كيفية عدة المطلقة
مقدمة
حينما يضيقُ الحالُ بالزوجين فلا يطيقُ أحدُهما الأخر، ولا يتقبل رأيه؛ لاختلافٍ في العادات وفي وجهات النظر، وحينما يرى الزوجان أنَّ بيتهما سجن لهما، وأنَّ استمرار الحياة بينهما مستحيل، ماذا يكون الحل سوى الطلاق؟ فقد أحلَّه اللهُ عزَّ وجلَّ ليكونَ هو الحلَّ بعد أنْ تنفذ كلُّ الحلول، ولكنَّ أبغضَ الحلالِ عند اللهِ الطلاق، وقد جعلهُ اللهُ يَمُرُ بثلاثِ مراحل، بِقصدِ التروِّي وإعادة النظر، كما وأمرنا ألاَّ نُقْبِلَ على هذه الخطوة إلاَّ بعد إعمال العقل والتفكير جيدا، ولكي نُلِمُّ بموضوعِ الطلاق من كلِّ جوانبه، دعونا نتعرف على الطلاق عند المسلمين، ثم نعرف أنواعه وحكمه، ثم نتحدثُ عن العدة؛ لما لها من صلةٍ في الطلاق، ونتعرفُ على الحكمةِ منها ومدتِها وأحكامِها.
الطلاق
وهو أنْ ينفصلَ الزوجُ عن زوجتِه بطقوسٍ وإجراءاتٍ دينيةٍ وقانونيةٍ مُعينة، مأخوذةٌ من الديانةِ التي ينتسبون إليها، والطلاقُ عند المسلمين هو حلُّ عَقْدُ النكاحِ بلفظٍ صريح، كأن يقول الزوج لزوجته " أنتِ طالق"، أمامها أو في غيابها أو أمامَ القاضي، والأصلُ أنْ تكونَ العِصْمَةُ (أي أمرُ الطلاق) بيدِ الرجل، فهو أقدرُ على التحمُّلِ وضبط النفس من المرأة، ولكن قد تكون العصمة بيد المرأة في حالة تم الاتفاق على ذلك في عقد النكاح.
أنواعُ الطلاقِ عند المسلمين
تتعددُ أنواع الطلاق في الدين الإسلامي، فالطلاقُ يمرُّ بثلاثِ مراحلٍ وهي:
الطلاق الرجعي
وهي أول طلقة، حيث أنها طلقة يمكن تداركها، فهي لا تُبطلُ عقدَ النكاح، ويمكن للزوجة أن تتزين أمام زوجها وأن تتطيب له وأن يلمسها دون الجماع، ويُرجع الزوج زوجته إذا ندم على فعلته فمسَّ يدها، أو قال لها إنِّي أَرْجَعْتُكِ، وهذه الرجعة لا تمحو الأثر فهي تُحسب طلقة، فيبقى للزوج طلقتان.
الطلاق البائن بَيْنُوْنَةٌ صُغْرَى
في حال لمْ يُرْجِعْ الزوجُ زوجته ولم يمسها خلال فترة ثلاث حيض بانت عليه، فلا يجوزُ له أن يمسها ولا تتزين له، ولا يرثُ أحدهما الأخر، وإذا أراد أن يرجعها بعد الثلاث حيضات يحتاجُ لعقدٍ ومهرٍ جديدين، مع موافقتها ورِضَاءِها، لكنَّها لا تحتاج لأن تتزوج بغيره كي يتزوجها، وهي تُحسب عليه طلقة ثانية.
الطلاق البائن بَيْنُونَةٌ كُبْرَى
وهي الطلقة الثالثة التي تُنهِي عقدَ النكاح تماما، ولا رجعة فيه، إلاَّ إذا نَكَحت الزوجةُ زوجاً غيره، ويشترط في الزواج من غيره أن يكون زواجاً شرعياً متكاملاً، وليس لمجرد المتعة أو لمجرد أن يُحَلِّلَ الرجلُ المرأةَ لزوجها، فهذا الأمر حرام.
طرق أخرى للطلاق
وهناك طرق أخرى للطلاق، ولكنها لا تحدث إلا في حالات خاصة، وهذه الطرق هي:
الخُلع
وهو أن يُطلِّقَ الرجلُ زوجته مع تنازل الزوجة عن حقوقها، وتلجأُ إليه المرأة التي لا تطيق العيش مع زوجها، وهذا جائزٌ في الإسلام.
طلاق القاضي
بحيث يقوم القاضي بتطليق الزوجة وذلك لأسبابٍ عديدة، مثل أن يكون الزوج مجهول المصير وغائب منذ مدة، أو أن يهجر الزوج زوجته مدة طويلة بدون إنفاقٍ عليها.
