاجتماع يجلس سليمان باشا بن أورخان الذي تحمس لهذا الخبر وطلب من أبيه أن يكون علي رأس هذا الفتح، فقوبل هذا أيضا بالموافقة والترحاب وذهب معه الغازي فاضل بك رحمه الله الذي هتف الله اكبر… الله اكبر… إيذانا بالفتح الذي يأمل فيه.
وبدون أي تردد ولا تهاون ولا تراخٍ تحرك الجنود والرجال المجاهدون بغية الجهاد بفتح أو شهادة فتحركوا في الصباح في سرعة وحكمة وحذر، وأخذوا ينهبون الأرض نهباً، حتى انتهي منهم البر ووصلوا إلي البحر الذي يفصلهم عن قارة أوروبا.
وهنا كانت المعضلة الكبرى كيف يعبرون هذا البحر دون أن يُكشف أمرُهم؟، بل كيف سيمرون دون أن تنالهم سهام الجنود النصارى من القلعة المواجهة للبحر؟، وكيف لهذا العدد من الجنود أن يعبر في الخفاء؟
اقتباس :
بدأ الجنود المقاتلون في عرض الأمر على سليمان باشا بأنهم مستعدون بالتضحية بالنفس، وإن أمرهم بالعبور لعبروا، ولكنه كان يهدف إلي فتح، وليس إلى تضحيات تذهب هباءً منثوراً ويكتب عدد من الشهداء دون تحقيق نصر.
[rtl]

مهمة داخل المهمة

[/rtl]
شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون %D9%85%D9%87%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D8%A7%D9%87%D8%AF%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D9%81%D8%AA%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B5%D9%86
بعد أن أستشار سليمان باشا من معه، انتهى به الأمر إلى اختيار بعضاً منهم في مهمة قد يسميها البعض انتحارية، تهدف إلى تقصي الأحوال في الضفة الأخرى من أجل الوصول إلى ثغرة لدخول الحصن والسيطرة عليه.
وهنا انتظر سليمان باشا ورجاله حتى حل المساء وأعطى الأمر بعبور البحر الفاصل بينهم وبين أوروبا بجذوع الشجر، وكان من بينهم فاضل بك وعدد من الفرسان، وبالفعل وفقوا بفضل الله بالعبور سراً مستغلين خفاء الليل وقلة العدد من العبور إلى الضفة الأخرى وهناك رأوا أحد الجنود وهو نائم فألقوا القبض عليه ورجعوا إلى قائدهم سليمان باشا رحمه الله.
واستطاع سليمان باشا أن يهدأ من روع هذا الجندي ومنه حصل علي أغلي المعلومات وأكثرها أهمية على الإطلاق، حيث عرف المنافذ المؤدية إلى القلعة المواجهة لهم مباشرة والتي ستكون بوابة إلى أوروبا بعد ذلك.
[rtl]

المهمة الكبرى

[/rtl]
ولما تيقن سليمان باشا من صحة المعلومات، لم يتوانى لحظة واحدة حيث في مساء اليوم التالي أختار ثمانين من المجاهدين الذين معه في مهمة استشهادية، لا تبغي إلا النصر أو الشهادة في سبيل الله تعالي، مهمة ذهاب بلا عودة، فعبروا هؤلاء الثمانين النهر سراً بالليل حتي وصلوا إلى الضفة الأخرى وعبروا المنافذ التي دل عليها الجندي فوصلوا إلي ممرٍ سريٍ والذي عن طريقة تسلل سليمان باشا وجنوده الثمانون إلى الحصن بكل هدوء، وذلك لأنه من نعم الله علي عباده وصدق وإخلاص الجنود أن كان هذا الوقت هو وقت الحصاد وجمع الفاكهة فلذلك كان السكان بل أكثرهم في البساتين والحقول المحيطة بالحصن؛ لذلك لم يصعب عليه الاستيلاء علي الحصن ولم تتيسر المقاومة للأعداء فاستسلمت الحامية الموجودة حقناً لدمائهم وبالفعل لم يتعرض المجاهدون لهم بأي أذي.
ولم يدع سليمان باشا الوقت يمر بدون فائدة فأرسل رجاله الذين سيطروا على السفن الراسية في البحر والعائدة للحصن وانتقلوا بها إلى الضفة الأخرى ونقلوا الجنود الموجودين هناك الذين لم يتمكنوا من الانطلاق مع سليمان باشا والثمانين مجاهد في المرة الأولى.
فيتنقل كل هؤلاء إلى الحصن الجديد الذي فتح علي يد سليمان باشا ومن معه ولكن هذه المرة لم يتوقفوا في الحصن بل انتقلوا إلى فتح الحصن الذي يليه بسرعة وكُتب لهم النصر المبين بفتح الحصنين الكبيرين الذين أصبحا بعد ذلك بوابة العبور إلى أوروبا، حيث توالت الفتوحات تلو الأخرى حتى سيطر العثمانيون على مساحات كبيرة فيها ونُشر الإسلام بشكل كبير فيها، وذلك لما رأي السكان صدق الجنود والحكام فيها فكان الفتح المبين هذا بصدق وإخلاص هؤلاء وشجاعة وبسالة الثمانين المجاهدين الذين تقدموا في البداية وفتح الحصن الأول علي يديهم.
[rtl]

خاتمة

[/rtl]
إن التاريخ الإسلامي يزخر ويفخر بكثير من البطولات الحقيقة التي تكون قدوة للشباب المسلم، ولا ينقصنا سوى أن نقلب صفحات التاريخ الإسلامي للتعرف عليها، وذلك عكس الحضارات والأمم والدول الأخرى التي لا يوجد لديها مثل ما لدينا، فنحن لدينا كنزٌ ولكن نجهل قيمتَه الحقيقة، ولذلك تجد هؤلاء يعمدون الي خلق قدوات ولو وهمية لشبابهم حتى يسيروا عليها وعلى نهجها.
اقتباس :
تاريخنا كنز عظيم مهيب، عيبه الوحيد أن أهله يجهلون طريقه ويتركون الأعداء يعيثون فيه بالتغير والتحريف والتشويه.



المصادر
[list=row]
[*]أورخان محمد علي، روائع التاريخ العثماني ص 11 وما بعدها
[*]عزتلوا يوسف بك أصاف، تاريخ سلاطين ال عثمان ص 36 وما بعدها. 
[/list]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70310
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون Empty
مُساهمةموضوع: رد: شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون   شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون Emptyالخميس 21 مارس 2019, 1:32 pm

 أورخان مُنشئ نواة الإسلام في أوروبا



إن شخصية أورخان رحمه الله من الشخصيات التي ساهمت وأسست ملكاً استمر لقرونٍ، ملكاً حافظَ على شوكةِ الإسلامِ قوية، ودافع عنها ونشر الإسلام أيما انتشار، حديثنا عن أحد المؤسسين العظماء للدولة العثمانية، عن الرجل الذي حافظ على البناء الذي تأسس في عهد والده عثمان ابن أرطغرل رحمهم الله جميعاً، فحديثنا عن أورخان بن عثمان بن أرطغرل بن سليمان شاه.
[rtl]

مولده

[/rtl]
وُلِدَ رحمه الله بمدينة سُكود عاصمة الإمارة آنذاك سنة 687هـ المُوافقة لِسنة 1281م، وقد نشأ على تربية والده بعقيدة صحيحة وجهادٍ في سبيل الله، ويتضح ذلك من وصية اباه له التي تنم على دين هؤلاء، والتي سبق وذكرناها.
[rtl]

تولِّيه الحكم

[/rtl]
فبعد أن تُوفّي عثمان بن أرطغرل مؤسس الدولة العثمانية، أو بمعنى أدق من نسبت إليه الدولة بعد ذلك، فخلف بعده أولادًا ستة، وهم علاء الدين الأكبر، أورخان، تشوبان، ملك، حميد وبازار لو وابنته هي فاطمة، كانت الوصية أن يتولى أورخان الحكم على الرغم من كونه ليس الابن الأكبر لعثمان، إلا أنه من الواضح أنه اظهر براعة في الإدارة والحكم تفوق بها على الجميع؛ لذلك كانت الوصية له وليس لأخيه الأكبر علاء الدين، وقد سار أورخان على نفس سياسة أبيه رحمه الله في الحكم والفتوحات، وعملاً بوصيته.
وقد كان أورخان رحمه الله عبقرية عسكرية وطارت شهرته إلى الآفاق في وقت قصير، ولعل سر نجاح ذلك أن الرأي كان يقوم بالشورى مع كبار رجال الدولة والاستفادة من خبراتهم أمثال “علاء الدين باشا، ابن الوزير الحاج كمال الدين ومع أخيه علاء الدين باشا والملا تاج الدين الكردي وهو من صنف العلماء أيضا والوزير خير الدين باشا والوزير لاله شاهين وهو من عظماء عصره والقاضي جاندرلي قره خليل باشا الذي كان قاضيا في بيلجك أولاً ثم في بورصة، ويتضح من اختيارات أورخان للشوري أنها تجمع بين الخبرات العسكرية والأحكام الشرعية، وهو الأمر الذي لا يحمل أي انفصال نهائيا فالشرع لا ينفصل عن الحياة، بل أن الشرع هو الحياة.
ولعل أهم الإنجازات التي حققها العثمانيون في أواخر عهد عثمان هو تخطى الإمارة العثمانية بعد وفاته دون تكبد أي خسارة لوحدتها، ذلك أن العثمانيين لم يتبعوا التقليد التركي والمغولي، كما فعلت الإمارات التركمانية المحيطة بها، القائم على اقتسام السلطة وتوزيعها بين الإخوة، وكذلك مثلما يفعل المغول أيضاً من تقسيم الملك بعد موت الحاكم الأكبر للبلاد، مثل جنكيز خان الذي ما إن توفي كان قد قسم الإمارة المغولية على أبنائه مما ترتب عليه قصر عمرها بعد ذلك وسهولة التنازع الداخلي بينها والانقضاض عليها.
وربما الأساس في نجاح عثمان ومن تبعه في ذلك هو أن الهوية لهؤلاء الرجال واضحة حيث أنهم يعلمون إلى أيّ دين ينتسبون، وينظرون إلى المهمة الثقيلة التي على كاهلهم وخصوصاً في ظل هذه الظروف العصيبة التي تمر بها الأمة الإسلامية من الخطر التتاري، والخطر الصليبي في آن واحد، إضافة إلى أصحابِ الأهواءِ والطامعينَ من كل حدبٍ وصوبٍ؛ فلذلك كانت الوحدة هي الأساس الواجب أن يكون دائما وأبداً بصفةٍ عامةٍ، وفي هذه الأثناء بصفةٍ خاصةٍ، وإعمالاً لقوله تعالى: ” وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ”.
فالوحدة هي أساس النهوض بالأمة، وبدونها نتفرق ونفشل وتذهب ريحنا فينقض علينا الأعداء وهذا هو ما حدث بالضبط للامة الإسلامية، فبعد أن كانت وحدة واحدة لا يفصل بينها حاجز، وتربطها كلها رابطة الدين والعقيدة، فعمل أعداؤنا علي إحلال روابط جديدة بعيدة عن العقيدة كروابط القومية والعصبية والقبلية، فأصبحت الحدود هي الأساس وتأشيرات العبور هي المعول عليها، بعد أن كان الإسلام هو تأشيرة العبور وفقط.
[rtl]

أورخان والجهاد

[/rtl]
شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون Dimbos-zaferi
وكان رحمه الله مجاهداً محباً للجهاد منذ أيام أبيه حين فتح بورصة دون سفك الدماء وجعلها عاصمة لدولته وأضحت كل من نيقوميديا ونيقيه هدفًا لسياسته التوسعية، فبعد أن تولي الحكم قد عين أخيه علاء الدين  وزيراً له وأمره بوضع الشرائع ثم نقل كرسي الحكم إلي بورصة، وجعلها مركزاً للسلطنة واهتم بعدئذٍ بتوسيع البلاد بالجهاد، فأقام أخيه وكيلا عنه لما تبين إخلاصه، وزحف بجيش جرار يبلغ عشرين ألف مقاتل على بلاد اليونان واشتبك معها في حربٍ يشيب لهولها الولدان، وكتب له النصر بفضل الله تعالي، وانتزع قلعتي أزميد وأزنيق، وأمتلك ولايتي قرة سي ويرغمه، ثم حاصر قلعتي سمندرة وأبيدوس زمناً طويلا حتى استولى عليها وأسر صاحب قلعة سمندره.
[rtl]

أورخان والعلم

[/rtl]
وفي عام 727هـ -1327م سقطت في يده رحمه الله نيقوميديا، والتي بعدها توقف وقفة حيث أولي اهتمامه تجاه العلم، لأنه يقدر قيمته، ويعلم فضل العلماء، وأنه لا سبيل للنهوض بهذه الأمة بدون العلم والرقى بطلبته وتذليل كل الصعوبات لهم وتيسير الأدوات اللازمة للقيام بنهضة علمية تربوية أخلاقية تقوم على ثوابت العقيدة، فقام بإنشاء أول جامعة عثمانية، وقد عهد بإدارتها إلى داوود القيصري، وهو أحد العلماء العثمانيين الذين درسوا في مصر.
[rtl]

وقفة عابرة

[/rtl]
كانت مصر في ذلك الوقت أهلاً للعلم وقِبلة للعلماء، بل كانت شرفًا كبيرًا لمن يتعلم فيها، وكان يُقدَّم على غيره لأنه تعلم في مصر، فحقاً وصدقاً إن مصر هي البلد الذي إذا عاد إلى الوراء تقدم بل إنه كلما ازداد في الرجوع ازداد تقدماً، فنسال الله أن يرزق مصر الحكام الصالحين الذين يعلمون قيمتها ويقومون بها حق قيام، لأنها إذا نهضت تنهضُ الأمةُ كلها، فهي من الأوتاد الرئيسية لهذه الأمة، بل ومن الحصون الحصينة لدين الله تعالى في الأرضِ.
[rtl]

تأسيسه للدولة على أسس صحيحة

[/rtl]
وتظهر قدرات أورخان في كونه ورث دولة ليست لها قوانين أو حدود واضحة، يحيط بها جيران أقوي منها، فكان عليه أن يقيم دولة راسخةً الأقدامِ والتوسع على حسابِ جيرانه وتحويل أتباعه من قبيلة بها عشوائية إلي دولة تتسع إلى أمة تحمل زمام الأمور، وهم الدين، ونشر الإسلام، ولذلك كان على رأس أولويات أورخان تأسيس جيشٍ عظيمٍ عريقٍ منظمٍ، على أفضل الأسس العسكرية في ذلك الزمان وتنظيم الأمور بأسس إدارية ليصح إطلاق لفظ دولة عليها.
[rtl]

أورخان وتأسيس الجيش

[/rtl]
إن من أهم الأعمال التي ترتبط بحياة السلطان أورخان، تأسيسه للجيش الإسلامي وحرصه على إدخال نظامٍ خاصٍ للجيشِ، فقسَّمه إلى وحدات تتكون كل وحدة من عشرة أشخاص، أو مائة، أو ألف، حسب الاحتياج أو على حسب الرؤية العسكرية،، فقام بتشكيل جيش من ألف شاب تركى أطلق عليه اسم يايا أي المشاة وجيش أخر من ألف فارس أطلق عليه اسم مسلم وعين قاضيا للجيش بعد التشاور مع العالم علاء الدين الأسود، وهكذا تم تعيين أول قاضي عسكر في الدولة العثمانية وهو جاندرلي قرة خليل الذي كان قاضى بورصة  وخصص خمس الغنائم للإنفاق على الجيش، وجعله جيشاً دائم، بعد أن كان لا يجتمع إلا وقت الحرب وأنشأ مراكز خاصة يتم تدريبه فيها، وهذا يوضح رؤيته للأمور وبعد نظره الثاقب، بل وبعد نظر عثمان والده في اختياره دون إخوته.
كما أنه أضافَ جيشاً أخر عُرف باسم الإنكشارية، شكَّله من المسلمين الجدد الذين أزداد عددهم بعد اتساع رقعة الدولة والانتصارات الكبيرة التي حدثت والحروب مع غير المسلمين، ودخول أعداد كبيرة من أبناء البلاد المفتوحة في الإسلام، ثم الانضمام في صفوف المجاهدين في سبيل نشر هذا الدين العظيم. فبعد أن اعتنقوا الإسلام، يتم تربيتهم تربية إسلامية فكرياً وحربياً ويُعيَنون في مراكز الجيشِ المختلفةِ.
اقتباس :
وقد قام العلماء والفقهاء مع سلطانهم أورخان بغرسِ حب الجهاد، والذود عن الدين، والشوق إلى نصرته أو الشهادة في سبيله وأصبح شعارَهم “غازياً أو شهيداً”، يردد ويطلق في الأصداء عندما يذهبون إلى ساحة الوغى.

