منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 معلقة عبيد بن الأبرص  

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

معلقة عبيد بن الأبرص   Empty
مُساهمةموضوع: معلقة عبيد بن الأبرص     معلقة عبيد بن الأبرص   Emptyالسبت 16 يناير 2016, 5:40 am

معلقة عبيد بن الأبرص
 
أَقـفَـرَ مِـن أَهلِـهِ مَلحـوبُ
فَالقُـطَـبِـيّـاتُ فَالـذُّنـوبُ
وبُـدِّلَـت أَهلُهـا وُحـوشـاً
وَغَيَّـرَت حالَهـا الخُـطـوبُ
أَرضٌ تَـوارَثَـهـا الـجُـدودُ
فَكُـلُّ مَـن حَلَّهـا مَحـروبُ
إِمّـا قَـتـيـلاً وَإِمّـا هُلكـاً
وَالشَّيـبُ شَيـنٌ لِمَـن يَشِيـبُ
عَيـنـاكَ دَمعُهُـمـا سَـروبُ
كَـأَنَّ شَـأنَيهِمـا شَـعـيـبُ
واهِـيَـةٌ أَو مَعـيـنٌ مَـعـنٌ
مِن عَضَّــةٍ دُونَهـا لُـهـوبُ
تَصبـو وَأَنَّـى لَـكَ التَّصابِـي
أَنّـى وَقَـد راعَـكَ الـمَشيبُ
فَكُـلُّ ذي نِعمَـةٍ مَخـلـوسٌ
وَكُـلُّ ذي أَمَـلٍ مَـكـذوبُ
وَكُـلُّ ذي إِبِــلٍ مَــوروثٌ
وَكُـلُّ ذي سَلَـبٍ مَسـلـوبُ
وَكُـلُّ ذي غَـيـبَـةٍ يَـؤوبُ
وَغـائِـبُ الـمَوتِ لا يَـؤوبُ
أَعـاقِـرٌ مِـثـلُ ذاتِ رِحــمٍ
أَم غَانِـمٌ مِثـلُ مَـن يَخـيـبُ
مَن يَسـألِ النَّـاسَ يَحـرِمـوهُ
وَسـائِـلُ اللهِ لا يَـخـيـبُ
بـالله يُـدركُ كُـلُّ خَـيـرٍ
والقَـولُ فِـي بَعضِـهِ تَلغِيـبُ
وَاللهُ لَـيـسَ لَـهُ شَـرِيـكٌ
عَـلاَّمُ مَـا أَخفَـتِ القُلُـوبُ
أَفلِـحْ بِمَا شِئـتَ قَـد يُبلَـغُ
بالضَّعـفِ وَقَد يُخدَعُ الأَرِيـبُ
لاَ يَعِـظُ النَّـاسُ مَـن لاَ يَعِـظِ
الـدَّهـرُ وَلا يَنـفَـعُ التَلبيـبُ
سَاعِـد بِـأَرضٍ تَكُـونُ فِيـهَا
وَلا تَـقُـل إِنَّـنِـي غَـريـبُ
وَالمَـرءُ مَا عَـاشَ فِي تَكذِيـبٍ
طـولُ الحَيـاةِ لَـهُ تَعـذيـبُ

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

معلقة عبيد بن الأبرص   Empty
مُساهمةموضوع: رد: معلقة عبيد بن الأبرص     معلقة عبيد بن الأبرص   Emptyالسبت 16 يناير 2016, 5:41 am

شرح مفصل للمعلقة
 

عبيد بن الأبرص
قال محمد بن عمرو بن أبي عمرو الشيباني وكان من حديث عبيد بن الأبرص بن جشم بن عامر بن فهر بن مالك بن الحارث بن سعد بن ثعلبة بن دودان ابن أسد بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان أنه كان رجلا محتاجا، ولم يكن له مال. فأقبل ذات يوم ومعه غنيمة له، ومعه أخته ماوية ليورد غنمه، فمنعه رجل من بني مالك بن ثعلبة وجبهه، فانطلق حزينا مهموما، لما صنع به المالكي حتى أتى شجيرات فاستظل هو وأخته تحتهن، وناما فزعم أن المالكي نظر إليه نائما وأخته إلى جنبه وقال:
ذاك عبيد قد أصاب ميا 
يا ليته ألقحها صبـيا
فحملت فولدت ضاويا  
فسمع عبيد، فساءه ذلك فرفع يده نحو السماء فقال: اللهم إن كان ظلمني ورماني بالبهتان، فأذن لي منه ثم نام ولم يكن قبل ذلك يقول شعرا.
فأتاه آت في منامه بكبة من شعر فألقاها في فيه، ثم قال له: قم. فقام وهو يرتجز ببني مالك وكان يقال لهم بنو الزنية فقال:
يا بني الزنية يا غركـم 
لكم الويل بسربال حجر
ثم اندفع في الشعر فقال:
أقفر من أهله ملحوب 
فالقطبيات فالذنوب
ملحوب موضع ماء، القطبيات وحبر جبلان الذنوب موضع.
[فراكس فثـعـيلـبـات 
فذات فرقين فالقـلـيب
فعردة فـقـفـا حـبـر 
ليس بها منهـم عـريب
إن بدلت أهلها وحـوشـا 
وغيرت حالها الخطوب
أرض توارثها شـعـوب 
وكل من حلها محروب
إما قتيلا وإما هـالـكـا 
والشيب شين لمن يشيب
عيناك دمعهمـا سـروب 
كأن شأنيهما شـعـيب
واهية أو معين ممـعـن 
من هضبة دونهما لهوب
أو فـلـج بـبـطـن واد 
للماء من تحته قسـيب
أو جدول في ظلال نخـل 
للماء من تحته سكوب]
 
وتصبو وأنى لك التصـابـي 
أنى وقد راعك المـشـيب
[إن يك حول منها أهلـهـا 
فلا بـدئ ولا عـجــيب
أو يك قد افتقر منها جوهـا 
وعادها المحل والجـدوب
فكل ذي نعمة مخلوسـهـا 
وكل ذي أمل مـكـذوب]
وكل ذي [إبـل مـوروث] 
وكل ذي سلب مسـلـوب
وكـل ذي غـــيبة يؤوب 
وغائب المـوت لا يؤوب
أعاقـر مـثـل ذات رحـم 
أم غانم مثل من لا يخـيب
من يسأل الناس يحـرمـوه 
وسـائل الـلـه لا يخـيب
[بالـلـه يدرك كـل خـير 
والقول في بعضه تلغـيب
والـلـه لـيس لـه شـريك 
علام ما أخفت القـلـوب
أفلح بما شئت فقـد يبـلـغ 
بالضعف وقد يخدع الأريب
لا يعظ الناس مـن لا يعـظ 
الدهر ولا ينفع التلـبـيب
إلا سجايا مـن الـقـلـوب 
وكم يرى شانـئا حـبـيب
ساعد بأرض إذا كنت بـهـا 
ولا تقل إنـنـي غـريب
لا ينفع اللب عـن تـعـلـم 
إلا السجيات والـقـلـوب
فقد يعودن حبيبـا شـانـئي 
ويرجعن شانـئا حـبـيب
قد يوصل النازح النائي وقد 
يقطع ذو الهمة الـقـريب
والمرء ما عاش في تكـذيب 
طول الحياة له تـعـذيب
بل رب ماء وردتـه آجـن 
سبـيلـه خـائف جـديب
بل إن أكن قد علتني كبـرة 
والشيب شين لمن يشـيب
ريش الحمام علـى أرجـائه 
للقلب من خوفـه وجـيب
قطعته غـدوة مـشـيحـا 
وصاحبي بـادن خـبـوب
عيرانة مؤجـد فـقـارهـا 
كأن حاركـهـا كـثـيب
مخـلـف بـازل ســديس 
لاحـقة هـي ولا نـيوب
كأنهما من حـمـير غـاب 
جون بصفحـتـه نـدوب
أو شبب يرتعي الرخـامـى 
تلفه شـمـأل، هـبـوب]
فذاك عصـر وقـد أرانـي 
تحملني نهدة سـرحـوب
[مضبر خلقها تـضـبـيراً 
ينشق عن وجهها السبـيب
زيتـية نـائم عـروقـهـا 
ولين أسـرهـا رطـيب]
كأنها لقوة طلوب=تخر في وكرها القلوب
[باتت علـى إرم عـذوبـا 
كأنـهـا شـيخة رقـوب
فأصبحت في غـداة قـرة 
يسقط عن ريشها الضريب
فأبصرت ثعلبـا سـريعـا 
ودونه سبـسـب جـديب
فنفضت ريشـهـا، وولـت 
فذاك من نهـضة قـريب
فاشتال، وارتاع من حبـس 
وفعله يفعل الـمـذءوب
فنهضت نـحـوه حـثـيثة 
وحردت حرده تـسـيب
فدب مـن رأيهـا دبـيبـا 
والعين حملاقها مقلـوب
فأدركتـه، فـطـرحـتـه 
والصيد من تحتها مكروب
فجدلتـه، فـطـرحـتـه 
فكدحت وجهه الجـبـوب
فعـاودتـه فـرفـعـتـه 
فأرسلت وهو مـكـروب
يضفو ومخبلها فـي دفـه 
لا بد حيزومه منـقـوب]
وهذه القصيدة نحو أربعين بيتاً وفي هذا القدر منها كفاية 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

معلقة عبيد بن الأبرص   Empty
مُساهمةموضوع: رد: معلقة عبيد بن الأبرص     معلقة عبيد بن الأبرص   Emptyالسبت 16 يناير 2016, 5:42 am

تعريف / بمعلقة عبيد بن الأبرص

    على الرغم من هزال هذه القصيدة واضطرابها من الناحية الفنية، فإنها تعتبر من أشهر قصائد عبيد بن الأبرص، ذلك أن المنذر قد طلب إلى الشاعر أن يلقيها في حضرته. وقد أوردها التبريزي ضمن مجموعة (القصائد العشر). بدأها عبيدُ بذكر المنازل المقفرة وتقلّب صروف الزمان عليها، ثم انتقل إلى الحديث عن سنّة الحياة في تحوّل كل شيء، ونهاية الإنسان إلى الموت، ويستطرد في بقية القصيدة، أي في ثلاثة أرباعها، إلى وصف سفره بالنّاقة، ثم إلى وصف فرسه.
وأجمل ما في القصيدة هو المقطع الأخير الذي وصف به المعركة التي جرت بين العقاب والثعلب وانتصارها عليه. وهو وصف يكاد ينسينا جفاف المطلع واتشاحه بالألوان القاتمة. وقد ذكرها ابن سيده مثلاً على "الشعر المهزول غير المؤتلف البناء". وقال ابن كناية "ولم أر أحداً ينشد هذه القصيدة على إقامة العروض. "وقيل أيضاً: "كادت ألا تكون شعراً". وكل هذا لم يمنع من شهرة القصيدة. اعتمدنا في ذلك على: مطاع صفدي وإيليا حاوي، موسوعة الشعر العربي: الشعر الجاهلي، إشراف د. خليل حاوي، تحقيق وتصحيح أحمد قدامة




عبيد بن الأبرص
نحو (... - 25 ق. هـ = ... - 598 م)

       هو عبيد بن الأبرص بن حنتم، وقيل ابن عوف بن جشم الأسدي، أبو زياد، من مضر. اسم أُمّه أُمامة ولا يعرف زمن مولده. كان يُعدّ، في شعراء الجاهلية من الطبقة الأولى، عاصر امرؤ القيس وله معه مناظرات ومناقضات، وعمر طويلاً حتى قتله النعمان بن المنذر، وقد وفد عليه في يوم بؤسه. وهو شاعر من دهاة الجاهلية وحكمائها، وأحد أصحاب المجمهرات المعدودة طبقة ثانية عن المعلقات، على أن محمد بن سلاّم جعله في الطبقة الرابعة، وقال فيه: "عبيد بن الأبرص قديم الذكر عظيم الشهرة، وشعره مضطرب، ذاهب لا أعرف إلاّ قوله في كلمته: أقفر من أهله ملحوب، ولا أدري ما بعد ذلك".
وعبيد من سادات قومه وفرسانهم المشهورين، وكان في أيّامه حُجر بن الحارث، أبو امرئ القيس الشاعر، ملكاً على بني أسد، فنادمه عبيد ثم تغيّر عليه حُجر وطفق يتوعّده في شيء بلغه عنه، ثم استصلحه، فقال عبيد يخاطبه:
أبلغْ بني كرِبٍ عني وإخوتَهُ- قولاً سيذهبُ غوراً بعد أنجادٍ
ولما تمرّد بنو أسد على حُجر، وأبوا أن يدفعوا له الجباية، وقتلوا رسله، غضب وسار إليهم بجنده، وأخذ سرواتهم، فجعل يقتلهم بالعصا، فسمّوا عبيد العصا، وحبس منهم عمرو بن مسعود بن كندة بن فزارة الأسدي، وكان سيّداً، وعبيد بن الأبرص، وأباح أموالهم وصيّرهم إلى تِهامة وأبى أن يساكنهم في بلدٍ. فسارت بنو أسدٍ ثلاثاُ، ثم إن عبيداً قام فقال: أيّها الملك اسمع مقالتي:
يا عين فابكي ما بني- أسد، فهم أهل الندامة
فرق قلبُ حُجر حين سمع قوله فبعث في إثرهم، فأقبلوا، ولم يطل الأمر حتى ثاروا عليه وقتلوه، فهدّدهم ابنه امرؤ القيس بفرسان قحطان، وبأنّه سيحكِّم فيه ظُبى السيوف وشَبَا الأسنّة شفاء لقلبه وثأراً بأبيه. فخاطبه عبيد بقصيدة يفتخر فيها بمآتي قومه ويتحدّاه، قال:
يا ذا المخوّفُنا بقتل أبيه- إذلالاً وحينا
وعمّرَ عبيدٌ عمراً طويلاً جعله ابن رشيق ثلاثمائة سنة. ونحن نرى كما رأى الأب شيخو في كتابه شعراء النصرانيّة: أن في هذا القول غلوّاً ظاهراً، وأنّ سياق آثاره يدلّ على أنّه لم يتجاوز المئة. وعبيد من الشعراء الجاهليّين الذين وضعت على موتهم الأساطير، شأن امرئ القيس والحلة المسمومة، وطرفة وتفاصيل مقتله، وقد روى الأغاني أسطورة مقتله في صورتين أخذ أولاهما كتاب شعراء النصرانيّة ورُويت الثانية في الديوان، وهي تختلف بعض الاختلاف عمّا هي عليه في الأغاني.
أمّا الأولى فمسندةٌ على الشرقيّ بن القطامي، قال: كان المنذر بن ماء السماء قد نادمه رجلان من بني أسد، أحدهما خالد بن المضلِّل والآخر عمرو بن مسعود بن كَلَدة، فأغضباه في بعض المنطق، فأمر بأن يحفر لكلّ منها حفيرة بظهر الحيرة ثمّ يجعلا في تابوتين ويدفنا في الحفرتين، ففُعل بهما ذلك، حتى إذا أصبح سأل عنهما فأُخبر بهلاكهما، فندم على ذلك وغمّه، ثم ركب حتى نظر إليهما فأمر ببناء الغَرِيّين فبنيا عليهما، وجعل لنفسه يومين في السنة يجلس فيهما عند الغريّين أحدهما يوم نعيم والآخر يوم بؤس، فأوّل من يطلع عليه في يوم نعيمه يعطيه مائة من الإبل شؤماً، أي سوداً، وأول من يطلع عليه يوم بؤسه يعطيه رأس ظَرِبان أسود، ثم يأمر به فيذبح ويغرّى بدمه الغريّان.
فلبث بذلك برهة من دهره. ثم إن عبيد بن الأبرص كان أوّل من أشرف عليه يوم بؤسه فقال: هلاّ كان الذّبحُ لغيرك، يا عبيد فقال: أتتك بحائن رجلاه، فأرسلها مثلاً.
فقال المنذر: أو أجلٌ بلغ أناه. ثم قال له: أنشدني فقد كان شعرك يعجبني. فقال حال الجريض دون القريض، وبلغ الحِزام الطِّبيين، فأرسلها مثلاً. فقال له آخر: ما أشدّ جزعك من الموت! فقال: لا يرحلُ رحلك من ليس معك، فأرسلها مثلاً. فقال له المنذر: قد أمللتني فأرحني قبل أن آمر بك! فقال عبيد: من عزّ بزّ، فأرسلها مثلاً. فقال المنذر: أنشدني قولك: "أقفر من أهله ملحوب" فقال: 
أقفر من أهله عبيدُ- فليس يُبدي ولا يُعيدُ
عنّت عنّةٌ نَكودُ- وحان منه لها وُرودُ
فقال له المنذر: يا عبيد! ويحك أنشدني قبل أن أذبحك. فقال عبيد:
واللهِ إن متُّ لما ضرّني- وإن أعِش ما عشتُ في واحدة
فقال المنذر: إنّه لا بدّ من الموت، ولو أن النعمان، أي ابنه، عرض لي في يوم بؤس لذبحته، فاختر إن شئت الأكحل، وإن شئت الأبجل، وإن شئت الوريد. فقال عبيد: ثلاث خصال كسحابات عاد واردها شرّ وُرّاد، وحاديها شرّ حاد، ومعادها شرّ معاد، ولا خير فيها لمرتاد، وإن كنتَ لا محالة قاتلي، فاسقني الخمر حتى إذا ماتت مفاصلي وذَهِلت ذواهلي فشأنك وما تريد. فأمر المنذر بحاجته من الخمر، حتى إذا أخذت منه وطابت نفسه دعا به المنذر ليقتله، فلما مثل بين يديه أنشأ يقول:
وخيّرني ذو البؤس في يوم بؤسه- خَصالاً أرى في كلّها الموتَ قد برَقْ
كما خُيّرتْ عادٌ من الدّهر مرّةً- سحائبَ ما فيها لذي خِيرةٍ أنَقْ
سحائب ريحٍ لم تُوكَّل ببلدةٍ- فتتركها إلاّ كما ليلةِ الطّلَقْ
فأمر به المنذر ففصد، فلما مات غذي بدمه الغريّان. وقد يضرب المثل بيوم عبيد، عند العرب، لليوم المشؤوم الطالع. أما رواية مقتله في الديوان، فقد رويت في الأغاني أيضاً عن هشام بن الكلبي، على شيء من الاختلاف، كما أشرنا إليه سابقاً، قال: وكان من حديث عبيد وقتله أن المنذر بن ماء السماء بنى الغريّين، فقيل له: ماذا تريد بهما وكان بناهما على قبري رجلين من بني أسد كانا نديميه: أحدهما خالد بن نضلة الفقعسيّ، وكان أُسر يوم جبَلة، والآخر عمرو بن مسعود. فقال: ما أنا بملك إن خالف الناس أمري؛ لا يمرّ أحد من وفود العرب إلا بينهما. وكان له في السنة يومان معروفان بيوم بؤس ويوم نعمة، فكان إذا خرج في يوم بؤسه يذبح فيه أوّل من يلقاه كائناً من كان؛ وإذا خرج في يوم نعمته يصِل أوّل من يلقاه ويحبوه ويُحسن إليه. فبينما هو يسير في يوم بؤسه إذ أشرف له عبيد، فقال لرجل ممّن كان معه: من هذا الشقيّ فقال له: هذا عبيد بن البرص.
فأُتي به فقال له الرجل: أبيت اللعن اتركه، فإن عنده من حسن القريض أفضل ممّا تدرك في قتله، مع أنّه من رؤساء قومه وأهل النجدة والشأن فيهم، فاسمع منه وادعه إلى مدحك، فإن سمعت ما يعجبك كنت قد عفت له المنّة فإن مِدْحَته الصنيعة. فإن لم يعجبك قوله كان هنيئاً عليك قتله، فإذا نزلنا فادع به! قال: فنزل المنذر، فطعِم وشرب، وبينه وبين الناس حجاب يراهم منه ولا يرونه، فدعا بعبيد من وراء الستر فقال له رديفة: ما ترى يا أخا أسد. قال: أرى الحوايا عليها المنايا. قال: فعليك بالخروج له ليقرّبك ذاك من الخلاص. قال: ثكلتك الثّواكل، إنّي لا أعطي باليد، ولا أُحضر البعيد، والموت أحبّ إليّ. قال له الملك: أفقلت شيئاً. قال: حال الجريض دون القريض. قال المنذر: أنشدني من قولك "أقفر من أهله ملحوب". قال عبيد:
أقفر من أهله عبيدُ- فليس يُبدي ولا يُعيد
قال: أنشدنا أيضاً! فقال:
هي الخمر تكنى بأمّ الطّلاء- كما الذّئبُ يدعى أبا جعدةِِ
فقال: قل فيّ مديحاً يسير في العرب! قال: أمّا والصَّبّار فيما عجل فلا! قال: نطلقك ونحسن إليك. قال: أمّا وأنا أسير في يديك فلا. قال: نردّك إلى أهلك ونلتزم رفدك. قال: أمّا على شرط المديح فلا! قال عبيد:
أوَصيِّ بَنِيّ وأعمامهم- بأنّ المنايا لهُم راصده
لها مدّةٌ، فنفوسُ العِباد- إليها، وإن جهَدوا، قاصِده
فوالله إنْ عشتُ ما سرّني- وإن متُّ ما كانت العائده
فقال بعض القوم: أنشِد الملك! قال: لا يرجى لك من ليس معك. قال بعضهم من القوم: أنشد الملك! قال: وأُمِرَّ دون عبيده الوَذَمُ. قال له المنذر: يا عبيد أي قتلة أحبّ إليك أن أقتلك. قال: أيّها الملك روّني من الخمر وافصدني، وشأنك وشأني. فسقاه الخمر ثم أقْطَعَ له الأكحل فلم يزل الدم يسيل حتى نفد الدم وسالت الخمر، فمات. فهذا الاختلاف في الروايات يحمل على الشكّ في صحة تفاصيل هذه الأسطورة، وإن يكن لا ينفي مقتل الشاعر بأمر المنذر.
والذي يعزّز الشكّ هو التطويل والتكرار المملاّن في الحوار، فكأنّهما كانا مقصودين لإيراد الأمثال التي عزيت إلى عبيد. ثم ما معنى قول عبيد: حال الجريض دون القريض، ثم إنشاده المنذر مقطوعتين إلاّ إذا كان أراد الشاعر بحيلولة الجريض دون مدح المنذر لا غير. ثم هل من الممكن أن يرفض عبيد مدح المنذر بعد أن وعده هذا بالحياة والإحسان إليه إنْ قال فيه شيئاً، ويؤثر الموت مفصوداً. أما الأبيات التي وردت في الديوان في سياق رواية مقتل لبيد واستهلّت بقوله:
مهلاً، أبيتَ اللّعن مهـ- لاً إنّ فيما قلتَ آمه 
فهي بعض أبيات القصيدة التي أنشدها عبيد حجراً ملك بني أسد لما صيّر الأسديّين إلى تهامة، ولم يَرِد في شعراء النصرانيّة ولا في الأغاني أنّه خاطب بها المنذر. وثمّت أسطورتان عن عبيد لا يمكن العقل أن يقبلهما روى إحداهما الأغاني عن ابن الأعرابي وأبي عمرو الشيباني، ورويت في الديوان وفي شعراء النصرانية وهي: أنّ عبيداً كان رجلاً محتاجاً ولم يكن له مال، فأقبل ذات يوم ومعه غُنَيمة له، ومعه أخته ماويَّة، ليوردا غنمهما، فمنعه رجل من بين مالك بن ثعلبة وجبَهه، فانطلق حزيناً مهموماً للذي صنع به المالكي، حتى أتى شجرات فاستظل تحتهنّ، فنام هو وأخته، فزعموا أن المالكي نظر إليه، وأخته إلى جنبه، فقال:
ذاك عبيداً قد أصابَ ميّا- يا ليته ألقَحَها صَبيّا
فحملت فوضعت ضاوِيّا
فسمعه عبيد فرفع يديه ثم ابتهل: اللهمّ! إن كان فلان ظلمني ورماني بالبهتان فأدِلْني منه، أي اجعل لي منه دولة وانصرني عليه، ووضع رأسه فنام ولم يكن قبل ذلك يقول الشعر. فذُكر أنّه أتاه آت في المنام بكُبّة من شَعر حتى ألقاها في فيه ثم قال: قم، فقام يرتجز يعني مالكاً، وكان يقال لهم بنو الزِّنية، يقول:
يا بني الزِّنيَةِ ما غرَّكُمُ، لكم الويلُ، بسربالٍ حُجُرْ
ثم استمر بعد ذلك في الشعر وكان شاعر لبني أسد غير مدافع. أما الأسطورة الثانية فقد رواها الأغاني عن ابن الكلبي عن أبيه، ورويت في شعراء النصرانية ولم تروَ في الديوان. قال صاحب الأغاني: قرأت في بعض الكتب عن ابن الكلبي عن أبيه، وهو خبر مصنوع يتبيّن التوليد فيه: أن عبيد بن الأبرص سافر في ركب من بني أسد، فبينا هم يسيرون إذا هم بشجاع يتمعّك على الرمضاء، فاتحاً فاه من العطش. وكانت مع عبيد فضلة من ماء ليس معه ماء غيرها، فنزل فسقاه الشجاع عن آخره حتى روي، واستنعش، فانساب في الرمل، فلما كان من اللّيل ونام القوم ندّت رواحلهم فلم يُرَ لشيء منها أثر فقام كلّ يطلب راحلته فتفرّقوا، فبينا عبيد كذلك، وقد أيقن بالهلكة والموت، إذا هو بهاتف يهتف به:
يا أيّها الساري المُضلّ مَذهبَهْ- دونك هذا البَكْرَ منّا فاركَبَه
وبَكْرك الشاردَ أيضاً فاجنبَهْ- حتى إذا الليلُ تجنّى غَيهبُه
فحُط عنه رحلّهُ وسيِّبهْ- 
فقال له عبيد: يا هذا المخاطب! نشدتك الله إلاّ أخبرتني من أنت . فأنشأ يقول:
أنا الشجاعُ الذي ألفيته رَمضاً- في قفرة بين أحجار وأعقادِ
فجدتَ بالماء لما ضَنّ حاملُهُ- وزدت فيه ولم تبخل بأنْكادِ
فركب البكر وجنب بكره فبلغ أهله مع الصبح فنزل عنه وحلّ رحله وخلاّه، فغاب عن عينه، وجاء من سلم من القوم بعد ثلاث. وشعر عبيد منشور في كتب الأدب، وله ديوان عثر على مخطوطته المستشرق الإنكليزي العلاّمة السر تشارلس ليّال، فحقّقه وطبعه وعلّق حواشيه، وألحق به في ملحق وذيّل ما وجده لعبيد من شعر في كتب العرب، ونقله إلى الإنكليزية، ومهره بفهارس متعدّدة كلّها جزيل الفائدة.
وهذا الشعر هو شعر الجاهلية الأولى بما فيه ماديّة وفطريّة وأنفة، وصدق، وغلوّ في الفخر؛ وبما فيه من تعدّد المواضيع في القصيدة الواحدة، والوقوف على الأطلال والبكاء عليا، وسؤالها عن الأحبّة، ووصف للظعائن، ورسم مخطَّط جغرافي للأماكن التي تمرّ بها، وبما يحتويه من وصف الناقة وتشبيهها بالثور الوحشي، ثمّ الانصراف إلى الفخر والتغني بأمجاد القبيلة التي ينتمي إليها الشاعر، أو إلى الغرض الذي شاء أن يرمي إليه. ولغة عبيد خشنة جافية، وحشيّة الألفاظ أحياناً، وبعض قوافيه عويص كالصاد والضاد والطاء، مما لا يمكن فهمه دون اللجوء إلى المعاجم. وربما مرّت بك ألفاظ لا يمكن أن يعاد اشتقاقها إلى مادة لها صريحة في كتب اللغة.
وأكثر ما تكون خشونة ألفاظه في وصف الديار الخالية ووصف الناقة والحرب، أما في سوى ذلك فتلطف بعض اللطف، وتنجلي. وكثير من أوزانه يشوبه الوهن والاضطراب مما يدلّ على أن الأوزان كانت لا تزال متقلقلة في أيّامه، وهذا ما جعل ابن سلاّم يقول عنه: وشعره مضطرب. اعتمدنا في ذلك على: ديوان عبيد بن الأبرص، بيروت: دار صادر، د. ت، ص 5- 16. أعلام الزركلي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
معلقة عبيد بن الأبرص  
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: كتب وروابات مشاهير شخصيات صنعت لها .... :: دواوين شعر-
انتقل الى: