هل يغير الاردنيون عاداتهم الغذائية ؟
الدستور- رنا حداد
تهدد الامراض وفق الدراسات الشباب الاردني، تقول الارقام ان 36 % من الأردنيين فوق سن 25 سنة مصابون بالسكري ، فيما تؤكد مديرية الامراض غير السارية في وزارة الصحة أن ثلثي المصابين بالسكري مصابون ايضا بالامراض القلبية والوعائية.
وبالتزامن مع انتشار السمنة في صفوف الجيل الجديد،وبين الشباب، بدأ البحث عن حلول وبدائل لمواجهة مخاطر تهدد صحة الافراد من جانب، وتثقل على جانب آخر ما ترصده الدولة الاردنية من مبالغ طائلة على العلاج والتأمين الصحي للمواطنين.
من الحلول والبدائل مطاعم أردنية اتفق اخيرا على تسميتها بــــ «صديقة للبيئة والصحة»، تنتهج تقديم الطعام الصحي للأفراد، مدفوعين باقبال المواطن الاردني مؤخرا على الغذاء الصحي.وغير المصنع ،والطبيعي، الى جانب توعية ونهج جديد في كميات وطرق اعداد الطعام كما في السطور التالية.
مطاعم صحية وأكلات من التراث
تقول مديرة مطعم شمس البلد روجينا بلتكجيان، ان اقبال الناس اعطى دفعة قوية لاصحاب المشروع بالاستمرار. هذا المطعم العماني الذي تجد في قائمة طعامه ماكولات غابت لفترة عن موائد الاردنيين وسط مزاحمة الطعام الجاهز، والوجبات السريعة.
الخبيزة والحويرنة وسلطات العلت والسبانخ، اضافة الى اكلات تراثية منها «المشاط» اي الزهرة المغمسة بالبيض والجبنة البلدية وغيرها هي ابرز عناوين أطباق يتناولها الفرد بأسعار مقعولة جدا وجودة عالية.
المطعم يعمد ايضا الى استخدام الخضراوات العضوية في مكونات اطباقه، فيما تقدم المياه المفلترة العضوية الى جانب مشروبات الاعشاب والشاي الطبيعي.
المطعم الذي لم يغفل ايضا عن جزئية الحفاظ على الارث المعماري والفلكلوري للوطن، تم تجهيزه وفق صبغة تراثية ، وفي المكان، دكان تباع فيه منتجات غذائية طبيعية وصحية بامكان الفرد اخذها للمنزل ايضا.
وفي المطعم بامكانك التجول بمزرعة صغيرة للأعشاب العطرية تعود لأصحاب المطعم،من منتجاتها تضيف نكهة تنتقيها انت لأكواب الشاي والاعشاب التي تقدم بطريقة الجدات التراثية.
فرص عمل للشباب ايضا
هذه المطاعم، تقدم الى جانب ما ذكر من خدمة للشراب والطعام، فرص عمل جيدة، اذ تستقطب اعدادا كبيرة من طلبة الجامعات الذين يعملون فيها وفق ساعات عمل تتناسب مع اوقات فراغهم، وتدعم نضالهم في سبيل نيل شهاداتهم العلمية، وسط ظروف معيشية واقتصادية صعبة.
وبالحديث عن الشباب فقد لفتت هذه الفئة وما بدأ يهدد صحتها وسلامتها نظر الشيف العالمي الاردني معين صيام للامر، ما جعله يتبنى توجها خاصا لتدريب الجيل الجديد من الطهاة على قواعد واسس الطبخ الصحي خاصة ما يتوافق مع رغبات وحاجات هذه الفئة تحديدا.
يقول صيام «تنامت في الاونة الاخيرة اعداد المصابين بالسمنة بين صفوف الشباب ، اضف الى ذلك ما نسمع به من امراض تهدد الاجيال القادمة ومنها الكوليسترول العالي، السكري ، الضعف الجنسي وغيرها.
وبالحديث عن اعداد الطعام، يضيف صيام» بالامكان اعداد وجبات صحية ولذيذة بطرق الطهي الصحي وباستخدام بدائل طبيعية.