وقد سار هذا الجيش طوال فترة العهد العثماني علي عقيدة صحيحة إلا أنه مع مرور الوقت بدأ يصبح عبئاً علي الدولة بل ومتحكما في زمامها يعين الخليفة ويعزله كيف شاء، إلى أن قام بإلغائه السلطان محمود الثاني بعد ذلك كما سنري.
[rtl]

أسباب تأسيس جيش الانكشارية

[/rtl]
شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون %D8%AC%D9%8A%D8%B4-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D9%83%D8%B4%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%A9
 
وتذكر بعض المصادر أن الأسباب الرئيسية التي دعت السلطان أورخان لتأسيس هذا الجيش الجديد:
أن الجيش الأساس سواء المشاة أو الفرسان لم يمكن الاعتماد عليه وحده لتقوم الدولة كما يأمل، بل وأنه ظهرت بعض الأصوات المخالفة لقاضي العسكر ووصلت إلى عدم طاعة الأوامر في بعض الأحيان، ولعل سبب ذلك أن أمر الجيش النظامي الدائم يُعدّ أمراً جديداً عليهم فهم كما ذكرنا لم يكن يتجمعون إلا وقت الحاجة للحرب وفقط فحينها يكون الجيش ثم يتم التفرق بعد ذلك كل في قبيلته وعشيرته وما إلى ذلك، فكانت فكرة الدولة والجيش النظامي تعد جديدة، فلذلك قام أورخان-وبناء على نصيحة ومشورة من معه-بإنشاء هذا الجيش الجديد والذي كان يعتمد على أبناء المسيحيين من الأسري أو ممن دخلوا في طاعة السلطان أورخان، سواء من دخل منهم الإسلام أو من قبل بالطاعة.
[rtl]

بعض الفريات والأكاذيب على أورخان رحمه الله

[/rtl]
لقد زعم معظم المؤرخين الأجانب أن الإنكشارية تتكون من انتزاع الأطفال النصرانية من بين أهاليهم ويجبرونهم على اعتناق الإسلام بموجب نظام إسلامي زعموا أنه نظام الدفشرية، وأن هذا النظام كان يستند إلى ضريبة إسلامية شرعية أطلقوا عليها اسم ضريبة الغلمان وأسموها أحيانا ضريبة الأبناء، وهي ضريبة على حد زعمهم تبيح للمسلمين العثمانيين أن ينتزعوا خمس عدد أطفال كل مدينة أو قرية نصرانية، باعتبارهم خمس الغنائم التي هي حصة بيت المال.
والحقيقة تقول إن ضريبة الغلمان هذه ما هي إلا كذبة دست في التاريخ للتشويه والتقليل من شأن الدولة العثمانية، وانسحبت بعد ذلك على من بعده من العثمانيين قاطبة فلم يكن نظام الدثرمة أو الدفشرية هذا إلا اهتماماً من الدولة العثمانية بالمشردين من الأطفال النصارى الذين تركتهم الحروب المستمرة أيتاما أو مشردين، فالإسلام الذين تدين به الدولة العثمانية يرفض رفضاً قاطعاً ما يسمى بضريبة الغلمان التي نسبها المؤرخين الأجانب إليها  وكذلك بعض الكتاب العرب الذين نقلوا عن الغرب دون أن يدققوا في هذه الرواية، بل إنه لا يوجد نهائيا في الشريعة الإسلامية ما يسمي بضريبة الغلمان.
ولعل البعض نسب إلى الدولة العثمانية ذلك من قبيل ما كان يفعله التتار من أخذ الرجال القادرين على القتال ووضعهم في مقدمة الجيش للتضحية بهم في المعارك ضد إخوانهم من المسلمين، ولكن الدولة العثمانية دولة كانت قائمة على شرع الله وسنة رسوله، ولم يكن لها هذا أبداً، بل لم يثبت هذا إلا لدي الكتاب المستشرقين الغربيين الحاقدين علي الدولة العثمانية، وإني لا أتعجب من هؤلاء، ولكن العجب من الكتاب المسلمين الذين ينقلون مثل هذه الأمور دون تدقيق فيها.
وكذلك من الروايات التي لم أجد لها أصلاً أو مصدراً ثقةً يوثق هذه الرواية بخصوص قرار أورخان بمنع تزويج الجيش الانكشاري نهائياً وبالتالي ينقطع لهم السبيل والأمل في تكوين أسرة، وينقطعوا لخدمة الجيش وفقط، وفي الحقيقة إنه لا يوجد عقل واحد سليم يقبل هذه الرواية على عواهلها هكذا، فكيف لدولة تدين بدين الإسلام أن تُحرم الزواج على مسلم دخل الإسلام، أو حتي على غير مسلم قَبِلَ العمل في صفوف الجيش، بل وكيف لدولة تريد أن تتقدم أن تمنع الزواج للجند وكبت هذه الفطرة السليمة التي فُطرنا عليها، مما يحدث اضطراباً نفسيا لدى الجند فيؤثر بالقطع على الدولة ككل.
فسنة الزواج هي من دعائم الاستقرار المجتمعي وبدونه يتولد انهيار أخلاقي واجتماعي كبير، بل التساؤل الأكبر إن كانوا لا يتزاوجون فكيف يتزايدون، صحيح إن المدن كان تفتح ولكن الجيش وفقاً لهذا الرأي كان يأخذ الصغار الجدد، ولكن هل كان هذا العدد سيكفي للفتوحات التي تمت في عهد الدولة العثمانية وخصوصاً على يد هذا الجيش الانكشاري الذي اثبت جدارة وقدرة عالية فائقة في نصرة الإسلام، بل وأن أورخان توقف عن الفتوحات لفترات طويلة من الزمن فكيف إذن تزايد هذا الجيش بعد ذلك دون فتوحات، بل وهل سيكون الولاء التام للدولة هكذا إذا منعته من القيام بفطرة أساسية حياتية مثل فطرة الزواج.
اقتباس :
خلاصة القول، إننا نري أن ذلك من جملة الافتراءات التي ألقيت على كاهل الدولة العثمانية للتشويه كذبا وزوراً وبهتاناً. وهذا لا يعني أن الدولة العثمانية هي دولة ملائكية نزلت من السماء ولكن لها ما لها وعليها وما عليها، ومما لها هو دحض هذه الفريات والأكاذيب التي قيلت في حقها وانسحبت على من جاء بعد ذلك من السلاطين.

ومفاد كل ما سبق إن أورخان قد أنشأ الجيش الجديد وهو عبارة عن جيشٍ نظاميٍ دائم الاستعداد والتواجد قريبا منه في حالة الحرب أو السلم على حد سواء، فشكَلَهُ من فرسان عشيرته، ومن مجاهدي النفير الذين كانوا يسارعون لإجابة داعي الجهاد ومن أمراء الروم وعساكرهم الذين دخل الإسلامُ في قلوبهمِ، وحسُنَ إسلامهم، بعيداً عن تلك الأكاذيب التي لا ترتقي إلى أي مستوى سوى الافتراء والضلال، من كون السلطان فرض ضريبة الغلمان وما شابه ذلك مما ذكر.
[rtl]

ما بعد الجيش

[/rtl]
شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون %D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D9%83%D8%B4%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%A9
وكعادة آل عثمان خصوصاً الأوائل منهم، تقدير العلم والعلماء لذلك كان لهم دائما التقدم والازدهار والرقى فما كان أورخان ينتهي من تنظيم الجيش حتى سارع إلى حيث يقيم العالم المؤمن التقى الحاجي “بكتاش” بأماسيا وطلب منه أن يدعو له خيراً فتلقاهم العالم المؤمن ووضع يده على رأس أحد الجنود ودعا لهم الله أن يبيض وجوههم ويجعل سيوفهم حادةً قاطعةً، وأن ينصرهم في كل معركة يخوضونها في سبيل الله ثم مال تجاه أورخان وسأله هل اتخذتم اسماً للجيش؟ فقال لا، قال فليكن اسمه ينى تشري أي الجيش الجديد.
وكانت راية الجيش من قماش احمر وسطها هلال، وتحت الهلال صورة لسيف أطلقوا عليه اسم ذي الفقار تيمنا بسيف سيدنا على رضى الله عنه، ومن الجدير بالذكر ان علاء الدين أخو أورخان الأكبر وابن عثمان كان هو صاحب فكرة العلم فقد كان عالما بالشريعة ومشهوراً بالزهدِ والتصوفِ الصحيحِ. وبدأ أورخان بتنظيم الحياة القانونية في المجتمع الجديد الذي بدأ يتسع ويكبر وأصبح في حاجة التنظيم.
[rtl]

سياسة أورخان:

[/rtl]
كانت أهداف أورخان واضحة وجلية، وهي نصرة الإسلام والمسلمين، ولذلك ركز كل جهوده على العدو الواضح الجلي وهو الروم فكانت غزواته متوجهة إلى هناك.
إلا أنه في عام 736هـ -1336م توفي أمير “قرة سي” وهي إحدى الإمارات التي قامت على أنقاض الدولة السلجوقية بالروم (سلاجقة الروم) فاختلف ولده من بعده وتنازعا الإمارة، فاستفاد أورخان من ذلك التشرذم الذي أصبح يهدد الأمة الإسلامية في وقت يترقب الأعداء من كل حدب وصوب أي خطأ أو تناحر، فكان لابد من أورخان من التدخل لحسم الأمر الذي انتهي بضم قرة سي إلى ملك العثمانيين وبذلك تتسع رقعة الدولة في جو مستقر بقوة تكون قادرة على حماية أركانها ونشر الإسلام.
اقتباس :
واهتم بتوطيد أركان الدولة وإصلاحها علمياً، وعمرانياً، فبنى المساجد وأنشأ المعاهد العلمية، فكانت كل قرية بها المدارس والشيوخ والعلماء الذين يُعلمون النحو والتراكيب اللغوية والعلوم الشرعية والهندسة والفلك… الخ.
[rtl]

وقفة

[/rtl]
ولعل هذا يجعلنا نذكر في إيجاز أهم العلوم التي لابد للمسلم أن يتعلمها ولا سيما طالب العلم، فأولا لابد أن يتعلم  اللغة العربية حتي ولو بدأ بمتن الأجرومية، بحيث يكون مؤهلاً للحديث والكتابة والخطابة والزج عن دين الله بل وفهم النصوص فهماً صحيحا، ثانياً القران الذي لابد منه لتسير حياتنا وفق النسق الصحيح، فعليه أن يحفظ من القرآن ما يقوم به أمر دينه أي ولو خمس أجزاء متقنه، مع فهم تفسيرها ولو تفسيراً موجزاً، ويلي ذلك فهماً جيداً لعلوم القرآن، حيث الناسخ والمنسوخ والمكي والمدني وغير ذلك من هذه الأمور والتي لا يسع المسلم جهلها.
ثالثاً بعد ذلك عليه أن يحفظ عددًا من الأحاديث ولو حتي الأربعين النووية، ويلي ذلك معرفة الفقه حيث لابد من معرفة الأحكام الفقهية التي يسير عليها المسلم ويتقدم، فهذا باب العبادات والمعاملات ثم يلي هذا العقيدة حيث لابد من معرفة العقيدة الصحيحة للمسلم وإن كان لابد أن تدرس العقيدة أثناء دراسة كل ذلك حتى تتضح الصورة لطالب العلم وتكون جلية.
فعلى هذا كان يتربى الأمراء والملوك والسلاطين الصالحين وكذلك القادة الذين قدموا خيرا للإسلام، فتجد كل هؤلاء تعلموا هذه الأمور، ومن هذا نخلص إنه إذا أرادت الأمة أن تتقدم فلابد أن تسير في درب الصالحين الذين نفعوا الإسلام، وخُلدت أسمائهم، وهذا هو المقصد الصحيح من دراسة التراجم والسير، لأخذ المنفعة منها، وليس التسلية ومصممة الشفاه.
[rtl]

ما بعد قرة سي

[/rtl]
شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون %D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AB%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D9%86%D9%87%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D9%87%D8%AF-%D8%A3%D9%88%D8%B1%D8%AE%D8%A7%D9%86-%D8%BA%D8%A7%D8%B2%D9%8A
فبعد أن فتح قرة سي، استمر فترة العشرين عاما دون حرب، حيث قضاها في صقل الدولة من النظم العسكرية، وتعزيز الأمن الداخلي، وبناء المساجد، ورصد الأوقاف، وإقامة القلاع، والحصون، والمنشأة العامة الشاسعة.
وهذا مما ينم على عظمة أورخان، وتقواه، وحكمته، وبعد نظرة، ويؤكد أنه ما كان يشن الحروب رغبة في التوسع الأعمى وإنما لتوطيد أركان الإسلام ولتثبيت دعائم دولة ناشئة بين ذئاب تحاصرها من كل جانب.
[rtl]

توفيق الله تعالي

[/rtl]
لأن الله تعالى يأمرنا أن نأخذ بالأسباب ونبذل الجهود حتى يتسنى لنا أن نرزق بتوفيقه تعالى، فكان أورخان قد أخذ بالأسباب وعمل بكل جهده وسعيه واحسب على ذلك إخلاصه وإلا ما كان توفيق الله تعالى له.
فما إن أتم أورخان البناء الداخلي حتى يسر الله له الأمور بأن حدث صراع على الحكم داخل الدولة البيزنطية  وطلب الإمبراطور “كونتاكوزينوس” مساعدة السلطان أورخان ضد خصمه فأرسل قوات من العثمانيين لتوطيد النفوذ العثماني في أوروبا، وفي عام 1358م، أصاب زلزال مدن تراقيا فانهارت أسوار غاليبولى، وهجرها أهلها؛ مما سهل على العثمانيين دخولها،  وقد احتج الإمبراطور البيزنطي على ذلك، ولكن دون جدوى، فكان رد أورخان: إن العناية الإلهية قد فتحت أبواب المدينة أمام قواته.
وما لبثت غاليبولى أن أصبحت أول قاعدة عثمانية في أوروبا ومنها انطلقت الحملات الأولى التي توجهت بفتح كل شبه جزيرة البلقان، وأرسل أعداداً كبيرة من القبائل المسلمة، إلى المدن المجاورة بهدف الدعوة للإسلام، وكذا منع تمكن النصارى من المحاولات المستميتة من طرد العثمانيين من أوروبا، وقام بإرسال الدعاة والعلماء إلى هذه المدن والقرى الجديدة لنشر الإسلام وتعليمه لهم.
فسبحان الله تفتح مدينة بغير قتال وتصير عاصمة للدولة وهي بورصة ويحدث زلزال لتفتح مدينة أخري تكون بوابة لنشر الإسلام في أوروبا بعد ذلك، بل وفي توفيق لابنه الذي أرسله لفتح الحصون في مهمة قد يرها البعض انتحارية فيوفق وتفتح الحصون التي فتحت باب خير سنتحدث عنه لاحقاً، فهذا لا يؤتى إلا بتوفيق من الله تعالى لعبده الذي استعان وتوكل عليه حق توكله، حيث أخذ بالأسباب واعد العدة، فهنا يأتي النصر بقتال أو بدون قتال.
فرحم الله البطل المجاهد أورخان الذي أسس دولة كبيرة ووضع النواة لنشر الإسلام في ربوع أوروبا قاطبة، فحقاً إن هؤلاء حق علينا معرفتهم.
[rtl]

وهنا تتضح المعادلة العظيمة وهي

[/rtl]
اقتباس :
علم – بعقيدة-في ظل وحدة-بجيش يحمي-على أسس الإسلام -يساوي دولة تقوم على ظهرها أمّة



المصادر
[list=row]
[*]الدولة العثمانية المجهولة 303 سؤل وجواب عن الدولة العثمانية
[*]محمد سهل طقوش – تاريخ العثمانيين من قيام الدولة الى الانقلاب على الخلافة
[*]Gibbons pp55,56 طريق محم سهل طقوش، تاريخ العثمانيين ص 38
[*]راجع على محمد الصلابي – الدولة العثمانية عوامل النهوض والسقوط
[*]حليم ابراهيم بك-تاريخ الدولة العثمانية العلية ص 16 بتصرف
[*]راجع محمد سهل طقوش-قيام الدولة العثمانية
[*]سالم الرشيدي-محمد الفاتح ص 25
[*]أحمد عبد الرحيم مصطفي-أصول التاريخ العثماني ص 47
[/list]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70310
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون Empty
مُساهمةموضوع: رد: شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون   شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون Emptyالخميس 21 مارس 2019, 1:35 pm

[rtl]شخصيات حق علينا معرفتها… مراد الأول شهيد الميدان[/rtl]

كان رحمه الله من المجاهدين الأفذاذ الأتقياء الأنقياء، محبًا للدين مضحيًا لأجل نصرته، شغوفًا بالغزوات، وبناء المدارس والمساجد والملاجئ، ومن فضل الله عليه أن كان حوله مجموعة من خير القادة والخبراء العسكريين، فشكّل منهم مجلسًا للشوري وتوسع في أسيا الصغرى وأوروبا في آن واحد، وقد صرف سنوات حكمه الطويلة التي وصلت ثلاثون سنة في الفتح والغزو والجهاد، ولم يكن يرجو سوي الشهادة في سبيل الله وقد منّ الله عليه بها بعد نصرٍ عزيزٍ مؤزرٍ، كما لو أن الله أراد له أن يستريح بعد عناءٍ طويلٍ وجهادٍ عظيمٍ، وخلَّد اسمه إلى يوم الدين ليكون قدوة لمن أراد أن يأخذ قدوة.
[rtl]

مولده

[/rtl]
وُلِدَ عام ٧٢٦ هـ-1326م، وتربي رحمه الله تربية جهادية دينية، ويَفَعَ على كرمِ الأخلاقِ، مُزْدَانًا بحسن الخلق، ووفرة الحلم، وأشركه والده أورخان في كثير من الفتوحات وعوّل عليه الأمر خصوصًا بعد وفاة سليمان باشا رحمه الله.
فتولي الحكم بعد وفاة أبيه أورخان عام 761 هـ وهو له من العمر خمسًا وثلاثين سنة، وكانت مساحة أملاك الدولة حين تولي تبلغ 100000كم تقريبًا فواصل الفتوحات مستفيدًا-بلا أدنى شك-من حالة الفوضى في الدولة البيزنطية حتى وصلت أملاك الدولة في نهاية عهده إلي 400000 كم، وهذا يوضح كم حبه للفتح والجهاد وإيصال رسالة الإسلام في كل مكان من الممكن أن يصل إليه، بل ويؤكد القول إنه لم توجد دولة بعد الأمويين توسعت في الفتوحات مثل العثمانيين.
[rtl]

الفتوحات

[/rtl]
شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون %D9%85%D8%AF%D9%8A%D9%86%D8%A9-%D8%A3%D8%AF%D8%B1%D9%86%D8%A9
ففي أوربا هاجم الجيش العثماني أملاك الدولة البيزنطية ثم فتح مدينة أدرنه في عام (762هـ/ 1360م)، وكانت لتلك المدينة أهمية استراتيجية في البلقان، حيث كانت ثاني مدينة في الإمبراطورية البيزنطية بعد القسطنطينية. واتخذ مراد من هذه المدينة عاصمة للدولة العثمانية منذ عام (768هـ / 1366م)، وبذلك انتقلت العاصمة إلى أوربا، وأصبحت أدرنه عاصمة إسلامية
وبعد فتح أدرنه عام 762هـ لم يقف على وضعها الذي هو عليه بل قام بتطويرها على أفضل وجهٍ لتكون خيرَ واجهة لدولةٍ قويةٍ إسلاميةٍ في مواجهةِ أوروبا، فجمع مراد في هذه العاصمة كل مقومات النهوض بالدولة وأصول الحكم، فتكونت فيها فئات الموظفين وفرق الجيش وطوائف رجال القانون وعلماء الدين، وأقيمت دور المحاكم وشيدت المدارس المدنية والمعاهد العسكرية لتدريب الإنكشارية.
واستمرت أدرنه على هذا الوضع السياسي والعسكري والإداري والثقافي والديني حتى فتح العثمانيون القسطنطينية في عام (857هـ-1453م)، فأصبحت عاصمة لدولتهم.
ومن المؤكد أن نقل العاصمة إلى أدرنه لم يكن محض صدفة وإنما كان تخطيطًا في غاية الجرأة والشجاعة من السلطان مراد ومن معه، إذ أنه بنقل العاصمة إلى هناك يُعدّ إعلانًا صريحًا بنقل منطقة الصراع من أسيا الصغرى إلى مناطق البلقان إي في عقر ديار الدول النصرانية الشرقية كالمجر وبلغاريا والبوسنة والصرب وغيرها، الأمر الذي يُعدّ إعلانا بأن هناك قوة كبيرة تستطيع أن تقف في وجه كل هؤلاء وتشير إلى مدينة القسطنطينية.
اقتباس :
وبالفعل بعد ذلك قد اتجه مراد رحمه الله نحو بلاد البلقان فكُتب له ولجنوده المجاهدين فتح هذه البلاد وتلك الحصون.
[rtl]

