نتنياهو في لحظة صراحة يقول الحقيقة ويطرح الحل
<< الأثنين، 16 نوفمبر/تشرين الثاني، 2015
ياسر الزعاترة
بحسب صحيفة “هآرتس”، وفي سياق كلمة له أمام “معهد بحث ليبرالي في واشنطن”، اعترف نتنياهو الذي كان التقى أوباما قبل ذلك، بأنه “يعتقد أن مسألة القدس والحرم ليست قابلة للحل”. أما عن رده على ذلك، فأوضح أنه يفكر في “إمكانية أن تنفذ إسرائيل خطوة أحادية الجانب في الضفة الغربية”، موضحا أن “خطوة كهذه ممكنة، لكنها يجب أن تستوفي الشروط الأمنية لإسرائيل وأن تكون جزءا من تفاهمات دولية واسعة”.
وبعد حديثه عن الاستعداد للتفاوض مع عباس دون شروط، وأن الأخير هو من يرفض، أضاف نتنياهو أنه “في ضوء التغييرات في المنطقة، يحتمل أن توافق قيادة فلسطينية مستقبلية، وربما الحالية، على شروطه”.
أليست هذه هي الحقيقة التي لا يريد أصحاب شعارات “الحياة مفاوضات” الاعتراف بها؟ هل يتوقعون أن هناك حلا يمكن أن يكون مقبولا من الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني حول مسألة القدس الشرقية؟
ألم يأت صاحب نظرية “الحياة مفاوضات” ذات مساء قبل سنوات طويلة إلى تسيبي ليفني “الحمائمية”، معلنا لها أنه سيعرض عليها “أكبر أورشليم في التاريخ اليهودي”، فلم يكن منها غير الاستخفاف به، والرد بأن القدس خارج دائرة التفاوض؟!
هل يمكن لأحد أن ينسى قبل ذلك أن هذه المسألة تحديدا هي ما أفشل مفاوضات كامب ديفيد صيف العام 2000، وليس اللاجئين، ولا حتى السيادة ولا الكتل الاستيطانية الكبيرة، ولا نزع سلاح الدولة؟
لندع ذلك، فالكل يدرك هذه الحقيقة التي اعترف بها نتنياهو، والكل يدرك أيضا أن أية اتفاقات مع العدو بشأن الأقصى لن تغير في برنامج تهويده المرحلي، ولن يوقف ذلك سوى المقاومة الشاملة في كل الأرض الفلسطينية.
لكن ما هو الحل تبعا لذلك، حسب نتنياهو؟
الحل هو ذاته الذي يمضي منذ مجيء محمود عباس بديلا لعرفات الذي اغتيل لأنه حاول المزج بين المقاومة والتفاوض بعدما ارتطم بالجدار المسدود في كامب ديفيد. وهو الحل الذي أخرجه شارون بمسمى “الحل الانتقالي بعيد المدى”، فيما سمّاه بيريز “الدولة المؤقتة”، ويسميه نتنياهو “الحل الاقتصادي”.
الآن يقرر نتنياهو إكمال المشروع الذي تحرك خطوات جدية منذ 2004، ولغاية الآن، برعاية الجنرال دايتون في الشق الأمني، وبرعاية بلير في الشق الاقتصادي (اكتشف عباس مؤخرا أن بلير جاسوس كما قال للصحفيين المصريين في القاهرة!!). ونقول تحرك خطوات جدية، بانسحاب الجيش الإسرائيلي من مناطق (أ) كما كان الحال عليه عشية اندلاع انتفاضة الأقصى، نهاية أيلول من العام 2000، مع فارق أنه يدخل وقت يشاء ليعتقل من يشاء دون أن يزعجه أمن السلطة!!
ما يأمل فيه نتنياهو بطبيعة الحال هو أن تؤدي التغييرات القائمة في المنطقة؛ ليس إلى منحه فرصة ضمِّ الجولان كما لمّح لأوباما (سكت الأخير على ذلك)، بل إلى تطبيق الحل المذكور في الضفة عبر استكمال الانسحاب وصولا إلى حدود الجدار، لتكون الدولة الخاصة بعباس، أو بمن يخلفه. وهي دويلة تحت عباءة الاحتلال، لا مانع في أن تحصل على الاعتراف الدولي الكامل، لكي تغدو في حالة نزاع حدودي مع جارتها.
قلنا ولا زلنا نقول إنه لا حل في الأفق غير هذا، أو استمرار الوضع الراهن الذي لا يبتعد كثيرا عنه، وعباس الذي يستمتع بمطاردة حماس، ودحلان (لأسباب شخصية، ويبدو أن السيسي سيعقد مصالحة بينهما)، يقبل بذلك من الناحية العملية، فيما يعوّل نتنياهو على الوضع الجديد في مصر تحديدا، مع باقي تطورات المنطقة في ظل الحريق الذي أشعلته إيران، وذلك من أجل منح الشرعية لهكذا مسار يؤبّد النزاع، ويجعله مجرد نزاع حدودي بين دولتين.
كما قلنا ونقول دائما، إن الانتفاضة وحدها هي ما يمكن أن يجهض هذا المخطط، ولذلك يطاردونها الآن بكل وسيلة ممكنة، ومعهم شريكهم بطبيعة الحال.