حقائق تاريخية عن بداية ومُسببات الحرب العالمية الأولى! – تقرير
مدة الحرب: 4 سنوات (1914-1918).
عدد الضحايا الجنود: 10 ملايين ماتوا بالرصاص، القنابل، جوعاً، أو التهمتهم الفئران والقمل، أو بسبب الأوبئة التي انتشرت في هذه الحرب والتي راح ضحيتها الملايين.
عدد الجرحى الجنود: 20 مليون.
تقديرات القتلى: 65 مليون وعلق حوالي ثمانين مليون شخص بهذه الحرب
الفريقان الرئيسيان المتحاربان
الفريق الأول: الإمبراطورية الألمانية وحليفتها الإمبراطورية النمساوية الهنغارية
الفريق الثاني: روسيا وفرنسا وبريطانيا
إنها
الحرب العالمية الأولى حيث تشكلت هذه الأحلاف للتخلص من الأحادية القبطبية التي كان يسعى كل طرف للوصول إليها، وقام هذان الحلفان بجر العالم معهما إلى الحرب.
هدوء ماقبل العاصفة
عام 1914 : كان الأمان منتشر في أوروبا، حيث مضى نصف قرن منذ اندلاع آخر صراع أوروبي ضخم، وكان الميسورون يستمتعون بصيف هذا العام.
أما في
فيينا عاصمة الإمبراطورية النمساوية الهنغارية، كانت المسارح والمكتبات والمسارح الجديدة تنتشر في كل مكان، حيث كان التقدم يملأ الأرجاء وتسود روح مذهلة من الإبتهاج العالم..
لم تكن أوروربا أجمل وأقوى وأغنى هكذا أو أكثر ثقة بمستقبل أفضل، لكن الأمر لن يدوم طويلاً، أصبح العمال يعملون ضعفي ساعات العمل في اليوم وبالكاد يحصلون على نصف ماكانوا يحصلون عليه، وكانت أجور النساء تبلغ نصف قيمة أجور الإستعباد هذه، وكان الأطفال “نظرياً” دون سن الثانية عشر في العمر لم يعملوا في المعامل!!
أصبح جون جوريس في فرنسا القائد الأكبر للطبقة العاملة، لكنّه قلق، ويعرف أنه في أوساط النخبة الاوروبية يتحدث العديد من قادة الصناعة عن حرب ستقع لوضع نهاية لطلبات حركة العمال، حيث كتب: إن مجتمعكم العنيف والفوضوي يحمل الحروب في داخله حتى عندما يدعي السعي إلى السلام، تماماً كما تحمل الغيوم الماطرة العواصف بداخلها، إنَّ سباق التسلّح مفيد جداً للأعمال
كانت القوى الأروروبية العظيمة تستعد للحرب، الخدمة العسكرية التي لاتنتهي تدرب الرجال على الحرب، وبدأ شبح الموت يحوم ليحصد الأرواح فوق كوكبنا
حيث كانت الإمبراطوريات التي ستدخل في هذه الحرب تتقاسم العالم ، حيث وصلت الغزوات البريطانية بعيداً إلى استراليا وكندا، وامتدت فرنسا من الهند الصينية إلى إفريقيا، وأصبح لدى الإمبراطورية الألمانية الحديثة مستعمرات، لكن حصتها من الكعكة كانت هي الحصة الأصغر، حيث كانت ترغب بحصة أكبر منها
نشأة الإمبراطورية الألمانية
عام 1871 كانت بروسيا دولةً مقسمة، بعد سحقها لفرنسا وإلحاقها لمقاطعتي الإلزاز Alsace واللورين Lorraine الفرنسيتين بها، تحولّت ألمانيا إلى امبراطورية بقيادة الإمبراطور الألمالي ذو الخمسة والخميسن عاماً فيلهلم الثاني Wilhelm II حيث أمر ببناء قوّة بحرية تنافس الأسطول البريطاني، حيث يريد أن يمنح ألمانيا مكاناً تحت الشمس
-كان هناك تحالف ثلاثي بين المملكة المتحدة وفرنسا وروسيا، شعرت ألمانيا بأنها محاصرة بهذا التحالف الثلاثي، فتحالفت مع الإمبراطورية النمساوية الهنغارية والتي تتألف من عدد من الأمم الصغيرة التي تخضع لأكثر من ستين عاماً لحكم فرانس جوزيف الأول العجوز ذو الأربعة والثمانين عاماً
كان هذا العجوز قد مرَّ بكثير من المآسي، حيث انتحر ابنه وتم اغتيال زوجته الإمبراطورة إليزابيث، وهو الآن امبراطور عجوز يطالب الكثيرون باستقلاله، كان الوريث المفترض لعرش الإمبراطورية هو فرانس فيرديناند إلا أنَّ هناك فاجعة جديدة ستلحق بهذا العجوز وهي التي ستشعل فتيل هذه الحرب
ضمّت الإمبراطورية النمساوية الهنغارية البوسنا مؤخراً إلى امبراطوريتها، لكن صربيا عارضت هذه الخطوة وكانت ترغب بالتوسع من خلال اتحادها مع الشعوب السلافية في البلقان
كانت الحرب العالمية الأولى حرب عائلية ملكية!!