ونوه صيام في حديثه الى ان فكرة المطاعم الصحية في الاردن لاقت اقبالا ورواجا بين المواطنين ، اضافة الى انها تحقق رغبة زوار البلد بالحصول على الطعام الصحي الذي يعتبر ثقافة في كثير من بلدان العالم».
وعن تجربة الطعام الصحي يقول المواطن العشريني نضال هلال « عرفت مطعما يقدم الغذاء الصحي من خلال اعلانه على مواقع التواصل الاجتماعي».
ويضيف « بالفعل قررت تجربته على الغداء ، وكانت البداية باستقبال جميل وشرح بسيط لطريقة اعداد الطعام في مطبخهم الخاص وهي الشي والبخار فقط ( Steamed , Grilled ) .
وعن مكونات طبق الطعام الصحي الذي حظي به المواطن هلال قال « صدر الدجاج فقط و الخبز الأسمر و الأرز البني ونشكيلة منتقاة من الخضار».
وختم وصفه للتجربة بانها رائعة مؤكدا انه يمارس الرياضة وهذا النوع من الطعام يتناسب مع ميوله.
يشار الى ان تجربة المطاعم الصحية في الاردن تعتبر مجازفة استثمارية، سيما بعد الانتشار الواسع لمطاعم الوجبات السريعة ، فيما ينافسها في ذلك فقط الطعام المحضر منزليا والمعروف بارتفاع سعراته الحرارية ومواده الاولية التي تعتمد اللحوم والدواجن والزيوت قواما لها
كتاب لحصص وجباتنا
من خلال تحليل كامل لوصفات طعامنا العربي، استطاعت اخصائية التغذية الدكتورة أمل حداد أن تصدر كتابها الذي بات يعتبر مرجعا علميا لجميع اخصائيي التغذية السريرية.
ويحتوي الكتاب معلومات علمية ودقيقة للقراء حول كمية الطعام الهائلة التي يتناولوها اذا ما قارنوها بالمسموح به يوميا للمحافظة على الوزن.
حداد، أكدت ان العديد من الدراسات العلمية اثبتت أن حجم الصحن أو الملعقة التي نستخدمها في تناول طعامنا يؤثر تأثيراً مباشراً على كمية الطعام والسعرات الحرارية التي نستهلكها، وبالتالي يات من الضروري الالتفات الى هذه التفاصيل، سيما ان بحثنا عن الرشاقة والجسم الصحي.
وتضيف حداد بأن هناك خلطا ما بين المفاهيم الصحية والكميات الموصي بها.
تقول « مثلا نحن شعوب تتناول زيت الزيتون وبكثرة ، مدفوعين بالاعتقاد الشائع بأنه زيت مفيد للصحة، ولكننا قد نتجاوز الكميات او الحصص المسموح بها يوميا بكثير.
توضح «من هنا فإن دور اخصائي التغذية السريرية هو دور شاق في تصحيح المفاهيم الخاطئة التب اعتاد الناس عليها لزمن طويل».
تعديل سلوكيات الغذاء، اولى خطوات الشفاء
تؤكد حداد في كتابها ايضا على ان تعديل العادات الغذائية الخاطئة وتثقيف الناس بالطرق الصحية يكون من باب معرفتهم بالكميات والحصص الموصى بها يوميا، ومن خلال عملهم تقول « الدعايات التجارية وأساليب التسويق التي تروج في تعاطي كميات كبيرة من المأكولات، وفي أنواع معينة بقصد البيع مثل البروتينات الجاهزة في العلب، او منتجات الحمية والمأكولات الخالية من السكر، والتي تحتوي على كميات عالية من الدهون في المقابل، ليست دقيقة تماما، ويجب الوقوف عندها طويلا».
الحياة العملية دفعت بكثير من الافراد الى تناول طعامهم في المطاعم او على طاولات المكاتب، وفي الحديث عن الطعام الصحي تؤكد حداد ، الحائزة على خبرة فى المجال الصيدلاني والتسويق الدوائي والغدائي، ان وصفات المطبخ العربي غنية جدا ومتوازنة، يبقى ان نعي كمية وحقيقة ما نأكل، فقط.