وسائل التبريد قديماً
التبريد
تعدّ عمليّة التبريد من الأمور المهمّة جداً بالنسبة للإنسان، فجسم الإنسان بحاجة ماسة إلى أن يعيش في وسط معتدل الحرارة، وتكمن أهميّة التبريد في أيّام الصيف الحارة والتي يتعرّق فيها الإنسان بشكل كبير، ممّا يؤدّي إلى فقدان جسمه لكثيرٍ من السوائل، والّذي يؤدي في بعض الأحيان إلى الإصابة بالجفاف وبالتالي تعريض جسم الإنسان إلى العديد من المشاكل الصحيّة، كما أنّ التبريد مهم جداً لحفظ الأطعمة والأغذية التي يتناولها الإنسان يومياً كاللحوم والخضروات والفواكه لتبقى محتويةً على جميع القيم الغذائية المهمّة، ولتبقى بأفضل حال ولأطول فترة زمنيّة ممكنة.
في قديم الزمان لم تكن الكهرباء معروفة، لذا لم تكن أي من أجهزة التكييف والتبريد الحديثة والتي تعمل على الكهرباء موجودةً آنذاك، ففي أيّامنا هذه توصّل الإنسان إلى اختراع المراوح الكهربائيّة وأجهزة التكييف التي تعمل طوال الوقت لتبريد وتلطيف الجو المحيط بالإنسان، كما توصّل إلى اختراع أجهزة لتبريد وتجميد الأطعمة، حتّى تمكّن الإنسان من حفظها لتبقى في حالة جيّدة لأطول مدة زمنيّة ممكنة.
ولم تكن التطوّرات التي توصّل إليها الإنسان اليوم من المكيّفات والبرادات موجودة في القدم أيضاً؛ بحيث كان التبريد يتلخّص للإنسان آنذاك في التخلص من تسلّط سطوع أشعة الشمس نهاراً، والاستفادة من البرودة ليلاً، ومع ذلك استطاع الإنسان عمل وسائل بسيطة من شأنها تخفيف حرارة الجو القاسية عنه.
وسائل التبريد قديماً
ماسكات الريح: وهي عبارة عن تقنية قديمة تعمل على صيد الهواء من الخارج لتخلق تدفّقاً هوائيّاً داخل المباني.
طريقة بناء البيوت: وذلك من خلال جعل جدرانها أسمك وبالتالي تقلّل من التبادل الحراري الحاصل مع البيئة الخارجية، ونوافذ هذه المنازل كانت تصمّم في المناطق التي يصعب على أشعة الشمس دخولها، كما أنّ البيوت القديمة كانت تُبنى في بعض الأحيان على المغارات، وذلك لاتّسامها بالبرودة الشديدة حتى في أيّام الصيف الحارة.
السراديب: وهي عبارة عن غرف كبيرة وواسعة كان يتمّ تشييدها أسفل المباني؛ بحيث كانت تتواجد في باطن الأرض تقريباً، لذا لم تكن أشعّة الشمس تصل إليها أبداً، وقد تمّ عمل مجاري لدخول الهواء إليها، وبالتالي الحصول على الهواء البارد والنسيم العليل.
العاكول: وهو نوع من الأشواك البريّة، وكان يوضع في منتصف شبكة مكوّنة من طبقتين من جريد سعف النخيل؛ بحيث كانت تربط إمّا بالأسلاك أو بخيوط السلتي، وكان يتمّ رشّها بالماء بين الفينة والأخرى، بحيث توضع هذه الشبكة كحاجز أمام الأبواب والنوافذ لتحوّل الهواء الساخن القادم من الخارج إلى نسيم بارد.
البادكير: وهو مبنى صغير مرتبط بالسرداب من الأسفل، مجوّف ومثلّث الشكل؛ بحيث لا يزيد طول قاعدته وارتفاعه عن المتر الواحد، كما أنّ به فتحة من الشرق، ووظيفتها تمكين الهواء الشرقي البارد من الدّخول.
عندما نتحدث عن طرق التبريد القديمة تأتي إلينا صورة المراوح الورقية أو يخيل لشخص صورة أمير مع مجموعة من الخدم يحركون الهواء من حوله بواسطة مراوح كبيرة الحجم تشبه تلك الصغيرة الورقية ، في إعتقادي إن وسائل التبريد القديمة كانت تتمحور حول الإستفادة الممكنة من برودة الجو الخارجي ليلاً والتخلص من تلسط أشعة الشمس نهاراً وكان ذلك واضحاً في الأبنية القائمة وأماكن إقامتها ووجهة النوافذ والإستمرارية الممكنة للهواء العابر .
ما أصبح أكثر وضوحاً من أي وقت مضى هو أن العديد من المباني اليوم "الحديثة" والمنازل لم تكن مصممة للتعامل مع هذا النوع من الحرارة ، واعتمدت بشكل كلي على تكييف الهواء، ثلاجات ومراوح تعمل كهربائياً، بعد ذلك تم إستخدام تقنيات التبريد المتفاعلة في العمارة كوسيلة طبيعية للخلاص من شمس الصيف ، حيث أصبحت الإستدامة مصدر قلق متزايد لكثير من التصاميم، هذه التقنيات قد بدأت لرؤية ولادة جديدة في مشهد المباني الخضراء اليوم ، ولكنها في الحقيقة نفس الوسائل القديمة التي إتبعها القدماء في تبريد المباني القديمة قبل وجود المراوح ومكيفات الهواء ويبدوا ذلك واضحاً في بناء الأماكن القديمة .
مناطق أردنية يتضح فيها التكييف الطبيعي:-
1- عند زيارتك لجرش ستلاحظ وجود أماكن مكيفة تكيفاً طبيعياً لتشعر بالهواء الرطب يدب في جسدك ما إن تدخل بها وتكون على شكل فجوات في الصخر مفتوحةً من الجانبين .
2- كذلك يظهر الأسلوب القديم في التكييف في مدينة ام الجمال القابعة وسط الصحراء وما إن تدخل مبانيها تشعر بروحك تنتعش ، إن هذه الأبنية إعتمدت في تصاميمها على دراسة حركة الهواء وزوايا سقوط الشمس وكما إعتمدت على عزل الجدران لمنع الحرارة من الدخول صيفاً وكما إعتمدت على كاسرات الشمس لمنع دخول أشعة الشمس في فصل الصيف دون الحول دون وصولها في فصل الشتاء وكما تم الإعتماد على دراسة حركة الهواء داخل المبنى وعزل الغرف عن بعضها البعض ، أما بالنسبة لتبريد المياه فقد تم جر أنابيب المياه تحت الأرض مما يسمح لها بالحصول على البرودة المناسبة من الغطاء الترابي حولها إن هذه الأمور والوسائل نفسها التي باتت تستخدم اليوم في البيوت ومباني الخضراء .
ماسكات الريح أسلوب قديم متجدد :-
لإنجاز نسيم داخلي طبيعي، نستخدم ماسكات الرياح و حرفياً عملية "صيد" الريح وخلق تدفق للهواء داخل المباني ، وتستخدم هذه الطريقة على نطاق واسع في الشرق الأوسط، و هذه التقنية يمكن أن تعمل أيضاً في واحد أو أكثر من ثلاثة طرق ،وذلك إما بدخول الرياح مباشرةً من خلال القامة، وجود برج مع فتحة، مما يكون تدفقاً للهواء الهابط، أو نسيم الطبيعي ، فتجد الهواء البارد من الأسفل يملأ الفراغ، وكما يسمح للهواء الساخن الكثيف بالهروب من خلال النفق ، و على العكس، قد يتم سحب الهواء الساخن من خلال النفق، حيث يتم تبريده في مساحة تحت الأرض ، (وأحياناً يكون ذلك مع استخدام الماء).