تحالف صليبي ضد مراد

[/rtl]
بعد أن حقق مراد رحمه الله انتصاراته في أوروبا بشكل كبير ومؤثر، للدرجة التي أسمعت القاصي والداني؛ مما دفع حاكم اليونان أن يسعى إلى إبرام معاهدة صلح بينه وبين مراد الأول، بيد أن تلك المعاهدة لم تطل فترة طويلة.
مضى السلطان مراد في حركة الجهاد والدعوة وفتح الأقاليم في أوروبا، وانطلق جيشه يفتح مقدونيا، وكانت لانتصاراته أصداء بعيدة، وكذلك نتيجة لنقل العاصمة إلى أدرنه بعد فتحها؛ تكوّن تحالف أوربي بلقاني صليبي باركه البابا أوربان الخامس، بل كان من الدعاة الرئيسيين لهذا الحلف، كي يكون تحالف عقيدة أكثر من كونه تحالف مصالح، فضم الصربيين والبلغاريين والمجريين، وسكان إقليم والاشيا إضافة إلى جيش جرَّار من اليونان وبوسنه والأفلاق. وقد استطاعت الدول الأعضاء في التحالف الصليبي أن تحشد جيشًا بلغ عدده ستين ألف جندي تصدى لهم القائد العثماني ” لالاشاهين ” بقوة تقل عددًا عن القوات المتحالفة، ولما علم السلطان بذلك أرسل القائد التركي حاجي ايل بكي على رأس قوة مؤلفة من عشرة آلاف رجل لاستطلاع قوة العدو.
[rtl]

مهمة خاصة

[/rtl]
شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون %D9%85%D8%B9%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D9%81%D9%8A%D9%86%D8%A7-%D8%AA%D8%B4%D9%8A%D8%B1%D9%85%D9%86
لما تحركت فرقة القائد التركي حاجي ايل بكي باتجاه معسكر الصليبين الكبير، ووجد أن جيش الصليبين إنما هو جيش جرار، ففكر بالقيام بمهمة استشهادية تربك صفوف الأعداء وتقلص الأعداد قدر الإمكان، حتى يتمكن القائد لالا شاهين بعد ذلك من ملاقاة هذا العدد الهائل من الجنود المدججين بالأسلحة.
فاقترب من المعسكر حتى خيم الليل وانتهز الفرصة وانقض على الجيش المؤلف من ستين ألف جندي وأثخن فيهم القتل الأمر الذي أربك الجيش بشدة بل شتت شملهم بشكل كبير وقلص عددهم بالفعل حيث حدثت مذبحة كبري قتل فيها أعداد كبيرة من الجيش الصليبي، إي نجحت خطة حاجي ايل بكي.
وكانت المعركة الكبرى التي قابلهم فيها لالا شاهين على مقربة من “تشيرمن” على نهر مارتيزا -عُرِفت هذه المعركة باسم انكسار الصرب- حيث وقعت حرب مروعة وانهزم الجيش المتحالف، وهرب الأميران الصربيان، ولكنهما غرقا في نهر مارتيزا، ونجا ملك المجر بأعجوبة من الموت أما السلطان مراد فكان في هذه الأثناء منشغلًا بالقتال في بلاد آسيا الصغرى، حيث فتح عدة مدن ثم عاد إلى مقر سلطنته لتنظيم ما فتحه من الأقاليم والبلدان كما هو شأن القائد الحكيم، حيث أن الغاية الأساسية ليس فتح البلاد لشهوة ورغبة في العدوان، وذلك عملًا بوصية جده رحمه الله.
وقد عقد لولده با يزيد على بنت حاكم قرمان، بغية أن يجعل الألفة والاتحاد مع حكام آسيا الصغرى، وجرت حفلة النكاح بحضرة نواب سوريا ومصر، ووُزِّعَتْ خلالها على العلماء الكرام والرجال الفخام هدايا ثمينة من أوانٍ ذهبية وفضية مزركشة بالزمرد والياقوت.
وكان يهدف بهذا الزواج السياسي إلى توحيد الصفوف في مواجهة أعداء الإسلام، وذلك لأن نظرته مثل كل الحكام المسلمين على عقيدة صحيحة، وهي النظرة والرغبة في الاتحاد الإسلامي الكبير بعيدًا عن المصالح والأهواء الشخصية، وهذا ما نأمل أن نجده في أيامنا هذه بعيدًا عن القوميات والعصبيات المقيتة.
[rtl]

وقفة

[/rtl]
إذا أردنا أن نعرف لماذا تقدم الأوائل وتأخر من أتي بعد ذلك، إذا أردنا أن نفهم لماذا تأخرنا نحن ولماذا وصلنا إلى المستنقع وما زلنا نغرق في هذا الوحل، فإذا أردنا أن نفهم لماذا؛ فعلينا أن نعرف على من يسلط الحكام الأضواء.
فانظر إلى حال السلطان مراد رحمه الله وغفر له، ستجد انه إبان حفل زفاف ابنه با يزيد، فإنه يكرم العلماء وأهل المعرفة ورجال الاقتصاد أي التجار بمصطلحات أهل زماننا، ولكن المكانة الأكبر هي لأهل العلم، وبإسقاط على الواقع الذي نحياه الآن، ستجد أن من يكرم ويرفع شأنه إلى عنان السماء هم أهل والتفاهات والعرى والفسق والفجور، حيث يصلوا إلى مرحلة تكريم ليصبحوا قدوات، ووالله لا يصلحون أن يكونوا حدوات.
اقتباس :
فلأن السلطان يعلم أن المجتمع ينظر إلى من يكرم، ويتمنى أن يصير مثله فقد عنى بذلك وأهتم بأهل العلم والمعرفة لذلك تقدم ووصل إلى مبتغاه.
[rtl]

معركة قوصرة

[/rtl]
كان السلطان مراد قد توغل في بلاد البلقان بنفسه وعن طريق قادته مما أثار الصرب، فحاولوا في أكثر من مرة استغلال غياب السلطان عن أوروبا في الهجوم على الجيوش العثمانية في البلقان وما جاورها ولكنهم فشلوا في تحقيق انتصارات تذكر على العثمانيين، فتحالف الصرب والبوسنيون والبلغار وأعدوا جيشًا أوروبيًا صليبيًا كثيفًا لحرب السلطان الذي كان قد وصل بجيوشه بعد إعدادها إعدادًا قويًا إلى منطقة كوسوفو  في البلقان.
ومن الموافقات التي تذكر -وإن كان لا يجوز التبرك بمثل هذه الموافقات أو فعلها فهذا ما لا يجوز عن قصد، أما وقد حدثت من باب المصادفة بلا مشكلة في ذلك، ولكن لابد ألا تؤخذ موضع الأساس الذي يعول عليه.- أن وزير السلطان مراد الذي كان يحمل معه مصحفًا فتحه على غير قصد فوقع نظره على هذه الآية: {يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفًا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون}  فاستبشر بالنصر واستبشر معه المسلمون ولم يلبث أن نشب القتال بين الجمعين وحمي وطيسه واشتدت المعركة وانجلت الحرب عن انتصار المسلمين انتصارًا باهرًا حاسمًا، انتصارًا شتت استقلال الصرب حتى القرن التاسع عشر، بل وترتب عليه دخول أعداد كبيرة في الإسلام.
[rtl]

وقفة

[/rtl]
شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون %D9%86%D8%AA%D9%86%D9%8A%D8%A7%D9%87%D9%88-%D9%88%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A8
من المُلاحظ على مر التاريخ أن أعداء الأمة لا يتفقون ولا يتحدون إلا في حال وجود عدو مشترك وهو الإسلام، فهم مختلفون حتى ولو ظهر لنا غير ذلك فقوله تعالى ” لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ ۚ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُون”، أي تراهم مجتمعين فتحسبهم مؤتلفين ومتوحدين، وليسوا كذلك في الحقيقة، فهم مختلفون غاية الاختلاف، ولكن إذا ظهر عدو الإسلام في الأرجاء فيحتشَد الأعداء، وينقض الأقرباء، ويجتمع المنافقون؛ لينالوا مِن أمة كرَّمها رب الأرض والسماء، خير أمة أُخرجت للناس، أمة الإسلام، يجتمعوا عليها، وشعارُهم المعلَن صراحة: دمّروا الإسلام أبيدوا أهله.
ولأن اليهود تعلم هذا الأمر جيدًا، بل واستفادت منه تمام الاستفادة في احتلال فلسطين المسلمة، حيث لعبت في العقيدة النصرانية بإنشاء مذهب جديد وهو المذهب البروتستانتي الذي يجعل خلاص للنصارى وظهور المسيح المخلِّص في إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، الأمر الذي تحول من اتحاد ضد عدو مشترك وهو الإسلام إلى عقيده أساسية تستغلها اليهود
[rtl]

استشهاد السلطان مراد

[/rtl]
بعد الانتصار في قوصرة، قام السلطان مراد يتفقد ساحة المعركة ويدور بنفسه بين صفوف القتلى من المسلمين ويدعوا لهم، وفي أثناء تفقده للجرحى قام جندي من الصرب كان قد تظاهر بالموت وأسرع نحو السلطان فتمكن الحراس من القبض عليه، ولكنه تظاهر بأنه جاء يريد محادثة السلطان ويريد أن يعلن إسلامه على يديه، وعند ذلك أشار السلطان للحرس بأن يطلقوه فتظاهر بأنه يريد تقبيل يد السلطان وقام في حركة سريعة بإخراج خنجر مسموم طعن به السلطان فاستشهد رحمه الله في 15 شعبان 791هـ.
[rtl]

الكلمات الأخيرة للسلطان مراد

[/rtl]
اقتباس :
«لا يسعني حين رحيلي إلا أن أشكر الله إنه علام الغيوب المتقبل دعاء الفقير، أشهد أن لا إله إلا الله، وليس يستحق الشكر والثناء إلا هو، لقد أوشكت حياتي على النهاية ورأيت نصر جند الإسلام. أطيعوا ابني بايزيد، ولا تعذبوا الأسرى ولا تؤذونهم ولا تسلبوهم، وأودعكم منذ هذه اللحظة وأودع جيشنا الظافر العظيم إلى رحمة الله فهو الذي يحفظ دولتنا من كل سوء».

لقد استشهد هذا السلطان العظيم بعد أن بلغ من العمر 65 عامًا، تربَّع فيها على تخت السلطنة مدة ثلاثين عامًا أعلى فيها شأنها، ووسَّع نطاقها، وأوجد العلم العثماني وهيئة الطغراء الشاهانية، وشاد أبنية عظيمة من جوامع ومدارس وقلاع وحصون وغير ذلك، ومن أشهر آثاره سراي أدرنه، وكانت غزواته وفتوحاته ٣٧ ما بين هذا وذاك.
[rtl]

أهم فتوحاته رحمه الله

[/rtl]
فتح بعض سواحل البحر الأسود وكذلك فتح تلك القلاع: ديما توكا، بنار حصار، بابا اسكي، لولو بروغازي، كشان، سيزابولو، فيزا، كيرك كليسه، صاموكو، جورلو. كما قام بفتح عدد من المدن مثل:ينجه، يانبولي، إسليميا، فيليباري، آنجه كيز، فيراجك، أجزاء من مقدونيا ونيش، جاتلاجه، إشت، مناصتر، صوفيا، أجزاء من البانيا ادرنه التي أصبحت العاصمة بعد ذلك، وكل هذا إن دل إنما يدل على كثرة الفتوح والجهاد في عهد رحمه الله.
اقتباس :
ناهيك عن كسر شوكة الصليبين وتحالفاتهم ضد الدول الإسلامية، ورفع هيبة الإسلام عاليةً خفاقة، ونشر الإسلام في أوروبا بشكل كبير، وتهيئة الأمور لمن جاء بعد ذلك لفتح القسطنطينية. فرحم الله مراد الأول رحمة واسعة.



المصادر
[list=row]
[*]عزتلو يوسف بك آصاف، تاريخ سلاطين بني عثمان
[*]أورخان محمد علي-روائع من التاريخ العثماني
[*]عبد الفتاح حسن أبو علية، الدولة العثمانية والوطن العري الكبير
[*]على الصلابي، الدولة العثمانية عوامل النهوض والسقوط
[*]إسماعيل احمد ياغي، الدولة العثمانية في التاريخ الإسلامي الحديث
[/list]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70310
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون Empty
مُساهمةموضوع: رد: شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون   شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون Emptyالخميس 21 مارس 2019, 1:38 pm

شخصيات حق علينا معرفتها… بايزيد صاعقة الإسلام


إنه لمن المفارقات أن يولد بايزيد عام 761 هـ وهو العام الذي تولى فيه أبوه السلطنة، التي استمرت ثلاثين عامًا حيث تسلم بايزيد الحكم بعد استشهاد والده رحمه الله مراد الأول، وكان دائم الجهاد يتنقل من أوروبا إلى الأناضول ثم يعود مسرعا إلى أوروبا يحقق نصرًا جديدًا، أو تنظيمًا حديثًا؛ حتى لقب على إثر هذا باسم “يلدرم” أي الصاعقة نظرًا لتلك الحركة السريعة والانقضاض المفاجئ على الأعداء التي يقوم بها دائمًا، وقد أطلق هذا اللقب فعليًا منذ حملة قره مان عام 1378م، وكذلك بفعل سرعته في وضع وتنفيذ الخطط العسكرية.
[rtl]

شخصيته

[/rtl]
كان ذو شخصية متميزة وفذة منذ صغره وهذا ما كان يراه والده رحمه الله فيه فاعتبره وريثًا لعرشه واستمرارًا للملك والفتوحات، حتى أنه عندما كان في الرابعة عشر من عمرة منحه والده تفويضًا ليدير دفةَ البلادِ العثمانيةِ خلال غيابه في الجهاد في بلاد الصرب، فتميزت سياسته على ثلاثة مهام:

  • أولها توحيد منطقة الأناضول تحت الإدارة العثمانية
  • ثانيها محاولة قيادة العالم الإسلامي.
  • ثالثها الجهاد في سبيل الله


وقد كان ورعًا ملتزمًا بصلاة الجماعة، ويُروى أنه شهد يومًا بقضية وكان القاضي هو شمس الدين حمزة الفناري فرد شهادة بايزيد، فسأله عن السبب فقال القاضي: إنك تاركٌ لصلاة الجماعة، فعلى الفور قام ببناء جامع أمام قصره عين لنفسه فيه موضعًا ولم يترك الجماعة بعد ذلك. وفى ذلك دلالة رائعة على مكانة العلماء في هذا الزمان والتي تفتقد عطرها ورحيقها هذه الأيام. فموقف القاضي غير إلى الأحسن فجعل الشاب لم يترك صلاة جماعة أبدًا بعد ذلك، فهكذا العلماء وأرباب الحق، يصدعون به ولا يخشون شيئًا، وكان والده قد عينه سابقًا على إمارة قرميان أو كرمان باختلاف اللفظ، عام 1381م فراعى المصالح الشرقية للدولة وأثبت تميزه في المعارك أكثر من مرة.
[rtl]

الوضع بعد توليه الحكم

[/rtl]
شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون %D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%B1%D9%83-%D8%A8%D8%A7%D9%8A%D8%B2%D9%8A%D8%AF
وبعد أن تولى الحكم رحمه الله، كان المتربصين حوله من كل جانب، داخليًا وخارجيًا، فعلى المستوى الداخلي كان من تبقى من أمراء السلاجقة يترصدون له ويتحينون الفرصةَ للانقضاض عليه وأخذ ما سلب منهم من قبل، واستعادة ملك ضائع، إضافة إلى أخيه الوحيد يعقوب، أما على المستوى الخارجي فكان هناك أكثر من عدو في آن واحد، حيث المصالح النصرانية تتلاقى على ضرورة إخراج الأتراك من أوروبا بالكامل والمجر على رأس هذا بدعم من القسطنطينية إضافة إلى الصرب.
[rtl]

أخيه يعقوب

[/rtl]
وبداية بدأ بايزيد بأخيه يعقوب الذي حاول أن ينافسه على السلطة، مما قد يؤدى إلى التمزق، فقتله خشية الانشقاق في الصف، ولأنه يعتبر بذلك خارجًا عليه، وعلى الرغم من قسوة هذا التصرف الذي بدا واضحًا في سياسة خلفاء بنى عثمان من قتل الأخوة المنافسين على الحكم كما سنذكر تباعًا، إلا انه حقق الهدف المرجو منه وهو القضاء نهائيًا على عناصر التقسيم مما يعد تتويجًا لمنطق المركزية، ناهيك عن أن الواقع يؤكد أن الدولة العثمانية لم تتأثر بالنزاعات الأسرية على مدار خمسة قرون.
[rtl]

