رسائل القسام المباشرة والخفية لإسرائيل بكشف أسرار «فرقة سجن شاليط»
أشرف الهور
DECEMBER 30, 2015
غزة ـ «القدس العربي»: لا يفهم من كشف كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس بأوامر من قائدها العام محمد الضيف، عن أفراد الوحدة التي كانت تحتجز الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، طوال خمس سنوات، قبل إطلاق سراحه ضمن صفقة لتبادل الأسرى في عام 2011، سوى أن الحركة أرادت من وراء ذلك «تحريك المياه الراكدة» في الصفقة المقبلة، والإيعاز لحكومة تل أبيب، بأنها لن تتمكن من الكشف عن أي خيوط تدلها لجنودها الأسرى الحاليين في غزة بهدف إخراجهم، سوى بصفقة جديدة تكون مقابل ثمن ترضاه حماس.
في البداية جاء الكشف الليلة قبل الماضية عن جنود حماس الذين اشرفوا على احتجاز الجندي شاليط، الذي ظل حبيسا دون الكشف عن مصيره أو الكشف عن «فرقة السجن» منذ أسره في 26 يونيو/ حزيران 2006، حتى إتمام صفقة التبادل في 2011. وجاء الإعلان بعد أن استشهد آخر أفراد هذه المجموعة في مهمة عمل، في حفر «أنفاق المقاومة»، وهو القائد الميداني في حماس عبد الله المباشر، وهي رسالة تدل على استمرار القسام في كتمان أسرار وحدة الأسر أو «فرقة السجن»، إلى أن فارق آخرهم الحياة.
وبالعودة قليلا إلى عملية خطف الجندي شاليط، فقد تمت خلال تسلل وحدة هجوم من ثلاثة فصائل مسلحة أحدها كتائب القسام، إلى ثكنة عسكرية إسرائيلية تقع على تخوم حدود غزة الجنوبية، وذلك من خلال نفق أرضي، تمكن خلاله المهاجمون من قتل عدد من الجنود وأسر شاليط من إحدى الدبابات، والعودة به من فوق الأرض إلى قطاع غزة، لتبدأ إسرائيل هجوما على غزة أسمته «أمطار الصيف» لإعادة جنديها المخطوف، وحفظ ماء وجهها بعد فضيحة الحدود، غير أن الهجوم وما تبعه من حرب شنتها في نهايات عام 2008، لم تفلح في فك لغز اختفاء شاليط، وهو ما أجبر إسرائيل أخيرا وفي عام 2011، عبر وساطة مصرية إلى تلبية شروط حماس، بإطلاق سراح 1027 أسير نصفهم من ذوي المحكوميات العالية مقابل إخلاء سبيل هذا الجندي.
ومساء أول من أمس أعلنت القسام، أنها بأوامر من القائد العام محمد الضيف «أبو خالد»، تقرر السماح بنشر تفاصيل جديدة عن دور «ثلة من شهداء القسام» في عملية احتجاز شاليط.
وكشفت كتائب القسام في تصريحٍ لها، أن جميع من أشرفوا على أسر شاليط خلال السنوات الخمس التي قضاها في غزة هم القادة الميدانيون: سامي الحمايدة وعبد الله علي لبد وخالد أبو بكرة ومحمد رشيد داود وعبد الرحمن المباشر، وتلى ذلك أن نشر أمس صورا جديدا للشهيد الأخير وهو بجانب الجندي شاليط خلال أسره.
وقالت الكتائب إن القائد العام لها قرر السماح بنشر تفاصيل جديدة عن دور هؤلاء في «العملية الأضخم والأكثر تعقيداً في تاريخ الصراع مع العدو»، التي دارت فصولها على مدار أكثر من خمس سنوات.
وعلى الأرجح أرادت القسام، توجيه رسائل للمجتمع الإسرائيلي، خاصة عوائل الجنود الذين أعلن عن أسرهم خلال وبعد الحرب الأخيرة على غزة صيف 2014، من أجل الضغط على حكومة تل أبيب، لحثها على تلبية شروط حماس وإبرام صفقة تبادل جديدة، إضافة إلى توجيه رسالة مباشرة للحكومة الإسرائيلية تشير إلى أن الوصول للجنود الأسرى في غزة سيكون أمرا صعبا بل مستحيلا، دون اتمام صفقة على غرار «صفقة شاليط».
ومن باب التذكير، فقد جندت إسرائيل وقت أسر شاليط كل طاقاتها الاستخبارية من أجل الكشف عن مكان وجوده، وجندت من أجل ذلك الكثير من العملاء، إضافة إلى لجوئها إلى الوسائل التكنولوجية الحديثة، غير أنها لم تفلح في فك طلاسم الاختفاء، ما أجبرها وبعد خمس سنوات على الرضوخ لشروط حماس.
