حمى التسلح العلنى والخفى فى العالم
التسلح العلنى والخفى بات يشكل حمى حقيقية ولاسيما فى عصر يملاه التوتر
والصراع على الماء والغذاء والطاقة واصبحت الحروب فيه ليس لمجرد
الاستعمار بل اصبحت فى بعض الاحيان مسالة من مسائل الحياة او الموت
وذلك يعد نتيجة ومحصلة لهيمنة الراسمالية العالمية واستنزافها للشعوب
المستعمرة ناهيك عن الفساد الذى يملا الانظمة التى تحكم الشعوب
المستضعفة .
ناهيك عن السلاح المهرب من دول التوترات الذى انتج مليارديرات
وعصابات خاصة بالتهريب كونت ثروات ضخمة لمن يهوى تكديس الاسلحة
وبناء التنظيمات التحتية والارهابية.
وحديثا ظهرت ايضا براءات اختراع لاسلحة خفية ذات تاثيرات مناخية
وبيولوجية مثل سلاح الكميتريل.
قالت منظمة أوكسفام العاملة في مجال المساعدات ان دولا مدرجة على قوائم
حظر السلاح استوردت أسلحة وذخائر تزيد قيمتها على 2.2 مليار دولار في
الفترة بين عامي 2000 و2010 بالرغم من العشرات من قوائم الحظر
الدولية والاقليمية والمتعددة الاطراف. وتضغط أوكسفام من أجل ابرام اتفاقية
دولية ملزمة بشأن تجارة الاسلحة.
وسيسعى المجتمع الدولي لوضع مسودة اتفاقية لتنظيم سوق السلاح العالمية
التي يبلغ حجمها 55 مليار دولار خلال مؤتمر يعقد في مقر الامم المتحدة في
نيويورك. وقالت انا ماكدونالد رئيسة حملة الرقابة على الاسلحة في أوكسفام
في بيان "التحدي هو ضمان أن تكون الاتفاقية الجديدة قوية حقا. يجب أن
تمنع بشكل لا لبس فيه نقل السلاح الى أماكن قد تؤجج فيها الصراع أو الفقر
أو انتهاكات حقوق الانسان." ووصفت أوكسفام تقديراتها لحجم التجارة
المحظورة في الاسلحة في العالم بأكثر 2.2 مليار دولار بأنها تقديرات
متحفظة نظرا لنقص البيانات.
وقالت ان من بين الدول التي انتهكت الحظر ميانمار التي زاد حجم تجارتها
في السلاح على 600 مليون دولار في العقد المنتهي في عام 2010 وايران
التي بلغت قيمة تجارتها 574 مليون دولار في الفترة بين عامي 2007
و2010 وجمهورية الكونجو الديمقراطية التي بلغت قيمة تجارتها في
الاسلحة 124 مليون دولار في الفترة بين عامي 2000 و2002 . وتسود
الانقسامات في الامم المتحدة بشأن ما اذا كان ينبغي أن تكون حقوق الانسان
معيارا ملزما للحكومات عند تحديد السماح بتصدير الاسلحة لدول بعينها.
العالمية إلى الدول النامية خلال العام الماضي، وبعدها أوروبا ثم الصين.
وبلغ إنفاق دول الشرق الأوسط حوالي 8،2 مليار دولار على الأسلحة لتحتل
المركز الأول على العالم خلال العام الماضي بصدارة السعودية، التي ارتفع
إنفاقها على شراء الأسلحة إلى أعلى معدل لها في تاريخها، بينما اشترت
الهند وحدها أسلحة بحوالي 7،2 مليار دولار.
وإذا كانت تجارة الأسلحة تقدر بأكثر من 60 مليار دولار على مستوى العالم
فإن هناك شخصًا يموت كل دقيقة بسبب العنف المسلح في العالم، مما جعل
الناشطين في مجال الحد من استخدام الأسلحة يطالبون باتفاقية عالمية لمنع
تدفق الأسلحة المهربة إلى مناطق الصراع واشتعال الحروب والأعمال
الوحشية مثل تلك الجارية في سوريا منذ أكثر من عام ونصف العام.
وعلى الرغم من أن اتفاقية تجارة الأسلحة تلقى تأييدًا من معظم الدول
الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة لكن هذه الاتفاقية لم ترَ النور حتى الآن؛
بسبب اعتراض بعض الدول عليها منها الولايات المتحدة الأمريكية أكبر
منتجة في العالم للأسلحة، بزعم أن منع استخدام الأسلحة ينتهك الدستور
الأمريكي، وكذلك بعض الدول النامية مثل إيران، ومصر، وسوريا، وكوريا
الشمالية، والجزائر، بسبب الصراعات المحتملة في هذه الدول.