وقفة مع هذا الحدث

[/rtl]
لابد أن نقف وقفة مع هذه النقطة لأهميتها الشديدة، فبداية يلومنا البعض عند قول إن الدولة العثمانية دولة عظيمة وأن موضوع قتل الأخوة لم يؤثر على قيام الدولة واستقرارها، فنود أن نوضح أن الحقيقة لابد من ذكرها أيًا كان وضعها، وأن الدولة العثمانية هي بالفعل دولة عظيمة كبيرة وإلا ما استمرت ما يزيد عن ستة قرون، وبسطت نفوذها في ثلاث قارات فيما يزيد عن ثلاثين دولة، ولابد أن نعلم أن أرباب هذه الدولة إنما هم بشر لهم ما لهم وعليهم ما عليهم وكل يوزن بميزان الإسلام الذي ندين به لله وعلى هذا نقرر أن هذا أخطأ أم أصاب.
فالقتل بصفة عامة غير مبرر إلا بوجه حق، وإلا فيعد جريمة كبرى، وكبيرة من الكبائر قال الله في حقها “مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ”، وقوله تعالي: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)، وروى مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال في حجة الوداع: “إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا”، ومن ذلك نخلص أن القتل العمد بغير حق هو جرم كبير لا يبرره أحد ولا يجوز بأي حال أن يحاول إنسان تبريره لتجميع شخصية تاريخية حتى ولو كانت لها إنجازات في التاريخ الإسلامي.
وبإسقاط ذلك على السلطان بايزيد فهنا الوقف المهمة وهي أن هناك مصادر تؤكد أن أخاه يعقوب قد نازعه في السلطان الأمر الذي يعد خروجًا عن الحاكم أي في هذه الحالة إن صحت فالجزاء هو القتل، بعد أخذ الفتوي الشرعية من قبل أهل الفتوي في الدولة، وبالفعل كان بايزيد بعدما تيقن من هذا وأخذ الفتوي الشرعية التي أباحت دم أخيه نظرًا لأنه يدعو للفتنه التي هي أشدمن القتل
فلسطان بايزيد وفقًا لذلك محقًا ولا أعلم لماذا كثير من المراجع العربية تغفل هذه النقطة وهي كون وجود محاولة للخروج على الحكم أو للمنازعة في السلطان من قبل أخيه يعقوب، ولكن هذا الأمر هو بالنسبة للسلطان بايزيد فقط، أي يوجد ما يبرر فعله ويجيزه، وبالتالي لا يؤخذ هذا الكلام ويُسقط على غيره، أو تؤخذ الفتوي الشرعية التي صدرت من أهلها لتبرر قتل آخرين، أي هذا الموقف وإن كان بداية أحداث قتل الإخوة في الإمبراطورية العثمانية إلا أن له مبرر وذلك عكس البعض الذين سيأتي ذكرهم لاحقا.
[rtl]

الصرب

[/rtl]
بعد أن فرغ من أخيه بدأ الاهتمام بأمر الصرب، وكان قد ولّى الأمير اسطفن بن لازار ملك الصرب حاكما عليها فتزوج بايزيد من أخته اوليفيرا  وأجازه علي بلاده بأن يحكمها على حسب قوانينهم بشرط دفع جزية معينة، وتقديم عدد معين من الجنود ينضمون للجيش العثماني وقت الحرب، وبالفعل قد تم ذلك، ولم يضم بلاد الصرب إلى أملاك الدولة العليا المحمدية، وذلك ليسكن بال الصرب، وحتى لا يكونوا شغلا شاغلًا له نظرًا لحبهم للاستقلال، أي كان هذا الزواج وهذه الاتفاقية بمثابة هدنة، أو صلح مع الإقرار بالجزية التي وافق عليه من الصرب دون الدخول في حرب مع الجيوش العثمانية في ذلك الوقت، وخصوصًا والحروب السابقة تؤكد القوة العثمانية، حتى لو كان الظاهر الآن أن هناك حاكمًا جديدًا ويوجد بعض المشاكسات والقلاقل التي تحدث داخل الدولة، أو ترقب بعض الأعداء لها.
[rtl]

الوضع الداخلي

[/rtl]
شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون %D9%81%D9%8A%D9%84%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D9%84%D9%81%D9%8A%D8%A7
وعلى إثر هذا ساد الأمن من ناحية أوروبا؛ فقصد بلاد آسيا وفتح مدينة ” الأشهر ” المعروفة الآن باسم فيلاديلفيا، سنة 1391م وهي آخر مدينة بقيت للروم في آسيا، وهابه أمير “ايدين “، فلم يقاتله وترك أملاكه وعاش مطمئن الخاطر في إحدى المدن الخارجة عن النفوذ العثماني وكذلك ترك أميرا “منتشا”  وصاروخان ولايتهما واحتميا عند أمير “قستموني”، وتنازل الأمير علاء الدين حاكم بلاد القرمان للسلطان بايزيد عن جزء عظيم من أملاكه ليؤمنه على الجزء الباقي، وكل هذا يؤكد على قوة الدولة وأنها مهابة، حيث إذا ضربت أوجعت، وإذا تكلمت أسمعت.
ولكن من الواضح إن ما فلعه الأمير علاء الدين كان في ظاهره برضا وبخوف من السلطان بايزيد، حيث أن الوقت أظهر أنه كان خداعًا وتصيدًا للفرصة التي واتته عندما ترك السلطان بايزيد الأناضول متجهًا للفتوحات، فرأى أن الفرصة قد حانت فأنشأ حلفًا ضده مكونا من القاضي برهان الدين أحمد بن شمس الدين صاحب سيواس، وأمراء صاروخان وكرمان ومنتشا وحميدلي، واسترد يعقوب الكرماني الأراضي التي كان قد تنازل عنها لبايزيد الذي جعل شقيق زوجته حاكمًا عليها، واستولى برهان الدين احمد على “قير شهر”، كما سيطر علاء الدين على “بيهر” وتقدم نحو “اسكى شهر”، الأمر الذي هدد كيان الدولة العثمانية.
فاضطر بايزيد الأول للرد على هذه الانتهاكات، وتلقي مساعدات الدول التي كان قد عقد معها صلحًا ورضيت بدفع الجزية -أي تدين بالتبعية الاسمية للدولة العثمانية- مما يجوز له شرعا تلقى المساعدات من قبلها ولا يعتبر في حكم الشرع من يوالى اليهود والنصارى على إخوته من المسلمين، بل في مثل هذه الحالة هؤلاء تحت رعايته ويعدون من قبيل رعيته التي وجب عليهم تقديم يد العون إذا طلب الحاكم ذلك، فقدم المساعدة “مانويل الثاني”، و “يوحنا السابع”، واسطفان لازار الصربي، بالإضافة إلى سليمان الجنرلى أمير قستموني.
[rtl]

معركة (اق جاي)

[/rtl]
وبدأت الحرب بين السلطان بايزيد الأول الصاعقة وبين الخارجين المارقين على الدولة، الراغبين في الانقسام بين طياتها، وتقابل الجيشان في موضع يقال له “اق جاي” فهزمه السلطان بايزيد واسره هو وولديه محمد وعلى وضم ما بقي من أملاكه التي كان قد أقره عليه سابقًا، وبذلك انمحت سلطنة قرمان وصارت ولاية عثمانية، ثم فتحت إمارات سيواس وتوقات التي دخلها برهان الدين.
وبذلك لم يبق من الإمارات التي قامت على أطلال دولة آل سلجوق إلا إمارة قستموني خارجة عن املاك الدولة العثمانية نظرًا لان صاحبها آثر الانضمام إلى حلف السلطان بايزيد عن مساعدة أقرانه، وكان أميرها يدعى بايزيد أيضا واحتمى ببلادة كثير من أولاد الأمراء الذين فتحت بلادهم فكان ذلك سبب لغزو بلاده.
إذ أن السلطان بايزيد الصاعقة طلب منه أن يسلمه صاحب ايدين وصاروخان فامتنع عن ذلك ورفض، فاعتبر بايزيد ذلك تحالفا ضده واستعدادًا جديدًا للانقضاض عليه مرة أخرى، وخصوصًا والأحداث التي مضت ليست ببعيد، بل ما زالت حاضرة، فاتخذ القرار السريع والعاجل، ووضع الخطة العسكرية التي أُخذت في طور التنفيذ بسرعة وعجالة-كما هو معهود عن بايزيد دائما من التصرف السريع-؛ فتوجه على رأس جيشٍ بنفسهِ، وأغار على البلاد ففتح مدائن سامسون وجانك وعثمانجق، وبذلك انضوت جميع الإمارات الصغيرة القائمة على أطلال السلاجقة تحت لواء الدولة العليا وصار العلم العثماني يخفق منصورًا فوق صروحها موحدًا صفها، أما بايزيد صاحب قستموني فقد  قام بتصرف يعد طامة كبرى عليه ووصمة عار إلى يوم الدين فقد لجأ واحتمى إلى تيمور لنك سلطان المغول.
[rtl]

وهنا لابد من وقفه في غاية الأهمية

[/rtl]
إذ يقول رب العزة عز وجل واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، وقولة تعالى ” وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ “، ففي هذا إشارة هامة جدًا وخطيرة، إذ في الوحدة السلامة، وفى الاختلاف والشقاق الفساد والدمار، وهذا هو سبب الذل والهوان الذي نحياه الآن والذي عمد عليه أعداء الإسلام في اتفاقية سايكس بيكو وما تلاها من تدمير للشعوب الإسلامية وتعين حكام لا يفكرون البتة في الخلافة الإسلامية، أو الاتحاد الإسلامي، وإنما مثل علاء الدين هذا ومثل بايزيد حاكم قستموني لا يفكرون سوى في أنفسهم والمجد الشخصي وفقط.
وهذا هو حب الإمارة والرئاسة المرتبط بحب الظهور نتيجة ما يصبه المنصب والكرسي في النفوس الضعيفة من تعلق به، وتمسك به حتى آخر نفس ولو على حساب الدين، فهو فتنة، وهي التي حذر منها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله:” إنكم ستحرصون على الإمارة، وستكون ندامة يوم القيامة، فنعم المرضعة وبئس الفاطمة”، فقوله: «نعم المرضعة» فذلك الذي يعني أولها، لأن معها المال والجاه والسلطة، وقوله: «بئس الفاطمة» أي  آخرها، لأن معها القتل والعزل في الدنيا والحسرة والتبعات يوم القيامة، وقد بيَّن النبي صل الله عليه وسلم عواقب الرئاسة ومراحلها الثلاث.
اقتباس :
في قوله صلي الله عليه وسلم: إن شئتم أنبأتكم عن الإمارة وما هي: أولها ملامة، وثانيها ندامة، وثالثها عذاب يوم القيامة إلا من عدل.

فالواجب عند وجود قوة مثل قوة العثمانيين في زمانهم هو الانضمام معهم وتوحيد الصف ضد أعداء الإسلام، وخصوصًا والخطر المغولي لم يكن قد زال بل باقي ويهدد البلدان الإسلامية، وكذلك تَرَبُص الأعداء من قِبل النصارى دائما وأفاعيل القسطنطينية وفرسان القديس يوحنا والدعوات لحروب صليبية ما زالت مستمرة وفعالة وتؤتى بعض الثمار من حين لأخر، فكيف يفكر أمثال هؤلاء في المطامع الشخصية؟ بل وكيف يفكر حكام اليوم في أنفسهم بعيدًا عن الوحدة والتوحد في سبيل نصرة دين الله؟، وكيف يغفلون عما يحدث لمسلمي تركستان وماينمار والشيشان وسرويا وكشمير والصومال ومالي والعراق وغيرهم؟
فإذا كان في قلوب هؤلاء مثقال ذرة من حب لدين الله تعالى، أو انتماء للإسلام وليس للقوميات والعصبيات الجاهلية، فعليهم أن يتركوا كل النظم الفاسدة والأفكار الهدامة وراء ظهورهم والالتجاء إلى التوحد يدًا واحدة وعلى قلب رجل واحد ومنهج واحد وهو منهج الإسلام.
ويزول العجب مما فعله حاكم قستموني وقبله علاء الدين عندما ننظر لحالنا الآن، فمثلهم كمثل حكام كثر اليوم يفضلون التعاون مع العدو الصهيوني على نصرة إخوانهم في الدين والعقيدة من أبناء فلسطين، يفضلون التحالف مع الأمريكان، على الوقوف في صف تحالف لنصرة العراق، يفضلون الوقوف مع فرنسا، على نصرة إخوانهم في مالي وإفريقيا الوسطي، يفضلون السكوت عما تفعله روسيا من نصرة الشيعي بشار، على الوقوف في صف المجاهدين في سوريا، يفضلون نصرة حفتر لشق صف ليبيا على دعم المسلمين والطريق الإسلامي فيها، وكذلك آثروا الصمت على مذابح عدة حدثت للمسلمين في البوسنة والهرسك، وتركستان وبورما وغيرها، بل أن كثيرًا من حكام اليوم ارتموا في أحضان أمريكا واليهود وبطريقة علنية، دون أدنى نوع من الخجل ويروجون ويسوقون أن هذه هي السياسة ومهاراتها، فلا نعجب من هذا بل نرميهم جميعا في مزبلة التاريخ.
[rtl]

القسطنطينية وعزة المسلمين

[/rtl]
شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون %D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B3%D8%B7%D9%86%D8%B7%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A9
كان بايزيد، دائم التدخل في النزاعات العائلية بين أفراد أسرة باليولوغوس بالقسطنطينية، حتى يكون له موضع قدم في الأمر لحين تأتى الفرصة لفتح المدينة التي أُشير اليها بحديث رسول الله، وعلى ذلك سار بايزيد الصاعقة يساعد يوحنا السابع على أن يمسك مقاليد الحكم من يوحنا الخامس الذي لم يستطع أن يسكت ويرضي بالأمر الواقع ولكن ساعده ابنه مانويل في استعادة مقاليد الحكم من جديد، وذلك بعد حشد أسطول سَمح له بإنقاذ والده وتوليه العرش وذلك في عام 1390م فالتجأ الإمبراطور يوحنا السابع إلى بايزيد الأول الذي أقطعه أرض سلمبرية واتخذه وسيلة للضغط على الإمبراطور يوحنا الخامس، الذي وجد نفسه رهينة بقدر ما  كان تابعًا، واضطر تحت ضغط طلب بايزيد الأول إلى إرسال قوة عسكرية مؤلفة من مائة جندي بقيادة ابنه مانويل اشتركت مع الجيش العثماني في فتح مدينة آلاشهر -فيلاديلفيا- اخر معاقل البيزنطيين في آسيا وذلك في عام 1391م حتى يكون ضمانا بعد ذلك من أي أحداث مفاجئة قد تعيقه، وكذلك إعلانا للجميع أن إمبراطور القسطنطينية يقف في صف بايزيد فيشق الصف الصليبي ضده ويسهل فتح المدينة وقد كان بالفعل كما خطط بفضل الله تعالى.
كان الإمبراطور يوحنا الخامس حذر من بايزيد لعلمه أنه يريد أن يعين يوحنا السابع بدلًا منه، بالإضافة إلى تخوفه من محاولات بايزيد لفتح القسطنطينية؛ الأمر الذي جعله يقوم بترميم وتقوية أسوار القلعة وتشيد بعض القلاع الجديدة مستغلًا فرصة غياب بايزيد بأسيا الصغرى، فأرسل له بايزيد تهديدًا ووعيدًا صريح اللهجة أمرًا: “بهدم ما بنى من قلاع وإلا سيكون وابل غضب أوله تعذيب ابنه مانويل الذي لديه، وهذا مما يدل على حنكة بايزيد منذ البداية في أنه أجبره على إرساله معه في الحرب لضمان أي أحداث قد تحدث مثل هذه، وعلى إثر هذا استجاب الإمبراطور يوحنا الخامس غصبًا وكرهًا عنه لعزة المسلمين والعثمانيين الأتراك ونفذ ما طلبه منه بايزيد حرفيًا.
ثم في 1391م يموت الإمبراطور البيزنطي يوحنا الخامس، وقيل إن الإمبراطور يوحنا قد انزوى في قصرة ومات قهرًا لاعتباره ما حدث من بايزيد إهانة كبري، حيث كما لو أنه يذل ابنه مانويل ويفرض شروطه عليه بهدم ما بناه من تجديدات وغير ذلك من الأمور فقيل إنه مات كمدا على آثر هذا، وللعلم إن بايزيد كان متعسفًا معهم نظرا لأنهم كانوا يبثون الدسائس والمكر والفتن داخل الأراضي الإسلامية، ناهيك عن القتل والتدمير وإيواء من يلتجأ إليهم من الفارين من العدالة، ومرتكبي الجرائم، ومنفذي الانقلابات وغير ذلك من المجرمين، بغية تدمير الدولة الإسلامية، فلا يظن ظان أن بايزيد كان في تعسفه هذا ظالما لهؤلاء، بل إن هؤلاء أذاقوا المسلمين ويلات وويلات، والدولة العثمانية ذاقت منهم الأمرَّيْن.
أما ابنه مانويل فيعلم بموت والده وهو في قصر بايزيد، حيث كان يعيش في البلاط العثماني في بورسه تحت عين بايزيد، إذ لم يجد سبيل إلا محاولة الفرار، وبالفعل استغل غفلة من الحراس وفر هاربًا، دون علم بايزيد وعاد مرة أخري إلى القسطنطينية، الأمر الذي قلب الأحداث تجاه القسطنطينية من جديد، بل وتوج إمبراطورًا خلفًا لوالده.
ولكن يثور التساؤل هل كان هروب مانويل هروبًا حقيقيًا أم بتخطيط من السلطان بايزيد؟ وما الذي ترتب على هذا الهروب من أحداث؟ فهذا ما سنعرفه في الجزء الثاني من هذا المقال… فتابعونا.


المصادر
[list=row]
[*]- يلماز-ج1 ص 103
[*]محمد سهيل طقوس، تاريخ العثمانيين
[*]على الصلابي، الدولة العثمانية عوامل النهوض والسقوط
[*]الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية
[*]كفادار ص 71 طرق محمد سهل طقوس، تاريخ العثمانيين ص 56
[*]عبد المنعم الهاشمي، الخلافة العثمانية
[*]زبيدة عطا، الاتراك في العصور الوسطي
[*]إبراهيم بك حليم، تاريخ الدولة العثمانية العلية
[*]روبير مانتران تاريخ الدولة العثمانية
[/list]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70310
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون Empty
مُساهمةموضوع: رد: شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون   شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون Emptyالخميس 21 مارس 2019, 1:40 pm

بايزيد صاعقة الإسلام – الجزء الثاني:


[rtl]توقفنا في المقال السابق عند هروب مانويل بن يوحنا الخامس من قصر السلطان بايزيد، وذلك بعد علمه بموت الإمبراطور كمدًا. وقد نجح بالفعل في الفرار وعاد مرة أخرى إلى مدينة القسطنطينية، بل وتوج إمبراطورًا خلفًا لوالده.
الأمر الذي اعتبره السلطان العثماني بايزيد إهانة له، وتحديًا لمشاريعه المستقبلية داخل بيزنطة. والحقيقة أنه كان يتحين الفرصة التي استغلها؛ فجهز جيشًا عبر به إلى أوروبا وحاصرها، ولما علم مانويل بذلك -وكان قد تُوِّج إمبراطورًا- أدرك أنه لا قِبَل له بمقاومة الجيش العثماني؛ فجنح للسلم، وكانت اتفاقية بشروط لصالح العثمانيين ومسلمي المدينة[1].

