حكومة "تلبيس الطواقي" تكلف المواطن سندات بـ 7 مليارات دولار
التاريخ:7/2/2016
عمّان ــ ليث النمرات
انتقد خبراء اقتصاديون استمرار الحكومة في اتباع ذات النهج الاقتصادي "المأزوم" القائم على ترحيل أزمة الدين العام من سنة إلى أخرى، وتكليف جيوب المواطنين أعباء جديدة لخدمة "فوائد المديونية"، التي أسهمت السياسات الفاشلة للحكومات المتعاقبة في مفاقمتها، وكانت نتائجها الطبيعية المساس بكرامة المواطن ولقمة عيشه.
وشددّوا على أن إصدار الحكومة لسندات وأذونات خزينة بقيمة 5.5 مليار دينار (7.7671 مليار دولار)، لتمويل عملية سداد الدين العام، ما هو إلا عبء جديد سيسدده المواطن عاجلا أو آجلا من قوت أبنائه، بالإضافة إلى كونه لن يسهم في حل جذري للمشكلة الاقتصادية القائمة والتي تعتمد على الاستدانة بمبالغ ضخمة ليس للاستثمار وإدرار الدخل؛ بل من أجل النفقات الجارية وسداد الديون السابقة فحسب.
النائب السابق وعضو اللجنة المالية في مجلس النواب الرابع عشر الدكتور جعفر الحوراني، أكد في حديث لـ"البوصلة"، أنه "من الوضع الطبيعي بأن تلجأ أي دولة في بعض الأحيان لإصدار السندات بهدف الاستدانة كما فعلت السعودية مؤخرا، ولكن من غير الطبيعي أن تلجأ الحكومة إلى إصدار سندات بهذه المبالغ الضخمة من أجل الإنفاق على مصاريف الحكومة ونفقاتها الجارية، وليس من أجل بناء اقتصاد قوي يرتكز على سياسة الاستثمار ورفد الخزينة بالدخل، وليس عكس ذلك".
وأكد الحوراني أن هذه السياسة الاقتصادية "الفاشلة" لن تسهم في حل المشكلة بشكل جذري، متسائلا من أين ستسدد الحكومة قيمة السندات للعام الماضي والتي بلغت 4,6 مليار دينار (6,5 مليار دولار)؟ مجيبا على تساؤله بالقول: "الاستدانة الجديدة لتسديد الديون القديمة".
أما الخبير الاقتصادي، فهمي الكاتوت، فأكد في حديث لـ"البوصلة" أن "سياسة الحكومات المتعاقبة هي التي أوصلتنا إلى هذه الحال التي ارتفع فيها حجم المديونية بشكل كبير جدا ما شكل عبئا إضافيا على جيوب المواطنين".
ونوه الكاتوت إلى أن "خدمات المديونية (فوائد المديونية) يتم اقتطاعها من قوت أبناء الأردنيين، حيث بلغ الدين العام 24 مليار دولار، يسدد المواطنون منها سنويا مليار دولار كفائدة للدين فقط!".
وشدد على أن "إصدار سندات جديدة بهذه القيمة الكبيرة جدا تدخل ضمن سياسة (تلبيس طواقي) لا تخدم الاقتصاد؛ بل تزيد العبء الضريبي المرتفع على المواطن، في ظل سياسة حكومية تفتقر لحلول حقيقية تقوم على الاستثمار والتنمية ورفد الخزينة بالدخل، بدلا من الاعتماد بما نسبته 82% من دخل الخزينة على جيوب المواطنين!".
وتساءل الكاتوت إذا كان التجار وكبار المستثمرين والشركات يصرخون من ارتفاع العبء الضريبي في البلاد واضطر بعضهم لـ"الهروب" إلى الخارج، فما هو حال الشرائح الفقيرة من العمال الذين تآكلت أجورهم؟!
وشدد على أن "ترحيل الأزمة الاقتصادية من عام إلى آخر كما في (سياسة المديونية) من شأنه أن يفاقم المشكلة، فسنويا يقترض الأردن ما يقارب 2 مليار دولار تذهب للنفقات العامة وتسديد الديون، فيما العبء يرتفع بشكل مضطرد على جيوب المواطنين".
