منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 مواضيع في علم النفس التربوي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

مواضيع في علم النفس التربوي Empty
مُساهمةموضوع: مواضيع في علم النفس التربوي   مواضيع في علم النفس التربوي Emptyالإثنين 04 يناير 2016, 5:37 am

دور الانفعالات في الحياة الاجتماعية

د. عامر الغضبان

مواضيع في علم النفس التربوي 9c6fe1c968db328e216ec811fa7a37c6_L

تخيل أن إنساناً اختفت عواطفه فجأة، كيف ستكون حياته الاجتماعية؟ كيف ستكون علاقاته مع الآخرين؟ وتعامله مع المواقف الاجتماعية؟
أو... لماذا تتخيل ذلك؟ يمكنك التعرف إلى حوادث حدثت في الحقيقة انتزعت فيها أجزاء من الدماغ مسؤولة عن الانفعالات، في تجارب على بعض الحيوانات، أو حالات توقفت فيها هذه الأجزاء عن العمل بعد تلفها بسبب حوادث معينة في أدمغة الإنسان، أو انتزعت لعمليات جراحية.


ومن أبرز ما توصلت إليه نتائج الدراسات على أجزاء الدماغ التي تتصل بالجهاز الانفعالي عند الإنسان وجود الصلة بين عمل هذه الأجزاء ورغبة الإنسان في بناء علاقات اجتماعية أصلاً، فبعض الأفراد الذين أزيلت لديهم "الأميجدالا" أصبحوا غير مكترثين بالآخرين، ويفضلون الانطواء مع أن لديهم بعض القدرات الاجتماعية مثل التحاور مع الآخرين، كما عجز هؤلاء الأفراد عن إدراك الشعور اللازم ببعض المواقف الاجتماعية، مثل الشعور بالكرب عند مواجهة المحنة، وأصبحت حياتهم مجردة من أي دلالات يفرقون بها بين مختلف المواقف الاجتماعية.
ويعتقد كذلك أن غياب المشاعر لدى الإنسان يجعله فاقداً للإحساس بموقفه في النظام الاجتماعي، وغير مدرك لما يطلب منه من سلوك ودور نتيجة وجوده بموقف معين في مجموعة اجتماعية ينتمي إليها، فهو لا يحدد الأدوار المطلوبة من الوالد، أو الرئيس، أو المرؤوس، أو الضيف، أو الذي يشهد كارثة الآخرين في الشارع...
ومما يفقده الإنسان من جوانب اجتماعية بغياب انفعالاته قدرته على التعاون مع الآخرين في بيئته، وكذلك رغبته في التنافس والتفوق. وهذه الجوانب تفقد حتى عند الحيوانات التي في تعيش في مجتمعات عندما ترول منها منظمات الانفعالات في أدمغتها وأجسامها.
لقد ألقت هذه الأبحاث أضواء مهمة على آليات عمل الانفعالات وتأثيرها في حياة الانسان الإجتماعية، ونبهت إلى أن التفوق في المجال الاجتماعي مرتبط أكثر مما نتصور بالمجال الانفعالي، وأن قدرة الإنسان على التعامل الذكي مع انفعالاته يتبعها نجاحه في بناء علاقات اجتماعية سوية، وتكيف اجتماعي عالٍ، وهذا جزء من إضافات نظرية الذكاء الانفعالي إلى معرفتنا حول الحياة الاجتماعية للإنسان.
وقد أصلت إلينا هذه التوجهات النظرية والبحثية رسالة مهمة، هي أن هذه الأعضاء والأجهزة التي زودنا الله بها ستقوم بوظيفتها في مساعدة الإنسان على التكيف والنمو والتطور في الإيجابي في سعيه في هذه الآرض إذا حفظها وأحسن التعامل معها، خاصة أنها أجهزة يمكن أن تنمى وتقوى بالتدريب والتفعيل. ومع أن علماء ومؤسسات علمية وجهات خدمية كثيرة استجابت لهذه الرسالة، وبنت تطبيقات وتدريبات لتطوير الأفراد وتنمية المجتمعات مستمدة من هذه الاكتشافات، لكن يبدو أن تهديد الجانب الإنساني عند الإنسان ما زال قائماً في ظل واقع التغيير السريع المحموم الذي يعيشه الإنسان في هذا العصر، وبالتالي ما تزال الحاجة ماسة لإنشاء المزيد من هذه التطبيقات ضمن مجال التنمية الانفعالية للأفراد، حتى نصل إلى أمن اجتماعي ومجتمعات آمنة مطمئنة.


عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الإثنين 04 يناير 2016, 5:42 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

مواضيع في علم النفس التربوي Empty
مُساهمةموضوع: رد: مواضيع في علم النفس التربوي   مواضيع في علم النفس التربوي Emptyالإثنين 04 يناير 2016, 5:38 am

الموضوعية في التعامل مع المشاعر

نحتاج أن نكون موضوعيين، خاصة في العلاقات الاجتماعية ذات الطبيعة الدائمة، مثل العلاقات الأسرية، والعلاقات في مكان العمل، لأن وجود المشكلات في هذه العلاقات سيوجد أزمات كثيرة تتراكم في المجال النفسي، وتنعكس على شكل توترات وصراعات في المجال الاجتماعي.

ويفهم الكثيرون أن الموضوعية هي الابتعاد عن العواطف، والتعقل في كل التصرفات، فهل هذا ممكن في هذه العلاقات الدائمة؟ هل يمكن أن نخفي مشاعرنا في حياتنا الأسرية، وهل يمكن أن نتجاوز عواطفنا في مجتمع العمل الذي يقضي فيه الفرد ساعات وفترات طويلة؟.
إن الموضوعية لا تعني أن نلغي العواطف، لكنها تعني بالضرورة أن نفصل في رؤانا وإدراكنا لمختلف المواقف بين العاطفة والموضوع، ليكون موقفنا للموضوع أقرب ما يكون للحقيقة، وليكون وعينا بالعواطف وآثارها وامتداداتها سبباً للتعامل الإيجابي مع هذه العواطف، وإعطائها الاعتبار والدور الذي تستحقه. خاصة في المجالات التي هي موضع التفاعل العاطفي، والنمو الانفعالي للفرد مثل الأسرة.
دعونا ننظر للمسألة من خلال أمثلة واقعية، ولنطرح السؤال الآتي: ماذا ننظر للأفراد الذين يكثرون في حديثهم ترداد ضمائر المتكلم (أنا، نحن،...)؟ قد يتبادر أن هؤلاء الأشخاص يحبون أنفسهم، ويغترون بقدراتهم، ويرغبون أن يكونوا محور الحديث. وليس هذا صحيحاً دائماً، بل ليس صحيحاً غالباً. فليست المشكلة في أن يتحدث المتحدث عن نفسه، إنما المشكلة أن ينظر للواقع بحسب ما ينعكس في نفسه من انطباعات وما يظهر فيها من انفعالات، أما إن كان واعياً بمشاعره على أنها جزء من واقع أكبر، ويحب أن تكون هذه المشاعر ملائمة لهذه الواقع، فلـيعرض مشاعره، وليجعل من هذا العرض وسيلة للوصول إلى الحالة الانفعالية الإيجابية التي تسهم في التطور الإيجابي للموقف.
في مجال العمل مثلاً، يمكن أن يقول الإنسان: هذا الأداء ضعيف
أو يقول: هذا الموظف فاشل
أو: إدارة المؤسسة متحيزة
أو: أنت تؤدي عملاً رائعاً...
وكل هذه الأحكام قد تكون ذاتية غير موضوعية، ويمكن أن يكون القول الأكثر موضوعية هو:
-       أظن أن هذا الأداء ضعيف.
-       أنا لا أحب العمل مع هذا الموظف.
-       أشعر أني مظلوم في هذه المؤسسة.
-       إن عملك نال إعجابي.
والرسالة المترافقة مع هذه الانطباعات : أنني أقدم مشاعري، وأرجو أن لا تكون بعيدة عن الواقع، واتمنى أن يكون العمل أفضل، وأن أكون فيه مرتاحاً أكثر، وسأسعى حسب إمكاناتي للتطور والتطوير.
أما في مجال الأسرة، حيث يجب أن تزرع المشاعر الإيجابية، لتكون الثمرة سكينة ومودة ورحمة، نحتاج في معظم الأحيان لنعبر عن مشاعرنا، وباستخدام كلمات مثل "أنا، شعوري، رغبتي، حاجتي" لأن هذا الاستخدام ينبه المتحاورين إلى أن المشاعر موضوع أساسي في هذه الحياة الأسرية المشتركة، ويوجه الحوار بالوجهة التي تؤخذ فيها هذه المشاعر بالاعتبار، وحتى وإن كان محور الحوار أو الخلاف موضوعاً مادياً، سنلاحظ أن قراراتنا حول هذا الموضوع متصلة بما نشعر به، وهذا أمر إيجابي في المجال الأسري، لأنه يجعل الأبعاد التي تتخذ القرارات في ضوئها قريبة من واقع التشارك والتفاعل العاطفي القائم في الأسرة.
ولنلاحظ هذا في الأمثلة الآتية:
-       بدل أن تقول الزوجة لزوجها: أنت لا تهتم بي، يمكن أن تقول: أتمنى أن أشعر بأهميتي عندك أكثر، أو: أنا بحاجة إليك.
-       بدل ان يقول الأب لإبنه: أنت تتأخر دائماً، يمكن أن يقول: أشعر أنك تكثر الغياب عن البيت، أو: انشغلت عليك عند تأخرك.
-       بدل أن تقول الأم لابنتها: أنت لا تحسنين اختيار شريك حياتك. يمكن أن تقول: أخاف أن لا تكوني سعيدة مع هذا الشاب. أو: أريد أن تكوني واعية في اتخاذ قراراتك.
-       بدل أن يقول الابن لأهله: هذا البيت غير مريح. يمكن أن يقول: أشعر بالضيق أحياناً في بيتنا. أو أتمنى أن تكون غرفتي أكبر وبيتنا أوسع.
إن أهمية هذه العبارات أنا تبتعد عن المواجهة المباشرة بالاتهام، فلا يتحول الحوار إلى ادعاء ودفاع، وهي كذلك تشعر المستمع بمسؤولية المتكلم واهتماماته، مع أن المتكلم يتحدث عن نفسه، لأنه يظهر في هذه العبارات وأمثالها سعيه للتشارك الانفعالي الصحيح، وقيامة بمسؤوليته التي تترتب على عضويته في الأسرة.
ولأن الحوار العائلي مظهر تظهر فيه أعراف الأسرة وعادات أفرادها، لا بد لاستقرار واستمرار الحوارات المثمرة أن نُعلِّم أنفسنا، ونطور مهاراتنا، ونغير عاداتنا.
                                           
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

مواضيع في علم النفس التربوي Empty
مُساهمةموضوع: رد: مواضيع في علم النفس التربوي   مواضيع في علم النفس التربوي Emptyالإثنين 04 يناير 2016, 5:40 am

الحياة الاجتماعية في الطفولة المتأخرة

مواضيع في علم النفس التربوي 46dab725dcec21832ff6fc55e05fcea7_L

مرحلة الطفولة المتأخرة هي ما بعد سن العاشرة تقريباً حتى بداية مرحلة المراهقة، ومن أبرز التغيرات في هذه المرحلة مظاهر النمو الاجتماعي المتعددة، ففي هذا الجانب من جوانب النمو تحدث قفزة كبيرة، وفي هذه الفترة تبدأ الحياة الاجتماعية – بالمعنى الصحيح - تظهر مع الطفل، حيث تتجلى في الجماعة التي ينتمي إليها الطفل خصائص الزمالة والزعامة،

ويسودها التعاون والمنافسة والتقليد، ويميل الطفل للعب مع أقرانه في العمر، ويبدأ بتكوين أصدقاء يختارهم بنفسه بعد أن كانت تفرض أفرادها من الكبار والصغار كأصدقاء له، ويتسم سلوك الطفل الاجتماعي بشيء من الثبات والتعاون والتآلف، ويبلغ حبه للجماعة ذروته في هذا العمر حيث يفتخر بانتمائه إلى جماعته، وأنه عضو مخلص في "فريقه"، لذلك تدعى هذه الفترة بفترة "الفريق".
والفريق ظاهرة طبيعية في هذه المرحلة، وهذه الظاهرة أكثر ظهوراً عند الذكور، ولكل فريقه قوانينه ونظمه، ويطلب من العضو فيه الالتزام بها، وهذه النظم تميز كل فريق من غيره، وقد تكون أساس تعامله مع أفراده، إذ يحدد مقدار قبول الأفراد فيه حسب التزامهم بالقوانين والنظم، وقد تكون هذه القوانين سبباً لصراع الفريق مع فرق أخرى. وبشكل عام يؤدي الانتماء للفريق أغراضاً مهمة بالنسبة للطفل والمجتمع، فهو يمكن الطفل من اكتساب روح العمل الجماعي، والشعور بالمسؤولية الفردية والجماعية، واكتساب بعض المهارات والخبرات المحددة، وتكييف سلوكه وفق متطلبات مشاركة الآخرين في الحياة الاجتماعية، وهي مهارة مهمة للتوافق الاجتماعي، لكن قد يؤدي انحراف هذه الظاهرة إلى أن تتحول إلى صورة رفقاء السوء التي تضر بنمو الطفل ومجتمعه.
ونتيجة لشدة تمسك الطفل بفريقه وانتمائه له فهو ينحاز إليه غالباً عندما تتعارض معاييره مع معايير أسرته، لكن من الواضح أن الطفل الذي يرى والديه متقبلين له، ويرى جماعة الأقران نابذة له، يميل إلى الموافقة على آراء الكبار.
ومهما كانت علاقة الطفل مع أهله وأقرانه، تبقى جماعة الأقران مصدراً رئيساً يحدد نمو الطفل الاجتماعي، ففي تفاعل الطفل داخل هذه الجماعة سيتعلم كيف يعيش مع الآخرين بتعاون وتنافس، ويتعلم كذلك أداء دور القائد أو التابع، والاستقلال أو الارتباط.
ومن مظاهر النمو الاجتماعي في هذه المرحلة أيضاً شعور الطفل بذاته وخصوصيته، وتوحده مع دوره الجنسي، وازدياد الشعور بالمسؤولية، والقدرة على الضبط حسب المعايير الاجتماعية، وزيادة احتكاك الطفل بمجتمعات الكبار، وبشكل عام يبدأ التأثير الواضح لعمليات التطبيع الاجتماعي يبرز في الكثير من جوانب السلوك الاجتماعي. وتظهر في هذه المرحلة أيضاً ظاهرة التعلق بالكبار، وعشق البطل.
ونتيجة لاتساع عالم الطفل الاجتماعي فإن نموه الخلقي سيتأثر بزيادة المصادر التي يأخذ منها القواعد الخلفية، فإضافة لأفراد العائلة يصبح الأصدقاء، والجيران، والمعلمون، ومن يراهم الطفل مصادر لتعليم السلوك الخلقي.
وهكذا يبدو لنا أن التغيرات في الجانب الاجتماعي في هذه المرحلة تهيئ الطفل للعيش في عالم أوسع، وتعتبر مقدمة للنقلة الحادثة في مرحلة المراهقة، وعلى الوالدين والمربين أن يقدروا هذه التغيرات حق قدرها، وأن يذكروا أن الحاجات الاجتماعية تصبح أكثر ضرورة، وأن بناء العلاقات الاجتماعية الخاصة بالطفل والتي يعبر من خلالها عن شخصيته وخصوصيته تصبح مطلباً يجب على الأسرة التكيف معه بالمرافقة مع دورها في التوجيه وبناء الشخصية المتكاملة، ومن أدوار الوالدية البارعة أن يعمل الآباء على تزويد الابن بقواعد العلاقات الاجتماعية المتوازنة خلال هذه المرحلة وتمكين الابن من تعلمها وإنضاجها من خلال مواقف وخبرات عملية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

مواضيع في علم النفس التربوي Empty
مُساهمةموضوع: رد: مواضيع في علم النفس التربوي   مواضيع في علم النفس التربوي Emptyالإثنين 04 يناير 2016, 5:41 am

التقمص عند المراهق


مواضيع في علم النفس التربوي B80ea3ea38e44cb9b41c65c79ffde000_L

من الظواهر الملاحظة في مرحلة المراهقة ظاهرة التقمص، أي قيام المراهق بتقليد شخصيات أخرى محددة بشكل شامل وتفصيلي لمعالمها التي يدركها، وحرصه على أن يبدو مشابهاً لهذه الشخصيات في مظهره وحركاته وسلوكه.