وكانت وزارة الدفاع الأميركية قد أبلغت الكونجرس مؤخرًا بأن هناك
مباحثات جارية بينها وبين حكومات منطقة الخليج، لاسيما قطر والكويت
لعقد صفقات أسلحة لمواجهة احتمال الحرب مع إيران ولحماية مسارات نقل
البترول في المنطقة.
ويقول نيودور كاراسيك، خبير الأمن الإقليمي بمعهد التحليل العسكري
بمنطقة الشرق الأدنى والخليج "إن دول الخليج تشعر بمخاوف شديدة من
احتمال وقوع أعمال عسكرية عنيفة ضد إيران، لدرجة أن الكويت مثلا
خصصت 2،4 مليار دولار لشراء 60 صاروخ باتريوت وتعزيز دفاعها ضد
أي هجمات إيرانية".
ويضيف "أما قطر التي تستضيف القيادة المركزية الأميركية في المنطقة فقد
أنفقت مع وزارة الدفاع الأميركية على شراء طائرات حربية بحوالي 6.6
مليار دولار خلال الأشهر المقبلة، علاوة على أن سلطنة عمان التي تشارك
في السيطرة على مضيق هرمز مع إيران ستشتري صواريخ بأكثر من 86
مليون دولار كجزء من خططها الرامية لتطوير أسطولها من طائرات اف
16 المقاتلة.
من جانب اخر وبعد تسع سنوات على اجتياح العراق والاطاحة بنظام صدام
حسين، تحتضن بغداد اول معرض للأسلحة يشمل الطائرات والدروع
والصواريخ واجهزة الاتصالات، بهدف اعادة بناء القوات الامنية. وتضم هذه
القوات اليوم حوالى 900 الف عنصر بينهم 650 الفا تابعون لوزارة
الداخلية، وخصصت لها موازنة تبلغ نحو 14,6 مليار دولار من ميزانية
عام 2012 اي ما يمثل 15% من نفقات البلاد، في ثاني اكبر التخصيصات
بعد منح 20% من الموازنة لقطاع الطاقة.
وقال وكيل وزارة الداخلية عدنان الاسدي "هذا اول معرض (للأسلحة) منذ
سقوط صدام حسين، ونحن بحاجة لتواجد هذه الشركات المتخصصة في بغداد
حتى تقدم لوزاراتنا منتجاتها ونختار الافضل" من بينها. وافتتح المعرض
غرب العاصمة وسط اجراءات امنية مشددة، وبمشاركة اربعين شركة تمثل
13 دولة بينها كوريا الجنوبية والصين وتركيا وبلغاريا. ولم يشهد المعرض
اي تواجد او مشاركة من قبل شركات من الدول الغربية، كالولايات المتحدة
او فرنسا او بريطانيا.
وبدت المنتجات الصينية والكورية التي تمثلت بمعدات مراقبة واسلحة
وآليات وادوات مكافحة الشغب وملابس عسكرية، الاكثر حضورا بين
المعروضات. وقال جونغ دوك الذي يعمل في مؤسسة صناعات الدفاع
الكورية الجنوبية "نسعى للحصول على عقود، ولكننا نود كذلك تطوير
علاقاتنا مع هذا البلد الذي شهد تواجد ثالث اهم مواقع انتشار قوات متعددة
الجنسيات بعد الولايات المتحدة وبريطانيا".
بدوره، يأمل سانغ شوا نائب رئيس مؤسسة صناعة معدات الطيران الكورية
الجنوبية في بيع العراق 24 طائرة طراز تي-50 الاسرع من الصوت
وتستخدم لأغراض قتالية وتدريبية. ويوضح "انا متفائل جدا، فقد قدمنا
عرضا العام الماضي ونتمنى ان نوقع عقدا في فترة قريبة".
