بدت الساحة السياسية الداخلية للعدو الصهيوني أكثر احتداماً بين الأطراف الرئيسية الساعية إلى كسب الانتخابات البرلمانية القادمة، المحدد لها أن تجري في الشهر القادم.
* إعادة إنتاج التسويق السياسي الصهيوني:
تقول المعلومات بأن فشل التنافس السياسي للعدو الصهيوني قد عاود الاشتعال مرة أخرى، بعد أن توقف لفترة أربعة أسابيع تقريباً بسبب العملية العسكرية الالعدو الصهيونيية ضد قطاع غزة. هذا، وقد بدأت حملات التسويق السياسي بين القوى الصهيونية الرئيسية تدور بين محورين:
• محور المعارضة الصهيونية بقيادة زعيم الليكود الصهيوني بنيامين نتنياهو وحلفائه الذين يأتي في مقدمتهم إيشاي زعيم حزب شاس، وأفيغدور ليبرمان زعيم حزب "إسرائيل بيتنا"، إضافة إلى زعماء الأحزاب الدينية الصغيرة.
• محور الائتلاف الحاكم الذي يقوده الثنائي تسيبي ليفني زعيمة حزب كاديما وإيهود باراك زعيم حزب العمل إضافة إلى الأطراف المساندة لهم.
أشارت استطلاعات الرأي العام للعدو الصهيونية إلى أن تقديرات الموقف ظلت خلال الأشهر الستة الماضية أكثر اضطراباً لجهة حركة الصعود والهبوط ويمكن الإشارة إلى ذلك على النحو الآتي:
• خلال فترة ما قبل العملية العسكرية الصهيونية ضد قطاع غزة انخفضت شعبية تسيبي ليفني – إيهود باراك وبالمقابل ارتفعت شعبية زعيم المعارضة نتنياهو.
• عند شن العملية العسكرية الصهيونية ضد القطاع ارتفعت شعبية الثنائي الائتلافي الحاكم ليفني – باراك وبالمقابل انخفضت شعبية نتنياهو.
• بعد توقف العملية العسكرية انخفضت شعبية الثنائي الحاكم في مواجهة ارتفاع شعبية المعارضة (نتنياهو).
هذا، وتشير التوقعات إلى أن شعبية نتنياهو لو استمرت بالارتفاع فإنه سيصبح بكل تأكيد زعيم الأغلبية في الكنيست القادم.
* تسيبي ليفني – إيهود باراك وإشكالية ردع شعبية بنيامين نتنياهو:
يتميز الرأي العام الصهيوني بالحساسية الشديدة إزاء الوقائع والأحداث والتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتشكل الوقائع والأحداث والتحولات السياسية استحواذاً كبيراً على الرأي العام الصهيوني، وتأسيساً على ذلك، يمكن الإشارة على سبيل المثال لا الحصر إلى المحطات البارزة في صعود شعبية نتنياهو:
• استخدم نتنياهو ملف حزب الله في توجيه الاتهامات لحكومة تحالف كاديما – العمل باعتبارها ضعيفة وغير قادرة على تأمين الحدود الشمالية للعدو الصهيوني من خطر الحزب.
• عندما اندلعت حرب صيف العام 2006 أوقف نتنياهو حملاته ولكن بعد أن انتهت الحرب عاد لتوجيه الانتقادات عن هزيمة الجيش الصهيوني ومطالباً الحكومة بتحمل المسؤولية وتقديم استقالتها، كما استخدم نتنياهو نتائج تقرير فينوغراد في الاتجاه نفسه.
• قبل العملية العسكرية الأخيرة ضد قطاع غزة ظل نتنياهو يوجه الانتقادات لحكومة كاديما – العمل متهماً إياها بالفساد (فضيحة أولمرت) والضعف عن القيام بمهماتها بتأمين جنوب العدو الصهيوني من خطر حماس المسيطرة على القطاع.
• أوقف نتنياهو حملاته ضد الحكومة خلال فترة الحملة العسكرية على غزة، ولكنه ما لبث أن تابع حملاته من جديد بعد انتهاء العملية متهماً الحكومة بأنها خذلت الشعب والجيش الصهيوني كونها أوقفت العملية قبل تحقيق الحسم الكامل في قضية حركة حماس.
وبالمقابل لحملات نتنياهو فقد بدا الثنائي ليفني – باراك أكثر ضعفاً هذه المرة في مواجهة نتنياهو وبرغم المزاعم العسكرية الصهيونية أن عملية غزة قد حققت أهدافها فإن الكثير من الشكوك بدأت تحوم من ثنايا التسريبات الصحفية الصهيونية ومن أبرزها:
• أن الجيش الصهيوني ما يزال يتكتم على الخسائر الكبيرة التي تعرض لها في معارك القطاع.
• أن حركة حماس ما زالت متمركزة في القطاع وحصلت على التأييد داخل وخارج فلسطين.
• أن العملية العسكرية لم تنجح في تحقيق اقتحام مناطق تمركز حماس والفصائل المسلحة.