عند وفاة الملكة الإنكليزية الكبرى فيكتوريا، كان أحفادها يشغلون عدد من العروش الأوروبية، حيث أصبح ملوك وملكات أوروبا عائلة واحدة كبيرة:
كان العاهل البريطاني جورج الخامس وقيصر روسيا نيكولاس الثاني ابني عم، وكان الناس يحسبهما توأمين، أيضاً الإمبراطور الألماني فيلهلم الثاني كان ابن عمهما وعرّاب ولي العهد الروسي أليكسي -حيث كان الوريث الوحيد وولي عهد نيكولاس الثاني وكان مصاباً بالناعور، حيث كان دمه لايتخثر و أي جرح بسيط سيؤدي إلى وفاته، ويعود هذا المرض إلى جدته فيكتوريا من جهة والدته-
كيف أٌطلق العالم هذا الحِقد؟
ساراييفو .. إنَه الأسم الذي يردد صدى الصراخ على مر التاريخ، من هنا بدأ كل شيء وتغيّر قدر العالم إلى الأبد، من هنا ولدت الحرب، بعد مخاض دام حوالي النصف قرن من الأمن والسلام
28 حزيران عام 1914 في ساراييفو، استطاع فرانس فيرديناند وريث العرش النمساوي الهنغاري وزوجته النجاة بصعوبة من محاولة لاغتيالهما، وبعد دخولهما لمبنى البلدية وأثناء مغادرتهما منها بعد وقت قصير، قتلا برصاص مسدس..
حيث قتلهم مواطن بوسني بعمر 19 سنة أشعل هذه الحرب الشعواء، حيث زودّه جيرانهم الصرب بالمسدس الذي استخدمه، لم يتخيل أحد عواقب هذا الإغتيال، حيث لم تغطي الصحف هذا الخبر إلا بشيء بسيط وكأنّه حادث قد جرى في مكانٍ ناءٍ ففي تلك الدول كثير مايتعرض أشخاص للاغتيال ولكنّه فيما بعد سيكون السبب لحرب كبرى ستمتد لتشمل العالم كلّه.
انفجار القنبلة الموقوتة
أصدر الرئيس الفرنسي بوانكيريه –والذي ينحدر من منطقة اللورين التي احتلتها ألمانيا والتي تحلم فرنسا باستعادتها كاملة- بياناً تحذيرياً قال فيه بأنّ الأزمة الحالية يجب أن تبقى محدودة في صربيا
وفي نفس الوقت قامت الحكومة الروسية- حيث كانت صربيا حليفة روسيا- بإلغاء جميع إجازات العسكريين واستدعت جميع القادة من عطلتهم، حيث بدأ النمساويين بالإستعداد لغزو صربيا
وفي 23 يوليو (تموز( عام 1914 أرسلت الحكومة النمساوية الهنغارية في فيينا إلى بلغراد عاصمة صربيا إنذاراً أخيراً يتضمن شرطاً يقضي بأن يسمح للشرطة الامبراطورية النمساوية بإجراء التحقيقات على الارض الصربية وردت بلغراد بأنَّ صربيا ليست مقاطعة تابعة للإمبراطورية النمساوية الهنغارية، وكان هذا الإنذار الأخير الموجّه يعني الحرب
أعلنت النمسا وهنغاريا الحرب على صربيا وفي 28 يوليو دخلت المدفعية النمساوية ممثلة بمدافع سكودا الحرب ضد صربيا ونظراً لتحالف روسيا مع صربيا، أرسلت روسيا قواتها إلى الحدود النمساوية الهنغارية
اتفق امبراطور ألمانيا فيلهلم الثاني وقادته العسكريين ومستشاره على دعم حليفتهم النمسا في خطتها لغزو صربيا ولانتهاز حدوث الإغتيال لفرض الإرادة الألمانية وكان الأخير على ثقة بأنَّ هذا النزاع لن ينتشر وسينتهي الأمر في غضون أسبوع ولن تدخل المدحلة الروسية الحرب..