تعقيب

أود أن أعقب على واقعة هروب مانويل، فأرى أنها كانت مخططًا من مخططات بايزيد؛ إذ كيف وصل إليه الخبر منذ البداية وهو داخل القصر محاطًا من كل جانب؟ كما كيف له أن يهرب من بايزيد وهو في قصر من قصوره وتحت الحراسة المشددة؟ أي أن ذلك الهروب يعد مستحيلًا!
فمانويل يعد الورقة الرابحة التي يلعب بها وفاز بها في موقف سابق. بل ومسألة الأبناء هذه كانت تُستغل في ذلك الوقت كما سنرى فيما بعد. فهروبه، وهو يضع عينه عليه كالصقر، يعتبر من وجهة نظري أمرًا مستحيلًا.
حتى وإن استطاع الهروب، فلن يستطيع الخروج والعبور خارج الدولة العثمانية، وإن عبر فوصوله القسطنطينية بتلك السهولة وهذا اليسر دون مواجهة صعوبات يعد أمرًا كبيرًا ومحل نظر، إلا إذا كان ذلك تحت عين وبصر السلطان بايزيد، ومخططًا له، حتى تكون فرصة لدخول المدينة من جديد.
وبالفعل، استغل بايزيد هذا التصرف كما لو كان يعلم به مسبقًا وينتظر وصول مانويل المدينة، فبدء مراسم التتويج فور وصوله القسطنطينية أمر يعتبره بايزيد إهانة له، وخروجًا بدون إذن مباشر منه من قصره؛ ما يستدعي التحرك والتدخل من قبله مباشرة، فيخرج جيشًا وكأنه على علم بذلك، وعلى أهبة الاستعداد.
وبالفعل، تحرك بايزيد بجيشه دون هوادة أملًا في أن يكون هو الذي بشر به الحبيب المصطفى في الحديث الشهير:” لتُفْتَحَنَّ القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش”.

الصلح

ولكن الأمر انتهى بالصلح، وكانت شروط الصلح التي وافق عليها مانويل الإمبراطور أملًا في تجنب الحرب، وكذلك وافق بايزيد نظرًا لبزوغ أمر البلقان، ما يعني أن الحرب بدأت تتضح جليًا، وكان مصيبًا رحمه الله في نظرته للأمور، إذ كانت الحرب فعلًا، وكان الصلح هو الأمثل في مثل هذه الظروف، والذي كانت شروطه كالتالي:
[/rtl]

  • زيادة الضريبة التي يدفعها للعثمانيين (الجزية).
  • تأسيس حي خاص بالمسلمين في القسطنطينية.
  • إنشاء مسجد ومحكمة شرعية.
  • تمركز قوة عسكرية عثمانية، مؤلفة من ستة آلاف جندي، على طول الشاطئ الشمالي للقرن الذهبي (وهذا القرن الذهبي سيكون نقطة محورية جوهرية في فتح المدينة بعد ذلك في عهد الفاتح رحمه الله)، وهذا ما يشبه الآن القواعد العسكرية الأمريكية في بلاد المسلمين.
  • تقديم فرقة عسكرية بيزنطية تقاتل إلى جانب العثمانيين[2].

[rtl]

بلاد البلغار والتحالف النصراني على بايزيد

بعد هذه الأحداث وصلح القسطنطينية، وما سبقها من أحداث على رأسها موقعة كوسوفو (معركة قوصوة (نسبة إلى قوصوة، كوسوفو حاليا) هي معركة وقعت في 15 يونيو 1389 / 20 جمادي الآخر 791 هـ بين جيش العثمانيين وجيوش الصليبيين المكونة من الجيش الصربي والألباني بقيادة ملك الصرب أوروك الخامس. حدثت المعركة في مكان يسمى قوصوة -كوسوفو حاليا-.) التي علا فيها نجم العثمانيين عاليًا خفاقًا.
ما أثار الرعب في أوروبا كاملة، وعلى رأسها البلقان، حيث معظم الأراضي البيزنطية والصرب والبلغار والألبان، وبعد أن نجح بايزيد بتحييد الصرب من الصراع بعد موقعة كوسوفو، وتعيين أصطفين عليها، والزواج الذي حدث من بنت لازار أخت أصطفين.
ما جعل أمر الصرب أقرب للحياد، وتمكن بايزيد من هزيمة الأفلاق والألبان، لم يتبقَ سوى الجبهة البلغارية أمامه، والتي مثلت مركز المقاومة للتقدم العثماني في شرقي أوروبا، وقلعة الدفاع النصراني ضد المسلمين.
اعتقد البلغار أنهم أضحوا ورثة الإمبراطورية البيزنطية في البلقان، ونتيجة لهذا كان الصدام المروع آتيًا لا محالة بينهم وبين بايزيد[3] الذي آثر الصلح أمام أسوار القسطنطينية لهذه الأحداث.
وتمكن “ميرسيا” أمير الأفلاق، وهو المشمول بحماية المجر (ذلك لان المجر ترى في بلغاريا الحد الفاصل بينهم وبين العثمانيين فلذلك كانت تقف بجوارهم بشدة وقوة وتدعمهم الى أقاصي الحدود، لان بايزيد إذا عبر هذه النقطة لن يكون امامه سوى الحرب مع المجر، وهي الحرب التي ستكون حتمية لا محالة).
من احتلال “دوبروجا” (ويقال دوبروجة  أو دبروجة وهو إقليم تاريخي يقع اليوم جنوب شرق رومانيا (أهم مدن هذا الشطر قنسطنطة)، وشمال شرق بلغاريا (أهم مدن هذا الشطر تولبوخين)) و”سيلستر” على ضفة نهر الدانوب اليميني.
وسعى المجريون لتوطيد أقدامهم في فيدين، والاستيلاء على نيقوبوليس الواقعة على نهر الدانوب عام 1392 م [4]، وهو ما دفع بايزيد للتحرك السريع الخاطف كما تعود في أسلوبه الحربي والتكتيكي والعسكري.
ففك الحصار على القسطنطينية كما ذكرنا آنفًا، وتوجه سريعًا إلى مواجهة البلغار؛ فهاجم العاصمة “تيرنوفو” مباشرة، وفتحها في ذات العام 1392م، وأخضع بلغاريا للسيادة العثمانية وطرد ميرسيا من الأراضي التي استولى عليها سابقًا.
فانسحب ملك بلغاريا سيسمان إلى “نيقوبوليس (ويقال نيقوبوليس)” الواقعة تحت يد المجر وتحصن بها، فتابع بايزيد الزحف، واستطاع دخول نيقوبوليس، وقبض على سيسمان وأعدمه من فوره. أما ابنه فقد استسلم أمام بايزيد، فعينه على سامسون عام 1394 م [5].

موقعة نيقوبوليس (نيكوبلى)

[/rtl]
شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون Jj
[rtl]
كان خضوع بلغاريا تحت السيادة العثمانية الخبر الصاعقة من الصاعقة بايزيد، السلطان الكريم الذي يقاتل ابتغاء مرضات الله؛ لذلك تجد التوفيق والتسديد من رب العزة عز وجل أن يوفقه في وضع الخطط سريعًا وتنفيذها سريعًا، ويُوفق فيها بفضل ومنّة من رب العزة سبحانه، توفيقًا أعاد العزة للمسلمين بعد أن كنّا أذلةً.
فأعاد الموقف والدفة لصالح المسلمين، خصوصًا بعد أن علا نجم المغول، وتحالف الصليبون معهم على حساب المسلمين، والذي ظهر جليًا في سقوط الخلافة العباسية وقتل الخليفة العباسي رفسًا، وباقي الأمور الشنيعة التي فعلوها وارتكبوها، والإبادات التي أحدثوها.
فكانت هذه الأحداث وغيرها وسابقها بمثابة بارقة الأمل التي تُبَّث في النفوس وتُحيها بعد مماتها، وكذلك شعاع القتل في القلوب والرعب في العقول والقلوب في آن واحد لدى أعداء الإسلام، بحيث أصبح كل عدو يحسب الأمور ويقلبها ألف مرة قبل أن يعتدي على الممتلكات الإسلامية، التي كانت مشاعًا للجميع قبل ذلك الوقت.
لمّا علم سيجسموند (ويسمى سيجسيمون) ملك المجر الخبر الذي حل بالبلاد، خشي على ملكه إذ صار متاخمًا في عدة مواضع للدولة العلية؛ فاستنجد بأوروبا على الفور، ودعا البابا بونيفس التاسع لتكتل أوروبي صليبيي مسيحي ضد العثمانيين[6]، وأعلن الحرب الدينية بين أقوام أوروبا الغربية.
فأجابت الدعوة دول بورغونيا (ولاية مستقلة في شرق فرنسا لما مات اهم امرائها شارل الجسور ولم يترك له وريث انضمت كغيرها من الولايات تحت السيادة الفرنسية)، وأرسل ابنه الكونت دي نيفر (مركز ولاية نيفر وتقع على جانب نهر لوار وتعتبر في الجنوب الشرقي لفرنسا)، ومعه ستة ألاف محارب أغلبهم من أشراف فرنسا، وفيهم كثير من أقارب ملك فرنسا نفسه.
وانضم إليه حين مسيره إلى بلاد المجر أمراء بافاريا (مملكة مستقلة بألمانيا)، واستيريا (النمسا)، وشوالية القديس يوحنا الأورشيليمي (يقال ان هؤلاء هم فرسان الهيكل ان على الاقل لهم علاقة بهم، وهم أقذر من انجبت البشرية وقاموا بقتل بشع في المسلمين)، وكثير من الألمان.
ثم اجتاز هذا الجيش نهر الدانوب، وعسكر حول مدينة نيقوبوليس أو نيكوبلى لمحاصراتها، فسار إليهم السلطان بايزيد ومعه مائتا ألف مقاتل[7]، وتذكر الوثائق أنهم كانوا مائة ألف فقط[8]، وهذا هو الأرجح.
وكان معهم كثير من أهالي الصرب تحت قيادة أميرهم أسطفن ابن لازار، وغيرهم من الأمم المسيحية الخاضعة لسلطان العثمانيين. وتقاتل الطرفان قتالًا عنيفًا في 27 من سبتمبر عام 1396 م[9].
بلغ العدد الإجمالي لهذه الحملة الصليبية التي أعلنها سيجسمون والبابا مائة وعشرين ألف جندي صليبي، جاؤا ملبين دعوة البابا ضد المسلمين. وقد أسهمت الدول المشتركة بالعدة والعتاد والرجال من جنسيات مختلفة.
فكانت الدول التي لبت الدعوة هي: ألمانيا، وفرنسا، وإنجلترا، واسكتلندا، وسويسرا، ولكسمبورج، والأراضي المنخفضة الجنوبية، وبعض الإمارات الإيطالية، على رأسها البندقية التي قدمت دعمًا كبيرًا في هذه الحرب[10]، ناهيك عن فرسان القديس يوحنا.
ومع بدء الحرب وظهور القوة الصليبية التي بدأت تهاجم بشراسة وقوة، حيث انحدروا من ناحية نهر الدانوب حتى وصلوا نيقوبوليس شمالًا، ظهرت صاعقة من السماء على رؤوسهم تسمى بايزيد بجيشه القوي المجاهد في سبيل الله.
فقلب الموازين رأسًا على عقب، بتكتيك عسكري رائع ومنظم على خلاف قوة النصارى المختلفة غير المرتبة؛ فانهزم معظم النصارى، ولاذ البعض الآخر بالفرار، وأُسِر عدد كبير منهم، على رأسهم الكونت دي نيفر من فرنسا، وكان النصر المبين المزين بتكبير وتهليل وفضل من الله العزيز الحكيم لصالح العثمانيين.[11]

عزة المسلمين

ومن المواقف التي تنم على العزة والقوة التي كنا عليها في زمن العزة الإسلامية، لا زمن الخنوع والخضوع الذي نحياه اليوم ولا حول ولا قوة إلا بالله، ما حدث عند التفاوض على فك أسر الكونت دي نيفر، حيث قبل السلطان بايزيد إطلاق سراحه وقد أُلزِم بالقسم على ألا يعود لمحاربته مرة أخرى.
(يجوز ترك الأسرى على شرط أخذ وعد منهم ألا يقاتلوا أبدًا، وقد فعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذلك في الأعرابي الذي جاءه وهو نائم ومعلق سيفه على الشجرة من حديث جابر بن عبد الله، وقال من يمنع منك مني؟ فقال الله… إلى آخر الحديث الذي تركه النبي -صل الله عليه وسلم- بوعد ألا يقاتله بعد ذلك.).
فكان الرد الصاعقة من بايزيد الصاعقة، ذلك الرد العظيم الذي يُتوج في التاريخ الإسلامي بحروف من ذهب لما فيه من كرامة وإباء نحتاجه الآن، وكم نحتاج أن نذكِّر به بعضنا بعضًا؛ لأن ما نراه من حال يقتل النفوس يومًا بعد يوم، فالأولى أن نذكِّر أنفسنا بهذا لعله يحيي ما مات في نفوسنا، فيخرج المجدد الذي يحمل لواء الجهاد في سبيل الله، ويجمع شمل المسلمين من جديد بعدما تفرق ويتفرق ويتشرذم كل يوم.
كان رد بايزيد عليه أن قال:
[/rtl]
اقتباس :
إني أجيز لك ألا تحفظ هذا اليمين، فأنت في حل من الرجوع لمحاربتي؛ إذ لا شيء أحب إلي من محاربة جميع مستحبي أوروبا والانتصار عليهم[12].
[rtl]

ماذا بعد النصر إلا سياسة الحكم؟

بعد أن تم النصر بفضل الله للمسلمين، وفر سيجسمون ملك المجر الذي كان قد بلغ من الغرور ما بلغ من الاعتداد بقوته وجنوده وجيشه حتى قال:
[/rtl]
اقتباس :
لو نقضت السماء عليائها لأمسكناها بحرابنا
[rtl]
فقد ولى هاربًا ومعه رئيس فرسان رودس، ولما بلغا في فرارهما شاطئ البحر الأسود وجدا هناك أسطولًا نصرانيًا؛ فوثبا على أحد السفن وفرت بهما مسرعة لا تلو على شيء.
فكل هذا بفضل الله ومنّه وكرمه أن رفع شأن العثمانيين إلى عنانِ السماءِ، وأصبح اسم بايزيد يردد في أنحاء الدنيا كاملة، ودب الرعب في نفوس النصارى بشتى بقاع الأرض، وتبخرت مكانة المجر في عيون المجتمع الأوروبي، وانتهى ما كان يحيط بها من هيبة ورهبة[13]، وحلت محلها هيبة المسلمين.
ومما يظهر سياسة الحكم الخاصة ببايزيد، ما فعله بعد هذا النصر المبين في موقعة نيقوبوليس. إذ بعث رسائل لكبار حكام الشرق الإسلامي يبشرهم بالانتصار على النصارى، واصطحبت رسله إلى بلاطات ملوك المسلمين مجموعةً منتقاة من الأسرى المسيحين باعتبارهم هدايا من المنتصر ودليلًا ماديًا على انتصاره[14].
وهذا مما يدل على رغبته رحمه الله في بث روح الأمل من جديد في نفوس المسلمين، الأمر الذي ترتب عليه اعتراف الأقطار الإسلامية في المشرق بضرورة الوجود العثماني على المسرح السياسي.
فكان لانتصار موقعة نيقوبوليس على السلطان المملوكي في مصر والخليفة العباسي الذي يقوم عنده منذ سقوط بغداد على أيدي المغول عام 1258م بالغ الأثر؛ ما حدا بالخليفة العباسي منح بايزيد لقب السلطان[15].

تيمور لينك

[/rtl]
شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون %D8%AA%D9%8A%D9%85%D9%88%D8%B1-%D9%84%D9%8A%D9%86%D9%83-11-e1540986307461
[rtl]
بعد هذه الأحداث والانتصارات، التفت بايزيد مجددًا إلى القسطنطينية، ويبدو أن مانويل بدأ في عدم تنفيذ التزاماته التي اتفق عليها من قبل، فتوجه بايزيد من جديد إلى حصار القسطنطينية، وبدأت الأحداث تتابع، حيث يستميت مانويل في الدفاع عن المدينة الحصينة، وطلب المدد من أوروبا.
فتلقى مساعدة من شارل الرابع ملك فرنسا، الذي أرسل قوة من الغرب الأوروبي من ألف ومائتي جندي بقيادة يوحنا لومينجر، أحد القادة الذين شاركوا في موقعة نيقوبوليس، ما يعني أن لديه من الخبرة الكثير في قتال العثمانيين وطريقة حرب الأتراك. وتوغلت هذه القوة في عمق الأراضي العثمانية حتى ينسحب بايزيد، إلا أن هذا لم يُجدِ نفعًا، ولم يفك الحصار عن المدينة.
إلى أن حدث حدث هام في التاريخ، ترتب عليه قلب الأحداث من جديد رأسًا على عقب، إذ ظهرت شخصية على ساحة الأحداث، هي من المغول، إنها شخصية تيمور لينك، الذي بدأ في اجتياح المنطقة؛ ما حدا بايزيد لفك الحصار، وسار بجيوشه لملاقاة هذا الطاغية الجديد من المغول، واكتفى قبل رحيله بإبرام معاهدة جديدة مع مانويل اتفق فيها على الآتي:
[/rtl]

  • يدفع الإمبراطور عشرة آلاف قطعة ذهبية لبايزيد الأول، الذي حصل على سلمبرية وجميع الأراضي الواقعة خارج الأسوار.
  • تحديد أماكن سكن المسلمين في القسطنطينية وبناء مسجد لهم.
  • ضرب النقود باسم السلطان العثماني[16].

[rtl]
والواقع كان يقول أن فتح المدينة كان قريبًا جدًا، حتى أن ملك فرنسا فقد الأمل في تقديم المساعدة نهائيًا لعلمه بعدم الجدوى، وجلس منتظرًا خبر سقوط المدينة في أي لحظة، إلا أن دخول تيمور لينك على مسرح الأحداث جعل الدفة تنقلب رأسًا على عقب، وعلى هذا سنعرف بقية الأحداث تباعًا، ومن هي شخصية تيمور لينك؟ مع عرضها في مبحث مستقل بها، ولكن في المقال القادم بإذن الله، فتابعونا!