حُكْمُ الطلاق
يكون الطلاق مُحَرما إذا وقع في الحيض، أو في طُهر قد مسَّها الرجلُ فيه.
يكون الطلاق مكروها إذا كان لا سبب له، وبعض العلماء يقول أنَّ هذا الطلاق حرام أيضا.
يكون الطلاق واجبا إذا رأى أهلُ الخير والحكمان أنّ الطلاق أفضل للزوجين.
وهناك الطلاق الذي لم يكنْ فيه الرجل ينوي الطلاق، وهذا لا يقعُ واستدل العلماء على ذلك بقولِ الرسول صل الله عليه وسلم " إنَّما الأعمالُ بالنيات"، ولكنَّ الحُكم على النية مرهونٌ بذمةِ الرجل.
عدةُ المرأةِ المُطلقة
لكي نتعرف على عدة المطلقة علينا أولا أن نعرف ما هي العدة؟ وما هي الحكمة منها؟
ما هي العدة
العدةُ هي مدةٌ زمنيةٌ تَمْتَنِعُ فيها المرأة عن الزواجِ بعد طلاقها أو بعد وفاة زوجها، وهي في الدين تَرَبُّصُ من فارقت زوجها بوفاةٍ أو حياة.
ما هي الحِكمة من العدة
إنَّ في العدة حفظٌ للأنسابِ من الريبِ والشك، وذلك من خلال الحُكم ببراءةِ الرحم، معنى ذلك أنَّ التي تَعْتَدُ لمدة ثلاث حيض تقطعُ الشكَّ باليقينِ بأنَّها لا تحمل طفلا من طليقها أو فقيدها، فلا يحدث أي اختلاط للأنساب في حال تزوجت بعد فقيدها أو طليقها، وثبت في الطب أنَّ التأكدَ من براءةِ الرحم يكون بعد ثلاث حيضات، وقد يقول البعض أنَّ المرأةَ تكفيها حيضة واحدة لتعرف إذا كانت تحمل أو لا، ولكن أثبت الطب أنَّ هناك حالات استثنائية تجعل دم الحيض ينزل مع وجود حمل في الشهر الأول والثاني من الحمل، فقد يحدث النزف في الشهر الأول بسبب تعشيش البويضة (رويل الحبل)، وهناك من تحمل رحمين، فيحدث النزفُ في أحدهما ويكون الحمل في الأخر، وهذا الأمرُ نادر الحدوث، وقد يحدثُ النزف في الشهر الثاني بسبب الإصابة بالرُحى العدارية.
وفي العدةِ حفاظٌ على تماسكِ الأسرة، ومنح الفرصة للطرفين لكي يُراجعا أمر الطلاق جيدا، ويكون ذلك في الطلاق الرجعي والطلاق البائن بينونة صغرى، بحيث تكون عدة المرأة ثلاث حيضات، ولذلك أحلَّ الله للمطلقةِ طلقة رجعية أنْ تتزينَ لزوجِها، وحرَّم أنْ يقومَ أحدٌ بخطبتِها أو العقد عليها، كلُّ هذا حفاظاً على تماسك وترابط الأسرة المُسلمة.
عدم نسيان فضل الزوج، والحزن والحداد عليه في حالةِ الوفاة، والحزن على تفكك الأسرة وأيام العِشْرَةِ بين المرأةِ وطليفها.
كم تكون مدة العدة
مدة العدة للمرأة المتوفى عنها زوجها
تكون مدة العدة للمرأة المتوفى عنها زوجها، أربعة أشهر وعشرة أيام بلياليها، إذا لم تكن حاملا، أمَّا إذا كانت حاملا فتكون مدة عدتها حتى تضع حملها سواء قصرت المدة أم طالت.
مدة العدة للمرأة المطلقة
إذا تم الطلاق قبل الخلوة الشرعية (أي قبل أن يحدث الجماع)، فلا يكون للمرأة عدة، حيث يحل لها أن تخطب وتتزوج بعد الطلاق مباشرة. أمَّا إذا تم الطلاق بعد الخلوة الشرعية فإنَّ لذلك أحكام وهي:
إذا كانت حاملا، فعِدَّتُها حتى تضعَ حملَها، حتى وإن كانت في شهرها التاسع، فإذا طُلِّقَتْ وكانت حامل، ثم أنجبت المولود بعد الطلاق بيوم تكون قد انتهت مدة عدتها.
إذا كانت من ذوات الحيض وهي غير حامل فعدتها ثلاث حيض كاملة، أي تأتيها ثم تَطْهُر بعد الزواج ثلاث مرات.
إذا كانت لا تحيض لكبرِ سنها أو لصغرها فإنَّ عدتها ثلاثة أشهر.
إذا كان رحمها مستأصلٌ، فهي لا تحيض، تكون عدتها ثلاثة أشهر.
إذا ارتفع الحيض عنها وتعلم ما هو سبب رفعه، فتنتظر حتى يزول الرافع، وتعتد ثلاث حيض.
إذا ارتفع الحيض ولا تعلم السبب، فتعتد تسعة أشهر للحمل وثلاث للحيض.
أين تقضي المرأة مدة العدة
المرأة المتوفى عنها زوجها
تقضي المرأة المتوفى عنها زوجها مدة العدة في بيت زوجها، ولا تتركه إلاَّ في حال وجود عُذر، فلا تتزين، ولا تتطيب، ولا تصبغ شعرها بحنةٍ أو بغير حنة، ولا تلبس الحُلِّي، ولا ترتدي ثيابا ملونة بغرض الزينة، ولا ترتدي ثيابا سوداء، ولا تخرج من هذا البيت إلاَّ في حالة وجود أمر طارئ كمراجعةِ الطبيب مثلا، حيث تخرج في النهار وتعود إلى البيت نفسه قبل الغروب.
المرأة المطلقة
المرأة المطلقة طلقة رجعية والمطلقة طلقة بائنة بينونة صغرى، تبقى في بيت زوجها، ويُحرم عليها الخروج منه، فتتطيب وتتزين وتلمسه ويلمسها ولكن الجماع لا يجوز لهما إلاَّ في حالة الإرجاع، وذلك حتى يرقّ قلبه عليها، فيعيد النظر في أمر طلاقها.
المرأة المطلقة طلقة بائنة بينونة كبرى، تخرج إلى بيت أهلها، ويحلّ لها أن تتطيب وأن تتزين وأن تلبس الحُلِّي في مدة العدة، ولكن لا يجل لها أن تخطب أو أن تتزوج، إلى أن تنهي مدة العدة.
كيف تكون عدة المرأة المتوفي زوجها
أوجب الدين الأسلامي على المرأة الأرملة التي توفي عنها زوجها مدة زمنية تجلس فيها بمنزلها تسمى العدة ، و أثناء هذه الفترة التي تسمى العدة لا يجب على المرأة أن تكشف نفسها على من هم محرمين عليها في الشريعة الإسلامية .
وقد ذكر وجوب عدة المرأة الأرملة التي توفي عنها زوجها في القرآن الكريم وفي السنة النبوية الشريفة لقوله تعالى : " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير " سورة البقرة ، وقول الرسول صل الله عليه وسلم : " أمكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله".
تختلف المدة التي يجب أن تقضيها المرأة الأرملة التي توفي عنها زوجها في بيتها حسب الحالات التالية :
المرأة الحامل تكون فترة عدتها حتى تضع مولودها وتنتهي فترة العدة بإنتهاء الحمل لقول المسور بن مخزمة : " أن سبيعة الأسلمية رضي الله عنها نفست بعد وفات زوجها بليال فجاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأذن لها فنكحت " ، ونستدل من خلال هذا الحديث أنه يجوز للمرأة الزواج وإنتهاء فترة عدتها بعد الولادة بأربعين يوماً أي بعد نفاسها حيث أذن النبي صل الله عليه وآله وسلم لسبيعة الأسلمية بذلك ويجيز للمرأة في قول إبن شهاب : " ولا أرى بأساً أن تتزوج حيث وضعت وإن كانت في دمها غير أن لا يقربها زوجها حتى تطهر " أي بعد ولادتها مباشرة دون حاجة للإنتظار أربعين يوماً.
عدة المرأة الغير حامل هي أربعة أشهر وعشرة أيام كما ذكر في سورة البقرة في قوله تعالى : " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً " ولا يجوز لها الخروج خلال هذه الفترة إلا لأسباب قاهرة لقوله صل الله عليه وآله وسلم : " أمكثي في بيتك الذي أتاك فيه نعي زوجك حتى يبلغ الكتاب أجله " .
حكمة ودلالة عدة الأرملة التي توفي عنها زوجها
عظمة النكاح عند الله وأنه أمر لا يجوز التلاعب فيه .
تنظيف وتطهير الرحم حتى لا تختلط الأنساب .
إتباع أوامر الله تعالى وإجتناب نواهيه لأن الله تعالى بكل شيء عليم .
في بعض الظروف أجيز للمرأة الأرملة الخروج للعمل إن لم يكن لديها معيل وهي من تقوم بالانفاق على أولادها فالدين الإسلامي دين الرحمة واليسر .