• أن العملية لم تنجح في القضاء على خطر تهريب السلاح إلى غزة، بدليل أن الأنفاق ما زالت تعمل وبدليل أن تل أبيب تسعى جاهدة لتحقيق إيقاف التهريب بالوسائل الدبلوماسية مع أمريكا ومصر والاتحاد الأوروبي بعد أن فشلت بالطرق العسكرية.
• أن الطريقة التي تم بها تنفيذ العملية العسكرية قد جلبت الكثير من الأضرار للعدو الصهيوني وعلى وجه الخصوص الانتقادات الدولية والإقليمية إضافة إلى إثارة العداء ضد العدو الصهيوني في أوساط البلدان الحليفة للعدو الصهيوني وبالذات تركيا، وبلدان المعتدلين العرب وبلدان الاتحاد الأوروبي.
• أدت تداعيات العملية العسكرية إلى انقسام الجماعات اليهودية الأوروبية وهي بادرة غير مسبوقة في تاريخ هذه الجماعات التي تمثل العمود الفقري الداعم للعدو الصهيوني في أوساط الشعوب الأوروبية.
في مواجهة الذرائع الليكودية المتزايدة فقد لجأت زعيمة كاديما تسيبي ليفني إلى إطلاق التصريحات التي حاولت إضعاف وزن نتنياهو لدى الرأي العام وتقول المعلومات أن التصريح الذي أطلقته اليوم يشير بشكل واضح إلى محاولة نقل المواجهة مع نتنياهو إلى مسرح سياسي جديد وهو مسرح العلاقات الأمريكية – الصهيونية الخاصة.
نقلت التسريبات الصهيونية الصادرة من تل أبيب صباح اليوم أن ليفني بدأت محاولة لفت انتباه الرأي العام الصهيوني إلى مدى الضرر والمخاطر التي ستلحق بالعلاقات الأمريكية – الصهيونية إذا فاز الليكود بالانتخابات العامة وتولى زعيمه نتنياهو رئاسة الحكومة وأشارت ليفني إلى النقاط الآتية:
• إن إدارة أوباما الديمقراطية الجديدة قد حددت سلفاً نواياها بالمضي قدماً في جهود عملية السلام.
• إن على الصهاينة قبل أن يدلوا بأصواتهم في الانتخابات أن يحددوا موقفهم الصريح لجهة القبول أو الرفض لعملية سلام الشرق الأوسط.
• إن التصويت لصالح الليكود ومرشحه نتنياهو معناه الرفض الصريح لعملية السلام.
• إن الرفض الصريح لعملية سلام الشرق الأوسط سيؤدي بالضرورة إلى إشعال الخلافات مع أمريكا.
وأشارت ليفني إلى مطالبة الصهاينة بأن يتذكروا ما حدث عندما حدثت المواجهة بين حكومة الليكود التي كان يتزعمها نتنياهو والإدارة الأمريكية الديمقراطية التي كان يتزعمها كلينتون.
وتقول المعلومات أن حملة ليفني ضد نتنياهو قد تضمنت توزيع المنشورات والبيانات التي تستشهد ببعض النصوص المقتبسة من كتاب دينيس روس مبعوث السلام الأمريكي السابق إلى الشرق الأوسط التي من بينها ما قاله روس بأن لقاء ثلاثياً جمعه مع الرئيس كلينتون ونتنياهو وبعد اللقاء تملك الرئيس كلينتون انطباع بأن نتنياهو كان يتعامل معه من موقع القوي، وذلك بما دفع الرئيس إلى إدراك أن نتنياهو يتعامل مع الأمريكيين وكأنما يتوجب عليهم تنفيذ الإملاءات الصهيونية دون زيادة أو نقصان.
تشير المعلومات والتسريبات أن الرأي العام الصهيوني قد بدا أكثر اهتماماً بتصريحات تسيبي ليفني الجديدة حول نتنياهو ولكن برغم ذلك فإن معظم الخبراء يراهنون على أن زيارة مبعوث السلام الأمريكي الجديد جورج ميتشل التي ستتم الأربعاء القادم ستحسم بشكل رئيسي موقف الرأي العام الصهيوني إزاء نتنياهو. بكلمات أخرى فإن مضمون لقاء نتنياهو – ميتشل سيحدد طبيعة علاقات خط تل أبيب – واشنطن في حال صعود نتنياهو، فالرأي الصهيوني من جهة أكثر حرصاُ هذه المرة على وصول رئيس صهيوني متشدد لحسم الملف النووي الإيراني وحركة حماس وعملية السلام ولكنهم من الجهة الأخرى حريصون على ضرورة المحافظة على ملف العلاقات الأمريكية – الصهيونية لأنه السبيل الوحيد الذي يوفر غطاء ودعم وأمان لوجود العدو الصهيوني.
وحتى الآن كما هو واضح فإن برنامج نتنياهو يتعارض بشكل تام مع برنامج الإدارة الأمريكية الجديدة في الشرق الأوسط فهل سيقدم نتنياهو التنازلات في لقاء الأربعاء أم سيطالب الإدارة الأمريكية بتقديم التنازلات؟؟ |