[/rtl]
المصادر
[list=row]
[*]المرجع السابق ص 59
[*]المرجع السابق ص 59
[*]محمد سهل طقوش، تاريخ العثمانيين ص 60
[*]محمد سهل طقوش، تاريخ العثمانيين، ص 60
[*]راجع محمد فريد بك المحامي تاريخ الدولة العليا العثمانية ص 140 – راجع محمد سهل طقوش تاريخ العثمانيين ص 60
[*]على الصلابي، الدولة العثمانية عوامل النهوض والسقوط ص 81
[*]محمد سهل طقوش تاريخ العثمانيين، ص 60-راجع أيضا احداث هذه الموقعة روبير مانتران تاريخ الدولة العثمانية ص67 وما بعدها.
[*]على محمد الصلابي، الدولة العثمانية عوامل النهوض والسقوط ص 81
[*]محمد سهل طقوش، تاريخ العثمانيين، ص 140: 144
[*]على الصلابي، الدولة العثمانية عوامل النهوض والسقوط ص 81
[*]المرجع السابق
[*]محمد فريد بك المحامي، الدولة العليا العثمانية ص 144
[*]سالم الرشيدي، محمد الفاتح ص سالم الرشيدي، محمد الفاتح ص 33
[*]على الصلابي، الدولة العثمانية عوامل النهوض والسقوط 82
[*]راجع محمد سهل طقوش، تاريخ العثمانيين ص 63 -على الصلابي الدولة العثمانية عوامل النهوض والسقوط ص 82

[*]راجع شروط الصلح، محمد سهل طقوش، تاريخ العثمانيين ص 64
[/list]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70310
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون Empty
مُساهمةموضوع: رد: شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون   شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون Emptyالخميس 21 مارس 2019, 1:42 pm

شخصيات حق علينا معرفتها… أرطغرل كما لم تعرفه من قبل


اقتباس :
يقال إن الفرصة قد تأتى للإنسان مرة واحدة، فإذا استغلها فقد ظفرَ وفازَ، وإن ضاعت منه فلن تتكرر، وقد اكون متفقاً بعضَ الشيء مع هذا القول.

ففي الجزء الأول منه، نراهُ قد يكون صحيحاً، حيث الفرصة قد تأتى في شكلها الذي جاءت به مرة واحدة، بحيث إن تجددت مرة أخرى، قد تكون الظروف غير مواكبة كما كانت في عهدها الأول، أما الجزء الثاني فنتفق معه ولكن مع ضرورة أن يكون استغلالها بما يرضى الله تعالى وفي إطار شرعه القويم، فلا تترك الكلمة هكذا مطلقة؛ لما قد تحمله من عوار في الفهم، وحديثنا عن شيء من هذا القبيل.
[rtl]

أرطغرل بن سليمان شاه

[/rtl]
فحديثنا عن شخصية عظيمة من شخصيات بنى عثمان الكبار الكرام، حديثنا عن رجل كان مقداماً شجاعاً، قد أقول إنه من نوادر الرجال، فحديثنا عن أحد المؤسسين الأساسين في تأسيس مُلك العثمانيين، فحقاً إن المؤسس الأول لها هو السلطان عثمان، والذي نسبت إليه الدولة، ولكن هذا التأسيس لم يأت هباءً أو عبثاً بل سبقه ترتيبات كثيرة وأحداث أكثر، من بينها الأحداث التي دارت مع شخصيتنا اليوم وهو أرطغرل بن سليمان[1].
فالعثمانيون ينتسبون إلى قبيلة تركمانية كانت عند بداية القرن السابع الهجري الموافق الثالث عشر الميلادي وتعيش في كردستان[2]، وتزاول حرفةَ الرعي، ونتيجة للغزو المغولي في ذلك الوقت بقيادة جنكيز خان على العراق ومناطق شمال أسيا الصغرى فإن سليمان[3] -جد عثمان- ووالد ارطغرل هاجر في عام 617 هـ – 1220م مع قبيلته من كردستان إلى بلاد الأناضول، فاستقر في مدينة أخلاط [4] ثم وآفاته المنية في عام617هـ-  1230م ، وخلفه من بعده ابنه الأوسط ارطغرل[5]، ويقال أيضا  “طغرل” [6] وهو الابن الأوسط لسليمان حيث واصل التحرك نحو الشمال الغربي من الأناضول، وكان معه حوالى مائة أسرة وأكثر من أربعمائة فارس[7].
ونريد سوياً أن نتخيلَ الصورةَ التي عليها قبيلة ارطغرل الآن، حيث انهم مهددون بالخطرِ من كل جانب، وفي كل وقت من هجمات التتار، ناهيك عن قطاع الطرق الذين يترصدون لأخذ أي غنيمة لهم، أي أن الوضع خطر عسكريا بشكلٍ كبيرٍ جداً، إضافة إلى أن المؤن المتواجدة قد تنفذ في أي وقت، وبالتالي لابد من تحركات فورية للبحث عن طعام، وهذا أيضا يحمل بعض الخطورة في ذاته ولكن لابد منه، فالعشيرة بها أطفال لا تتحمل، هذا إن تحمل الكبار.
شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون %D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AA%D8%A7%D8%B1
فالوضع في هذه الصورة غير مستقر بالمرة، وهذا هو الابتلاء الشديد الذي نراه منحة من رب العزة عز وجل إلى هؤلاء الرجال وخصوصاً الأربعمائة فارس، حيث أصبح الاهتمام العسكري لديهم في غاية الأهمية وعلى أعلى المستويات؛ وبالتالي كانت التدريبات العسكرية لهؤلاء الفرسان دائمة ومستمرة، رغم قلة عددهم، فلابد من حماية لهذه العشيرة؛ فكانوا من الفرسان مجاهدين، وربما أيضا لشدة الأزمة أصبح التعلق بالله على أعلى ما يكون، ناهيك عن التربية الدينية القويمة والتي ظهرت منذ سليمان الجد الأكبر لأولاده، وفي القبيلة ككل.
خلاصة القول نرى أن كل هذه العوامل قد اجتمعت لتربى وتزكى نفوس هذه العشيرة وهؤلاء الرجال، حيث حب الجهاد في سبيل الله والتعلق به، والعمل على طاعته والرغبة في نصرة دينه، وبالتالي كانوا فرساناً على حق ما يكون المسلم، حتى إذا أتي الاختبار كانوا على قدره، فباختصار نري ان ما مرت به هذه القبيلة الصغيرة كانت مرحلة إعداد وتأهيل لما اختيرت له.
وبالفعل كان الاختبار الحقيقي، والفرصة الخطيرة، التي قد لا تتكرر، فأثناء مسير ارطغرل بالعشيرة إذا به يسمع جلبة وضوضاء، فلما دنا منها وجد قتالاً حامياً بين مسلمين[8] ونصارى[9] وكانت الغلبة في هذا الوضع للجيش البيزنطي[10].
[size][rtl]

وقفة

[/rtl][/size]
شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون %D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%B1%D9%83-%D8%A3%D8%B1%D8%B7%D8%BA%D8%B1%D9%84
ونريد أن نقف وقفة لنعرف قدر الرجل المجاهد في موقف كهذا، فالوضع كما ذكرنا من قبل صعب، فعشيرة مشتتة غير مستقرة، والحرب الدائرة أمامه بين نصارى ومسلمين والنصر يقترب بشدة في اتجاه النصارى وهذه بنظرة عسكرية خبيرة من قبل ارطغرل، فاصبح بين أمرين إما أن يعرض نفسه والفرسان للخطر الشديد بالنزول مع الجيش المسلم الذي قد ينهزم وينهزموا معه وبالتالي ترتفع مستويات الخطورة إلى أعالي المستويات على العشيرة ككل، أو الاختيار الثاني وهو الرجوع وإكمال المسير بعيدا عن أجواء المعركة، فهو لم يُرى للآن ولم يشعر به المسلمون ولا النصارى، فلن يجد كلمة توبيخ من جانب المسلمين ولا عداء من قبل النصارى، واحسب أن اختيار التراجع والانسحاب سيكون محبذاً لدى كثير من الساسة والخبراء العسكرين اليوم، لأنهم يحسبونها بحسبة دنيوية بحتة، فماذا إذن كان رد فعل ارطغرل؟
اقتباس :
فكر ارطغرل في نصرة المسلمين الذين ينهارون أمامه في حربهم مع النصارى، ولذلك اتخذ القرار الجريء السريع ابتغاء وجه الله تعالى.

فتقدم بكل حماس وبسالة وثبات لنجدة إخوانه في الدين والعقيدة،  فقلبت المعركة رأسا على عقب بنزول هؤلاء الفرسان بصيحات التكبير التي خلعت القلوب النصرانية وثبتت قلوب قومٍ مؤمنين فكان النصر حليفاً للجيش المسلم بعد أن كان قاب قوسين أو أدني من الهزيمةِ الساحقة.
وقد اظهر ارطغرل وجنوده بسالة رائعة وشجاعة نادرة واثبتوا كفاءة قتالية عالية لفتت نظر السلطان السلجوقي آنذاك، الذي أراد أن يستغل هذه المواهب العسكرية في نصرة الإسلام وحراسة الحدود من البيزنطيين[11]، فأقطعه أرضاً في الحدود الغربية بالأناضول بجوارِ الثغور في الروم وسمح لهم بالتوسع على حساب الروم، فحقق السلاجقة بذلك علاقة حميمة مع قبيلة ارطغرل، نتيجة وجود عدو مشترك لهم في العقيدة والدين،[12] بل ويدافع بحمية المؤمن المقاتل الذي لا يريد سوى رفعة هذا الدين.
[size][rtl]

فرية

[/rtl][/size]
وأود أن أقف على فرية[13] أُلقيتْ على ارطغرل، حيث يذكرها المؤرخون الغربيون وكذلك بعض الكتاب العرب، أن السلطان السلجوقي وقائد الجيش الذي قاتل معه ارطغرل لم يمنحه سوى قطعة الأرض وفقط وما أذن له بالتوسع على حساب الروم، بل أن ارطغرل هو الذي توسع من تلقاء نفسه باسم السلطان.
[size][rtl]

وإني أتساءل عن مصادر الكُتَابِ العربِ في هذا؟

[/rtl][/size]
فسوف تكون الإجابة كتب غربية وفقط، أما عن مستشرق أو حاقد أو حاسد على الإنجازات الإسلامية، والتساؤل الذي يطرح نفسه في هذا الوقت، كيف للسلطان السلجوقي آنذاك أن يترك ارطغرل يفتح المناطق الرومية باسمه ولا تنسب له وتكون تحت ملكه؟ بل كيف أصلاً يسمح له بفعل أشياء تثير عداء الروم وهو الذي قد كان سيهزم جيشه لولا فضل الله وتدخل ارطغرل؟ أليس في فتح مناطق جديدة بأرض الروم أثارة لعدائهم؟ وقد يترتب عليها حرب بينهم!
وغير ذلك من الأمور والتساؤلات التي لن تجد لها إجابة سوى أن السلاجقة سمحوا لأرطغرل بالتوسع فعلياً، لان في ذلك فوائد عدة، من بينها سد الثغور، وإقلاق الروم، وعمل حائط صد قوى يقوى من وقت لأخر، إضافة إلى نشر الإسلام عن طريقهم.
وعلى هذا بدأ التوسع في الأراضي من قبل ارطغرل الأمر الذي مهد لمن أتي بعده وهو عثمان بن ارطغرل أن يجد مراده في بذر تلك الدولة التي سوف تشق الأرض وتتوسع وتتجذر، ولكن أصل هذه البذرة والتي وجدت من يرويها ويحرسها ويرعاها كان ارطغرل بن سليمان شاه الذي أخلص لله تعالى فوفق أن يتوسع، ويترك مقاطعة كبيرة تصل إلي 4800 كم تقريباً[14]، كما وفق أبناءه من بعده للقيام بهذه المهمة الثقيلة وهي تأسيس الدرع الحامي للمسلمين ونشر دين الله في ربوع الأرض.
[size][rtl]

وفاته

[/rtl][/size]
ونتيجة لغزاوته المستمرة مع البيزنط لقب بالغازي، وتوفي رحمه الله عام 1281م وعمره 90 سنة[15]، فرحم الله المقاتل المجاهد الفذ ارطغرل بن سليمان والد عثمان وجد لسلسلة كبيرة عظيمة من الرجال الفاتحين من بينهم محمد الفاتح، فاتح القسطنطينية.
[size][rtl]

رسالة إلي الأمة

[/rtl][/size]
إن الابتلاء يأتي علي قدر الرجال وإيمانهم بالله تعالى ولأن الله رحيم بالمؤمنين فلا يكلفهم ما لا يطيقون، ولذلك كان التأهيل أولاً في المحنة التي مر بها ارطغرل ومن معه؛ حتى يكونوا على قدر الاستعداد وذوي قوة وبأس شديد ليكونوا علي قدر المهمة التي ستوكل لهم.
اقتباس :
 وعلى هذا أقول للأمة الإسلامية الآن لا تحزني يا أمتي، فنحن الآن في فترة المحنة، في فترة الابتلاء، في فترة التأهيل والتمييز والتنقية والتصفية للصفوف لنكون علي قدر المهمة حتى إذا جاء وقت الاختبار نكون أهل له، وننتصر بإذن الله تعالى.

بأذن الله تعالي تم عمل سلسلة كبيرة تحت عنوان شخصيات حق علينا معرفتها وهذه أولى حلقاتها حيث سنبدأ من العهد العثماني فالعهد العباسي ثم الأموي وصولا إلي العهد النبوي الشريف إن شاء الله تعالي. وسنقوم بنشرها تباعاً نسأل الله التوفيق وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل فهو ولي ذلك والقادر عليه.


المصادر

[list=row]
[*]Ertuğrul تكتب ارطغرل وكذلك اُرطرل وتكتب أرطغرل وكذلك أرطرل وذلك لان اللغة التركية ليس بها حرف الغين ولكنه يسمي "g " ناعمة أي يمر عليها مرور خفيف دون ان تلفظ لفظا واضحاً، وإن كان هناك بعض الاتراك يلفظون الغين بشكل بين ولكن ذلك ليس بإسطنبول.

[*]تكون من كلمتين كرد و ستان اي بلاد الكرُد مصطلح يستعمله الأكراد للإشارة إلى منطقة جغرافية كبيرة ممتدة في عدة دول، ولقد استُعمل هذا الاسم لأول مرة من قبل الآشوريين في العصور القديمة، وكرُدستان تشمل ثلاثة أجزاءٍ رئيسية، يطلق عليها كردستان تركيا وكردستان إيران وكردستان العراق، بالإضافة إلى أطراف صغيرة على الحدود الجنوبية لأرمينيا

[*]- يقال إن اسمه كوندز الب وليس سليمان شاه، وورد ان الاسمان لشخص واحد، وذلك أيضا انه قد مات غرقاً

[*]مدينة شرق تركيا الحالية

[*]على محمد الصلابي-الدولة العثمانية عوامل النهوض والسقوط ص 41

[*]محمد سهل طقوش تاريخ العثمانيين من قيام الدولة الى الانقلاب على الخلافة ص 24

[*]على محمد الصلابي-الدولة العثمانية عوامل النهوض والسقوط ص 41

[*]يقال في بعض الروايات انه لم يكن يعلم عقيدة أي الفرقتين المقاتلتين ولكنه ناصر الضعيف فيهم

[*]جند من نصارى الروم ضد جند من السلاجقة

[*]على محمد الصلابي -- الدولة العثمانية عوامل النهوض والسقوط ص 41

[*]محمد سهل طقوش تاريخ العثمانيين من قيام الدولة الى الانقلاب على الخلافة ص 25 بتصرف

[*]على محمد الصلابي -- الدولة العثمانية عوامل النهوض والسقوط ص 41

[*]لغة هو الكذب والجمع فرى، واصطلاحاً قد يطلق على القذف.

