غزوة باريس ..وغزوة بيت المقدس..؟
المحامي سفيان الشوا
يا ابن اخي
تابعنا ما جرى في (غزوة باريس) وما ارتكبته (داعش.).من الجرائم وحقيقة تألمنا كثيرا..وحزنا كثيرا .. فدورة العنف هي الاكثر شيوعا هذا الزمان فقتل الابرياء اصبح محلا للتفاخر ويستحق اوسمة ونياشين.. بدلا من اعتباره مجرما يقضي عمره بين قضبان الزانزين.. اذا لم يعلق على اعواد المشانق جزاء له عن فعله. فالله تعالى قال (من قتل نفسا بغير حق كانه قتل الناس جميعا )هذا في ادبيات الديانة الاسلامية.
يا ابن اخي
ان كل عاقل يجب ان يسأل نفسه لماذا اختارت (داعش) او الدولة الاسلامية (باريس) بالذات لهذه الغزوة..؟ يخطىء من يعتقد ان (غزوة باريس ) هي نزهة او هي مجرد صدفة .نعتقد اعتقادا شخصيا ان (غزوة باريس) هي نتاج طبيعي لتاريخ اسود ساد العلاقة الفرنسية الاسلامية.. منذ قديم الزمان فبعد (العهدة العمرية) سنة15 هجرية امن امير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه المسيحيين في بيت المقدس على انفسهم واموالهم وكنائسهم وصلبهم .وكان هذا قمة التعايش الاسلامي المسيحي والعدل من المسلمين تجاه المسيحيين.
يا ابن اخي
فرنسا وكثير من الدول الاوروبية قابلت السماحة الاسلامية بالعنف والمجازر والقتل بابشع صوره .التاريخ مدرسة لكل من يتعلم .بدأت الحروب الصليبية لاحتلال (فلسطين وبيت المقدس) بعد تحريض البابا (اوربان الثاني) بابا الفاتيكان وهو قمة التعصب الديني وعدم احترام تعاليم السيد المسيح .فانطلقت جيوش فرنسا وعلى رأسها الملك فيليب اوغيست الثاني نحو ديار المسلمين وتحديدا بيت المقدس.
يا ابن اخي
لا ندري لماذا فرنسا بالذات هي التي بدأت بارسال جيش لغزو المسلمين..؟ انه العقلية الاستعمارية الدموية ما زالت جيناتها تجري في دماء الفرنسيين.. مقابل المحبة والعدالة والتسامح الاسلامي.. فان القرآن الكريم مليء بآيات المودة والتسامح مثل (لكم دينكم ولي دين ) وايضا (ولا تجادلوا اهل الكتاب الا بالتي هي احسن ) (ولتجدن اشد الناس مودة للذين امنوا الذين قالوا انا نصارى )..الخ. عشرات السور والايات والاحاديث النبوية الشريفة تدعو الى العدل والتسامح .خاصة مع اخواننا المسيحيين سواء في (مكه المكرمة) او في( القدس الشريف )او في مكان في العالم.
يا ابن اخي
لو تعلم ماذا عملت فرنسا والدول الاوروبية في (القدس الشريف)..فسوف يقف شعر رأسك عجبا..؟ تصور ان الفرنسيين ومن معهم من الصليبيين عندما دخلوا القدس الشريف سنة 1099 قتلوا 100000 مائة الف مسلم ..بحد السيف .يقول( ابن خلدون) في كتابه العبر ما يلي :- (استباح الفرنجه بيت المقدس واقاموا في المدينة اسبوعا ينهبون ويدمرون واحصي القتلى في المساجد فقط.. من الائمة والعلماء والعباد والزهاد المجاورين فكانوا 70000 سبعين الفا او يزيدون .).!!
يا ابن اخي
تصور ان الامير الفرنسي ( رينالد دي شاتيون) اثناء الحملة الصليبية نقل المراكب على الجمال ..الى البحر الاحمر وكان يريد ان يغزو مكه المكرمة والمدينة المنورة عن طريق البحر الاحمر ..(وينبش قبر الرسول) سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ..هذه كانت اخلاق الفرنسيين تجاه الاسلام والمسلمين ..قديما فهل تغيرت هذه الايام..؟ نأمل ذلك..
يا ابن اخي
اذا نظرنا الى علاقاة فرنسا مع المسلمين ..تجد العجب العجاب فقد احتلت فرنسا الجزائر العربية الاسلامية سنة 1830 واعتبرتها جزءا من فرنسا وارتكبت المجازر البشعة التي لا توصف فان وحشية الاستعمار الفرنسي في الجزائر لم تقتصر على تدمير المساجد او تحويلها الى كنائس بل قتلت المصلين فقد قتلوا 4000 اربعة الاف مسلم في مسجد( كنتاوه ) وليس سرا انهم قتلوا مليون جزائري فالجزائر اصبحت تعرف ببلد المليون شهيد .قبل ان تجبر القوات الفرنسية على الرحيل من الجزائر سنة 1962.
يا ابن اخي
تصرفات فرنسا الظلامية مع المسلمين تحتاج الى مجلدات ابشعها اتفاقية (سايكس بيكو)وهما وزير خارجية انجلترا ووزير خارجية فرنسا بتقسيم العالم العربي بعد الحرب العالمية الاولى سنة1916.اما ما قدمته فرنسا الى اسرائيل فلا تسأل عنه لقد اعطتها كل ما تحتاجه من ترسانة القتل ضد الفلسطينيين بما في ذلك او مفاعل نووي هو مفاعل( ديمونه) وجعلت اسرائيل دولة نووية ولم تبالي بكل الفلسطينيين ولا بالعرب ولا بالمسلمين..ولا نعلم سببا لهذا.فهي بلد الحريات بلد الديمقراطية والحرية والعدالة ويكفي ان كثيرا من التشريعات العربية اخذت من الفقه الفرنسي فالعرب والمسلمون احق الناس بمحبة فرنسا ومد يد الصداقة الحقيقية اليهم.
يا ابن اخي
ان (داعش) او الدولة الاسلامية ليست المنظمة الاولى التي تظهر في العالم تقتل هنا وتقتل هناك فهي امتداد لتاريخ العنف في العالم ..او كما انها لن تكون الاخيرة انظر الى ارهاب اسرائيل اليومي امام العالم كله . فلا نعرف معنى الارهاب في مفهوم فرنسا والدول الاستعمارية ..؟مما سبق يظهر ان (غزوة باريس) ليست وليدة اليوم ..وانما هي نتيجة تراكمات من الاهانات قامت بها (فرنسا) ضد المسلمين بدون اي مبرر.وان كنا نرفض قتل الابرياء.
يا ابن اخي
نحن نكرر اننا حزنا بقتل الابرياء في باريس مثل حزننا لقتل اخواننا في القدس والضفة الغربية وغزة على يد القوات البربرية الاسرائيلية.فنحن لا نؤيد العنف مهما كانت اسبابه ونتمنى ان نرى عالما تسوده العدالة والتسامح بعيدا عن ظلم الناس في اي مكان وتوفير العيش الكريم لنا وللعالم اجمع في ظل القيم السماوية والاخلاق السامية . فاللهم انصرنا على انفسنا ..وابعدنا عن كل ما يغضبك ولا يرضيك انك نعم المولى ونعم النصير .