وأكد الكاتوت أن "السندات التي تصدرها الحكومة ما هي إلا ضرائب مؤجلة التحصيل، سيدفعها المواطنون عاجلا أو آجلا".
ما هو الحل؟
النائب جعفر الحوراني أكد أنه "لا يمكن حل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد سوى بعملية إصلاح حقيقية، تقوم بها حكومات برلمانية محاسبة شعبيا، ومطالبة بإيجاد حلول جذرية للمشكلة".
الكاتوت من جانبه، شارك الحوراني ذات الرأي، مشددا على أنه لا يمكن حل المشكلة الاقتصادية بعيدا عن الإصلاح السياسي الذي يعبر عنه مجلس نيابي يعكس إرادة الشعب، ويختار حكومة لها برنامج وطني متكامل سياسيا واقتصاديا، بعيدا عن السياسات الاقتصادية القائمة على الاستدانة وفرض مزيد من الضرائب على المواطنين؛ بل باتباع سياسة اقتصادية جديدة تقوم على استثمار موارد البلاد الكثيرة، والتي تدر دخلا وافرا للخزينة.
وأشار إلى أن موارد البلاد وثرواتها لا تقدر، وما يتم تسويقه من الحكومة حول شح الموارد كلام عار عن الصحة، وضرب مثالا على ذلك أن "موارد شركة البوتاس في الأردن قاربت 700 مليون خلال العام الماضي، فيما كان مورد الجانب الإسرائيلي من البوتاس قرابة 6 مليارات في نفس العام".
وختم الكاتوت بتساؤل كبير برسم الإجابة: لماذا لا تستثمر موارد بلادنا بشكل أمثل؟
سندات دين بقيمة 7.7 مليار دولار
وكان أمين عام وزارة المالية الأردنية، عز الدين كناكرية، أعلن أن حكومة بلاده تعتزم إصدار سندات وأذونات خزينة العام الجاري بقيمة 5.5 مليار دينار (7.7671 مليار دولار)، لتمويل عملية سداد الدين العام.
وأوضح كناكرية أن الحكومة ستسدد ما قيمته 4.604 مليار دينار (6.5018 مليار دولار) من السندات التي تستحق هذا العام.
من جهته، أعلن وزير المالية الأردني، عمر ملحس، إصدار أول سندات حكومية متغيرة الفائدة بقيمة 50 مليون دينار، لأجل مدته خمسة أعوام بفائدة تبلغ نسبتها 3,046 في المائة، على أن يتم إعادة تسعير هذه الفائدة كل ستة أشهر، اعتمادا على التغير بالسعر المرجعي لأذونات الخزينة التي ستقوم الحكومة بإصدارها بشكل دوري.
وقال وزير المالية في بيان صحفي صدر عنه، اليوم السبت، "إن نجاح إصدار هذه السندات يأتي ثمرة للتعاون المستمر بين وزارة المالية والبنك المركزي الأردني لتطوير وتنويع أدوات الدين العام الداخلي الذي سيساعد الوزارة على إدارة الدين العام بصورة أفضل وأنجع من حيث تنويع الآجال وزيادتها".
وبيّن ملحس، أن اصدار هذه السندات لأول مرة من شأنه أن يضيف أداة جديدة من أدوات الدين العام الداخلي، كما سيمكّن المستثمرين في السندات الحكومية من المشاركة بشكل أوسع ولآجال أطول، فضلاً عن تمكينهم من إدارة مخاطر أسعار الفائدة بصورة أفضل، وفق قوله.
وستذهب نحو 1.285 مليار دولار من القروض لسداد عجز الموازنة للعام 2016، بينما ستسدد الحكومة نحو 912.5 مليون دولار قروض خارجية مستحقة على المملكة، وحوالي 6.38 مليارات دولار لإطفاء الدين الداخلي، ونحو 112.8 مليون دولار لإطفاء سندات دين للبنك المركزي، وحوالي 1.151 مليار دولار لإطفاء سندات محلية بالدولار.
(البوصلة)