الصرع.. مرض العصر والوراثة وحوادث السير أبرز المسببات
يعتبر مرض الصرع من أصعب وأعقد الأمراض التي واجهت الأطباء منذ الأزل، ورغم التقدم الهائل الذي يشهده طب الأعصاب وحصر الكثير من أسباب ذلك المرض الخطير الا أن بعض أسبابه لازالت غامضة ومازلت الدراسات والأبحاث مستمرة لاكتشافها ومواجهتها.
ما يهمنا في ذلك التقرير تسليط الضوء على ذلك المرض ذو الآثار النفسية والاجتماعية الخطيرة في الأردن ومدى انتشاره والقدرة على علاجه، حيث أفادنا استشاري أمراض الأعصاب والدماغ الدكتور علي المومني بمعلومات قيمة حول تلك النقاط والمحاور.
الصرع.. اختلال عصبي يفقد الوعي
عالميا يعرف الصَّرْع بأنه اختلال عصبي داخلي ينتج عن اضطراب الإشارات الكهربائية في خلايا المخ. والخلل القائم في العملية الكهربائية الدماغية ينشأ عن تشكل ما يعرف بالبؤرة الصَّرْعية والتي تكون مصابة ومنها تنطلق إشارة البدء وتتعمم على كامل النشاط الكهربائي في الدماغ والعرض الأساسي الجامع لكل أشكال الصَّرْع هو فقدان الوعى وما قد يرافقه من تشنجات مختلفة وفقا للحالة واشهر أنواعه هو الصَّرْع الكبير حيث تحدث تقلصات تتبعها رجفان شامل لكل عضلات الجسم وفى الدرجة الثانية يكون الصَّرْع الصغير عند الأطفال عادة بحيث يفقد المصاب وعيه لفترة قصير ويستردها بسرعة.
أنواع الصرع
هناك نوعان من هذا المرض: الصَّرْع العام (30% من الحالات) والصَّرْع الجزئي (70% من الحالات)؛ فالصرع الجزئي يتجلى في منطقة معينة من الدماغ ومن تم فإن الأعراض تتغير حسب المنطقة المصابة وأحيانا يصعب معرفة أنها نوبة صرعية، وتكون نوبات الصرع الجزئي بسيطة أو معقدة حسب المصاب إذا ما حافظ على أتصاله بمحيطه أو لا. ويمكن أحيانا أن تتحول إلى نوبة الصرع العامة حيث تبدأ العاصفة الكهربائية في منطقة معينة من الدماغ لتنتشر بعد ذلك في باقي الدماغ.
إن أهم أداة في التشخيص هي التاريخ المرضى الدقيق للمريض ويتم ذلك بمساعدة من الأسرة والملاحظات التي تدونها عن حالة المريض والوصف الدقيق للنوبة. أما الأداة الثانية فهي رسم المخ الكهربائي وهو جهاز يسجل بدقة النشاط الكهربائي للمخ وذلك بواسطة أسلاك تثبت على رأس المريض وفيه تسجل الإشارات الكهربية للخلايا العصبية على هيئة موجات كهربائية.والموجات الكهربائية خلال نوبات الصرع أو ما بين النوبات يكون لها نمط خاص يساعد الطبيب على معرفة هل المريض يعانى من الصرع أم لا. كما يتم الاستعانة بالأشعة المقطعية والرنين المغناطيسي للبحث عن وجود أي إصابات بالمخ والتي من الممكن أن تؤدى إلى الصرع.
أسباب الصرع
في حديثه للدستور يؤكد الدكتور علي المومني أن أسباب الصرع متعدده ويتبعها تعدد لأنواع وأشكال ذلك المرض التي تصل الى 360 نوع، وأهم العوامل والأسباب العامل الوراثي وانتقال المرض بالجينات حيث تكون أدمغة البعض مستعدة وراثيا للاصابة بذلك المرض، ويشير الى أن علاج مرضى الصرع ذو الأسباب الوراثية هو من أصعب أشكال العلاج، كذلك يشير الى أسباب أخرى ومنها الأورام المفاجأة في الدماغ، كذلك الاصابات والضربات القوية وحوادث السير، ونقص أو زيادة بعض العناصر الغذائية في الدم والجسم، متوقعا أن يكشف العلم الحديث في المستقبل عن اسباب أخرى لذلك المرض.
علاج الصرع
يتم علاج الصرع بعدة طرق أهمها العلاج بالعقاقير المضادة للتشنج ،ونادراً ما يتم اللجوء للجراحة كعلاج للنوبات الصرعية المتكررة، والعلاج بالعقاقير هو الخيار الأول والأساسي. وهناك العديد من العقاقير المضادة للصرع. وهذه العقاقير تستطيع التحكم في أشكال الصرع المختلفة. والمرضى الذين يعانون من أكثر من نوع من أنواع الصرع قد يحتاجون لاستخدام أكثر من نوع من أنواع العقاقير ذلك بالرغم من محاولة الأطباء الاعتماد على نوع واحد من العقاقير للتحكم في المرض. ولكي تعمل هذه العقاقير المضادة للصرع يجب أن نصل بجرعة العلاج لمستوى معين في الدم حتى تقوم هذه العقاقير بعملها في التحكم في المرض كما يجب أن يحافظ على هذا المستوى في الدم باستمرار ولذلك يجب الحرص على تناول الدواء بانتظام والالتزام الكامل بتعليمات الطبيب المعالج لأن الهدف من العلاج هو الوصول إلى التحكم في المرض مع عدم حدوث أي أعراض سلبية من تناول تلك العقاقير مثل النوم الزائد والأعراض السلبية الأخرى.
مرض الصرع في الأردن
بعض التقارير المستعجلة تشير الى نسب عالية لذلك المرض في الأردن، الا أن الدكتور علي المومني يؤكد من خلال خبرته ومن خلال كافة المؤشرات التي يتابعها أن نسبة المصابين في هذا المرض في الأردن محدودة ولا تتجاوز 0.05% بينما تصل عالميا الى نسبة 3% ، وتابع « للأسف الشديد لا يوجد لدينا دراسات معمقة واحصائيات حول نسبة المصابين بذلك المرض في الأردن، كما هو موجود في الدول الأجنبية».
وينوه الدكتور علي المومني بتقدم آليات علاج هذا المرض في الأردن، ويتابع « في الواقع الاردن من الدول المتقدمة في مجال علاج الصرع ويفد الينا مرضى من الخارج للعلاج لاسيما من الدول المجاورة، لدينا في عمان 16 عيادة متخصصة في علاج الصرع والأمراض العصبية عدى عن العيادات الموجودة في المحافظات والمستشفيات الحكومية والخاصة والعسكرية».
وحول نسبة الشفاء، قال الدكتور علي المومني « هناك حالات يتم فيها الشفاء التام ولكنها تحتاج لوقت طويل قد يصل الى ثلاث سنوات، ولكن نسبة من المرضى الذين يشفون تماما(15-20 %) يعاودهم المرض للأسف، بكل الأحوال على المريض وذويه عدم اليأس فآليات علاج هذا المرض تتقدم باستمرار، وقد توصل الطب الحديث الى عقاقير ممتازة للسيطرة على المرض.