قد يتقمص المراهق شخصية نجم يقدمه الإعلام، أو شخصية راشد يعرفه في بيئته، أو بعض ما يعرفه عن شخصيات غائبة عن محيطه، مثل تقمص فتاة مراهقة لشخصية كليوباترا كما تتخيلها، وقد يتقمص معالم شخصيات تقدمها بعض الثقافات مثل المراهق الذي يرتدي ملابس الشباب المتدين، ويقلد سلوكهم، أو بالمقابل المراهق الذي يرتدي آخر صيحات الموضة في الغرب، ويتصرف كما يرى المراهقين يتصرفون في الأعمال الفنية والأفلام الغربية.

التقمص إذن قد يكون لشخصية محددة أو لمعالم عامة للشخصية تحددها ثقافات أو تقاليد معينة. لكننا نركز في هذا المقال على تقمص الشخصيات المحددة المعروفة، فهل هذا التقمص مشكلة يجب معالجتها؟

ليس سلوك التقمص مشكلة في كل الحالات، لكنه قد يعبر عن مشكلة أو يؤدي إلى مشكلة في أمثال الحالات الآتية:

- عندما يتقمص المراهق شخصية معادية للقيم الإنسانية والاجتماعية، مثل شخصيات بعض المجرمين.

- عندما ينشغل المراهق بتغيير مظهره وإظهار سلوكه ليكون مثل هذه الشخصية، إلى درجة يلاحظ فيها ضعف مهارات إدارته لذاته، وتراجع علاقاته الشخصية، وغياب تأثيره في محيطه الاجتماعي القريب.

- عندما تكون الشخصية التي تقمصها بعيدة كثيراً عن واقعه، ويعبر اختيارها عن شعوره بنقص شخصيته، أو سخطه على واقعه ومجتمعه، مثل تقليد المراهق الفقير لتصرفات أصحاب الملايين.

- عندما ييترافق مع التقمص عجز المراهق عن تحديد معالم تميز شخصيه هو، أي عندما يجهل نفسه، وبالتالي تغيب إرادته لتطوير نفسه وتنمية قدراته.

- عندما يركز المراهق على تمثل المظاهر الخارجية للشخصية التي تجذبه، ولا يتمكن من ربط هذه المعالم بقيم أو مبادئ عامة تضبط السلوك.

- عندما يتنقل المراهق من شخصية إلى أخرى لفترات طويلة، ولا يلاحظ أنه تمكن من تطوير خبراته عن حياته، وتحديد بعض معالم تميز شخصيته، وتنمية معايير ثابتة تحكم اختياراته.

وهذه الحالات – مع أنها تبدو كثيرة – ليست كل الحالات التي يقوم فيها المراهق بالتقمص، فهناك حالات أخرى يمكن أن يرتبط التقمص فيها بسلوك إيجابي ونمو سوي، منها:

- عندما يؤدي التقمص إلى نمو خلقي واجتماعي سوي، أي إلى تمثل المراهق لقيم اجتماعية محددة، ونجاحه في التفاعل الإيجابي مع محيطه الاجتماعي.

- عندما تكون الشخصية التي اختارها هي شخصية بطل يمجده المجتمع، أو يجمع معالم مثل أعلى، أو يمثل مستوى عالياً في الإنجاز والتفوق.

- عندما يختار المراهق نموذجه بعد معالجات ذهنية وتفكير كاف ومقارنة بين نماذج متعددة، أي عندما يكون اختاره قراراً مدروساً.

- عندما تؤدي عمليات التقمص إلى تحديد المراهق لغايات وأهداف واضحة يضعا لحياته ومستقبله.

- عندما يتمكن المراهق من تبرير سلوكه والاستدلال على صحة اختياره بمنطق سليم.

- عندما يميز المراهق في الشخصية التي تقمصها بعض السلبيات، أو نقاط الضعف، ويحاول التركيز على نقاط القوة والمهارات الإيجابية، مثلاً عندما ينتبه المعجب بلاعب كرة عالمي أن لهذا اللاعب أخطاء في جوانب حياته الأخرى غير الجانب الرياضي.

وبشكل عام، يمكن أن يكون التقمص سبباً في فهم المراهق لنفسه وتنمية مفهومه عن ذاته وتقبله وتقديره لها، بل قد يؤدي إلى دفعه للتفوق في مجالات مفيدة لنفسه ومجتمعه، وهذا يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتعامل الآخرين معه وردود أفعالهم على سلوكه، وبالأخص في أسرته، ومن والديه.


ماذا يفعل الآباء والأمهات:

لعل أبرز نماذج الخلل في تعامل الوالدين مع التقمص عند المراهقين هو غياب التوجيه والشعور بالرضا عندما يرون أبناءهم المراهقين يتقصون شخصياتهم، عندما يفرح الأب لرؤيته ابنه يلبس مثل ملابسه، ويتكلم بطريقته، ويكرر أقواله دون بحث أو نقاش، وعندما تفتخر الأم بابنتها التي تتمنى فقط أن تشابهها في مظهرها وتعاملها مع الآخرين وإدارتها لحياتها. والمقصود عندما يقرر الوالدان بسبب هذا النوع من التقمص أن الابن المراهق هو ابن مثالي، يؤدي سلوكاً ناضجاً، وينتظره مستقبل مشرق، وهو لا يحتاج لمزيد من التربية أو التوجيه، ولا الملاحظة أو المتابعة، فكل شيء على ما يرام.


أما المعالجة الأفضل لسلوك التقمص عند المراهق فهي ترتبط بمهارات الوالدية الإيجابية التي نعرفها جميعاً حول التعامل مع الراهقين، مثل المتابعة الفعالة لنموهم وسلوكهم، وتنمية استقلاليتهم، وبناء علاقات مثمرة معهم، واستخدام الحوار في التواصل معهم، وتفهم مشاعرهم، وتقبل شخصياتهم، وبناء الجو الدافئ في الأسرة ... لكننا سنركز على بعض المبادئ الخاصة التي قد تكون أكثر أهمية في جعل ظاهرة التقمص خطوة نحو التميز، بدل أن تكون مظهراً لضعف الشخصية وتعثر نموها السوي، فمن هذه المبادئ:

- الوالد الواعي يلاحظ الآثار المباشرة لتوجيهاته القولية، بل يسعى لمعرفة آثارها غير المباشرة، من خلال تعرفه على فهم الابن لها، وارتباط ذلك بكيفية تطبيقها. وهذا بخلاف الوالد الذي يكرر توجيهات يسمعها لنفسه فقط.

- التوجيهات التي تقدم للمراهق على شكل أوامر غير قابلة للنقاش وغير معروفة الأسباب لا ترسخ القيم الخلقية، وقد ينفذها المراهق لتمرير الموقف فقط، وقد يختار عصيانها ليعبر عن تمرده على السلطة.

- الوالد الصالح يقدم لأبنائه قدوة تستحق أن يتمثلها الأبناء، وإن لم يستطع فإنه يسعى لتعريفهم بالمثل الأعلى الذي عليهم أن يتخذوه، ويوجههم للبيئة التي يمكنهم أن يتفاعلوا فيها مع هذا المثل الأعلى.


- عندما يلاحظ الوالد سلوك التقمص عند الابن المراهق، فليست الخطوة الأولى لتوجيهه هي منعه من هذا السلوك.


عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الإثنين 04 يناير 2016, 8:52 am عدل 2 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

مواضيع في علم النفس التربوي Empty
مُساهمةموضوع: رد: مواضيع في علم النفس التربوي   مواضيع في علم النفس التربوي Emptyالإثنين 04 يناير 2016, 5:43 am

أسلوب ذكي لمعاقبة الأبناء؟

مواضيع في علم النفس التربوي Fbe5093c383685a2c635f66e6581a2d1_L

قالت عندي ولدان الأول عمره ست سنوات والثاني تسع سنوات وقد مللت من كثرة معاقبتهما ولم أجد فائدة من العقاب فماذا أفعل؟ قلت لها هل جربت (أسلوب الاختيار بالعقوبة)؟ قالت لا أعرف هذا الأسلوب فماذا تقصد ؟ قلت لها قبل أن أشرح لك فكرته هناك قاعدة مهمة في تقويم سلوك الأبناء لا بد أن نتفق عليها وهي أن كل مرحلة عمرية لها معاناتها في التأديب وكلما كبر الطفل احتجنا لأساليب مختلفة في التعامل معه ولكن ستجدين أن (اسلوب الاختيار بالعقوبة)

يصلح لجميع الأعمار ونتائجه ايجابية وقبل أن نعمل بهذا الأسلوب لابد أن نتأكد إذا كان الطفل جاهلا أم متعمدا عند ارتكاب الخطأ حتى يكون التأديب نافعا، فلو كان جاهلا أو ارتكب خطأ غير متعمد ففي هذه الحالة لا داعي للتأديب والعقوبة وإنما يكفي أن ننبهه على خطئه ، أما لو كرر الخطأ أو ارتكب خطأ متعمدا ففي هذه الحالة يمكننا أن نؤدبه بأساليب كثيرة منها الحرمان من الامتيازات أو الغضب عليه من غير انتقام أو تشفٍ أو ضرب كما يمكننا استخدام (أسلوب الاختيار بالعقوبة ) وفكرة هذا الأسلوب أن نطلب منه الجلوس وحده فيفكر في ثلاث عقوبات يقترحها علينا مثل (الحرمان من المصروف أو عدم زيارة صديقه هذا الأسبوع أو أخذ الهاتف منه لمدة يوم) ونحن نختار واحدة منها لينفذها على نفسه وفي حالة اختيار ثلاثة عقوبات لا تناسب الوالدين مثل) يذهب للنوم أو يصمت لمدة ساعة أو يرتب غرفته) ففي هذه الحالة نطلب منه اقتراح ثلاث عقوبات غيرها.

قالت معترضة ولكن قد تكون العقوبات التي يقترحها لا تشفي غليلي قلت لها علينا أن نفرق بين التأديب والتعذيب فالهدف من التأديب هو تقويم السلوك وهذا يحتاج إلى صبر ومتابعة وحوار واستمرار في التوجيه أما أن نصرخ في وجهه أو أن نضربه ضربا شديدا فهذا (تعذيب وليس تأديبا) ، إننا عندما نعاقب أبناءنا فإننا لا نعاقبهم بمستوى الخطأ الذي ارتكبوه وإنما نزيد عليهم في العقوبة لأنها ممزوجة بالغضب وذلك بسبب كثرة الضغوط علينا فيكون أبناؤنا ضحية توترنا وعصبيتنا من الحياة ولهذا نحن نندم بعد عقابهم على تعجلنا أو عدم ضبط أعصابنا ، ثم قلت للسائلة وأضيف أمرا مهما وهو أنك عندما تقولين لابنك اذهب واجلس لوحدك وفكر بثلاث عقوبات لأختار أنا واحدة منها لأنفذها عليك فإن هذا الموقف هو تأديب في حد ذاته لأن فيه حوارا نفسيا بين المخطئ وهو الطفل وذاته وهذا تصرف جيد لتقويم السلوك ومراجة الخطأ الذي ارتكب وهو وقفة تربوية مؤثرة. 

قالت والله فكرة ذكية سأجربها قلت لها أنا جربتها شخصيا ونفعت معي وأعرف الكثير من الأسر جربوها ونفعت معهم لأن الطفل عندما يختار العقوبة وينفذها فإننا في هذه الحالة نجعل المعركة بين الطفل والخطأ وليس بينه وبين الوالدين فنكون قد حافظنا علي رابطة المحبة الوالدية وكذلك نكون قد احترمنا شخصيته وحافظنا على انسانيته فلم نحقره أو نهينه ومن يتأمل تأديب الرسول الكريم صل الله عليه وسلم للمخطئين يجد أنه مع التأديب يحترمهم ويقدرهم ولا يقبل باهانتهم وقصة المرأة الغامدية التي زنت وطبق عليها الحد فشتمها أحد الصحابة فقال له رسول الله انها تابت توبة لو وزعت على أهل المدينة لوسعتهم فنظرة الاحترام للمخطئ باقية طالما أنه سار في برنامج التأديب. 

ثم ذهبت السائلة ورجعت بعد شهر فقالت لي لقد نجح الأسلوب مع أبنائي وصارت عصبيتي معهم قليلة وهم صاروا يختارون العقوبة وينفذونها فأشكرك على هذه الفكرة ولكن أريد أن أسألك كيف فكرت بهذه الطريقة التأديبية الرائعة فقلت لها إني استفدت من الأسلوب القرآني في التأديب فالله تعالي يعطي للمذنب أو للمخطئ ثلاثة خيارات مثل كفارة من جامع زوجته في نهار رمضان أو كفارة اليمين وغيرها من الكفارات فإن الشريعة الإسلامية تعطي ثلاثة خيارات لمرتكب الخطأ وهذا أسلوب تأديبي راق وجميل فقالت إذن هو اسلوب قرآني تربوي قلت لها نعم إن القرآن والسنة فيها أساليب تربوية عظيمة في تقويم السلوك البشري للصغار والكبار لأن الله هو خالق النفوس وهو أعلم بما يصلحها وأساليب التأديب كثيرة ومنها (أسلوب الاختيار بالعقوبة) الذي شرحناه لك فانصرفت وهي سعيدة في تقويم أبنائها وزيادة المحبة في بيتها.
  



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

مواضيع في علم النفس التربوي Empty
مُساهمةموضوع: رد: مواضيع في علم النفس التربوي   مواضيع في علم النفس التربوي Emptyالإثنين 04 يناير 2016, 5:45 am

في التأديب بالعقاب الإيجابيّ

مواضيع في علم النفس التربوي 0001626de6aa8ef5b99196e5ea11b990_L
سوف نناقش المبررات التي يستند إليها الآباء والمربّون وفنّدنا بعض ما يبدو للكثيرين سائغاً منها، ونبّهنا إلى كثيرٍ من المخاطر التي يغفلون عنها.
ثمّ حاولنا دفع المربّين إلى استكشاف المحرّكات الحقيقية التي تدفعهم إلى ضرب أبنائهم. من خلال قوائم من أسئلة محدّدة بدأنا معاً استكشاف ماذا يجري أثناء اللجوء إلى الضرب من عمليات داخلية لدى المربّين وكذلك لدى الأبناء. وفي هذه المقالة نتابع ذلك الاستكشاف.


صراع أم هروب، عنف أم انسحاب؟!
نقطة الانفجار في حياة كل إنسان يُرافقها إفراط في إفرازات الأدرينالين. والأب هو إنسان معرض لمسؤوليات صعبة في الكثير من الأحيان يزيد من صعوبتها استشعاره بواجباته العقدية التي تؤكد خطورة المسؤولية وما يترتب عليها من نتائج. ولذلك يتصرف الأب المسلم في بعض المواقف بطرق غير متوقعة وخارجة عن مألوفه وعاداته السلوكية.

من قوانين الحياة وقوانين التفاعل الإنساني..
انسحب، أو حارب وإلا فأنت معرض للشلل..
حين يلجأ الأب للضرب وممارسة العنف مع ابنه فإنه قد مارس قانون الحرب والصراع.. وكلنا يعرف أن الحروب والصراعات لا ينتصر فيها أحد والخسائر دائماً متوقعة من الطرفين. أما إذا اختار الأب في بعض الحالات الحرجة أمام سلوكيات مرفوضة لدى ابنه موقف الانسحاب؛ فإنه في الواقع تصرف بطريقة بنّاءة وأكثر تأثيراً في عملية تعديل السلوك وإصلاحه. لكن المهم أن لا يتوقف المربي حائراً مشلولاً أمام هذه المواقف الحرجة.

لو قارنّا الحالة الجسدية للأب والإحساسات الخارجية في كلتا الحالتين (الصراع والانسحاب) فإنها متشابهة تماماً. لكن الاختلاف يتم – وهذا المهم – في ردة الفعل لدى الأب. هل يضبط نفسه ويتحكم فيها؟ أم يصبح أسيراً لتغيرات نفسية داخلية ويتصرف بدون وعي؟!
ولذلك تستحضر دوماً قول الصادق المصدوق صل الله عليه وسلم: (ليس الشديد بالصُّرعَة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب).

برمج مواقفك وكن مستعداً للمفاجآت:
إن إفراز الأدرينالين يعد مؤشراً غير طبيعي وعلامة إنذار للتدخل السريع وبشكل إيجابي لأخذ مساحة مباعدة بينك وبين الابن كنقطة تفكير لاتخاذ القرار السليم البناء في التعامل الأفضل مع الحالة. ولذلك يستحسن دوماً أن يكون الإنسان محدداً لمواقفه تحديداً مسبقاً في إطار برمجة ذاتية لردود أفعاله وسلوكه.

- أربع خطوات للبرمجة الإيجابية:

وتتم البرمجة الإيجابية باتباع الخطوات التالية:
1- الاعتقاد: تأكد أن اختيارك لموقف الصراع لا يفيد.
-الضرب يعطي نتائج مؤقتة وعلى المدى البعيد يترك آثاراً سلبية سواء على العلاقة المتبادلة بين الأب وابنه أو على معالم شخصية الابن.
- الانسحاب المؤقت أفضل وسيلة لتعديل سلوك ابني.
- الشديد من يملك نفسه عند الغضب.

2- التأكيدات والإيحاء: أكد هذه الاعتقادات من خلال اختيار أحسنها أو أكثرها تأثيراً عليك. وكررها أكثر من مرة.

3- التفكير: باعد المسافة بينك وبين الطفل، واختر كلمات إيجابية ترسلها للابن في هذه الحالة مثل: أنت الطفل الذكي كيف تتصرف بهذا الشكل؟

4- السلوك: تذكر بعض إيجابيات الطفل وسلوكياته الحسنة في هذه اللحظة واستعملها في سلوكك وردود أفعالك.

في غياب برمجة إيجابية للسلوك والمواقف في حياة الآباء والأمهات إزاء السلوكيات المزعجة أو المرفوضة، تتضاعف احتمالات الانتقال إلى الأفعال وردود الأفعال المصاحبة للغضب والتوتر -والتي كثيراً ما تكون سلبية وغير بناءة- ورسولنا صل الله عليه وسلم يحذرنا من هذه المواقف والقرارات التي يصدرها الإنسان حالة الهيجان والغضب. بل من رحمة الإسلام وعدالته أنه يلغي الكثير منها إذا صدرت في مثل هذه الحالات.

احتفظ بطاقتك للبناء لا للهدم:
إذا لم يملك الإنسان نفسه في الحالات الحرجة واستسلم للردود السلبية فإنه يجد نفسه قد استهلك طاقة هائلة من قوته الداخلية التي من المفترض الحفاظ عليها لاستغلالها في عملية البناء والتربية والتعليم والتشجيع والحوار والمتابعة، وللحياة اليومية الهادئة المليئة بعبادة الله وقراءة القرآن وحسن المعاشرة داخل الأسرة والعمل الخيري ومساعدة الناس وإماطة الأذى عن الطريق..

ولذلك فإن المفتاح الذي نحتاجه للحفاظ على الطاقة وضبط النفس هو (البرمجة) التي تعني الاستعداد العلمي الهادف للمفاجآت. وإن كنا قد بيّنا خطوات مختصرة للبرمجة الأولية فإننا سنفصلها لاحقاً إن شاء الله لتكون لنا عوناً على تحقيق التربية الإيجابية في بيوتنا السعيدة التي يتخرج منا من يباهي بهم رسولنا ? الأمم. وتُحدِثُ في حياة الأمم التكافؤ الكيفي مقابل الغثائية.

بابا! حبيبي... أعد إليَّ يدي!
تذكّر دوماً قصة الأب الذي لم يكن يعرف معنى الاستعداد للمفاجآت. ولم يبرمج نفسه لحسن التعامل. والذي تسبب في قطع اليد اليمنى لابنه الصغير. ذلك الطفل البريء الذي لم يقم بغير ما تقتضيه مرحلة نموه من حركة ومحاولة اكتشاف محيطه..

كان الطفل كثير الحركة، مشاغباً. أبواه يحبانه بدرجة لا توصف، وكذا الجيران وكل من في الحارة. الكل يتهافت على حمله ومداعبته والجميع مأسورون بمحبته.

ذات يومٍ أكثرَ من تلك "الشقاوات" المعهودة ممن هم في مثل سنه. فغضبت والدته وأقسمت أن تشكوه إلى والده حين عودته من عمله، لكن الطفلَ استقبل كلمات والدته باستخفاف ولم يعرف ما ينتظره.

والده في مكتبه، منهمك في عمله، محاصر بين أكداس الأوراق، ملاحقٌ بنداآت الهاتف وإلحاحات الاجتماعات والمقابلات والمفاوضات...

وعندما فُتح باب الكراج، و أحست الأم بعودة زوجها اتجهت إليه تستقبله وتلقي على وجهه نشرة الأخبار الحافلة...

دارت في رأس الأب المشحون كل المؤثرات السلبية فنادى على ابنه والشرر يتطاير من عينيه. أمسكه من كتفه وهز بدنه هزة عنيفة، والتفت جانباً فرأى عصاً خشبية مسندةً على حائط الكراج فأخذها وبدأ يضربه على يده المشاغبة ضرباً مبرحاً..
الطفل يتلوّى ويضرب برجله في الأرض.. والأب يكبله بيدٍ ويتابع ضربه بالأخرى...
لم تتحمل الأم وحاولت منع زوجها بعدما رأت ما رأت..
الابن يتأوه و يتلوّى والأب يمعن في ضربه ولم يستجب لاستغاثة الابن ولا لصراخه إلا عندما رأى الدم ينزف من اليد الصغيرة المذنبة... تأمّل في العصا وإذا فيها مسامير!
أسرع بالطفل إلى الإسعاف... وفي المشفى وقعت عليه الصاعقة!
أخبره الطبيب أنه لا بد من بتر يد الطفل فوراً حفاظاً على حياته لأن المسامير كانت مسمومة!
و بعد العملية دخل الأب على ابنه منكّس الرأس... نظر إليه طفله الصغير نظرة تحمل الكثير من التساؤلات و قال له ضارعاً:
بابا حبيبي! أقسم أنها آخر مرة أفعل فيها شيئاً يغضبك. لن أعيدها مرة أخرى، فمتى ستعيد إليَّ يدي؟...

ماذا يستشعر الطفل المعرض للقسوة والعنف؟
تحدثنا من قبل عن الحالة الذهنية والنفسية للأب أثناء ممارسة العنف والعقاب مع أبنائه. وتكتمل الصورة بالاطلاع على ذات الحالتين لدى الطفل، لاسيّما وأنه هو من يخضع للفعل وردة الفعل. وهو الشخصية المستهدفة والهشة.

لنسلّط الضوء الآن على مشاعر وأحاسيس الطفل المستقبل لفعل الكبير وعنفه. تذكّر آخر مرة ساندت فيها عقاب أبٍ لابنه وأنت تعتقد حينئذٍ أنك تساند الحق والمنطق، بينما هناك من يعتبره المعتدي. وكنتما أنت وذلك الأب تحاولان التخلص من الموقف ومن المشاعر التي أنشأها تعنيف طفل.

قرّر الآن، أي مصطلحات كانت تنطبق عليكما يومئذ:
- تشاؤم - ألم -انتقام - حزن - رفض - حيرة - غضب - متهم - شعور بأنّ المربّي أسيء فهمه - حقد ومعاداة - انهيار - إضعاف - انفعال وسخط

هل سألت نفسك يومها وأنت هادئ بعيداً عن كل انفعال: هل يمكن لطفل أن يتصرف بشكل مختلف في الموقف نفسه؟

إن الطفل لا يمكنه أن يتحكّم بانفعالاته وسلوكه ورغباته بمستوى مشابه للكبار. ولكن تذكّر وأنت في حال غضبك وما استشعرته من أحاسيس ومشاعر وأفكار أنّه لو كان الطفل يستشعر مثلها ماذا ستكون النتيجة لدى شخص هش، ولدى طينة مرهفة في مرحلة التشكيل؟!

ماذا يستشعر ابنك بعد عقابه بالضرب ؟
حين يعاقب الطفل تنتابه مشاعر الخوف من الأب ويقتنع اقتناعاً كبيراً أنك لا تحبه بل تكرهه. ويشعر بالفزع وانعدام الأمن والطمأنينة لأن الإنسان المفترض أن يحميه ويحقق له الطمأنينة فقد صوابه وضبطه لنفسه. ويستشعر أنه تم التخلي عنه وأنه سجّل في لائحة الأشقياء، ولا يعرف كيف يمكنه العودة لقائمة الطيّبين من الأبناء!

إنّه في هذه اللحظات لا يمكنه أن يستوعب أي توجيه أو يفهم أية رسالة أو يفكر برزانة وتعقل بسبب إفراز غير طبيعي لمادة الأدرينالين.

و هذه المشاعر قد تنقلب فيما بعد إلى سلوكيات أخرى منها التبول غير الإرادي والمخاوف المرضية أو الانطواء على الذات والخجل المرضي.

تذكروا أيها المربّون:
راجع ما عرضناه سابقاً من خصائص شخصية الأب أثناء العقاب وضعها أمام ما يستشعره الابن الخاضع للعنف وما يترتب على هذا من معالم شخصية ضعيفة بعيدة عن الشجاعة والقوة التي يطمح لها كل مسلم من النسل والتكاثر الكيفي لا الكمي والقوة مقابل الغثائية.

خذ دقائق من وقتك واسترخ بمكان هادئ وتخيل حالك أثناء الغضب ومشاعر ابنك (الضعيف المسكين) وبعدها اتخذ قرارك بالبحث عن بديل أكثر نجاعة في تنشئة ابنك على مكارم الأخلاق والجرأة والشجاعة والإقدام ليكون في زمرة (المؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف). وقرر أن تغير من أسلوبك هذا.

ليس مطلوباً أن لا تغضب من سلوك غير مقبول لديك لكن المطلوب أن تحسن التصرف وتبني بدل أن تهدم عند الغضب. قرّر إذن أن تغير أسلوبك وتأكد أنك ستستطيع بإذن الله.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

مواضيع في علم النفس التربوي Empty
مُساهمةموضوع: رد: مواضيع في علم النفس التربوي   مواضيع في علم النفس التربوي Emptyالإثنين 04 يناير 2016, 5:46 am

تربية العنف لدى الأطفال

مواضيع في علم النفس التربوي 1d199d462017bbd5dcb9d16235a6c9e3_L

سألني أحد الأصدقاء الأعزاء حول ملاحظته أن هناك سلوك عنيف يلاحظ على الأطفال في الآونة الأخيرة وأراد مني جواب حول هذا التصرف الذي يلاحظ أنه كثر عبر كثير من أنماط وأنواع السلوكيات التي تصدر عن الأطفال. وأنني أجيب على هذا الصديق العزيز من خلال المقال الآتي:
أن سلوك العنف الذي يتولد لدى الأطفال قد يتشكل من عدة عوامل تسهم في ظهوره سوف نتناولها بالشكل الآتي:

 
• أن أسلوب المعاملة القاسي الذي ينتهجه الأب تجاه الطفل والذي يظهر من خلال التهديد والتوبيخ المستمر والدائم من قبل الأب، وعدم المرونة في التعامل مع الطفل ولو كانت الأخطاء التي يقع بها بسيطة ويمكن تنبيهه وتعلميه على كيفية تلاشيها مستقبلا، له دور في ظهور السلوك العنيف، حيث يتمثل ويقلد الطفل السلوك العنيف والذي يشعر به ويمارس تجاهه يوميا ويصبح ضمن شخصيته وسلوكه بشكل دائم.
• القنوات الفضائية وما تعرضه على الطفل من رسوم متحركة تتسم بالسلوك العنيف والحروب والمعارك تجعل الطفل يتمثل بعض أدوار البطولة لدى بعض أبطال الرسوم المتحركة والتي تتسم بالسلوك العنيف.
• أن التعامل المدرسي مع الطفل من خلال المعلمين غير التربويين والذين ينتهجون مبدأ الشدة في التعامل مع الطلبة هم ينشئون الطلبة على سلوكيات فيها نوع من الصرامة القاسية والتي قد يكون لها دور في ظهور سلوكيات إسقاطيه تتسم بالعنف تجاه زملائهم نتيجة ما يعانونه من ضغوط نفسية ناتجة عن التعامل العنيف من قبل المعلمين داخل الفصل الدراسي.
• البيئة الاجتماعية من حول الطفل قد يكون لها دور في تشكيل السلوك العنيف وذلك عن طريق ما يعيشه المجتمع في فترة من الفترات من حروب عسكرية تؤدي بالطفل أن يستشعر السلوك العنيف نتيجة ما يسمعه ويشاهده من اعتداءات تحدث لأفراد المجتمع أثناء الكر والفر أثناء الحرب أو المعركة مما يؤدي إلى ظهور العنف لدى الطفل.
• العادات والتقاليد التي تحكم سلوك الأفراد في منطقة من المناطق أو في بلد من البلدان والتي يتعارف عليها المجتمع، قد تكون مهيأة للسلوك العنيف من خلال أن الأب يعلم الطفل بعض العادات والتقاليد الموجودة والتي يجب أن يمتثل لها الطفل، حيث أن الذي يخرج عن العرف فإنه شخص شاذ أو منبوذ، وهذا قد يمثل ضغط نفسي لدى الطفل ينعكس في سلوك عنيف تجاه الآخرين من حوله. 
• الإهمال الملاحظ من قبل المربين سواء آباء أو معلمين حول تأثير السلوك العنيف غير المباشر والذي قد يكون من خلال ثنايا الأقوال التي قد تكون أمثلة تردد على مسامع الأطفال مثل القوي يأكل الضعيف، أو عند مخاطبة الطفل أنت أسد "هو ملك الغابة وهو القوي لأنه يتغلب على جميع الحيوانات ويسيطر عليها"، أو "أنت الزعيم" أو "لماذا لم تضرب الطفل اللي ضربك"، "الرجال ما يبكي"...... وغيرها من الألفاظ التي تزرع السلوك العنيف لدى الطفل.
تأمل: أخي المربي سواء كنت أبا أم معلم أن شخصية الطفل هي الأساس أو القاعدة لشخصية الكبير أو رجل المستقبل، ولا بد لنا من مراجعة أساليبنا التربوية في التعامل مع الطفل واختيار الوسائل المناسبة التي تعمل على وقاية الطفل من تمثل وتقمص الشخصيات العنيفة أو المضادة للمجتمع.
 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

مواضيع في علم النفس التربوي Empty
مُساهمةموضوع: رد: مواضيع في علم النفس التربوي   مواضيع في علم النفس التربوي Emptyالإثنين 04 يناير 2016, 5:48 am

كيف تتكامل شخصيّـة الطفل ؟؟؟

مواضيع في علم النفس التربوي 013018afcf84fd53ed1be7bac0415c88_L

جيال المستقبل أمانة عظيمة في أعناقنا فمع تطور الحياة المدنية للإنسان، وتشابك العلاقات، وتعدّد أنواع التفاعل والتأثير الاجتماعي والثقافي، تعددت العوامل والوسائل المؤثرة في تربية الإنسان، وتوجيه سلوكه، وصياغة شخصيته و تكمن الخطورة في هذا الانهماك الرهيب في قضايا التنمية المعاصرة وعدم الاهتمام الكافي بمشاكل الأجيال القادمة خاصة موضوع التربية والتنشئة الذي يعد ساحة مترامية الأطراف يصعب استقصاء أبعادها في هذه العجالة لذلك كان العزاء الوحيد في مناقشتها هو تسليط الضوء على أبرز ملامحها ومظاهرها .


التنشئة العقلية :ــــ 
من الأسماء المميزة لطبيعة الإنسان ما عرفه به علماء المنطق بأنه " حيوان ناطق " أي انه مفكر ذو عقل وتدبير وحيلة فلم يتبوأ أعلى قمة في شرف الوجود الا بما أودع الله فيه وخصه به من العقل والقوة المفكرة وهي ميزة ميزه الله بها عن سائر الحيوانات وصيرته سيدا لها :ــ
لولا العقول لكان أدنى ضيغم أدنى إلى شرف من الإنسان
والقرآن يؤكد أن التعقل هي مقدرة فكرية يتميز بها الإنسان من سائر كائنات هذا العالم : " وَلَقَد كَرَّمْنا بَني آدَمَ وحَمَلْناهُم في البَرِّ والبَحْرِ وَرَزَقْناهُم مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُم عَلى كَثير مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً " الإسراء / 70 

و من خصائص العقل : التأمل في الأمور , وتقليبها على جميع الوجوه , واستخراج الأسرار , و استكناه البواطن , وربط النتائج بالمقدمات , وإدراك الحكم . والعقول تتفاوت في الإدراك والتأمل والتأني لبلوغ درجة الحكمة و النضج والإرشاد (( تأمل ساعة خير من عبادة ستين )) , ومن خصائصه أيضا العلم بل هو مظهره و خاصته , بسببه أسجد الله ملائكته لآدم , وبه يرفع درجاتهم , وجعل أهل معرفته وخشيته العلماء .
والقرآن معجزة كلامية للعقل والتدبر وهو مجال تتبارى فيه العقول والأفهام على طول الدهور والعصور وهناك 750 آية كونية يوجه الله فيها النظر إلى عظمة مخلوقاته وعجائب كائناته وما أكثر ما ذكر في القرآن التذكر والاعتبار والتفكر: (( أ فلا يتدبرون القرآن )) 
فالقرآن كتاب العقل والإسلام دين التفكير , وان تنشئة العقول وتربيتها على قوة المدارك من الإسلام لأنها عماد نهضة الأمم ومحور عزها ومجدها وكرامتها , فيجب الإكثار منها و فتح الطريق أمامها وتوفير لها امكانات البحث والدرس فقد كفل الإسلام حرية التفكير وأعطى الضمانات لاحترام كل ما هو وليد التفكير الصحيح والمنطق السليم . 
رغم أن استنارة الكائن البشري بهدي العقل قد أثبتت إيجابيتها على مر العصور بشأن تفاعل الإنسان مع الجانب المادي من هذا العالم , إلا أن الاتكال على العقل وحده عملية لا تخلو من مخاطر ؛ لأنه ذو طبيعة جدلية وطالما وجه الأمور وجة تغلب عليها المادة , فالمجالات المادية هي التي أثبت فيها العقل تفوقه . وقد نبه الغزالي وابن خلدون إلى مغبة الاتكال على العقل في الأمور الغيبية ( الميتافيزيقا ) . 

ولعل اكبر نقد يوجه إلى العقل الغربي هو انه يحصر المعرفة الإنسانية في تلك التي يحصل عليها عن طريق الحس والتجربة ؛ ومن ثم فمفهوم العقل لديهم يختلف عن المفهوم الإسلامي له .. فالمفهوم الإسلامي للمعرفة العلمية متعدد المصادر , يمكن اكتسابها من خلال الوحي والعقل والملاحظة والحدس والعرف والتأملات النظرية الصرفة . والاعتماد على العقل وحده كإطار مرجعي للتفكير والتفسير المادي للظواهر أفرز حضارة تغلب المادية على ملامحها و أفرادها . فسلوك الإنسان الغربي إزاء المال والمكتسبات المادية يبدو انه تأثر الى حد ما بتصور العقل , لأن رأس المال والمكاسب المادية هي من أهم القيم التي تحرك الإنسان الغربي الحديث , فقد تمت تنشئة الأجيال الغربية الحديثة على ان ما يحصل عليه الفرد من مكاسب ينبغي استعمالها لحاجاته هو أولا وقبل كل شيء وبهذا تنعدم صفات الفضائل من إيثار ومحبة لتحل محلها أفكار الأنانية وحب المال و يتلاشى الشعور الجماعي لتظهر بدلا عنه الفردية وحب النفس والذات . إن العلاقات بين الأفراد في الغرب سواء كانت قائمة على الصداقة او الحب علاقات يشوبها الشك وتكتنفها عدم الثقة لتطفو بعد ذلك نزعة الاستقلالية والنرجسية فكل فرد يحب نفسه أكثر من غيره , لكنه يريد من الآخرين أن يحبوه أكثر من أنفسهم كل ذلك أدى الى ضمور حرارة العلاقات الإنسانية بين أفراد المجتمع .

يقول علماء النفس ان الأهل هم المعلم الأول للطفل يتعلم منهم السلوك واللغة والخبرات والمعارف , ويتعلم منهم كيف يكون التعلم والاختبار وحل المشكلات , ومن الأهل يحدد الطفل موقفه إما ان يصبح محبا للتعلم وتحصيله والإقبال عليه , او يكون كارها له غير آبه به ...... وكم يكون جميلا لو توصلنا الى منهج ملائم ومناسب نسير عليه للوصول الى هذه الغاية ويصلح لكل الآباء وكل الأطفال , ولكن يبدو انه ليس من السهولة بمكان ان نجد نظاما يصلح لكل الناس في كل زمان ومكان . ولعل من أهم الملاحظات لتنشئة الطفل عقليا كما يراها علماء النفس :ــ
1. الرضاعة الطبيعية والاهتمام بالتغذية والصحة لأن العقل السليم في الجسم السليم . 
2. حنان الأم وعطفها من المنبهات التي تنمي قدراته العقلية فلابد من إشباعها لينشأ نشأة فيها اطمئنان وأمن وسعادة .
3. يحتاج الطفل إلى أسرة متآلفة ليعيش حياة هانئة , تنمي عنده عامل الثقة بنفسه , وبقدراته , فيصبح إذا ما كبر وبلغ سن النضج مواطنا صالحا ذا قدرة وكفاية في التعامل مع متطلبات الحياة . 
4. تعويده على النظام و الانضباط الوقت ، وترتيب سلّم الأولويات ، وعدم خرقه حتى يكون أمرا ذاتيا ينبع من ذواتهم لأن ذلك يعلمه الالتزام والصبر .
5. وقد أشارت Diana baumrind في أبحاثها الى ان الحزم المقرون بالمودة يؤدي الى رفع كفاياتهم مما يجعلهم قادرين على تحمل المسئولية , وان استخدام العقل والمنطق وحدهما دون أن يصاحبهما الحزم يوحي للطفل بأننا غير جادين في ما نقول او نعمل فيلجأ إلى التحلل من تبعاته تجاهنا . 
6. التشجيع والمديح ولا نسرف أو نبالغ فيهما .
7. تجنب لغة الانتقاص والاستهزاء والتجريح والتحقير وتفضيل الآخرين عليه .
8. إن إصرار الآباء على ان يكون الطفل هو الفائز الأول لأمر له خطورته ويجلب المشاكل للآباء والأبناء , فعلينا أن نعود ه كيف يتعامل مع النجاح وكيف يتعامل مع الفشل ما دامت طبيعة الحياة تقتضي ان يكون فيها الرابح والخاسر و الناجح والفاشل . 
9. اختيار الألعاب المناسبة لقدراته فلا تكون سهلة مملة ولا صعبة معجزة .
10. تعليمه الإصغاء للآخرين ومشاركتهم في الأعمال الهادفة .
11. تعويدة احترام الكبار وأنهم مصدر للمعلومات و المعارف .
12. أن تقرأ للطفل من السنة الأولى وتعلمه أن يشير بإصبعه إلى الأشياء الموجودة في الكتاب .
13. تعويد الطفل على السؤال والاستيضاح والإجابة عليها أولا بأول .
14. تعليمه آداب الحوار والمناقشة .
15. لا تمنع الطفل من حضور مجالس الكبار .
16. على كل عائلة أن تتيح للأطفال أن يشاركوا في التخطيط الاجتماعي للمستقبل خصوصا فيما يهمهم من شئون , ولا بأس أن تبقى الكلمة العليا في كل ذلك للأبوين . 
17. إن الأب المتشدد في رعاية أبنائه متأثر بالأسلوب الذي نشأ وتربى عليه فيتصف بالقسوة والخشونة وقلما يسمح لطفله بحرية الحركة أو إبداء الرأي معتقدا أن بإمكانه أن يجر الحصان إلى نبع الماء وغاب عنه انه إن فعل فليس بمقدوره أن يجبره على أن يشرب ؛ وهذا سيؤدي بالطفل عاجلا أو آجلا ان يرفع في وجهه راية العصيان والتمرد . 
18. إذا كان المجتمع يرغب في خلق قادة في مختلف ميادين الحياة فلا بد ان يكون فيه مجلس لرعاية الطفولة وتنمية قدراتها وملكاتها وكل ما له علاقة بحياة الطفولة الآنية والمستقبلة باعتبارهم بناة المستقبل وعماده . 

التنشئة الروحية والنفسية :ـــ
الإنسان كائن عجيب خلقه الله مزدوج الطبيعة، فيه عنصر مادي طيني، وعنصر روحي سماوي، فإن عنصر الطين يشده إلى الأرض وما ترمز إليه من ومشرب وملبس ومسكن ومنكح و شهوات وملذات وغرائز، في حين أن عنصر الروح يدفعه إلى الرقي في مدارج السمو الروحي، والتحليق في سماء المثل والقيم.
ومن الضروري خلق التوازن بين الجسم والروح، كي لا يطغى جانب على حساب آخر، إذ لو طغى الجانب المادي على الجانب الروحي فإن ذلك يهبط بالإنسان إلى مستوى البهائم أو أضل سبيلاً . ولو طغى الجانب الروحي على المادي فسيؤدي به إلى الرهبنة والتصوف والانعزال عن الحياة، ومن ثم ترك القيام بمسؤولية عمارة الأرض، وبناء الحضارة وإدارة الحياة . 
قاعدة الإسلام التي يقوم عليها كل بنائه هي حماية الإنسان من الخوف والفزع والاضطراب وكل ما يحد حريته وإنسانيته والحرص على حقوقه المشروعة في الأمن و السكينة والطمأنينة وليس هذا بالمطلب الهين . فالعواطف والانفعالات تصاحب الإنسان طيلة حياته , فمن منا لم يفرح ولم يغضب ولم يحزن ولم يكره ولم يحب ؟ ومن منا لم يشعر بالارتياح أحيانا و بالضيق والقلق ؟ فهي ظاهرة عادية , بل وصحية أحيانا . فالشخص الذي لا يغضب إذا أهين أو انتهكت حرمة عرضه أو دينه أو رسوله أو وطنه يعد شخصا متبلدا , والذي لا يفرح لفرح أهله ولا يحزن لحزنهم يعد مريضا . ولا نبالغ إذا قلنا أن تحريك المشاعر والوجدان يستخدم الآن لتحريك السلوك تحريكا ايجابيا أو سلبيا وهذا واضح لدى الثوار والقادة لإذكاء روح المقاومة وتثوير الجماهير . 
ولأن الكائن البشري وحدة : فكر وروح وعمل ؛ فالتفكير العقلي لابد أن يكون له انعكاسات على الجانب النفسي والاجتماعي للفرد والمجتمع , والمسلمون لا تنقصهم القوة الروحية والعاطفية بل يمتازون بها والمتصفح لكتاب الله يجده مليئاً بالانفعالات , فسورة يوسف مثلا فيها كثير من الانفعالات النفسية كالحزن والخوف والفرح والبكاء ولا تكاد تخلو سورة من القرآن إلا ونجد فيها صورا انفعالية بأسلوب لغوي رائع .
يرى البعض أن الفرد يستجيب لعواطفه وأحاسيسه فتظهر على ملامحه الخارجية كالغضب والخوف والفرح والحزن والقلق والارتياح ... ويرى آخرون ان الانفعالات دوافع تحرك سلوك الفرد فالغضب يحرك سلوك الشدة والقوة , والقلق يدفع للتوتر , والخوف للهروب والسرعة ... وقد يستخدم الفرد الانفعال كرد فعل للتكيف مع البيئة او الموقف فالفرد الذي يواجه أحوالا سيئة وظروف صعبة يجلس يندب حظه ويعيش حياته حزينا مكتئبا وقد يشعر بالغضب من المجتمع كله .

لقد أكّدت الدراسات والأبحاث أنّ الصحّة النفسية هي مصدر سعادة الإنسان واستقرار المجتمع وحفظ النظام فيه. فالمجتمع الذي يتمتّع أفراده بالصحّة النفسية، وبالسلوك السوي يبني نظاماً اجتماعياً تندر فيه الجريمة والانحطاط والمشاكل والأزمات السياسية لاقتصادية والأمنية ، ويسلم من السلوكية العدوانية. وقد أصبح من المسلم به أن عددا من الأمراض البدنية يرجع لأسباب نفسية ووجدانية , وان التوتر والاضطراب الانفعالي يعمل ضد العلاج الطبي الناجح فيفقد الشخص قدرته الذاتية على استعادة صحته وللحفاظ على الاستقرار النفسي والعاطفي يوصي الأطباء وعلماء النفس باتباع توجيهات تذكر منها للمثال لا الحصر ما يلي :ـــ
1. مدّ جسور الصلة بين الطفل وخالفه من خلال الذكر والصلاة وقراءة القرآن ؛ فللقرآن الكريم أثر عظيم في تحقيق الأمن النفسي،ولن تتحقق السعادة الحقيقية للإنسان إلا في شعوره بالأمن والأمان . 
2. أن يستشعر الطفل وجود الله فيما حوله من حقائق وأشياء ومخلوقات سيملأ ساحة نفسه أمنا , يقول الدكتور كامل يعقوب : " والحقيقة التي لامستها في حياتي - كطبيب - أن أوفر الناس حظا من هدوء النفس هم أكثر نصيبا من قوة الإيمان .. وأشدهم تعلقا بأهداب الدين " . 
3. التمتع بالصحة البدنية . 
4. تجنب أخذهم بأساليب الكبت والتخويف، وأتح لهم إشباع غرائزهم المختلفة باللعب البريء تحت إشرافك، وكرس لهم بعضا من وقتك كل يوم لإرشادهم وليشعروا بعاطفة الأبوة الحانية.
5. اختيار المهنة المناسبة التي يحقق الطفل فيها ذاته ويثبت فيها كيانه ووجوده .
6. الأسرة واستقرارها , فهو بحاجة إلى أسرة تنمي فيه الفضائل وحسن الخلق والإيمان .
7. علمه ممارسة الاسترخاء والتخيّل الذهني والرياضة والهواية ، فإنّ ذلك ممّا يحدّ من توتره الجسمي والنفسي .
8. جنبه الضغوط ليكون سعيدا غير قلق ولا خائف ولا مضطرب . 
9. درّبه على الرفق وضبط النفس عند الانفعال ، فما دخل الرفق على شيء إلاّ زانه .
10. مساعدة الطفل في حل المشكلات المحيطة به .
11. ممارسة الهوايات المحببة إليه ليبعد عن نفسه الضيق والملل .
12. الاستمتاع بكل ما هو جميل في ملكوت الله وتجنب كل ما هو رديء وسيء .
13. تغيير الروتين اليومي من فترة إلى أخرى فقد تأتي الضغوط الداخلية من جرّاء الضجر والرتابة والملل ، ولذا فإنّ التغيير الايجابي البسيط ربّما يحوّل سيمفونية حياته الرتيبة إلى نغمات عذبة ودافئة ومسلية .
14. تلبية رغبات الطفل من حب وعطف وحنان ليشعر بالأمن والسعادة والاطمئنان .
15. من المهم ان يقتنع الطفل ويتأكد ان أهله يحبونه بشكل دائم ومستمر فلا يجد في أقوالهم وتصرفاتهم ما يجعله يشك في ذلك .

التنشئة السلوكية :ـــ 
يبدأ الطفل في تكوين واكتساب العادات من الأشهر الثلاثة الأولى وكلما ازداد نمو الطفل ازدادت قابليته لاكتساب عادات جديدة أسرع من ذي قبل , واكتساب العادات الطيبة هو الهدف من جميع برامج التعليم والتدريب فسلوك الأطفال يعكس الاتجاهات والمعايير والظروف التي مرت عليهم وقدمت لهم خلال الأسرة . فمشاكل الوالدين والحرمان والضغوطات عوامل تساهم في اضطراب سلوك الأطفال , والحالة الاقتصادية والاجتماعية للأسرة تحدد فرص التعلم للطفل والدراسات حول العلاقات الأسرية تضمنت أن تأثير الآباء على الأطفال ليس بالأمر السهل , وان الانتباه لحاجات الطفل مثل الحب والاهتمام والتعزيز واستخدام أسلوب العقاب والتهذيب المناسب سيؤدي الى تحقيق سلوكيات مرغوبة . 

نعم بذلت جهود مختلفة لتحديد ماهية السلوك العادي والمضطرب , كما ظهرت تعريفات متعددة تطرقت لتحديد الاضطرابات السلوكية لدى الأطفال .. ولكن لا يوجد تعريف عام ومقبول رغم الدراسات المكثفة ؛ ولعل ذلك يعود لتباين السلوك والعواطف وتنوع الخلفيات النظرية والأطر الفلسفية وكذلك تعدد الجهات و المؤسسات التي تخدم الأطفال . ولعل أكثر الأنواع انتشارا من السلوكيات السيئة الخاطئة لدى الأطفال :
1. العدوانية : يعتبر السلوك العدواني من أكثر أنماط السلوك ظهورا لدى الأطفال كالضرب والعض والقتال والتخريب المتعمد بهدف إيذاء الآخرين او إخافتهم , وهذا ما يربك الآباء والكبار فيجعلهم غالبا ما يؤنبونه او يعاقبونه , لذلك يجب التركيز على عملية التفاعل بين سلوك الطفل وسلوك الآخرين الموجودين في بيئته .
2. التمرّد : كرفض الأوامر والصراخ والتحدي ومخالفة القوانين والأنظمة والعقوق وعدم الطاعة ... وفي هذه الحالة يجب عدم إجبار الطفل بالقوة ما أمكن لأن هذه الطريقة ليست فقط غير مثمرة بل تعزز التمرد أيضا ولكن يمكن إعطاء الطفل عدد من السلوكيات والبدائل يقوم هو بالاختيار , ولنبتعد قدر الإمكان عن عبارة " سوف تفعل " . 
3. الفوضوية يثمل في غرفة الصف بالكلام غير الملائم , والضحك , والتصفيق , والضرب بالقدم , والغناء والصفي .... الخ .
4. السلبية وانعدام الثقة فكثير من الأطفال يستقر لديهم انهم فاشلون أو غير مناسبين من خلال عبارات تعكس هذا الانطباع مثل " لا أستطيع فعل ذلك " , " هو أفضل مني " , " أنا لست جيدا " , " لن أفوز أبدا" ... ومثل هؤلاء يكون لديهم حساسية مفرطة ضد النقد , وليس لديهم الانخراط في كثير من النشاطات , وإذا سئلوا يدل جوابهم على عدم السعادة سواء في المدرسة او مع الأصدقاء او في البيت او المجتمع فهم يظهرون عدم السعادة بالحياة . 
5. قلة النشاط فيكون خمولا , بطيئا , عديم الاهتمام , خجلا ... وهو كثيرا ما يترك مواقف الحياة ويهرب منها وقد يسبب له هذا صراعا نفسيا وعدم الراحة . 
6. عدم النضج الاجتماعي حيث لا يتناسب سلوكه مع المرحلة العمرية ويكون هذا لدى الكبار والصغار . 

ينسى الناس أو يتناسون قول الرسول " الدين المعاملة " أي أن السلوك والأخلاق والإرادة هي كل الشريعة وأساسها , وان القيم الروحية لا تزدهر إلا في الأوساط الاجتماعية المتكاملة حين تسود بين الناس المحبة والتسامح والأخوة بدل القانون والدستور . ولعل أهم النصائح للتنشئة السلوكية ما يلي :ــ
1. من المهم أن تكون لديهم فرص لممارسة الألعاب البدنية والجسدية والحركة خارج البيت لتنشيط الطفل وتخلصه من التوتر والطاقة الزائدة .
2. المكافأة على السلوك المرغوب فيه يعززه , وهذا يستدعي مراقبة الأطفال وهم يتصرفون مع تقديم المديح والتشجيع والجوائز المادية .
3. علمهم المهارات الاجتماعية وآداب اللياقة والتصرف كالتحدث بلطف مع الآخرين او التعبير بدون إيذاء مشاعر الآخرين . 
4. درّبه على أسلوب التفاهم بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن (إدفع بالّتي هي أحسن فإذا الّذي بينك وبينه عداوة كأنّه وليّ حميم ) .
5. علّم الأطفال حلّ مشاكلهم بدون شجار من خلال الجرأة في التعبير عن أنفسهم للوصول إلى ما يريدون بدون تجريح او سباب او تعصب , كأن يقول لزميله Sad( من فضلك لا تأخذ حقي بدون إذني )) او " هذا لي أرجوك أرجعه لي ولا تأخذه بدون أن تطلبه مني " .
6. عوّده التفكير قبل أن يتصرف ليكون مسئولا عن قراراته ونتائجها ويحترم حقوق الآخرين .
7. كلما أحب الطفل الآخرين قل عدوانه عليهم ويستطيع الآباء تشجيع التعاطف لمشاعر الآخرين من خلال توضيح مدى الأذى الذي سيلحق بالمعتدى عليه .
8. رحب بأصدقاء الطفل في بيتك وتعرف عليهم عن قرب .
9. حاول التقرب من الطفل قدر الإمكان لتقوى علاقتك وتستطيع توجيهه , شاركه في نشاطه , امض معه وقتا أكبر ... هذا سيساعد الطفل على التكيف معك .
10. غياب الآباء الطويل عن الأسرة له تأثيره إذ ينحرف الأولاد في مثل هذه الحالة عن السلوك العقلي الطبيعي، ويكونون ((أشقياء)) جداً ولا يطيعون أحدا ً .
11. شجع الطفل على أن تكون له شخصية تتسم بالثقة بالنفس والشخصية البناءة . 
12. القيم والعادات الحميدة يتعلمها من خلال تقليده الوالد فلابد ان تكون له مثالا جيدا وقدوة لذا تعامل معه بإخلاص وأمانة وبدون خداع ليكتسب منك هذه الصفات . 
13. علمه ثقافة التسامح والتراحم والصفح والإحسان «ارحم مَن في الأرض يرحمك مَن في السماء» .
14. علمه مبدأ (حب الآخرين) و(قضاء حوائجهم), وقدم له نماذج أخلاقية في التعامل مع الآخرين من خلال الصحبة الأبوية , او قراءة قصص هادفة , او مشاهدة برامج تربوية ممتعة . 

إن تغيير الأخلاق والسلوك يرتبط ارتباطا وثيقا بتغيير العقول والقلوب , ولأن التحكم في العقول والقلوب أشق وأعسر من التحكم في الدخول والجيوب فلا يمكن إحداث أنماط سلوكية فاعلة إلا بهذين الأصلين , ويعني ذلك أن الإصلاح السلوكي صورة من صور التطور الفكري والروحي فالنقائص الأخلاقية التي تتخذ طابع السلوك المتحجر لا يتسنى لنا تعديله او القضاء عليه الا بتغيير الأساليب التربوية , لأن الوظيفة الحقيقية للمربي تكمن في تفتيح ذهن الطفل للقيم الخلقية وكلما زادت حساسية المربي وقناعاته كان تأثيره على النشء أقوى وأفضل , ومن هنا تبدو الصلة واضحة بين الأخلاق والتربية لأنها أي الأخلاق ظاهرة عملية تتصل بالقدوة والتربية أكثر مما تتصل بالفكر والتعليم .. ولكن السؤال المطروح هو : كيف نعمل على تربية المربي نفسه ليكون أهلا لتربية النشء ؟؟؟ إن مهنة التعليم يقبل عليها المتخصصون وغير المتخصصين وقد آن لنا أن نفطن لخطورة هذه المهنة وأهمية الدور الذي يضطلع به أربابها في خلق جيل من الشباب الواعي و المتفتح والمتبصر والمؤمن بالقيم الخلقية والروحية . لابد من تطبيق السيكولوجية الحديثة للاختيار المهني للقادة الصالحين فلا يوضع على رأس الجهاز الإداري إلا الرجل الكفء اجتماعيا , وأخلاقيا , ومهنيا , وفكريا فنكون بذلك قد قدمنا للأجيال قدوة صالحة يترسمون خطاها ويحذون حذوها ؛ إذ لا صلاح للسلوك والأخلاق بدون رجال صالحين مصلحين . 
وأخيراً أرجو ألا أكون قد نكَّرت لأحد عرشه، أو وضعت «السقاية» في رحله... فأنا لم أجهر بالقول ولم أخافت، ولعلِّي ابتغيت وراء ذلك سبيلاً..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

مواضيع في علم النفس التربوي Empty
مُساهمةموضوع: رد: مواضيع في علم النفس التربوي   مواضيع في علم النفس التربوي Emptyالإثنين 04 يناير 2016, 5:49 am

حتى لا يغار طفلك الكبير من مولودك الصغير

مواضيع في علم النفس التربوي 5ad173385dca8b34a79599de41eef68b_L


يكتسب الطفل العادات الطيبة وغير الطيبة من تصرفات والديه وتصرفات الأهل والأصدقاء مع بعضهم ومع الآخرين ، ومن تعليمات الآباء والأمهات له ولإخوته بالإضافة لبعض العادات المتوارثة ومن مجموع ذلك تتكون شخصية الطفل التي تمتد من الميلاد وحتى البلوغ ، فتظهر بعض الظواهر الطبيعية التي لا يلزم أي تدخل , كذلك بعض الظواهر غير الطبيعية التي يلزم التدخل الطبي لعلاج بعضها والبعض الآخر لا يلزمه التدخل الطبي إذ يشفى بحيث يشفى الطفل مع مرور الوقت منها : فقدان الشهية , الخوف ، الخجل , الغيرة .. إلخ .


وعن الغيرة عند الطفل يحدثنا الدكتور عمير الحارثي ـ استشاري طب نفس الأطفال ـ فيقول : الغيرة شيء طبيعي موجود عند كل الأطفال وأحيانا في صور مختلفة مثل : التبوّل اللا إرادي أثناء النوم , إغماض العينين بطريقة عصبية ، التأتأة ، الرغبة في التبول كل فترة قصيرة ، سؤال والدته دائماً لتحمله أو لتطعمه بيدها ، الرغبة في تناول زجاجة الرضاعة ثانية ، التكلم مثل الأطفال الصغار ، السلبية , رفض الطعام ، تحوله إلى طفل شرس أو مدمِّر ، ويجب على الأم أن تلاحظ كل هذه التصرفات ، كذلك تصرفاته مع اللُّعب ومحاولة تكسيرها .
ويضيف د. الحارثي : لكي نعرف كيفية علاج الغيرة يجب أن نعرف أولا كيف تحدث ، ونحاول منعها . فعند اقتراب موعد ولادة الطفل الثاني يُؤخر الأول بعيداً عن والدته لفترة بقائها في المستشفى وعند عودتها من المستشفى تكون مُجهدة وترغب أن تستريح ، وهو يرغب في القرب منها نتيجة بعده عنها فترة ، وبعد استراحتها تقوم بالعناية بالصغير ، ويقل الوقت الذي تعطيه له , ويصل الأهل والأصدقاء للتهنئة بالمولود الجديد , أي كل شيء وكل الوقت للضيف الجديد ثم تبدأ سلسة من التعليمات ، وباستمرار يكون الصغير في أحضان والدته ويذهب هو إلى فراشه حزيناً لانشغالها مع الصغير ويعتقد أنه فقد حب أمه له ، وبعد أن يكبر قليلاً يلاحظ أنه يُعاقب لأشياء يُسمح لأخيه الصغير أن يفعلها ولا يعرف سبباً لذلك أو أنه أصغرُ من أن يعرف السبب ، وتزداد الغيرة بالمقارنة والتفضيل ..

أما الغيرة في الطفل الصغير فتأتي عند ما يذهب الكبير إلى المدرسة ويهتم المنزل كله ببدء الدراسة ويأخذه أحد والديه إلى المدرسة في الصباح وهو في قمة السعادة ..
ويضيف د / الحارثي : إنه من الصعب جداً تقبل طفل يبلغ اثني عشر شهراً أو سنتين قدوم الطفل الثاني ومعه التعليمات : لا تفعل كذا ...
والحل الأمثل هو عدم حدوث أي تغير في الجدول اليومي للعناية بالطفل الكبير بعد قدوم الثاني أو تحاشي أسباب الغيرة ، وعلاجها صعب ومن أساسيات العلاج التظاهر أمام الطفل بأن كل شيء يفعله طبيعي , ومعاملته بالحب والاحترام ..
والطفل الغيور عموماً هو طفل غير سعيد وعلى الأم أن تبذل كل المحاولات لجعله سعيداً فيجب أن تتحاشى التأنيب أو التوبيخ حتى لو أصاب أخاه الصغير , فكل هدفنا أن نجعله يلعب معه ويساعد أمه في خدمته ,ففي حالة ضربه أو إصابته تأخذه الأم بعيداً ,ً وتجعله مشغولاً , ولا تؤنبه إطلاقا بل تعطيه الحب والأمان. وإذا تكرر القبول اللا إرادي لا تنصحه الأم بأي شيء وإنما تشعله في لعب أو خلافه ، وإذا دمر لعبته أو أفسدها فلا تفعل له شيئاً بل تشغله في شيء آخر وتعطيه الحب والحنان والأمان . وأي توبيخ أو عقاب سيزيد المشكلة تعقيداً 

من مظاهر الغيرة أيضاً محاولة جذب الانتباه مثل مصّ الإصبع ، التبول اللا إرادي الرغبة في التدمير . وعلاج ذلك يستلزم معرفة الأسباب التي تؤدي إلى عدم الإحساس بالأمان ، ودائماً تكون في العقل الباطن ، ويلزم علاجها ولا يكفي علاج الظواهر فقط ، ولكن من المهم جداً معرفة الأسباب التي أدت إلى إحدى الظواهر المرضية ، وبذلك يعيش الكبير والصغير في سعادة وهناء ، وتقوى الارتباطات الأسرية بينهما من البداية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

مواضيع في علم النفس التربوي Empty
مُساهمةموضوع: رد: مواضيع في علم النفس التربوي   مواضيع في علم النفس التربوي Emptyالإثنين 04 يناير 2016, 5:50 am

الغيرة بين الاطفال المشكلة والحل

مواضيع في علم النفس التربوي Bad-kids-b

إن المتتبع لقصة - يوسف عليه السلام- مع أخوته ، يتضح له أن الغيرة الناتجة عن زيادة حب يعقوب لولده يوسف -عليهما السلام- كانت دافعًا قويًا لأشقائه في التفكير في قتله والتخلص منه، فالغيرة مشكلة لا يستهان بها.
وتعتبر الغيرة من المشاكل الطبيعية بالنسبة للطفل، وقد يكون لها أثر إيجابي في دفعه لكي يكون أفضل وأحسن مما هو عليه، لكنها في بعض الأحيان تخرج عن حد الاعتدال...

 

ومن مظاهر الغيرة: (الغضب) بمظاهره المختلفة من ضرب أو سب أو تخريب أو ثورة أو نقد وغير ذلك.
ومن مظاهرها كذلك الميل للصمت أو الانسحاب والانطواء أو فقد الشهية.
وقد ينعكس التأثير النفسي للغيرة على الصحة الجسمانية للطفل، فقد ينقص وزنه ويشعر بالتعب أو يصاب بالصداع.
مسببات الغيرة :

(1) التفريق في المعاملة بينه وبين أخوته.. لذلك نهى الرسول عن ذلك؛ كما روي عن أنس -رضى الله عنه- أن رجلا كان عند النبي صل الله عليه وسلم ، فجاء ابن له فقبله وأجلسه على فخذه، وجاءته بنت له فأجلسها بين يديه، فقال : (ألا سويت بينهم؟) ]البزار والهيثمى].
(2) المقارنة بين طفل وآخر، وتؤدى هذه المقارنة إلى خلق عقدة النقص وإضعاف الثقة في نفس الطفل لدرجة قد تصيبه بمشاعر الإحباط.
(3) الشعور بالنقص خاصة إذا ما كانت جوانب النقص هذه ترجع إلى عيوب جسمية أو عقلية.
العلاج:

إذا كانت مشاعر القلق والخوف وضعف الثقة بالنفس والتفريق في المعاملة من أهم العوامل التي تولد الإحساس بالغيرة لدى الطفل، فإن إزالة أسباب هذه المشاعر تعتبر من أولى الخطوات لعلاج الغيرة عند الطفل، ويصبح من الضروري إعادة أو زيادة الثقة في نفسه، وإسناد بعض المهام التي في استطاعته القيام بها، والثناء عليه عند النجاح فيها.
وعلى الأم والأب أن يكونا حكيمين في تربية الولد؛ وذلك باتباع أنجح الوسائل في إزالة ظاهرة الغيرة من نفسه..
فإذا كان مجيء وليد جديد في الأسرة يشعره بفقدان محبة أبويه وعطفهما، فعلى الأبوين أن يبذلا جهدهما في إشعاره أن هذه المحبة باقية ولن تزول، لأن تفضيل أحد أخوته عليه في معاملة أو عطاء يغيظه، ويولد في نفسه الغيرة.. فعلى الوالدين العدل والمساواة بين أبنائهم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

مواضيع في علم النفس التربوي Empty
مُساهمةموضوع: رد: مواضيع في علم النفس التربوي   مواضيع في علم النفس التربوي Emptyالإثنين 04 يناير 2016, 5:52 am

لماذا نضرب فلذات أكبادنا؟

مواضيع في علم النفس التربوي 911bb6f64463c342ebc758ad1f9000ed_L

لماذا يلجأ الآباء للضرب؟!

الطفل ينمو بسرعة كبيرة و ينمو معه العديد من السلوكيات التي تقتضيها مراحل النمو التي تبدو مزعجة للأسرة من مثل العناد وكثرة الحركة. و هي سلوكيات لو نظرنا إليها من منظور علمي لوجدناها صفات إيجابية تدل على نمو الطفل السليم و على كونها بوادر ومقدمات لسلوكيات إيجابية تتشكل في بناء شخصية الطفل النامية.

و لذلك نتساءل حقاً: هل السلوك يحتاج إلى تدخل عنيف وعقاب بالضرب؟! هل وصل السلوك حداً يقتضي فعلاً أن نتدخل بالضرب؟! هل السلوك ضار للطفل ولخلقه ودينه؟ أم هو مزعج لراحتنا وهدوئنا؟!..

ضربوني وها أنذا أضرب!!

كثيرون يرددون باستمرار: لقد كان والداي يضربانني و ها أنذا سليم معافى! وهنا نقف وقفات حول هذا التبرير:

1 - هل فعلاً نحن معافون؟

ما هي مقاييس التعافي و السلامة عندنا؟! أليست كل الاضطرابات و اختلالات التوازن في الشخصية منتشرة؟..
- الانطوائيون ممن لا يقدرون على مواجهة الناس كثيرون.. وممن لا يتفاعلون مع المجتمع أكثر.
- المترددون في اتخاذ أي قرار في حياتهم في ازدياد.
- المبدعون لا يكادون يذكرون..
- ما نسجّله كأمّة من براءة اختراع في سنة ونحن نعد بالملايين، تسجله بعض الدول المرتزقة ذات الأربعة أو الخمسة ملايين في أسبوع.
- الطموح وعلو الهمة تكاد تكون عملة نادرة في حياتنا.
- الإتقان و الإحسان صفتان نادرتان.
- احترام الوقت و المواعيد و الوفاء بالعهود أصبحت سمات للغرب، فأصبح الواحد منا يقول – لا شعورياً – لصاحبه: ( موعد غربي، و ليس عربي!!)
-أبناؤنا يقلدون كل من هبّ ودبّ، و انتقلت لنا كل أمراض الأمم ونحن من فتح الباب على مصراعيه داخل أسرنا، لهذا فنحن المسؤولون وتربيتنا الأولى مسؤولة إلى حد كبير.

2 - هل ننقل اضطهادنا الطفولي لأبنائنا؟!

هناك نسبة قليلة ممن عانت اضطهاداً طفولياً و تحاول بشكل أو بآخر نقل هذا الاضطهاد لأبنائها بوعيٍ منها أو دون وعي. فلنحذر أن تكون التربية السلبية التي عادة ما يكون البعض قد خضع لها و تأثر بها دافعاً لممارسة و ارتكاب الأخطاء نفسها مع الأبناء.

3-كيف كان شعورك يومها؟!

لقد تعرّض البعض للضرب المبرح وهو طفل صغير، و هو الآن يردد ذلك و يبرر به لجوءه للأسلوب نفسه مع أبنائه. ونتساءل معاً:
ماذا كان شعورك يومها وأنت طفل تضرب؟ ماذا كان تصورك تجاه من يضربك يومها؟!
سوف نفاجأ بالإجابات التي تؤكد كل معاني الكره و الشعور بانعدام المحبة، و نفاجأ كذلك بإجابات المنحرفين وبعض المدمنين بأن أحد أسباب انحرافهم قساوة الآباء، و المبالغة في العقاب والضرب.

انتبه! الحذر خير من الندامة!

دماغ الأطفال سريع التأثر بالتعامل العنيف

كشفت دراسة طبيّة أن عدد الأطفال و الرضّع الذين تلحق بهم إصابات بسبب الأبوين يزيد على ما كان معتقداً.

و تعتقد الدراسة أن هذا الشكل من إساءة التعامل مع الأطفال ترتفع نسبته باستمرار، ربما بسبب تدني قدرة الآباء والأمهات على تربية الأطفال.

و تشير إلى أن الأعراض التي يطلق عليها أعراض الإصابات الناتجة من هز الأطفال بعنف ناتجة غالباً من نقص الخبرة في التعامل معهم برفق، و عادة ما يضع الأطباء البريطانيون العاملون في أقسام الطوارئ بالبال أن الأطفال الذين يأتون لتلك الأقسام بنزيف في الدماغ ربما تعرضوا لتعامل عنيف.

- إصابات خطيرة:

و يشير الإحصاء الوارد في الدراسة إلى أن أربعة وعشرين طفلاً من كل مئة ألف يعانون من مثل تلك الإصابات.

و صرّح الدكتور روبرت مينز الذي قاد فريق البحث بأن الإصابات المقصودة إصابات في منتهى الخطورة تلحق بالدماغ, و أعرب عن خشيته من زيادة تلك الإصابات بمرور الزمن وقال: إن الأسباب في ذلك قد تعود إلى أن الآباء يفتقرون حالياً لخبرات معينة منها معرفة كيفية التعامل مع طفل يبكي باستمرار.

ويضيف الدكتور روبرت: إن توفير مثل تلك المعلومات إلى الأزواج الذين ينتظرون ولادة طفلهم كفيل بالحد من تلك الإصابات. و تعتقد جمعية مكافحة القسوة ضد الأطفال في بريطانية أن هذا البحث يظهر الحاجة الملحة لتعزيز أشكال المساعدة للآباء والأمهات قبل ولادة الأطفال و بعدها.

وترى أن الأبوين يتعرضان إلى إجهاد لا يحتمل بسبب قلة النوم و بكاء طفلهما المستمر، لكن عليهما إدراك خطورة الهز العنيف للطفل الذي لا تزال أعضاؤه هشّة و ضعيفة.

راجع أحكامك!... قبل أن ترفع العصا

هل تعرف في وجه من ينبغي رفعها؟ و هل تدرك الأسباب و النتائج؟
كثير من الوالدين يتذمّرون.. ابني كثير الصراخ! ابنتي تكذب! ولدي يتنمّر في وجه أصدقائه! ابنتي لا تتحلى بالحياء وكثيرة هي المشكلات والآهات من الأبوين. و لكن لنقف وقفة صريحة مع النفس، نعم وقفة صادقة.

اترك ما يفعلون و أجب عن سؤالي: من أين تعلم الأبناء؟ و من أين يكتسبون هذه الصفات؟

تقول الطبيبة منى البصيلي:

إن الطفل عجينة طيّعة في أيدينا تتشكّل و تتلوّن حسب الطريقة التي نعامله بها، بل إنه كالمرآة التي تعكس بأمانة ما يجري أمامه؛ فالطفل العصبي تعلّم العصبية من أبويه، والطفلة التي يعلو صراخها اعتادت أذنيها على صراخ الأم، والطفل الذي يكذب تعلّم الكذب من أبيه أو أمه، والطفل الهادئ لا يسمع لوالديه صوتاً.

وهكذا علينا دائماً مراجعة أنفسنا وسلوكنا قبل أن نلقي اللوم على أبنائنا.

هل تذكر؟!

كيف كان شعورك يومها وأنت طفل تتعرض لغضب أحد والديك؟! لا شك أنك تتذكر أنك أحسست يومها بمزيج من المشاعر: خوف و رهبة، عناد و معارضة، مع شعورك بأنك مظلوم ولم يفهمك أحد.

قد تكون في هذه اللحظة التي تنتابك فيها مشاعر الخوف و الشعور بالظلم قد تعرضت للعقاب بالضرب. صفعة على الوجه أو ضرب على عضو من أعضاء جسمك.

نضرب أم لا نضرب!!

صفع الطفل و العنف في معاملته كان و ما يزال يثير حساسية الكثير من الناس. و ترفضه الأديان و المبادئ. فسيرة نبينا صل الله عليه وسلم المليئة بالرحمة و مبادئ الحب و الاهتمام بالطفل ابناً كان أم حفيداً. و أحاديثه الدالة على الرفق في معاملته ما هي إلا نوع من تقليص دور الشدة و العنف في علاقتنا مع الأطفال، ليحصرها الإسلام في حيز ضيق لمعالجة الحالات الشاذة و بشروط دقيقة تبدأ بأداء الدور التربوي و التعليمي باعتباره واجباً و مسؤولية على عاتق الآباء و الأمهات يحاسبون عليه في الدنيا قبل الآخرة.

لماذا تعاقب بالضرب ؟

هل فعلاً حين يلجأ المربي للضرب يعتقد أنه يفعل هذا بدافع التأديب والحرص على مصلحة الطفل واستقامته؟

أم إن اللجوء إلى الضرب هو في الحقيقة نوع من إفراز التوتر لدى الكبار حين يعجزون عن إفرازه بشكل سليم ونافع؟... أم هو نوع من الانتقام من طفل خرج عن المألوف و المطلوب منه و حاد عن طريق رسمناه له؟

- ابحث عن الدافع الحقيقي للضرب:

مهم جداً أن يكون الدافع الحقيقي لعقاب الطفل واضحاً. لأنه بشكل أو بآخر يتحكم في النتائج المرجوة من ورائه. 

و لذلك سأضع لائحة من السلوكيات المزعجة لأطفالنا لنختبر دوافعنا:
-الطفل كثير الحركة بالبيت ولا يهدأ. - طفلك يقف أمام جهاز التلفاز و يحول بينك و بين متابعة برنامجك المفضّل
- يسحب نظارتك ليتلمسها و يحاول تقليدك بارتدائها - الطفل يقفز من ركن لركن و من سرير نومه للأرض
- طفلك يسكب حبراً على ثوبك...

يمكن أن أضيف لائحة بمئات من السلوكيات اليومية التي يلجأ إليها الأطفال بتلقائيتهم المعتادة. و أعتقد أن كل أب و أم بإمكانهما أن يضيفا لائحة طويلة من سجل ذكرياتهما الطفولية.

إن التربية الإيجابية تقتضي أن ندع جانباً أسلوب العقاب بالضرب لإصلاح مثل هذه السلوكيات المزعجة أو تعديلها بحثاً عن أساليب ناجحة وأكثر تأثيراً على سلوك الطفل. و تقتضي كذلك التجرد من الاستجابة لإثارة الطفل و التجاوب السلبي مع وسائله المزعجة.

عندما يحين وقت إنزال العقاب:

بماذا تشعر حقيقة أثناء بدئك إتزال العقاب على ابنك! بم تفكر و أنت تقرر اللجوء إلى الضرب بدل أسلوب الحوار الهادئ؟

لا شك أن هنالك العديد من المشاعر و الأحاسيس و الأفكار تنتابك و أنت مقبل على ممارسة العقاب بالضرب. فلننظر معاً ماذا ينطبق من هذه اللائحة على شخصيتك:

أ- الإحساس الخارجي:

1- تزداد ضربات قلبك. 2- تزداد سرعة إيقاع تنفسك. 3- تدفق كمية أكبر من الدم إلى الرأس.
4- تعرّق و حكة براحة اليد وأسفل القدم. 5- شدّ بالفكّ. 6- شدّ عضلي بالمعدة. 7- شدّ عضلي عام.
8- حكة بالعينين. 9- انغلاق الشفتين وأحياناً تعرف ارتعاشاً..
10- صفير بالأذنين، طنين متواصل بالرأس، تصاعد إفراز الأدرينالين.
11- الوقت كأنه متوقف أو يمر بسرعة غير عادية تفقد التحكم والسيطرة. 
12 -عدم إدراك ما يحيط بنا، و تركيز كلّ الانتباه على الطفل (المزعج).
13- الإحساس بضربات النبض، وسرعة التهيج و الانفعال و استجابة سريعة للاستفزاز و الإثارة.

ب- الأفكار:

1- لا أتحمل فوق هذا. 2- سأنفجر أو أجنّ! 3- لن ينقذك أحد مني اليوم! 4- يا له من شيطان، شقيّ!
5- أتمنى أن أتخلص منك ومن سلوكك.. 6- الآن انتهى الصبر و نفد! لقد تجاوزت الحدود كلها..

ج- المشاعر الداخلية:

1- عدم القدرة على التحمل. 2- العجز عن مواجهة الأحداث و فقد القدرة على التحكم والسيطرة.
4- الانتقام و الرغبة في المعاقبة. 5- غضب وتوتّر 6- ضغوط نفسيّة 7 – تجهّم و عبوس 8- يأس و تشاؤم
9- اهتياج 10 ذعرٌ من فقد السلطة و اندفاعٌ لاثباتها.

بماذا تشعر وقد انتهيت من عملية العقاب بالضرب ؟!

بعد هذا التفاعل الحسي و العاطفي و سلسلة الأفكار المرافقة. ماذا يحدث؟! الانفجار بلا شك هو نتيجة حتمية لهذا التفاعل حيث تقرر أن تلجأ للضرب بدل الحوار. الانفجار ينقلب ضرباً و صفعات و رمياً بالأشياء...

ثم ماذا بعد الانفجار؟! 

الحالة النفسية بعد الانتهاء من العقاب يمكن أن تكون بشكل أو بآخر على النحو التالي:

أ- على المستوى الحسي:

1- الانتهاء من إفراز التوتر و تراجع إفراز الأدرينالين. 2- هدوء في ضربات القلب والنبض وانتهاء حالة التعرق.
3- استرجاع الانتباه بشكل أكبر للمحيط. 4- ارتخاء عضلي و استرخاء.

ب- على مستوى الأفكار:

1- يا رب! يا ليتني لم أفعل. 2- هذا يفيده مستقبلاً. 3- أتمنى أن لا يكون قد رآني أحد وأنا في هذه الحالة.
4- لا يهم، و لو رأوني! 5- يمكن أن يكون قد تعرض لإصابة ما؟ هل سيبقى أثر الضرب واضحاً؟..
6- أي (أب) كان سيلجأ للسلوك نفسه..

ج- على مستوى المشاعر:

1- ارتياح. 2- خجل أو شعور بالذنب 3- يأس و تشاؤم 4- حبّ متجدّد 5- انتقام متأجّج

لماذا هذه اللوائح الطويلة ؟

هل تنطبق عليك هذه اللوائح ؟ لا شك في أن بعضها على الأقل ينطبق على كل من يلجأ إلى ضرب أبنائه طمعاً في تعديل سلوكهم وإكسابهم السلوك السوي. لا شك أنك في كثير من الأحيان لا تكادُ تعرف نفسك في حالة الاهتياج والغضب، و لكن تحاول تهدئتها وأنت توحي لنفسك أنك لست وحدك من يفعل هذا، و أنك رأيت و تعرّضت للحالة نفسها وأنت طفل، و أنّ هناك أقوالاً مأثورة تحث على استعمال العصا (متناسياً أحياناً وضع هذه الأقوال في سياقها السليم)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

مواضيع في علم النفس التربوي Empty
مُساهمةموضوع: رد: مواضيع في علم النفس التربوي   مواضيع في علم النفس التربوي Emptyالإثنين 04 يناير 2016, 5:53 am

المكافآت والعقوبات تجاه أخطاء الأطفال

مواضيع في علم النفس التربوي Ee9bc87b420b756ad4171d9571626ba4_L

الهدايا والأصدقاء:
إني لأعجب كيف نخشى على أبنائنا من الهدايا المفسدة ولا نفكر بالبدء بهدايا جيدة.

بإمكانك تشجيع صغيرك على إهداء… كتب، مجلات مفيدة، أشرطة إسلامية لأصدقائه وكذلك أشرطة الفيديو، بل إنه يفضل أن يدخر جزءا من مصروفه لإهداء أصدقائه ويؤخذ إلى مكتبة للانتقاء ويعلم كيف يكتب عليها الإهداء ويغلفها ويسلمها بيده، ونبدأ ذلك منذ السنة الثالثة من العمر بتقديم بعض الحلويات والسكاكر للأصدقاء الصغار ويتدرج ذلك مع الكبر.

وحبذا لو أصبح جزءا كبير من الهدايا بين العائلات ليس هدايا مجاملات بقدر ما يكون لهذه الهدايا من رصيد تربوي قد يكون أحد الصغار يحب القراءة ويقرأ قصصا جيدة فتطلبي منه أن يهدي مثلها إلى صديقه الذي لا يحب القراءة كثيرا ويشجعه على قراءتها، فقد تكون هذه الطريقة أبلغ من إهدائك له.

جلسات الأصدقاء:
يجب أن يعلم الوالدان متى خرج الفتى وكيف وأين ومع من؟ وأن لا نكتف بعبارة خرج مع أصدقائه، وذلك لأن الصحبة السيئة من أشد أسباب الانحراف كما قال رسول الله صل الله عليه وسلم : ( مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسلك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وأما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا خبيثة).

وأما بالنسبة للفتيات خاصة:
فيفضل ألا تخرج لزيارة صديقة إلا بعد معرفة بها وبأهلها، وأما الخروج إلى السوق فمن المهم ألا تخرج إلا مع ذي محرم أو مع من هن أكبر منها من النساء الثقات، وتحدد الأماكن التي تريد الشراء منها.

كذلك يجب الاتفاق على أماكن قضاء الإجازات، ويفضل أن تقضي الأسرة جميعها الإجازة في مكان واحد، لا أن ينفصل الوالد عن الأسرة لغير ما هدف.

العقوبات والمكافحات:
قضية ملازمة جداً للانفعالات المتأرجحة حسب الظروف ، وكم يحدث سوء تفاهم بين الزوجين على هذه الناحية بالذات، فإما أن يكون الأب مفرطا في القسوة والأم مفرطة في التدليل أو العكس ، وقلما تجدين زوجين متفقين تماما على هذه القضية.

لذا.. فإن هذه القضية الحساسة والمتعلقة بالغضب الذي قد يجر الإنسان إلى تصرفات لا إرادية، هذه القضية بالذات تحتاج إلى مناقشة.

بادئ ذي بدء.. إن عمل الصغير قد يكون صوابا وقد يكون خطأ، فالصواب كل درب يوصل إلى طريق طاعة، والخطأ كل درب يوصل إلى طريقة معصية.

لنفرض أن طفلا رمى ورقة على الأرض. لا نقول إن هذا الطفل لم يخطئ ولم يحرم لا بل ننظر إليه ونوجهه قائلين: المسلم يا بني نظيف، أو هكذا تفعل المسلمة النظيفة.. فيخجل الصغير.

وإنْ رفع الورقة عن الأرض يشجع ويقال له: بارك الله فيك.. أنت مسلم نظيف.

هناك درجات من الرضا والتشجيع:
ثناء
تمني الأفضل: كما قال رسول الله صل الله عليه وسلم : ( نعم الرجل عبد الله لو أنه كان يقوم الليل )
تشجيع معنوي : كأن يكون المكافأة رحلة، أو حكاية قصة خاصة لذاك الفتى، أو قبلة.
وقد تكون مكافأة مادية مثل هدايا متفرقة، ولا تكتفي بهدايا الأكل والشرب، وليكن لهداياك قيمة ومعنى تربوي.

أي درجة أختار:
اعملي وفق التوجيه النبوي: ( كما تدين تدان) فإن تعاون الصغير معك عاونيه في دروسه، وإن بذل ماديا كافئتيه ماليا، وهكذا.. 

العقوبات:
يقول الأستاذ محمد قطب: التربية بالعقوبة أمر طبيعي بالنسبة للبشر عامة والطفل خاصة، فلا ينبغي أن نستنكر من باب التظاهر بالعطف على الطفل ولا من باب التظاهر بالعلم، فالتجربة العلمية ذاتها تقول: ( إن الأجيال التي نشأت في ظل تحريم العقوبة ونبذ استخدامها أجيال مائعة لا تصلح لجديات الحياة ومهامها والتجربة أولى بالاتباع من النظريات اللامعة).

والعطف الحقيقي على الطفولة هو الذي يرعى صالحها في مستقبلها لا الذي يدمر كيانها ويفسد مستقبلها.

فإن كان ولابد من العقوبة فعلينا أن نراعي احترامنا لكيان الصغير وتقديرنا له كإنسان.

وقبل أن نشرع في العقوبة، لنتأكد بأننا قد قمنا بالخطوات التالية:

التوجيه والإرشاد.

التوبيخ .

التهديد بالتنفيذ كأن أقول له : سأخبر والدك ، فقد قال أحد الصالحين يمدح زوجته التي تؤدب ابنه: كانت تتوعده بي وتؤدبه دوني.

تنفيذ العقوبة المعنوية: مثل الإعراض والمقاطعة ثم العقوبة المادية مثل الضرب في البداية..

سجل أحد المدرسين ، إحصائية في دفتره تبين أنواع العقاب الذي استخدمه مع تلاميذه وعدد المرات التي استخدم فيها كل نوع من تلك الأنواع والإحصائية هي 911527 ضربة بالعصا، 10235 لكمة على الفم، 20989ضربة بالمسطرة، 136716 صفعة، وأخيرا 7905 كلمة على الأذنين.

فهل لك أن تحاولي تسجيل إحصائية مشابهة لعقوباتك!!

إن تكرار وسيلة العقوبة الواحدة يفقدها أثرها على الطفل لذلك لا بد من التغيير.

والعقوبة على أنواع، فهناك عقوبة للذنب البسيط وأخرى للكبير، ومن الوسائل الناجحة جدا: المشارطة، بمعنى إن فعلت يا بني كذا.. فما هي عقوبتك؟ وانتظري أن يختار لنفسه عقوبة وهو عندها سيراقب نفسه جيدا فلا يعود للخطأ البسيط، ويستحب أن تراعي القواعد التالية:

قواعد الضرب:
يبتعد عن الضرب في الأماكن الحساسة، عملا بالتوجيه النبوي الشريف: ( إذا قاتل أحدكم أخاه فلا يلطمن الوجه) رواه مسلم.

قال صل الله عليه وسلم ( لا يجلد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله تعالى) الضرب المؤلم، وليس الضرب المضر.

أن يتولى المربي الضرب بنفسه وحبذا لو كان الأب هو الضارب.

تنفذ العقوبات وتصرف المكافآت في ساعاتها.

تحذير:
إن الإفراط في العقوبة الجسمية له مضار جسيمة منها:
أن يألفها الولد.
أن يصبح بليدا.
أن يلجأ لتحقيق ذاته بأساليب منحرفة.
وعندما يكبر إما أن يكون فاشلا ذليلا يخاف من ظله أو جبارا قاسيا يقهر من دونه، وكلاهما خسارة ما بعدها خسارة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

مواضيع في علم النفس التربوي Empty
مُساهمةموضوع: رد: مواضيع في علم النفس التربوي   مواضيع في علم النفس التربوي Emptyالإثنين 04 يناير 2016, 5:57 am

أساليب التربية

مواضيع في علم النفس التربوي 14d1fa7ca660d4c2e48be74255a03674_L


أولاً: التربية بالملاحظة: 
تعد هذه التربية أساساً جسَّده النبي _صل الله عليه وسلم_ في ملاحظته لأفراد المجتمع تلك الملاحظة التي يعقبها التوجيه الرشيد، والمقصود بالتربية بالملاحظة ملاحقة الولد وملازمته في التكوين العقيدي والأخلاقي، ومراقبته وملاحظته في الإعداد النفسي والاجتماعي، والسؤال المستمر عن وضعه وحاله في تربيته الجسمية وتحصيله العلمي، وهذا يعني أن الملاحظة لا بد أن تكون شاملة لجميع جوانب الشخصية.


ويجب الحذر من أن تتحول الملاحظة إلى تجسس، فمن الخطأ أن نفتش غرفة الولد المميز ونحاسبه على هفوة نجدها؛ لأنه لن يثق بعد ذلك بالمربي، وسيشعر أنه شخص غير موثوق به، وقد يلجأ إلى إخفاء كثير من الأشياء عند أصدقائه أو معارفه، ولم يكن هذا هدي النبي _صل الله عليه وسلم_ في تربيته لأبنائه وأصحابه.

كما ينبغي الحذر من التضييق على الولد ومرافقته في كل مكان وزمان؛ لأن الطفل وبخاصة المميز والمراهق يحب أن تثق به وتعتمد عليه، ويحب أن يكون رقيباً على نفسه، ومسؤولاً عن تصرفاته، بعيداً عن رقابة المربي، فتتاح له تلك الفرصة باعتدال.
وعند التربية بالملاحظة يجد المربي الأخطاء والتقصير، وعندها لا بد من المداراة التي تحقق المطلوب دون إثارة أو إساءة إلى الطفل، والمداراة هي الرفق في التعليم وفي الأمر والنهي، بل إن التجاهل أحياناً يعد الأسلوب الأمثل في مواجهة تصرفات الطفل التي يستفز بها المربي، وبخاصة عندما يكون عمر الطفل بين السنة والنصف والسنة الثالثة، حيث يميل الطفل إلى جذب الانتباه واستفزاز الوالدين والإخوة، فلا بد عندها من التجاهل؛ لأن إثارة الضجة قد تؤدي إلى تشبثه بذلك الخطأ، كما أنه لا بد من التسامح أحياناً؛ لأن المحاسبة الشديدة لها أضرارها التربوية والنفسية.

ثانياً: التربية بالعادة: 
المبحث الأول: أصول التربية بالعادة: 
الأصل في التربية بالعادة حديث النبي _صل الله عليه وسلم_ في شأن الصلاة؛ لأن التكرار الذي يدوم ثلاث سنوات كفيل بغرس العبادة حتى تصبح عادة راسخة في النفس، وكذلك إرشاد ابن مسعود – رضي الله عنه – حيث قال: "وعودوهم الخير، فإن الخير عادة"، وبهذا تكون التربية بالعادة ليست خاصة بالشعائر التعبدية وحدها، بل تشمل الآداب وأنماط السلوك.

المبحث الثاني: كيفية التربية بالعادة: 
ولكي نعوِّد الطفل على العبادات والعادات الحسنة يجب أن نبذل الجهود المختلفة ليتم تكرار الأعمال والمواظبة عليها بالترغيب والترهيب والقدوة والمتابعة وغيرها من الوسائل التربوية. 

يبدأ تكوين العادات في سن مبكرة جداً، فالطفل في شهره السادس يبتهج بتكرار الأعمال التي تسعد من حوله، وهذا التكرار يكون العادة، ويظل هذا التكوين حتى السابعة، وعلى الأم أن تبتعد عن الدلال منذ ولادة الطفل، ففي اليوم الأول يحس الطفل بأنه محمول فيسكت، فإذا حمل دائماً صارت عادته، وكذلك إذا كانت الأم تسارع إلى حمله كلما بكى، ولتحذر الأم كذلك من إيقاظ الرضيع ليرضع؛ لأنها بذلك تنغص عليه نومه وتعوده على طلب الطعام في الليل والاستيقاظ له وإن لم يكن الجوع شديداً، وقد تستمر هذه العادة حتى سن متأخرة، فيصعب عليه تركها، ويخطئ بعض المربين إذ تعجبهم بعض الكلمات المحرمة على لسان الطفل فيضحكون منها، وقد تكون كلمة نابية، وقد يفرحون بسلوك غير حميد لكونه يحصل من الطفل الصغير، وهذا الإعجاب يكون العادة من حيث لا يشعرون.

وترجع أهمية التربية بالعادة إلى أن حسن الخلق بمعناه الواسع يتحقق من وجهين، الأول: الطبع والفطرة، والثاني: التعود والمجاهدة، ولما كان الإنسان مجبولاً على الدين والخلق الفاضل كان تعويده عليه يرسخه ويزيده.
ولكي نعوِّد الطفل على العبادات والعادات الحسنة يجب أن نبذل الجهود المختلفة ليتم تكرار الأعمال والمواظبة عليها بالترغيب والترهيب والقدوة والمتابعة وغيرها من الوسائل التربوية.

ثالثاً: التربية بالإشارة: 
تستخدم التربية بالإشارة في بعض المواقف كأن يخطئ الطفل خطأ أمام بعض الضيوف أو في مَجْمَع كبير، أو أن يكون أول مرة يصدر منه ذلك، فعندها تصبح نظرة الغضب كافية أو الإشارة خفية باليد؛ لأن إيقاع العقوبة قد يجعل الطفل معانداً؛ لأن الناس ينظرون إليه، ولأن بعض الأطفال يخجل من الناس فتكفيه الإشارة، ويستخدم كذلك مع الطفل الأديب المرهف الحس.

ويدخل ضمنه التعريض بالكلام، فيقال: إن طفلاً صنع كذا وكذا وعمله عمل ذميم، ولو كرر ذلك لعاقبته، وهذا الأسلوب يحفظ كرامة الطفل ويؤدب بقية أهل البيت ممن يفعل الفعل نفسه دون علم المربي.

رابعاً: التربية بالموعظة وهدي السلف فيها: 
تعتمد الموعظة على جانبين، الأول: بيان الحق وتعرية المنكر، والثاني: إثارة الوجدان، فيتأثر الطفل بتصحيح الخطأ وبيان الحق وتقل أخطاؤه، وأما إثارة الوجدان فتعمل عملها؛ لأن النفس فيها استعداد للتأثر بما يُلقى إليها، والموعظة تدفع الطفل إلى العمل المرغب فيه.

ومن أنواع الموعظة: 
1- الموعظة بالقصة، وكلما كان القاص ذا أسلوب متميز جذاب استطاع شد انتباه الطفل والتأثير فيه، وهو أكثر الأساليب نجاحاً.
2- الموعظة بالحوار تشد الانتباه وتدفع الملل إذا كان العرض حيوياً، وتتيح للمربي أن يعرف الشبهات التي تقع في نفس الطفل فيعالجها بالحكمة.
3- الموعظة بضرب المثل الذي يقرب المعنى ويعين على الفهم.
4- الموعظة بالحدث، فكلما حدث شيء معين وجب على المربي أن يستغله تربوياً، كالتعليق على مشاهد الدمار الناتج عن الحروب والمجاعات ليذكر الطفل بنعم الله، ويؤثر هذا في النفس؛ لأنه في لحظة انفعال ورِقّة فيكون لهذا التوجيه أثره البعيد.

وهدي السلف في الموعظة: الإخلاص والمتابعة، فإن لم يكن المربي عاملاً بموعظته أو غير مخلص فيها فلن تفتح له القلوب، ومن هديهم مخاطبة الطفل على قدر عقله والتلطف في مخاطبته ليكون أدعى للقبول والرسوخ في نفسه، كما أنه يحسن اختيار الوقت المناسب فيراعي حالة الطفل النفسية ووقت انشراح صدره وانفراده عن الناس، وله أن يستغل وقت مرض الطفل؛ لأنه في تلك الحال يجمع بين رقة القلب وصفاء الفطرة، وأما وعظه وقت لعبه أو أمام الأباعد فلا يحقق الفائدة.
ويجب أن يَحْذَر المربي من كثرة الوعظ فيتخوَّل بالموعظة ويراعي الطفل حتى لا يملّ، ولأن تأثير الموعظة مؤقت فيحسن تكرارها مع تباعد الأوقات.

خامساً: التربية بالترغيب والترهيب وضوابطها: 
الترهيب والترغيب من العوامل الأساسية لتنمية السلوك وتهذيب الأخلاق وتعزيز القيم الاجتماعية.
المبحث الأول: الترغيب: 
ويمثل دوراً مهماً وضرورياً في المرحلة الأولى من حياة الطفل؛ لأن الأعمال التي يقوم بها لأول مرة شاقة تحتاج إلى حافز يدفعه إلى القيام بها حتى تصبح سهلة، كما أن الترغيب يعلمه عادات وسلوكيات تستمر معه ويصعب عليه تركها.

والترغيب نوعان: معنوي ومادي، ولكلٍّ درجاته فابتسامة الرضا والقبول، والتقبيل والضم، والثناء، وكافة الأعمال التي تُبهج الطفل هي ترغيبٌ في العمل.
ويرى بعض التربويين أن تقديم الإثابة المعنوية على المادية أولى؛ حتى نرتقي بالطفل عن حب المادة، وبعضهم يرى أن تكون الإثابة من جنس العمل، فإن كان العمل مادياً نكافئه مادياً والعكس.

وهناك ضوابط خاصة تكفل للمربي نجاحه، ومنها: 
• أن يكون الترغيب خطوة أولى يتدرج الطفل بعدها إلى الترغيب فيما عند الله من ثواب دنيوي وأخروي، فمثلاً يرغب الطفل في حسن الخلق بالمكافأة ثم يقال له: أحسن خلقك لأجل أن يحبك والدك وأمك، ثم يقال ليحبك الله ويرضى عنك، وهذا التدرج يناسب عقلية الطفل.
• ألا تتحول المكافأة إلى شرط للعمل، ويتحقق ذلك بألا يثاب الطفل على عمل واجب كأكله وطعامه أو ترتيبه غرفته، بل تقتصر المكافأة على السلوك الجديد الصحيح، وأن تكون المكافأة دون وعد مسبق؛ لأن الوعد المسبق إذا كثر أصبح شرطاً للقيام بالعمل.
• أن تكون بعد العمل مباشرة، في مرحلة الطفولة المبكرة، وإنجاز الوعد حتى لا يتعلم الكذب وإخلاف الوعد، وفي المرحلة المتأخرة يحسن أن نؤخر المكافأة بعد وعده ليتعلم العمل للآخرة، ولأنه ينسى تعب العمل فيفرح بالمكافأة.

المبحث الثاني: الترهيب: 
أثبتت الدراسات الحديثة حاجة المربي إلى الترهيب، وأن الطفل الذي يتسامح معه والداه يستمر في إزعاجهما، والعقاب يصحح السلوك والأخلاق، والترهيب له درجات تبدأ بتقطيب الوجه ونظرة الغضب والعتاب وتمتد إلى المقاطعة والهجر والحبس والحرمان من الجماعة أو الحرمان المادي والضرب وهو آخر درجاتها.
ويجدر بالمربي أن يتجنب ضرب الطفل قدر الإمكان، وإن كان لا بد منه ففي السن التي يميز فيها ويعرف مغزى العقاب وسببه.

وللترهيب ضوابط، منها: 
• أن الخطأ إذا حدث أول مرة فلا يعاقب الطفل، بل يعلم ويوجه.
• يجب إيقاع العقوبة بعد الخطأ مباشرة مع بيان سببها وإفهام الطفل خطأ سلوكه؛ لأنه ربما ينسى ما فعل إذا تأخرت العقوبة.
• إذا كان خطأ الطفل ظاهراً أمام إخوانه وأهل البيت فتكون معاقبته أمامهم؛ لأن ذلك سيحقق وظيفة تربوية للأسرة كلها.
• إذا كانت العقوبة هي الضرب فينبغي أن يسبقها التحذير والوعيد، وأن يتجنب الضرب على الرأس أو الصدر أو الوجه أو البطن، وأن تكون العصا غير غليظة، ومعتدلة الرطوبة، وأن يكون الضرب من واحدة إلى ثلاث إذا كان دون البلوغ، ويفرقها فلا تكون في محل واحد، وإن ذكر الطفل ربه واستغاث به فيجب إيقاف الضرب؛ لأنه بذلك يغرس في نفس الطفل تعظيم الله.
• ويجب أن يتولى المربي الضرب بنفسه حتى لا يحقد بعضهم على بعض.
• ألا يعاقبه حال الغضب؛ لأنه قد يزيد في العقاب.
• أن يترك معاقبته إذا أصابه ألم بسبب الخطأ ويكفي بيان ذلك.

المبحث الثالث: ضوابط التربية بالترغيب والترهيب: 
وهذه الضوابط _بإذن الله_ تحمي الطفل من الأمراض النفسية، والانحرافات الأخلاقية، والاختلالات الاجتماعية، وأهم هذه الضوابط:

1- الاعتدال في الترغيب والترهيب: 
لعل أكثر ما تعانيه الأجيال كثرة الترهيب والتركيز على العقاب البدني، وهذا يجعل الطفل قاسياً في حياته فيما بعد أو ذليلاً ينقاد لكل أحد، ولذا ينبغي أن يتدرج في العقوبة؛ لأن أمد التربية طويل وسلم العقاب قد ينتهي بسرعة إذا بدأ المربي بآخره وهو الضرب، وينبغي للمربي أن يتيح للشفعاء فرصة الشفاعة والتوسط للعفو عن الطفل، ويسمح له بالتوبة ويقبل منه، كما أن الإكثار من الترهيب قد يكون سبباً في تهوين الأخطاء والاعتياد على الضرب، ولذا ينبغي الحذر من تكرار عقاب واحد بشكل مستمر، وكذلك إذا كان أقل من اللازم،

وعلى المربي ألا يكثر من التهديد دون العقاب؛ لأن ذلك سيؤدي إلى استهتاره بالتهديد، فإذا أحس المربي بذلك فعليه أن ينفذ العقوبة ولو مرة واحدة ليكون مهيباً.
والخروج عن الاعتدال في الإثابة يعوِّد على الطمع ويؤدي إلى عدم قناعة الطفل إلا بمقدار أكثر من السابق.
كما يجب على المربي أن يبتعد عن السب والشتم والتوبيخ أثناء معاقبته للطفل؛ لأن ذلك يفسده ويشعره بالذلة والمهانة، وقد يولد الكراهية، كما أن على المربي أن يبين للطفل أن العقاب لمصلحته لا حقداً عليه.
وليحذر المربي من أن يترتب على الترهيب والترغيب الخوف من المخلوقين خوفاً يطغى على الخوف من الخالق _سبحانه_، فيخوّف الطفل من الله قبل كل شيء، ومن عقابه في الدنيا والآخرة، وليحذر أن يغرس في نفسه مراعاة نظر الخلق والخوف منهم دون مراقبة الخالق والخوف من غضبه، وليحذر كذلك من تخويف الطفل بالشرطي أو الطبيب أو الظلام أو غيرها؛ لأنه يحتاج إلى هؤلاء، ولأن خوفه منهم يجعله جباناً.

وبعض المربين يكثر من تخويف الطفل بأن الله سيعذبه ويدخله النار، ولا يذكر أن الله يرزق ويشفي ويدخل الجنة فيكون التخويف أكثر مما يجعل الطفل لا يبالي بذكره النار؛ لكثرة ترديد الأهل "ستدخل النار" أو "سيعذبك الله؛ لأنك فعلت كذا"، ولذا يحسن أن نوازن بين ذكر الجنة والنار، ولا نحكم على أحد بجنة أو نار، بل نقول: إن الذي لا يصلي لا يدخل الجنة ويعذب بالنار.

2- مراعاة الفروق الفردية: 
تتجلى حكمة المربي في اختياره للأسلوب التربوي المناسب من أوجه عدة، منها:
• أن يتناسب الترهيب والترغيب مع عمر الطفل، ففي السنة الأولى والثانية يكون تقطيب الوجه كافياً عادة أو حرمانه من شيء يحبه، وفي السنة الثالثة حرمانه من ألعابه التي يحبها أو من الخروج إلى الملعب.
• أن يتناسب مع الخطأ، فإذا أفسد لعبته أو أهملها يُحرم منها، وإذا عبث في المنزل عبثاً يصلُح بالترتيب كُلِّف بذلك، ويختلف عن العبث الذي لا مجال لإصلاحه.
• أن يتناسب مع شخصية الطفل، فمن الأطفال من يكون حساساً ليناً ذا حياء يكفيه العتاب، ومنهم من يكون عنيداً فلا ينفع معه إلا العقاب، ومنهم من حرمانه من لعبه أشد من ضربه، ومنهم من حرمانه من أصدقائه أشد من حرمانه من النقود أو الحلوى.
• أن يتناسب مع المواقف، فأحياناً يكون الطفل مستخفياً بالخطأ فيكون التجاهل والعلاج غير المباشر هو الحل الأمثل، وإن عاد إليه عوقب سراً؛ لأنه إن هتك ستره نزع عنه الحياء فأعلن ما كان يسر.
وقد يخطئ الطفل أمام أقاربه أو الغرباء، فينبغي أن يكون العقاب بعد انفراد الطفل عنهم؛ لأن عقابه أمامهم يكسر نفسه فيحس بالنقص، وقد يعاند ويزول حياؤه من الناس.
• المراوحة بين أنواع الثواب والعقاب؛ لأن التكرار يفقد الوسيلة أثرها.
• مراعاة الفروق الفردية في التربية فالولد البالغ أو المراهق يكون عقابه على انفراد؛ لأنه أصبح كبيراً، ويجب أن يحترمه إخوانه الصغار، ويعاتَب أمامهم عتاباً إذا كان الخطأ معلناً؛ لأن تأنيبه والقسوة عليه في الكلام يحدثان خللاً في العلاقة بين المراهق والمربي، ويكون ذلك أوجب في حق الولد البكر من الذكور؛ لأنه قدوة، وهو رجل البيت إذا غاب والده أو مرض أو مات.
• ومن الفروق الفردية جنس الطفل فالبنت يكفيها من العقاب ما لا يكفي الذكر عادة؛ لأن جسدها ضعيف وهي تخاف أكثر وتنقاد بسهولة.

اقتباس :

من كتاب (كيف تربي ولدك)
ليلى الجريبة

http://www.almeshkat.net/books/archive/books/k_f.zip
مواضيع في علم النفس التربوي Paperclip الملفات المرفقة

  • مواضيع في علم النفس التربوي Zip k_f.zip‏ (57.1 كيلوبايت, 0 مشاهدات)


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
مواضيع في علم النفس التربوي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  علم النفس التربوي والإجتماعي.
» النفس اللوامه - النفس الاماره - النفس المطمئنه - هل النفس واحدة ؟ صفات النفس بالادله
» في خطاب النفس للنفس - ماذا تقول النفس لصاحبها - إكتشاف النفس
» ماهو علم النفس اهميه علم النفس تعريف علم النفس
» انا لا اخطئ ابدا ؛ اصلاح النفس ؛ النقد الذاتي ؛ تجنب الاخطاء ؛ مهارات اصلاح النفس

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث متنوعه-
انتقل الى: