ماذا لو لم يسقط صدام حسين؟
|
|
الرئيس العراقي الاسبق صدام حسين |
نشرت صحيفة دي فيلت الألمانية تقريرا؛ قالت فيه إن الغزو الأمريكي للعراق في سنة 2003 انتهى إلى فشل ذريع، وتسبب في انتشار الفوضى في المنطقة وتفاقم ظاهرة الإرهاب، وطرحت في المقابل تساؤلات حول وضع المنطقة لو لم يحدث هذا الغزو.
ونقلت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، عن المعارض العراقي قاسم الشابوري، الذي قضى 21 سنة في سجون النظام العراقي السابق، أن "أول خطأ ارتكبته قوات التحالف الدولي عند دخولها لبغداد، هو وضع العلم الأمريكي على وجه تمثال صدام حسين البرونزي، عوضا عن رفع العلم العراقي، ومنذ ذلك الحين توالت الأخطاء، وأصبح الناس يتحسرون على الدكتاتورية السابقة التي كانت توفر لهم الأمن والماء والكهرباء والغاز، بينما يعانون اليوم من تفشي النهب والقتل والعنف الطائفي".
وأشارت الصحيفة إلى أن التدخل الأمريكي في العراق في سنة 2003 لم يكن يستند إلى غطاء أممي، حيث ادعت إدارة الرئيس السابق جورج بوش أن صدام حسين يمتلك أسلحة دمار شامل، ويتعاون مع تنظيم القاعدة، ولكنها لم تتمكن أبدا من تقديم أدلة دامغة تثبت ذلك. وبعد الغزو رحل صدام، ولكن بدأ حمام الدم بين مختلف الطوائف، ولم يتوقف العنف حتى بعد أربع سنوات من الانسحاب الأمريكي.
واعتبرت الصحيفة أن الفوضى التي نشرتها الولايات المتحدة في العراق، انتقلت إلى سوريا المجاورة وتسببت في حرب أهلية، وأدت لانتعاش المجموعات الإرهابية، بما أن تنظيم الدولة بدأ كفرع لتنظيم القاعدة في العراق، إبان الاحتلال الأمريكي.
وقالت الصحيفة إن الأوضاع الكارثية التي يعيشها الشرق الأوسط اليوم، دعت المحللين للتساؤل حول ما إذا كانت المنطقة لتكون في وضع أفضل لو بقي صدام حسين في الحكم. وللإجابة عن هذا السؤل يتوجب النظر لسياسات النظام العراقي في فترة ما قبل الغزو، وربطها بالأحداث الحالية.
ونقلت الصحيفة رأي المحلل السياسي الألماني ويلفريد بوختا، الذي عمل مستشارا سياسيا للأمم المتحدة أثناء الاحتلال الأمريكي للعراق، ودرس تاريخ العرق منذ سنوات السبعينيات، حيث اعتبر أن "سياسات صدام حسين أنهكت العراق منذ زمن طويل، بسبب الحرب مع إيران، والغزو الفاشل للكويت، وحرب الخليج والعقوبات الدولية، وهي كلها عوامل قضت على أي أمل في تحديث الاقتصاد العراقي وتحسين الأوضاع، لأن اليأس والموت خيما على البلاد".
وأضاف بوختا أنه "لو بقي صدام في السلطة بعد سنة 2003، لانتهت العقوبات بعد فترة قصيرة، واستعاد علاقاته مع بعض جيرانه، ولكنه في المقابل سيفقد سيطرته على الشيعة والأكراد الذين لا يعتمد معهم إلا لغة الحديد والنار، خاصة وأن مجلس الأمن فرض عليه حظر الطيران في المناطق الكردية في الشمال، والشيعة في الجنوب يحظون بدعم متزايد وحماية إيرانية".
ورجح هذا المحلل السياسي أن "العراق كان لينهار ويتعرض للتقسيم، ويقتل صدام المزيد من الناس، بعد أن تسبب، قبل سنة 2003، في مقتل وتهجير أكثر من مليون من مواطنيه. ومع اندلاع الربيع العربي، وخروج الناس للشوارع طلبا للحرية والديمقراطية، سيكون صدام قد جاوز السبعين سنة، وتكون الانقسامات بين السنة والشيعة والأكراد قد تفاقمت".
وأضاف أن "أسلوب الاحتجاجات المدنية التي شهدتها تونس ومصر من قبل الشباب المنفتح على الـ"فيسبوك" و"تويتر"، لن يشهده العراق، لأن أي ثورة فيه ستتحول مباشرة إلى حرب أهلية، وبالتالي فإن الربيع العربي لا يملك أية حظوظ للنجاح في العراق".
في المقابل اعتبر بوختا أن "تنظيما متشددا كتنظيم داعش ما كان ليظهر ويكبر في ظل حكم صدام حسين، الذي اعترف بالسلفيين في بلاده، وفي الوقت نفسه أبقاهم تحت المراقبة الدقيقة، حتى يتجنب تحولهم إلى قوة مستقلة في البلاد. ولهذا فإن صعود هذا التنظيم اليوم والقوة التي بلغها، يعزى بالأساس إلى سقوط الرئيس السابق، وسياسات الاحتلال الذي همش السياسيين والعسكريين الذين عملوا مع صدام، ما دفعهم للالتحاق بتنظيم الدولة ووضع خبرتهم تحت تصرفه".
وأشارت الصحيفة إلى أن الجمهوريين والديمقراطيين في الولايات المتحدة يتبادلون الاتهامات بشأن المسؤولية حول صعود تنظيم داعش، حتى أصبح الأمر سجالا حزبيا، ونقلت في هذا السياق عن بروس ريدل، المستشار الأمني الذي عمل مع بيل كلنتون والمنتمي للحزب الديمقراطي، قوله إن "تنظيم الدولة ما كان ليظهر لولا قرار جورج بوش بغزو العراق، إذ إن هذا التنظيم جاء امتدادا لتنظيم القاعدة في العراق الذي يعد صنيعة سياسات إدارة بوش".
وفي المقابل، اعتبر السياسي المحافظ إليوت أبرامس، أن "اللوم يقع على إدارة الرئيس الحالي باراك أوباما، لأن بوش عند مغادرته للبيت الأبيض في سنة 2009 لم يكن هنالك شيء اسمه تنظيم الدولة". وأقر أليوت بأن سياسات بوش أدت لتصاعد التطرف والإرهاب في العراق، ولكنه اعتبر أن قرار أوباما بالانسحاب في سنة 2011 هو الذي فسح المجال لتنشط المجموعات الإرهابية بكل حرية".
وتوقعت الصحيفة أنه لو شهد العراق ما يحدث في سوريا اليوم، لتكررت الحرب بالوكالة نفسها، حيث تساند السعودية القبائل السنية خوفا من النفوذ الإيراني، وترسل إيران المليشيات الشيعية والحرس الثوري للقتال، ولكن التحالفات الدولية لن تكون واضحة كما هي اليوم في سوريا، التي تساند فيها موسكو وطهران نظام الأسد بقوة، وتساند دول الخليج والغرب المعارضة المسلحة، وستكون معقدة جدا لأن صدام ينتمي للطائفة السنية، وطبيعة علاقاته الدولية تختلف عن علاقات بشار الأسد".