قصة تشكيل الجيش العربي عام 1927
د. عميش يوسف عميش
عثرت بين مجموعة كتب المرحوم والدي وكان مفوضاً للشرطة في الثلاثينات ومن بناة هذا الجيش، على كتاب بعنوان: (واجبات الشرطة والدرك للجيش العربي).
وقد قام بتأليفه المرحوم الوكيل القائد آنذاك بهجت طبارة عام 1936م وكان زميلاً لوالدي. والكتاب يحتوي 334 صفحه طبع في (مطبعة العرب) بالقدس. أما الكاتب فكان من مؤسسي الجيش العربي وأصبح أول مدير للأمن العام في الأردن. وبعد قراءتي للكتاب تصورت ما حدث في الفترة بين (1927 واليوم) بالنسبة لبناء قواتنا المسلحة وأجهزة أمننا الباسلة من تطور مذهل وتقدم كبير. ولكنني فهمت ما بين السطور العمق والفكر المستقبلي والبعد في الرؤيا آنذاك، فلقد كان الأردن ومازال إنساناً وأرضاً ووطناً وقيادةً: هاشمياً عريقاً وقوياً، صامداً وظل عصياً على أعدائه وكل المزاودين عليه. وكان الأردن كذلك وفياً لأبنائه وحامياً لهم، ومأوى وملجأ للأنصار وكل المشردين. ولقد وددت أن أضع بين يدي القارئ فقرات من الكتاب وأترك لفكره استيعاب الآراء والمفاهيم التي لم تتغير خلفيتها وأسسها.
لقد كان إهداء الكتاب كما يلي:
( إلى مولاي صاحب السمو أمير البلاد المعظم أرفع كتابي هذا هدية إخلاص وولاء لفرع الشجرة الطاهرة النبوية ووارث النهضه العربية الامير عبدالله بن الحسن كان الله لعهده الزاهر وفضله الباهر وذكره السائد وحفظه ورعاه وأطال بقاءه).
وقدم للكتاب قائد الجيش انذاك الفريق فردريك ج.بيك. أما هدف الكتاب فكان أن يضع في متناول كل فرد من أفراد الجيش العربي معلومات عن الواجبات والقوانين والأنظمة التي يجب أن يتعلمها ليقوم بوظائفه أحسن قيام. وقد قسم المؤلف الكتاب إلى فصول حسب المواد المطلوبة لنيل الشهادات المختلفة التي يمنحها الجيش العربي إلى مجتازي الإمتحانات السنوية التي يعقدها. فالأفراد الذين يدرسون لنيل شهادة الدرجة الأولى أو الثانية أو الثالثة يروون المطلوب منهم من المواد والمواضيع في جميع فصول الكتاب. أما الأفراد الذين يرغبون في الحصول على الشهادة العالية فيُطلب منهم دراسة الكتاب كله دراسة وافية. وقد نصح فردريك بيك في مقدمة الكتاب، نصح كل فرد في الجيش أن يكون بحوزته نسخة من هذا الكتاب لأنه سيساعد على إرتفاع ومضاعفة الجهود لأفراد الجيش العربي. والكتاب يحتوى على:
القسم الأول: وفيه 19 فصلا تشتمل على تشكيل الجيش. القسم الثاني: حول الواجبات الداخلية «الضبط والربط». القسم الثالث: حول واجبات قائد المخفر الخارجية. القسم الرابع: حول واجبات قائد المخفر الداخلية. القسم الخامس: الإسعافات وواجبات الجندي في الإسعاف الأولي للحوادث والكوارث. القسم السادس: العناية بالخيل والسروج والسيارات.
ولقد بدأ المؤلف بفصل تشكيل الجيش العربي وواجباته، وهنا أذكر بعض النقاط الرئيسية :
1- لقد تشكل الجيش العربي بشرق الأردن حسب نظام يستند لقانون سنة 1927 وذكر أن الجيش هو قوة الأمن العام والسجون.
2- يقوم الجيش العربي بمنع وقوع الجرائم وإكتشافها والقبض على المجرمين وحراسة السجناء وتوطين الأمن العام وصيانة الأفراد وأموالهم.
3- تنقسم قوة الجيش العربي إلى أ- الفرسان وهم معنيون بأمور خارج المدن، ب- المشاة، وهم أفراد الشرطة ومعينون للخدمة داخل المدن وحراسة السجون.
4- توزيع قوة الجيش إلى أربعة ألوية إدارية: أ- لواء عجلون، ب- البلقاء، ج- الكرك، د- معـان.
5- أما وظائف الأمن العام فتنقسم لست مناطق: 1- عجلون، 2- البلقاء، 3- العاصمة عمان، 4- الكرك، 5- معان، 6- البادية.
6- يعين قائد ومساعد له لكل مقاطعة، وكل مقاطعة تكون تابعة لمنطقة كما يلي :
أ- منطقة عجلون: مقاطعة جبل عجلون ومقاطعة جرش ب- منطقة البلقاء: مقاطعة عمان ومقاطعة مادبا ج- منطقة العاصمة: التي هي قسم المدينة وقصبة مادبا. د- منطقة الكرك: مقاطعة الطفيلة. هـ- منطقة معان: مقاطعة وادي موسى ومقاطعة العقبة. و- منطقة البادية: المناطق الشمالية ومركزها المفرق، والجنوبية ومركزها الجفـر. كما يبين الكاتب عدد أسماء المخافر الموجودة في كل منطقة وعددها 64 مخفرا.
والجدير بالذكر أن منطقة العاصمة عمان كانت تضم المخافر التالية: شارع الهاشمي، جبل عمان، ماركا، المهاجرين، اللويبدة، المحطة والزرقاء.
7- المحافظة على الأمن العام وعلى أرواح الناس وأعراضهم وأموالهم وحريتهم الشخصية، وصيانة مساكنهم والسعي لمنع وقوع الجرائم أو أي حادث من شأنه الإخلال بالنظام وإقلاق الراحة العامة، وإكتشاف المجرمين والقبض عليهم وتقديمهم إلى العدالة.
8- مراقبة المتشردين والجمعيات والتجمعات والإجتماعات والإعتصابات والمحافظة على السلم، والقبض على المخلين بالنظام والمجرمين والفارين.
9- مراقبة المحلات العامة كالحانات والمقاهي والفنادق وبيوت البغاء وبائعي الأسلحة وحامليها وتحقيق هوية الأشخاص المشتبه بهم، ومراقبة القمار واليانصيب وجميع الحانات بدون رخصة، وجميع الأحوال التي تخل بالآداب العامة وتمس الأديان.
10- جمع المعلومات المتعلقة بالراحة العامة والمخلة بالأمن العام كالفوضى والعصيان والنشرات والمطبوعات التي تقلق الأفكار وتخل بالنظام وحوادث القتل والجرح والسلب والسرقات والحريق وخلاف ذلك من الأمور والحوادث التي يلحق ضررها بالعامة كالأمراض السارية الإنسانية والحيوانية والطوفان والتعديات والوقائع الهامة وإبلاغ هذه الأمور إلى المرجع الإيجابي.
11- تنفيذ الأوامر المشروعة الصادرة عن السلطة ذات الصلاحية وتنفيذ القوانين والأنظمة.
12- مساعدة وإسعاف أي شخص يحتاج إلى المساعدة أو يكون بحالة خطيرة ومعاملة الناس بلطف.
هذا ما كان عام 1927، فكيف تكون قراءتنا لذلك اليوم. بإعتقادي أن العودة لمعرفة الماضي وقراءة تاريخ الأردن شيء مفيد وضروري.