وبهذه الطريقة أراد الجناح المسلح التأكيد على أن اختراق منظومته الأمنية من قبل إسرائيل سيكون صعبا، مستعينا بتجربته السابقة التي سجل فيها نجاحا كبيرا.
وخلال الحرب الأخيرة على غزة أعلنت القسام عن تمكنها من أسر الجندي أرون شاؤول، خلال التوغل البري لقوات الاحتلال في حي الشجاعية، شرق مدينة غزة لتعود إسرائيل وخلال الحرب لتعلن عن اختفاء الضابط هدار غولدن خلال اشتباك مسلح مع نشطاء حماس على حدود مدينة رفح الشرقية، غير أن القسام لغاية اللحظة لم تعلن عن أسر هذا الضابط، وتقول إسرائيل إن الجنديين شاؤول والضابط غولدن، قتلا قبل خطفهما.
وكشفت إسرائيل فيما بعد أنه بعد الحرب أسرت حماس أحد مواطنيها من أصل إثيوبي، ويدعى أبرهام منغستو، وخدم في قوات حرس الحدود الإسرائيلية، إضافة إلى مواطن بدوي يحمل الجنسية الإسرائيلية.
وقبل أسبوعين تقريبا تفاعل ملف الجندي شاؤول، حين أعادت وسائل إعلام إسرائيلية «رسالة مفترضة» نشرها موقع أمني مقرب من القسام، تحاكي إرسال هذه الجندي رسالة لوالدته، تشرح ظروف أسره في غزة، وردت بعدها والدته تطالب إسماعيل هنية قائد حماس في غزة، بالكشف على أن نجلها على قيد الحياة، من أجل أن تبدأ بحملة كبيرة لإطلاق سراحه.
لكن حماس لم ترد على طلبها، وكرر فيما بعد قادة حماس، أن فتح ملف التفاوض من أجل إتمام صفقة التبادل الجديدة، يجب أن يسبقه قيام حكومة إسرائيل بإطلاق سراح جميع الأسرى الذين أفرج عنهم في «صفقة شاليط» وأعيد اعتقالهم.
يشار إلى أنه عقب الكشف عن أسماء هؤلاء القادة الميدانيين في كتائب القسام، عادت القسام، ونشرت تفاصيل أكثر عنهم. وذكر أن القائد الميداني الشهيد سامي الحمايدة: ولد في 18من يناير/ كانون الثاني 1975م لأسرة لاجئة، وأنه شارك في قصف المستوطنات والمواقع الإسرائيلية التي كانت تحيط بمدينة رفح بالصواريخ والهاون، بالإضافة لمشاركته في عدد من عمليات القنص، وعمليات تفجير العبوات، وأنه كان أحد أبطال وحدة «مكافحة الإرهاب» القسامية المتخصصة في حفر الأنفاق، وأنه قضى في 25 يناير/كانون الثاني من عام 2008 في عملية اغتيال نفذتها طائرات إسرائيلية.
أما الشهيد عبد الله لبد، فهو من مواليد 1968، في مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة، وانضم مع بداية انتفاضة الأقصى لكتائب القسام، وبرز في «جهاز التصنيع» وتحديدا في صناعة العبوات الناسفة والمواد المتفجرة، واستشهد برفقة شقيقه الشهيد إسماعيل لبد والشهيد محمد الداية في الثاني من أبريل/ نيسان 2011 في قصف من طائرات استطلاع إسرائيلية.
والشهيد الثالث هو القائد الميداني خالد أبو بكرة، من مدينة خان يونس، وشارك في زرع العبوات على طول الخط الحدودي، بالإضافة إلى مشاركته في حفر الأنفاق وزراعة العبوات «البراميل» داخلها. واستشهد في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني 2013 داخل أحد أنفاق القسام، بعد اشتباك خاضوه مع قوة إسرائيلية ضمن عملية «بوابة المجهول».
أما الشهيد محمد رشيد داود، فهو من حي الأمل خان يونس، وعمل في صفوف القسام في وحدة المدفعية وحفر الأنفاق، وزرع العبوات، واستشهد برفقة الشهيد أبو بكرة.
وكان آخر هؤلاء الشهيد عبد الرحمن المباشر، وهو من خان يونس أيضا وقضى فجر يوم 28 ديسمبر/ كانون الأول الحالي، في انهيار نفق للمقاومة.
وعقب إعلان القسام عن محتجزي شاليط، خرجت مسيرات عفوية في مدينة خان يونس، في ساعة متأخرة من الليل، شاركت فيها جماهير غفيرة، وتوجهت إلى منازل عوائل الشهداء.
أشرف الهور