ويمثل اعادة بناء القوة الجوية اولوية في العراق الذي تعاقد مع الولايات
المتحدة لشراء 36 طائرة مقاتلة طراز اف-16، بعد تعرض طائراته الى
تدمير شبه شامل خلال حرب الخليج الاولى عام 1991 والقضاء على ما
تبقى منها لدى اجتياح البلاد عام 2003. وقال رئيس اركان الجيش الفريق
بابكر زيباري "نحتاج الى الكثير لكن ميزانيتنا محدودة، وابرز ما نفتقر اليه
هو القوة الجوية والدفاع الجوي، كما هو وزارة الداخلية التي تحتاج الى
معدات حماية الحدود وكشف المتفجرات". وفي هذا القطاع الذي يشهد منافسة
حادة، تمثل شركة "ربان السفينة"
العراقية منذ ثلاث سنوات شركات اجنبية متخصصة في معدات التشويش
واجهزة تفكيك العبوات ومعدات الكشف عنها، في بلاد تشهد اعمال عنف
يومية منذ 2003. يقول علي جوهر وهو مهندس الكترونيك يعمل في شركة
"ربان السفينة" انه "من الضروري ان نكون هنا لأنها مواجهة ضد الارهاب،
وبلدنا بحاجة لمثل هذه المعدات".
وقدمت الشركة العراقية جهاز كشف الماني الصنع، بعد فشل عمل اجهزة
كشف بريطانية الصنع اشتراها العراق عام 2010 ويبلغ ثمن كل واحد منها
بين 16,500 الى 60,000 دولار. واكد حسين غانم المهندس الذي يعمل
في الشركة ذاتها، ان الجهاز الجديد "مبرمج لكشف سبعة انواع من
المتفجرات". بحسب فرانس برس.
وكانت اغلب معدات الجيش العراقي الذي اعتبر ابرز قوة في الشرق الاوسط
ابان الحرب العراقية الايرانية (1980-1988)، روسية الصنع ولكن منذ
اجتياح البلاد عام 2003، اصبحت معداته اميركية. وترفض بلغاريا اعلان
هزيمتها امام الشركات الاميركية. ويؤكد مدير مؤسسة "ابولو انجنيرنك"
رومن رايكوف، التي تتخذ من صوفيا مقرا لها وتبيع مختلف انواع ذخائر
الاسلحة، ان "علاقاتنا جيدة جدا مع العراق قبل عام 2003، ونريد تجديدها
لكونه يعد سوقا مهمة".
وباتت دول المغرب تحتل المرتبة العشرين بين الدول الأكثر تسلحا في
العالم. وتوسعت صفقات الأسلحة في الفترة الأخيرة بين تلك الدول، وبشكل
خاص المغرب والجزائر لخلافهما على الصحراء المغربية، مما أنشأ
مخاوف من نشوب حرب او توتر العلاقات بين دول منطقة. الا ان معظم
الدول المغاربية تتزعم توجهها الى عقد صفقات عسكرية "للحفاظ على
استقرارها ومواجهة الارهاب المتربص بأمنها"، بينما يرفض العديد من
العسكريين في تلك الدول التعليق أو الحديث عن موجة التسلح التي تعصف
بالمغرب العربي.
السلاح الفرنسي والروسيّ والأميركيّ المصدّر إلى المغرب العربيّ دفع
بمنظمة الأمم المتحدة إلى توجيه تحذير للبلدان المغاربية من اشتداد حمى
سباق التسلح بينها بعد أن بلغ هذا التسابق حدا ينذر بالخطر الحقيقيّ على
مستقبل العلاقات بين دول المنطقة التي أصيبت هي الأخرى منذ مدّة بتنامي
المدّ السلفي الإرهابيّ ورغبات الولايات المتحدة في إقامة قاعدة عسكرية
تحفظ مصالحها وتراقب من خلالها تحركات الجماعات الأصولية.
واليوم، باتت الدول المغاربية تحتل المرتبة العشرين من بين الدول الأكثر
تسليحا في العالم. وطبقا للتقرير السنوي لـ"معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث
السلام" استأثرت أربعة بلدان مغاربية (ليبيا والجزائر والمغرب وتونس)
بثلث تجارة السلاح في القارة الأفريقية في السنة الماضية، مع ما يعنيه ذلك
من شحن للأجواء وتوتر للعلاقات وعودة منطق التحالفات والأحلاف.
ورفعت سياسة الإفراط في التسلح التي يتبعها المغرب العربي منذ سنوات
قليلة ماضية درجات الاستعداد القتالي على حساب المشاريع التنموية لشعوب
لتلك الدول، في ظل أزمة مالية عالمية لم تخفف من عزم الدول على التسلح
وتكديس السلاح "تحسبا لأي هجوم إرهابي"، بل ورفعت ميزانيتها
المخصصة لشراء المعدات الحربية.