أطلق الألمان هذا الأسم فيما بعد على الجيش الروسي عند دخوله الأراضي الألمانية- لان روسيا غير مستعدة، أضف إلى أنَّ حليفتها فرنسا لاتمتلك أي مدفعية ثقيلة
وجّه الإمبراطور الألماني حليف النمسا إنذاراً إلى ابن عمه القيصر الروسي نيكولاس الثاني –والذي كانت زوجته من أصول ألمانية ولم يكن لديها شك بأنّ أخاها سيحارب في صفوف الأعداء- يطلب منه سحب قواته من الحدود مع النمسا لكن نيكولاس حشد قوات ه بدلاً عن ذلك وكتب إلى ابن عمه وحليفه جورج الخامس ملك انكلترا: لاأعرف مالذي سيحدث فقد أطلقت النمسا وهنغاريا حرباً متهورة يمكن بسهولة أن تتحول إلى حريق يلتهم الجميع
تردد فيلهلم الثاني نظراً لأنه لم يتلقى رداً عن الإنذار الذي وجهه وبدأ بالحديث عن إنقاذ السلام، لكن القادة العسكريين والصناعيين حوله يحثونه على إعلان الحرب ويلومون روسيا على توسيع النزاع
1 أب عام 1914 تحركت ألمانيا وأعلنت الحرب على روسيا
وفي نفس اليوم في عاصمة فرنسا باريس، تم اغتيال جون جوريس على يد القوميين المتشددين والداعمين للحرب، وقد حاول جوريس المتحدث السلمي الرائد إقناع العمال الألمان برفض القتال وقد تنبّأ بهذه الحرب..
حيث قال
- اقتباس :
- سيأتي وقت نكون فيه مهددين بالقتل والذبح وليس هناك سوى أمل واحد لإنقاذ السلام وهو أن تتحد البلوريتاريا معاً، طبقة عمال فرنسا وألمانيا وإيطاليا وفرنسا، دعونا نناشد ملايين الرجال هؤلاء ليتحدوا ليقضوا على هذا الكابوس المرعب.
في فرنسا تم إصدار أمر بالتعبئة العامة ، حيث تم استدعاء جميع الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين ال20 وال 48 عام، يصف أحدهم تلك اللحظة: كان مساءا صيفيا جميلا وسمعت جرس الكاتردائية الصغير يدق باستمرار، توقف الجميع فقد فهمنا الامر بدأت النساء بالبكاء وتجمّد الرجال في اماكنهم ونظروا إلى رمح الكنيسة بذهول وصمت، إنها الحرب، ومن بعيد يمكننا أن نسمع أجراس الكنائس الأخرى تدق، الأمر يدمي القلب..
3 أب عام 1914 علمت باريس بأن ألمانيا أعلنت الحرب على فرنسا، ودفن جوريس في اليوم نفسه، ودفنت معه جميع الآمال بالسلام، في فرنسا، ألمانيا وروسيا، تسابق العمال للدفاع عن أوطانهم ، تحرك ثلاث ملايين فرنسي، ليلحقوا بخمسة ملايين روسي وأربعة ملايين ألماني ومليوني نمساوي
قيل في هؤلاء الرجال الذين تم استدعاءهم للحرب: عام 1914 ماذا عرفوا عن الحرب بعد حوالي نصف قرن من السلام، لقد أصبحت أسطورة بطولية ورومانسية، ونظر الناس إلى الحرب من منظور الكتب المدرسية واللوحات في المتاحف على أنها هجمات الفرسان الشجعان في دروعهم اللامعة..
والذين يؤدون مسيرة النصر دون وقوع ضحية، إنها مغامرة برية رجولية وتجربة رائعة ومثيرة، لهذا كانوا يصرخون ويغنون في القطارات التي حملتهم إلى المذبح !!
كان الجيش الفرنسي، يتألف من جنود يعرفون بأنهم مواطنون، وآخرون جيء بهم من الأراضي المستعمرة وانطلقوا من مستعمرات فرنسا.
كانت الولايات المتحدة الأمريكية محايدة في بداية الحرب
توقع المزارعون الذين ذهبوا للدفاع عن بلادهم أن يعودوا قبل موسم الحصاد..
3 أب 1914 بدأ الألمان الهجوم معتمدين على تحقيق نصر سريع من حرب قصيرة، حيث وضع القائد الألماني شليفن خطة تحمل اسمه قوامها مهاجمة لوكسمبورغ وبلجيكا قبل أن تهاجم روسيا ألمانيا من الشرق ويُجبر الجيش الألماني على القتال على جبهتين.
ولكن بلجيكا كانت دولة محايدة بعد هزيمة نابليون، وكان الهدف من اعتبارها منقطة محايدة إيجاد منقطة عازلة بين بريطانيا وفرنسا وألمانيا، دفع انتهاك هذه الحيادية لندن إلى القيام برد فعل فوري وإعلان الحرب على ألمانيا
كان القادة الألمانيين وضعوا حسابات يفترضوا فيها بأنّه لن يكون لدى البريطانيين وقت للوصول إلى القارة الأوروبية، وستنتهي الحملة على بلجيكا بسرعة شديدة ..