[*]YILMAZ ÖZTUNA, OSMANLI DEVLETİ TARİHİ ( SİYSİ TARİHİ), Bölüm I, sayfa 18

[*]YILMAZ ÖZTUNA, OSMANLI DEVLETİ TARİHİ ( SİYSİ TARİHİ), Bölüm I, sayfa 18

[/list]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70310
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون Empty
مُساهمةموضوع: رد: شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون   شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون Emptyالخميس 21 مارس 2019, 1:43 pm

[rtl]شخصيات حق علينا معرفتها: عثمان ابن أرطغرل ووصية الإمبراطورية[/rtl]

عندما تشتدُ المحنةُ عَلَى المسلمينَ إِلَى أَقَاصي الْدَرَجاتِ، عِندَمَا يشتدُ الظلامُ، عندما تصلُ المصاعبُ والضغوطاتُ لدرجة لا تطاق، يُخرج الله من رحمِ المحنةِ منحةَ، ففي زمانٍ كان المسلمون فيه بأشدِ الأوقاتِ والمحنِ اَلَتِي مرت عليهم عَلَى مرِ التاريخِ وإلى يومنا هذا، حيث وقت التتار الذين اجتاحوا الأخضر واليابس بقيادة جنكيز خان زعيم تلك القبائل البشعة التي ما عَرِفت رحمةً إلا بعد أن دخل الإسلام في قلوب بعضاً منها، فخلال خمس سنوات دمروا الديار الإسلامية فخربوا بلاد وقتلوا عباد لا يحصى لهم عدد، فعَلَى سبيل  المثال لا الحصر دخلوا مدينة مرو المسلمة وكان تعداد سكانها 700 ألف نسمة، فقاموا بقتل كل سكان المدينة حتى فنيت عن آخرها، فكانوا بهذه البشاعة، ثم جاء حفيده هولاكو وأتم مهمته فاستولى عَلَى بغداد عاصمة الخلافة الإسلامية العباسية، فنهبها وأحرقها وقتل معظم سكانها الذين بلغوا في ذلك الزمان قرابة الثمانمائة ألف نسمة بما فيهم الخليفة وحاشيته عام 656هـ، 1285م.
ففي خضم تلك الأحداث البائسة، وفى زحام تلك المحنة الحالكة يُخرجُ اللهُ تعالى المنحةَ، ففي العامِ الذى انهارت فيه دولةُ الخلافةِ الإسلاميةِ ودخول هولاكو بغداد، وتعاظم الفتنة عَلَى القلوب والعقول حتى زُلزلوا زلزالاً شديداً، بل ظن البعض أنها نهاية الدنيا وأن هؤلاء هو يأجوج ومأجوج الذين يأكلون الاخضر واليابس، وجلس الآخر في انتظار خروج الشمس من المغرب وقيام القيامة.
وخلال كل هذا ولد طفل كان البذرة الأولى والنواة للدولة التي استطاعت في أقل من قرنين من الزمان أن تمد جناحيها شرقاً وغرباً وجنوباً وتدقُ أبوابَ فيينا باسطةَ لواء الإسلام عَلَى معظمِ ما يُعرفُ اليوم بدولِ أوروبا الشرقية واليونان وجزر الأبيض المتوسط وأجزاء من إيطاليا والنمسا كما استطاعت أن تُخضع لسيطرتها الأرض الممتدة من شمال القفقاس شمالاً حتى الصحراء الإفريقية جنوباً وحدود المغرب الأقصى غرباً كما أنها مدت جناحَهَا الشرقي حَتَى بلادِ فارس وجبالِ كردستان شاغلة مساحة من الأرضِ قدرت بأكثرِ من 10 ملايين ميل مربع فكانت أقوى دول في العالم آنذاك، وكل ذلك كان بميلاد عثمان بن أرطغرل مؤسس الدولة العثمانية المجيدة التي لها فضل كبير عَلَى المسلمين في ربوع العالم والى يومنا هذا.
[rtl]

توليه الحكم

[/rtl]
شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون %D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%AF%D9%82%D9%8A%D8%A9
 
بعد أن توفى أرطغرل تولى مكانة أكبر أولاده وهو عثمان بناء عَلَى رغبة السلطان علاء الدين والذي توفى في عهد أرطغرل إثر فراره الى القسطنطينية بعد غارة قام بها المغول عَلَى السلاجقة الروم.
بدأ يوسع إمارته فتمكن أن يضم إليه عام 688 هـ قلعة قره حصار (القلعة السوداء) أو أفيون حصار، فسر الملك علاء الدين بهذا كثيراً، فمنحه لقب بيك، والأراضي التي يضمها إليه كافة، وسمح له بضرب العملة، وأن يذكر اسمه في خطبة الجمعة.
كل ذلك جعل لعثمان مكانة كبيرة في نفوس بقية الأتراك والقبائل المجاورة والتركمان، الأمر الذي سيفيد عثمان بعد ذلك وسيجعل دخول هؤلاء تحت لوائه أمر يسير، بالإضافة إلى ما عرف عن عثمان أنه ذو قلب طيب، شب على البسالة والإقدام، والكرم، والحكمة والحلم وحسن القيادة.
[size][rtl]

عثمان يعلن استقلاله

[/rtl][/size]
بعد أن أغار المغول سنة 1300م على دولة الروم السلاجقة في آسيا الصغرى، وحدث ما كان متوقعا إذ زالت دولة الأتراك السلاجقة وتوفي علاء الدين كيقباذ الثالث سنة 1307م، فقام الأمراء -وعددهم ثلاثة عشر أميرا-بإعلان استقلالهم ومن بينهم عثمان الذي كان يحظى بالشهرة الكبرى والذي أسس دولة كبرى بعد ذلك وسميت باسمه -رحمه الله-.
[size][rtl]

فتوحاته

[/rtl][/size]
شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون %D9%81%D8%AA%D9%88%D8%AD%D8%A7%D8%AA
 
بعد أن استتب لعثمان الأمر على المستوى الداخلي ومن ناحية الشمال، حيث وصل إلى البحر الأسود وبحر مرمرة وهزم جُيوش الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة واطمأنَّ إلى عدم قُدرتها على مُقارعته قريبًا.
فحوَّل أنظاره نحو حُدود إمارته الجنوبيَّة فهاجم البلدات والقُرى والحُصون الروميَّة المُحيطة بِمدينة «يكي شهر»، تمهيدًا لِفتح هذه المدينة.
وقام عثمان بفتح المدن المحيطة بها والاستئثار ببعض هذه المقاطعات حتى فتح مدينة “يكي شهر”، واتخذها عاصمةً له، كما أتخذ الرايةَ التي ماتزال إلى يومنا هذا العلم التركي المؤلف من الهلال والنجمة، ودعا نفسه بادشاه ال عثمان، وبذلك فقد أسس عثمانُ دولةً أو بمعنى أدق وضعَ الأسس لتلك الدولة التي انشغل برعايتها وتأسيسها عَلَى طاعة الله وجعل لها علم وعاصمة وجيش وفكر ووعى وتقوى وورع وزهد.
عمل على توسيع ملكه أزميد ثم أزنيك، ولكنه لم يتمكن من فتحها فعاد إلى عاصمته وأخذ في تحصينها وتأمينها وزيادة جيشها حتى إذا أطمأن وتجهز للقتال؛ أرسل إلى أمراء ببلاد آسيا يخيرهم بين أمور ثلاثة

  • دخول الإسلام
  • الجزية
  • الحرب


فأسلم البعض، وانضم البعض إليه، وقبل البعض دفع الجزية واستعان الباقون على السلطان عثمان الذي هيأ لمحاربتهم جيشاً جراراً تحت إمرة ابنه أورخان فسار ليهم مع عدد ليس بالقليل من أمراء الروم ومن ضمنهم كوسه ميخائيل صديق عثمان الذي أسلم، وبعد أحداث كثيرة استطاع الجيش بقيادة أورخان أن يفتح بورصة وما حولها من قلاع وحصون.
أي نستطيع القول باختصار قد كانت حياة الأمير عثمان مؤسس الدولة العثمانية، جهاداً بالحرب وسعياً بالتخطيط الإداري والتنفيذ في الإمارة فكان موكلاً إلى علماء الدين وكانوا يحيطون بالأمير ويتولون مسؤولياتهم.
[size][rtl]

وفاة ووصيته

[/rtl][/size]
وتوفي عثمان عندما كان ابنه أورخان يحاصر مدينة بورصه، ولكنه وهو عَلَى فراش الموت قد أوصى بوصية لتكون سراجاً لابنه في الحكم وكذلك لمن بعده، وقد سجلها المؤرخ العثماني عاشق جلبي والتزم بها أورخان -رحمه الله- وكل من جاء من بعده من سلاطين العثمانيين خصوصاً الأوائل منهم وهي:
اقتباس :
“يا بني إياك أن تشتغل بشيء لم يأمر به الله رب العالمين، وإذا واجهتك في الحكم معضلة فاتخذ من مشورة علماء الدين موئلًا.

يا بني أحِط من أطاعك بالإعزاز، وأنعم عَلَى الجنود، ولا يغرنك الشيطان بجندك وبمالك، وإياك أن تبتعد عن أهل الشريعة.

يا بني: إنك تعلم أن غايتنا هي إرضاء الله رب العالمين، وأن بالجهاد يعم نور ديننا كل الآفاق، فتحدث مرضاة الله.

يا بني لسنا من هؤلاء الذين يقيمون الحروب لشهوة حكم أو سيطرة أفراد، فنحن بالإسلام نحيا وللإسلام نموت، وهذا يا ولدي ما أنت له أهل”.

ونريد أن نقف وقفةً صغيرةً مع هذه الوصية الرائعة التي تعتبر نبراساً للحكم ودستوراً للدولة إن سارت عليه نجحت وارتقت وعلت وتفوقت مثلما فعل أبناءُ وأحفادُ عثمان.
فبداية إن هذا الكلام لا يخرجُ إلا من رجلٍ ذو عقل مستنير بنور الله تعالى وتقواه وإيمانه، فهو رجل تربى عَلَى أيدي العلماء وعاش معهم ومع كتاب الله، فالوصية ما هي إلا تعاليم وأحكام وضوابط مستقاة من شرع الله تعالى ومن حياة الرسول والصحابة والتابعين، يستنبطها الحاكم الصالح أمثال عثمان ابن ارطغرل، وعَلَى هذا سنأخذ هذه الوصية جزءً جزءً بالتوضيح والبيان لعلها تعود بالفائدة لمن يريد أن يحكم دولة بشرع الله أو من يريد الارتقاء والتقدم في سلم الأمم.
يا بني إياك أن تشتغل بشيء لم يأمر به الله رب العالمين، وإذا واجهتك في الحكم معضلة فأتخذ من مشورة علماء الدين موئلًا: إن طاعة الله هي الملاذ الآمن والصرح الذي لا ينهار والبناء والحصن الحصين الذي به نحيا وعليه نموت، فلذلك كانت بداية الوصية الرائعة هي إلا ينشغل الحاكم بشيء لم يأمر به الله تعالى، وبالنقيض أن يُشغل الحاكم نفسه بمرضاة الله رب العالمين، فعَلَى هذا سيلاقي رب العزة، وليكون سبباً وسبيلاً للنجاة يوم القيامة، لعله يدخل في إطار السبعة الذين يستظلون بظل عرش الرحمن يوم لا ظل إلا ظله ليكون الإمام العادل.
[size][rtl]

وقفة

[/rtl][/size]
وفى ذلك إشارة إلى المناهج التي تنتهج في نظام الحكم، فلابد أن تكون على دين الله وألا تبعد عن جادة طريقه سبحانه. فاليوم نجد النظم العلمانية والليبرالية وغيرها من نظم الحكم التي لا تمت للإسلام بصلة عَلَى رغم من قوله تعالى “إن الحكم الا لله “؛ فبحكم الله وشرع الله تنجو الأمة وتتقدم وبغير ذلك تكون الأمة الإسلامية كمثل ما هي عليه الآن من التشرذم والتحزب، والاختلاف فذهبت ريحُنا، وضعُفت قوتُنا وانقضُ علينا الأعداءُ من كل حدب وصوب، وانتشر المنافقون، والأفاكون والكاذبون والإعلاميون -حيث يسهل تجميع هؤلاء أن يكونوا ضد الدين بل ويقولونها صراحة ” لابد من ضرب فكرة الإسلام التي تطبق في المجتمع”.
فالأمة الإسلامية من أساسياتها أن لها رسالة فإنها لا تتحرك بالحماسة وفقط -عَلَى رغم من أهمية الحماسة-، لكن يجب أن يكون التحرك بعلم وفهم ووعى ودين، ثم الحماسة ولذلك إن انشغلت الدولة عما يخالف هذا الشرع وهذا المنهج شغلت بنفسها واقتتلت وانهارت والعكس بالعكس صحيح.
[size][rtl]

الشورى من أساسيات نجاح الحكم

[/rtl][/size]
ويكمل عثمان بأمر في غاية الخطورة وهو أمر الشورى فيقول لابنه أورخان وإذا واجهتك في الحكم معضلة فاتخذ من مشورة علماء الدين موئلًاً، فالشورى هي الركيزة الأساسية للحكم استناداً الى قولة تعالى” فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ “، فليس عبثاً أن يسمى اللهُ تعالى في كتابه العزيز سورةً كاملةً باسم الشورى، ألا يعطى هذا لبنى الاسلام اشارة لأهمية هذا الامر وجلاله ؟، ألا يشير إلى أن نتوقف عن استيراد أنظمة فاسدة؟.
فللأسف الشديد نستبدل اليوم أنظمتنا الإسلامية بأنظمة ما أنزل الله بها من سلطان كالديمقراطية، التي مفادها ومختصرها ما يتفق عليه الأغلبية مهما كان، مما يعني البلاء والطامة الكبرى عَلَى الأمة كاملة، ولعل هذا يستدعينا أن نتطرق إلى أمر التفرقة بين الشورى والديمقراطية حتى تتضح الصورة جلية.
وبداية لا يجب أن نأخذ الأمر ونحن بصدد الحديث عن الديمقراطية أن العلاقة بينهما علاقة تضاد، فلكل نظام استقلاله التام بأسسه ومبادئه وآلياته، فالشورى صورة من صور المشاركة في الحكم في الإسلام، أما الديمقراطية فهي نظام الأغلبية للتفويض في الحكم، ويوجد بينهما اتفاق واختلاف يستدعى أن نحاول إيجازه في نقاط صغيره للإيضاح، ولأن المقام لا يتسع لهذا كله، فسنذكر أوجه الخلاف بين الشورى والديمقراطية:
[size][rtl]

أولاً: من حيث المصدر

[/rtl][/size]
الشورى مصدرها شرع الله عز وجل المنزل على نبيه محمد صل الله عليه وسلم ولذلك، فهي منهج من لدن حكيم خبير، بينما الديمقراطية من ابتداع البشر أي أنها وضعية المصدر.
[size][rtl]

ثانياً: طبيعة الحكم تكون لمن

[/rtl][/size]
وهذا يعد أبرز الخلافات الجوهرية بين الشورى والديمقراطية والتي تعتبر وفقاً لمفهومها أن الحكم يكون للشعب وليس لأي أحد آخر ولو كان لرب العزة سبحانه.
أما في الشورى، فالحكم لله ولا يكون إلا لله، أما القول بأن أخذ الشورى يكون وفقا لإرادة أهلها، أي وفقاً للهوى، فهذا قول مردود ذلك لأن أهل الشورى إنما يسيرون في إطار أحكام الله تعالى ولا يخرجون عنها بأي حال من الأحوال، بل حتى إن حاولوا الخروج عنها فيمكن ردهم الي كتاب الله وسنة نبيه، لأن هذان هما النبراس الذي نسير عليه والفيصل بين المختلفين، عكس الديمقراطية التي مردها هو قول الأغلبية وفقط.
[size][rtl]

ثالثاً: مبنى الشورى والديمقراطية

[/rtl][/size]
شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون 1449245675484
 
فالشورى مبناها الرأي لا العدد، أي الاعتماد عَلَى أهل الخبرة والرأي في كل مجال من المجالات ولا يفرق العدد في ذلك خارج إطار أهل الشورى والرأي والتخصص والعلم، أياً كان رأى عدد العوام المخالف لرأي أهل العلم والتخصص من أهل الشورى، فالأولى رأي أهل التخصص والعلم-في إطار الشرع-؛ وفى ذلك اختلاف بينها وبين الديمقراطية التي مبناها العدد لا الرأي، فوفقا لها محور الأمر وخلاصته هو ما يتفق عليه الأغلبية مهما كان رأي أهل التخصص وعلماء الدين.
[size][rtl]

رابعاً: سيادة الشرع أم سيادة الشعب

[/rtl][/size]
فالديمقراطية تمارس في ظل مبدأ سيادة الأمة والشعب لا سيادة الشرع، وذلك عكس الشورة التي مبناها الأساس سيادة الشرع مهما اتفقت الدنيا كلها على مخالفته.
[size][rtl]

خامساً: حدود الشورى والديمقراطية

[/rtl][/size]
إن الشورى والشرع مرتبطان ارتباطاً وثيقاً لا يقبل التجزئة لذلك فهي تحدد بإطاره ولا تخرج عنه بأي حال من الأحوال، وذلك عكس الديمقراطية، التي لا يحدها حد ولا يوقفها شيء، فإن أرادت الجماعة أن تحل الزنا أحلته وإن أرادت شرب الخمر شربته وكذا في الأمور، عكس الشورى التي لا تخرج عن إطار شرع الله.
[size][rtl]

سادساً: حكم ترك العمل بهما

[/rtl][/size]
إن العمل بالشوري إنما هو أمر مرتبط بالعقيدة لارتباط الأحكام الشرعية بالعقيدة، حيث لا انفصام فيها وعَلَى هذا فالعمل بالشوري واجب وضرورة شرعية لا جدال فيها، وترك العمل به هو مما لا يجوز شرعاً وتحاسب عليه الأمة الإسلامية.
أما العمل بالديمقراطية التي هي قائمة عَلَى أساس قطع الصلة بالأحكام الشرعية من حياة الفرد والمجتمع أي أنها تقوم عَلَى مبدأ العلمنة الذي يفصل الدين عن الدولة، وأنه لا صلة للأديان بالجوانب التشريعية والتنفيذية والقضائية في الدولة، أي أنها قائمة عَلَى علاقة تضاد بين الدين والدولة، وهذا قطعاً لا يجوز العمل به بأي حال من الأحوال، فما فرضته الدول الغربية علينا منذ الاستعمار الذي حدث في بلدانا لا يجوز الاستمرار فيه ولابد من تركه حينما تسنح الفرصة، وهذا الدور غير منوط به الحكام وفقط بل والشعوب المسلمة أيضاً.
[size][rtl]

سابعاً: طبيعة النظام المطبق فيه

[/rtl][/size]
إن الديمقراطية غالباً ما كانت تمارس في أنظمة سياسية لا دينية لا سيما في الغرب لأن الاعتقاد السائد في هذه البلدان أن الحكم الديني ينتج عنه طبقة كهنوتية تتحكم في مقاليد الأمور، وبالتالي مصادرة أي مخالفة للرأي وإصدار أحكام بالزندقة لمن يرتقي بالعلم أو يعارض الكنيسة أو غير ذلك مما حدث في القرون الماضية وخصوصاً قبل الثورة الفرنسية، فهذه هي طبيعة هذه الدول وهذه هي عقيدتها وهذا هو تاريخها.
أما في دولنا الإسلامية فالأمر جله مختلف عن هذه الأحداث وهذه البنيات الأساسية في المجتمع الغربي، فالشوري ونظام الشورى لا يخلف طبقة كهنوتية البتة، بل أهل رأي وشورى في كل تخصص وعلم وفن من الفنون يبدون الرأي ويظهرونه جلياً وفقاً للمصلحة الشرعية أولاً ثم الحياتية ثانياً وإن كان لا انفصام بينهم إن سارت حياتنا وفقا لمقتضيات الشرع لا الهوى.
وعَلَى هذا فإن طبيعة البلدان الغربية إن تقبلت الأنظمة الديمقراطية، فهي لا تصل لبيئتنا ومجتمعنا، وإن كان الواقع يؤكد أن الانتخابات تزور ويتم التلاعب في هذه الدول الغربية بنتائج الانتخابات بألاعيب وسبل كثير من بينها فكرة احتساب المقاعد في البرلمان فيوضع عدة أنظمة تخدم الأكثرية أو تفتت المجتمع بحجة الأقلية أو غير ذلك من الأمور التي أثبتت أن هذه الأنظمة غير جديرة بتحقيق التوازن المجتمعي بأي حال من الأحوال.
فإذا كان الوضع كذلك ومجتمعاتنا تختلف عن هؤلاء جذرياً فلماذا نصر على استيراد هذه المفاهيم وهذه السبل؟ ونحن لدينا ما يصلح لنا، وما صلحنا إلا به من قبل وكنا اسياد العالم عندما عملنا به.
[size][rtl]

ثامناً: أهداف الشورى والديمقراطية

[/rtl][/size]
إذا تم حصر اهداف الديمقراطية فسنجد أنها تدور في فلك القضايا المادية وتبعد كل البعد عن القضايا الروحية، وذلك عكس الشورى التي تحقق التوازن بين القضايا المادية والروحية، إذ انها مستقاة من روح الشرع الحكيم الذي قوامة تحقيق التوازن بين الروح والجسد.
[size][rtl]

تاسعاً: المنوطين بالتطبيق

[/rtl][/size]
من أبرز التمايزات بين الشورى والديمقراطية فكرة أهل الشورى من يكونون؟، وأهل الديمقراطية من الذين يقررونهم؟ أي من هم المنوطين بتطبيق الشورى أو المنوطين بتطبيق الديمقراطية؟.
فإذا نظرنا إلي الوضع في الديمقراطية سنجد أن أهلها يقولون أن المنوطين بتطبيقها هم الشعب ككل بجميع أفراده، وإن كان تحقيق ذلك وفقاً لهذا المفهوم مستحيلاً ولم يتحقق في أي دولة من دول العالم حتي وقتنا الحالي، ولكن علي الأقل نستطيع أن نقول أنهم يقصدون غالبية الشعب، بمن فيهم من يعي ومن لا يعي، من يفقه قيمة الشيء الذي سيصوت عليه ومن لا يفهم، من جاء بدافع المصلحة العامة، أو من جاء بدافع المصلحة الشخصية، ولذلك سنجد أن أغلب الديمقراطيات يسهل التحكم فيها وتوجيهها دون أدني صعوبة في ذلك سواء من الحكام، أو من يديرون مثل هذه الألاعيب، فعلي سبيل المثال لا الحصر سنجد أن المتحكم في الانتخابات الأمريكية هو اللوبي الصهيوني رغم عظم مساحة الولايات المتحدة وكثرة التعداد السكاني بها وقلة عدد اليهود فيها مقارنة بعدد السكان من غير اليهود، إلا أن من يتحكم في الانتخابات هو اللوبي الصهيوني الذي أغلبه بمدينة نيويورك، فهل هذا هو التمثيل الصحيح للانتخابات وللديمقراطيات؟.
وحتى في دولنا العربية التي يظهر فيها بجلاء دور الرشوة في تحريك الانتخابات وفقا للمسار الذي يريده الحزب الحاكم، بل يعيد هيكلة النظام الانتخابي وفقاً لأهوائه، حتى في نهاية المطاف يفوز الحزب الحاكم، وبأغلبية ساحقة وفقاً للنظام الديمقراطي، فيكون له الحكم الديكتاتوري تحت مسمى براق وهو الديمقراطية.
[size][rtl]

الشورى وأهل الحل والعقد

[/rtl][/size]
بينما الوضع في الشورى يختلف إذ أنه مرهون بأهل الحل والعقد من العارفين والعالمين بما سوف يصوتون عليه وما يدلون فيه من الرأي، وقد يثور تساؤل أليس من الممكن أن ينحرف أهل الحل والعقد ويتجهوا إلى ما يخالف الشريعة الإسلامية؟.
إن هذا الأمر لا يمكن تحققه دون أن يُكشف عَلَى الفور، ذلك لأن الأصول الإسلامية ثابتة لا جدال فيها ولا خلاف، أما الفروع فهي التي فيها الخلاف، وهذه الفروع لن تضر أحد إن اُتخذ فيها قول من الاقوال وفقا للصالح العام.
فعلي سبيل المثال، لو أن أهل الشورى قررت فرض ضريبة في وقت من الأوقات وقالت إن هذه الضريبة ستكون مدي الحياة، فهنا فوراً يكشف العوار الذي قامت به إذ أن الضريبة في الإسلام لها ضوابط وشروط من بينها أنها مؤقته حتى لا يرهق كاهل المسلمين.
وحتى عَلَى سبيل المعاهدات الدولية، فإذا أقرت الدولة معاهدة مع عدو من أعداء الإسلام بجعل بيننا وبينهم سلام دائم مثل اتفاقية السلام المزعوم فهنا وفوراً يكتشف عوار مثل هذه الأمور إذ أن الهدنة او الاتفاقيات الدولة في الإسلام بيننا وبين الأعداء لا تكون إلا بوقت مثلما حدث في صلح الحديبة.
أما الفروع في هذا وذاك، هو تأقيت مدة الضريبة هل ستكون شهر أو سنة، حسب الظرف الراهن، وكذلك في مدة المعاهدة هل تكون عشر سنين او خمسة عشر سنة، وفقاً أيضا للوضع الراهن، إلا أن هذا كله في الختام يكون في إطار الشريعة الإسلامية ولا يخرج عنها.
يا بني أحِطْ من أطاعك بالإعزاز، وأنعم عَلَى الجنود، ولا يغرنك الشيطان بجندك وبمالك، وإياك أن تبتعد عن أهل الشريعة.
ينصح السلطان عثمان أبنائه من بعده في هذا الجزء بنصائح في غاية الأهمية كسابقتها، وإن كان في هذا الجزء هلاك الأمة إن لم تعمل الحكام بهذه الكلمات الطيبة، وذلك لأنها مستقاة من القرآن الكريم والشرع الحكيم.
فيقول أحط من أطاعك بالإعزاز، وهذا من الأمور المهمة التي تجعل الرعية يحبون حاكمهم ويطيعونه حباً لا كرهاً، بل حتي إنه من الشروط والضوابط التي لابد للخليفة القرشي (سنفصل في ذلك لاحقاً) أن يعمل بها وهي بسط الرحمة للرعية ما إن اسُترحم ففي حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم الأْئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ، إن لهم عليكم حقًا ولكم عليهم حقًا مثل ذلك، ما إن استرحموا رحموا، وإن عاهدوا وفوا، وإن حكموا عدلوا، فمن لم يفعل ذلك منهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين”، فأصبح إحاطة الرعية التي تطيع الحاكم بالرحمة والعدل من الشروط المهمة للخليفة والتي إذ لم يفعلها فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
وقوله انعم عَلَى الجنود: فتجد ذلك القول من وحي الشريعة الغراء بل من إعجاز التشريع الإسلامي الذي يراعي النفس البشرية فجعل للجنود نصيب محفوظ في الغنائم التي تغتنم في الحرب، وسواء كان التوزيع في دار الحرب بعد انهزام العدو كما قسم النبي صلى الله عليه وسلم غنائم بني المصطلق في بلادهم، وكما قسم غنائم خيبر فيها أو أن تقسم الغنائم في طريق العودة إلى البلد مرة اخري كما قسم النبي صل الله عليه وسلم غنائم حنين في الجعرانة قرب مكة، وكما قسم الغنائم بذي الحليفة قرب المدينة حكم مال المسلم إذا وجده عند العدو.
[size][rtl]

خلاصة القول

[/rtl][/size]
شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون %D9%85%D8%B9%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D9%82%D9%88%D8%B5%D9%88%D8%A9
جعل الإسلامُ للجنودِ نصيباً مفروضاً معلوماً في الغنائم لأن النفسَ البشريةِ تغلب على الجنديِ الذي يرى جهداً بذل، ونصراً تحقق، وغنائم تغتنم، وهو يخرج من كل هذا بلا ادني نصيب في الدنيا، ولا أي منافع، ولذلك كان لابد من الإنعام عَلَى الجنود، حتى بعد ذلك إذا أراد الحاكم ان يعاقب الذي يخون أو الذي يقصر فيكون له أكبر حق في ذلك دون أن يكون عليه ذرة لوم.
ولا يغرنك الشيطان بجندك وبمالك: وهذه من أروع ما قاله من نصحٍ منبعه القران الكريم، فإذا رأينا ذو القرنين وهو الذي يملك الجنودَ والمالَ ويتحكمُ في الشعوبِ والبلاد والعباد بالعدل قائلاً” قال هذا رحمة من ربي”، فكانت هذه العبارة المباركة إشارة الي عدة معاني:
منها ما يقوله سيد قطب: “ونظر ذو القرنين إلى العمل العظيم الذي قام به؛ فلم يأخذه البطر والغرور، ولم تسكره نشوة القوة والعلم، ولكنه ذكر الله فشكره، ورد اليه العمل الصالح الذي وفقه اليه….”.
فإن من أعظم صور الذكر أن يتذكر العبد فضل الله عليه فيستشعر أن فضل الله عليه عظيم فيتواضع ويعدل ويذكر ويشكر.
وقوله تعالي “حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين”، فهذا دلالة واضحة علي أنه لولا رحمة الله تعالى لما كُتب نصراُ حتي للرسل، وإن النصر ليس بالقوة والعدة والعتاد إنما بفضل الله تعالي ورحمته؛ فلا يغتر المغترون بقوة الجيش ولا عتاده، وإن كان من الواجب علي المسلمين أن يهتموا بالتسليح والجند وما الي ذلك ولكن دون أن يغتروا به، أو يوكلوا أسباب النصر إليه، وإلا ما نفع فرعون جنوده، ووزرائه، بل كانوا كلهم في مصاف جهنم وبئس المصير ولذلك ستجد الآيات تضعهم في مصاف واحد طريقه جهنم ﴿إنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ﴾”، فلا يغتر الحاكم بجنده وإلا كان هو وجنده في جهنم وبئس المصير.
وقول عثمان رحمه الله وإياك أن تبتعد عن أهل الشريعة فهذا أيضاً منبعه القرآن الكريم وذلك من قوله تعالي﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾.
فالأمر من الله تعالى واضح، وجلي، أن سبيلَ النجاةِ في الآخرةِ هو طريق الصالحين فلا نعدو الأعين عن هؤلاء، ونسير في رحابهم، وعلى نصحهم، ومشورتهم، وذلك إن أردنا الجنة في الآخرة، والفلاح والصلاح في الدنيا، وعلى هذا سار عثمان ابن ارطغرل، وعلى هذا نصح من بعده، وعلى هذا سار أبنائه وخصوصا الأوائل منهم.
اقتباس :
يا بني: إنك تعلم أن غايتنا هي إرضاء الله رب العالمين، وأن بالجهاد يعم نور ديننا كل الآفاق، فتحدث مرضاة الله جل جلاله.

إن رضى المولى عز وجل هو غاية كل مسلم عموماً، والقادة خصوصاً، الذين يرجون نصرةَ دينِ اللهِ عزَ وجلَ، لا الذين يحبون الدنيا مثلما نحيا الآن بينهم ويحكمون البلدان بعيداً عن شرعِ اللهِ، وتحت مسميات قانونية وألفاظ مستوردة من الخارج، ما أنزل الله بها من سلطان، ولذلك لا نعجب من قول الله تعالى الذي ربط رضاه سبحانه وتعالى بالجهاد في سبيله، حيث قال: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ”  فقد جهل الله عز وجل الخروج في سبيله ابتغاء شريطة مرضاته.
وقد ورد ذكر الجهاد كثيراً في الكتاب والسنة، فمن ذلك قول الله تعالى في كتابه الكريم:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾وقوله سبحانه:﴿ فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا ﴾.
ومن ذلك قول النبي صل الله عليه وسلم: (رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد.
ولذلك فإن العزةَ والذلةَ مقرونة بالتمسك بالجهاد وتركه، فقد قال رسول الله صل الله عليه وسلم “إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينك”.
ولهذا فلا نعجب من حال الأمةِ الإسلاميةِ اليوم حيث الذلة والمهانة؛ ذلك لبعدها كل البعد عن أمر الله وعن جهاده الذي هو ذروة سنام الإسلام.
اقتباس :
يا بني لسنا من هؤلاء الذين يقيمون الحروب لشهوة حكم أو سيطرة أفراد، فنحن بالإسلام نحيا وللإسلام نموت، وهذا يا ولدي ما أنت له أهل.

إن هذه الفقرة من الوصية تبين طبيعة تكوين الدولة العثمانية وسر نجاحها وتفوقها، وما يميزها عن غيرها من الدول، إذ الغاية التي قامت من أجلها هي الدفاع عن الإسلام ورفع رايته في مشارق آسيا الصغرى والقضاء على الدولة البيزنطية التي كانت تهدد المسلمين في ديارهم، ومن ثم لقب زعيم هذه الدولة الناشئة بلقب الغازي، أي المجاهد في سبيل الله، وكان يتلقى هذا اللقب في حفل مشهود بتسليمة راية الجهاد من عالم كبير وأن الغازي عثمان دعا المسلمين من الترك وغيرهم لينضموا تحن راية الجهاد في سبيل الله فاستجاب الكثير من المؤمنين الصابرين تحدوهم جميعا رغبة شديدة في الانتصار لدين الله تعالي والقضاء علي الدولة البيزنطية.
[size][rtl]

قصة زواج عثمان ابن أرطغرل

[/rtl][/size]
شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون %D8%B2%D9%88%D8%A7%D8%AC-%D8%B9%D8%AB%D9%85%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D8%A8%D9%86-%D8%A3%D8%B1%D8%B7%D8%BA%D8%B1%D9%84
 
كثير منا قد يعلم عن السلطان عثمان ابن ارطغرل مؤسس الدولة العثمانية الشهيرة التي ملئت الدنيا ووصلت بالإسلام من اقصاها الى اقصاها، وذلك في زمن قوتها، الى ان تكالب عليها الاعداء من الداخل والخارج فانهارت وسقطت الخلافة العثمانية الاسلامية عام 1924.
ولكن هل يعلم أحد عن قصة زواج عثمان ابن ارطغرل؟ فأنها قصة رائعة من العجائب.
فقد كان عثمان اثناء مسيرة قد رأى رجلاً صالحاً مصادفة، وفى هذه الاثناء خرجت ابنته التي رآها ومذ رؤيتها تعلق قلبه بها لدرجة كبيرة، وقرر ان يطلبها للزواج ولكن ابيها رفض، ولا تذكر المصادر سبب الرفض.
ولكن عثمان كان قلبه شغوفا بها لأقاصي الدرجات، فقد امتنع عن الزواج من النساء نهائيا إلى أن يسر الله له الامر من هذه المرأة التي تعلق به قلبه، وانشغل بها فكره وعقله، وملئت كيانه بمجرد رويتها حباً وسعادةً وسروراً.
وفى يوم من اسعد ايامه نزل عثمان عَلَى هذا الرجل الصالح ليطلب منه ابنته مرة اخرى، ولكنه أصر عَلَى الرفض، فنزل عليه ضيفا، وهو مهموماً محزوناً، ولكنه متعلق بالله عز وجل، فنام في بيت الرجل الصالح هذا –كضيف -فرأى رؤية من أعجب الرؤى، قام من نومة على أثرها فرحاً ونادى عَلَى الرجل الصالح هذا وقص عليه الرؤية بإخلاص وصدق، فصدقة الرجل ووافق بعدها عَلَى الزواج من ابنته.
ويروى صاحب الشقائق النعمانية هذه الرواية محدد هوية الشيخ وهو “اده بالى” فيذكر انه كان من علماء زمانه وقد ارتحل لطلب العلم وتفقه فيه إلى أن عمل بخدمة عثمان ابن أرطغرل وقد قام ببناء زاوية في الأراضي العثمانية، ليبيت فيها المسافرون، وكان يبيت فيها عثمان، وهي التي رأى فيه الرؤية.
أتعلمون ما هي هذه الرؤية التي كانت سببا في تزويج هذه البنت من عثمان؟!
قد رأى عثمان القمر صعد من صدرِ هذا الشيخ وبعد أن صار بدراً، نزل في صدر عثمان ثم خرجت من صدره شجرة نمت في الحال حتى غطت الأكوان بظلها، ونظر أكبر الجبال تحتها وخرج النيل ودجلة والفرات والطونة(الدانوب) من جذعها ورأى ورق هذه الشجرة كالسيوف يأخذها الريح حول مدينة القسطنطينية.
فكانت هذه شجرة آل عثمان المباركة التي فتحت الدنيا وأعادت الفتوحات والأمجاد مرة أخرى بعد أن توقفت وخمدت لفترة طويلة.
[size][rtl]

تعقيب صغير

[/rtl][/size]
عند تتبع هذه الروية وغيرها من الرؤى التي تتحدث عن تأسيس الدول، نجد أنه عَلَى مر التاريخ قد دُست أمثال هذه الرؤى كما في رؤية الإمام محمد العباسي لقيام الدولة العباسية وفى غيرها.
إضافة إلى أن غالبية الرؤى التي وردت في أمثال قيام الدول كرؤية عثمان، أما سندها ضعيف أو مرسل أو حالها مضطرب كما في هذه الرواية، ولكن أردنا ذكرها بتعقيب حتى يتم العلم للجميع بضعف هذه الرواية، وغيرها من الروايات المتعلقة بقيام الدول.
وللعلم فالدولة العثمانية لا تحتاج الى مثل هذه الرؤى حتى يلمع نجمها أو تلمع شخصياتها، فهي عظيمة في ذاتها كريمة بأهلها، عظيمة بجهادها.
 


المصادر

[list=row]
[*]قصة التتار، راغب السرجاني
[*]البداية والنهاية، ابن كثير
[*]تاريخ الدولة العثمانية، علي حسون
[*]التاريخ العسكري العثماني الأول، محمد عيدروس
[*]التاريخ الإسلامي، محمود شاكر
[*]العثمانيون في التاريخ والحضارة، محمد حرب
[*]الدولة العثمانية عوامل النهضة والسقوط، علي الصلابي
[*]تفسير الظلال، سيد قطب
[*]الشقائق النعمانية
[*]تاريخ الدولة العلية العثمانية، محمد الحضري
[/list]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
شخصيات حق علينا معرفتها… العظماء الثمانون المنسيون
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» معلومات عن شخصيات عربية حديثة.شخصيات عربية قديمة
» ويحدثونك عن تخابر العظماء مع المجاهدين
» قبل السفر.. حقائق علمية لا بد من معرفتها عن الطائرات
» نباتات خطيرة على حياة الإنسان يجب معرفتها
»  الغذاء أو الأكل الصحي أهم الأمور التي يجب معرفتها

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: التاريخ :: التاريخ الاسلامي-
انتقل الى: